العودة الى الصفحة السابقة
شرح سفر اللاويين

شرح سفر اللاويين

السّنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

للقس . وليم مارش


Table of Contents

Bibliography
مقدمة
المقدمة: وفيها خمسة فصول
اَلأَصْحَاحُ ٱلأَوَّلُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلْعَاشِرُ
اَلأَصْحَاحُ ٱلْحَادِي عَشَرَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي عَشَرَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ عَشَرَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ عَشَرَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ عَشَرَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ عَشَرَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ عَشَرَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ عَشَرَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ عَشَرَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلْعِشْرُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلْحَادِي وَٱلْعِشْرُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي وَٱلْعِشْرُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ وَٱلْعِشْرُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ وَٱلْعِشْرُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ وَٱلْعِشْرُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ وَٱلْعِشْرُونَ
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ وَٱلْعِشْرُونَ

List of Tables

1.
2.
3.
4.
5.
6.
7.
8.
9.
10.

Bibliography

السّنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم: شرح سفر اللاويين. للقس . وليم مارش . Copyright © 2009 All rights reserved Call of Hope. . صدر عن مجمع الكنائس في الشرق الأدنى بيروت 1973. . English title: . German title: . Call of Hope. P.O.Box 10 08 27 D - 70007 Stuttgart Germany http: //www.call-of-hope.com .

مقدمة

تفتقر خزانة الأدب المسيحي إلى مجموعة كاملة من التفاسير لكتب العهدين القديم والجديد. ومن المؤسف حقاً أنه لا توجد حالياً في أية مكتبة مسيحية في شرقنا العربي مجموعة تفسير كاملة لأجزاء الكتاب المقدس. وبالرغم من أن دور النشر المسيحية المختلفة قد أضافت لخزانة الأدب المسيحي عدداً لا بأس به من المؤلفات الدينية التي تمتاز بعمق البحث والاستقصاء والدراسة، إلا أن أياً من هذه الدور لم تقدم مجموعة كاملة من التفاسير، الأمر الذي دفع مجمع الكنائس في الشرق الأدنى بالإسراع لإعادة طبع كتب المجموعة المعروفة باسم: «كتاب السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم» للقس وليم مارش، والمجموعة المعروفة باسم «الكنز الجليل في تفسير الإنجيل» وهي مجموعة تفاسير كتب العهد الجديد للعلامة الدكتور وليم إدي.

ورغم اقتناعنا بأن هاتين المجموعتين كتبتا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين إلا أن جودة المادة ودقة البحث واتساع الفكر والآراء السديدة المتضمنة فيهما كانت من أكبر الدوافع المقنعة لإعادة طبعهما.

هذا وقد تكرّم سينودس سوريا ولبنان الإنجيلي مشكوراً - وهو صاحب حقوق الطبع - بالسماح لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى بإعادة طبع هاتين المجموعتين حتى يكون تفسير الكتاب في متناول يد كل باحث ودارس.

ورب الكنيسة نسأل أن يجعل من هاتين المجموعتين نوراً ونبراساً يهدي الطريق إلى معرفة ذاك الذي قال: «أنا هو الطريق والحق والحياة».

القس ألبرت استيرو

الأمين العام

لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى

المقدمة: وفيها خمسة فصول

الفصل الأول: في اسم هذا السفر ومعناه

سُمي هذا السفر بسفر اللاويين نقلاً عن الترجمة اليونانية وذلك لأنه يتكلم في الأمور المتعلقة باللاويين. واسمه في العبرانية «ויקרא» (ويقرا أو فيقرا). أي «ودَعا» من الواو العاطفة والفعل الماضي «دعا» وهما أول ألفاظ هذا السفر. ولم يُذكر في الكتابات العبرانية إلا بهذا الاسم ولكنه دُعي في التلمود البابلي «شريعة الكهنة». وهو مفصول في الأصل العبراني بترك ما يشغل أربعة سطور من الصفحة في أوله وآخره. وبالابتداء بعمود جديد كسائر الكتب الخمسة أي الأسفار الأربعة الباقية من التوراة. وهذا الابتداء من خواص الأسفار الخمسة فإنه اقتصر على التمييز في غيرها من أسفار العهد القديم بترك البياض بينها. وهو في العبرانية السفر الثالث من التوراة كما هو في النسخة العربية.

الفصل الثاني: في أقسام هذا السفر

قسم هذا السفر منذ عهد بعيد لم يُعين أوله إلى عشرة أقسام في أقدم نسخه العبرانية وأحدثها وهي ما ترى في هذا الجدول:

  1. ص 1: 1 - ص 5: 26

  2. ص 6: 1 - ص 8: 36

  3. ص 9: 1 - ص 11: 47

  4. ص 12: 1 - ص 13: 59

  5. ص 14: 1 - ص 15: 33

  6. ص 16: 1 - ص 18: 30

  7. ص 19: 1 - ص 20: 27

  8. ص 21: 1 - ص 24: 23

  9. ص 25: 1 - ص 26: 2

  10. ص 26: 3 - ص 27: 34

وهذه الأقسام من 54 قسماً قُسمت إليها التوراة (أي الأسفار الخمسة) على وفق عدد السبوت في السنة على مصطلح العبرانيين حتى تُقرأ توراة موسى مرة في كل سنة. ولم يزل هذا التقسيم عند اليهود لهذا العهد. وأشار العهد الجديد إلى هذه القراءة السبتية في أسفار الأنبياء أيضاً (أعمال 13: 15 الخ).

وقُسم هذا السفر أيضاً إلى ثلاثة وعشرين قسماً كبيراً وهي تُقرب من أقسامه الأصحاحية عندنا فإنه يشتمل على 27 أصحاحاً وإليك بيان أقسامه الثلاثة والعشرين:

  1. ص 1: 1 - ص 3: 17

  2. ص 4: 1 - ص 6: 11

  3. ص 6: 12 - ص 7: 38

  4. ص 8: 1 - ص 10: 7

  5. ص 10: 8 - ع 20

  6. ص 11: 1 - ص 47

  7. ص 12: 1 - ص 13: 28

  8. ص 13: 29 - ع 59

  9. ص 14: 1 - ع 24

  10. ص 14: 33 - ع 57

  11. ص 15: 1 - ع 24

  12. ص 15: 25 - ص 16: 34

  13. ص 17: 1 - ع 16

  14. ص 18: 1 - ع 30

  15. ص 19: 1 - ع 22

  16. ص 19: 23 - ص 20: 27

  17. ص 21: 1 - ص 22: 16

  18. ص 22: 17 - ص 23: 14

  19. ص 23: 14 - ص 25: 13

  20. ص 25: 14 - ع 38

  21. ص 25: 39 - ص 26: 2

  22. ص 26: 3 - ع 46

  23. ص 27: 1 - ع 34

وسُميت هذه الأقسام بالسدريم وهي مبيّنة في كل النسخ العبرانية المضبوطة.

وبقي تقسيم ثالث وهو قسمة هذا السفر إلى 98 قسماً صغيراً 52 منها مبيّنة بترك بياض في الابتداء و46 منها بترك بياض في الانتهاء.

الفصل الثالث: في الغاية من هذا السفر ومشتملاته

مقصد هذا السفر وغايته تمثيل الإسرائيليين شعباً للرب وتمييزهم عن سائر الأمم بالرسوم الروحيّة ليعلموا أنهم لله أي أنهم شعبه المختار. وهو يشتمل على تاريخ شهر واحد وهو الشهر الأول من السنة الثانية لخروجهم من مصر (انظر خروج 40: 16 وعدد 1: 1) وفيه الشرائع المختصة باللاويين والكهنة والذبائح. وفُصل الكلام فيه على الذبائح (ص 1: 1 - ص 7: 38). والكهنوت والوصايا المتعلقة به (ص 8: 1 - ص 10: 20). وبيان البهائم النجسة (ص 11: 1 - 1: 47). ودنس الإنسان (ص 12: 1 - ص 15: 33). ويوم الكفارة (ص 16: 1 - 34). ووجوب حفظ الطهارة في الحياة اليومية في البيوت وخارجها في الاجتماعات والمعاشرات (ص 17: 1 - ص 20: 27). وقداسة الكهنة وطهارتهم في خدمتهم المقدسة (ص 21: 1 - ص 22: 33). وتقديس المواسم (ص 23: 1 - ص 24: 12). وكل الأرض (ص 25: 1 - ص 26: 2). وبعض المسائل الشرعية من أدبية وسياسية ورمزية.

الفصل الرابع: في كاتب هذا السفر

كاتب هذا السفر موسى بدليل إجماع العبرانيين ونسبة غيره من الأسفار المقدسة إياه إلى موسى وكونه جزءاً من نبإ الإسرائيليين متصلاً بسفر الخروج بحرف العطف في أوله كما مرّ. وإن أسلوبه مثل أسلوب ما قبله من سفري التكوين والخروج وقد تقدمت البراهين القاطعة على أنهما مما كتبه موسى.

الفصل الخامس: في لغة هذا السفر الأصلية

لغة هذا السفر الأصلية العبرانية لأنها هي لغة موسى واللغة التي كتب بها غيره من الأسفار وإجماع العلماء على ذلك منذ العصور الخالية إلى هذه الساعة وله تراجم قديمة في الكلدانية واليونانية. وله ترجمتان في الأولى تُعرف إحداهما بنسخة أُنكيلوس والثانية بنسخة يوناثان.

اَلأَصْحَاحُ ٱلأَوَّلُ

1 «وَدَعَا ٱلرَّبُّ مُوسَى وَكَلَّمَهُ مِنْ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ قَائِلاً»:

خروج 19: 3 خروج 40: 34 و35 وعدد 12: 4 و5

وَدَعَا ٱلرَّبُّ مُوسَى الخ أنبئنا في آخر السفر السابق (أي سفر الخروج) أنه لما أُكملت خيمة الاجتماع أظهر الله رضاه واستحسانه بأن الرب أحلّ السحاب الخيمة فغطاها (خروج 40: 34 الخ) وملأ مجده المسكن وأُبين هنا أنه دعا موسى على أثر ذلك. وجاء أول الكلام واو العطف فدل على أن سفر اللاويين كان متصلاً بسفر الخروج وإن كاتب السفرين واحد. وقال قدماء اليهود من رؤساء المجامع أن عبارة «دعا الرب موسى» جاءت مقدمة على أثر ثلاثة أمور ذات شأن:

  • الأول: على أثر إرادته تعالى أن ينقذ الإسرائيليين من عبودية مصر فإنه يومئذ دعا موسى إليه من العليقة الملتهبة (خروج 3: 4).

  • الثاني: على أثر قصده تعالى أن يعطيه الوصايا العشر فدعاه من قنة سيناء (خروج 19: 3 و20).

  • الثالث: على أثر قصده أن يعطيه الشرائع المتعلقة بالخدمة والعبادة فدعاه من خيمة الاجتماع (ص 1: 1).

2 «قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: إِذَا قَرَّبَ إِنْسَانٌ مِنْكُمْ قُرْبَاناً لِلرَّبِّ مِنَ ٱلْبَهَائِمِ، فَمِنَ ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ تُقَرِّبُونَ قَرَابِينَكُمْ».

ص 22: 18 و19

قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أمره بتكليم الشعب أولاً ثم بأمور الكهنة لأن نفع الشعب عموماً هو المقصود من كل أمور العبادة.

تُقَرِّبُونَ قَرَابِينَكُمْ ذكر هنا القرابين التي من غير الطيور وأما قرابين الطيور فذكرها في (ع 14). فالمقصود بالبهائم في هذه الآية ما يقابل الطيور من الحيوانات فإنها تأتي كذلك وتأتي لما يقابل الإنسان من سائر الحيوان.

3 «إِنْ كَانَ قُرْبَانُهُ مُحْرَقَةً مِنَ ٱلْبَقَرِ، فَذَكَراً صَحِيحاً يُقَرِّبْهُ. إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ يُقَدِّمُهُ لِلرِّضَا عَنْهُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ».

خروج 12: 5 وص 3: 1 و22: 20 و21 وتثنية 15: 21 وملاخي 1: 14 وأفسس 5: 27 وعبرانيين 9: 14 و1بطرس 1: 19

إِنْ كَانَ قُرْبَانُهُ مُحْرَقَةً كانت المحرقة أول القرابين وكانت نوعين الأول من البقر وهي العجول (ع 3 - 9). والثاني من الغنم (ع 10: 13) وقُدم الأول لأنه أثمن. وكان شرط بهيمة المحرقة أن تكون بلا عيب فكان تقديم البهيمة ذات العيب إهانة لله تعالى وخداعاً ولهذا قال النبي «مَلْعُونٌ ٱلْمَاكِرُ ٱلَّذِي يُوجَدُ فِي قَطِيعِهِ ذَكَرٌ وَيَنْذُرُ وَيَذْبَحُ لِلسَّيِّدِ عَائِباً» (ملاخي 1: 14). وكان المقرب يأتي ببهيمة القربان إلى مدخل الخيمة أي إلى أمامها حيث كان مذبح النحاس (خروج 40: 6).

لِلرِّضَا عَنْهُ (قابل بهذا خروج 28: 38 ولاويين 19: 5 و22: 19 و20: 29 و23: 11). ومن الأمور التي تستحق الذكر هنا أن عبارة «للرضا عنه» أو ما هو بمعناها لم تُذكر إلا مع قربان المحرقة وتقدمة السلامة ولم تُذكر قط مع تقدمة الخطيئة.

4 «وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ ٱلْمُحْرَقَةِ فَيُرْضَى عَلَيْهِ لِلتَّكْفِيرِ عَنْهُ».

خروج 29: 10 و15 و19 وص 3: 2 و8 و13 و4: 15 و8: 14 و22 و16: 21 ص 22: 21 و27 وإشعياء 56: 7 ورومية 12: 1 وفيلبي 4: 18 ص 4: 20 و26 و31 و35 و9: 7 و16: 24 وعدد 15: 25 و2أيام 29: 23 و24 ورومية 5: 11

يَضَعُ يَدَهُ ذُكرت هذه العبارة بمعناها في عدة مواضع (منها ص 3: 2 و3 و17 الخ). وكانوا يضعون اليد على ذبيجة المحرقة كما هنا وذبيحة السلام (ص 3: 2 و3 و17). وذبيحة الخطيئة (ص 4: 4 و15 و24 و29 و33 و8: 14 الخ). وكان مقدم الذبيحة يومئ بذلك إلى أن الذبيحة نائبة عنه. وكان المقدم الذبيحة في زمن الهيكل الثاني يضع يديه كلتهيما بين قرني البهيمة وهي حية بدون وكيل وإذا تعدد مقدموا الذبيحة الواحدة وضع كل منهم يده بمفرده عليها معترفاً بخطاياه فيقول «قد أخطأت وارتكبت الإثم وتعديت وفعلت كذا وكذا ولكني أتوب أمامك وهذه كفارتي».

يُرْضَى عَلَيْهِ أي يقبل الله الفداء ويغفر (ع 3).

لِلتَّكْفِيرِ عَنْهُ أي كان وضع اليد على الذبيحة والاعتراف والتوبة والصلاة وسائر ما يتعلق بذلك ضماناً للمغفرة أو لرضا الله وقبوله الفداء. ونُسب هذا هنا وفي مواضع أُخر إلى ذبيحة المحرقة (ص 14: 20 و17: 24 وميخا 6: 6 وأيوب 1: 5 و42: 8). ونُسب أيضاً إلى ذبيحة الخطية (ص 4: 20 و26 و31 و35 و5: 16 و18 و7: 7 ألخ).

5 «وَيَذْبَحُ ٱلْعِجْلَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ، وَيُقَرِّبُ ٱلْكَهَنَةُ، بَنُو هَارُونَ، ٱلدَّمَ، وَيَرُشُّونَهُ مُسْتَدِيراً عَلَى ٱلْمَذْبَحِ ٱلَّذِي لَدَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ».

ميخا 6: 6 و2أيام 35: 11 وعبرانيين 10: 11 ص 3: 8 وعبرانيين 12: 24 و1بطرس 1: 2

يَذْبَحُ ٱلْعِجْلَ كان على المقرّب نفسه أن يذبح العجل على شمالي المذبح بقطعه حلقومه ويكون الكاهن أو المساعد في أثناء ذلك واضعاً إناء تحت رقبة المذبوح لينزل فيه الدم.

أَمَامَ ٱلرَّبِّ اي أمام خيمة الاجتماع التي هي مسكن الرب مع الناس يومئذ (قابل بهذا ع 11). وقد كررت هذه العبارة في الكلام على الذبائح (انظر ص 3: 2 و8 و12 و4: 4 و15 و24 و6: 18 الخ).

ٱلْكَهَنَةُ بَنُو هَارُونَ أي بنو هارون الذين هم الكهنة (عدد 10: 8 ويشوع 21: 19). ووردت هذه العبارة سبع مرات مرة في سفر العدد وخمساً في سفر اللاويين ومرة في سفر يشوع (انظر ص 1: 5 و8 و11 وص 2: 2 و3: 2 و21: 1).

يَرُشُّونَهُ كان الكاهن بعد أن يتلقى دم الذبيحة في الإناء يذهب به ويرش الدم على جدران المذبح. فيذهب به أولاً إلى زاوية شماليه الشرقي ويرش الدم على الجدار الشمالي والجدار الشرقي ثم يقترب إلى زاوية الجنوب الغربي ويرش الدم على الجدار الجنوبي والجدار الغربي. ثم يصب كل ما بقي من الدم على جانب المذبح الجنوبي فإن هنالك بالوعتين يؤديان إلى سرب واحد يجري إلى وادي قدرون.

بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ (انظز تفسير ع 3).

6 «وَيَسْلُخُ ٱلْمُحْرَقَةَ وَيُقَطِّعُهَا إِلَى قِطَعِهَا».

وَيَسْلُخُ ٱلْمُحْرَقَةَ كان على الكاهن بعد أن يرش الدم على جدران المذبح أن يسلخ الذبيحة ويقسمها إلى أعضائها الطبيعية كالرأس والصدر والقوائم الخ (ع 12 وص 8: 20 وخروج 29: 17). وكان الجلد أجرة الكاهن المقدم لها نيابة عن صاحبها. وكيفية إتمام العمل مفصل في (ص 8).

7 «وَيَجْعَلُ بَنُو هَارُونَ ٱلْكَاهِنِ نَاراً عَلَى ٱلْمَذْبَحِ، وَيُرَتِّبُونَ حَطَباً عَلَى ٱلنَّارِ».

تكوين 22: 9

بَنُو هَارُونَ كان على الكهنة أن يضعوا النار على المذبح لأنهم هم الذين يقدمون الذبيحة على المذبح. ولكن إيقاد النار المذكور لأولى المحرقات على المذبح الجديد وكانت النار تحفظ بعد ذلك متقدة دائماً وما كان يجوز أن تُطفأ (ص 6: 13).

يُرَتِّبُونَ حَطَباً ما كان يجوز أن يكون الوقود على المذبح غير الحطب وما كان يجوز لأحد أن يأتي بذلك الحطب من بيته بل كان يجب أن يكون من حطب الجماعة (نحميا 10: 34 و13: 31).

8 «وَيُرَتِّبُ بَنُو هَارُونَ ٱلْكَهَنَةُ ٱلْقِطَعَ مَعَ ٱلرَّأْسِ وَٱلشَّحْمِ فَوْقَ ٱلْحَطَبِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلنَّارِ ٱلَّتِي عَلَى ٱلْمَذْبَحِ».

يُرَتِّبُ... ٱلْقِطَعَ (ع 12) فكان على الكاهن أن يرتب الأعضاء على المذبح لا أن يضعها عليه كيف اتفق. وكانت توضع على المذبح على ترتيب وضعها في البهيمة قبل أن تقطع على ما عُرف من الترتيب في الهيكل الثاني.

9 «وَأَمَّا أَحْشَاؤُهُ وَأَكَارِعُهُ فَيَغْسِلُهَا بِمَاءٍ، وَيُوقِدُ ٱلْكَاهِنُ ٱلْجَمِيعَ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ مُحْرَقَةً، وَقُودَ رَائِحَةِ سُرُورٍ لِلرَّبِّ».

تكوين 8: 21 وحزقيال 20: 28 و41 و2كورنثوس 2: 15 وأفسس 5: 2 وفيلبي 4: 18

أَمَّا أَحْشَاؤُهُ وهي المعدة والإمعاء والأكارع فتُغسل ثلاث مرات قبل أن تُحرق على ما عُرف من الخدمة في الهيكل الثاني.

يُوقِدُ ٱلْكَاهِنُ ليس الإيقاد هنا بمعنى الإحراق مطلقاً بل بمعنى إيقاد البخور واستُعملت في الذبائح على اختلاف صنوفها (ص 2: 2 و 9 و3: 5 و11 و4: 10 و19 و6: 8 و7: 5 الخ).

10 «وَإِنْ كَانَ قُرْبَانُهُ مِنَ ٱلْغَنَمِ (ٱلضَّأْنِ أَوِ ٱلْمَعْزِ) مُحْرَقَةً، فَذَكَراً صَحِيحاً يُقَرِّبُهُ».

ع 3

مِنَ ٱلْغَنَمِ كانت الثيران والعجول من تقدمات الأغنياء ففُرضت ذبيحة الغنم على من لا يستطيع أن يقدم عجلاً وكانت ذبائح الغنم الحملان في زمن السنة الأولى كما عُهد في عصر المسيح لا الجداء وهنا كانت تجوز من الصنفين (ع 10 - 13).

11 «وَيَذْبَحُهُ عَلَى جَانِبِ ٱلْمَذْبَحِ إِلَى ٱلشِّمَالِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ. وَيَرُشُّ بَنُو هَارُونَ ٱلْكَهَنَةُ دَمَهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ مُسْتَدِيراً».

ع 5

جَانِبِ ٱلْمَذْبَحِ إِلَى ٱلشِّمَالِ لأن جانب الشرق كان جهة الرذل (ع 16) وجانب الغرب مكان المرحضة وجانب الجنوب المصعد إلى المذبح فلم يبق مناسباً للذبح سوى جهة الشمال وكذا كانت تذبح ذبيحة الخطيئة (ص 4: 24 و29 و33 و6: 25 و7: 2 و14: 13 الخ).

12، 13 «12 وَيُقَطِّعُهُ إِلَى قِطَعِهِ، مَعَ رَأْسِهِ وَشَحْمِهِ. وَيُرَتِّبُهُنَّ ٱلْكَاهِنُ فَوْقَ ٱلْحَطَبِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلنَّارِ ٱلَّتِي عَلَى ٱلْمَذْبَحِ. 13 وَأَمَّا ٱلأَحْشَاءُ وَٱلأَكَارِعُ فَيَغْسِلُهَا بِمَاءٍ، وَيُقَرِّبُ ٱلْكَاهِنُ ٱلْجَمِيعَ، وَيُوقِدُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ. إِنَّهُ مُحْرَقَةٌ، وَقُودُ رَائِحَةِ سُرُورٍ لِلرَّبِّ».

رَأْسِهِ وَشَحْمِهِ أي يقسمه إلى أعضائه ويقسم رأسه وشحمه.

14 «وَإِنْ كَانَ قُرْبَانُهُ لِلرَّبِّ مِنَ ٱلطَّيْرِ مُحْرَقَةً، يُقَرِّبُ قُرْبَانَهُ مِنَ ٱلْيَمَامِ أَوْ مِنْ أَفْرَاخِ ٱلْحَمَامِ».

ص 5: 7 و12: 8 ولوقا 2: 42

مِنَ ٱلطَّيْرِ الطير هنا مقابل الغنم والبقر في (ع 2). والمقصود من الطير هنا الحمام فأنواع الذبائح هنا مما اعتاده إبراهيم (تكوين 15: 9).

ٱلْيَمَامِ كما كانت ذوات الأربع تقدم محرقات عن الخطيئة كان الحمام يقدم كذلك. وكان اليمام يكثر في البلاد المقدسة (نشيد الأناشيد 2: 11) ويأتي أسراباً وكان الحمام على اختلاف صنوفه كذلك وكان الناس يربونه (2ملوك 6: 25 وإشعياء 60: 8) وكتاب الحروب ليوسيفوس المؤرخ 5: 4). وكانوا يأتون بالحمام في الأقفاص إلى دار الهيكل ويبيعونه للتقدمة (متّى 21: 2 ويوحنا 11: 16 الخ).

15 «يُقَدِّمُهُ ٱلْكَاهِنُ إِلَى ٱلْمَذْبَحِ، وَيَحُزُّ رَأْسَهُ، وَيُوقِدُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ، وَيُعْصَرُ دَمُهُ عَلَى حَائِطِ ٱلْمَذْبَحِ».

ٱلْكَاهِنُ المرجّح أن الكاهن كان يتولى ذبح الطائر دفعاً لما يعتري وجدان مقدمه من الانفعالات وبياناً أن تقديمه ذو شأن وإن كان هو شيئاً زهيداً وهذا بخلاف تقديم الحمل أو العجل فإن مقدمه عن نفسه كان يتولى ذبحه بيده. وما كانت توضع اليد على رأس العجل أو الحمل لأنه صغير ولأن مقدمه كان يأتي به بيديه فكأنه وضعهما عليه.

وَيَحُزُّ رَأْسَهُ لم يكن يذبحه بسكين بل يفصل رأسه عن بدنه بأظفاره ويطرح الرأس على النار فتصعد رائحته وكان يعصر دمه على جوانب المذبح بدلاً من أن يجمع دمه بإناء ويرش به الجدران كما كان يفعل بدم الحمل لصغره وقلة دمه.

16 «وَيَنْزِعُ حَوْصَلَتَهُ بِفَرْثِهَا وَيَطْرَحُهَا إِلَى جَانِبِ ٱلْمَذْبَحِ شَرْقاً إِلَى مَكَانِ ٱلرَّمَادِ».

ص 6: 10

حَوْصَلَتَهُ أي ما يستقر فيه طعامه فالحوصلة للطير بمنزلة المعدة للإنسان.

17 «وَيَشُقُّهُ بَيْنَ جَنَاحَيْهِ. لاَ يَفْصِلُهُ. وَيُوقِدُهُ ٱلْكَاهِنُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ فَوْقَ ٱلْحَطَبِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلنَّارِ. إِنَّهُ مُحْرَقَةٌ، وَقُودُ رَائِحَةِ سُرُورٍ لِلرَّبِّ».

تكوين 15: 10 ع 9 و13

يَشُقُّهُ بَيْنَ جَنَاحَيْهِ دون أن يفصلهما عن بدنه ويأتي ذلك قبل أن يضعه على النار.

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي

1 «وَإِذَا قَرَّبَ أَحَدٌ قُرْبَانَ تَقْدِمَةٍ لِلرَّبِّ، يَكُونُ قُرْبَانُهُ مِنْ دَقِيقٍ. وَيَسْكُبُ عَلَيْهَا زَيْتاً، وَيَجْعَلُ عَلَيْهَا لُبَاناً».

ص 6: 14 و9: 17 وعدد 15: 4

قُرْبَانَ تَقْدِمَةٍ القرابين في هذا الأصحاح من المواد النباتية وهي ثلاثة أنواع الأول الدقيق مع الزيت واللبان (ع 1: 3) وكان الدقيق دقيق الحنطة (خروج 29: 2) وكان ثمنه ضعفي ثمن دقيق الشعير (2ملوك 7: 1 و16 و18). ولدخوله في التقدمات كان مما يُذخر في الهيكل (1أيام 9: 29 و23: 29).

يَسْكُبُ عَلَيْهَا زَيْتاًكان الزيت من أطعمة بني إسرائيل ويقوم عندهم مقام الزبدة اليوم عند الأوربيين وكثيرين من السوريين وغيرهم. وكان على مقرّب هذا القربان أن يطيبه بذلك ليكون مقبولاً إلى الكهنة لأنهم كانوا يأكلون جزءاً منه (ع 3) وكان اللبان لمضادة الرائحة المنتشرة من اللحم المحرق هناك.

2 «وَيَأْتِي بِهَا إِلَى بَنِي هَارُونَ ٱلْكَهَنَةِ، وَيَقْبِضُ مِنْهَا مِلْءَ قَبْضَتِهِ مِنْ دَقِيقِهَا وَزَيْتِهَا مَعَ كُلِّ لُبَانِهَا. وَيُوقِدُ ٱلْكَاهِنُ تِذْكَارَهَا عَلَى ٱلْمَذْبَحِ، وَقُودَ رَائِحَةِ سُرُورٍ لِلرَّبِّ».

ص 5: 12 ع 9 وص 5: 12 و6: 15 و24: 7 وإشعياء 66: 3 وأعمال 10: 4

يَقْبِضُ مِنْهَا مِلْءَ... تِذْكَارَهَا كان يأخذ الكاهن قبضة من ذلك ويوقدها لتكون تذكاراً للمقدم بالله وعهده ليرغب في حفظ وصاياه وتزيد ثقته به وليكون بمنزلة تذكير لله بما وعد به لشعبه. وعلى هذا قال المرنم «لِيَذْكُرْ كُلَّ تَقْدِمَاتِكَ» (مزمور 20: 3). وقول الملاك لكرنيليوس «صَلَوَاتُكَ وَصَدَقَاتُكَ صَعِدَتْ تِذْكَاراً أَمَامَ ٱللّٰهِ» (أعمال 10: 4).

3 «وَٱلْبَاقِي مِنَ ٱلتَّقْدِمَةِ هُوَ لِهَارُونَ وَبَنِيهِ. قُدْسُ أَقْدَاسٍ مِنْ وَقَائِدِ ٱلرَّبِّ».

ص 7: 9 و10: 12 و13 خروج 29: 37 وعدد 18: 9

وَٱلْبَاقِي بعد قبضة التذكار من الدقيق والزيت واللبان يكون للكهنة على السواء.

قُدْسُ أَقْدَاسٍ كانت القرابين قسمين المقدس والأقدس فالمقدس قرابين الشكر (ص 23: 20 وعدد 6: 20) وباكورات الزيت والخمر والقرابين الفصحية. وهذه القرابين كان يجوز أن يأكلها الكهنة وأهل بيوتهم كلها أو يأكلوه جُزؤها في كل مكان طاهر. والأقدس قربان البخور وخبز الوجوه (خروج 30: 26 ولاويين 24: 9) وقرابين الخطية (ص 6: 25 - 28 و7: 1 و6 و14: 13 الخ) والقرابين الطعامية المذكورة هنا. وما كان يجوز أكل هذه في سوى دار القدس ولا يجوز أكلها لغير الكهنة.

4 «وَإِذَا قَرَّبْتَ قُرْبَانَ تَقْدِمَةٍ مَخْبُوزَةٍ فِي تَنُّورٍ، تَكُونُ أَقْرَاصاً مِنْ دَقِيقٍ، فَطِيراً مَلْتُوتَةً بِزَيْتٍ، وَرِقَاقاً فَطِيراً مَدْهُونَةً بِزَيْتٍ».

خروج 29: 2

قُرْبَانَ تَقْدِمَةٍ مَخْبُوزَةٍ فِي تَنُّورٍ القسم الثاني من قربان التقدمة مخبوز بزيت في الفرن أو على الطاجن أو فيه (ع 4 - 10). والمرجّح أن التنور هنا هو التنور العالي عن الأرض المعروف في هذه الأيام في كثير من أقسام سورية ويكون علوه غالباً نحو ثلاث أقدام (ص 21: 35) ويكون الخبز عند خروجه منه ليناً يطوى كالروق وإذا مرّ عليه بضعة أيام يبس وقسا.

5 «وَإِنْ كَانَ قُرْبَانُكَ تَقْدِمَةً عَلَى ٱلصَّاجِ تَكُونُ مِنْ دَقِيقٍ مَلْتُوتَةً بِزَيْتٍ، فَطِيراً».

عَلَى ٱلصَّاجِ (المرجّح أن الصاج كلمة عامية محرفة عن الطاجن وهو طابق من الحديد ذو وجهين محدّب ومقعّر بوجّه المقعّر إلى النار ويُخبز على المحدّب. وترجم بعضهم عبرانيته بالطاجن وهو فارسي معرّب ويناسب أن يبدّل بالطابق أو الطاجن على أن كلا منهما ليس إياه تماماً ولهذا اختاره المترجم وآثره على غيره مع معرفته أنه من كلام العامة ولا مانع من استعمال الكلام العامّي إذا لم يكن من فصيح يقوم مقامه). وقد ذُكر في (حزقيال ص 4: 3) ولا يزال البدويون وكثيرون من أهل القرى يستعملونه وخبزه رقيق واسع. وكان هذا الخبز يُصنع في دار القدس وتحفظ أداته فيها (حزقيال 42: 20 وأيوب 23: 28 و29).

6 «تَفُتُّهَا فُتَاتاً وَتَسْكُبُ عَلَيْهَا زَيْتاً. إِنَّهَا تَقْدِمَةٌ».

تَفُتُّهَا فُتَاتاً ما كانوا يقدمون الخبز صحيحاً بل كانوا يفتونه ويطيبونه بالزيت. والخبز المفتوت والزبدة أو اللبن أو العصير الحلو لم يزل من الأطعمة الطيبة عند العرب ولا سيما عرب البادية.

7 «وَإِنْ كَانَ قُرْبَانُكَ تَقْدِمَةً مِنْ طَاجِنٍ، فَمِنْ دَقِيقٍ بِزَيْتٍ تَعْمَلُهُ».

تَقْدِمَةً مِنْ طَاجِنٍ أي من قدر فإن المقصود بالطاجن هنا إناء عميق يُطبخ فيه فإنهم كانوا يطبخون به الخبز بالزيت.

8 «فَتَأْتِي بِٱلتَّقْدِمَةِ ٱلَّتِي تُصْطَنَعُ مِنْ هٰذِهِ إِلَى ٱلرَّبِّ وَتُقَدِّمُهَا إِلَى ٱلْكَاهِنِ، فَيَدْنُو بِهَا إِلَى ٱلْمَذْبَحِ».

فَتَأْتِي كان على الكاهن أن يأتي بالتقدمة إلى المذبح. وكان في أيام الهيكل الثاني إنه يوضع فتات الخبز في إناء الخدمة والزيت واللبان ويحمل مقدمها ذلك الإناء إلى الكاهن والكاهن يحمله إلى المذبح إلى الجنوب الغربي منه.

9، 10 «9 وَيَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ مِنَ ٱلتَّقْدِمَةِ تِذْكَارَهَا وَيُوقِدُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ وَقُودَ رَائِحَةِ سُرُورٍ لِلرَّبِّ. 10 وَٱلْبَاقِي مِنَ ٱلتَّقْدِمَةِ هُوَ لِهَارُونَ وَبَنِيهِ، قُدْسُ أَقْدَاسٍ مِنْ وَقَائِدِ ٱلرَّبِّ».

ع 2 خروج 29: 18 ع 3

في هاتين الآيتين التقدمات المذكورة في (ع 1 و2) وهي القرابين غير الدموية.

11 «كُلُّ ٱلتَّقْدِمَاتِ ٱلَّتِي تُقَرِّبُونَهَا لِلرَّبِّ لاَ تُصْطَنَعُ خَمِيراً، لأَنَّ كُلَّ خَمِيرٍ وَكُلَّ عَسَلٍ لاَ تُوقِدُوا مِنْهُمَا وَقُوداً لِلرَّبِّ».

ص 6: 17 ومتّى 16: 12 ومرقس 8: 15 ولوقا 12: 1 و1كورنثوس 5: 8 وغلاطية 5: 9

في هذه الآية والآيتين بعدها قانون يتعلق بتلك القرابين غير الدموية كما ذُكر آنفاً. وحُسب العسل مع الخمير لأن الناس في العصور القديمة كانوا يخمرون به أو يتخذونه خميرة (ص 11: 20).

12 «قُرْبَانَ أَوَائِلَ تُقَرِّبُونَهُمَا لِلرَّبِّ. لٰكِنْ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ لاَ يَصْعَدَانِ لِرَائِحَةِ سُرُورٍ».

خروج 22: 29 وص 23: 10 و11

قُرْبَانَ أَوَائِلَ في هذه الآية استثناء من القاعدة في التي قبلها وهو أن الذي لا يصعد من العسل والخمير يجب أن يقدم مع باكورات الأثمار ولذلك ذكرا مع باكورات الأثمار (ص 23: 17 و2أيام 31: 5).

13 «وَكُلُّ قُرْبَانٍ مِنْ تَقَادِمِكَ بِٱلْمِلْحِ تُمَلِّحُهُ، وَلاَ تُخْلِ تَقْدِمَتَكَ مِنْ مِلْحِ عَهْدِ إِلٰهِكَ. عَلَى جَمِيعِ قَرَابِينِكَ تُقَرِّبُ مِلْحاً».

مرقس 9: 49 وكولوسي 4: 6 عدد 18: 19 حزقيال 43: 24

كُلُّ قُرْبَانٍ كان الملح للجميع لأنه يمنع غير الدموية من الاختمار ويمنعها ويمنع الدموية من الفساد (حزقيال 43: 24).

مِلْحِ عَهْدِ إِلٰهِكَ اتُخذ الملح لما فيه من منع الفساد رمزاً إلى خالص الود ودوامه. وأكل الخبز والملح في الشرق كان آية لذلك ولم يزل كذا عند كثيرين من المشارقة. قيل أن العرب اليوم متى أرادوا المعاهدة وضعوا ملحاً على صفحة السيف ووضع كل منهم قليلاً منه في فمه فيبقى كل منهم أميناً لمعاهده ولو في أشد الأخطار. وكانوا يفعلون كذلك منذ عهد بعيد وعلى هذا قيل في سفر عزرا «وَٱلآنَ بِمَا إِنَّنَا نَأْكُلُ مِلْحَ دَارِ ٱلْمَلِكِ، وَلاَ يَلِيقُ بِنَا أَنْ نَرَى ضَرَرَ ٱلْمَلِكِ، لِذٰلِكَ أَرْسَلْنَا فَأَعْلَمْنَا ٱلْمَلِكَ» (عزرا 4: 14).

14 - 16 «14 وَإِنْ قَرَّبْتَ تَقْدِمَةَ بَاكُورَاتٍ لِلرَّبِّ فَفَرِيكاً مَشْوِيّاً بِٱلنَّارِ. جَرِيشاً سَوِيقاً تُقَرِّبُ تَقْدِمَةَ بَاكُورَاتِكَ. 15 وَتَجْعَلُ عَلَيْهَا زَيْتاً وَتَضَعُ عَلَيْهَا لُبَاناً. إِنَّهَا تَقْدِمَةٌ. 16 فَيُوقِدُ ٱلْكَاهِنُ تِذْكَارَهَا مِنْ جَرِيشِهَا وَزَيْتِهَا مَعَ جَمِيعِ لُبَانِهَا وَقُوداً لِلرَّبِّ».

ص 23: 10 و14 و2ملوك 4: 42 وع 1 ع 2 و9

كان القسم الثالث من القرابين غير الدموية باكورات الأثمار. وهاتان الآيتان متعلقتان بالآية الثانية عشرة والثالثة عشرة معترضة بينهما ومثل هذا كثير في الكتابات العبرانية. ولا يزال الفريك من المآكل الطيبة عند أهل الشرق (ص 23: 14 ويشوع 5: 11 و1صموئيل 17: 17 و25: 18 و2صموئيل 17: 27 وراعوث 2: 14).

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ

1 «وَإِنْ كَانَ قُرْبَانُهُ ذَبِيحَةَ سَلاَمَةٍ، فَإِنْ قَرَّبَ مِنَ ٱلْبَقَرِ ذَكَراً أَوْ أُنْثَى، فَصَحِيحاً يُقَرِّبُهُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ».

ص 7: 11 و29 و22: 21 ص 1: 3

ذَبِيحَةَ سَلاَمَةٍ هذه الذبيحة نوعان الأول من البقر (ع 1 - 5) والثاني من الغنم (ع 6 - 15) وذكر البقر أولاً لأنه أثمن.

ذَكَراً عُيّن في الكلام على ذبيحة المحرقة الذكر (ص 1: 3 و10) ولم يفرّق هنا بين الجنسين وحصر كل ما يجب هنا أن يكون الحيوان صحيحاً.

2 «يَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ قُرْبَانِهِ وَيَذْبَحُهُ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ. وَيَرُشُّ بَنُو هَارُونَ ٱلْكَهَنَةُ ٱلدَّمَ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ مُسْتَدِيراً».

خروج 29: 10 وص 1: 4 و5

يَضَعُ يَدَهُ وضع اليد هنا مخالف لوضع اليدين في ذبيحة المحرقة بأن الوضع هناك يقترن بالاعتراف بالخطية وهنا يقترن بالحمد لله. وإن ما هنا يمكن أن يؤتى في أي موضع أُريد من الدار.

بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ أي عند مدخل الخيمة (انظر ص 3: 1).

بَنُو هَارُونَ (ص 1: 5).

3، 4 «3 وَيُقَرِّبُ مِنْ ذَبِيحَةِ ٱلسَّلاَمَةِ وَقُوداً لِلرَّبِّ: ٱلشَّحْمَ ٱلَّذِي يُغَشِّي ٱلأَحْشَاءَ، وَسَائِرَ ٱلشَّحْمِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلأَحْشَاءِ، 4 وَٱلْكُلْيَتَيْنِ، وَٱلشَّحْمَ ٱلَّذِي عَلَيْهِمَا ٱلَّذِي عَلَى ٱلْخَاصِرَتَيْنِ، وَزِيَادَةَ ٱلْكَبِدِ مَعَ ٱلْكُلْيَتَيْنِ يَنْزِعُهَا».

خروج 29: 13 و22 وص 4: 8 و9

يُقَرِّبُ الذي جاء بالقربان لا الكاهن.

ٱلشَّحْمَ الخ أي أحسن أجزاء الذبيحة ولهذا استُعير الشحم لأحسن غلال الأرض (تكوين 45: 18 وعدد 18: 12) ولذلك عينه كان لله ومُنع الكهنة من أكله (ع 17).

5 «وَيُوقِدُهَا بَنُو هَارُونَ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ عَلَى ٱلْمُحْرَقَةِ ٱلَّتِي فَوْقَ ٱلْحَطَبِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلنَّارِ، وَقُودَ رَائِحَةِ سُرُورٍ لِلرَّبِّ».

خروج 29: 13 وص 6: 12

بَنُو هَارُونَ كانت الذبيحة متى ذُبحت ونُزع شحمها أو أثمن أجزائها وأُعطي الكاهن الذي يخدم إياه يحرقه الكاهن أي يحرق كل قطع الشحم المذكور في (ع 3 و4) وعلى رماد المحرقة الدائمة وهي الحمل الذي كان يقدم كل يوم على نار لا تطفأ (ص 6: 12). وكان الصدر والكتف اليمنى للكاهن وباقي هذا القربان قربان السلامة كان طعاماً للمقدِّم وأهل بيته وأصدقائه (ص 7: 15 و16).

6 «وَإِنْ كَانَ قُرْبَانُهُ مِنَ ٱلْغَنَمِ ذَبِيحَةَ سَلاَمَةٍ لِلرَّبِّ ذَكَراً أَوْ أُنْثَى، فَصَحِيحاً يُقَرِّبُهُ».

ع 1

مِنَ ٱلْغَنَمِ أي من الضأن ذكراً كان أو أنثى بشرط أن يكون بلا عيب.

7 «إِنْ قَرَّبَ قُرْبَانَهُ مِنَ ٱلضَّأْنِ يُقَدِّمُهُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ».

ٱلضَّأْنِ (ص 1: 10 و7: 23 و22: 19 و27 الخ).

8 «يَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ قُرْبَانِهِ وَيَذْبَحُهُ قُدَّامَ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ. وَيَرُشُّ بَنُو هَارُونَ دَمَهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ مُسْتَدِيراً».

قُدَّامَ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ (انظر تفسير ع 2).

9 «وَيُقَرِّبُ مِنْ ذَبِيحَةِ ٱلسَّلاَمَةِ شَحْمَهَا وَقُوداً لِلرَّبِّ: ٱلأَلْيَةَ صَحِيحَةً مِنْ عِنْدِ ٱلْعُصْعُصِ يَنْزِعُهَا، وَٱلشَّحْمَ ٱلَّذِي يُغَشِّي ٱلأَحْشَاءَ، وَسَائِرَ ٱلشَّحْمِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلأَحْشَاءِ».

ٱلأَلْيَةَ صَحِيحَةً أُنزلت الألية منزلة الشحم أيضاً (ص 9: 19).

10 «وَٱلْكُلْيَتَيْنِ، وَٱلشَّحْمَ ٱلَّذِي عَلَيْهِمَا ٱلَّذِي عَلَى ٱلْخَاصِرَتَيْنِ، وَزِيَادَةَ ٱلْكَبِدِ مَعَ ٱلْكُلْيَتَيْنِ يَنْزِعُهَا».

ع 4

ٱلْكُلْيَتَيْنِ (ع 4 و5).

11 «وَيُوقِدُهَا ٱلْكَاهِنُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ طَعَامَ وَقُودٍ لِلرَّبِّ».

ص 21: 6 و8 و17 و21 و22 و22: 25 وحزقيال 44: 7 وملاخي 1: 7 و12

طَعَامَ وَقُودٍ أي طعام النار لأنها كانت تحرق للرب ولهذا كانت تدعى طعام الرب (عدد 28: 2 وحزقيال 44: 7). وكان الكاهن يُدعى بمقدم طعام الله وخبز الله (ص 21: 6 و8 و17).

12 - 15 «12 وَإِنْ كَانَ قُرْبَانُهُ مِنَ ٱلْمَعْزِ يُقَدِّمُهُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ. 13 يَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ وَيَذْبَحُهُ قُدَّامَ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ. وَيَرُشُّ بَنُو هَارُونَ دَمَهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ مُسْتَدِيراً. 14 وَيُقَرِّبُ مِنْهُ قُرْبَانَهُ وَقُوداً لِلرَّبِّ: ٱلشَّحْمَ ٱلَّذِي يُغَشِّي ٱلأَحْشَاءَ، وَسَائِرَ ٱلشَّحْمِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلأَحْشَاءِ، 15 وَٱلْكُلْيَتَيْنِ وَٱلشَّحْمَ ٱلَّذِي عَلَيْهِمَا ٱلَّذِي عَلَى ٱلْخَاصِرَتَيْنِ، وَزِيَادَةَ ٱلْكَبِدِ مَعَ ٱلْكُلْيَتَيْنِ يَنْزِعُهَا».

ع 1 إلى 7 الخ ع 4 و10

وَإِنْ كَانَ قُرْبَانُهُ مِنَ ٱلْمَعْزِ كان قربان السلامة من المعز كقربان السلامة من البقر في أمور الخدمة. ولم يفرق هنا بين الذكر والأنثى اعتماداً على ما ذُكر في (ع 6). والاختلاف بين المعز والغنم هنا في تلك الخدمة قائم بأن ليس للمعز إلية كالغنم.

16 «وَيُوقِدُهُنَّ ٱلْكَاهِنُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ طَعَامَ وَقُودٍ لِرَائِحَةِ سُرُورٍ. كُلُّ ٱلشَّحْمِ لِلرَّبِّ».

ص 7: 23 و25 و1صموئيل 2: 15 و2أيام 7: 7

يُوقِدُهُنَّ أي يحرق قطع الشحم (انظر ص 4: 35) لأنها خبز الرب أو طعامه فكانت رائحتها كرائحة بخور تصعد إلى السماء (انظر ص 1: 9).

كُلُّ ٱلشَّحْمِ لِلرَّبِّ هذه العبارة متعلقة بالآية التالية والمعنى أنه حُظر أكل الشحم لأنه كله للرب.

17 «فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً فِي أَجْيَالِكُمْ فِي جَمِيعِ مَسَاكِنِكُمْ: لاَ تَأْكُلُوا شَيْئاً مِنَ ٱلشَّحْمِ وَلاَ مِنَ ٱلدَّمِ».

ص 6: 18 و7: 36 و17: 7 و23: 14 ع 16 وتثنية 22: 14 ونحميا 8: 10 تكوين 9: 4 وص 7: 23 و26 و17: 10 و14 وتثنية 12: 16 و1صموئيل 14: 33 وحزقيال 44: 7 و15

فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً الخ (قابل بهذا ص 23: 14 و21 و31) والمعنى أن وقف الشحم للرب وإحراقه له فرض يدوم ما دامت الشريعة الموسوية الرمزية في كل مكان وزمان (انظر 7: 23 - 25).

اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ

1، 2 «1 وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: 2 قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: إِذَا أَخْطَأَتْ نَفْسٌ سَهْواً فِي شَيْءٍ مِنْ جَمِيعِ مَنَاهِي ٱلرَّبِّ ٱلَّتِي لاَ يَنْبَغِي عَمَلُهَا، وَعَمِلَتْ وَاحِدَةً مِنْهَا».

ص 5: 15 و17 وعدد 15: 22 الخ و1صموئيل 14: 27 ومزمور 19: 12

إِذَا أَخْطَأَتْ نَفْسٌ كانت الذبائح الثلاث المذكورة آنفاً أي ذبيحة المحرقة والذبيحة غير الدموية وذبيحة السلامة مما ألفه الإسرائيليون وأتوه قبل إعطاء الشريعة على طور سيناء (ص 1: 1 - 17 و2: 1 - 16 و3: 1 - 17) فذبيحة الخطيئة ذُكرت هنا كأمر جديد. وكانت واجبة على الكاهن كما كانت واجبة على غيره (ع 3).

سَهْواً أو جهلاً بأن تصدر منه من غير قصد أو أن يرتكبها غير عالم أنها خطيئة (قابل بهذا ع 13 و22 و27 وص 5: 18 و22: 14). وكانت هذه الخطية في مدة الهيكل الثاني تعيّن بما يأتي:

  1. أن تُرتكب جهلاً أو سهواً أي بلا قصد (عد 15: 30).

  2. أن تكون مخالفة لوصية سلبية أو واردة على طريق النهي.

  3. أن تكون فعلية لا قولية ولا فكرية كما يفيد النص.

  4. أن تكون من الخطايا التي إذا ارتكبها الإنسان عمداً وجب عليه العقاب الشديد (انظر عدد 15: 29 و30).

3 «إِنْ كَانَ ٱلْكَاهِنُ ٱلْمَمْسُوحُ يُخْطِئُ لإِثْمِ ٱلشَّعْبِ، يُقَرِّبُ عَنْ خَطِيَّتِهِ ٱلَّتِي أَخْطَأَ ثَوْراً ٱبْنَ بَقَرٍ صَحِيحاً لِلرَّبِّ، ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ».

ص 8: 12 ص 9: 2

ٱلْكَاهِنُ ٱلْمَمْسُوحُ عمل الكاهن هنا وهو الحبر الأعظم أو رئيس الكهنة دليل على أنه يخطأ كسائر الناس وعليه ما عليهم. فالرتبة الروحية لا تعصم صاحبها من الخطاء. وعلى هذا جاء في الرسالة إلى العبرانيين ما نصه «لأَنَّهُ كَانَ يَلِيقُ بِنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ مِثْلُ هٰذَا، قُدُّوسٌ بِلاَ شَرٍّ وَلاَ دَنَسٍ، قَدِ ٱنْفَصَلَ عَنِ ٱلْخُطَاةِ وَصَارَ أَعْلَى مِنَ ٱلسَّمَاوَاتِ ٱلَّذِي لَيْسَ لَهُ ٱضْطِرَارٌ كُلَّ يَوْمٍ مِثْلُ رُؤَسَاءِ ٱلْكَهَنَةِ أَنْ يُقَدِّمَ ذَبَائِحَ أَوَّلاً عَنْ خَطَايَا نَفْسِهِ ثُمَّ عَنْ خَطَايَا ٱلشَّعْبِ» (عبرانيين 7: 26 و27). وسُمي الكاهن الأعظم بالكاهن الممسوح أربع مرات في هذا السفر (ع 3 و5 و16 وص 6: 22). وسُمي بالكاهن الأعظم والكاهن العظيم في مواضع أُخر منه ومن غيره من الأسفار الخمسة وغيرها (لاويين 21: 10 وعدد 35: 25 و28 ويشوع 20: 6) وسُمي في ما بعد ذلك من أسفار العهد القديم الكاهن الرئيس والكاهن الرأس (2ملوك 25: 18 و2أيام 19: 11 و24: 11 و26: 20 و31: 10 وعزرا 8: 12).

لإِثْمِ ٱلشَّعْبِ قال بعضهم أي يرتكب الإثم الذي يرتبكه غيره من الشعب سهواً أو جهلاً فإنه كان عرضة لارتكابه كغيره من الناس. ويُستدل من هذا ومما في (ص 10: 6 و21: 10 - 15) إن خطيئة السهو لم تكن إهمال شيء من وظيفة الكاهن الأعظم أو إهمال رتبته الواجبة بل كانت ارتكاب سوى ذلك عن غير عمد (والذي يوافق الترجمة العربية من قوله «لإثم الشعب» إن الكاهن العظيم إذا ارتكب إثماً سهواً أو جهلاً فكان بذلك وسيلة إلى ارتكاب الشعب للإثم يقرب الخ).

ثَوْراً ٱبْنَ بَقَرٍ الظاهر من قوله ابن بقر أنه أراد به عجلاً أو ثوراً صغيراً ولم يعيّن سنه هنا. ولكن الذي عُرف من أمر هذا الثور في أيام المسيح أنه كان ابن ثلاث سنين.

4 «يُقَدِّمُ ٱلثَّوْرَ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ، وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ ٱلثَّوْرِ، وَيَذْبَحُ ٱلثَّوْرَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ».

ص 1: 3 و4

بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ أي مدخلها (انظر تفسير ص 1: 5). وكان يُرش دم هذه الذبيحة كما يُرش دم غيرها.

5 «وَيَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ ٱلْمَمْسُوحُ مِنْ دَمِ ٱلثَّوْرِ وَيَدْخُلُ بِهِ إِلَى خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ».

ص 17: 14 وعدد 19: 4

يَدْخُلُ بِهِ بعد أن يأخذ دمه في الآناء (ص 1: 5).

6 «وَيَغْمِسُ ٱلْكَاهِنُ إِصْبِعَهُ فِي ٱلدَّمِ وَيَنْضِحُ مِنَ ٱلدَّمِ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَمَامَ ٱلرَّبِّ لَدَى حِجَابِ ٱلْقُدْسِ».

يَغْمِسُ ٱلْكَاهِنُ إِصْبِعَهُ الاختلاف هنا في مسألة الدم فإن الكاهن في غير هذه الذبيحة كذبيحة المحرقة كان يرش الدم على جدران المذبح (ص 1: 3). وأما هنا فكان يغمس إصبعه سبع مرات ويرش الدم سبعاً. وكانت تلك الإصبع على ما عُرف من خدمة الهيكل الثاني إحدى أصابع اليد اليمنى لأنه كان يرش الدم بتلك اليد. والذبيحة هنا ذبيحة الخطية. وكانت السبعة عدداً كاملاً عند الإسرائيليين (وغيرهم من مجاوريهم في تلك العصور) يؤتي إكمالاً للعمل. ومن ذلك كانت أيام الخليقة سبعة (تكوين 2: 2 و3). وفروع المنارة الذهبية سبعة (خروج 25: 37 و37: 23). ومرات رش الدم في يوم الكفارة سبعاً (ص 16: 14). ومرات رش الزيت على المذبح يوم تقديسه ووقفه للرب سبعاً (ص 8: 11). وأيام ملء الكهنة سبعة (ص 8: 35). وأيام التطهير سبعة (ص 12: 2 وعدد 19: 19). وعدد اغتسال نعمان في نهر الأردن سبعة (2ملوك 5: 10 و14) وأيام حصار أريحا سبعة وعدد الكهنة والأبواق التي هدمت أسوارها سبعة (يشوع ص 6). وقرون الحمل سبعة وعيونه سبعاً وأرواح الله سبعة (رؤيا 5: 6). وختوم كتاب الله سبعة (رؤيا 1: 5).

أَمَامَ ٱلرَّبِّ لأن عرش الرب كان على الغطاء بين الكروبين (خروج 25: 22) في قدس الأقداس فالموضع المقصود بقوله «أمام الرب» واجهة قدس الأقداس حيث كان مذبح البخور وخبز الوجوه والمنارة الذهبية (خروج 27: 21 و28: 35 و30: 8 و34: 34) وإلى جهة ذلك الموضع كان الدم يُرش.

لَدَى حِجَابِ ٱلْقُدْسِ معنى هذه العبارة كمعنى العبارة التي قبلها لأن الحجاب كان فاصلاً بين القدس وقدس الأقداس فكأنه قال «أمام الرب» ظن بعضهم أن الحجاب نفسه كان الدم يُرش عليه ورأى بعضهم أنه كان يُرش على الأرض التي أمامه على ما يفيد النص هنا.

7 «وَيَجْعَلُ ٱلْكَاهِنُ مِنَ ٱلدَّمِ عَلَى قُرُونِ مَذْبَحِ ٱلْبَخُورِ ٱلْعَطِرِ ٱلَّذِي فِي خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ. وَسَائِرُ دَمِ ٱلثَّوْرِ يَصُبُّهُ إِلَى أَسْفَلِ مَذْبَحِ ٱلْمُحْرَقَةِ ٱلَّذِي لَدَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ».

ص 8: 15 و9: 9 و16: 18 ص 5: 9

يَجْعَلُ ٱلْكَاهِنُ أي الكاهن الأعظم فإنه هو الذي كان يغمس إصبعه في الدم ويضع بعضه على قرون المذبح الذهبي الأربعة الذي كان البخور يوقد عليه. وكانت هذه الخدمة مختصة بذبيحة الخطية. وكان هذا المذبح في القدس أمام الحاجب الذي يفصله عن قدس الأقداس (خروج 30: 1 - 6). وكان الكاهن على ما عُرف في أيام المسيح يضع الدم أولاً على قرن الشمال الشرقي ثم على قرن الشمال الغربي ثم على قرن الجنوب الغربي ثم على قرن الجنوب الشرقي. وكان يغمس إصبعه في إناء الدم عند رش كل قرن ويمسح إصبعه بجانب الإناء بين كل رشتين لأنه لم يكن من المناسب عندهم أن يدهن أو ينضح قرن بما بقي من الدم على الإصبع بعد رش أحد القرون.

يَصُبُّهُ أي يصب كل ما بقي من الدم في الإناء. وكان الكاهن يصب الدم الباقي أسفل مذبح المحرقة الذي كان خارج القدس. وكان في أيام الهيكل الثاني قرب قرن الجنوب الغربي بالوعتان كالمنخرين يجري منهما الدم إلى وادي قدرون.

8 «وَجَمِيعُ شَحْمِ ثَوْرِ ٱلْخَطِيَّةِ يَنْزِعُهُ عَنْهُ. ٱلشَّحْمَ ٱلَّذِي يُغَشِّي ٱلأَحْشَاءَ، وَسَائِرَ ٱلشَّحْمِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلأَحْشَاءِ»

جَمِيعُ شَحْمِ ثَوْرِ ٱلْخَطِيَّةِ يَنْزِعُهُ أي أحسن أجزاء الثور (ص 3: 3). كانت ذبيحة الخطية في عصر المسيح تُقطع وينزع الشحم والأحشاء منها وتوضع في إناء وتُملح وتُشوى على النار وتحرق على المذبح رائحة سرور للرب.

9 «وَٱلْكُلْيَتَيْنِ وَٱلشَّحْمَ ٱلَّذِي عَلَيْهِمَا ٱلَّذِي عَلَى ٱلْخَاصِرَتَيْنِ، وَزِيَادَةَ ٱلْكَبِدِ مَعَ ٱلْكُلْيَتَيْنِ يَنْزِعُهَا».

ص 3: 4

وَٱلْكُلْيَتَيْنِ الكلام في هذه الآية والآية الثامنة كالكلام في (ص 3: 4 و5) إلا أن الذبيحة هنا ذبيحة الخطيئة والذبيحة هناك ذبيحة السلامة.

10 «كَمَا تُنْزَعُ مِنْ ثَوْرِ ذَبِيحَةِ ٱلسَّلاَمَةِ. وَيُوقِدُهُنَّ ٱلْكَاهِنُ عَلَى مَذْبَحِ ٱلْمُحْرَقَة».

ص 3: 3 و4 و5

(انظر ص 3: 4 و5).

11، 12 «11 وَأَمَّا جِلْدُ ٱلثَّوْرِ وَكُلُّ لَحْمِهِ مَعَ رَأْسِهِ وَأَكَارِعِهِ وَأَحْشَائِهِ وَفَرْثِهِ 12 فَيُخْرِجُ سَائِرَ ٱلثَّوْرِ إِلَى خَارِجِ ٱلْمَحَلَّةِ إِلَى مَكَانٍ طَاهِرٍ إِلَى مَرْمَى ٱلرَّمَادِ، وَيُحْرِقُهَا عَلَى حَطَبٍ بِٱلنَّارِ. عَلَى مَرْمَى ٱلرَّمَادِ تُحْرَقُ».

خروج 29: 14 وعدد 19: 5 ص 6: 11 عبرانيين 13: 11

جِلْدُ ٱلثَّوْرِ الخ بخلاف جلد ذبيجة المحرقة فإن ذلك كان يأخذه الكاهن. وما كان الكاهن الأعظم نفسه يحمل كل بقية الثور إلى ذلك المكان البعيد بل كان يحمله مساعدوه وأُسند الفعل إليه لأنه هو الآمر بذلك. ويؤيد ذلك الترجمة اليونانية ويوضحه ما في النسخة السامرية ففيها (ويحملون سائر الثور الخ) وسنده ما في (ع 14). وكان في عصر الهيكل الثاني ثلاثة مواضع للإحراق أحدهما في دار الهيكل الخارجية حيث كانوا يحرقون نفايات المذبح. والموضع الثاني على الجبل في مكان يسمى بيره. والثالث خارج أورشليم ويسمى مكان الرماد ومرمى الرماد. وهذا هو المكان الذي أشار إليه الرسول بقوله «فَإِنَّ ٱلْحَيَوَانَاتِ ٱلَّتِي يُدْخَلُ بِدَمِهَا عَنِ ٱلْخَطِيَّةِ إِلَى «ٱلأَقْدَاسِ» بِيَدِ رَئِيسِ ٱلْكَهَنَةِ تُحْرَقُ أَجْسَامُهَا خَارِجَ ٱلْمَحَلَّةِ. لِذٰلِكَ يَسُوعُ أَيْضاً، لِكَيْ يُقَدِّسَ ٱلشَّعْبَ بِدَمِ نَفْسِهِ، تَأَلَّمَ خَارِجَ ٱلْبَابِ» (عبرانيين 13: 11 و12). وكانت الذبيحة التي تحرق في دار الهيكل أو دار القدس تحرق بنار حطب معيّن (انظر ص 1: 7). ولكن الذبائح التي كانت تُحمل إلى خارج المدينة كانت تُحرق بنار أي حطب تيسّر حتى أنه كان يجوز أن تحرق بنار التبن وكسر العيدان.

13 «وَإِنْ سَهَا كُلُّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ وَأُخْفِيَ أَمْرٌ عَنْ أَعْيُنِ ٱلْمَجْمَعِ، وَعَمِلُوا وَاحِدَةً مِنْ جَمِيعِ مَنَاهِي ٱلرَّبِّ ٱلَّتِي لاَ يَنْبَغِي عَمَلُهَا، وَأَثِمُوا»

عدد 15: 24 ويشوع 7: 11 ص 5: 2 و3 و4 و17

إِنْ سَهَا كُلُّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ فالكنيسة كلها غير معصومة من الخطأ والسهو والجهل وقد عرفت أن الكاهن الأعظم لم يكن معصوماً من ذلك. والكلام هنا في ذبيحة الخطية عن كل الجماعة (ع 13 - 21). وفيه أن الجماعة كلها قد تأتي أمراً تظنه جائزاً ثم ترى أنه محظور وإن إتيانها إياه كان خطيئة. والجماعة والمجمع هنا بمعنىً واحد (قابل بهذا عدد 15: 24 و26). ووقع مثل هذه الخطيئة العامة في إسرائيل (1صموئيل 14: 32) فإنه «ثار الشعب على الغنيمة فأخذوا غنماً وبقراً وعجولاً وذبحوا على الأرض وأكل الشعب على الدم» وكانت تلك الغنيمة من الفلسطينيين. وقال قدماء المفسرين في عصر المسيح أن المقصود بالمجمع هنا مجمع اليهود العظيم المعروف بالسنهدريم الممثل أمة إسرائيل كلها ولكن هذا مناف لما في ( عدد 15: 22 - 26).

14 «ثُمَّ عُرِفَتِ ٱلْخَطِيَّةُ ٱلَّتِي أَخْطَأُوا بِهَا، يُقَرِّبُ ٱلْمَجْمَعُ ثَوْراً ٱبْنَ بَقَرٍ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. يَأْتُونَ بِهِ إِلَى قُدَّامِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ».

ثَوْراً ٱبْنَ بَقَرٍ أي عجلاً أو ثوراً صغيراً وذلك مثل الذبيحة التي كان يقربها الكاهن العظيم عن خطيئته (ع 3) ولا بد من أن يكون بلا عيب قياساً على ما مرّ وإن لم يُذكر هنا.

يَأْتُونَ... قُدَّامِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ (ص 1: 3) والذين يأتون به بعض جماعة إسرائيل لا كلهم كما يدل العقل لأنهم كانو نحو مليونين. والمعنى أن الجماعة يأمرون بعضهم بحمل الذبيحة إلى مدخل خيمة الاجتماع.

15 «وَيَضَعُ شُيُوخُ ٱلْجَمَاعَةِ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ ٱلثَّوْرِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ، وَيَذْبَحُوا ٱلثَّوْرَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ».

ص 1: 4

يَضَعُ شُيُوخُ ٱلْجَمَاعَةِ أَيْدِيَهُمْ لأنه لا يمكن كل جماعة إسرائيل ذلك ولا كل الشيوخ لأنهم كانوا سبعين فالمعنى أن بعض شيوخ الجماعة يضع الخ. وكان الشيوخ المعيّنون لذلك في عصر الهيكل الثاني ثلاثة. وكان من القرابين عن كل جماعة إسرائيل ما عدا القربان المذكور التيس المطلق فإنه كانت توضع اليدان عليه (ص 16: 21).

16 - 21 «16 وَيُدْخِلُ ٱلْكَاهِنُ ٱلْمَمْسُوحُ مِنْ دَمِ ٱلثَّوْرِ إِلَى خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ. 17 وَيَغْمِسُ ٱلْكَاهِنُ إِصْبِعَهُ فِي ٱلدَّمِ وَيَنْضِحُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَمَامَ ٱلرَّبِّ لَدَى ٱلْحِجَابِ. 18 وَيَجْعَلُ مِنَ ٱلدَّمِ عَلَى قُرُونِ ٱلْمَذْبَحِ ٱلَّذِي أَمَامَ ٱلرَّبِّ فِي خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ. وَسَائِرَ ٱلدَّمِ يَصُبُّهُ إِلَى أَسْفَلِ مَذْبَحِ ٱلْمُحْرَقَةِ ٱلَّذِي لَدَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ. 19 وَجَمِيعَ شَحْمِهِ يَنْزِعُهُ عَنْهُ وَيُوقِدُهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ. 20 وَيَفْعَلُ بِٱلثَّوْرِ كَمَا فَعَلَ بِثَوْرِ ٱلْخَطِيَّةِ. كَذٰلِكَ يَفْعَلُ بِهِ. وَيُكَفِّرُ عَنْهُمُ ٱلْكَاهِنُ، فَيُصْفَحُ عَنْهُمْ. 21 ثُمَّ يُخْرِجُ ٱلثَّوْرَ إِلَى خَارِجِ ٱلْمَحَلَّةِ وَيُحْرِقُهُ كَمَا أَحْرَقَ ٱلثَّوْرَ ٱلأَوَّلَ. إِنَّهُ ذَبِيحَةُ خَطِيَّةِ ٱلْمَجْمَعِ».

ع 5 وعبرانيين 9: 12 و13 و14 ع 3 عدد 15: 25 ودانيال 9: 24 ورومية 5: 11 وعبرانيين 2: 17 و10: 10 و11 و12 و1يوحنا 1: 7 و2: 2

كل ما في هذه الآيات مثل ما قيل في ذبيحة الخطيئة عن الكاهن (ع 5 - 12).

22 «إِذَا أَخْطَأَ رَئِيسٌ وَعَمِلَ بِسَهْوٍ وَاحِدَةً مِنْ جَمِيعِ مَنَاهِي ٱلرَّبِّ إِلٰهِهِ ٱلَّتِي لاَ يَنْبَغِي عَمَلُهَا، وَأَثِمَ».

ع 2 و13

في هذه الآية وما بعدها إلى الآية 26 يتعلق بخطيئة الرئيس.

رَئِيسٌ تُطلق هذه الكلمة على الملك (1ملوك 11: 34 وحزقيال 34: 24 و46: 2). ورأس السبط (عدد 34: 18). واختلف المفسرون في المقصود بالرئيس هنا. وإذا قابلنا الآيات التي تتعلق بخطيئة السهو أو الجهل غير هذه نراها كلها تجعلها من أحد مناهي الرب وتقتصر على ذلك ولكنه هنا يزيد كلمة «إلهه» وهذا قوله بنصه «إذا أخطأ رئيس وعمل بسهو واحدة من جميع مناهي الرب إلهه». وهذا يدل على أنه ليس فوق ذلك الرئيس إلا الله ولا يناسب هذا سوى الملك.

أَثِمَ أي وعرف أنه ارتكب الإثم سهواً واعترف به فالخاطئ أثيم سواء كانت خطيئته سهواً أو جهلاً أو عمداً.

23 «ثُمَّ أُعْلِمَ بِخَطِيَّتِهِ ٱلَّتِي أَخْطَأَ بِهَا، يَأْتِي بِقُرْبَانِهِ تَيْساً مِنَ ٱلْمَعْزِ ذَكَراً صَحِيحاً».

ع 14

أُعْلِمَ بِخَطِيَّتِهِ أي أعلمه غيره أنه أَثم (فالخطيئة لا تُحسب ما لم تُعرف) واعترف بذلك اختياراً.

تَيْساً مِنَ ٱلْمَعْزِ (أبان أنه من المعز لأن التيس يطلق على الذكر من المعز والظباء والوعول أو الذكر من كل منها إذا أتى عليه سنة) وهو في العبرانية الأشعر من ذكور المعز أو الطويل الشعر الكبير خلا الجدي (وهو الذكر من أولاد المعز في السنة الأولى) فالأول لم يكن يذبح ليكون طعاماً أو قربان محرقة أو تقدمة شكر في الاحتفالات (ص 16: 9 و15 و23: 19 وعدد 28: 15 و22 و30 و29: 5 و11 و16). ولا عند تقديس الكهنة والقدس (ص 9: 3 و15 و10: 16). وأما الثاني فكان يُذبح ليكون طعاماً (تثنية 32: 14 وإرميا 51: 40). وكان كالعجل والكبش والحمل الخ وإشعياء 1: 11 و34: 6 وحزقيال 39: 18 ومزمور 1: 9 و13 و66: 15). ويرى هنا أن الاختلاف الأول في خطيئة الرئيس أنه يقدم تيساً كبيراً طويل الشعر لا عجلاً.

24 «وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ ٱلتَّيْسِ وَيَذْبَحُهُ فِي ٱلْمَوْضِعِ ٱلَّذِي يَذْبَحُ فِيهِ ٱلْمُحْرَقَةَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ. إِنَّهُ ذَبِيحَةُ خَطِيَّةٍ».

ع 4 و15

يَذْبَحُهُ الخ (انظر ص 1: 5).

25، 26 «25 وَيَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ دَمِ ذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ بِإِصْبِعِهِ وَيَجْعَلُ عَلَى قُرُونِ مَذْبَحِ ٱلْمُحْرَقَةِ، ثُمَّ يَصُبُّ دَمَهُ إِلَى أَسْفَلِ مَذْبَحِ ٱلْمُحْرَقَةِ. 26 وَجَمِيعَ شَحْمِهِ يُوقِدُهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ كَشَحْمِ ذَبِيحَةِ ٱلسَّلاَمَةِ، وَيُكَفِّرُ ٱلْكَاهِنُ عَنْهُ مِنْ خَطِيَّتِهِ فَيُصْفَحُ عَنْهُ».

ع 30 ص 3: 5 ع 20 وعدد 15: 28

يَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ وهنا اختلاف أيضاً في الرسم فإن الكاهن الأعظم في تقدمة الذبيحة عن نفسه وفي تقدمة الذبيحة عن الجماعة كان هو نفسه يقوم بالعمل الأوليّ في الرسم (ع 5 - 17) والكاهن هنا أحد الكهنة لا الأعظم. وما كان دم الذبيحة هنا يرش أمام حجاب قدس الأقداس ولا على مذبح البخور الذي في القدس بل على مذبح النحاس الذي كان في الدار خارجاً.

27 «وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ مِنْ عَامَّةِ ٱلأَرْضِ سَهْواً بِعَمَلِهِ وَاحِدَةً مِنْ مَنَاهِي ٱلرَّبِّ ٱلَّتِي لاَ يَنْبَغِي عَمَلُهَا، وَأَثِمَ».

ع 2 وعدد 15: 27

إِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ مِنْ عَامَّةِ ٱلأَرْضِ هذا مثال رابع لذبيحة خطيئة السهو أو الجهل (ع 27 - 35) وهو خطيئة كل من أفراد الشعب سهواً كما جاء في المواضع الآتية (ص 20: 2 و4 و2ملوك 9: 18 و16: 15).

وَأَثِمَ أي وعُرف أنه إثم (انظر ع 22) واعترف بإثمه اختياراً.

28 «ثُمَّ أُعْلِمَ بِخَطِيَّتِهِ ٱلَّتِي أَخْطَأَ بِهَا، يَأْتِي بِقُرْبَانِهِ عَنْزاً مِنَ ٱلْمَعْزِ أُنْثَى صَحِيحَةً عَنْ خَطِيَّتِهِ ٱلَّتِي أَخْطَأَ».

ع 23

أُعْلِمَ أي أعلمه غيره (انظر ع 23).

عَنْزاً أي عنزة كبيرة طويلة الشعر بلا عيب وكانت أنثى المعز أرخص من الذكر ولذلك كانت موافقة لعامة الشعب (لأنهم فقراء غالباً).

29 - 31 «29 وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ ذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ، وَيَذْبَحُ ذَبِيحَةَ ٱلْخَطِيَّةِ فِي مَوْضِعِ ٱلْمُحْرَقَةِ. 30 وَيَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ دَمِهَا بِإِصْبِعِهِ وَيَجْعَلُ عَلَى قُرُونِ مَذْبَحِ ٱلْمُحْرَقَةِ، وَيَصُبُّ سَائِرَ دَمِهَا إِلَى أَسْفَلِ ٱلْمَذْبَحِ. 31 وَجَمِيعَ شَحْمِهَا يَنْزِعُهُ كَمَا نُزِعَ ٱلشَّحْمُ عَنْ ذَبِيحَةِ ٱلسَّلاَمَةِ، وَيُوقِدُ ٱلْكَاهِنُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ رَائِحَةَ سُرُورٍ لِلرَّبِّ وَيُكَفِّرُ عَنْهُ ٱلْكَاهِنُ فَيُصْفَحُ عَنْهُ».

ع 4 و24 ص 3: 14 و15 ص 3: 3 خروج 29: 18 وص 1: 9 ع 26

يَضَعُ يَدَهُ أسلوب التقدمة هنا كأسلوب تقدمة الرئيس (ع 24 - 26). وعبارة «رائحة سرور للرب» ذُكرت مع إحراق الشحم ولم تُذكر مع تقدمة الكاهن الأعظم عن الخطيئة ولا مع تقدمة الجماعة عن ذلك ولا تقدمة الرئيس (ع 10 و19 و26) لكنها ذُكرت مع تقدمة المحرقة (ص 1: 9 و13) وذبائح السلامة (ص 3: 5 و16) وحسب أنها ذُكرت مع أرخص التقدمات بياناً لقبول الله إياها إذا قُدمت بتواضع وإخلاص كما يقبل القرابين.

32 - 34 «32 وَإِنْ أَتَى بِقُرْبَانِهِ مِنَ ٱلضَّأْنِ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، يَأْتِي بِهَا أُنْثَى صَحِيحَةً. 33 وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ ذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ، وَيَذْبَحُهَا ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ فِي ٱلْمَوْضِعِ ٱلَّذِي يَذْبَحُ فِيهِ ٱلْمُحْرَقَةَ. 34 وَيَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ دَمِ ذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ بِإِصْبِعِهِ وَيَجْعَلُ عَلَى قُرُونِ مَذْبَحِ ٱلْمُحْرَقَةِ، وَيَصُبُّ سَائِرَ ٱلدَّمِ إِلَى أَسْفَلِ ٱلْمَذْبَحِ».

ع 28

مِنَ ٱلضَّأْنِ... أُنْثَى صَحِيحَةً أي إن كان لا يستطيع أن يقدم عنزاً فليقدم نعجة لأنها كانت أرخص من العنز. وأسلوب تقدمتها كأسلوب تقدمة العنز (انظر ع 29 - 31) إلا أن هنالك فرقاً وهو إحراق الإلية (انظر ص 3: 12).

35 «وَجَمِيعَ شَحْمِهِ يَنْزِعُهُ كَمَا يُنْزَعُ شَحْمُ ٱلضَّأْنِ عَنْ ذَبِيحَةِ ٱلسَّلاَمَةِ، وَيُوقِدُهُ ٱلْكَاهِنُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ عَلَى وَقَائِدِ ٱلرَّبِّ. وَيُكَفِّرُ عَنْهُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ خَطِيَّتِهِ ٱلَّتِي أَخْطَأَ فَيُصْفَحُ عَنْهُ».

ص 3: 5 و5: 12 ع 26 و31

عَلَى وَقَائِدِ ٱلرَّبِّ أي على نار المحرقات الدائمة فإنه كان تُقدم التقدمات كل صباح وتحرق على النار الدائمة التي لا تطفأ (انظر ص 3: 5 و5: 12). ولحم تقدمة الخطية عن الرئيس وعن أفراد الجماعة ما كان يحرق خارج المحلة كلحم تقدمة الكاهن الأعظم ولحم تقدمة كل الجماعة بل كان من أجرة الكهنة وكانوا يأكلونه (ص 6: 26 - 30). وما كان للخاطئ الذي يقدم ذبيحة الخطيئة أن يأكل من لحمها ولذلك لم يكن للكاهن أن يأكل من لحم التقدمة التي يقدمها عن خطيئته ولا من لحم تقدمة الخطية عن كل الجماعة لأنه واحد منها.

اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ

1 «وَإِذَا أَخْطَأَ أَحَدٌ وَسَمِعَ صَوْتَ حَلْفٍ وَهُوَ شَاهِدٌ يُبْصِرُ أَوْ يَعْرِفُ، فَإِنْ لَمْ يُخْبِرْ بِهِ حَمَلَ ذَنْبَهُ».

1ملوك 8: 31 ومتّى 26: 63 ع 17 وص 7: 18 و17: 16 و19: 8 و20: 17 وعدد 9: 13

سَمِعَ صَوْتَ حَلْفٍ لما فرغ الشارع من الكلام على تقدمة الخطيئة وهو ما ذُكر في الأصحاح السابق أخذ في هذا الأصحاح يبين أمثلة خطيئة السهو أو الجهل وما يترتب على مرتكبها من فرد وجماعة وكاهن وحاكم وشغل بذلك (ع 1 - 13). وأُولى تلك الخطايا كتم الشهادة فإنه قد يتفق أن تُقام دعوى على إنسان ويعجز المدعي عن الإتيان بالشهود إما لجهله وإما لكتم العارف بالشهادة فيضطر الحاكم حينئذ أن يطلب من المدعى عليه القسَم إذا لم يوجد من يشهد قول رئيس الكهنة ليسوع «أَسْتَحْلِفُكَ بِٱللّٰهِ ٱلْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللّٰهِ» (متّى 26: 63). وهذا يدل على أن رئيس الكهنة كان عارفاً ببطلان كون شهادة الشهود توجب العقاب على يسوع.

حَمَلَ ذَنْبَهُ أي حمل كاتم الشهادة ذنب المدعى عليه سواء أكان واحداً أم اثنين أم أكثر (ص 4: 13 و22) ووجبت عليه ذبيحة الخطيئة لأن سكوته كان علة الجهل للحق وهو يحسب ذلك عملاً صالحاً لأنه خلّص به نفساً من العقاب وحسبانه ذلك إما لسهوٍ عن الحق الإلهي وإما لجهل له.

2 «أَوْ إِذَا مَسَّ أَحَدٌ شَيْئاً نَجِساً: جُثَّةَ وَحْشٍ نَجِسٍ، أَوْ جُثَّةَ بَهِيمَةٍ نَجِسَةٍ، أَوْ جُثَّةَ دَبِيبٍ نَجِسٍ، وَأُخْفِيَ عَنْهُ، فَهُوَ نَجِسٌ وَمُذْنِبٌ».

ص 11: 24 و28 و31 و39 وعدد 19: 11 و13 و16 ع 17

إِذَا مَسَّ أَحَدٌ شَيْئاً نَجِساً من موتى الحيوانات الطاهرة أو موتى الحيوانات النجسة وأحيائها.

وَأُخْفِيَ عَنْهُ سهواً أو جهلاً. وفي الفلغاتا «وهو ينسى أنه نجس». وكان الذي يمس جثة نجسة «يكون نجساً إلى المساء» (ص 11: 24 و31). وكان ذلك إذا أتى التعدي سهواً أو نسياناً ولهذا كان عليه إذا فطن لخطيئته أن يعترف بها ويقدم ذبيحة الخطيئة أو قربانها.

فَهُوَ نَجِسٌ وَمُذْنِبٌ (ص 4: 13 و24). تركت الترجمة اليونانية المعروفة بالسبعينية هذه العبارة وهي أقدم الترجمات ويستدل من ذلك أن هذه العبارة لم تكن في النسخة العبرانية التي تُرجمت عنها اليونانية المذكورة. ويؤيد ذلك أن لا حاجة إليها هنا لذكرها في آخر الآية التالية (كذا قال بعض المفسرين ولماذا لا يقال أن المترجم إلى اليونانية تركها سهواً وإن تكرارها في العبرانية للتقرير والتوكيد فإن لذلك نظائر كثيرة في الكتاب المقدس وفي هذا الأصحاح عينه (ع 1 و3 و4 و13 و18). وكيف كان الأمر فاعتماد الأصل أولى ما لم يقم البرهان القاطع على صحة غيره وهو معدوم هنا).

3 «أَوْ إِذَا مَسَّ نَجَاسَةَ إِنْسَانٍ مِنْ جَمِيعِ نَجَاسَاتِهِ ٱلَّتِي يَتَنَجَّسُ بِهَا وَأُخْفِيَ عَنْهُ ثُمَّ عُلِمَ، فَهُوَ مُذْنِبٌ».

ص 12 و13 و15

أَوْ إِذَا مَسَّ نَجَاسَةَ إِنْسَانٍ ذُكرت نجاسات الإنسان في (ص 12 - ص 15).

ثُمَّ عُلِمَ، فَهُوَ مُذْنِبٌ أي لا يُحسب مذنباً ما لم يعلم ذنبه (ع 2).

4 «أَوْ إِذَا حَلَفَ أَحَدٌ مُفْتَرِطاً بِشَفَتَيْهِ لِلإِسَاءَةِ أَوْ لِلإِحْسَانِ مِنْ جَمِيعِ مَا يَفْتَرِطُ بِهِ ٱلإِنْسَانُ فِي ٱلْيَمِينِ، وَأُخْفِيَ عَنْهُ، ثُمَّ عُلِمَ، فَهُوَ مُذْنِبٌ فِي شَيْءٍ مِنْ ذٰلِكَ».

1صموئيل 25: 22 وأعمال 23: 22 مرقس 6: 23

مُفْتَرِطاً بِشَفَتَيْهِ أي إذا حلف بلا انتباه أو لغيظ دون أن يحقق أو يصدق ذلك قبله (والمقصود بقوله «مفترطاً» فارطاً وفرط القول أن يسبق بلا روية).

لِلإِسَاءَةِ أَوْ لِلإِحْسَانِ أي لكل مقصد من المقاصد البشرية (تكوين 24: 5 و31: 24 وعدد 24: 13 وإشعياء 51: 23). (وهذا دليل قاطع على أن الغابة لا تبرر الواسطة).

مِنْ جَمِيعِ مَا يَفْتَرِطُ بِهِ ٱلإِنْسَانُ فِي ٱلْيَمِينِ أي في جميع ما يسبّق إليه لسانه في الحلف بلا رويّة او نظر أو فكر.

وَأُخْفِيَ عَنْهُ أي نسي أو جهل أنه محظور (ع 2).

ثُمَّ عُلِمَ أي عرف ما جهل أو ذكر ما نسي (انظر أيضاً تفسير ع 2).

5 «فَإِنْ كَانَ يُذْنِبُ فِي شَيْءٍ مِنْ هٰذِهِ يُقِرُّ بِمَا قَدْ أَخْطَأَ بِهِ».

ص 16: 21 و26: 4 وعدد 5: 7 وعزرا 10: 11 و12

فَإِنْ كَانَ يُذْنِبُ الخ أي إن علم أنه أذنب بشيء مما ذُكر في (ع 1 - 4) وجب أن يعترف به. والاعتراف المقصود هنا يُعرف مما كان في زمن الهيكل الثاني (انظر ص 1: 4).

6 «وَيَأْتِي إِلَى ٱلرَّبِّ بِذَبِيحَةٍ لإِثْمِهِ عَنْ خَطِيَّتِهِ ٱلَّتِي أَخْطَأَ بِهَا: أُنْثَى مِنَ ٱلأَغْنَامِ نَعْجَةً أَوْ عَنْزاً مِنَ ٱلْمَعْزِ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، فَيُكَفِّرُ عَنْهُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ خَطِيَّتِهِ».

نَعْجَةً أَوْ عَنْزاً أي أنثى من الغنم أو أنثى من المعز.

ذَبِيحَةٍ لإِثْمِهِ كُررت هذه العبارة كثيراً ومما يستحق الاعتبار هنا أن ذبيحة الإثم كانت عامة لكل أصناف الناس بلا استثناء. فلم تجد هنا من فرق بين الأفراد والجماعة ولا بين الكاهن الأعظم الروحاني ولا الحاكم الدنيوي. ولم يذكر هنا أسلوب تقديم قربان الإثم لكن عُلم في زمن الهيكل الثاني أنه كان كما يأتي. كان الحيوان الذي يقرب عن الخطيئة يُذبح ويُرش دمه على ما ذُكر في (ص 4). ثم يؤخذ منه الشحم والأحشاء ويملحان ويحرقان على المذبح ويقية اللحم يأكله الكهنة في الدار كذبيحة الخطيئة.

7 «وَإِنْ لَمْ تَنَلْ يَدُهُ كِفَايَةً لِشَاةٍ، فَيَأْتِي بِذَبِيحَةٍ لإِثْمِهِ ٱلَّذِي أَخْطَأَ بِهِ يَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ إِلَى ٱلرَّبِّ، أَحَدُهُمَا ذَبِيحَةُ خَطِيَّةٍ وَٱلآخَرُ مُحْرَقَةٌ».

ص 12: 8 و14: 21 ص 1: 14

إِنْ لَمْ تَنَلْ يَدُهُ اي إن لم يستطع لفقره. فكان على الفقير الذي لا يقدر أن يقدم نعجة أو عنزاً أن يقدم يمامتين أو فرخي حمام أحدهما ذبيحة خطية والآخر محرقة فإن اليمام والحمام كانا كثيرين في فلسطين (انظر تفسير ص 1: 14) وقد رأينا في الآيات السابقة أن ذبيحة الإثم كانت كذبيحة الخطية في أن الأجزاء الشحمية أو أحسن أجزاء الذبيحة تحرق على المذبح «طعاماً للرب» وإن الباقي كان نصيب الكهنة. وإذ لم يكن قربان الطائر ذبيحة إثم ويجعله كله ذبيحة محرقة اقتضت الحال أن يكون المقدم طائرين أحدهما للرب ولذلك كان يحرَق على المذبح والآخر للكاهن الذي يقرّبهما.

8 «يَأْتِي بِهِمَا إِلَى ٱلْكَاهِنِ، فَيُقَرِّبُ ٱلَّذِي لِلْخَطِيَّةِ أَوَّلاً. يَحُزُّ رَأْسَهُ مِنْ قَفَاهُ وَلاَ يَفْصِلُهُ».

ص 1: 15

يَحُزُّ رَأْسَهُ بُيّن أسلوب هذا الحزّ في (ص 1: 15) إلا أنه هنالك فُصل الرأس عن البدن وهنا لم يُفصل. وعُرف في زمن الهيكل الثاني أن الكاهن كان يأتي إلى قرن المذبح الجنوبي الغربي ويمسك رجلي الطائر بين إصبعين وجناحيه بين إصبعين ويشد عنقه إلى عرض إصبعيه ويحز رأسه بظفر إبهامه ويسفك دمه في الإناء من عنقه.

9 «وَيَنْضِحُ مِنْ دَمِ ذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ عَلَى حَائِطِ ٱلْمَذْبَحِ. وَٱلْبَاقِي مِنَ ٱلدَّمِ يُعْصَرُ إِلَى أَسْفَلِ ٱلْمَذْبَحِ. إِنَّهُ ذَبِيحَةُ خَطِيَّةٍ».

ص 4: 7 و18 و30 و34

يَنْضِحُ هنا فرق بين رسوم الذبيحة هنا ورسوم ذبيحة الخطية العادية في ما سبق فإن في هذه الذبيحة كان الدم ينضح على جدران المذبح نضحاً بسيطاً وفي تلك كان الكاهن يغمس إصبعه في الدم سبع مرات ويضعه على قرون المذبح (ص 4: 6 و7 و17 و18 و25 و30 و34).

10 «وَأَمَّا ٱلثَّانِي فَيَعْمَلُهُ مُحْرَقَةً كَٱلْعَادَةِ، فَيُكَفِّرُ عَنْهُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ خَطِيَّتِهِ ٱلَّتِي أَخْطَأَ فَيُصْفَحُ عَنْهُ».

ص 1: 14 ص 4: 26

كَٱلْعَادَةِ أي كالأسلوب المذكور في (ص 1: 14 الخ).

11 «وَإِنْ لَمْ تَنَلْ يَدُهُ يَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ فَيَأْتِي بِقُرْبَانِهِ عَمَّا أَخْطَأَ بِهِ عُشْرَ ٱلإِيفَةِ مِنْ دَقِيقٍ، قُرْبَانَ خَطِيَّةٍ. لاَ يَضَعُ عَلَيْهِ زَيْتاً، وَلاَ يَجْعَلُ عَلَيْهِ لُبَاناً لأَنَّهُ قُرْبَانُ خَطِيَّةٍ».

عدد 5: 15

إِنْ لَمْ تَنَلْ يَدُهُ اي إن لم يقدر لشدة فقره على تقديم يمامتين أو فرخي حام فليقدم عُشر الإيفة من دقيق وذلك أقل من نصف غالون شيئاً.

لأَنَّهُ قُرْبَانُ خَطِيَّةٍ لا تقدمة طعامية (انظر ص 2: 1) فلا حاجة فيه إلى الزيت واللبان.

12 «يَأْتِي بِهِ إِلَى ٱلْكَاهِنِ فَيَقْبِضُ ٱلْكَاهِنُ مِنْهُ مِلْءَ قَبْضَتِهِ تِذْكَارَهُ، وَيُوقِدُهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ عَلَى وَقَائِدِ ٱلرَّبِّ. إِنَّهُ قُرْبَانُ خَطِيَّةٍ».

ص 2: 2 ص 4: 34

يَقْبِضُ ٱلْكَاهِنُ بعد أن يأخذ قبضة من الدقيق ويحرقها تذكاراً للرب ويكون الباقي للكاهن (ع 13 انظر ص 2: 12).

13 «فَيُكَفِّرُ عَنْهُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ خَطِيَّتِهِ ٱلَّتِي أَخْطَأَ بِهَا فِي وَاحِدَةٍ مِنْ ذٰلِكَ فَيُصْفَحُ عَنْهُ. وَيَكُونُ لِلْكَاهِنِ كَٱلتَّقْدِمَةِ».

ص 4: 26 ص 2: 3

مِنْ خَطِيَّتِهِ ٱلَّتِي أَخْطَأَ بِهَا من الخطايا الثلاث المذكورة في (ع 1 - 4 انظر ع 5).

وَيَكُونُ لِلْكَاهِنِ كَٱلتَّقْدِمَةِ أي يكون الباقي للكاهن (انظر تفسير ع 12). ولفظة «الباقي» وإن لم تُذكر في الآية مفهومة من أن الذي يحرق على المذبح بعض الدقيق وهو القبضة التي يقبضها الكاهن فيكون ما للكاهن الباقي ضرورة. وكان هذا في أيام المسيح مقصوراً على مقدم الدقيق من العامة ولكنه إذا كان المقدم الدقيق كاهناً كان الذي يحرَق على المذبح عشر الإيفة كله.

14 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى هذه التقدمة تدل على أن الله أمر نبيه موسى بهذا في وقت آخر وإنه تفصيل وتوسيع لشريعة ذبيحة الإثم أو قربانه.

15 «إِذَا خَانَ أَحَدٌ خِيَانَةً وَأَخْطَأَ سَهْواً فِي أَقْدَاسِ ٱلرَّبِّ، يَأْتِي إِلَى ٱلرَّبِّ بِذَبِيحَةٍ لإِثْمِهِ: كَبْشاً صَحِيحاً مِنَ ٱلْغَنَمِ بِتَقْوِيمِكَ مِنْ شَوَاقِلِ فِضَّةٍ عَلَى شَاقِلِ ٱلْقُدْسِ، ذَبِيحَةَ إِثْمٍ».

ص 22: 14 عزرا 10: 19 تكوين 23: 15 وخروج 30: 13 وص 27: 25

إِذَا خَانَ أَحَدٌ الإثم هنا عدم الأمانة لله وللزوجة أو الزوج في العهود المقدسة (ص 26: 40 وعدد 31: 16 وتثنية 32: 51 الخ وعدد 5: 12 و27).

أَخْطَأَ سَهْواً أي لم يعرف حين إتيانه العمل أنه خطيئة أو نسي أنه محرم (انظر ص 4: 2).

فِي أَقْدَاسِ ٱلرَّبِّ أي في ما يتعلق بالواجبات للرب من أمور خدمته في القدس كتأدية العشور والباكورات وفداء الأبكار (خروج 28: 38 وعدد 5: 6 - 8).

كَبْشاً صَحِيحاً كان جزاء المرتكب خطية من تلك الخطايا عمداً أن يُقطع من الشعب (عدد 15: 30) أي يُقتل (عبرانيين 10: 28). لكن إذا كان المرتكب قد ارتكب الخطية سهواً وجب عليه أن يقدم كبشاً. وكان من الواجب في أيام الهيكل الثاني أن يكون الكبش ابن ما يزيد على واحد وثلاثين يوماً من السنة الثانية. وهو أثمن من النعجة. فكان قربان الخطيئة المتعلقة بأقداس الرب ثميناً وإن كانت ترتكب سهواً وهو أثمن جداً من تقدمة خطية السهو المذكورة في (ع 6).

بِتَقْوِيمِكَ مِنْ شَوَاقِلِ فِضَّةٍ أي على ما وضعت من القيمة يا موسى وكان تقويمه أن يساوي الكبش عدة شواقل أو شاقلين على الأقل. ثم إن التقويم وُكل بعد ذلك إلى الكاهن المقدّم القربان (انظر ص 27: 8 و12 وعدد 18: 16). والكلام على شواقل القدس في (خروج 40: 13).

16 «وَيُعَوِّضُ عَمَّا أَخْطَأَ بِهِ مِنَ ٱلْقُدْسِ، وَيَزِيدُ عَلَيْهِ خُمْسَهُ، وَيَدْفَعُهُ إِلَى ٱلْكَاهِنِ، فَيُكَفِّرُ ٱلْكَاهِنُ عَنْهُ بِكَبْشِ ٱلإِثْمِ فَيُصْفَحُ عَنْهُ».

ص 6: 5 و22: 14 و 27: 13 و15 و27 و31 وعدد 5: 7 ص 4: 16

يُعَوِّضُ كان على الخاطئ فوق الكبش التعويض عما تركه من الواجبات عليه للأقداس وزيادة خُمس المتروك كما سترى.

يَزِيدُ عَلَيْهِ خُمْسَهُ كان عليه فوق العوض زيادة خمسه. وكان العوض في أيام المسيح أربعة أخماس الكل أي العوض والزيادة فيزاد الخمس فكان الخاطئ إذا كانت قيمة ما أتلفه من أشياء القدس أربعة شواقل مثلاً يؤدي خمسة شواقل فالخامس زيادة على الأربعة. وليس من تمييز هنا بين الخطأة من عامي وكاهن ورئيس.

17 «وَإِذَا أَخْطَأَ أَحَدٌ وَعَمِلَ وَاحِدَةً مِنْ جَمِيعِ مَنَاهِي ٱلرَّبِّ ٱلَّتِي لاَ يَنْبَغِي عَمَلُهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ، كَانَ مُذْنِباً وَحَمَلَ ذَنْبَهُ».

ص 4: 2 ع 15 وص 4: 2 و13 و22 و27 ومزمور 19: 12 ولوقا 12: 48 ع 1 و2

إِذَا أَخْطَأَ أَحَدٌ أراد الرب أن يزيد الإسرائيليين احتراساً من تدنيس أمور القدس وخدمته فقوى الكلام على ما ذُكر سابقاً من (ع 17 - 19) وهو وجوب أن يؤتي بقربان الخطيئة متى شعر الخاطئ بأنه استعمل ما للرب لنفسه. وكانت هذه التقدمة تسمى في عصر المسيح تقدمة الشك والتقدمة المذكورة في (ع 14 - 16) تقدمة اليقين.

وَلَمْ يَعْلَمْ يقيناً بل شك في أنه أخطأ بعدم تقديم الباكورات مثلاً أو استعمال ما للأقداس لنفع نفسه (قابل بهذا خروج 20: 5 الخ و2صموئيل 20: 1 الخ).

كَانَ مُذْنِباً وَحَمَلَ ذَنْبَهُ فلا يدفع الشك عنه الذنب ولا يعفيه من القربان (انظر ص 5: 1).

18 «فَيَأْتِي بِكَبْشٍ صَحِيحٍ مِنَ ٱلْغَنَمِ بِتَقْوِيمِكَ، ذَبِيحَةَ إِثْمٍ إِلَى ٱلْكَاهِنِ، فَيُكَفِّرُ عَنْهُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ سَهْوِهِ ٱلَّذِي سَهَا وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ، فَيُصْفَحُ عَنْهُ».

ع 15 ع 16

فَيَأْتِي بِكَبْشٍ كما يأتي فيما لو علم أنه اخطأ بعد أن أخطأ سهواً على ما ذُكر سابقاً.

بِتَقْوِيمِكَ أي بتقدير موسى قيمة الكبش مثل أنه يساوي شاقلين على الأقل (انظر ع 15).

وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ حين ارتكب الذنب أو كان يشك في أن ذلك ذنب.

19 «إِنَّهُ ذَبِيحَةُ إِثْمٍ. قَدْ أَثِمَ إِثْماً إِلَى ٱلرَّبِّ».

عزرا 10: 2

إِنَّهُ ذَبِيحَةُ إِثْمٍ هذا تحقيق وتقرير لما قاله وتنبيه له على شهادة ضميره عليه بأنه أثم إلى الرب.

اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ

1 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ هذا افتتاح كلام جديد كما جاء في (ص 5: 14). والآيات من الأولى إلى السابعة جزء من الأصحاح الخامس في العبرانية على ما قال جماعة من أكبر المفسرين وإن الترجمة العربية جرت على سنن اليونانية في جعلها من الأصحاح السادس. وهذا القول خطأ لأن العبرانية الأصلية لا قسمة فيها إلى الأصحاحات ولا إلى الآيات إنما فصلت في الكتابة إلى عدة فصول في السبعينية فكان سفر اللاويين 98 قسماً مع أن في العربية 27 أصحاحاً. ولم تقسم التوراة العبرانية إلى أصحاحات إلا في القرن الرابع عشر للميلاد واتفق على قسمتها اليهود والنصارى ثم قُسمت الأصحاحات إلى آيات.

2 «إِذَا أَخْطَأَ أَحَدٌ وَخَانَ خِيَانَةً بِٱلرَّبِّ وَجَحَدَ صَاحِبَهُ وَدِيعَةً أَوْ أَمَانَةً أَوْ مَسْلُوباً، أَوِ ٱغْتَصَبَ مِنْ صَاحِبِهِ».

عدد 5: 6 ص 19: 11 وأعمال 5: 4 وكولوسي 3: 9 خروج 22: 7 و10 أمثال 24: 28 و26: 19

خَانَ خِيَانَةً بِٱلرَّبِّ فسر هذه الخيانة بالرب بجحد الإنسان صاحبه الوديعة والأمانة واغتصابه شيئاً فجعل المسيء إلى أخيه مسيئاً إلى نفسه تعالى لأنه هو رب شعبه ومنشئه وحاكمه.

وَدِيعَةً أَوْ أَمَانَةً (الوديعة في اللغة المال يترك عند الأمين) وفي الشرع «ترك الأعيان مع من هو أهل للتصرف في الحفظ مع بقائها على ملك المالك». والأمانة لغة ضد الخيانة وشرعاً ما يقرب من الوديعة والفرق بينهما أن الوديعة هي الاستحفاظ قصداً والأمانة هي الشيء الذي وقع في يد الأمين من غير قصد. وفي التعريفات «الوديعة هي أمانة تُركت للحفظ». ولا يزال الأمران جاريين في بلاد الشرق. فإذا لم يجد الإنسان من يعتقد أنه أمين وأراد السفر دفن ماله في الأرض. فكان كثيراً ما يموت المسافر أو يعود وينسى الأرض التي دفن فيها المال فيبقى المال مدفوناً لمن يعثر عليه اتفاقاً ويبقى مخفياً إلى ما شاء الله. وعلى كل يسمى ذخيرة وكنزاً وخبيئة. وسُمي في الكتاب المقدس «ذَخَائِرَ ٱلظُّلْمَةِ وَكُنُوزَ ٱلْمَخَابِئِ» (إشعياء 45: 3). والكنوز (أمثال 2: 4 وأيوب 3: 21). وإذا وجد إنسان أميناً أودعه ماله دفعاً لذلك الخطر. ومن هذا أخذ الرسول قوله «أَنَّهُ قَادِرٌ أَنْ يَحْفَظَ وَدِيعَتِي إِلَى ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ» (2تيموثاوس 1: 12).

مَسْلُوباً هو ما سلبه وأنكره عليه.

أَوِ ٱغْتَصَبَ أي أخذ منه شيئاً من ماله إجباراً وأنكره.

3 «أَوْ وَجَدَ لُقَطَةً وَجَحَدَهَا، وَحَلَفَ كَاذِباً عَلَى شَيْءٍ مِنْ كُلِّ مَا يَفْعَلُهُ ٱلإِنْسَانُ مُخْطِئاً بِهِ».

تثنية 22: 1 و2 و3 خروج 22: 11 وص 19: 12 وإرميا 7: 9 وزكريا 5: 4

لُقَطَةً ( «اللقطة الشيء الذي تجده ملقىً فتأخذه» وفي التعريفات «اللقطة هو مال يوجد على الأرض ولا يعرف له مالك» فتكون خيانة الرب على ما تقدم بإنكار خمسة أمور الوديعة والأمانة والمسلوب والمغتصَب واللقطة).

حَلَفَ كَاذِباً في إنكار كل من الأمور الخمسة التي في تفسير أول هذه الآية.

4 «فَإِذَا أَخْطَأَ وَأَذْنَبَ، يَرُدُّ ٱلْمَسْلُوبَ ٱلَّذِي سَلَبَهُ، أَوِ ٱلْمُغْتَصَبَ ٱلَّذِي ٱغْتَصَبَهُ، أَوِ ٱلْوَدِيعَةَ ٱلَّتِي أُودِعَتْ عِنْدَهُ، أَوِ ٱللُّقَطَةَ ٱلَّتِي وَجَدَهَا».

أَخْطَأَ وَأَذْنَبَ أي خطيء وشعر بجرم خطيئته واعترف به أو أثم واعترف بأنه قد أتم (انظر ص 4: 22) المعنى أنه إذا أقر بذنبه بعد ارتكابه والقسم على أنه لم يرتكبه اختياراً قبل أن يعرف بالبحث والامتحان كان عليه ما يأتي.

يَرُدُّ كلاً من الأمور الخمسة المذكور في (ع 3) واقتصر على أربعة منها هنا اجتزاء عن الأمانة بالوديعة إطلاقاً لها على أمرين توسعاً واعتماداً على القرينة.

5 «أَوْ كُلَّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ كَاذِباً. يُعَوِّضُهُ بِرَأْسِهِ وَيَزِيدُ عَلَيْهِ خُمْسَهُ. إِلَى ٱلَّذِي هُوَ لَهُ يَدْفَعُهُ يَوْمَ ذَبِيحَةِ إِثْمِهِ».

ص 5: 16 وعدد 5: 7 و2صموئيل 12: 6 ولوقا 19: 8

يَزِيدُ عَلَيْهِ خُمْسَهُ أي ما يعدل خُمس قيمته. كان على المذنب أن يرد ما أنكره برأسه إن كان باقياً أو قيمته إن كان قد فقده أو تصرف به. وكان عليه بعد ذلك أن يؤديه ما يعدل قيمة خُمسه تعويضاً له عن خسارة الانتفاع به في المدة التي مضت على فقدانه. والذي في سفر الخروج إن على المذنب مثل هذا الذنب التعويض بأربعة أضعاف أو خمسة أو اثنين وهنا بالمثل وزيادة الخُمس. وعلة الفرق بين الشريعتين إن المذنب في الخروج لم يعترف بذنبه طوعاً بل أُثبت عليه في مجلس القضاء بشهادة الشهود وإن المذنب هنا من اعترف بذنبه اختياراً (انظر خروج 22: 1 - 9 وقابل بهذا عدد 5: 7).

يَوْمَ ذَبِيحَةِ إِثْمِهِ أي متى اعترف بإثمه وجب أن يأتي بذبيحة الإثم والعوض سريعاً.

6، 7 «6 وَيَأْتِي إِلَى ٱلرَّبِّ بِذَبِيحَةٍ لإِثْمِهِ، كَبْشاً صَحِيحاً مِنَ ٱلْغَنَمِ بِتَقْوِيمِكَ، ذَبِيحَةَ إِثْمٍ إِلَى ٱلْكَاهِنِ. 7 فَيُكَفِّرُ عَنْهُ ٱلْكَاهِنُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ، فَيُصْفَحُ عَنْهُ فِي ٱلشَّيْءِ مِنْ كُلِّ مَا فَعَلَهُ مُذْنِباً بِهِ».

ص 5: 15 ص 4: 26

بِتَقْوِيمِكَ أي بالقيمة الشرعية التي أُوجبت من شواقل القدس (انظر ع 15) وهو أن يكون ثمن الكبش يساوي شاقلين على الأقل (انظر تفسير ص 5: 15).

8 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

قَالَ (انظر ص 4: 1 و5: 14 و6: 1) فهذا مقدمة وصية جديدة تتعلق بالمحرقة بالنظر إلى عمل الكاهن.

9 «أَوْصِ هَارُونَ وَبَنِيهِ قَائِلاً: هٰذِهِ شَرِيعَةُ ٱلْمُحْرَقَةِ: هِيَ ٱلْمُحْرَقَةُ تَكُونُ عَلَى ٱلْمَوْقِدَةِ فَوْقَ ٱلْمَذْبَحِ كُلَّ ٱللَّيْلِ حَتَّى ٱلصَّبَاحِ، وَنَارُ ٱلْمَذْبَحِ تَتَّقِدُ عَلَيْهِ».

هٰذِهِ شَرِيعَةُ ٱلْمُحْرَقَةِ التي يجب أن يجري الكاهن على سننها.

هِيَ ٱلْمُحْرَقَةُ تَكُونُ الخ هذا تعليل لقوله «هذه شريعة المحرقة» على ما جاء في بعض الترجمات وتفسير لها على ما في ترجمتنا العربية. وكانت تحرق على المذبح من المساء إلى الصباح (قابل بهذا خروج 29: 38 - 42 وعدد 28: 1 - 8).

تَتَّقِدُ عَلَيْهِ أي تحترق احتراقاً متصلاً بإيقاد النار. وكانوا في أيام المذبح الثاني يبتدأون يحرقون الشحم كذلك من نصف الليل إلى طلوع الفجر.

10 «ثُمَّ يَلْبِسُ ٱلْكَاهِنُ ثَوْبَهُ مِنْ كَتَّانٍ، وَيَلْبِسُ سَرَاوِيلَ مِنْ كَتَّانٍ عَلَى جَسَدِهِ، وَيَرْفَعُ ٱلرَّمَادَ ٱلَّذِي صَيَّرَتِ ٱلنَّارُ ٱلْمُحْرَقَةَ إِيَّاهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ، وَيَضَعُهُ بِجَانِبِ ٱلْمَذْبَحِ».

خروج 28: 39 إلى 43 وص 16: 4 وحزقيال 44: 17 و18 ص 1: 16

يَلْبِسُ ٱلْكَاهِنُ ثَوْبَهُ مِنْ كَتَّانٍ كانت ثياب الكاهن أربعة:

  1. قميص من الكتان ذو كمّين يصل إلى القدمين فيستر كل الجسد.

  2. سراويل من كتان كان في أيام الهيكل الثاني من الحقوين إلى الركبتين.

  3. منطقة من الكتان النقي كان عرضها على ما عُرف من تاريخ اليهود ثلاث أصابع وطولها 32 ذراعاً عبرانياً وكانت منقوشة كحجاب الدار.

  4. القلنسوة أو العمامة وكانت من الكتان النقي أيضاً ممكنة على الرأس بخيوط وقاية لها من السقوط (خروج 28: 8 و40 و29: 5 - 10 ولاويين 8 - 13). والمرجّح أنه أراد هنا أن يلبس الكاهن كل ذلك وإن لم يذكر سوى القميص والسراويل وعدل عن ذكر الباقي إما للاختصار وإما لكون ما ذُكر يستلزمها بمألوف العادة.

يَرْفَعُ ٱلرَّمَادَ أي بقية المحرقة التي صيّرتها النار رماداً.

يَضَعُهُ بِجَانِبِ ٱلْمَذْبَحِ كان الكاهن في أيام الهيكل الثاني يُعيَّن بالقرعة لعزل الرماد ولكنه كان يأخذ كل صباح على الأقل ملء قحف أو رفش من الرماد ويطرحه خارج المحلة ومتى كثر الرماد كانوا يرفعونه كله ويطرحونه هناك.

11 «ثُمَّ يَخْلَعُ ثِيَابَهُ وَيَلْبِسُ ثِيَاباً أُخْرَى، وَيُخْرِجُ ٱلرَّمَادَ إِلَى خَارِجِ ٱلْمَحَلَّةِ إِلَى مَكَانٍ طَاهِرٍ».

حزقيال 44: 19 ص 4: 12

يَخْلَعُ ثِيَابَهُ أي يبدل الكاهن الثياب المقدسة التي خدم وهو فيها عند المذبح لأن غيرها من الثياب وإن كانت أقل قداسة منها لم تكن عامة فإن نزع الرماد لا ينفك من الأعمال الكهنوتية. وكانت الثياب المقدسة تودع في خزانة القدس إلى حين الحاجة أي حين الخدمة على المذبح (حزقيال 44: 19 وعزرا 2: 6 و9 ونحميا 7: 70). وكان المكان الذي يطرح فيه الرماد مسوراً حسناً لئلا تذريه الريح. وكان محظوراً على الكاهن أن يذريه وواجباً عليه أن يجمع بعضه فوق بعض بالرفق والتأني. وما كان لأجنبي أن يجمعه أو ينتفع به.

12 «وَٱلنَّارُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ تَتَّقِدُ عَلَيْهِ. لاَ تُطْفَأُ. وَيُشْعِلُ عَلَيْهَا ٱلْكَاهِنُ حَطَباً كُلَّ صَبَاحٍ، وَيُرَتِّبُ عَلَيْهَا ٱلْمُحْرَقَةَ، وَيُوقِدُ عَلَيْهَا شَحْمَ ذَبَائِحِ ٱلسَّلاَمَةِ».

ص 3: 3 و9 و14

وَٱلنَّارُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ تَتَّقِدُ عَلَيْهِ هذا مثل ما في الآية التاسعة كرر لتنبيه الكاهن الذي كان عليه أن ينقل الرماد. فكان عليه وهو يعزل الرماد عن المذبح أن يحترس من صدم الشحم لئلا يطفئ النار لأن الشحم كان وقودها فتبقى النار موقدة الليل كله.

يُشْعِلُ عَلَيْهَا ٱلْكَاهِنُ حَطَباً كُلَّ صَبَاحٍ فتظل النار موقدة فلا تنطفئ أبداً وكانت نفقة الحطب من الجماعة وكان يُدخر في جهات القدس (ص 1: 7).

13 «نَارٌ دَائِمَةٌ تَتَّقِدُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ. لاَ تُطْفَأُ».

نَارٌ دَائِمَةٌ أصل هذه النار من السماء (ص 9: 24). وكان على الإسرائيليين أن يحفظوها أبداً بوقود تتكفل به الجماعة وبإحراق التقدمات اليومية في أيام الهيكل الثاني. وكانت هذه النار الدائمة في ثلاثة أقسام من الوقود أي ثلاث كداسات من الحطب على مذبح واحد يحرق على كبراها التقدمات اليومية. والثانية وتسمى كُداسة البخور كانت لإحراق البخور صباحاً ومساء. والثالثة كداسة النار الدائمة التي منها توقد الكداستان السابقتان. ولم تُطفأ هذه النار حتى هدم نبوخذ نصر الهيكل. قيل إن بعض الكهنة الأتقياء خبأوا تلك النار في جب حين أُجلي الإسرائيليون إلى بلاد فارس فبقيت إلى أيام نحميا فردها إلى المذبح ففي سفر المكابيين الثاني «حين أُجلي أباؤنا إلى فارس أخذ بعض أتقياء الكهنة من نار المذبح سراً وخبأوها في جوف بئر لا ماء فيها وحافظوا عليها بحيث يبقى الموضع مجهولاً عند الجميع. وبعد انقضاء سنين كثيرة حين شاء الله أرسل ملك فارس نحميا إلى هنا فبعث أعقاب الكهنة الذين خبأوا النار لالتماسها إلا أنهم كما حدثونا لم يجدوا ناراً بل ماء خائراً فأمورهم أن يغرقوا ويأتوا به. ولما أُحضرت الذبائح أمر نحميا الكهنة أن ينضحوا بهذا الماء الخشب والموضوع عليه فصنعوا كذلك ولما برزت الشمس وقد كانت محجوبة بالغيم اتقدت نار عظيمة حتى تعجب الجميع» (2مكابيين 1: 19 - 22). ولم تكن النار الدائمة في الهيكل يوم كان يسوع على الأرض.

14 «وَهٰذِهِ شَرِيعَةُ ٱلتَّقْدِمَةِ: يُقَدِّمُهَا بَنُو هَارُونَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلَى قُدَّامِ ٱلْمَذْبَحِ».

ص 2: 1 وعدد 15: 4

وَهٰذِهِ شَرِيعَةُ ٱلتَّقْدِمَةِ تقدّم الكلام على هذه التقدمة بالنظر إلى أجزائها والجزء الذي هو نصيب الذي يقدمها (ص 2: 1 - 3) وأبان هنا من (ع 14 - 18) ما يتعلق بأكل الكهنة ما عُيّن لهم من تلك الأجزاء وكيف يجب أن يتصرف بالباقي.

يُقَدِّمُهَا بَنُو هَارُونَ أي بنوهم وبنو بنيهم من الكهنة لأنهم هم دون غيرهم الذين يقومون بتقديم التقدمات.

قُدَّامِ ٱلْمَذْبَحِ أي جهة الجنوب الشرقي من المذبح (انظر ص 2: 8).

15 «وَيَأْخُذُ مِنْهَا بِقَبْضَتِهِ بَعْضَ دَقِيقِ ٱلتَّقْدِمَةِ وَزَيْتِهَا وَكُلَّ ٱللُّبَانِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلتَّقْدِمَةِ، وَيُوقِدُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ رَائِحَةَ سُرُورٍ تِذْكَارَهَا لِلرَّبِّ».

ص 2: 2 و9

يَأْخُذُ أي أحد أبناء هارون الذي يخدم على المذبح (انظر ص 2: 29.

16 «وَٱلْبَاقِي مِنْهَا يَأْكُلُهُ هَارُونُ وَبَنُوهُ. فَطِيراً يُؤْكَلُ فِي مَكَانٍ مُقَدَّسٍ. فِي دَارِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ يَأْكُلُونَه».

ص 2: 3 وحزقيال 44: 29 ع 26 وص 10: 12 و13 وعدد 18: 10

فَطِيراً يُؤْكَلُ أي يُعمل الباقي خبزاً بلا خميرة ولا اختمار ويؤكل (ص 10: 12).

17 «لاَ يُخْبَزُ خَمِيراً. قَدْ جَعَلْتُهُ نَصِيبَهُمْ مِنْ وَقَائِدِي. إِنَّهَا قُدْسُ أَقْدَاسٍ كَذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ وَذَبِيحَةِ ٱلإِثْمِ».

ص 2: 11 عدد 18: 9 و10 خروج 29: 37 وع 25 وص 2: 3 و7: 1

نَصِيبَهُمْ لأنه عيّن إن الذين يخدمون المذبح من المذبح يعيشون ولهذا لم يكن للكهنة نصيب من الأرض.

18 «كُلُّ ذَكَرٍ مِنْ بَنِي هَارُونَ يَأْكُلُ مِنْهَا. فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً فِي أَجْيَالِكُمْ مِنْ وَقَائِدِ ٱلرَّبِّ. كُلُّ مَنْ مَسَّهَا يَتَقَدَّس».

ع 29 وعدد 18: 10 ص 3: 17 خروج 29: 37 وص 22: 3 إلى 7

كُلُّ ذَكَرٍ مِنْ بَنِي هَارُونَ كانت تقدمة الخطية وتقدمة الإثم وبقية تقدمة السلامة من أقدس الأمور فلا يأكلها إلا الذكور من عيال الكهنة ولا يأكلونها إلا في دار القدس ولكن تقدمات الأعشار والثمر وأكتاف ذبائح السلامة وصدورها كان يأكلها مع الذكور غيرهم من عيال الكهنة لأنها كانت أقل قداسة من الأطعمة السابقة. وكان الكاهن الذي يأكل شيئاً من الأطعمة القُدسى خارج دار الهيكل يُجلد أربعين جلدة إلا جلدة وكذا إذا أكل شيئاً من الأطعمة المقدسة التي هي أقل قداسة مما قبلها خارج أسوار أورشليم.

كُلُّ مَنْ مَسَّهَا يَتَقَدَّسُ كان المفهوم من هذا عند اليهود في أيام الهيكل الثاني أنه يجب على كل من يمس التقدمات القُدسى التي هي أقدس من سائر التقدمات أن يكون فوق أنه من الكهنة مطهراً بالاغتسال بالماء (ص 22: 6 و7). وظاهر الكلام يدل على أن المعنى كل من مسّ تلك تقدس أي صار مقدساً بلمسها ولو كان من عامة الشعب (انظر خروج 29: 37 و30: 29 وحزقيال 44: 19 و46: 20 وحجي 2: 12).

19 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

قَالَ هذا مقدمة شريعة جديدة كما سبق في عدة مواضع (انظر ع 8 والتفسير) وهي شريعة تقدمة الكاهن يوم المسحة (ع 19 - 23).

20 «هٰذَا قُرْبَانُ هَارُونَ وَبَنِيهِ ٱلَّذِي يُقَرِّبُونَهُ لِلرَّبِّ يَوْمَ مَسْحَتِهِ: عُشْرُ ٱلإِيفَةِ مِنْ دَقِيقٍ تَقْدِمَةً دَائِمَةً نِصْفُهَا صَبَاحاً وَنِصْفُهَا مَسَاءً».

خروج 29: 1 الخ خروج 16: 36

هٰذَا قُرْبَانُ هَارُونَ وَبَنِيهِ أي وبني كل كاهن يعرَف بالكاهن الأعظم من خلفائه. وكان هذا القربان يعرف في مدة الهيكل الثاني بتقدمة هارون وبنيه وبالجملة نقول إن هذا القربان قربان الحبر الأعظم وسائر الكهنة لكن الكاهن غير الأعظم كان يقدمه مرة واحدة في يوم مسحته وأما الحبر الأعلى فكان عليه أن يقدمه يوم بعد القربان العادي والتقدمة الطعامية وقبل التقدمة الشرابية على ما فُهم من التاريخ الكنسي وتاريخ يوسيفوس في العاديات. وإلى هذا أشار الرسول بقوله «يَلِيقُ بِنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ مِثْلُ هٰذَا... لَيْسَ لَهُ ٱضْطِرَارٌ كُلَّ يَوْمٍ مِثْلُ رُؤَسَاءِ ٱلْكَهَنَةِ أَنْ يُقَدِّمَ ذَبَائِحَ أَوَّلاً عَنْ خَطَايَا نَفْسِهِ الخ» (عبرانيين 7: 26 و27).

يَوْمَ مَسْحَتِهِ أي حين يُمسح (قابل بهذا تكوين 2: 4) أو متى رسم مسحته وأخذ في عمله الكهنوتي وكان ذلك يتم في اليوم الثامن (انظر ص 8: 25 و9: 1).

تَقْدِمَةً دَائِمَةً كانت هذه التقدمة على الحبر الأعظم كل يوم مدة حياته كاهناً وكانت عشر الإيفة أي عمراً يقدم نصفها صباحاً والنصف الآخر مساء.

21 «عَلَى صَاجٍ تُعْمَلُ بِزَيْتٍ، مَرْبُوكَةً تَأْتِي بِهَا. ثَرَائِدَ تَقْدِمَةٍ فُتَاتاً تُقَرِّبُهَا رَائِحَةَ سُرُورٍ لِلرَّبِّ».

صَاجٍ قطعة رقيقة من الحديد مقعرة أحد الوجهين محدبة الأخر يوضع المقعر على النار ويخبز على المحدب بعد إحمائها واللفظة على ما يرجّح عامية فصيحها طاجن وقد ذُكر الكلام عليه في تفسير (ص 2: 5) بالتفصيل فارجع إليه. والظاهر أنها كانت مسطحة الظاهر لما سيأتي.

ًبِزَيْتٍ مَرْبُوكَة أي مخلوطة بالزيت مشبعة به.

ثَرَائِدَ أي قطعاً من الخبز. فإنها كانت قطعاً مشبعة من الزيت. فكانوا يضعون الدقيق في الزيت ويربكونه به جيداً ثم يقطعونه ويخبزن القطع فيكون ظاهرها كقطع ذبيحة المحرقة قبل أن تحرق (انظر ص 1: 8). وكانوا يفعلون مدة الهيكل الثاني ما يأتي. يأتي الكاهن الأعلى كل صباح بعُشر الإيفة من الدقيق وبعد تقديسه يقسمه قسمين متساويين بمكيال محفوظ في القدس. ثم يأتي بثلاثة مكاييل من الزيت ويُعرف الواحد من هذه المكاييل عند العبرانيين باللج (ص 14: 10 - 13) وكان يسع نحو 130 درهماً من الزيت ويعجنه ويجعل كل نصف منه ستة أقراص ويخبزها قليلاً ويقليها في الطاجن بزيت محترساً من أن تيبس من شدة الحرارة فتبقى رخوة قليلاً. ثم يقسم الكاهن الأقراص الستة اثني عشر قمساً على وفق عدد الأسباط وعدد أرغفة خبز الوجوه ويقرب ستة منها صباحاً وستة مساء.

22 «وَٱلْكَاهِنُ ٱلْمَمْسُوحُ عِوَضاً عَنْهُ مِنْ بَنِيهِ يَعْمَلُهَا فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً لِلرَّبِّ، تُوقَدُ بِكَمَالِهَا».

ص 4: 3 خروج 29: 25

معنى هذه الآية أن تقدمة المسحة تكون دائمة وفريضة على كل رئيس كهنة من خلفائه إلى نهاية الكهنوت اللاوي وإنه يجب إيقادها كلها لا تبقى منها بقية خلافاً لتقدمة الدقيق التي يأخذ الكاهن قبضة منها (ص 2: 2 و3) لأن الكاهن لم يكن له أن يأكل شيئاً من هذه التقدمة لأنها تقدم لله عن نفسه.

23 «وَكُلُّ تَقْدِمَةِ كَاهِنٍ تُحْرَقُ بِكَمَالِهَا. لاَ تُؤْكَلُ».

كُلُّ تَقْدِمَةِ كَاهِنٍ أي إن الشريعة جارية على كل ما يقدمه الكاهن عن نفسه.

24 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

قَالَ هذا مقدمة شريعة جديدة وقد مرّ أمثاله (انظر ع 1 و8 و19).

25 «كَلِّمْ هَارُونَ وَبَنِيهِ قَائِلاً: هٰذِهِ شَرِيعَةُ ذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ. فِي ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي تُذْبَحُ فِيهِ ٱلْمُحْرَقَةُ تُذْبَحُ ذَبِيحَةُ ٱلْخَطِيَّةِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ. إِنَّهَا قُدْسُ أَقْدَاسٍ».

ص 4: 2 ص 1: 3 و5 و11 و4: 24 و29 و33 ع 17 وص 21: 22

ٱلْمَكَانِ أي جانب المذبح الشمالي (ص 1: 11).

قُدْسُ أَقْدَاسٍ أي إن تقدمة الخطية من أقدس التقدمات (ص 2: 3).

26 «ٱلْكَاهِنُ ٱلَّذِي يَعْمَلُهَا لِلْخَطِيَّةِ يَأْكُلُهَا. فِي مَكَانٍ مُقَدَّسٍ تُؤْكَلُ فِي دَارِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ».

ص 10: 17 و18 وعدد 18: 9 و10 وحزقيال 44: 28 و29 ع 16

يَعْمَلُهَا أي يصنع الكفارة بدمها.

يَأْكُلُهَا جعل الله تقدمة الخطية طعاماً للكهنة لأنهم يحملون إثم الجماعة ويقومون بفدائها (ص 10: 17) ولأنهم ليس لهم ملك ولا مصدر لأسباب المعاش إلا من خدمة الرب على مذبحه (حزقيال 44: 18) وكان الكاهن الذي يقدمها أن يدعو أهل بيته وغيره من الكهنة وأولادهم للأكل معه وأساء الكهنة الشرهون استعمال هذه الهبة (هوشع 4: 8).

فِي مَكَانٍ مُقَدَّسٍ تُؤْكَلُ أي تؤكل في دار القدس وكان يؤكل في هذه الدار ثمانية قرابين.

  1. لحم تقدمة الخطيئة (ص 4: 26).

  2. لحم ذبيحة الإثم (ص 7: 6).

  3. لحم ذبيحة السلامة المقدمة عن الجماعة (ص 23: 19 و20).

  4. بقية العمر (ص 23: 10 و11).

  5. تقدمة الإسرائيليين (ص 2: 3 - 10).

  6. الرغيفان (ص 23: 20).

  7. خبز الوجوه (ص 24: 9).

  8. لجّ الزيت الذي يقدّم عن الأبرص (ص 14: 10 - 13).

27 «كُلُّ مَنْ مَسَّ لَحْمَهَا يَتَقَدَّسُ. وَإِذَا ٱنْتَثَرَ مِنْ دَمِهَا عَلَى ثَوْبٍ تَغْسِلُ مَا ٱنْتَثَرَ عَلَيْهِ فِي مَكَانٍ مُقَدَّسٍ».

خروج 29: 37 و30: 29

كُلُّ مَنْ مَسَّ لَحْمَهَا يَتَقَدَّسُ (انظر تفسير ع 18).

إِذَا ٱنْتَثَرَ مِنْ دَمِهَا الخ لأن ذبيحة الخطيئة من أقدس الذبائح فوجب أن يُغسل ما انتثر من دمها على ثوب الكاهن أو المقدم لها عن نفسه في مخدع في دار القدس معد لذلك وفيه بئر يُنشل منها الماء للقدس. وكان الذي يغسل ذلك الدم هارون وخلافاؤه وما كان يجوز أن يغسله أحد من العامة.

28 «وَأَمَّا إِنَاءُ ٱلْخَزَفِ ٱلَّذِي تُطْبَخُ فِيهِ فَيُكْسَرُ. وَإِنْ طُبِخَتْ فِي إِنَاءِ نُحَاسٍ يُجْلَى وَيُشْطَفُ بِمَاءٍ».

ع 18 وعدد 18: 10 ع 25

إِنَاءُ ٱلْخَزَفِ لم يكن الخزف الذي كان العبرانيون يستعملونه مموهاً ولم يزل الخزف كذلك في بعض الأماكن في الشرق إلى هذا اليوم وأُمر بكسره لما يشربه الدهن لكثرة مسامه وسعتها (انظر ص 11: 33 و35) وكانوا يدفنون كسر ذلك الإناء في الأرض مدة الهيكل الثاني.

إِنَاءِ نُحَاسٍ يُجْلَى الخ لأن النحاس لصلابته لا يشرب الدهن ويُزال ما يلصق به بسهولة وكانوا في أيام الهيكل الثاني يغسلونه بالماء الحار ثم بالماء البارد.

29 «كُلُّ ذَكَرٍ مِنَ ٱلْكَهَنَةِ يَأْكُلُ مِنْهَا. إِنَّهَا قُدْسُ أَقْدَاسٍ».

ع 18 وعدد 18: 10 ع 25

كُلُّ ذَكَرٍ مِنَ ٱلْكَهَنَةِ لا الكاهن الذي يقدمها وحده فكان لأولاده الذكور أن يشاركوه فيها وكان له أن يدعو إلى ذلك غيره من الكهنة وأبنائهم وإلى هذا أشار الرسول بقوله «لَنَا «مَذْبَحٌ» لاَ سُلْطَانَ لِلَّذِينَ يَخْدِمُونَ ٱلْمَسْكَنَ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهُ» (عبرانيين 13: 10).

30 «وَكُلُّ ذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ يُدْخَلُ مِنْ دَمِهَا إِلَى خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ لِلتَّكْفِيرِ فِي ٱلْقُدْسِ لاَ تُؤْكَلُ. تُحْرَقُ بِنَارٍ».

ص 4: 7 و11 و12 و18 و21 و10: 18 و26: 27 وعبرانيين 13: 11

كُلُّ ذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ كانت القاعدة في الآية السابقة مقصورة على ذبيحة الخطية التي تقدم عن العاميّ (ص 4: 22) الخ وأما ذبيحة الخطية التي يقدمها الكاهن عن نفسه فما كان يجوز أن يأكل شيئاً منها لأن لحم الأولى كان له ولحم الثانية كله كان لله. ومثلها «كُلُّ ذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ يُدْخَلُ مِنْ دَمِهَا إِلَى خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ» (انظر في كل ذلك ص 4: 3 و12 و13 - 21 و16: 27).

اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ

1 «وَهٰذِهِ شَرِيعَةُ ذَبِيحَةِ ٱلإِثْمِ: إِنَّهَا قُدْسُ أَقْدَاسٍ».

ص 5 و2 7: 1 إلى 7 ص 6: 17 و25 و21: 22

هٰذِهِ شَرِيعَةُ هذه الشريعة تشتمل على بيان العمل في ذبيحة الإثم وهو العمل الواجب على الكاهن بأحسن تفصيل فالكلام فيها بمنزلة ملحق لما مرّ في (ص 5: 1 - 13) كما كان (ص 6: 24 - 30) بمنزلة ملحق لبيان رسوم ذبيحة الخطية.

2 «فِي ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يَذْبَحُونَ فِيهِ ٱلْمُحْرَقَةَ يَذْبَحُونَ ذَبِيحَةَ ٱلإِثْمِ. وَيَرُشُّ دَمَهَا عَلَى ٱلْمَذْبَحِ مُسْتَدِيراً».

ص 1: 3 و5 و11 و4: 24 و29 و33

ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يَذْبَحُونَ فِيهِ أي جانب المذبح الشمالي (ص 1: 11).

يَذْبَحُونَ ذَبِيحَةَ ٱلإِثْمِ أي الناس الذين يأتون بتلك الذبائح هم الذين يذبحونها (انظر ص 1: 5).

يَرُشُّ دَمَهَا الخ (انظر ص 1: 5). هذا مخالف لما كان يصنع في ذبيحة الخطية فإن الدم في ذبيحة الخطية كان يرش على قرون المذبح (انظر ص 4: 25 و30 و34). وفي ذبيحة الإثم كان يرش على جدران المذبح أو حوله (انظر ص 5: 9). والذي عُرف في عصر الهيكل الثاني إن المذبح كان منطقاً بخيط قرمزي اللون على منتصفه فكان دم ذبيحة الإثم ودم ذبيحة السلامة يرش حول المذبح تحت ذلك الخيط. (وبقي هنا أن يُقال ما الفرق بين ذبيحة الخطية وذبيحة الإثم في المعنى فنقول إن الخطية هنا هي التعدي سهواً أو جهلاً والإثم هو التعدي عمداً أو عن علمٍ).

3، 4 «3 وَيُقَرِّبُ مِنْهَا كُلَّ شَحْمِهَا: ٱلأَلْيَةَ، وَٱلشَّحْمَ ٱلَّذِي يُغَشِّي ٱلأَحْشَاءَ، 4 وَٱلْكُلْيَتَيْنِ وَٱلشَّحْمَ ٱلَّذِي عَلَيْهِمَا ٱلَّذِي عَلَى ٱلْخَاصِرَتَيْنِ، وَزِيَادَةَ ٱلْكَبِدِ مَعَ ٱلْكُلْيَتَيْنِ يَنْزِعُهَا».

خروج 29: 13 وص 3: 4 و9 و10 و14 و15 و16 و4: 8 و9

وَيُقَرِّبُ قد فُصّل عمل التقريب في (ص 3: 4 و8 و9 الخ).

5، 6 «5 وَيُوقِدُهُنَّ ٱلْكَاهِنُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ وَقُوداً لِلرَّبِّ. إِنَّهَا ذَبِيحَةُ إِثْمٍ. 6 كُلُّ ذَكَرٍ مِنَ ٱلْكَهَنَةِ يَأْكُلُ مِنْهَا. فِي مَكَانٍ مُقَدَّسٍ تُؤْكَلُ. إِنَّهَا قُدْسُ أَقْدَاسٍ».

ص 6: 16 إلى 18 وعدد 18: 9 و10 ص 2: 3

يُوقِدُهُنَّ ٱلْكَاهِنُ يحرق الأجزاء الشحمية كما مر في ذبيحة الخطية وذبيحة السلامة (ص 4: 26 و31).

7 «ذَبِيحَةُ ٱلإِثْمِ كَذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ، لَهُمَا شَرِيعَةٌ وَاحِدَةٌ. ٱلْكَاهِنُ ٱلَّذِي يُكَفِّرُ بِهَا تَكُونُ لَهُ».

شَرِيعَةٌ وَاحِدَةٌ أي الشريعة التي فُرضت في ذبيحة الخطية هي عينها مفروضة في ذبيحة الإثم (ص 6: 27 و28).

8 «وَٱلْكَاهِنُ ٱلَّذِي يُقَرِّبُ مُحْرَقَةَ إِنْسَانٍ فَجِلْدُ ٱلْمُحْرَقَةِ ٱلَّتِي يُقَرِّبُهَا يَكُونُ لَهُ».

كان الجلد نصيب الكاهن لأنه لم يُحرق. وكان في مدة الهيكل الثاني إن الكاهن يأخذ جلود كل ما يقربه من الذبائح القدسى كذبيحة الإثم وذبيحة الخطية وأما جلود ذبائح السلامة فكانت لأصحاب الذبائح. وكان الكهنة يقتسمون الجلود المجموعة في الهيكل مساء كل سبت.

9، 10 «9 وَكُلُّ تَقْدِمَةٍ خُبِزَتْ فِي ٱلتَّنُّورِ، وَكُلُّ مَا عُمِلَ فِي طَاجِنٍ أَوْ عَلَى صَاجٍ يَكُونُ لِلْكَاهِنِ ٱلَّذِي يُقَرِّبُهُ. 10 وَكُلُّ تَقْدِمَةٍ مَلْتُوتَةً بِزَيْتٍ أَوْ نَاشِفَةً تَكُونُ لِجَمِيعِ بَنِي هَارُونَ، كُلِّ إِنْسَانٍ كَأَخِيهِ».

ص 2: 3 و10 وعدد 18: 9 وحزقيال 44: 29 ص 2: 1 إلى 3 ص 5: 11 وعدد 5: 15

كُلُّ تَقْدِمَةٍ (انظر ص 2: 4 - 7) كانت كل هذه القرابين للكاهن سوى ما يقرب منها للرب على المذبح مما يلت بالزيت من الدقيق (ص 2: 4 - 10). وتقدمة الخطيئة التي يقدمها الفقير مما لا زيت فيها (ص 5: 11) وذبيحة الغيرة (عدد 5: 15).

بَنِي هَارُونَ كان الباقي يقسم على كل الكهنة سواء أكان بزيت أم كان بدون زيت.

كُلِّ إِنْسَانٍ كَأَخِيهِ أي الأنصبة متساوية.

11 «وَهٰذِهِ شَرِيعَةُ ذَبِيحَةِ ٱلسَّلاَمَةِ. ٱلَّذِي يُقَرِّبُهَا لِلرَّبِّ».

ص 3: 1 و22: 18 و21

شَرِيعَةُ ذَبِيحَةِ ٱلسَّلاَمَةِ أي قانون الخدمة المتعلق بذبيحة السلامة. ما في هذه الآية وما بعدها إلى نهاية الحادية والعشرين كما في الآيات التي في تقدمة الخطية (انظر ص 5: 1 - 13 و7: 1 - 10). وفي الكلام على ذبيحة السلام هنا من البسط والإيضاح ما ليس في ما سبق في شأنها (ص 3: 1 - 15).

ٱلَّذِي يُقَرِّبُهَا أي الذي يشعر بأنه يجب عليه أن يقدمها للرب. وكان في ذبيحة السلامة ثلاثة أمور ذات شأن:

  1. الاعتراف ما نيل من مراحم الله.

  2. كونها بمنزلة ذبيحة نذور.

  3. كونها بمنزلة ذبيحة اختيارية.

12 «إِنْ قَرَّبَهَا لأَجْلِ ٱلشُّكْرِ، يُقَرِّبُ عَلَى ذَبِيحَةِ ٱلشُّكْرِ أَقْرَاصَ فَطِيرٍ مَلْتُوتَةً بِزَيْتٍ، وَرِقَاقَ فَطِيرٍ مَدْهُونَةً بِزَيْتٍ، وَدَقِيقاً مَرْبُوكاً أَقْرَاصاً مَلْتُوتَةً بِزَيْتٍ».

ص 2: 4 وعدد 6: 15

إِنْ قَرَّبَهَا لأَجْلِ ٱلشُّكْرِ أي للاعتراف بما حصل عليه من المراحم الإلهية الخاصة كالسلامة من أخطار المرض إلى غير ذلك مما ذُكر في (مزمور 67). وإلى هذه الذبيحة أشار الرسول بقوله «فَلْنُقَدِّمْ بِهِ فِي كُلِّ حِينٍ لِلّٰهِ ذَبِيحَةَ ٱلتَّسْبِيحِ» (عبرانيين 13: 15).

يُقَرِّبُ عَلَى ذَبِيحَةِ هذه الذبيحة التي يقربها ثور أو بقرة أو شاة أو حمل أو عنزة (ص 3: 1 و6 و12).

أَقْرَاصَ فَطِيرٍ مَلْتُوتَةً بِزَيْتٍ لم يذكر عدد الأقراص ولا مقدار الزيت فترك ذلك لخدم الشريعة والقوّاد الروحيين. والذي عُرف في مدة الهيكل الثاني إن المقدم كان يأتي بعشرين عشراً من الدقيق يخمر عشرة منها ويترك العشرة الأخرى فطيراً ويصنع منها ثلاثين قرصاً ويصنع من العشرة المختمرة عشرة أقراس ويصنع الثلاثين غير المختمرة يلجّ من الزيت عشرة منها بثُمن الزيت وتُخبز على الطاجن وعشرة بثُمن آخر وتُصنع رقيقة وعشرة بربع الزيت وتُقلى سريعاً ويأخذ الكاهن من الأربعين أربعة أقراص أي العُشر من كل من الأقسام الأربعة قرصاً.

13 «مَعَ أَقْرَاصِ خُبْزٍ خَمِيرٍ يُقَرِّبُ قُرْبَانَهُ عَلَى ذَبِيحَةِ شُكْرِ سَلاَمَتِه».

عاموس 4: 5

مَعَ أَقْرَاصِ فوق الأقراص الفطير الثلاثين التي تُصنع من نصف الدقيق المقدم كما ذُكر في تفسير الآية السابقة. وهذه الأقراص الخمير عشرة تُصنع من نصف الدقيق الآخر وهذه تُخبز قبلما يُذبح حيوان التقدمة. وما كان الخبز الخمير يُقدم جزءاً من التقدمة إلا في هذه وتقدمة أخرى وهي تقدمة عيد الخمسين (انظر ص 13: 17). لكن لم يحرق جزء منها على المذبح رائحة تذكار لأنه كان محظوراً عليهم أن يضعوا الخمير على المذبح (انظر ص 2: 11 و12).

14 «وَيُقَرِّبُ مِنْهُ وَاحِداً مِنْ كُلِّ قُرْبَانٍ رَفِيعَةً لِلرَّبِّ، يَكُونُ لِلْكَاهِنِ ٱلَّذِي يَرُشُّ دَمَ ذَبِيحَةِ ٱلسَّلاَمَةِ».

عدد 18: 8 و11 و19

يُقَرِّبُ مِنْهُ وَاحِداً مِنْ كُلِّ قُرْبَانٍ أي كان على الكاهن المتولي التقدمة أن يردّد أمام الرب قرصاً من كل من أنواع الأقراص الأربعة رفيعة وتكون هذه الأقراص الأربعة نصيبه وبقية الأقراص وهي ستة وثلاثون تكون لصاحب الذبيحة (خروج 29: 24 و28).

15 «وَلَحْمُ ذَبِيحَةِ شُكْرِ سَلاَمَتِهِ يُؤْكَلُ يَوْمَ قُرْبَانِهِ. لاَ يُبْقِي مِنْهُ شَيْئاً إِلَى ٱلصَّبَاحِ».

ص 22: 30

وَلَحْمُ ذَبِيحَةِ أي بعد أن يأخذ الكاهن الصدر والكتف يأكل بقية الذبيحة وبقية الأقراص مقدم الذبيحة وأهل بيته والضيوف الفقراء قبل الصبح (انظر تثنية 12: 11 - 18). وعُيّن هذا الوقت في الهيكل الثاني أن يكون نصف الليل واختير هذا الوقت ليشجع الفقير على قبول الإحسان ويبين للمشتركين في أكل ذلك أنه وليمة ذبيحة مقدسة ويمنعهم من أن يتخذوها وليمة قصوف وابتهاج دنيوي.

16 «وَإِنْ كَانَتْ ذَبِيحَةُ قُرْبَانِهِ نَذْراً أَوْ نَافِلَةً، فَفِي يَوْمِ تَقْرِيبِهِ ذَبِيحَتَهُ تُؤْكَلُ. وَفِي ٱلْغَدِ يُؤْكَلُ مَا فَضَلَ مِنْهَا».

ص 19: 6 و7 و8

نَذْراً أَوْ نَافِلَةً كانت تقدمة النذر وتقدمة النافلة التي هي الصنف الثاني من التقدمات اختياريتين وكان التمييز بينهما في الشريعة يوم كان المسيح على الأرض بالجسد ما يأتي.

إن النذر (وفي العبرانية «נדר») كان التزاماً اختيارياً يتعهد به الناذر بقوله (هأنذا عهدت على نفسي أن أقدم ثوراً...) ذبيحة سلامة فإذا مات الثور أو سُرق أو عراه ما يمنع من أن يصلح للتقدمة وجب على الناذر أن يقرب غيره. وتقدمة النافلة (وفي العبرانية «נדבה» ندبه) هي أن يتكفل اختياراً بتقديم حيوان من البهائم الطاهرة ذبيحة سلامة ويبين تكفله بقوله «هأنذا وقفت هذا الحيوان لأن يكون تقدمة سلامة» فإن مات ذلك الحيوان أوس ُرق أو عراه ما يجعله غير لائق بأن يقرب بطل التكفل وما وجب عليه أن يقدم غيره بدلاً منه.

فَفِي يَوْمِ تَقْرِيبِهِ ذَبِيحَتَهُ تُؤْكَلُ الخ هاتان الذبيحتان الاختياريتان كانتا دون ما قبلهما في القداسة فكان يجوز أن تؤكلا في يوم التقدمة أو في غيره.

17 «وَأَمَّا ٱلْفَاضِلُ مِنْ لَحْمِ ٱلذَّبِيحَةِ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ فَيُحْرَقُ بِٱلنَّارِ».

وَأَمَّا ٱلْفَاضِلُ مِنْ لَحْمِ ٱلذَّبِيحَةِ اي إذا كانت الذبيحة كبيرة ولم يُتح لمقدمهما أن يأتي بمن يستطيع أكلها كلها معه ومع أهل بيته فبقي منها شيء إلى اليوم الثالث لم يجز أن يؤكل شيء منه ووجب أن يُحرَق في ذلك اليوم.

18 «وَإِنْ أُكِلَ مِنْ لَحْمِ ذَبِيحَةِ سَلاَمَتِهِ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ لاَ تُقْبَلُ. ٱلَّذِي يُقَرِّبُهَا لاَ تُحْسَبُ لَهُ. تَكُونُ نَجَاسَةً. وَٱلنَّفْسُ ٱلَّتِي تَأْكُلُ مِنْهَا تَحْمِلُ ذَنْبَهَا».

عدد 18: 27 ص 11: 10 و11 و41 و19: 7

وَإِنْ أُكِلَ مِنْ لَحْمِ ذَبِيحَةِ سَلاَمَتِهِ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ لاَ تُقْبَلُ أي إذا غفل المقدم عن بقية تلك الذبيحة فأكل أحد منها رُفضت الذبيحة ووجب عليه أن يقدم غيرها.

تَكُونُ نَجَاسَةً لأنها تكون قد أنتنت لأن اللحم في الشرق يغلب أن يفسد في اليوم الثالث من ذبح بهيمته.

وَٱلنَّفْسُ ٱلَّتِي تَأْكُلُ مِنْهَا تَحْمِلُ ذَنْبَهَا فتجب عليها الكفارة.

19 «وَٱللَّحْمُ ٱلَّذِي مَسَّ شَيْئاً مَا نَجِساً لاَ يُؤْكَلُ. يُحْرَقُ بِٱلنَّارِ. وَٱللَّحْمُ يَأْكُلُ كُلُّ طَاهِرٍ مِنْهُ».

وَٱللَّحْمُ ٱلَّذِي مَسَّ شَيْئاً مَا نَجِساً لاَ يُؤْكَلُ فكانت الذبيحة تحسب نجسة وإن لم يبق منها بقية إلى اليوم الثالث إذا مست نجساً بأن حملها رجل غير طاهر أو امرأة غير طاهرة من المذبح إلى حيث تؤكل وحينئذ يجب أن تُحرَق.

ٱللَّحْمُ يَأْكُلُ كُلُّ طَاهِرٍ مِنْهُ أي يجب على كل من يأكل من ذلك اللحم أن يكون طاهراً.

20، 21 «20 وَأَمَّا ٱلنَّفْسُ ٱلَّتِي تَأْكُلُ لَحْماً مِنْ ذَبِيحَةِ ٱلسَّلاَمَةِ ٱلَّتِي لِلرَّبِّ وَنَجَاسَتُهَا عَلَيْهَا فَتُقْطَعُ تِلْكَ ٱلنَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا. 21 وَٱلنَّفْسُ ٱلَّتِي تَمَسُّ شَيْئاً مَا نَجِساً نَجَاسَةَ إِنْسَانٍ أَوْ بَهِيمَةً نَجِسَةً أَوْ مَكْرُوهاً مَا نَجِساً، ثُمَّ تَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ ذَبِيحَةِ ٱلسَّلاَمَةِ ٱلَّتِي لِلرَّبِّ، تُقْطَعُ تِلْكَ ٱلنَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا».

ص 15: 3 تكوين 17: 14 ص 12 و13 و15 ص 11: 24 و28 حزقيال 4: 14 ع 2

وَأَمَّا ٱلنَّفْسُ ٱلَّتِي تَأْكُلُ أي كل من كان له شركة في ذبيحة الله ذبيحة السلامة وكان نجساً شرعاً بأن مس شيئاً نجساً من الناس أو غيرهم (انظر ص 11: 8 - 44 و15: 1 - 33) وجب عليه أن يجازي بالقطع.

22 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

وَقَالَ الخ هذا مقدمة كلام جديد خوطب به المشترع وهو من (الآية 23 - 27) يشتمل على إيضاح الوصية المقولة في (ص 3: 17) مما يتعلق بشحم البهائم ودمها وضبط ذلك وتحديده. فهذا الفصل ملحق وبسط لتلك الوصية كما أن الفصل الذي قبله ملحق وبسط لشرائع الذبايح المختلفة.

23 «قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: كُلَّ شَحْمِ ثَوْرٍ أَوْ كَبْشٍ أَوْ مَاعِزٍ لاَ تَأْكُلُوا».

ص 3: 17

كُلَّ شَحْمِ... لاَ تَأْكُلُوا من شحم ثور أو كبش أو ماعز. وكان شحم هذه الأنواع الثلاثة من البهائم محرم في غير التقدمات أيضاً أي في الأكل العادي لكن كان يحل لهم أكل شحم غيرها من البهائم الطاهرة كالغزال والإيل وما شاكلهما. وكان في مدة الهيكل الثاني يحكم على الإنسان بالقطع لأكل ثلاثة أصناف من الشحم الأول الشحم الذي على الأحشاء. والثاني الشحم الذي على الكليتين. والثالث الشحم الذي على ما بين أضلاع الورك أو الحرقفة أي رأس الورك. وما كانوا يعدون الألية والكليتين وزيادة الكبد شحماً في غير التقدمات. وكان الشحم الذي يغطيه اللحم محللاً والشحم الذي على الكليتين محرماً لكن الذي داخل الكليتين والقلب كان مباحاً.

24 «وَأَمَّا شَحْمُ ٱلْمَيْتَةِ وَشَحْمُ ٱلْمُفْتَرَسَةِ فَيُسْتَعْمَلُ لِكُلِّ عَمَلٍ. لٰكِنْ أَكْلاً لاَ تَأْكُلُوهُ».

ص 17: 15 وتثنية 14: 21 وحزقيال 4: 14 و44: 31

وَأَمَّا شَحْمُ ٱلْمَيْتَةِ أي البهيمة التي تموت لمرض أو عرض أو لافتراس وحش لها فهذه نجسة (انظر ص 17: 15 و22: 8) ويمكن أن ينتفع بشحمها في الأمور العادية كأن يجعل منها شمعاً أو غير ذلك.

25 «إِنَّ كُلَّ مَنْ أَكَلَ شَحْماً مِنَ ٱلْبَهَائِمِ ٱلَّتِي يُقَرِّبُ مِنْهَا وَقُوداً لِلرَّبِّ تُقْطَعُ مِنْ شَعْبِهَا ٱلنَّفْسُ ٱلَّتِي تَأْكُلُ».

ع 4 و5 وتثنية 32: 14

شَحْماً مِنَ ٱلْبَهَائِمِ ٱلَّتِي يُقَرِّبُ مِنْهَا من ثيران وكباش وماعز (انظر ع 23). فمن تجاسر على أكل شحم هذه البهائم عمداً وجب أن يُقطع ومن أكله سهواً جُلد أربعين جلدة إلا جلدة ووجب عليه أن يقدم تقدمة الخطية المعيّنة.

26 «وَكُلَّ دَمٍ لاَ تَأْكُلُوا فِي جَمِيعِ مَسَاكِنِكُمْ مِنَ ٱلطَّيْرِ وَمِنَ ٱلْبَهَائِمِ».

تكوين 9: 4 وص 3: 17 و17: 10 إلى 14

كُلَّ دَمٍ لاَ تَأْكُلُوا حيث تسكنون كما هو مقتضى الشريعة على الإسرائيليين (ص 3: 17).

مِنَ ٱلطَّيْرِ وَمِنَ ٱلْبَهَائِمِ التي يجوز أن تقرب والتي لا يجوز تقريبها وهذا الحكم يُستثنى منه السمك والجراد والزحافات التي يحل أكلها أو لم تحكم الشريعة بنجاستها.

27 «كُلُّ نَفْسٍ تَأْكُلُ شَيْئاً مِنَ ٱلدَّمِ تُقْطَعُ تِلْكَ ٱلنَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا».

تُقْطَعُ تِلْكَ ٱلنَّفْسُ كان بمقتضى الشريعة المشهورة في عصر الهيكل الثاني عقاب القطع على أكل الدم الذي فيه الحياة (انظر ص 17: 11). والمقصود به الدم الذي تتوقف عليه حياة الحيوان وهو الذي إذا فقده الحيوان مات. وأما أكل الدم الذي يبقى في الأعضاء أو الأحشاء بعد الذبح فكان عقاب أكله الجَلد وتقديم ذبيحة عن الخطية.

28 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ هذه العبارة يؤتى بها إيماء إلى خطاب جديد كما ذكرنا مراراً يلقى إلى المشترع وهي مقدمة لذلك الخطاب. وهي هنا مقدمة الكلام في ذبيحة السلامة.

29 «قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: ٱلَّذِي يُقَرِّبُ ذَبِيحَةَ سَلاَمَتِهِ لِلرَّبِّ يَأْتِي بِقُرْبَانِهِ إِلَى ٱلرَّبِّ مِنْ ذَبِيحَةِ سَلاَمَتِهِ».

ص 3: 1

يَأْتِي بِقُرْبَانِهِ أي بأجزاء ذبيحة السلامة التي وقفها المقدم للرب وللكاهن القائم بالخدمة.

30 - 33 «30 يَدَاهُ تَأْتِيَانِ بِوَقَائِدِ ٱلرَّبِّ. ٱلشَّحْمُ يَأْتِي بِهِ مَعَ ٱلصَّدْرِ. أَمَّا ٱلصَّدْرُ فَلِكَيْ يُرَدِّدَهُ تَرْدِيداً أَمَامَ ٱلرَّبِّ. 31 فَيُوقِدُ ٱلْكَاهِنُ ٱلشَّحْمَ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ، وَيَكُونُ ٱلصَّدْرُ لِهَارُونَ وَبَنِيهِ. 32 وَٱلسَّاقُ ٱلْيُمْنَى تُعْطُونَهَا رَفِيعَةً لِلْكَاهِنِ مِنْ ذَبَائِحِ سَلاَمَتِكُمْ. 33 اَلَّذِي يُقَرِّبُ دَمَ ذَبِيحَةِ ٱلسَّلاَمَةِ وَٱلشَّحْمَ مِنْ بَنِي هَارُونَ تَكُونُ لَهُ ٱلسَّاقُ ٱلْيُمْنَى نَصِيباً».

ص 3: 3 و4 و9 و14 خروج 29: 24 و27 وص 8: 27 و9: 21 وعدد 6: 20 ص 3: 5 و11 و16 ع 34 ع 34 وص 9: 21 وعدد 6: 20

يَدَاهُ تَأْتِيَانِ كان هذا العمل على صاحب التقدمة نفسه لا على غيره. وكان أسلوب ذلك في أيام الهيكل الثاني أن المقدم يذبح البهيمة والكاهن يرش الدم. ثم تُسلخ الذبيحة ويُخرج الكاهن القائم بالخدمة أحشاءها ويُقطع اللحم ويفصل الصدر والكتف اليمنى ويضع الشحم على يدي صاحب الذبيحة ثم يضع فوقه الصدر وفوق الصدر الساق وفوقه الكليتين وغشاء الكبد والخبز فوق الجميع ويضع يده تحت يدي المقدم ويردد الكل أمام الرب وحينئذ يملح الكاهن الأحشاء ويحرقها على المذبح ويأكل الكاهن الصدر والساق والخبز مما رُدد أمام الرب هو وإخوته الكهنة ويأكل البقية صاحب الذبيحة هو أصدقاوه. وإذا تشارك اثنان في تقديم ذبيحة واحدة يرددها واحد منهما. وإذا كانت مقدمتها امرأة تولى ترديد الذبيحة الكاهن القائم بالخدمة لأنه لم يبح للنساء أن تردد الذبائح أمام الرب. (وفي الترجمة العربية الساق اليمنى بدل الكتف اليمنى وهي كذلك في العبرانية وفي الإنكليزية الكتف اليمنى).

34 «لأَنَّ صَدْرَ ٱلتَّرْدِيدِ وَسَاقَ ٱلرَّفِيعَةِ قَدْ أَخَذْتُهُمَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ ذَبَائِحِ سَلاَمَتِهِمْ وَأَعْطَيْتُهُمَا لِهَارُونَ ٱلْكَاهِنِ وَلِبَنِيهِ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ».

خروج 29: 28 وص 10: 14 و15 وعدد 18: 18 و19 وتثنية 18: 3

فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً أي مدة بقاء الكهنوت اللاوي.

35 «تِلْكَ مَسْحَةُ هَارُونَ وَمَسْحَةُ بَنِيهِ مِنْ وَقَائِدِ ٱلرَّبِّ يَوْمَ تَقْدِيمِهِمْ لِيَكْهَنُوا لِلرَّبِّ».

مَسْحَةُ هَارُونَ وَمَسْحَةُ بَنِيهِ (القرينة تقتضى وضع النصيب مكان المسحة أي تقتضي أن يقال نصيب هارون ونصيب بنيه. واللفظة العبرانية «مشحة» ولها معنيان الأول مسحة والثاني جزء أو قسم أو نصيب. وإذا كان المقصود بها مسحة هنا كما في ترجمة المتن فيكون المعنى «حق مسحة هارون وحق مسحة بنيه» كما جاء في (عدد 18: 8).

36 «ٱلَّتِي أَمَرَ ٱلرَّبُّ أَنْ تُعْطَى لَهُمْ يَوْمَ مَسْحِهِ إِيَّاهُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً فِي أَجْيَالِهِمْ».

خروج 40: 13 و15 وص 8: 12 و30

ٱلَّتِي أَمَرَ ٱلرَّبُّ أَنْ تُعْطَى لَهُمْ اي أنه يجب على كل مقدم ذبيحة أن يعطي الكاهن الذي يقوم بالخدمة الأجزاء المذكورة لأنها حق عمله.

37 «تِلْكَ شَرِيعَةُ ٱلْمُحْرَقَةِ، وَٱلتَّقْدِمَةِ، وَذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ، وَذَبِيحَةِ ٱلإِثْمِ، وَذَبِيحَةِ ٱلْمِلْءِ، وَذَبِيحَةِ ٱلسَّلاَمَةِ».

ص 6: 9 ص 6: 14 2 6: 25 ع 1 خروج 29: 1 و22 و26 و27 و29 وص 6: 20 و8: 28 و31 و33 ص 11

تِلْكَ شَرِيعَةُ هذه العبارة وما بعدها إلى آخر الآية مجموع كل شريعة الذبيحة من (ص 1 - ص 8).

ٱلْمُحْرَقَةِ التي وُضعت في (ص 1: 3 - 17 وفي ملحقه ص 6: 8 - 13).

ٱلتَّقْدِمَةِ التي وُصفت في (ص 2: 1 - 6 وفي ملحقه ص 6: 14 - 18).

ذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ التي ذُكرت في (ص 4: 1 - 35 وملحقه ص 6: 24 - 30).

ذَبِيحَةِ ٱلإِثْمِ المذكور في (ص 5: 1 - 13 والملحق ص 5: 14 - 26 و6: 1 - 7 و7: 1 - 10).

ذَبِيحَةِ ٱلْمِلْءِ أي الطعامية التي يؤتى بها الحبر الأعظم. وذُكرت في (ص 6: 19 - 23).

ذَبِيحَةِ ٱلسَّلاَمَةِ ذُكرت هذه الذبيحة في (ص 3: 1 - 17 والملحق ص 7: 11 - 21 و28 - 36).

38 «ٱلَّتِي أَمَرَ ٱلرَّبُّ بِهَا مُوسَى فِي جَبَلِ سِينَاءَ، يَوْمَ أَمْرِهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِتَقْرِيبِ قَرَابِينِهِمْ لِلرَّبِّ فِي بَرِّيَّةِ سِينَاءَ».

ص 1: 2

أَمَرَ ٱلرَّبُّ بِهَا مُوسَى فِي جَبَلِ سِينَاءَ وفصّلها هنا للشعب كله.

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ

1 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

قَالَ ٱلرَّبُّ لما عُيّن هارون وبنوه للكهنوت الذي أمر الرب به موسى (خروج 28: 1 - 43) قرنه بأنواع الذبائح المختلفة (خروج 29: 1 - 37) وكان أول الضروريات أن يعيّن رسم كل ذبيحة فكان ذلك في (ص 1 - ص 7). وتقدم المشترع هنا إلى الأنباء بما أمره به الرب وأنبأه به مما يتعلق بالرتبة الكهنوتية وقص خلاصة ما كف عنه في نهاية سفر الخروج.

2 «خُذْ هَارُونَ وَبَنِيهِ مَعَهُ، وَٱلثِّيَابَ وَدُهْنَ ٱلْمَسْحَةِ وَثَوْرَ ٱلْخَطِيَّةِ وَٱلْكَبْشَيْنِ وَسَلَّ ٱلْفَطِيرِ».

خروج 29: 1 و2 و3 و4 خروج 28: 2 و4 خروج 30: 24 و25

خُذْ هَارُونَ وَبَنِيهِ أي مُرهم أن يأتوا بثيابهم المقدسة والذبائح إلى باب خيمة الاجتماع (ع 3).

ٱلثِّيَابَ التي أمر الله بصنعها قبلاً (انظر خروج 28: 2 الخ و29: 1 الخ).

دُهْنَ ٱلْمَسْحَةِ (انظر خروج 30: 23 الخ و37: 29).

وَثَوْرَ ٱلْخَطِيَّةِ وَٱلْكَبْشَيْنِ وَسَلَّ ٱلْفَطِيرِ وهي للتقدمات التي ذُكرت في (خروج 29: 1 - 3) وهذا يُظهر العلاقة بين جزء من سفر اللاويين والجزء الآخر من سفر الخروج.

3، 4 «3 وَٱجْمَعْ كُلَّ ٱلْجَمَاعَةِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ. 4 فَفَعَلَ مُوسَى كَمَا أَمَرَهُ ٱلرَّبُّ. فَٱجْتَمَعَتِ ٱلْجَمَاعَةُ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ».

وَٱجْمَعْ كُلَّ ٱلْجَمَاعَةِ أي أجمع الشيوخ ورؤساء الأسباط والوجوه والذين يمثلون الشعب. ويدل على ذلك قوله في (ص 9: 1) «دعا موسى هارون وبنيه وشيوخ إسرائيل» وتعبيره عن هؤلاء الشيوخ في (ص 9: 3) ببني إسرائيل لأنهم نواب عن كل الأمة الإسرائيلية.

إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ كان ممثلو الشعب يشغلون دار الخيمة وأما سائر الشعب المجتمع لمشاهدة ذلك الاحتفال فكانوا يشغلون الأماكن المجاورة في الخارج. وكان هذا الاحتفال على ما عُرف من تقليد اليهود في عصر المسيح في شهر آذار أو شباط.

5 «ثُمَّ قَالَ مُوسَى لِلْجَمَاعَةِ: هٰذَا مَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ أَنْ يُفْعَلَ».

خروج 29: 4

مَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ هذا هو التعليم الذي ذُكر في (خروج 29: 1 - 37) وأجراه موسى هنا بجمع نواب إسرائيل.

6 «فَقَدَّمَ مُوسَى هَارُونَ وَبَنِيهِ وَغَسَّلَهُمْ بِمَاءٍ».

خروج 29: 4

غَسَّلَهُمْ بِمَاءٍ بمقتضى أصل التقديس الأول وأمر موسى هارون وبنيه بالاغتسال (انظر ص 16: 4) وهذا الاغتسال رمز إلى التطهير من الخطيئة. ولم يخص بهذا الاغتسال جزءاً أو أجزاء معيّنه من الجسد كما في (تكوين 19: 2 و24: 32 وخروج 30: 19 و21 وتثنية 21: 6) فيستدل من هذا على أنه كان غسل الجسد كله. ولم يكن هذا يؤتى أمام الشعب بل في مُغتسل وراء حجاب. وكان الاغتسال الكهنوتي في عصر الهيكل الثاني في حفرة أو حوض يغوص فيه الكهنة لا في إناء من الآنية العادية (فهو يشبه المعمودية بالتغطيس). وكان ملء ذلك الحوض أربعاً وعشرين قدماً مكعبة من الماء على أقل تقدير. وكانت إقامة الكهنة (التي قام بها موسى بأمر الله) في زمن الهيكل الثاني موكولة إلى مجمع السبعين المعروف بالسنهدريم لأن أعضاءه جلسوا على كرسي موسى.

7 «وَجَعَلَ عَلَيْهِ ٱلْقَمِيصَ وَنَطَّقَهُ بِٱلْمِنْطَقَةِ وَأَلْبَسَهُ ٱلْجُبَّةَ وَجَعَلَ عَلَيْهِ ٱلرِّدَاءَ وَنَطَّقَهُ بِزُنَّارِ ٱلرِّدَاءِ وَشَدَّهُ بِهِ».

خروج 28: 4

جَعَلَ عَلَيْهِ ٱلْقَمِيصَ (انظر ص 6: 10 وخروج 28: 39). ومما يلاحظ هنا أن السراويل الذي أول ما ذُكر من ملبوسات الكهنة في سفر الخروج (خروج 28: 42) لم يُذكر هنا وعلة ذلك أن هارون كان يلبسه حالما يخرج من الماء وراء الحجاب.

وَنَطَّقَهُ بِٱلْمِنْطَقَةِ هذه ليست منطقة الرداء التي ستُذكر بل منطقة مصنوعة بالإبرة «أو صنعة الطراز» يشدها الكاهن على حقويه (انظر ص 6: 10 وخروج 28: 39).

ٱلْجُبَّةَ وسُميت في (خروج 28: 31 - 35) «جبة الرداء» وكانت منسوجة على هيئتها بلا خياطة وكان كلها أزرق (انظر تفسير ص 6: 10).

ٱلرِّدَاءَ الذي امتاز بأنه كان من ملبوسات الحبر الأعظم وكان بلا كمين ويُلبس على الكتفين وكان يُصنع من بوص مبروم وخيوط من الذهب ويكون أزرق وأرجوانياً وقرمزيا (انظر خروج 28: 6 و7).

نَطَّقَهُ بِزُنَّارِ ٱلرِّدَاءِ كان هذا الزنار من النسيج الثمين كالرداء وكان منسوجاً على جانبي الرداء فكان كأنه يدان للرداء (انظر خروج 28: 8). وهذا يختلف كل الاختلاف عن المنطقة المذكورة في أول الآية.

8 «وَوَضَعَ عَلَيْهِ ٱلصُّدْرَةَ وَجَعَلَ فِي ٱلصُّدْرَةِ ٱلأُورِيمَ وَٱلتُّمِّيمَ».

خروج 28: 30

ٱلصُّدْرَةَ هي «صدرة القضاء» وهي من الملبوسات الحبرية الممتازة وكانت من المنسوجات الثمينة كالرداء (خروج 28: 15 الخ).

جَعَلَ فِي ٱلصُّدْرَةِ ٱلأُورِيمَ وَٱلتُّمِّيمَ أي في كيس الصدرة (أي جيبها) (انظر خروج 28: 30). وكانا مستقلين عن الصدرة كاستقلالهما عن الجواهر الكريمة التي عليها.

9 «وَوَضَعَ ٱلْعِمَامَةَ عَلَى رَأْسِهِ، وَوَضَعَ عَلَى ٱلْعِمَامَةِ إِلَى جِهَةِ وَجْهِهِ صَفِيحَةَ ٱلذَّهَبِ، ٱلإِكْلِيلَ ٱلْمُقَدَّسَ، كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى».

خروج 29: 6 خروج 28: 37 الخ

ٱلْعِمَامَةَ (انظر خروج 28: 36 - 38).

كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى فالمعنى أن أثواب الحَبر وكل ما يتعلق بها لم تكن من مخترعات موسى بل مما أمره الرب به في (خروج 28: 1 - 43).

10 «ثُمَّ أَخَذَ مُوسَى دُهْنَ ٱلْمَسْحَةِ وَمَسَحَ ٱلْمَسْكَنَ وَكُلَّ مَا فِيهِ وَقَدَّسَهُ».

خروج 30: 26 إلى 29

أَخَذَ مُوسَى دُهْنَ ٱلْمَسْحَةِ بعد أن ألبس الحبر الأعظم الثياب المختصة به الدالة على رتبة كهنوته المقدسة أخذ يجري بمقتضى ما أُمر به في (خروج 30: 26 - 30 و40: 9 - 11) فمسح أولاً الخيمة وكل ما فيها أي تابوت العهد ومذبح البخور والمنارة ومائدة خبز الوجوه وكل الآنية المتعلقة بها، وسمي هذا الدهن أيضاً «دهن المسحة المقدس» (خروج 30: 25). والأجزاء التي يتركب منها ذُكرت في (خروج 30: 23 - 25).

قَدَّسَهُ التقديس هنا فصل الشي عن الاستعمال العادي ووقفه لخدمة الله ووقايته من أن يتنجس بشيء (انظر خروج 29: 37 و30: 29 و30).

11 «وَنَضَحَ مِنْهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَمَسَحَ ٱلْمَذْبَحَ وَجَمِيعَ آنِيَتِهِ، وَٱلْمِرْحَضَةَ وَقَاعِدَتَهَا لِتَقْدِيسِهَا».

نَضَحَ مِنْهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ سَبْعَ مَرَّاتٍ أي رشه عليه. والمذبح هنا هو مذبح المحرقة. ولم يُذكر النضح سبع مرات في ما ذُكر من الرسوم في (خروج 30: 28 و40: 10). وقد مرّ الكلام على المرات السبع في (ص 4: 6) فارجع إليه إن شئت.

مَسَحَ ٱلْمَذْبَحَ وَجَمِيعَ آنِيَتِهِ أي مذبح المحرقة وكان هذا المذبح يُعد مقدساً كثيراً حتى حُسب بعد ذلك أنه يقدس الذبيحة وسائر ما يقدم عليه. وعلى هذا قول المسيح «أَيُّهَا ٱلْجُهَّالُ وَٱلْعُمْيَانُ، أَيُّمَا أَعْظَمُ: أَلْقُرْبَانُ أَمِ ٱلْمَذْبَحُ ٱلَّذِي يُقَدِّسُ ٱلْقُرْبَانَ» (متّى 23: 19).

12 «وَصَبَّ مِنْ دُهْنِ ٱلْمَسْحَةِ عَلَى رَأْسِ هَارُونَ وَمَسَحَهُ لِتَقْدِيسِهِ».

خروج 29: 7 و30: 30 وص 21: 10 و12 ومزمور 133: 2

وَصَبَّ مِنْ دُهْنِ ٱلْمَسْحَةِ عَلَى رَأْسِ هَارُونَ هذه الطريقة كانت طريقة مسحه (انظر ص 21: 10 - 12 وخروج 39: 7 ومزمور 133: 2). وكانت تؤتى في مسحة كل حبر أعظم على التوالي وأما الكهنة الذين دونه فكانوا يُمسحون مسحاً بسيطاً أو يُمسحون بمجرد غمس الإصبع بالدهن ومسح الجبهة بها وكان ذلك شريعة دائمة (انظر ص 4: 3). وفي التقاليد اليهودية إن مسحة الكاهن الأعظم في أيام الهيكل الثاني كانت أن يصب الشخص الذي يمسحه الدهن على رأسه ثم يرسم بإصبعه على جبهته حرف الكاف إشارة إلى أنه كاهن.

13 «ثُمَّ قَدَّمَ مُوسَى بَنِي هَارُونَ وَأَلْبَسَهُمْ أَقْمِصَةً وَنَطَّقَهُمْ بِمَنَاطِقَ وَشَدَّ لَهُمْ قَلاَنِسَ كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى».

خروج 29: 8 و9

ثُمَّ قَدَّمَ مُوسَى بَنِي هَارُونَ بعد أن أقام هارون حبراً أعظم دعا أولاده الأربعة ناداب وأبيهو والعازر وإيثامار وجعل علامة أنهم كهنة إن ألبسهم الثياب الكهنوتية. وقد ذُكرت هذه الثياب في (خروج 38: 40 و41 و29: 30 و40: 14).

14 «ثُمَّ قَدَّمَ ثَوْرَ ٱلْخَطِيَّةِ، وَوَضَعَ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ ثَوْرِ ٱلْخَطِيَّةِ».

خروج 29: 10 وحزقيال 43: 19 ص 4: 4

ثُمَّ قَدَّمَ ثَوْرَ ٱلْخَطِيَّةِ كان مما وجب على هارون وبنيه الأربعة أن يتطهروا أولاً من خطاياهم قبل أن يمكنهم الأخذ في الخدمة الكهنوتية المقدسة في القدس. وإذ كان موسى وسيط العهد أقامه الله ليقوم بخدمة التقديس وبيان سنّة الذبائح في أثناء وقوف الكهنة الذين يعينون جديداً بجانب ذبيحة الخطية بمنزلة خطأة نادمين وتائبين. وكان ذلك أول مرة قُدمت فيها الذبيحة حينئذ بوضع أيدي المقدم عليها (انظر ص 1: 4).

15 «فَذَبَحَهُ وَأَخَذَ مُوسَى ٱلدَّمَ وَجَعَلَهُ عَلَى قُرُونِ ٱلْمَذْبَحِ مُسْتَدِيراً بِإِصْبِعِهِ، وَطَهَّرَ ٱلْمَذْبَحَ ثُمَّ صَبَّ ٱلدَّمَ إِلَى أَسْفَلِ ٱلْمَذْبَحِ وَقَدَّسَهُ تَكْفِيراً عَنْهُ».

خروج 29: 12 و36 وص 4: 7 وحزقيال 43: 20 و26 وعبرانيين 9: 22

فَذَبَحَهُ موسى نفسه ولكن في غير هذه الحال كان المقدم نفسه يذبح البهيمة المقدمة (ص 1: 5) وأما في هذه الحال فموسى نفسه يذبحها حسبما أُمر قبلاً (خروج 29: 11).

وَأَخَذَ مُوسَى ٱلدَّمَ بعد أن جُمع في إناء ورشه على أربعة قرون المذبح كما بُيّن في (ص 1: 5) ولكن لا على قرون مذبح البخور ولا في الخيمة كما كان الأمر في ذبيحة الخطية عن الحبر الأعظم وعن الأمة كلها (أنظر ص 4: 7 و16 - 18).

وَطَهَّرَ ٱلْمَذْبَحَ... وَقَدَّسَهُ كان المذبح يقدَّس ويطهَّر لخدمة الله كالكاهن بالذبيحة الاستغفارية وبصب دهن المسحة.

16 «وَأَخَذَ كُلَّ ٱلشَّحْمِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلأَحْشَاءِ وَزِيَادَةَ ٱلْكَبِدِ وَٱلْكُلْيَتَيْنِ وَشَحْمَهُمَا وَأَوْقَدَهُ مُوسَى عَلَى ٱلْمَذْبَح».

خروج 29: 13 وص 4: 8

وَأَخَذَ كُلَّ ٱلشَّحْمِ كما أمره الله قبلاً (خروج 29: 13) وإذا شئت أن تعرف ما يتعلق بأجزاء الذبيحة المختلفة فارجع إلى (ص 3: 3 - 5).

17 «وَأَمَّا ٱلثَّوْرُ: جِلْدُهُ وَلَحْمُهُ وَفَرْثُهُ فَأَحْرَقَهُ بِنَارٍ خَارِجَ ٱلْمَحَلَّةِ، كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى».

خروج 29: 14 وص 4: 11 و12

وَأَمَّا ٱلثَّوْرُ... فَأَحْرَقَهُ ذبيحة الخطية هذه وإن لم يكن يدخل بشيء من دمها إلى القدس بخلاف القانون الذي ذُكر في (ص 6: 30) لم يسمح بأكل شيء من لحمها كذبيحة الخطية التي كانت تقدم عن الحبر الأعظم (ص 4: 3 - 12) وعن كل الجماعة (ص 4: 13 - 21) وكانت تحرق خارج المحلة. وموسى لم يستطع أن يأكلها لأنه ليس كاهناً شرعياً (انظر ص 6: 25). والكاهن لم يقدر أن يأكله لأن أكله مخالف للشريعة لأن الخاطئ يشترك في ذبيحة الخطية التي هو نفسه يقدمها (انظر ص 4: 35).

18 «ثُمَّ قَدَّمَ كَبْشَ ٱلْمُحْرَقَةِ، فَوَضَعَ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ ٱلْكَبْشِ».

خروج 29: 15

قَدَّمَ كَبْشَ ٱلْمُحْرَقَةِ بعد أن كفّر موسى عنهم خطاياهم بذبيحة الخطية قدّم لتقديس الكهنة واحداً من الكبشين (انظر ع 2) ذبيحة محرقة. وذُكرت رسوم ذلك ما عدا الرسوم الكهنوتية في (ص 1: 3 - 9).

19 - 21 «19 فَذَبَحَهُ، وَرَشَّ مُوسَى ٱلدَّمَ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ مُسْتَدِيراً. 20 وَقَطَّعَ ٱلْكَبْشَ إِلَى قِطَعِهِ. وَأَوْقَدَ مُوسَى ٱلرَّأْسَ وَٱلْقِطَعَ وَٱلشَّحْمَ. 21 وَأَمَّا ٱلأَحْشَاءُ وَٱلأَكَارِعُ فَغَسَلَهَا بِمَاءٍ، وَأَوْقَدَ مُوسَى كُلَّ ٱلْكَبْشِ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ. إِنَّهُ مُحْرَقَةٌ لِرَائِحَةِ سُرُورٍ. وَقُودٌ هُوَ لِلرَّبِّ كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى».

خروج 29: 18

فَذَبَحَهُ وَرَشَّ مُوسَى ٱلدَّمَ ذبحه موسى نفسه لا المقدم كما هو القانون (انظر ع 15). وهنا رشّ الدم رشاً ولم يصبه صباً كما في (ع 15).

22 «ثُمَّ قَدَّمَ ٱلْكَبْشَ ٱلثَّانِيَ، كَبْشَ ٱلْمَلْءِ، فَوَضَعَ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ ٱلْكَبْشِ..

خروج 29: 19 و31 وص 7: 37

قَدَّمَ ٱلْكَبْشَ ٱلثَّانِيَ من الكبشين المذكورين في (ع 2).

كَبْشَ ٱلْمَلْءِ (تُرجمت في غير التراجم العربية بكبش التقديس أو كبش تقليد الكهنوت. وفي العبرانية «بالإملاء» جمع ملء وهو ما يملأ الأناء. والظاهر أنه يراد بها تقدمة الشكر التام على ما يملأ أيدي الكهنة (انظر ص 8: 33). وهذه الذبيحة تشبه ذبيحة الشكر وذبيحة السلامة وكانت مظهراً لشكر هارون وبنيه على اختيارهم كهنة وعلى سلامهم مع الله ومصاحبتهم إياه.

23 «فَذَبَحَهُ وَأَخَذَ مُوسَى مِنْ دَمِهِ وَجَعَلَ عَلَى شَحْمَةِ أُذُنِ هَارُونَ ٱلْيُمْنَى، وَعَلَى إِبْهَامِ يَدِهِ ٱلْيُمْنَى، وَعَلَى إِبْهَامِ رِجْلِهِ ٱلْيُمْنَى».

فَذَبَحَهُ (انظر ع 19).

عَلَى شَحْمَةِ أُذُنِ هَارُونَ ٱلْيُمْنَى فعلّمه بذلك أنه وسيط بين الله وشعبه وإن عليه أن يسمع كلام الرب وأوامره.

عَلَى إِبْهَامِ يَدِهِ ٱلْيُمْنَى، وَعَلَى إِبْهَامِ رِجْلِهِ ٱلْيُمْنَى إشارة على أنه يجب أن يعمل للرب ويسير في طريق وصاياه.

24 «ثُمَّ قَدَّمَ مُوسَى بَنِي هَارُونَ وَجَعَلَ مِنَ ٱلدَّمِ عَلَى شَحْمِ آذَانِهِمِ ٱلْيُمْنَى، وَعَلَى أَبَاهِمِ أَيْدِيهِمِ ٱلْيُمْنَى وَعَلَى أَبَاهِمِ أَرْجُلِهِمِ ٱلْيُمْنَى، ثُمَّ رَشَّ مُوسَى ٱلدَّمَ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ مُسْتَدِيراً».

قَدَّمَ مُوسَى بَنِي هَارُونَ بعد أن أجرى موسى الرسوم الرمزية على الحبر الأعظم أجراها هي نفسها على الكهنة الأربعة. واختيرت الأعضاء اليمنى رمزاً إلى العلم لأنها أقوى من اليسرى فهي أقدر على إجراء إرادة الله (انظر خروج 29: 20). وكانت هذه الأعضاء نفسها توسم بدم ذبيحة الإثم في تطهير الأبرص (انظر ص 14: 14 - 17).

25 «ثُمَّ أَخَذَ ٱلشَّحْمَ: ٱلأَلْيَةَ وَكُلَّ ٱلشَّحْمِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلأَحْشَاءِ، وَزِيَادَةَ ٱلْكَبِدِ وَٱلْكُلْيَتَيْنِ وَشَحْمَهُمَا، وَٱلسَّاقَ ٱلْيُمْنَى».

ص 9: 19 خروج 29: 22

أَخَذَ ٱلشَّحْمَ ٱلأَلْيَةَ (وفي العبرانية أخذ الشحم والألية). (انظر ص 3: 9) ومعنى هذه العبارة في تفسير (خروج 29: 22) وفيه «الشحم والألية» كالعبارة هنا في الأصل العبراني.

26 - 28 «26 وَمِنْ سَلِّ ٱلْفَطِيرِ ٱلَّذِي أَمَامَ ٱلرَّبِّ أَخَذَ قُرْصاً وَاحِداً فَطِيراً، وَقُرْصاً وَاحِداً مِنَ ٱلْخُبْزِ بِزَيْتٍ، وَرُقَاقَةً وَاحِدَةً، وَوَضَعَهَا عَلَى ٱلشَّحْمِ وَعَلَى ٱلسَّاقِ ٱلْيُمْنَى، 27 وَجَعَلَ ٱلْجَمِيعَ عَلَى كَفَّيْ هَارُونَ وَكُفُوفِ بَنِيهِ، وَرَدَّدَهَا تَرْدِيداً أَمَامَ ٱلرَّبِّ. 28 ثُمَّ أَخَذَهَا مُوسَى عَنْ كُفُوفِهِمْ وَأَوْقَدَهَا عَلَى ٱلْمَذْبَحِ فَوْقَ ٱلْمُحْرَقَةِ. إِنَّهَا قُرْبَانُ مَلْءٍ لِرَائِحَةِ سُرُورٍ. وَقُودٌ هِيَ لِلرَّبِّ».

خروج 29: 23 خروج 29: 24 الخ خروج 29: 25

مِنْ سَلِّ ٱلْفَطِيرِ الخ مضمون الآيات الثلاث رسوم التقديس الكهنوتي وهي على وفق ما أمر الله به موسى قبلاً (خروج 29: 23 - 25). وجاء في التفسير الإنكليزي إن الكتف اليمنى (وفي الترجمة العربية الساق اليمنى (انظر تفسير ص 7: 3 - 33) والقرص الواحد من كل من صنوف الفطير الثلاثة من نصيب الكاهن القائم بالخدمة من الذبائح (ص 7: 12 و32) وهو ما كان يأكله الكاهن وأهل بيته كان موسى في هذه الحال يحرقه على المذبح بعد أن يوضع في أيدي هارون وبنيه ويردد أمام الرب.

29 «ثُمَّ أَخَذَ مُوسَى ٱلصَّدْرَ وَرَدَّدَهُ تَرْدِيداً أَمَامَ ٱلرَّبِّ مِنْ كَبْشِ ٱلْمَلْءِ. لِمُوسَى كَانَ نَصِيباً كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى».

خروج 29: 26

أَخَذَ مُوسَى ٱلصَّدْرَ وهذه الصدر كانت بعد ذلك من نصيب الكاهن القائم بالخدمة (انظر ص 7: 34) ولكنها هنا كانت نصيب موسى بمقتضى تعليم الله (خروج 29: 26).

30 «ثُمَّ أَخَذَ مُوسَى مِنْ دُهْنِ ٱلْمَسْحَةِ وَمِنَ ٱلدَّمِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلْمَذْبَحِ وَنَضَحَ عَلَى هَارُونَ وَعَلَى ثِيَابِهِ، وَعَلَى بَنِيهِ وَعَلَى ثِيَابِ بَنِيهِ مَعَهُ. وَقَدَّسَ هَارُونَ وَثِيَابَهُ وَبَنِيهِ وَثِيَابَ بَنِيهِ مَعَهُ».

خروج 29: 21 و30: 30 وعدد 3: 3

ٱلدَّمِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلْمَذْبَحِ الخ هذا جزء من دم كبش التقديس الكهنوتي الذي يرجّح أنه أُخذ في إناء ووُضع على المذبح لهذه الغاية. ولا نعلم من نص الآية هنا ولا من (خروج 29: 21) أنه هل رُش مع دهن المسحة أو رُش كل منهما مستقلاً. وإذا كانت ثياب الكاهن علامة كهنوتية حكم بأن تُقدس كما يُقدس الكاهن نفسه. وعلى هذا قول الرسول «وَكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيباً يَتَطَهَّرُ حَسَبَ ٱلنَّامُوسِ بِٱلدَّمِ» (عبرانيين 9: 22).

31 «ثُمَّ قَالَ مُوسَى لِهَارُونَ وَبَنِيهِ: ٱطْبُخُوا ٱللَّحْمَ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ، وَهُنَاكَ تَأْكُلُونَهُ وَٱلْخُبْزَ ٱلَّذِي فِي سَلِّ قُرْبَانِ ٱلْمَلْءِ، كَمَا أَمَرْتُ قَائِلاً: هَارُونُ وَبَنُوهُ يَأْكُلُونَهُ».

خروج 29: 31 و32

ٱطْبُخُوا ٱللَّحْمَ اي لحم كبش التقديس ما عدا الأجزاء الشحمية والساق اليمنى (وفي الإنكليزية الكتف اليمنى) التي كانت تُحرق على المذبح. وصدر الترديد الذي كان يأخذه موسى بالنظر إلى أنه الكاهن القائم بالخدمة في هذه الحال (انظر ع 8 وخروج 29: 31 و32). وكان لحم الذبيحة هو ما يعده هارون وبنوه تقدمة طعامية (انظر ص 7: 11 الخ). وعُيّن أن يطبخ اللحم في مدخل خيمة الاجتماع لا في باب الخيمة. ففي سفر الخروج «َتَطْبُخُ لَحْمَهُ فِي مَكَانٍ مُقَدَّسٍ» (خروج 29: 31) أي في دار الخيمة ويؤكل مع خبز فطير تمييزاً له عن تقدمة السلامة الطعامية المعتادة.

هَارُونُ وَبَنُوهُ يَأْكُلُونَهُ هذا تمييز آخر لهذه الذبيحة فإنه في الذبيحة المعتادة كان للمقدم أن يدعو إليها أهل بيته والغرباء (انظر ص 7: 15) وفي هذه لم يجز لغير الكهنة أن يأكل منها لأن الخبز واللحم كانا مقدسين على أسلوب خاص (انظر خروج 29: 33). وكان مثل هذا الامتياز لذبيحة المحرقة (انظر تفسير ص 1: 4).

32 «وَٱلْبَاقِي مِنَ ٱللَّحْمِ وَٱلْخُبْزِ تُحْرِقُونَهُ بِٱلنَّارِ».

خروج 29: 34

وَٱلْبَاقِي من اللحم أو الأقراص التي لم تؤكل في يوم التقدمة كانت تحرق كما هو شأن تقدمة السلامة (انظر ص 7: 15 و17 وخروج 29: 34).

33 «وَمِنْ لَدُنْ بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ لاَ تَخْرُجُونَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ إِلَى يَوْمِ كَمَالِ أَيَّامِ مَلْئِكُمْ، لأَنَّهُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ يَمْلأُ أَيْدِيَكُمْ».

خروج 29: 30 و35 وع 22 وحزقيال 43: 25 و26

لَدُنْ بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ أي تجاه المدخل من الدار إلى خيمة الاجتماع. والمعنى أنه كان على هارون وبنيه أن لا يخرجوا من دار الخيمة لأن الخدمة لم تكن في داخل خيمة الاجتماع بل خارجها وهذا ظاهر من الآية الخامسة والثلاثين.

سَبْعَةَ أَيَّامٍ كان على هارون وبنيه أن لا يخرجوا من هنالك قبل نهاية أيام التقديس وهي سبعة.

لأَنَّهُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ الخ وفي كل من هذه الأيام تقدم ذبيحة الخطيئة وتقدمة المحرقة وتقدمة التقديس وتنضح أثواب هارون وبنيه بالدم ودهن المسحة كما ينضحون هم (انظر خروج 29: 26).

34 - 36 «34 كَمَا فَعَلَ فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ قَدْ أَمَرَ ٱلرَّبُّ أَنْ يُفْعَلَ لِلتَّكْفِيرِ عَنْكُمْ. 35 وَلَدَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ تُقِيمُونَ نَهَاراً وَلَيْلاً سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَتَحْفَظُونَ شَعَائِرَ ٱلرَّبِّ فَلاَ تَمُوتُونَ، لأَنِّي هٰكَذَا أُمِرْتُ. 36 فَعَمِلَ هَارُونُ وَبَنُوهُ كُلَّ مَا أَمَرَ بِهِ ٱلرَّبُّ عَلَى يَدِ مُوسَى».

عبرانيين 7: 16 عدد 3: 7 و9: 19 وتثنية 11: 1 و1ملوك 2: 3

كَمَا فَعَلَ فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ أي إن الله أمر بتكرار ما فعلوه في ذلك اليوم سبع مرات في كل يوم.

اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ

1 «وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ دَعَا مُوسَى هَارُونَ وَبَنِيهِ وَشُيُوخَ إِسْرَائِيلَ».

حزقيال 43: 27

وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ أي اليوم الذي يلي اليوم السابع من سبعة أيام التقديس (انظر ص 8: 33 و35).

دَعَا مُوسَى هَارُونَ وَبَنِيهِ وَشُيُوخَ إِسْرَائِيلَ أي الشيوخ الذين ينوبون عن الأمة كلها الذين شهدوا احتفال التقديس (انظر ص 8: 3) ودُعوا هنا ليشاهدوا دخول الكهنة في طريق خدمتهم. فكان مثل الكهنة هنا مثل الطفل المولود حديثاً في أنه يبقى سبعة أيام غير طاهر ويطهر في اليوم الثامن (انظر ص 12: 2 و3) كذلك كان الكاهن الجديد يدخل الخدمة في اليوم الثامن بعد يوم تعيينه.

2 «وَقَالَ لِهَارُونَ: خُذْ لَكَ عِجْلاً ٱبْنَ بَقَرٍ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ، وَكَبْشاً لِمُحْرَقَةٍ صَحِيحَيْنِ. وَقَدِّمْهُمَا أَمَامَ ٱلرَّبِّ».

خروج 29: 1 وص 4: 3 و8: 14 ص 8: 18

عِجْلاً ٱبْنَ بَقَرٍ وكان يجب بمقتضى القانون أن يكون ابن سنتين وفي بعض التراجم «ثوراً حديثاً» فيكون قد بلغ السنة الثالثة أو استوفاها (انظر ص 4: 2). وكان على هارون وبنيه قبل أن يتوسطوا للشعب بالمغفرة أن يقربوا عن أنفسهم ذبيحة الخطيئة ولعل ذلك كان وسيلة لمنعهم من التكبر بكونهم في درجة عالية ووسطاء بين الله والشعب. فإن هذه الذبيحة كانت تعلن للحبر الأعظم أنه مع كونه في هذه المنزلة نجس بالخطية محتاج إلى المغفرة والتطهير بالكفارة الدموية كالشعب الذي ينوب هو عنه. وكان هذا العجل يقدم على ما في تقاليد اليهود إشارة إلى عبادة بني إسرائيل العجل في البرية (خروج 32: 4 - 6).

أَمَامَ ٱلرَّبِّ اي أمام مسكن الرب تجاه خيمة الاجتماع (انظر ص 1: 5 و11) على مذبح المحرقة.

3 «وَقُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: خُذُوا تَيْساً مِنَ ٱلْمَعْزِ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ، وَعِجْلاً وَخَرُوفاً حَوْلِيَّيْنِ صَحِيحَيْنِ لِمُحْرَقَةٍ».

ص 4: 23 وعزرا 6: 17 و10: 19

قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ كان الآن على هارون الذي صار كاهناً أن يأمر بالذبائح. والمقصود ببني إسرائيل هنا الشيوخ الذين هم نوابهم (انظر ص 8: 2) وعلى هذا جاء في الترجمة اليونانية الشيوخ بدل بني إسرائيل.

تَيْساً... وَعِجْلاً (انظر ص 2: 23 الخ).

4 «وَثَوْراً وَكَبْشاً لِذَبِيحَةِ سَلاَمَةٍ لِلذَّبْحِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ، وَتَقْدِمَةً مَلْتُوتَةً بِزَيْتٍ. لأَنَّ ٱلرَّبَّ ٱلْيَوْمَ يَتَرَاءَى لَكُمْ».

ص 2: 4 خروج 29: 43 وع 6 و23

ثَوْراً وَكَبْشاً كان على الشيوخ أن يأتوا نيابة عن الشعب أولاً بتيس ذبيحة خطية وثانياً بعجل وحمل تقدمة محرقة وثالثاً بثور وكبش تقدمة سلامة.

تَقْدِمَةً مَلْتُوتَةً بِزَيْتٍ كان يلتّ بزيت ما سوى الجزء المعيّن للرب وكان الملتوت نصيب الكاهن القائم بالخدمة (انظر ص 2: 1).

لأَنَّ ٱلرَّبَّ ٱلْيَوْمَ يَتَرَاءَى لَكُمْ اي أعدوا أنفسكم وقدّسوها بالذبائح لأن الرب يُعلن لكم اليوم نفسه على نوع خاص دلالة على استحسانه تعيين هارون وأولاده للخدمة الكهنوتية.

5 «فَأَخَذُوا مَا أَمَرَ بِهِ مُوسَى إِلَى قُدَّامِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ. وَتَقَدَّمَ كُلُّ ٱلْجَمَاعَةِ وَوَقَفُوا أَمَامَ ٱلرَّبِّ».

فَأَخَذُوا أي هارون وبنوع بمقتضى أمر موسى وكان الشيوخ يأتون بالذبائح نيابة عن الشعب.

كُلُّ ٱلْجَمَاعَةِ أي الشيوخ نوّاب الشعب الذين دعاهم موسى (ع 1) وغيرهم من الشعب الذين يمكنهم أن يجتمعوا أمام القدس في دار الخيمة ليشاهدوا الكهنة الجدد يقومون بأول خدمتهم.

6 «فَقَالَ مُوسَى: هٰذَا مَا أَمَرَ بِهِ ٱلرَّبُّ. تَعْمَلُونَهُ فَيَتَرَاءَى لَكُمْ مَجْدُ ٱلرَّبِّ».

خروج 24: 16 وع 23

فَقَالَ مُوسَى والناس وقوف في الدار وحولها ليبين لهم أصل هذا الرسم الذي يشاهدونه أمام الرب.

7 «ثُمَّ قَالَ مُوسَى لِهَارُونَ: تَقَدَّمْ إِلَى ٱلْمَذْبَحِ وَٱعْمَلْ ذَبِيحَةَ خَطِيَّتِكَ وَمُحْرَقَتَكَ، وَكَفِّرْ عَنْ نَفْسِكَ وَعَنِ ٱلشَّعْبِ. وَٱعْمَلْ قُرْبَانَ ٱلشَّعْبِ وَكَفِّرْ عَنْهُمْ كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ».

ص 4: 3 و1صموئيل 3: 14 وعبرانيين 5: 3 و7: 27 و9: 7 ص 4: 16 و20 و عبرانيين 5: 1

قَالَ مُوسَى لِهَارُونَ مع أن هارون كان حينئذ كاهناً بل الحبر الأعظم يقترب إلى المذبح حتى دعاه موسى إليه ليبين للشعب أن هارون لم يدع الكهنوت لنفسه بل تولاه بأمر الرب لموسى. وعلى هذا قول الرسول «لاَ يَأْخُذُ أَحَدٌ هٰذِهِ ٱلْوَظِيفَةَ بِنَفْسِهِ، بَلِ ٱلْمَدْعُوُّ مِنَ ٱللّٰهِ، كَمَا هَارُونُ أَيْضاً. كَذٰلِكَ ٱلْمَسِيحُ أَيْضاً لَمْ يُمَجِّدْ نَفْسَهُ لِيَصِيرَ رَئِيسَ كَهَنَةٍ، بَلِ ٱلَّذِي قَالَ لَهُ: أَنْتَ ٱبْنِي أَنَا ٱلْيَوْمَ وَلَدْتُكَ» (عبرانيين 5: 4 و5 الخ).

كَفِّرْ عَنْ نَفْسِكَ وَعَنِ ٱلشَّعْبِ هذه الذبيحة التي قدمها هارون عن نفسه وعن الشعب تثبت المتواتر من التفاسير القديمة إنها كانت تقدمة عن الخطية التي ارتكبها هو والشعب بعبادتهم العجل الذهبي (انظر تفسير ع 2). ويقوي هذا القول أنهم «صَنَعُوا ٱلْعِجْلَ ٱلَّذِي صَنَعَهُ هَارُونُ» (خروج 32: 35) فمشاركتهم لهارون في الخطية أوجبت مشاركتهم له في التقدمة عنها لأنهم هم أجبروه على صنع العجل (خروج 32: 1).

8 «فَتَقَدَّمَ هَارُونُ إِلَى ٱلْمَذْبَحِ وَذَبَحَ عِجْلَ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلَّذِي لَهُ».

ذَبَحَ عِجْلَ ٱلْخَطِيَّةِ ذبحه هارون نفسه على وفق قانون التقدمات الدموية (انظر ص 1: 5) على الجانب الشمالي من المذبح (انظر ص 1: 11).

9 «وَقَدَّمَ بَنُو هَارُونَ إِلَيْهِ ٱلدَّمَ، فَغَمَسَ إِصْبِعَهُ فِي ٱلدَّمِ وَجَعَلَ عَلَى قُرُونِ ٱلْمَذْبَحِ. ثُمَّ صَبَّ ٱلدَّمَ إِلَى أَسْفَلِ ٱلْمَذْبَحِ».

ص 8: 15 ص 4: 7

قَدَّمَ بَنُو هَارُونَ إِلَيْهِ ٱلدَّمَ لأن الذبيحة كانت عنهم أيضاً فساعدوه بأن أخذوا الدم في إناء (انظر ص 1: 5) وأتوا به إلى هارون وهو اقف عند المذبح ينتظره. وكان هذا بخلاف ذبيحة الخطيئة العادية المقدمة عن الحبر الأعظم والشعب التي كان يؤخذ دمها إلى الخيمة (انظر ص 4: 7 و16 - 18) وهنا هارون يضع بعض الدم على قرون مذبح النحاس الأربعة كا فعل موسى بدم ذبيحة التقديس الكهنوتي (انظر ص 8: 15).

10 «وَٱلشَّحْمَ وَٱلْكُلْيَتَيْنِ وَزِيَادَةَ ٱلْكَبِدِ مِنْ ذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ أَوْقَدَهَا عَلَى ٱلْمَذْبَحِ كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى».

ص 4: 11 و12 و8: 17

وَٱلشَّحْمَ... أَوْقَدَهَا عَلَى ٱلْمَذْبَحِ كان على هارون أن يحرق شحم هذه الذبيحة كما فعل موسى قبلاً (انظر 8: 14 و21 و28) لأن نار الله لا تخرج حتى تقدم تقدمة المحرقة عن الشعب (انظر ع 24).

11 «وَأَمَّا ٱللَّحْمُ وَٱلْجِلْدُ فَأَحْرَقَهُمَا بِنَارٍ خَارِجَ ٱلْمَحَلَّةِ».

ص 4: 11 و12 و8: 17

وَأَمَّا ٱللَّحْمُ وَٱلْجِلْدُ فَأَحْرَقَهُمَا كان اللحم والجلد من نصيب الكاهن إلا في هذه الذبيحة (انظر ص 6: 26) لأن الكاهن كان محظوراً عليه الاشتراك في ذبيحة الخطية التي تقدم عن نفسه (انظر ص 4: 35).

12 «ثُمَّ ذَبَحَ ٱلْمُحْرَقَةَ، فَنَاوَلَهُ بَنُو هَارُونَ ٱلدَّمَ، فَرَشَّهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ مُسْتَدِيراً».

ص 1: 5 و8: 19

ذَبَحَ ٱلْمُحْرَقَةَ حسب قانون الذبائح الذي أُمر به موسى (انظر ص 8: 18 - 21) وكبش هذه المحرقة (ع 2) ذبحه هارون على الجانب الشمالي من المذبح (انظر ص 1: 11). وبعد أن جمع بنو هارون الدم في الإناء مساعدة له أعطوه إياه فرشّه حول المذبح على أسلوب ما فعله موسى قبلاً (انظر ص 8: 19).

13 «ثُمَّ نَاوَلُوهُ ٱلْمُحْرَقَةَ بِقِطَعِهَا وَٱلرَّأْسَ، فَأَوْقَدَهَا عَلَى ٱلْمَذْبَحِ».

ص 8: 20

بِقِطَعِهَا أي بعد أن قطّع الذبيحة على ما في (ص 1: 6) لأن الذبيحة ذبيحة المحرقة التي قدمها موسى كانت قد قطّعت (انظر ص 8: 20) وأعطاه بنوه القِطع قطعة فقطعة. وطريق التقطيع لم تُذكر هنا لأنها كانت مثل الطريق التي قطّع فيها موسى.

14 «وَغَسَّلَ ٱلأَحْشَاءَ وَٱلأَكَارِعَ وَأَوْقَدَهَا فَوْقَ ٱلْمُحْرَقَةِ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ».

ص 8: 21

أَوْقَدَهَا فَوْقَ ٱلْمُحْرَقَةِ كانت نار هذه العلاوة القِطع المحترقة تحتها (انظر ص 4: 35).

15 «ثُمَّ قَدَّمَ قُرْبَانَ ٱلشَّعْبِ، وَأَخَذَ تَيْسَ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلَّذِي لِلشَّعْبِ وَذَبَحَهُ وَعَمِلَهُ لِلْخَطِيَّةِ كَٱلأَوَّلِ».

ع 3 وإشعياء 53: 10 وعبرانيين 2: 17 و5: 3

قَدَّمَ قُرْبَانَ ٱلشَّعْبِ لما صالح هارون الله بذبيحة الكفارة التي قدّمها عن نفسه صار أهلاً لأن يقدم ذبيحة الخطية عن الشعب.

كَٱلأَوَّلِ أي كما قدم الذبيحة عن نفسه (انظر ع 8) فأحرق اللحم خارج المحلة كما أمر موسى.

16 «ثُمَّ قَدَّمَ ٱلْمُحْرَقَةَ وَعَمِلَهَا كَٱلْعَادَةِ».

ص 1: 3 و10

قَدَّمَ ٱلْمُحْرَقَةَ أي عجلاً ابن سنة وحملاً (انظر ع 3) وقدمها على الرسم الذي تقدّم (ص 1: 3). ومثل هذا كان في (ص 5: 10).

17 «ثُمَّ قَدَّمَ ٱلتَّقْدِمَةَ وَمَلأَ كَفَّهُ مِنْهَا، وَأَوْقَدَهَا عَلَى ٱلْمَذْبَحِ، عَدَا مُحْرَقَةِ ٱلصَّبَاحِ».

ص 2: 1 و2 وع 4 خروج 29: 38

قَدَّمَ ٱلتَّقْدِمَةَ (وفي بعض التراجم الذبيحة الطعامية أو ذبيحة الملء وفي العبرانية «المنحة» ومعناها (الهدية والقربان) وقدمها هارون على القاعدة في (ص 2: 1 - 3).

عَدَا مُحْرَقَةِ ٱلصَّبَاحِ هذه كانت علاوة على الحمَل المقدم ذبيحة محرقة كل يوم وكان مصحوباً بتقدمة المنحة أو الملء أو التقدمة الطعامية (خروج 29: 3 - و40). وابتدأ هاورن عمله الكهنوتي بتقدمة الصباح كل يوم وكانت متقدمة على كل الذبائح.

18 - 21 «18 ثُمَّ ذَبَحَ ٱلثَّوْرَ وَٱلْكَبْشَ ذَبِيحَةَ ٱلسَّلاَمَةِ ٱلَّتِي لِلشَّعْبِ. وَنَاوَلَهُ بَنُو هَارُونَ ٱلدَّمَ فَرَشَّهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ مُسْتَدِيراً. 19 وَٱلشَّحْمَ مِنَ ٱلثَّوْرِ وَمِنَ ٱلْكَبْشِ: ٱلأَلْيَةَ وَمَا يُغَشِّي وَٱلْكُلْيَتَيْنِ وَزِيَادَةَ ٱلْكَبِدِ. 20 وَوَضَعُوا ٱلشَّحْمَ عَلَى ٱلصَّدْرَيْنِ، فَأَوْقَدَ ٱلشَّحْمَ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ. 21 وَأَمَّا ٱلصَّدْرَانِ وَٱلسَّاقُ ٱلْيُمْنَى فَرَدَّدَهَا هَارُونُ تَرْدِيداً أَمَامَ ٱلرَّبِّ كَمَا أَمَرَ مُوسَى».

ص 3: 1 الخ ص 3: 5 و16 خروج 29: 24 و26 وص 7: 30 إلى 34

ثُمَّ ذَبَحَ ٱلثَّوْرَ الخ كانت هذه ذبيحة السلامة قُدمت على الأسلوب المذكور في (ص 3: 1 الخ)

22 «ثُمَّ رَفَعَ هَارُونُ يَدَهُ نَحْوَ ٱلشَّعْبِ وَبَارَكَهُمْ، وَٱنْحَدَرَ مِنْ عَمَلِ ذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ وَٱلْمُحْرَقَةِ وَذَبِيحَةِ ٱلسَّلاَمَةِ».

عدد 6: 23 وتثنية 21: 5 ولوقا 24: 50

رَفَعَ هَارُونُ يَدَهُ... وَبَارَكَهُمْ أتى ذلك في نهاية الخدمة وتُعرف هذه البركة بالبركة الحبرية أو الكاهنية. وكلمات هذه البركة في (ع 6: 24 - 26) لأن الرب اختار بني لاوي ليباركوا شعبه باسمه (تثنية 10: 8 و21: 5). وما زال بنو هارون أي سلالته يباركون الشعب في المجامع في وقت معيّن من السنة. ويُستفاد من الآية أن هارون كان عند البركة موجهاً وجهه إلى الشعب فكان نسله يفعل كذلك وكان يرفع يديه فوق كتفيه ويحفظهما فوق الرؤوس ويجمع بين يديه بالإبهامين والسبابتين حتى يجعل يديه ثلاثة أقسام (انظر ص 6: 24 الخ).

وَٱنْحَدَرَ مِنْ عَمَلِ ذَبِيحَةِ أي نزل من موقفه على جانب المذبح الذي كان يصعد إليه بطريق مائلة إذ كان الدرج ممنوعاً (انظر خروج 20: 26) وكان علو المذبح في عصر الهيكل الثاني ثلاث أذرع.

23 «وَدَخَلَ مُوسَى وَهَارُونُ إِلَى خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ، ثُمَّ خَرَجَا وَبَارَكَا ٱلشَّعْبَ. فَتَرَاءَى مَجْدُ ٱلرَّبِّ لِكُلِّ ٱلشَّعْبِ».

عدد 6 وعدد 14: 10 و16: 19 و42

دَخَلَ مُوسَى وَهَارُونُ إِلَى خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ كانوا بعد الفراغ من الذبائح يوقدون البخور على المذبح الذهبي. وهنا ترك هارون دار الخيمة حيث كان مذبح المحرقة ودخل المكان المقدس حيث مذبح البخور ليجري آخر الرسوم (انظر خروج 30: 7 الخ). وعلى أثر النبإ تُرك لهارون كل ما يتعلق بالذبائح وأدخله موسى القدس ليبين له كيف يوقد البخور ويرتب خبز الوجوه على المائدة وكيف يوقد سرج المنارة وكيف يتصرف بسائر القدس.

فَتَرَاءَى مَجْدُ ٱلرَّبِّ الخ ليرى الشعب أنه قبل تعيين الكهنة وكل ما أتوه من الخدمة. وكان الله يظهر مجده بعمود من السحاب منير كلهيب النار.

24 «وَخَرَجَتْ نَارٌ مِنْ عِنْدِ ٱلرَّبِّ وَأَحْرَقَتْ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ ٱلْمُحْرَقَةَ وَٱلشَّحْمَ. فَرَأَى جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ وَهَتَفُوا وَسَقَطُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ».

تكوين 4: 4 وقضاة 6: 21 و1ملوك 18: 38 و2أيام 7: 1 ومزمور 20: 3 و1ملوك 18: 39 و2أيام 7: 3 وعزرا 3: 11

وَخَرَجَتْ نَارٌ مِنْ عِنْدِ ٱلرَّبِّ وَأَحْرَقَتْ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ ٱلْمُحْرَقَةَ كان هذا علامة قبول الله للذبيحة ويمثل هذا قبل ذبيحة جدعون (قضاة 6: 20 و21). وذبيحة إيليا (1ملوك 18: 28). وذبائح سليمان يوم وقف الهيكل للرب (2أيام 7: 1 و2). وفي تقاليد اليهود إن نار الذبيحة التي خرجت من حضرة الله قد حُفظت بالوقود دائماً (انظر ص 6: 13).

هَتَفُوا وَسَقَطُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ عندما رأى الشعب آية قبول الله الخدمة أعلنوا شكرهم بآيات إكرامهم إياه واحترامهم له واعترافهم بإحسانه فقد جاء في سفر الأيام الثاني «وَكَانَ جَمِيعُ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَنْظُرُونَ عِنْدَ نُزُولِ ٱلنَّارِ وَمَجْدِ ٱلرَّبِّ عَلَى ٱلْبَيْتِ، وَخَرُّوا عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى ٱلأَرْضِ عَلَى ٱلْبَلاَطِ ٱلْمُجَزَّعِ، وَسَجَدُوا وَحَمَدُوا ٱلرَّبَّ لأَنَّهُ صَالِحٌ وَإِلَى ٱلأَبَدِ رَحْمَتُهُ» (2أيام 7: 3).

اَلأَصْحَاحُ ٱلْعَاشِرُ

1 «وَأَخَذَ ٱبْنَا هَارُونَ، نَادَابُ وَأَبِيهُو، كُلٌّ مِنْهُمَا مِجْمَرَتَهُ وَجَعَلاَ فِيهِمَا نَاراً وَوَضَعَا عَلَيْهَا بَخُوراً، وَقَرَّبَا أَمَامَ ٱلرَّبِّ نَاراً غَرِيبَةً لَمْ يَأْمُرْهُمَا بِهَا».

ص 16: 1 و22: 9 وعدد 3: 3 و4 و26: 61 و1أيام 24: 2 ص 16: 12 وعدد 16: 18 خروج 30: 9

نَادَابُ وَأَبِيهُو على أثر إعلان الله قبوله لخدمة الكهنة المقترنة بتعينهم وإعلان الشعب شكرهم لله على قبوله أولئك الكهنة وخدمتهم وفرحهم بذلك رأوا وهم مجتمعون أعجب الحوادث وهي أنهم رأوا اثنين من الكهنة الخمسة الذين عينوا ذلك اليوم ووقع عليهما عقاب عظيم على عثرتهما وكانا ابني هارون الأكبرين اللذين كانا قد امتازا أعلى امتياز بمصاحبتهما أباهما وموسى إلى قنّة الجبل المقدس (خروج 24: 1). فتعلّم بنو إسرائيل من هذه الحادثة أن الكهنة مع كونهم وسطاء بين الله والشعب يُعاقبون على مخالفة وصايا الله كغيرهم ولا تمنع رتبتهم العالية ما توجبه المخالفة لأمر الله من القصاص.

كُلٌّ مِنْهُمَا مِجْمَرَتَهُ كانت خطية ناداب وأبيهو مركبة من عدة معاص:

  1. إن كل واحد منهما أخذ مجمرته لا إناء القدس المقدس.

  2. إنهما قدما البخور معاً مع أن الواجب أن يقدمه واحد.

  3. إنهما أتيا ما يختص بالحبر الأعظم لأنه لا يجوز بمقتضى الشريعة لأحد غير الحبر الأعظم أن يوقد ذلك البخور في مجمرة (انظر ص 16: 12 و13 وعدد 17: 11). وكان من شأن الكهنة العاديين أن لا يوقدوا البخور إلا على مذبح الذهب في القدس (خروج 30: 7 و8) أو على مذبح النحاس باعتبار أنه جزء من التذكار (انظر ص 2: 2 و3 و16 الخ). وأما ما كان من قورح وجماعته فمستثنى لأنه كان بأمر موسى لغاية خاصة (عدد 16: 6 - 25).

  4. إنهما أوقدا البخور في غير وقته لأنه كان مستقلاً عن ذبيحة الصباح وذبيحة المساء.

نَاراً غَرِيبَةً إنهما ملأا مجمرتهما بنار عادية بدلاً من أن يملآها بالنار المقدسة نار المذبح التي كانت معينة أبداً لإيقاد البخور في المجمرة (انظر ص 9: 24 و16: 12). ويشير إلى هذا ما جاء في سفر الرؤيا وهو قول الرسول «ثُمَّ أَخَذَ ٱلْمَلاَكُ ٱلْمِبْخَرَةَ وَمَلأَهَا مِنْ نَارِ ٱلْمَذْبَحِ» (رؤيا 8: 5). وجاء في تقاليد اليهود القديمة شربا خمر التقدمة وأتيا الخدمة وهما سكرانان فلم يميّزا بين الشرعي وغير الشرعى وشاع هذا التقليد كثيراً حتى ظن إن الآية التاسعة من هذا الأصحاح متعلقة بما أتياه على ما يتبين من النسخة الكلدانية الفلسطينية ونص تلك الآية «خمراً ومسكراً لا تشرب أنت وبنوك معك عند دخولكم إلى خيمة الاجتماع لكي لا تموتوا فرضاً دهرياً في أجيالكم».

وظن بعضهم إن المقصود بالنار الغريبة بخور غريب أي بخور غير مصنوع على وفق ما أمرت الشريعة (خروج 30: 9).

أَمَامَ ٱلرَّبِّ أي أمام مسكن الرب أي تجاه باب القدس (انظر ص 1: 5) أو تجاه قدس الأقداس (انظر ص 4: 6).

لَمْ يَأْمُرْهُمَا بِهَا مثل صورة النفي في هذه العبارة كثيراً ما يأتي في العبرانية مكان صورة النهي كما يأتي الأمر بصورة الخبر (ص 12: 12) فيكون المعنى نهاهما الرب عنها.

2 «فَخَرَجَتْ نَارٌ مِنْ عِنْدِ ٱلرَّبِّ وَأَكَلَتْهُمَا، فَمَاتَا أَمَامَ ٱلرَّبِّ».

ص 9: 24 وعدد 16: 35 و2صموئيل 6: 7 و2ملوك 1: 10 و12

فَخَرَجَتْ نَارٌ مِنْ عِنْدِ ٱلرَّبِّ أخطأا بالنار وبالنار قُتلا. فالنار التي كانت تخرج وتحرق الذبائح دلالة على قبول الله إياها خرجت هنا نار انتقام من الخاطئ فصدق عليها قول الرسول «لِهٰؤُلاَءِ رَائِحَةُ مَوْتٍ لِمَوْتٍ، وَلِأُولٰئِكَ رَائِحَةُ حَيَاةٍ لِحَيَاةٍ» (2كورنثوس 2: 16).

أَكَلَتْهُمَا اي قتلتهما ولم تحرقهما لأن جسديهما بقيا كما كانا وإن قميصهما بقيا كذلك على ما في الآية الخامسة.

فَمَاتَا أَمَامَ ٱلرَّبِّ أي في دار القدس (انظر ع 1) في الموضع الذي أخطاا فيه.

3 «فَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ: هٰذَا مَا تَكَلَّمَ بِهِ ٱلرَّبُّ قَائِلاً: فِي ٱلْقَرِيبِينَ مِنِّي أَتَقَدَّسُ، وَأَمَامَ جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ أَتَمَجَّدُ. فَصَمَتَ هَارُونُ».

خروج 19: 22 و29: 43 وص 21: 6 و17 و21 وإشعياء 52: 11 وحزقيال 20: 41 و42: 13 إشعياء 49: 3 وحزقيال 28: 22 ويوحنا 13: 31 و32 و14: 13 و2تسالونيكي 1: 10 مزمور 39: 9

فَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ: هٰذَا مَا تَكَلَّمَ بِهِ ٱلرَّبُّ هذا يدلنا على أن الله كان قد أوصى موسى بما لم يُذكر قبلاً فأعلنه موسى هنا للأب الذي رُزئ بولدين من أولاده فأبان له إن ما حدث كان بقضاء الله وقصده.

فِي ٱلْقَرِيبِينَ مِنِّي أَتَقَدَّسُ أي اتقدس بالذين يقتربون إليّ فإن الرب قدّس لنفسه هارون وبنيه بالمسحة المقدسة (انظر ص 8: 10 و12) حتى يقدسوه بتوسطهم بينه وبين الشعب. وإذ قصر ابناه عن ذلك قدس الله نفسه بهما بما أوقعه من العقاب لهم على معصيتهما (انظر حزقيال 27: 22 وعدد 16: 5 وحزقيال 42: 13 و43: 19).

أَمَامَ جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ أَتَمَجَّدُ أعلن الله بهذا الانتقام غيرته على شريعته وإنها مقدسة وإنه هو قدوس إسرائيل لا يسمح بتدنيسها.

فَصَمَتَ هَارُونُ أي خضع لقضاء الله العادل على ولديه ولم يعترض فكان لسان حاله يقول كما قال المرنم «صَمَتُّ. لاَ أَفْتَحُ فَمِي لأَنَّكَ أَنْتَ فَعَلْتَ» (مزمور 39: 9).

4 «فَدَعَا مُوسَى مِيشَائِيلَ وَأَلْصَافَانَ ٱبْنَيْ عُزِّيئِيلَ عَمِّ هَارُونَ، وَقَالَ لَهُمَا: تَقَدَّمَا ٱرْفَعَا أَخَوَيْكُمَا مِنْ قُدَّامِ ٱلْقُدْسِ إِلَى خَارِجِ ٱلْمَحَلَّةِ».

خروج 6: 18 و22 وعدد 3: 19 و30 لاويين 22: 4 وأعمال 5: 6 وعدد 5: 2 و8: 2

فَدَعَا مُوسَى... ٱبْنَيْ عُزِّيئِيلَ هما ابنا قوهات أخي عمرام الأصغر لأن عمرام هو أبو هارون وعزيئيل عمه. وكان لعزيئيل ثلاثة بنين ميشائيل والصافان اثنان منهم (خروج 6: 18 و22). وإذ كان أليعازار وإيثامار كاهنين عاديين كان لهما أن يرفعا جثتي أخويهما المقتولين (انظر ص 21: 1 - 4). ولا ريب في أنهما تأثرا بذلك المشهد فرأى موسى أن يخفف عنهما الانفعال فأمر ابني عمهما برفع القتيلين. وعلى أنه لم يذكر هنا يصهار وحبرون وهما عما هارون الأكبران إنه قاوم بنوهما هارون وبنيه على الكهنوت ثم قام بالعصيان قورح بن يصهار (عدد ص 16 وص 17). ولا شك في أن العصيان أخذ ينمو من ذلك الوقت. وكان من الضروري أن يتولى دفن ذينك العاصيين من هم أبرياء من مخالفة شريعته المقدسة ومن التذمر عليها.

ٱرْفَعَا أَخَوَيْكُمَا أي قريبيكما. وكثيراً ما جاء الأخ في التوراة بمعنى النسيب القريب (انظر تكوين 13: 8 و14: 6 و24: 48 و29: 12 - 15 الخ).

مِنْ قُدَّامِ ٱلْقُدْسِ من دار القدس حيث أُوقد البخور في وسط الشعب المبتهج وحيث قُتل ذانك الكاهنان العاصيان (انظر ص 9: 5).

5 «فَتَقَدَّمَا وَرَفَعَاهُمَا فِي قَمِيصَيْهِمَا إِلَى خَارِجِ ٱلْمَحَلَّةِ كَمَا قَالَ مُوسَى».

رَفَعَاهُمَا فِي قَمِيصَيْهِمَا كان كل من ذينك القميصين ثوباً طويلاً أبيض معداً للخدمة الكهنوتية وكان من أخصّ ثياب الكهنة. وكان العتيق من قمصان الكهنة يُصنع فتائل لسُرج القدس وهنا دُفنا مع لابسيهما أنهما تنجسا بمسهما جثتيهما.

خَارِجِ ٱلْمَحَلَّةِ كانت المقابر في الأزمنة القديمة خارج المدن (كما هي اليوم في بعض مدن سورية). (انظر تكوين 23: 9 و17 ومتّى 27: 71 ولوقا 8: 27).

6 «وَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ وَأَلِعَازَارَ وَإِيثَامَارَ ٱبْنَيْهِ: لاَ تَكْشِفُوا رُؤُوسَكُمْ وَلاَ تَشُقُّوا ثِيَابَكُمْ لِئَلاَّ تَمُوتُوا وَيُسْخَطَ عَلَى كُلِّ ٱلْجَمَاعَةِ. وَأَمَّا إِخْوَتُكُمْ كُلُّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ فَيَبْكُونَ عَلَى ٱلْحَرِيقِ ٱلَّذِي أَحْرَقَهُ ٱلرَّبُّ».

خروج 33: 5 وص 13: 45 و21: 10 وعدد 6: 6 و7 وتثنية 33: 9 وحزقيال 24: 16 و17 عدد 16: 22 و45 ويشوع 7: 1 و22: 18 و20 و2صموئيل 24: 1

لاَ تَكْشِفُوا رُؤُوسَكُمْ كانت عادة النائحين أن يكشفوا رؤوسهم ويرخوا شعورهم ويشوشوها (ص 13: 45 و21: 10 و2صموئيل 15: 30 و19: 4 الخ). ولهذا السبب كان الكهنة المعينون لخدمة الرب محظوراً عليهم أن يحلقوا رؤوسهم ولا يتركون خُصل شعرهم تطول لمثل تلك الحال (حزقيال 44: 20). وفي هذه الحال منع هارون وابنيه الباقيين من إظهار آيات الحزن أو إتيان ما ذُكر علامة له لأن ذلك يدل على أنهما لم يرضوا قضاء الله العادل.

لاَ تَشُقُّوا ثِيَابَكُمْ كان تمزيق الثياب من جملة ما اعتاده القدماء في المآتم إظهاراً لشدة الحزن (تكوين 37: 29 و34 ويشوع 7: 6 و2صموئيل 13: 21 الخ) ولا يزال اليهود إلى هذا اليوم يأتون ذلك عند موت أحد الأقارب فإنهم يمزقون ثيابهم ويرخون شعورهم ولا يغتسلون.

يُسْخَطَ عَلَى كُلِّ ٱلْجَمَاعَةِ أي إن مخالفة أمره لا تقتصر على أن تأتي بالعقاب على هارون وابنيه بل تأتي به على كل جماعة الإسرائيليين فيقع غضب الله على الجميع. إن الكاهن الأعلى كان نائباً عن الشعب في النفع والضرر فكان إذا أخطأ وعوقب عوقب الشعب معه (انظر ص 4: 3).

وَأَمَّا إِخْوَتُكُمْ دُعي كل بني إسرائيل إخوة في ذلك الرزء ليُظهروا مؤاساتهم للمرزوئين كأن المصاب وقع عليهم جميعاً.

7 «وَمِنْ بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ لاَ تَخْرُجُوا لِئَلاَّ تَمُوتُوا. لأَنَّ دُهْنَ مَسْحَةِ ٱلرَّبِّ عَلَيْكُمْ. فَفَعَلُوا حَسَبَ كَلاَمِ مُوسَى».

ص 21: 12 خروج 28: 41 وص 8: 30

مِنْ بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ أي من مدخل الخيمة (انظر ص 1: 3) لم يكن لهارون وبنيه أن يتركوا دار القدس ليشهدوا الدفن.

لأَنَّ دُهْنَ مَسْحَةِ ٱلرَّبِّ عَلَيْكُمْ هذه علة أنه حُظر عليهم أن يشهدوا الدفن مع سائر الناس إنهم كانوا معيّنين لخدمة الرب المقدسة. فما كانت العلاقة النسبية الأرضية تعترض واجباتهم لله ولهذا كان محرماً على الكهنة أن يحزنوا كغيرهم حين يأخذون في الخدمة أمام الرب (انظر ص 21: 101 - 12). وكانت هذه الشريعة تحفظ أشد الحفظ في عصر الهيكل الثاني. فكان الكاهن إذا نُعي إليه أحد أقربائه لا يترك القدس لئلا يظهر أنه يحب الشخص الميت أكثر من حبه لله الحي.

8 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِهَارُونَ».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِهَارُونَ لما ضرب الله نحو نصف الكهنة الذين عيّنوا حديثاً ومنع النصف الآخر من الحزن أو الحداد ظنوا أن الله لم يسرّ بهم كما لم يسر بمن ضربهما فقال الله ذلك تعزية لهم وبياناً أنهم لم يزالوا كهنة في عيون الشعب الذين شاهدوا المعصية والعقاب عليها. وكلم هارون بذلك رأساً بدون توسط موسى إكراماً له.

9 «خَمْراً وَمُسْكِراً لاَ تَشْرَبْ أَنْتَ وَبَنُوكَ مَعَكَ عِنْدَ دُخُولِكُمْ إِلَى خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ لِكَيْ لاَ تَمُوتُوا. فَرْضاً دَهْرِيّاً فِي أَجْيَالِكُمْ».

حزقيال 44: 21 ولوقا 1: 15 و1تيموثاوس 3: 3 وتيطس 1: 7

خَمْراً هذا دل الأقدمين على أن ذنب الكاهنين اللذين قتلهما الله بناره نتج عن سكرهما وعلى ذلك قول الرسول «فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ ٱلأُسْقُفُ... غَيْرَ مُدْمِنِ ٱلْخَمْرِ... كَذٰلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ ٱلشَّمَامِسَةُ... غَيْرَ مُولَعِينَ بِٱلْخَمْرِ ٱلْكَثِيرِ» (1تيموثاوس 3: 2 و3 و8).

مُسْكِراً الخمر على أنواعها من خمر القمح والشعير والتفاح والتمر والعسل والعنب وسائر الأثمار فهذه كلها محرمة على الكاهن عند دخوله الخيمة.

عِنْدَ دُخُولِكُمْ إِلَى خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ وزيد في النسخة الكلدانية الفلسطينية «كما فعل ابناك اللذان ماتا بالنار المتقدة». وهذه الشريعة ذُكرت في نبوءة حزقيال وهي قوله «لاَ يَشْرَبُ كَاهِنٌ خَمْراً عِنْدَ دُخُولِهِ إِلَى ٱلدَّارِ ٱلدَّاخِلِيَّةِ» (حزقيال 44: 21). وهذه العبارة تدل أنه كان يجوز للكهنة أن يشربوا الخمر في غير ذلك الوقت إذا اقتضت الحال.

10 «وَلِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ ٱلْمُقَدَّسِ وَٱلْمُحَلَّلِ وَبَيْنَ ٱلنَّجِسِ وَٱلطَّاهِرِ».

ص 11: 47 و20: 25 وإرميا 15: 19 وحزقيال 22: 26 و44: 23

لِلتَّمْيِيزِ هذا هو علة نهيهم عن المسكر فإنهم إذا كانوا صحاة قدروا أن يميزوا بين الحلال والحرام بخلاف ما لو كانوا سكارى. وهذا يقوي القول بأن ناداب وأبيهو كانا سكرانين حتى لم يميزا النار المقدسة من غير المقدسة.

11 «وَلِتَعْلِيمِ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَمِيعَ ٱلْفَرَائِضِ ٱلَّتِي كَلَّمَهُمُ ٱلرَّبُّ بِهَا بِيَدِ مُوسَى».

تثنية 24: 8 ونحميا 8: 2 و8 و9 و13 وإرميا 18: 18 وملاخي 2: 7

وَلِتَعْلِيمِ فما كان يجب على الكهنة أن يمتنعوا عن المسكر لمجرد الخدمة الرمزية بل كان عليهم أيضاً أن يكونوا صحاة ليعلّموا الشعب لأنه كان عليهم أن يعتنوا بالحياة البيتية والهيئة الاجتماعية بواسطة تعليم الشعب الشريعة الإلهيه (تثنية 23: 10 وملاخي 2: 7). وعلى إهمال الكهنة هذا الأمر العظيم وبخهم الله بقوله «كَهَنَتُهَا خَالَفُوا شَرِيعَتِي وَنَجَّسُوا أَقْدَاسِي. لَمْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ ٱلْمُقَدَّسِ وَٱلْمُحَلَّلِ، وَلَمْ يَعْلَمُوا ٱلْفَرْقَ بَيْنَ ٱلنَّجِسِ وَٱلطَّاهِرِ» (حزقيال 22: 26).

12 «وَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ وَأَلِعَازَارَ وَإِيثَامَارَ ٱبْنَيْهِ ٱلْبَاقِيَيْنِ: خُذُوا ٱلتَّقْدِمَةَ ٱلْبَاقِيَةَ مِنْ وَقَائِدِ ٱلرَّبِّ وَكُلُوهَا فَطِيراً بِجَانِبِ ٱلْمَذْبَحِ لأَنَّهَا قُدْسُ أَقْدَاسٍ».

خروج 29: 2 وص 6: 16 وعدد 18: 9 و10 ص 21: 22

قَالَ مُوسَى لِهَارُونَ قال موسى هذا الكلام المتعلق بالذبائح التي تقدم في اليوم الثامن أو اليوم الذي بعد يوم التقديس لهارون وابنيه الباقيين على أثر رزئهم. فإن هارون لما فقد ابنيه الأكبرين لأنهما خالفا الشريعة ونجسا الترتيب المقدس رغب موسى كثيراً في أن يقيه وابنيه الباقيين من التعدي شيء من الرسوم المتعلقة بتلك التقدمات لئلا يهلكوا كما هلك الأخوان.

خُذُوا ٱلتَّقْدِمَةَ ٱلْبَاقِيَةَ أي التقدمة الطعامية التي قدمها الشعب في ذلك اليوم على أثر تقديس الكهنة حين وقع المصاب (انظر ص 9: 17) ولم تكن قد أُكلت فإنه كان ما عدا القبضة التي كانت ُتحرق على المذبح مختصاً بالكهنة (انظر ص 2: 1 - 3 و6: 4 - 18).

كُلُوهَا فَطِيراً بِجَانِبِ ٱلْمَذْبَحِ أي في دار الخيمة حيث مذبح المحرقة (انظر 6: 16).

لأَنَّهَا قُدْسُ أَقْدَاسٍ أي مقدسة كثيراً ولهذا ما كان يجوز أن يأكلها من عيال الكهنة سوى الذكور في دار القدس (انظر ص 6: 18).

13 «كُلُوهَا فِي مَكَانٍ مُقَدَّسٍ لأَنَّهَا فَرِيضَتُكَ وَفَرِيضَةُ بَنِيكَ مِنْ وَقَائِدِ ٱلرَّبِّ. فَإِنَّنِي هٰكَذَا أُمِرْتُ».

ص 2: 3 و6: 16

كُلُوهَا فِي مَكَانٍ مُقَدَّسٍ أي في جزء من دار القدس وما كان يجوز أكلها خارح القدس.

14 «وَأَمَّا صَدْرُ ٱلتَّرْدِيدِ وَسَاقُ ٱلرَّفِيعَةِ فَتَأْكُلُونَهُمَا فِي مَكَانٍ طَاهِرٍ أَنْتَ وَبَنُوكَ وَبَنَاتُكَ مَعَكَ، لأَنَّهُمَا جُعِلاَ فَرِيضَتَكَ وَفَرِيضَةَ بَنِيكَ مِنْ ذَبَائِحِ سَلاَمَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ».

خروج 29: 24 و26 و27 وص 7: 31 و34 وعدد 18: 11

صَدْرُ ٱلتَّرْدِيدِ وَسَاقُ ٱلرَّفِيعَةِ (وفي الترجمة الإنكليزية وكتف الرفيعة وما في الترجمة العربية على وفق العبرانية) وهما قسم من التقدمة التي قدمها الشعب (انظر ص 9: 18 - 21) وكان يعطى الكهنة طعاماً لعيالهم (ص 7: 34) وهذا الجزء كان يجوز أكله أين شاءوا من أماكن المحلة بشرط أن يكون طاهراً على مقتضى الرسوم.

15 «سَاقُ ٱلرَّفِيعَةِ وَصَدْرُ ٱلتَّرْدِيدِ يَأْتُونَ بِهِمَا مَعَ وَقَائِدِ ٱلشَّحْمِ لِيُرَدَّدَا تَرْدِيداً أَمَامَ ٱلرَّبِّ، فَيَكُونَانِ لَكَ وَلِبَنِيكَ مَعَكَ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ».

ص 7: 29 و30 و34

سَاقُ ٱلرَّفِيعَةِ وَصَدْرُ ٱلتَّرْدِيدِ (وفي الترجمة الإنكليزية كتف الرفيعة) أي هذا الجزء للكاهن وعياله هبة من الرب (انظر ص 7: 29 و30).

16 «وَأَمَّا تَيْسُ ٱلْخَطِيَّةِ فَإِنَّ مُوسَى طَلَبَهُ فَإِذَا هُوَ قَدِ ٱحْتَرَقَ. فَسَخَطَ عَلَى أَلِعَازَارَ وَإِيثَامَارَ ٱبْنَيْ هَارُونَ ٱلْبَاقِيَيْنِ وَقَالَ».

ص 9: 3 و15

وَأَمَّا تَيْسُ ٱلْخَطِيَّةِ فَإِنَّ مُوسَى طَلَبَهُ أي لحم تيس ذبيحة الخطية الذي قدمه الشعب في اليوم الثامن (انظر ص 9: 15).

فَإِذَا هُوَ قَدِ ٱحْتَرَقَ إن اليعازر وإيثامار لحزنهما على فقد أخويها لم يستطيعا أن يأكلا وإذ لم يكن جائزاً لغير الكهنة أن يأكل لحم ذبيحة الخطية أحرقاه على المذبح منعاً له من الفساد وأتيا ذلك في الوقت الذي فيه أُحرق لحم ذبيحة تقدمة هارون عن الخطية خارج المحلة (انظر ص 9: 11).

فَسَخَطَ عَلَى أَلِعَازَارَ وَإِيثَامَارَ كان على هارون ما كان على ابنيه في أكل اللحم فالمرجّح أن موسى لم يظهر سخطه على هارون حفظاً لمقامه في عيون الشعب.

17 «مَا لَكُمَا لَمْ تَأْكُلاَ ذَبِيحَةَ ٱلْخَطِيَّةِ فِي ٱلْمَكَانِ ٱلْمُقَدَّسِ، لأَنَّهَا قُدْسُ أَقْدَاسٍ، وَقَدْ أَعْطَاكُمَا إِيَّاهَا لِتَحْمِلاَ إِثْمَ ٱلْجَمَاعَةِ تَكْفِيراً عَنْهُمْ أَمَامَ ٱلرَّبِّ».

ص 6: 26 و29

مَا لَكُمَا لَمْ تَأْكُلاَ كما أُمر في (ص 6: 26).

أَعْطَاكُمَا إِيَّاهَا أي أعطاكما الله لحم ذبيحة الخطية لتأكلاه (انظر ص 6: 29).

لِتَحْمِلاَ إِثْمَ ٱلْجَمَاعَةِ تَكْفِيراً الخ أي لتزيلا الإثم عنها فإن ما كان يأتيه الكاهن أمام الرب في ذلك كان تكفيراً عن الشعب. فكان يُعطى الكاهن لحم ذبيحة الخطية حتى يظهروا بأكلهم إياه إن الرب قبل الذبيحة وغفر بإحسانه فكان أكلها فعلاً مقدساً وغفران الله هبة (انظر تكوين 4: 7 وخروج 32: 32 ومزمور 31: 1 و5 الخ).

18 «إِنَّهُ لَمْ يُؤْتَ بِدَمِهَا إِلَى ٱلْقُدْسِ دَاخِلاً. أَكْلاً تَأْكُلاَنِهَا فِي ٱلْقُدْسِ كَمَا أَمَرْتُ».

ص 6: 30 ص 6: 26

إِنَّهُ لَمْ يُؤْتَ بِدَمِهَا إِلَى ٱلْقُدْسِ كان من الواجب بمقتضى شريعة الذبيحة (التي لم يُحمل دمها إلى القدس) أن يأكلها الكهنة فقط في مكان مقدس وكان ذلك جزءاً من الخدمة الكهنوتية (انظر ص 6: 25 و26 و10: 17). وكان لحم ذبيحة الخطية هنا من الذبائح التي يحمل دمها إلى القدس ولكنه لم يحمل دمها إلى القدس (انظر ص 9: 9).

أَكْلاً تَأْكُلاَنِهَا فِي ٱلْقُدْسِ كَمَا أَمَرْتُ كان يجب على هارون وابنيه أن يأكلا اللحم في دار القدس كما أمر موسى (ص 6: 26).

19 «فَقَالَ هَارُونُ لِمُوسَى: إِنَّهُمَا ٱلْيَوْمَ قَدْ قَرَّبَا ذَبِيحَةَ خَطِيَّتِهِمَا وَمُحْرَقَتَهُمَا أَمَامَ ٱلرَّبِّ وَقَدْ أَصَابَنِي مِثْلُ هٰذِهِ. فَلَوْ أَكَلْتُ ذَبِيحَةَ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلْيَوْمَ، هَلْ كَانَ يَحْسُنُ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ؟».

ص 9: 8 و12 إرميا 6: 20 و14: 21 وهوشع 9: 4 وملاخي 1: 10 و12

فَقَالَ هَارُونُ تقدم في الآية السادسة عشرة ان موسى سخط على العازار وإيثامار ولم يظهر سخطه على هارون لعلو مرتبته ولحفظ هيبته في عيون الشعب ولما كان سخط موسى على ابني هارون لأمر اشترك فيه هارون نفسه كان شريكاً لهما في المسخوطية لا محالة وقد شعر بذلك ولهذا دفع عن ولديه.

قَرَّبَا ذَبِيحَةَ خَطِيَّتِهِمَا قبل أن يقع ما وُبخوا عليه رأى هارون إن كل ما أتاه بنوه قبل رزئه بابنيه الأكبرين كان على وفق التعليم المتعلق بالرسوم وإن بنيه الذين ساعدوه قدموا ذبيحة خطيتهم وذبيحة خطية الشعب والمحرقة (ص 9: 15 و16) بمقتضى الشريعة وهذا دليل على أن ابني هارون الباقيين وهارون نفسه لم يقصدوا التعدي إنما منعهم مما لامهم موسى عليه مما ألم بهم من الحزن كما يتبين مما يأتي.

وَقَدْ أَصَابَنِي مِثْلُ هٰذِهِ أي المصيبة التي وقعت على ابنيه الباقيين وهي الأسف على أخويهما ناداب وأبيهو وقعت عليه هو لأنه أبوهما فشمل الأسف الثلاثة.

فَلَوْ أَكَلْتُ الخ يريد هارون أنه لو أكل هو وابناه لحم الذبيحة وقلوبهم مملوءة من الحزن وأفكارهم في شغل شاغل عن ذلك كان إساءة إلى الله لأن خدمته تقتضي أن يكون العقل صاحياً منتبهاً والقلب متوجهاً إليه. قلنا وبناء على حجة هارون كان القانون في أيام الهيكل الثاني إن الكاهن العادي إذا نُعي إليه أحد أقاربه وهو يخدم في القدس وجب أن يكف عن الخدمة وإن لم يجز له أن يترك الهيكل وإلا نُجست الذبيحة على أن الحبر الأعظم الذي كان عليه أن يكمل الخدمة كان يكملها ولا يأكل من لحم الذبيحة.

20 «فَلَمَّا سَمِعَ مُوسَى حَسُنَ فِي عَيْنَيْهِ».

حَسُنَ فِي عَيْنَيْهِ أي رأى حجة هارون صحيحة على وفق الصواب وسلّم بأنه أسرع إلى اللوم. وهذا من أجلى البينات على تواضع موسى وعلى حسن سجيته باعتبار أنه المشترع (انظر أيضاً عدد 32: 6 الخ) وعلى هذا نسب اليهود منذ زمن بعيد الخطأ إلى موسى والصواب إلى هارون في هذه الحادثة وأوضحت ذلك النسخة الكلدانية الفلسطينية أحسن إيضاح ففيها ما ترجمته «فلما سمع موسى ذلك استحسنه ونادى في كل محلة إسرائيل إني نسيت الشريعة فذكرنيها أخي هارون».

اَلأَصْحَاحُ ٱلْحَادِي عَشَرَ

1 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى وَهَارُونَ».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى وَهَارُونَ كان يخشى من سخط موسى على الكهنة الذي شاع بين اليهود (انظر ص 10: 16). أن يذهب بتأثيرهم في الشعب أو يقلله مع أنهم معلموهم شريعة الطاهر والنجس (انظر ص 10: 10 و 11) ولذلك أكرم الرب هارون بأن جعله ممثل موسى في إلقاء الوحي إليه (انظر عدد 9: 6).

2 «قُولاَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: هٰذِهِ هِيَ ٱلْحَيَوَانَاتُ ٱلَّتِي تَأْكُلُونَهَا مِنْ جَمِيعِ ٱلْبَهَائِمِ ٱلَّتِي عَلَى ٱلأَرْضِ».

تثنية 14: 4 وأعمال 10: 12 و14

هٰذِهِ هِيَ ٱلْحَيَوَانَاتُ ٱلَّتِي تَأْكُلُونَهَا مِنْ جَمِيعِ ٱلْبَهَائِمِ أول شريعة الأطعمة كانت في البهائم البرية الداجنة والآبدة. وكانت البهائم عند العبرانيين أربعة أقسام (1) البرية. و(2) المائية. و(3) الهوائية أي الطيور. و(4) السربية الهوامية أي التي تعيش جماعات من الهوام أو الحشرات. ولم يذكر أقسام التي يحل أكلها من البرية بأسمائها وهي عشرة كما يُعرف مما جاء في سفر التثينة ففيه «هٰذِهِ هِيَ ٱلْبَهَائِمُ ٱلَّتِي تَأْكُلُونَهَا: ٱلْبَقَرُ وَٱلضَّأْنُ وَٱلْمَعْزُ وَٱلإِيَّلُ وَٱلظَّبْيُ وَٱلْيَحْمُورُ وَٱلْوَعْلُ وَٱلرِّئْمُ وَٱلثَّيْتَلُ وَٱلْمَهَاةُ» (تثنية 14: 4 و5). وشاع بين اليهود في عصر الهيكل الثاني إن الله جعل البهائم تمر فعلاً أمام موسى وهارون كما جعل البهائم تأتي إلى نوح وهو في الفلك وبنوا هذا القول على قوله تعالى «هذه هي الحيوانات» إذ فهموا من ذلك أنه أشار إلى ما يشاهدونه في الحضرة.

3 «كُلُّ مَا شَقَّ ظِلْفاً وَقَسَمَهُ ظِلْفَيْنِ وَيَجْتَرُّ مِنَ ٱلْبَهَائِمِ فَإِيَّاهُ تَأْكُلُونَ».

كُلُّ مَا شَقَّ ظِلْفاً وَقَسَمَهُ ظِلْفَيْنِ القاعدة الأولى لتمييز بهائم البرّ الطاهرة انشقاق الظلف انشقاقاً بيناً تاماً من أعلى ومن أسفل كما يدل على ذلك مثل هذه الآية في سفر التثنية وهي «كُلُّ بَهِيمَةٍ مِنَ ٱلْبَهَائِمِ تَشُقُّ ظِلْفاً وَتَقْسِمُهُ ظِلْفَيْنِ» (تثنية 14: 6). وذلك مثل ما تراه في ظلف الثور والشاة والعنز فإن كلا منها مشقوق إلى اثنين من فوق ومن تحت بخلاف أيدي وأرجل الكلاب والهرر فإنها مقسومة إلى عدة براثن جمع برثن وهو لهؤلاء البهائم كالإصبع للإنسان. وفي الكتب العربية الظلف للبقرة والشاة والظبي وشبهها بمنزلة القدم للإنسان. وقيل بمنزلة الحافر للفرس والخف للبعير أي الجمل).

وَيَجْتَرُّ الانشقاق إلى ظلفين متميزين من فوق ومن تحت ليس بالعلامة الكاملة على طهارة البهيمة فيجب مع ذلك أن تكون من الحيوانات المجترة. وهذا هو القانون الذي شاع في زمن الهيكل الثاني «كل ذي أربع ليس له أنياب علوية يُعرف بأنه مجتر متى كان ذا ظلف مشتق إلى اثنين». وفي قانون مانو «أو مان» الهندي الأعظم تحريم أكل اللحم ذي الأربع غير المشقوق الظلف كذلك. وكذا كان قانون الكهنة المصريين فإنهم منعوا من أكل غير ذي ظلف مشقوق وكل ذي براثن. (والاجترار إخراج بعض البهائم الطعام من باطنه إلى فيه وأكله إياه ثانية).

4 «إِلاَّ هٰذِهِ فَلاَ تَأْكُلُوهَا مِمَّا يَجْتَرُّ وَمِمَّا يَشُقُّ ٱلظِّلْفَ: ٱلْجَمَلَ، لأَنَّهُ يَجْتَرُّ لٰكِنَّهُ لاَ يَشُقُّ ظِلْفاً، فَهُوَ نَجِسٌ لَكُمْ».

إِلاَّ هٰذِهِ فَلاَ تَأْكُلُوهَا لبعض البهائم من ذوات الأربع واحدة من العلامتين الاثنتين المذكورتين دون الأخرى الاجترار دون انشقاق الظلف وكانشقاق البهائم فمحظور أكله على الإسرائيليين.

ٱلْجَمَلَ، لأَنَّهُ يَجْتَرُّ لٰكِنَّهُ لاَ يَشُقُّ ظِلْفاً أي من أمثلة ما فيه واحدة من علامتي الطهارة المذكورتين دون الأخرى الجمل على أن ظلف الجمل وإن كان مشقوقاً من فوق هو غير مشقوق من تحت كظلف البقر والغنم فلا يدخل في هذا الاعتبار بين مشقوقات الظلف المذكورة. والمصريون والهنود لا يأكلون الجمل بدعوى أن لحمه حار وأنه يُنشئ في أكله القساوة والحقد وحب الانتقام. والفُرس وقدماء العرب والمسلمون يشربون لبن الإبل ويأكلون لحومها.

5 «وَٱلْوَبْرَ، لأَنَّهُ يَجْتَرُّ لٰكِنَّهُ لاَ يَشُقُّ ظِلْفاً فَهُوَ نَجِسٌ لَكُمْ».

تثنية 14: 7 ومزمور 104: 18 وأمثال 30: 26

وَٱلْوَبْرَ لأَنَّهُ يَجْتَرُّ لٰكِنَّهُ لاَ يَشُقُّ ظِلْفاً (انظر ع 4). (الوبر على ما في حياة الحيوان الكبرى للدميري دوبية أصغر من السنور طحلاء اللون لا ذنب لها تقيم في البيوت جمعه وبور وبارة والأنثى وبرة وقول الجوهري لا ذنَب لها أي لا ذَنب طويل وإلا فالوبر له ذنَب قصير جداً. والناس يسمون الوبر بغنم بني إسرائيل ويزعمون أنها مُسخت لأن ذنبها مع صغره يشبه إلية الخروف. وهو قول شاذ لا يُلتفت إليه ولا يعوّل عليه). وسمى قدماء الإنكليز الوبر بالأرنب (وهو في العبرانية شفن ولا أصل له فيها ليستدل به على معناه. وظن بعضهم إن معناه محتال ولذلك سمي بالإنكليزية كوني Coney و Cony من Cuning بتغيير التهجئة شيئاً. وقال بعضهم أنه اليربوع والصحيح أنه ليس إياه بل هو ما وصفه الدميري في حياة الحيوان الكبرى على ما ذُكر آنفاً) وهو ليس بالأرنب إنما هو حيوان يكثر في سورية ويعيش جماعات وقدر حجمه يقرب من قدر حجم الأرنب المعتدل وله شعر طويل أربد إلى السواد (أو أطحل أي لونه كلون الطحال) أو أسود يضرب إلى الصفرة وبطنه أبيض وذنبه قصير جداً وأذناه قصيرتان مستديرتان وفكه يشبه فك المجترات.

6 «وَٱلأَرْنَبَ، لأَنَّهُ يَجْتَرُّ لٰكِنَّهُ لاَ يَشُقُّ ظِلْفاً فَهُوَ نَجِسٌ لَكُمْ».

إشعياء 65: 4 و66: 3 و17

وَٱلأَرْنَبَ، لأَنَّهُ يَجْتَرُّ لٰكِنَّهُ لاَ يَشُقُّ ظِلْفاً وبعض الأمم غير اليهود يمتنعون من أكل الأرنب والمجوس يعتقدون أن الأرنب أنجس البهائم. وقدماء البريطون امتنعوا من أكل لحمه لأنه كريه في ذوقهم لأمراض مختصة به. وليس له معدة خاصة كالمجترات.

7 «وَٱلْخِنْزِيرَ، لأَنَّهُ يَشُقُّ ظِلْفاً وَيَقْسِمُهُ ظِلْفَيْنِ لٰكِنَّهُ لاَ يَجْتَرُّ، فَهُوَ نَجِسٌ لَكُمْ».

إشعياء 65: 4 و66: 3 و17

وَٱلْخِنْزِيرَ، لأَنَّهُ يَشُقُّ ظِلْفاً وَيَقْسِمُهُ ظِلْفَيْنِ لٰكِنَّهُ لاَ يَجْتَرُّ (انظر ع 3). لما أبان صفة البهائم التي تنطوي تحت ما يصدق عليها الشرط الثاني فقط أي التي تجتر ولا تشق ظلفاً وتقسمه ظلفين وأبان أنها لا تؤكل أذ يبين بعض أفراد البهائم التي تنطوي تحت ما يصدق عليها الشرط الأول مثالاً لسائرها وهو الخنزير فإنه يصدق عليه أنه «يشق ظلفاً ويقسمه ظلفين لكه لا يجتر» فهو نجس عند اليهود وضربوا في نجساته المثل (أمثال 11: 22). واتخذوا أكل لحم الخنزير كناية عن مخالفة الشريعة وعن العناد. وقد اتخذه أنطيخوس أبيفانيس آية اليهودي الذي نسي الشريعة. وفي سفر المكابيين الثاني أنه كان رجل يقال له أليعازر من متقدمي الكتبة طاعن في السن رائع المنظر في الغاية فأكرهوه بفتح فيه على أكل لحم الخنزير فاختار أن يموت مجيداً على أن يحيا ذميماً وانقاد إلى العذاب طائعاً وقذف لحم الخنزير من فيه (2مكابيين 6: 18 و19). ولم يكن في مدة الدولة اليهودية من خنزير في بلاد اليهود ولذلك كانت الكورة التي ذهب الابن الضال إليها بعيدة وفي تلك الكورة البعيدة رعى الخنازير (لوقا 15: 13 - 15). وأما خنازير الجليل في عصر المسيح فكان يعتني بها الأمم للجيش الروماني (متّى 7: 30). وأعلن التلمود أنه إذا جُعلت أوبئة الأرض عشرة كان تسعة منها من الخنازير (أو نصيب الخنازير). على أن كثيرين من الوثنيين اتخذوا الخنزير رمزاً إلى الخصب ولهذا كانوا يقربونها لآلهة خصب التربة ووفرة القطعان من بقر وغنم. وكان يقربها قدماء المصريين إكراماً لأسيس وأوزريس مرة في السنة والقمر بدر وقدمها الأثينيون في معابدهم وكذا فعل البيوتيون وقدماء الرومانيين.

8 «مِنْ لَحْمِهَا لاَ تَأْكُلُوا وَجُثَثَهَا لاَ تَلْمِسُوا. إِنَّهَا نَجِسَةٌ لَكُم».

إشعياء 52: 11 ومتّى 15: 11 و20 ومرقس 7: 2 و15 و18 وأعمال 10: 14 و15 و15: 29 ورومية 14: 14 و17 و1كورنثوس 8: 8 وكولوسي 2: 16 و21 وعبرانيين 9: 10

مِنْ لَحْمِهَا لاَ تَأْكُلُوا مُنع اليهود في زمن الهيكل الثاني عن أكل هذا اللحم منهاً شديداً وأوجبوا التأديب على أكل المقدار الصغير منه فكان من يأكل مقدار زيتونة (أي حبة زيتون) من ذلك اللحم يؤدب بالسياط.

وَجُثَثَهَا لاَ تَلْمِسُوا كان مس الإنسان الميت يُعد أنجس من كل شيء ولم يمنع منه إلا الكهنة (انظر ص 21: 1 - 3) وأما جثث البهائم المحرّم أكلها فمُنع من مسها كل الشعب. وكان إذا مس أحد من زوار أورشليم في أيام الأعياد جثة من تلك الجثث مُنع من دخول القدس ومن لمس كل شيء مقدس ومن أكل لحم الذبائح.

9 «وَهٰذَا تَأْكُلُونَهُ مِنْ جَمِيعِ مَا فِي ٱلْمِيَاهِ: كُلُّ مَا لَهُ زَعَانِفُ وَحَرْشَفٌ فِي ٱلْمِيَاهِ، فِي ٱلْبِحَارِ وَفِي ٱلأَنْهَارِ، فَإِيَّاهُ تَأْكُلُونَ».

تثنية 14: 9

هٰذَا تَأْكُلُونَهُ الخ هنا القسم الثاني من الحيوانات أو أقسام البهائم الأربعة التي ذكرناها آنفاً وهي البهائم المائية وتكلم عليها من (ع 9 - 12) وجعل لها علامات التحليل والتحريم كما جعل للبهائم البرية سواء أكانت من حيوانات الماء المالح أم كانت من حيوانات الماء العذب. وأبان أن للطاهرة منها علامتين الأولى أن تكون ذات زعانف والثانية أن تكون ذات حرشف. ولما ذكر ذوات الأربع البرية لم يقتصر على بيان العلامتين اللتين يفرق بهما بين البهائم الطاهرة والبهائم النجسة بل زاد على ذلك أن الطاهرة عشرة (انظر تفسير ع 2) وإن النجسة أربعة (انظر ع 4 - 7). ولما ذكر الحيوانات المائية وهي ما الكلام عليها هنا لم يذكر نوعاً منها باسمه وجاء بالشريعة المتعلقة بها مختصرة مجملة جداً فاضطر معلمو الشريعة أن يبينوها بالتدقيق. وهذا البيان هو ما اشتهر في زمن الهيكل الثاني.

  1. كل ما له حرشف من السمك له زعانف ولا يعكس أي ليس كل ما له زعانف له حرشف فقد يكون منه ما له زعانف ولا يكون له حرشف. فإذاً كل ما بيع من السمك في السوق أو أكل قطعة منه عليها حرشف يحل أكلها إذ لا بد من أن تكون من ذي زعانف وإن كانت الزعانف صغيرة جداً لا يدركها النظر وإن كل سمك ما له حرشف نجس يحرم أكله.

  2. إن السمك الطاهر له عمود فقري كامل وأما غير الطاهر فهو ذو مفاصل مفردة تتصل بحبل هلامي (أي جلاتيني). والأول قسمان ذو الزعانف الليّنة وذو الزعانف الصلبة.

  3. إن رأس السمك الطاهر عريض الطرف كثيراً أو قليلاً ورأس السمك غير الطاهر ضيق الطرف كثيراً أو قليلاً.

  4. إن مثانة السباحة في السمك الطاهر مستديرة أحد الطرفين وحادة الآخر ومثانة غير الطاهر إما مستديرة الطرفين أو حادتهما.

ويحسن هنا أن نذكر مثل الصياد أو الشبكة المأخوذ عن الحياة اليهودية وهو قوله له المجد «يُشْبِهُ مَلَكُوتُ ٱلسَّمَاوَاتِ شَبَكَةً مَطْرُوحَةً فِي ٱلْبَحْرِ، وَجَامِعَةً مِنْ كُلِّ نَوْعٍ. فَلَمَّا ٱمْتَلأَتْ أَصْعَدُوهَا عَلَى ٱلشَّاطِئِ، وَجَلَسُوا وَجَمَعُوا ٱلْجِيَادَ إِلَى أَوْعِيَةٍ، وَأَمَّا ٱلأَرْدِيَاءُ فَطَرَحُوهَا خَارِجاً» أي ان الصيادين جلسوا ليميزوا بين الطاهر والنجس مما صيد بالشبكة من أنواع السمك المختلفة فأخذوا الطاهر وطرحوا النجس (متّى 13: 47 و48).

وأتقياء اليهود لا يزالون يميزون السمك بتلك الفوارق الأربعة ولا يأكلون إلا ما تحققوا طهارته بها. ومما يستحق الذكر هنا أن المصريين كانوا لا يزالون يعتقدون إن أكل السمك الخالي من الحراشف ضار وإن الرومانيين كان يحرمون أن يقدموه لآلهتهم.

10 - 12 «10 لٰكِنْ كُلُّ مَا لَيْسَ لَهُ زَعَانِفُ وَحَرْشَفٌ فِي ٱلْبِحَارِ وَفِي ٱلأَنْهَارِ، مِنْ كُلِّ دَبِيبٍ فِي ٱلْمِيَاهِ وَمِنْ كُلِّ نَفْسٍ حَيَّةٍ فِي ٱلْمِيَاهِ، فَهُوَ مَكْرُوهٌ لَكُمْ 11 وَمَكْرُوهاً يَكُونُ لَكُمْ. مِنْ لَحْمِهِ لاَ تَأْكُلُوا وَجُثَّتَهُ تَكْرَهُونَ. 12 كُلُّ مَا لَيْسَ لَهُ زَعَانِفُ وَحَرْشَفٌ فِي ٱلْمِيَاهِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ لَكُمْ».

تثنية 14: 9 ص 7: 18 وتثنية 14: 3

كُلِّ دَبِيبٍ فِي ٱلْمِيَاهِ الخ أي ما عدا ما ذُكر آنفاً ممنوع أكله من كل حيوانات الماء.

13 «وَهٰذِهِ تَكْرَهُونَهَا مِنَ ٱلطُّيُورِ. لاَ تُؤْكَلْ. إِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ: اَلنَّسْرُ وَٱلأَنُوقُ وَٱلْعُقَابُ».

تثنية 14: 12

هٰذِهِ تَكْرَهُونَهَا مِنَ ٱلطُّيُورِ هذا القسم الثالث من أقسام الحيوانات الأربعة التي مرّ ذكرها وهو حيوانات الهواء أي الطيور والكلام عليها من (ع 13 - 19). ذكر لكل من القسمين السابقين ما يميز به طاهره من نجسه وأما هنا فلم يذكر شيئاً من المميزات فبيّن الطاهر من الطير من النجس منه بالأسماء وحكم على الجنس بما حكم به على النوع بقوله «على أجناسه» (انظرع 14 - 16 و19) ولذلك اضطر معلمو الشريعة إلى وضع ما يعرف به العامة طاهر الطيور من نجسها. وما يأتي هو ما كان شائعاً في عصر الهيكل الثاني في بيان الطيور غير الطاهرة.

  1. الطيور التي تخطف طعامها من الهواء وتبلعه بدون أن تضعه على الأرض.

  2. التي تضرب بمخالبها وتدوس الفريسة وتمزقها بمناسرها (جمع منسر وهو للجارح كالمنقار لغيره من الطير) لكي تتمكن من أكلها.

  3. التي تقسم مخالبها بوقوفها على حبل أو غصن فتضع اثنتين منها على الجانب الواحد واثنتين على الجانب الآخر لا ثلاثاً أمام وواحدة وراء.

  4. التي بيوضها مستديرة الطرفين أو حادتهما ويحيط محها بآحها (أي صفارها ببياضها).

اَلنَّسْرُ ذكر النسر أولاً لانه ملك الطيور (على ما يُقال تشبيهاً) وهو هنا يشتمل على كل أنواع النسر وصنوفه. وقد أجمع علماء المتكلمين بالعربية وأصحاب الرحلات منهم أن النسر يأكل الجيف قبل أن تنتن. وهذا على وفق ما في أيوب 39: 27 - 30 وأمثال 30: 17 ومتّى 24: 28 الخ). والمرجّح عند بعضهم أن النسر هنا هو العقاب المصري بناء على أن النسر لا يأكل الجيف وهو مخالف للنص فإنه في التوراة العبرانية نفسها «نسر» وإن كثيرين من الناس شاهدوا النسر يأكل الجيف. (ومن ذلك قول الدميري «إذا وقع (النسر) على جيف وعليها عقبان تأخرت ولم تأكل ما دام يأكل منها. وكل الجوارح تخافه وهو شره نهم رغيب إذا وقع على جيفة وامتلأ منها لم يستطع الطيران حتى يثب وثبات يرفع بها نفسه طبقة بعد طبقة في الهواء حتى يدخل تحت الريح». على أن العقاب داخل هنا تحت النسر فإنه محسوب من أنواعه وفي (ميخا 1: 16) إشارة إلى ذلك.

ٱلأَنُوقُ (اسمه وفي العبرانية فرس وهو من فرس أي كسر أو كسر العظم والفرس في العربية كسر العنق ثم أطلق على القتل مطلقاً) فمعنى الأنوق على ما في الأصل العبراني كاسر العظم أو الكاسر والمرجّح أنه الرخم الألحى أو الملتحي وهو من جنس النسر والعقاب ويُعد بينهما. واسمه في العبرانية مأخوذ من فعله فإنه يأخذ عظم الحيوان الذي أكلت لحمه الطيور الجوارح ويرتفع به إلى الجو ويطرحه على الصخر لينكسر فيخرج مخه فيأكله أو لينكسر كسراً صغيرة فيبلعها ويهون عليه هضمها.

وَٱلْعُقَابُ (وفي الترجمة الإنكليزية الزمج وقال مفسروها «وهو النسر البحري يفترس السمك وقد يفترس الطيور والدبابات وإذا لم يحصل على ما يشبعه منها قصد الجيف ولهذا وُضع في قائمة الطيور النجسة»). والعقاب مترجم غرنة في الأصل العبراني فكأنه مصحف واحدة الغرن في اللغة العربية وهو العقاب. ونقل بعض علماء الإنكليز عن العرب الغرن بالراء المهملة والعزن بالزاي ولم نره بهذه في ما وقفنا عليه من كتب اللغة) وعلى كل هو طائر من جنس النسر حديد البصر (وفي الأمثال العربية «أبصر من عقاب»).

14 «وَٱلْحِدَأَةُ وَٱلْبَاشِقُ عَلَى أَجْنَاسِه».

ٱلْحِدَأَةُ (وفي الترجمة الإنكليزية العقاب وفي الأصل العبراني دآه بلا حاء ومعناها كما في المتن العربي) و(الحدأة تقرب من العقاب كثيراً حتى زعم ابن وحشية وابن زهر أن العقاب والحدأة يتبدلان فيصير العقاب حدأة والحدأة عقاباً وهي من الطيور التي تأكل الجيف). ومعنى اسمها العبراني يدل على السرعة ومن طبعها أنها تقف في الطيران ناشرة أجنحتها لتراقب ما تنسره. (قال أحد المتكلمين في طبائع الحيوان من علماء العربية وليس ذلك الوقوف لغيرها من الكواسر). وهي تكثر في سورية وتخالط العقبان وتشاركها في أكل الجيف.

ٱلْبَاشِقُ واسمه في العبرانية «آيه» ومعناه صراخ أو صياح لكثرة صياحه وهو طائر حاد النظر (ورأى بعض علماء الإنكليز إنه ما يسمى في العربية باليؤيؤ لمشابهة هذا لاسمه في العبرانية ولأنه من جوارح الطير وذلك غير بعيد. قال الدميري «اليؤيؤ طائر كنيته أو برياح وهو الجلم وهو من جوارح الطير يشبه الباشق»).

15 «وَكُلُّ غُرَابٍ عَلَى أَجْنَاسِهِ».

غُرَابٍ (واسمه في العبرانية عُراب بالعين المهملة والألف الممالة ورسمه فيها عُرب. ومعنى اسمه طائر الليل لشدة سواده (نشيد الأناشيد 5: 11). وسُمي بالغراب في العربية لسواده. قال ذلك الدميري وغيره وفسر بعضهم الشيخ الغربيب بالذي يخضب شعره بالسواد). وكثر ذكر الغراب في الكتاب كما كثر ذكر النسر. وهو يأكل الجيف وهو مولع بتقوير عيون الميتة (أمثال 30: 17). وقد يحاول تقوير أعين الأحياء. وهو شرِه يملأ الجو نعيباً إذا كان جائعاً (مزمور 147: 9 وأيوب 38: 41). ومن طمعه في السلب والخطف يدفع فراخه من العش عندما تستطيع الطيران وقبل أن تقدر على تحصيل طعامها كما ينبغي. وذهب القدماء إلى أنه يترك فراخه عندما تكون أنقافاً. (قال الدميري وإذا خرجت الفراخ من البيض طردتها (أي الأنثى) لأنها تخرج قبيحة المنظر جداً إذ تكون صغيرة الأجرام كبيرة الرؤوس والمناقير متفاوتة الأعضاء فالأبوان ينظران الفرخ كذلك فيتركانه فيجعل الله قوته من الذباب والبعوض الكائن في عشه إلى أن يقوى وينبت ريشه فيعود إليه أبواه). ومن العجيب أن الغراب مع حرصه وطمعه كان يحمل الطعام إلى إيليا النبي (1ملوك 17: 4 و6). والظاهر أن الله اختاره لذلك ليزيد المعجزة عجباً. وقوله «على أجناسه» يدل على عموم الحكم إلى تحريم كل أنواع الغراب من الحاتم والأبقع وغيرهما مما يكثر في أرض فلسطين.

16 «وَٱلنَّعَامَةُ وَٱلظَّلِيمُ وَٱلسَّأَفُ وَٱلْبَازُ عَلَى أَجْنَاسِهِ».

ٱلنَّعَامَةُ هي أكبر الطيور وأسرع الدبابات ظنها بعض الأقدمين نتاج بعض ذوات الأربع من الدواب وبعض الطيور (وقال بعضهم إنها بين صورة الطير والجمل. وقال قالوا للنعامة احملي فقالت أنا طائر فقالوا لها طيري فقالت أنا جمل. وفي الأمثال العربية «مثل النعامة لا طير ولا جمل». يُضرب لمن لا يحكم له بخير ولا شر). وتسكن النعام القفار (إشعياء 13: 21 و34: 13 وإرميا 1: 39). وتملأ الأرجاء زماراً (ميخا 1: 8). وتترك بيضها في العراء لينقف بحر الشمس أو تطأه الرجل فيه قاسية جافية (مراثي إرميا 4: 3 وأيوب 39: 14 - 17). وهي عارية من الفهم حتى شُبه بها تارك الرب بل بيّن أنها أفهم منه وأكثر شكراً لله (إشعياء 43: 20). وكان أهل أثيوبيا يأكلون لحم النعامة ومثلهم الهنود وغيرهم من قدماء الأمم. وكان دماغها يلذّ للرومانيين كثيراً. وكثيراً ما تبلغ النعامة الطيور والحشرات كالجوارح. وفي التقاليد اليهودية أن النعام أكلت جثة أجاج أحد ملوك أدوم. (والنعام يؤنث ويذكّر وهو اسم جنس مثل حمام وحمامة). ويقال للنعامة أم البيض وأم ثلاثة وثلاثين وجماعتها بنات الهيق والظليم ذكرها. قال الجاحظ والفُرس يسمونها اشتر مرغ وتأويله بعير وطائر. قال الشاعر:

Table 1. 

ومثل نعامة تُدعى بعيراًتعاصينا إذا ما قيل طيري    
فإن قيل احملي قالت فإنيمن الطير المرفّه في الوكور    

وظن بعض الناس أن النعامة متولدة من جمل وطائر وهذا لا يصحّ. ومن أعاجيبها أنها تضع بيضها طولاً بحيث لو مُد عليها خيط لاشتمل على قدر بيضها ولم تجد لشيء منها خروجاً عن الآخر. ثم أنها تعطي كل بيضة منه نصيبها من الحضن إذ كان كل بدنها لا يشتمل على عدد بيضها. وهي تخرج لعدم الطعام فإن وجدت بيض نعامة أُخرى تحضنه وتنسى بيضها ولعلها تُصاد فلا ترجع إليه ولهذا توصف بالحمق ويُضرب بها المثل في ذلك قال ابن هرمة:

Table 2. 

فإني وتركي ندى الأكرمينوقد حي بفكي زناداً شحاحاً    
كتاركة بيضها بالعراءوملبسة بيض أخرى جناحا    

(قال في الكفاية يقال عار الظليم إذا صاح والزمار صياح الأنثى).

ٱلظَّلِيمُ (واسمه في العبرانية «تحمس» وهو في العربية ذكر النعام فالمرجّح أن المقصود بالنعامة المذكورة قبله أنثى النعام).

ٱلسَّأَفُ واسمه في العبرانية (بإبدال السين بالشين والألف أو الهمزة بالحاء) ومعناه رقيق أو دقيق (ولم أر في كتب الحيوان العربية ولا في كتب اللغة التي وصلتُ إليها السأف ولا السأف بمعنى شيء من الجوارح) وذكر في سفر التثنية (السأف بالهمزة) (تثنية 14: 15). وفسرّه القدماء بغراب البحر وإنه ينزل في الماء ويخطف السمك وهو يأكل أيضاً الهوام والحشرات الصغيرة والجيف ولا يزال يأكل بيضه ولحمه أهل الشرق وبعض البلاد في شمالي أوربا.

وَٱلْبَازُ الخ (واسمه في العبرانية النيص ورسمه فيها نص). وتُجرم في سفر أيوب بالعقاب (أيوب 39: 26) ووُصف فيه أنه من القواطع أي الطيور التي تخرج من بلاد إلى بلاد في بعض الفصول ثم ترجع في بعضها وإنه من القواطع التي تذهب جنوباً في قرب فصل الشتاء. ويأكل لحوم ذوات الثدي والطيور وحيوانات الماء حتى أنه يأكل لحم أبويه وأليفه من الطيور. وهو صنوف كثيرة في كل أقسام آسية ولهذا قال على أجناسه. وبعض القبائل يأكلون لحمه ويلذون به. (وأفصح لغات الباز البازي ولفظه مشتق من البزوان وهو الوثب. وكنيته أبو الأشعث وأبو البهلول وأبو لاحق. وهو من أشد الحيوان تكبراً وأضيقها خلقاً وهو أشكال كثيرة. ومأواه مساقط الشجر العادية الملتفة والظل الظليل وهو خفيف الجناح سريع الطيران ويسمى فرخه غطريفاً. ويضرب به المثل في نهاية الشرف كما قال الشاعر:

Table 3. 

إذا ما اعتز ذو علم بعلمفعلم الفقه أولى باعتزاز    
فكم طيب يفوح ولا كمسكوكم طير يطير ولا كباز    

قالوا وهو خمسة أصناف البازي (سموا أحد الصنوف باسم النوع) والزرق والباشق والبيدق والصقر).

17 «وَٱلْبُومُ وَٱلْغَوَّاصُ وَٱلْكُرْكِيُّ».

وَٱلْبُومُ ذكر أيضاً في (تثنية 14: 6 وفي مزمور 102: 6) ووُصف بأنه يسكن الخرب وطعامه الهوام والحشرات والحيوانات الرخوة والأرانب والبط والأوز والفار والجرذان التي هي من أنجس الحيوانات عند اليهود. وبعض الناس يأكلونه ويُلذون بطعمه. واسمه في العبرانية «كوس» ومعناه كوب قيل سُمي بذلك لأنه في وقوفه يشبه الكوب بأعلاه. قال صاحب حياة الحيوان الكبرى «البوم والبومة بضم الباء طائر يقع على الذكر والأنثى حتى تقول صدى أو فياد فيختص بالذكر. وكنية الأنثى أم الخراب وأم الصبيان ويقال لها أيضاً غراب الليل». وقال الجاحظ «الهامة والصدى والضوع والخفاش وغراب الليل والبومة تقع على كل طائر من طير الليل يخرج من بيته ليلاً. وبعض هذه الطيور يصيد الفار وسام أبرص (المعروف عند العامة بأبي بريص) والعصافير وصغار الحشرات وبعضها يصيد البعوض. ومن طبعها أن تدخل على كل طائر في وكره وتُخرجه منه وتأكل فراخه وبيضه».

وَٱلْغَوَّاصُ من أشد الطيور الآكلة السمك في الصيد ومن طبعه أنه يجتمع أسراباً على صخور الشواطئ البحرية تنقض من العلو إلى البحر وتغوص فيه و تصيد السمك وقد تجتمع على شواطئ الأنهار وتفعل كذلك ولذلك سمي بالغوّاص. (واسمه في العبرانية «شلك» ومعناه كذلك مع إفادة الانقضاض أو معناه منقض. قال الدميري «الغّواص طائر تسميه أهل مصر الغطاس وهو القِرلّي». قال القزويني «في الأشكال هو طائر يوجد بأطراف الأنهار يغطس في الماء ويصطاد السمك فيتقوت منه. وكيفية صيده أنه يغوص في الماء منكوساً بقوة شديدة ويمكث تحت الماء إلى أن يرى شيئاً من السمك فيأخذه ويصعد به. ومن العجائب لبثه تحت الماء. ويوجد كثيراً بأرض البصرة» انتهى. قال بعضهم رأيت غواصاً غاص فطلع بسمكة فغلبه غراب عليها فأخذها منه فغاص مرة أخرى فأخذها منه الغراب ثم الثالثة كذلك. فلما اشتغل الغراب بالسمكة وثب الغواص فأخذ برجل الغراب وغاص به تحت الماء حتى مات الغراب ثم خرج هو من الماء). والغواص يوجد في كل إقليم ويفني كثيراً من سمك الأنهار والبحار. ولهذا لُقب عند بعض الأوربيين بذي الريش المرعد ذوات الزعانف. وذُكر أيضاً في (تثنية 14: 17) من جملة الطيور النجسة.

ٱلْكُرْكِيُّ واسمه في العبرانية «ينشف أو ينشوف» (قال بعض علماء الإنكليز «إنه طير نجس من طيور الماء أو الآجام». وتُجرم في بعض التراجم القديمة في غير العربية بالبوم واسمه في العبرانية مشتق من «نشف» أي نفخ أو تنفّس). وذُكر في (تثنية 14: 16 وإشعياء 34: 11). ومن ذكره مع البوم يظن أنه يسكن الخرب. (ومن ذكره مع الغواص يظن أنه من طيور الماء أو الآجام). ومما شاع من وصفه في أيام المسيح أنه جاحظ العينين ووجهه كوجه الهر وخداه كخدي الإنسان يصيح في الليل صياحاً هائلاً (ولهذا ظنه بعضهم البوم) وقالوا رؤياه في الحلم شؤم. قال داود الضرير الأنطاكي في التذكرة «الكركي هو الغرنوق طائر يقرب من الأوز أبتر الذنب رمادي اللون في خده لمعات سود ريشه إلى اللدونة مما يلي ظهره عصبي قليل اللحم صلب العظم يأوى المياه أحياناً». وقال الدميري في حيات الحيوان الكبرى «الكركي طائر كبير معروف والجمع الكراكي وكنيته أبو عريان وأبو عيناء وأبو العيزار وأبو نعيم وأبو الهيصم. وذهب بعض الناس إلى أنه الغرنوق وهو أغبر طويل الساقين... ولا تطير الجماعة منه متفرقة بل صفا واحداً يقدمها واحد منها كالرئيس وهي تتبعه يكون ذلك حيناً ثم يخلفه آخر منها مقدماً حتى يصير الذي كان مقدماً مؤخراً».

18 «وَٱلْبَجَعُ وَٱلْقُوقُ وَٱلرَّخَمُ».

ٱلْبَجَعُ (واسمه في العبرانية «تنشمت» واشتقاقه من «نشم» أي تنسم أو تنفس. تُرجم في الفلغاتا إلى اللاتينية بالأوز وكذا تُرجم إلى الإنكليزية. وتُرجم إلى اليونانية في السبعينية بطير طويل العنق والساقين يشبه البجع). وجاء في التقاليد اليهودية أنه صنف من البوم وترجمه بعضهم بالخفاش وبعضهم بالرخم وبعضهم بغير ذلك. (والأرجح أنه البجع كما في المتن العربي. قال الدميري في حياة الحيوان الكبرى «البجع الحوصل». وقال «الحوصل طائر كبير له حوصلة عظيمة». وقال ابن البيطار في المفردات «هذا الطائر يكون في مصر كثيراً ويُعرف بالبجع وجمل الماء... وهو صنفان أبيض وأسود فالأسود منه كريه الرائحة ولا يكاد يُستعمل والأجود الأبيض»).

ٱلْقُوقُ هو طائر مائي طويل العنق من أكبر طيور الماء وأشرهها يأكل السمك ويحمله إلى فراخه أو يذخره إلى وقت الحاجة في حوصلته الكبيرة ويضغط عنقه وصدره ليقيء ما في تلك الحوصلة ولذلك سمي في العبرانية «قات» من «قا» أي قاء. وهو يحب سكنى البر والخلاء والخراب والانفراد وعلى ذلك قول المرنم «أشبهت قوق البرية» (مزمور 102: 6). وقول بعض الأنبياء في ادوم ونينوى «يرثها القوق» (إشعياء 34: 11). و «القوق والقنفذ يأويان إلى تيجان عمدها» (صفنيا 2: 14).

ٱلرَّخَمُ واسمه في العبرانية «الرحم» وهو من اللين والرحمة وذُكر أيضاً في (تثنية 14: 17). وهو من الطيور المقدسة عند قدماء المصريين ويُعرف بالعقاب المصري وبدجاجة فرعون وكثيراً ما شوهد مرسوماً على بعض العاديات. وأكرمه المصريون القدماء إكراماً دينياً لأمرين الأول أنه يقي البلاد من الوباء بأكله الأقذار التي يتفشى منها. والثاني لأنه يرفق بفراخه واعتقدوا أنه يعتني بها إلى حد أنه إذا لم يكن لها طعام أطعمها دمه ولذلك سُمي عندهم بالأم وبالرحم كما سماه العبرانيون. وهو نجس لأنه يأكل الجيف. قال الدميري الرخمة بالتحريك طائر أبقع يشبه النسر في الخلقة وكنيتها أم جعفران وأم رسالة وأم عجيبة وأم قيس وأم كبير ويقال لها الأنوق والجمع رخم والهاء فيه للجنس... ويقال لهذا ذات الاسمين (لأنها تسمى الرخمة والأنوق) وهي تُحمق مع تحرزها. قال الكميت:

Table 4. 

وذات اسمين والألوان شتىتُحمق وهي كيسة الحويل    

أي الحيلة... ومن طبع هذا الطائر أنه لا يرضى من الجبال إلا الموحش منها ولا من الأماكن إلا بأسحقها وأبعدها من أماكن أعدائه ولا من الهضاب إلا بصخورها ولذلك تضرب العرب المثل في الامتناع ببيضه فيقولون أعز من بيض الأنوق... وتبيض بيضة واحدة وربما أتأمت. وهم من لئام الطير وهي ثلاثة البوم والغراب والرخمة. ومن أمثال العرب «أحمق من رخمة». وقال القزويني في عجائب المخلوقات «الرخمة طائر يشبه النسر في خلقته يختار لبيضه أطراف الجبال الشاهقة ليصعب الوصول إليه (ولذا) يقال أعز من بيض الأنوق. ويطير خلف العساكر ليأكل من جيف القتلى ويتبع الحاج أيضاً لطمعه في زبل الدواب ويتبع النعم أيضاً زمان وضعها أو حملها طمعاً في الجنين المجهض».

19 «وَٱللَّقْلَقُ وَٱلْبَبْغَاءَ عَلَى أَجْنَاسِهِ، وَٱلْهُدْهُدُ وَٱلْخُفَّاشُ».

ٱللَّقْلَقُ واسمه في العبرانية «حسيده» ومعناه الورِع أو التقي والمحسن (ذُكر أيضاً في تثنية 14: 18 ومزمور 104: 17 وإرميا 8: 7 وزكريا 5: 9). وسُمي بذلك لأن القدماء اعتبروه مثال العاطفة الأمية والبنوية والحنو. ومن المشهور أن الأنثى لا تترك فراخها ولو شُويت معها لتقيها من النار. واللقلق الأبيض من أكبر الطيور البرية وله جناحان أسودان قويّان يتخلل ريشهما ريش أبيض وعلى هذا قول النبي «لهما أجنحة كأجنحة اللقلق» (زكريا 5: 9). ويسكن اللقلق البروج العالية والأماكن الخربة ورؤوس الأشجار. ولا يزال يُشاهد على الأشجار في جوار بحر الجليل. وعلى ذلك قول المرنم «أما اللقلق فالسرو بيته» (مزمور 104: 17). ويرجع إلى عشه في وقت معين من أوقات السنة لأنه من الطيور القواطع (أي التي تسافر من بلاد إلى بلاد بغية الفصل المناسب لها). وإلى هذا أشار النبي بقوله «بل اللقلق في السموات يعرف ميعاده» (إرميا 8: 7). وطعامه السمك والزحافات وأحشاء البهائم ونفايات اللحوم ولهذا حُسب من الطيور النجسة.

قال القزويني «اللقلق طائر معروف يأكل الحيّات لا يزال يتبع الربيع وله وكران أحدهما بالجروم (أي الأماكن الحارة) والآخر بالصرود (أي البلاد الباردة) ويتحول من أحدهما إلى الآخر. ولا يأخذ الوكر إلا في مكان عال كمنارة أو شجرة فيأتي بالأعواد والحشيش ويركّب ببعضها في بعض تركيباً عجيباً كالبناء». وقال الدميري «اللقلق طائر أعجمي أراد أن اسمه أعجمي معرّب طويل العنق وكنيته عند أهل العراق أبو خديج وعبر عنه الجوهري بالقاف وهم اسم أعجمي قال وربما قالوا اللغلغ والجمع اللقالق وهو يأكل الحيّات. وصوته اللقلقة. وكذلك كل صوت فيه حركة واضطراب. ويوصف بالفطنة والذكاء». وقال الانطاكي «اللقلق طائر معروف يفرخ بالشام ويشتي بأطراف الهند».

ٱلْبَبْغَاءَ واسمه في العبرانية «أنفه» واشتقاقه من «أنف» أي غضب أو قسا فمعناه غضوب أو قاس. ذُكر أيضاً في (تثنية 14: 18). قال بعض المفسرين هو شرس جسور يضرب الكلب بمنقاره بعد أن يكون قد كسر رجليه. ويأوي إلى شطوط الأنهار والأرضين ذات المناقع ويأكل السمك والضفادع والوزغ والحلزون والفأر وكل نوع من أنواع الهوام. ولذلك حُسب من الطيور النجسة. وهو كثير الصنوف ولذلك قال الكتاب «والببغا على أجناسه». (وترجمه بعضهم بالزمج وبعضهم بالببغا وهذا الذي اعتمده مترجم النسخة العربية الإنجيلية. قال القزويني «الببغاء يُقال له بالفارسية «طوطو» طير حسن اللون جداً والشكل أكثره أخضر اللون وقد يكون أصفر وأحمر وأبيض له منقار عريض ولسان كذلك يسمع كلام الناس ويعيده ولا يدري معناه» . وفي وصفه في الكتب العربية كثير من المنافيات لاسمه في العبرانية).

ٱلْهُدْهُدُ (واسمه في العبرانية «دو كيفت» وهو مركب من كلمتين «دو» أي ذو و «كيفت» صخر وهو في الكلدانية كيفا فيكون معناه ذو الصخر. ورأى بعضهم أنه مركب من «دوك» أي ديك «وفت» أي فُتّ وهو البعر المفتوت أو الزبل فيكون المعنى ديك الزبل). وذُكر هذا الطائر النجس أيضاً في (تثنية 14: 18). وذكر القدماء أنه يبني أفحوصه في الغائط أي العَذِرَة وأكل أحشاء الجيف والنفايات الطعامية وهو كريه الرائحة مدة الحضن وبعده بنحو أسبوع وتلك الرائحة الخبيثة لا تكاد تحتمل. وطعم لحمه في أيام الربيع كطعم لحم السلوى وبعض الناس يأكله حينئذ وسماه بعض القدماء بديك الجبل.

(وجاء في بعض الكتب العربية القديمة الهدهد طائر ذو خطوط وألوان كثيرة ويكنى بأبي الأخبار وأبي ثمامة وأبي الربيع وأبي روح وأبي سجاد وأبي عباد ويُسمى أيضاً الهُدهد والهداهد وجمعه هداهد والواحدة هدهدة. وهو طير منتن الريح طبعاً لأنه يبني أفحوصه في الزبل وهذا عام في جميع جنسه. وقال الجاحظ فيه أنه وفاء حفوظ ودود وذلك أنه إذا غابت عنه أنثاه لم يأكل ولم يشرب ولم يشتغل بطلب الطعام ولا يقطع الصياح حتى تعود إليه وإن ماتت لا يقترن بغيرها ويعيش صائحاً عليها قليل الأكل إلى أن يموت).

ٱلْخُفَّاشُ طائر نجس بين خلقة الطير والفأر وذكره الكتاب المقدس مع الجرذان (إشعياء 2: 20). وهو يختبئ نهاراً ويخرج ليلاً (ولهذا يسميه كثيرون من الناس بطير الليل) ويشبه طيرانه طيران السنونو فإنه يخطف الهوام من الهواء كما يفعل السنونو. وعُدّ الخفاش من الطيور لطيرانه (وإلا فهو في بعض الاعتبارات ليس منها). والخفاش يكثر في سورية على اختلاف صنوفه وتدخل جماعات وأفراداً البيوت فتجعلها مكروهة السكنى لكراهة رائحتها.

(قال القزويني الخفاش طائر مشهور بصره ضعيف يسوءه شعاع الشمس لا يخرج إلا بين الضياء والظلام يشبه الفأر جناحه جلدة رقيقة وله أسنان وللأنثى ثدي كما للفأر يرضع ولده... يقصد الذباب والبق والبعض وأمثالها وربما تأخذ الأنثى ولدها وتطير وترضع ولدها وتأكل الرمان على الشجرة وتتركه قشراً مجوفاً).

وقال الدميري ما خلاصته «الخفاش الوطواط وقال قوم الخفاش الصغير والوطواط الكبير وهو لا يبصر في ضوء القمر ولا في ضوء النهار غير قوي» البصر قال الشاعر:

Table 5. 

مثل النهار يزيد أبصار الورىنوراً ويعمي أعين الخفاش    

ولما كان لا يبصر نهاراً التمس الوقت الذي لا يكون فيه ظلمة ولا ضوء وهو قريب غروب الشمس لأنه وقت هيجان البعوض فإن البعوض يخرج ذلك الوقت يطلب قوته وهو دماء الحيوان. والخفاش يخرج طالباً للطعام فيقع طالب رزق على طالب رزق «فسبحان الحكيم». واسمه في العبرانية «عطلف» (أي طائر الظلام).

20 «وَكُلُّ دَبِيبِ ٱلطَّيْرِ ٱلْمَاشِي عَلَى أَرْبَعٍ. فَهُوَ مَكْرُوهٌ لَكُمْ».

كُلُّ دَبِيبِ ٱلطَّيْرِ هذا هو القسم الرابع من البهائم على ما ذُكر من قسمتها إلى أربعة أقسام كما مر في (ع 2) وهو كل ما يدب على أربع من الطير (أو أكثر) والمقصود بها الهوام فيدخل تحته الجراد.

عَلَى أَرْبَعٍ أي الهوام الذي يطير ويدب أيضاً والأربع هنا لا يراد بها تعيين عدد القوائم بل ما لا يكون له رجلان فقط (وذكر الأربع دون غيرها لأنها هي الأظهر للناس) وعلى هذا جاء في الترجمة الكلدانية «وكل الدبابات ذوات الجناح التي تدب على أربع الذباب والزنابير والنحل على أنواعها».

مَكْرُوهٌ لَكُمْ (أي محرم عليكم لا جائز على كراهة) ظن بعضهم من هذه العبارة أن النحل نجس مع أن العسل من أحسن الأطعمة ومن خير ما وُعد به في أرض الميعاد (خروج 3: 8 و13: 5 و16: 14 و23: 3 ولاويين 20: 24 الخ). قالوا وهو ليس من نتاج النحل الطبيعي بل هو أري العنب المعروف بالدبس ولم يزل يُحمل من سورية وفلسطين مقادير كثيرة منه إلى مصر ومنه العسل الذي يستخرج من النباتات من أعشاب وأشجار متنوعة. ومن أمهاره الكثيرة شيء وافر في شبه جزيرة سيناء فيكثر فيها العسل البري. والمعنى أن كثيراً من نبات أرض الميعاد يجري منه العسل ولذا ظن بعضهم أن اري مثل هذه الأعشاب هو المقصود بالعسل الذي أكله يوناثان في الوعر (1صموئيل 14: 25). والذي أكله يوحنا المعمدان في البرية (متّى 3: 4). وكيف كان الأمر فإن القانون الذي اشتهر في زمان الهيكل الثاني هو «إن كل ما يخرج من النجس نجس». وعلى هذا يكون لبن الحيوانات النجسة نجس وكذا بيض الطيور النجسة والأسماك النجسة ومع ذلك كان عسل النحل طاهراً. وأبان علماء العبرانيين في أيام المسيح طهارته بأنه لا ينتج من النحل رأساً بل هو من عصير البقول. وعلى هذا جاء في حواشي الترجمة الكلدانية ما معناه بعد قوله «مكروه لكم» إلا عسل النحل فيكون يوحنا المعمدان أكل عسل النحل بمقتضى الشريعة وكان ذلك العسل مما جناه النحل ورتبه في شقوق الصخور وأجواف الأشجار. ومنع تقدمة العسل في الخدمة الدينية علتها اختماره لا كونه نسجاً (انظر ص 2: 11).

21 «إِلاَّ هٰذَا تَأْكُلُونَهُ مِنْ جَمِيعِ دَبِيبِ ٱلطَّيْرِ ٱلْمَاشِي عَلَى أَرْبَعٍ: مَا لَهُ كُرَاعَانِ فَوْقَ رِجْلَيْهِ يَثِبُ بِهِمَا عَلَى ٱلأَرْضِ».

إِلاَّ استثنى ما يأتي من التحريم.

مَا لَهُ كُرَاعَانِ (الكُراع مستدق الساق) ومعناه هنا الذي ساقه مؤلفة من ثلاثة أجزاء (ففيها كراعان) والثالث أطول وأقوى من الباقيين بخلاف سائر الهوام وبذلك يستطيع القفز إلى بعيد ومنه الجراد. وبيّن علماء الشريعة في عصر الهيكل الثاني الجراد الطاهر بما يأتي:

  1. ما كان له أربع أرجل مقدمة.

  2. ما كان له أربعة أجنحة.

  3. ما له رجلان للقفز.

  4. ما أجنحته طويلة عريضة حتى أنها تغطي أكثر مؤخر جسمه. فكل ما اجتمع فيه هذه العلامات الأربع فهو طاهر.

22 «هٰذَا مِنْهُ تَأْكُلُونَ. ٱلْجَرَادُ عَلَى أَجْنَاسِهِ، وَٱلدَّبَا عَلَى أَجْنَاسِهِ، وَٱلْحَرْجُوانُ عَلَى أَجْنَاسِهِ، وَٱلْجُنْدُبُ عَلَى أَجْنَاسِهِ».

متّى 3: 4 ومرقس 1: 6

ٱلْجَرَادُ عَلَى أَجْنَاسِهِ أجناس الجراد المحلّلة أربعة أحدها الجراد المسمى في العبرانية «اربه» (من «ربه» أي ربا بمعنى زاد ونما) وهذا كثير من ذُكر في الكتاب المقدس فذُكر ما يزيد على عشرين مرة وهو جراد الضربة الثامنة من ضربات مصر (خروج 10: 19) ووُصف بأنه مُفسد متلف مخرب (تثنية 28: 38 ويوئيل 1: 4 و2: 25 وناحوم 3: 7) ويجتمع رِجلاً (أي جماعة) كبيرة ضُرب بكثرته المثل فقيل «كالجراد في الكثرة» (قضاة 7: 12) و «أكثر من الجراد» (إرميا 46: 23). وقيل إن هذا النوع من القواطع أي الطيور التي تخرج من بلاد إلى أخرى. وسمى اليهود هذا النوع في زمن المسيح «بالجوب» و(الجيم تُلفظ كما يلفظها عامة المصريين) وكانوا يأكلون هذا النوع ويقولون قبل أكله ما معناه «مبارك الذي بكلمته خلق كل شيء». والجراد الذي يأكله اليوم اليهود وغيرهم من أمم المشرق يُعد بطرق مختلفة أعمها أنهم يطرحونه حياً في قدر ماء غالية يطرحون فيها الملح ويرفعونه بعد بضع دقائق وينزعون رأسه وأرجله ويجففون البدن في طاجن أو في الشمس على السطوح ويضعونه في أكياس ويذخرونه للشتاء وكثيراً ما يحمصونه ويطبخونه ويقلونه بالسمن أو يعجنون دقيقه بالسمن ويعملونه أقراصاً أو أرغفة ويخبزونه ويشبه طعمه طعم القريدس. وفي بعض بلاد المشرق دكاكين لا تبيع سوى الجراد. وإذا أكل الجراد الحبوب أكلوه. وكان طعام يوحنا المعمدان جراداً وعسلاً برياً (متّى 3: 4).

(وفي الكتب العربية القديمة «الجراد أصناف مختلفة فبعضه كبير الجثة وبعضه صغيرها وبعضه أحمر وبعضه أصفر وبعضه أبيض. وهو إذا خرج من بيضه يقال له الدبي فإذا طلعت أجنحته وكبرت فهو الغوغاء وذلك حين يموج بعضه على بعض فإذا بدت فيه الألوان واصفرت الذكور واسودت الإناث سمُي جراداً. وهو إذا أراد أن يبيض التمس لبيضه المواضع الصلدة فيلقي بيضه في صدوعها. وللجرادة ست قوائم يدان في صدرها وقائمتان في وسطها ورجلان في مؤخرها. وطرفا رجليها منشاران. وفي الجراد خلقة عشرة من جبابرة الحيوان وجه فرس وعينا فيل وعنق ثور وقرنا إيّل وصدر أسد وبطن عقرب وجناحا نسر وفخذا جمل ورجلا نعامة وذنب حية». وما أحسن قول بعضهم في الجرادة:

Table 6. 

لها فخذا بكر وساقا نعامةوقادمتا نسر وجؤجؤ ضغيم    
حبتها أفاعي الأرض بطناً وأنعمتعليها جياد الخيل بالرأس والفم    

ويقال لجماعة الجراد رِجل. وكانت العرب تأكله ولا تزال تأكله).

ٱلدَّبَا (تقدّم أن الدبى في العربية الجراد عند خروجه من بيضه ولكنه هنا نوع من الجراد) واسمه في العبرانية «سلعم». فُسّر في كتب اللغة العبرانية بنوع مجنح من الجراد لذيد الطعم. وقال بعضهم أن الأصل المأخوذ منه ممات في العبرانية باق في الكدانية وهو يدل على الإتلاف. وفسره أخر أنه نوع من الجراد الوثاب يؤكل وما لأحد في تمييز هذا النوع سوى الظن. وفي التقاليد اليهودية أنه ذو حدبة (وفي الإنكليزية حدبة أو سنام) بلا ذنب.

ٱلْحَرْجُوانُ واسمه في العبرانية «حرجل» (والجيم كجيم عامة المصريين) ولم يُذكر في سوى هذا المكان من الكتاب المقدس (وفي كتب اللغة العربية الحرجلة الجماعة من الجراد) وهو نوع مستقل من الأنواع الأربعة المارّ ذكرها.

ٱلْجُنْدُبُ واسمه في العبرانية «حجب» سمي بذلك لأنه يحجب الأرض أي يسترها ويغطيها (عدد 13: 33 وإشعياء 40: 22 وجامعة 12: 5). ذكر بعض علماء الحيوان من الكتبة في العربية أن الجاحظ قال إن الجندب يغوص في الطين وفي الأرض إذا اشتد الحر). وذُكر في خمسة مواضع من الكتاب في هذه الآية وفي (عدد 13: 33 و2أيام 7: 13 وجامعة 12: 5 وإشعياء 40: 22) (إلا أنه تُرجم في (2أيام 7: 13) بالجراد وهو في العبرانية حجب). ووُصف بأنه متلف الحقول (2أيام 7: 13). قال رؤساء الدين اليهودي في عصر المسيح إن هذا النوع ذو ذنب بلا حدبة (أو سنام) وأطلقوا «الحجب» (أو الجندب) على كثير من أنواع الجراد. وبعضه كان جميل التركيب وكان أولاد اليهود شديدي الرغبة في مسكه واللعب به كما يرغب الأولاد اليوم في الفراش والزيز. وكانوا يجمعون كثيراً منه وينضحونه بالخمر ويبيعونه ولذلك وضع اليهود في تلك الأيام هاتين القاعدتين (1) لا يجوز ليهودي أن يشتري الجندب المعد على الأسلوب المذكور و(2) إن من ينذر أن لا يأكل لحماً وجب عليه أن لا يأكل السمك ولا الجندب (أو الحجب) على أنواعه.

23 «لٰكِنْ سَائِرُ دَبِيبِ ٱلطَّيْرِ ٱلَّذِي لَهُ أَرْبَعُ أَرْجُلٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ لَكُمْ».

لٰكِنْ سَائِرُ دَبِيبِ ٱلطَّيْرِ ما عدا أنواع الجراد الأربعة المذكورة آنفاً على اختلاف صنوفها.

24 «مِنْ هٰذِهِ تَتَنَجَّسُونَ. كُلُّ مَنْ مَسَّ جُثَثَهَا يَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ».

مِنْ هٰذِهِ تَتَنَجَّسُونَ أي الوحوش والبهائم التي ستُذكر (ع 26 و27).

يَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ لأن من مسّ ميتة يكون نجساً بقية يومه. إن المساء بداءة اليوم التالي وكان عندهم بعد غروب الشمس (قابل بهذا ص 23: 32). وكان يحظر عليه في مدة ساعات التنجس الشرعي أن يدخل القدس أو أن يمس شيئاً مقدساً أو يخالط الطاهرين بمقتضى الشريعة.

25 «وَكُلُّ مَنْ حَمَلَ مِنْ جُثَثِهَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ».

ص 14: 8 و15: 5 وعدد 19: 10 و22 و31: 24

وَكُلُّ مَنْ حَمَلَ كان على من نقل جيفة من المحلة أو المدينة يحسب نجساً بقية يومه ويجب عليه فوق ذلك أن يغسل ثيابه التي عليه لأن النجاسة بحملها أكثر من النجاسة بلمسها. وأبان خدمة الدين في عصر الهيكل الثاني أن الشريعة تأمر الإنسان بغسل ثيابه لأن النجاسة الشرعية التي اعترته تستلزم الأمر ولم يذكر هذا هنا وفي (ع 28 و40) بغية الاختصار. وفي النسخة السامرية وبعض النسخ العبرانية ما مترجمه «ويغسل ثيابه ويستحم بالماء» كما في (ص 17: 15 وعدد 19: 19). وفي هذا رمز إلى أنه على من يتنجسون بالخطية أن «يغسلوا ثيابهم ويبيضوها بدم الخروف» وفي هذه الآية الإنجيلية إشارة إلى تلك الآية الناموسية (رؤيا 7: 14).

جُثَثَهَا كانت النجاسة تلحق من يمس هذه الجثث بحملها أو بمس شيء من أجزائها (انظر ع 32).

26 «وَجَمِيعُ ٱلْبَهَائِمِ ٱلَّتِي لَهَا ظِلْفٌ وَلٰكِنْ لاَ تَشُقُّهُ شَقّاً أَوْ لاَ تَجْتَرُّ، فَهِيَ نَجِسَةٌ لَكُمْ. كُلُّ مَنْ مَسَّهَا يَكُونُ نَجِساً».

جَمِيعُ ٱلْبَهَائِمِ أي جثث جميع موتى البهائم. كان في هذه الآية خلاف بين الفريسيين والصدوقيين في عصر الهيكل الثاني فذهب الفريسيون إن قوله في آخر الآية «كل من مسها» يُراد به كل من مس جثثها أي جثث البهائم النجسة المذكورة في أول الآية ولا يكون ذلك ما لم تكن تلك البهائم النجسة ميتة سواء أكان الموت طبيعيا أم مقصوداً أم عرضياً فمن مس تلك الجثث تنجس (انظر ع 8 و31). لكن إذا كانت تلك البهائم حيّة فمسها لا ينجس لأنها كانت تستخدم في المصالح اليومية كالجمال والحمير والخيل مع أنها غير طاهرة (1أيام 12: 40 وزكريا 14: 15 ومتّى 21: 2 ولوقا 13: 15 الخ). وجاء في كثير من التراجم «جثث جميع البهائم الخ». وأما الصدوقيون فأخذوا الآية على حقيقتها ونصها فكان عندهم كل من مس حيوان غير طاهر يتنجس فكان يصعب على الإنسان أن لا يتنجس إذا خرج من بيته بمقضتى مذهبهم.

27 «وَكُلُّ مَا يَمْشِي عَلَى كُفُوفِهِ مِنْ جَمِيعِ ٱلْحَيَوَانَاتِ ٱلْمَاشِيَةِ عَلَى أَرْبَعٍ فَهُوَ نَجِسٌ لَكُمْ. كُلُّ مَنْ مَسَّ جُثَثَهَا يَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ».

كُلُّ مَا يَمْشِي عَلَى كُفُوفِهِ أي كل من أطرافه ذوات أصابع أو براثن كالأسد والدب والقرد والذئب والهر الخ (وتُعرف أصابع وكفوف السباع منها بالبراثن).

28 «وَمَنْ حَمَلَ جُثَثَهَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ. إِنَّهَا نَجِسَةٌ لَكُمْ».

هذه الآية تفسير للآية السابعة والعشرين (وهي تثبت تفسير الفريسيين وتنفي تفسير الصدوقيين انظر تفسير ع 26).

29 «وَهٰذَا هُوَ ٱلنَّجِسُ لَكُمْ مِنَ ٱلدَّبِيبِ ٱلَّذِي يَدِبُّ عَلَى ٱلأَرْضِ: اِبْنُ عِرْسٍ وَٱلْفَأْرُ وَٱلضَّبُّ عَلَى أَجْنَاسِهِ».

إشعياء 66: 17

هٰذَا هُوَ ٱلنَّجِسُ ذُكر في (ع 24) وما بعده إلى (ع 28) جثث الحيوانات النجسة من ذوات الأربع وأخذ هنا يذكر الدبابات النجسة. والأولى القسم الأول من المملكة الحيوانية والثانية القسم الرابع منها على ما مرّ في تفسير (ع 2). فإن كل من مس جثث هذه أيضاً يتنجس وذكر ثمانية أجناس منها (ع 29 و30). وذكر ما يدب (ع 20 - 23). والفرق بين ما ذكره هنا وما ذكره هناك إن ما ذكره هنا لا أجنحة له وما ذكره هناك ذو أجنحة.

اِبْنُ عِرْسٍ واسمه في العبرانية «حلد» (وفي السريانية «حُلدُ» وعلى هذا فهو في العربية الخلُد وبهذا فسروه في المعجمات اللاتينية والعبرانية وبعض المعجمات الإنكليزية. ولكن الذي اشتهر من وصفه في كتب العبرانيين القديمة وغيرها يصدق على ابن عرس دون الخلد ولهذا ترجمه مترجم كتابنا العربي بابن عرس). وأجمعوا في زمن المسيح على أنه حيوان كابن عرس أو النمس وقالوا أنه يسكن في خلل الجدران وبالحفر ويفترس من البهائم ما هو أكبر منه ويحملها بفمه ويأكل الدجاج كثيراً ولهذا كانوا يصنعون كوى بيوت الدجاج التي يقصدون بها تجديد الهواء ضيقة لكي يمتنع عليه ان يدخل إليها. وله أسنان حادة معوجة تنفذ جمجمة الدجاجة ودماغها ويهجم على الأولاد النائمين وجيف البشر ويلعق الماء من الآنية. وهو مولع بسرقة الأشياء اللامعة وتخبئتها في وجاره. وهذا ما وصف به رؤساء الدين في عصر الهيكل الثاني ابن عرس لا الخلد على أن هذا اللفظ أي «الحلد» جاء بمعنى الخلد في بعض كتب التلمود.

قال الدميري «ابن عرس وكنيته أبو الحكم وأبو الوثاب وهي دابة تسمى بالفارسية راسو». وقال القزويني «وهو حيوان دقيق يعادي الفار يدخل حجره ويخرجه... ويعادي الحية أيضاً ويقتلها. وذكر غيره أنه يأكل بيض الدجاج وإنه يسرق الدنانير». ووصفه الشاعر المعروف بالشمقمق بقوله:

Table 7. 

نزل الفارات بيتيرفقة من بعد رفقة    
وابن عرس رأس بيتصاعد في رأس طبقه    
صبغة أبصرت منهافي سواد العين زرقه    
مثل هذا في ابن عرسأغبش تعلوه بلقه    

فوصفه بكونه أغبش أبلق وإنه من الفأر. وفي كفاية المتحفظ «ابن عرس هو السرعوب ويقال له النمس» وغلّطه الدميري بدعواه إن النمس ليس من جنس الفار. وقال السنباطي «بنات عرس هي هذه التي في بيوت مصر» وهو كلام مبهم. وفي القاموس ابن عرس «دويبة اشتر أصلم اسك» أي جفنه مقلوب منشق كأنه مقطوع الأذنين خلقة. والأسك يقرب من الأصلم وهو الأصم أيضاً. وقال بعضهم إن ابن عرس يطلق بالاشتراك على ضرب من الفار وعلى النمس.

ٱلْفَأْرُ واسمه في العبرانية «عكبر» ومعناه مفسد الحقل أو آكل البرّاي الحنطة (والعكابر في العربية الذكور من اليرابيع جمع يربوع وهو ضرب من الفار). وذُكر في سفر صموئيل الأول أربع مرات في أصحاح واحد (1صموئيل 6: 4 و5 و11 و18). ومرة في سفر إشعياء (إشعياء 66: 17). وتُرجم في الأربعة المواضع في سفر صموئيل بالفيران وفي سفر إشعياء بالجرذ (وهو ما تسميه العامة بالجرذون) فدل على أن معناه في العبرانية الفار. وكذا فهمه مفسرو الشريعة في عصر الهيكل الثاني ووصفوه بأنه متلف غلال الحصاد في وقت قصير. ولذلك أشار به المصريون في رسومهم إلى الخراب والإتلاف. ووُصف «بمفسد الأرض» في (1صموئيل 6: 5). وكثيراً ما أتلف غلال الحقول في فلسطين. وأذن رؤساء الدين في عصر الهيكل الثاني لليهود بأن يقتلوه في أي وقت شاءوا حتى أوقات الأعياد الاحتفالية وعيد الفصح والمظال. وكان الفار يفسد ما لا يؤكل أيضاً. وكان يدخل القدس ويفسد الأطعمة المقدسة ويتلف الكتب ولقّبه اليهود بالشرير.

ٱلضَّبُّ وفي العبرانية «الصبّ» ومعناه ورم أو منفوخ (انظر ع 5: 27 في الأصل العبراني). ولم يُذكر في غير هذا الموضع من التوراة (وفُسر في بعض التراجم الأوربية بالسلحفاة) وليس هو إياها فإن السلاحف ليست من الحيوانات النجسة عند علماء الإسرائيليين. قال ميمونيدس «ليس الحيوانات النجسة إلا التي ذُكر أنها نجسة في التوراة (لاويين 11: 29 و30) فالحية والضفدع والسلحفاة ليست بنجسة». ومن المحقق أن رؤساء الدين اليهودي في عصر المسيح فسروا «الصب» العبرانية بضرب من الضفادع أو بحيوان يشبه الضفدع وهو يوافق معنى الصب أي المنفوخ أو المنتفخ. وهو يختلف عن الضفدع بكثافته وقصر رجليه وزيادة انتفاخه. وفُسر في بعض التراجم القديمة «بتمساح البر» (وهو الضب لا محالة لأنه أشبه من كل ما نراه بالتمساح) وقيل إن هذا الضرب من الضفادع أو الحيوان الذي يشبه الضفدع حُرم دون سائر الضفادع لأنه لقصر رجليه يظهر أنه كالزحاف وإنه على ما اعتقدوا يفرز سيالاً صافياً يسم من يمسه هذا على مذهب تفسيره بذلك الضرب من الضفادع.

(وفي كتب العرب القديمة وأشعارهم وأمثالهم كثير من أوصاف الضب. وهو حيوان بري يشبه الحرذون المعروف بالورل ويشبه التمساح أيضاً ولذلك سماه بعض القدماء بتمساح البر وهو عندهم من الأسماء المشتركة فيُطلق على ورم في خف البعير ولهذا فسر بعض العلماء «الصب» في العبرانية بالورم والمنتفخ وعلى ضبة الحديد وغير ذلك. وكانت العرب تأكله قال أحد الشعراء:

Table 8. 

أكلت الضباب فما عفتهاوإني اشتهيت قديد الغنم    

وقالوا في الأمثال «أضلّ منضب». و «أعقّ من ضب». و «أخدع من ضب». و «أعقد من ذنب الضب». وقالوا في ذنبه إحدى وعشرون عقدة).

30 «وَٱلْحِرْذَوْنُ وَٱلْوَرَلُ وَٱلْوَزَغَةُ وَٱلْعِظَايَةُ وَٱلْحِرْبَاءُ».

وَٱلْحِرْذَوْنُ وفي الأصل العبراني «انقه» (ومعناه صراخ أو نواح أو عويل) ولم يُذكر إلا هنا في الكتاب المقدس وفسّره القدماء من رؤساء الشريعة بما يفيد أنه القنفذ إذ قالوا «هو حيوان مغطى بأشواك حادة إذا مُس اجتمع فكان كالكرة». كان القدماء يغطون بجلده ضروع البقر منعاً للحيوانات من أن ترضع لبنها. وتُرجم في بعض التراجم الأجنبية القديمة بالفارة السيئة الطبع وفي بعض الحديثة منها بالوزغة (وفي الترجمة الإنكليزية بابن عرس). وكل ذلك بعيد من الحرذون إلا الوزغ فإنه يشبه الحرذون.

(والحرذون معروف وهو دويبة كالضب لها كف مثل كف الإنسان مقسومة الأصابع إلى أنامل ولا برَص في جلده كالوزغ أي سامّ أبرص المعروف عند العامة بأبي بريص. قالوا إنه من ذوات السموم وهو يكثر في العمران المهجورة).

ٱلْوَرَلُ واسمه في العبرانية «كح» ومعناه قوة ولم يُذكر في غير هذه الآية من كل آيات الكتاب المقدس بهذا المعنى أي بمعنى كونه من الدبابات. وهو قادر على البقاء بلا طعام زمناً طويلاً وهذا ما حمل القدماء على اعتقاد أنه يغتذي بالهواء (ولهذا الاعتقاد أصل في كل اللغات السامية). وترجمه الإنكليز بالحرباء لأن معنى اسمه عندهم أسد الأرض فوجدوا أنه موافق لاسمه في العبرانية أي قوة وفسروا أسد الأرض بأن للحرباء قوة كقوة الأسد بالنسبة إلى جنسه. واعتقاد أنه يعيش على الهواء علة تسميته بالآرامية «زكيتا» ومعناه حيوان يملأ نفسه هواء. وذكر علماء الدين اليهودي في أمر طعامه في كتاب التلمود قصة نسبوها إلى أحد أبناء نوح وإنها حدثت في السفينة وهي ما معناه «قال سام بن نوح عجبنا كثيراً من الحرباء فإنا كنا نطعم البهائم يوماً فيوماً ولم نعلم ماذا كان طعام الحرباء فاتفق يوماً أني كسرت رمانة فوقع منها دودة على الأرض فابتلعتها حالاً. وربطت عدة بقول وتركتها على الأرض فاجتمع عليها الدود وغيره من الهوام فابتلعته». ويوجد الحرباء المعتاد في سورية وفلسطين. وبعض أمم المشرق يعتقدون أنه إذا أكل لحمه مسلوقاً أبرأ من الهزال وإذا أكل مقدداً شفى من الحمى. ويربي أهل أسبانيا الحرباء في البيوت لإهلاك البراغيث.

قلنا وأكثر هذه الأوصاف تصدق على الورل على ما في كتب الحيوان العربية لا على الحرباء. قال القزويني «الورل هو الحيوان العظيم من الوزغ وسام أبرص الطويل الذنب الصغير الرأس. وهو سريع السير خفيف الحركة عدو للضب والحية يدخل بيتها ويأكلها وليس شيء أقوى على قتل الحيّات منه (ولعل هذا علة من علل تسميته بالعبرانية بما معناه القوة كما ذُكر آنفاً). ولا يحتفر لنفسه بيتاً بل يغتصب من كل حيوان بيته (ولعل هذه علة ثانية للتسمية العبرانية) لأنه أي بيت دخله هرب ساكنه. ويغتصب بيت الحية من الحية كما تغتصب الحية بيت سائر الأجناس الأُخر». وقال الدميري «إنه دابة على خلقة الضب إلا أنه أعظم منه و له كف ككف الإنسان مقسومة أصابعها إلى الأنامل». وقال عبد اللطيف البغدادي «الورل والضب والحرباء وشحمة الأرض والوزغ كلها مناسبة في الخلق».

ٱلْوَزَغَةُ واسمها في العبرانية «لطاه» (من لطا في العبرانية كلطأ في العربية أي لصق بالأرض) وهي الوزغة كما في المتن العربي لكن وصف الناموسيين لا يبين نوعها. قالوا هي دويبة غليظة الجلد ناعمته تبيض بيضاً لا يستقل محه عن آحه (أي صفاره عن بياضه). وإذا قُطع ذنبها بقي يتحرك زمناً بعد قطعه وقد تحيا هذه الدويبة بعد موتها إذا صُب عليها الماء البارد سريعاً (وفي آخر هذا الكلام ما فيه وسائر الأوصاف تعم أنواعاً كثيرة من الدبابات).

(والوزغ سام أبرص أو هو وسام أبرص صنفان لنوع واحد).

ٱلْعِظَايَةُ واسمها في العبرانية «حُمط» رجح بعضهم أنها ضرب من الوزغ وفسرها أحد أكابر العلماء من اليهود بالحلزون ولهذا تُرجم إلى الانكليزية (بالحلزون Snail).

والعظاية والعظاءة أيضاً دويبة أكبر من الوزغة ملساء تغدو وتتردد كثيراً تشبه سام أبرص لكنها أحسن منه ولا تؤذي وتسمى شحمة الأرض وشحمة الرمل. وهي أنواع كثيرة منها الأبيض والأحمر والأصفر والأخضر ومن طبعها محبة الشمس ولهذا يسميها بعض العامة حية الشمس وبعض عامة اللبنانيين بالشموسة.

ٱلْحِرْبَاءُ (وفي العبرانية «تنشمت» من نشم في العبرانية أي تنسم أو تنفس سموه بذلك لأن الأقدمين كانوا يعتقدون أن الحرباء يعيش بالتنفس أي بابتلاع الهواء بواسطة التنفس وتُرجم في السبعينية والفلغاتا بالخلد. وترجم في الإنكليزية به). وترجموه بالخلد اتباعاً لبعض التراجم القديمة ولصدق وصفه في أيام الهيكل الثاني أو عصر المسيح على الخلد وهو «إن ليس له عينان ويحفر نفقاً في الأرض ويتلف أصول النبات ويحمل الحبوب إلى نافقائه» ولذا أُجير قتله في أيام الهيكل الثاني في أثناء أيام العيدين الاحتفاليين أي الفصح والمظال (والأرجح أنه الحرباء كما في المتن العربي هنا).

(والحرباء دويبة معروفة خلقه كخلق العظاية إلا أنه أكبر والأنثى حرباءة يتلون ألواناً مختلفة وله لسان طويل دقيق يخطف به الذباب وغيره من صغار الهوام. وقيل أنه يمده على الأرض فمتى مسته الهوام جذبه إلى حلقه. قال قدماء علماء الحيوان في العربية أنه يستقبل الشمس ويدور معها ولذا قال بعضهم أنه مجوسي. ويكنيه بعض عامة سورية بأم البخت ويسميه بعضهم بالبربختي).

31 «هٰذِهِ هِيَ ٱلنَّجِسَةُ لَكُمْ مِنْ كُلِّ ٱلدَّبِيبِ. كُلُّ مَنْ مَسَّهَا بَعْدَ مَوْتِهَا يَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ».

هٰذِهِ هِيَ ٱلنَّجِسَةُ أي الدبابات المذكورة في (ع 29) وهي ثمانية ابن عرس والفار والضب والحرذون والورل والوزغة والعظاية والحرباء.

كُلُّ مَنْ مَسَّهَا بَعْدَ مَوْتِهَا الخ أي من مس جثثها وهي ميتة. وهذا يدل على أن من مسها وهي في الحياة لا يتنجس. وكان قانون رؤساء الدين في عصر الهيكل الثاني «لا شيء من المخلوقات ينجس وهو حي إلا الإنسان».

32 «وَكُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ وَاحِدٌ مِنْهَا بَعْدَ مَوْتِهَا يَكُونُ نَجِساً. مِنْ كُلِّ مَتَاعِ خَشَبٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ جِلْدٍ أَوْ بَلاَسٍ. كُلُّ مَتَاعٍ يُعْمَلُ بِهِ عَمَلٌ يُلْقَى فِي ٱلْمَاءِ وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ ثُمَّ يَطْهُرُ».

ص 15: 12

كُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ وَاحِدٌ مِنْهَا أو جزء من الجثة فإذا مس شيء من جثثها الآنية تنجست (انظر ع 25). وكانت الشريعة في عصر الهيكل الثاني إن الجثة تنجس والجزء منها ينجس إذا كان عليه لحم وإلا فالجلد والشعر والقرون والعظام المجردة وأشباه ذلك لا ينجس فإنهم كانوا يصنعون من ذلك أدوات مختلفة يستعملونها في البيوت. ووقع الخلاف بين الفريسيين والصدوقيين في زمن المسيح فالصدوقيون قطعوا بنجاسة كل جزء من الحيوانات النجسة والفريسيون جروا على الشريعة المذكورة.

مَتَاعِ خَشَبٍ المقصود به كل ما صُنع من البردي أو الحلفاء (إشعياء 18: 2) أو القصب أو ثمام أو خوص أو قشر الجوز أو اللحاء أو سوق الأشجار وفروعها وسائر المواد النباتية.

أَوْ ثَوْبٍ أي كل منسوج من صوف أو كتان أو قنب أو غيره مما ينمو في البر وعلى هذا كانت الأثواب المصنوعة مما ينشأ في البحر مستثناة من هذا القانون في عصر الهيكل الثاني.

أَوْ جِلْدٍ من جلود الحيوانات البرية على قول مفسري العبرانيين فجلود الحيوانات المائية لا تتنجس عندهم.

أَوْ بَلاَسٍ إذا قابلنا هذا بما في (عدد 31: 20) تبين لنا أن المقصود بالبلاس هنا كل ثوب نُسج من خشن شعر المعزي كالمسوح (إشعياء 20: 2). والظاهر إن الذي يتنجس من الجلود والبلاس ما صُنع ثوباً بخلاف ما لم يكن كذلك.

33 «وَكُلُّ مَتَاعِ خَزَفٍ وَقَعَ فِيهِ مِنْهَا، فَكُلُّ مَا فِيهِ يَتَنَجَّسُ، وَأَمَّا هُوَ فَتَكْسِرُونَهُ».

ص 6: 28 و15: 12

كُلُّ مَتَاعِ خَزَفٍ أي كل إناء من فخّار وهو ما يصنع من التراب المعروف بالصلصال (المعروف عند العامة بالدلغان) ويشوى بالآتون.

وَقَعَ فِيهِ مِنْهَا أي إذا وقع شيء من جثثها على ما في الإناء تنجس (انظر ع 32) كما يتنجس الإناء. إن الآنية المعدنية كانت تطهر بالغسل وأما الآنية الخزفية فلم تكن تطهر بذلك ولهذا كانوا يكسرونها (انظر ص 6: 28).

34 «مَا يَأْتِي عَلَيْهِ مَاءٌ مِنْ كُلِّ طَعَامٍ يُؤْكَلُ يَكُونُ نَجِساً. وَكُلُّ شَرَابٍ يُشْرَبُ فِي كُلِّ مَتَاعٍ يَكُونُ نَجِساً».

مَا يَأْتِي عَلَيْهِ مَاءٌ أي كل طعام يعد بالماء يتنجس إذا مسه شيء من جثث الحيوانات النجسة وقس على ذلك كل مشروب. والذي فُهم من قوانين اليهود في عصر الهيكل الثاني إن الطعام إذا كان غير رطب أو معداً بالماء وكان جافاً عند مس تلك الجثث إياه لا يتنجس. وفهموا بالماء كل سائل من الماء والزيت والخمر واللبن والعسل وما أشبه ذلك.

35 «وَكُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ مِنْ جُثَثِهَا يَكُونُ نَجِساً. اَلتَّنُّورُ وَٱلْمَوْقِدَةُ يُهْدَمَانِ. إِنَّهَا نَجِسَةٌ وَتَكُونُ نَجِسَةً لَكُمْ».

وَكُلُّ مَا يريد غير ما ذُكر من المواد.

اَلتَّنُّورُ (وفي العبرانية «تنور» وهو مركب من «تن» أي مخبز أو أتون و «نور» أي نار) وهو إناء كبير من خزف يقرب شكله من الأسطوانة يُخبز فيه الخبز الفطير الرقيق. وكان عند القدماء ضيق الأعلى واسع الجوف والأسفل فبذلك تُحفظ فيه الحرارة زماناً طويلاً (ولم يزل في بعض المدن وكثير من القرى في سورية).

ٱلْمَوْقِدَةُ مكان لإيقاد النار ذو جدار محيط أو جدران وكان عند القدماء طويلاً يسع قدرين يوضعان عليه للطبخ (ولا يزال إلى هذا اليوم في كثير من قرى سورية).

يُهْدَمَانِ لأنهما لا يطهران بالغسل بالماء (انظر ص 6: 28).

36 «إِلاَّ ٱلْعَيْنَ وَٱلْبِئْرَ، مُجْتَمَعَيِ ٱلْمَاءِ، تَكُونَانِ طَاهِرَتَيْنِ. لٰكِنْ مَا مَسَّ جُثَثَهَا يَكُونُ نَجِساً».

إِلاَّ ٱلْعَيْنَ وَٱلْبِئْرَ، مُجْتَمَعَيِ ٱلْمَاءِ لتجدُّد الماء فيهما.

لٰكِنْ مَا مَسَّ جُثَثَهَا يَكُونُ نَجِساً فوجب أن ينزح قدر ما كان فيهما من الماء لأنه تنجس.

37 «وَإِذَا وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ جُثَثِهَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ بِزْرِ زَرْعٍ يُزْرَعُ فَهُوَ طَاهِرٌ».

إِذَا وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ جُثَثِهَا الخ (كلها أو جزء منها) كان الزرع أو النبات الحي كالماء المتجدد لما فيه من النمو فإنه يستمد دائماً مواد جديدة من التربة والهواء. وعلى هذا كان قانون اليهود في عصر الهيكل الثاني «كل ما هو نام في الأرض لا يتنجس إذا لمسته الجثث ما لم يُحصد ويجُمع فإن مسته حينئذ يتنجس».

38 «لٰكِنْ إِذَا جُعِلَ مَاءٌ عَلَى بِزْرٍ فَوَقَعَ عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ مِنْ جُثَثِهَا فَإِنَّهُ نَجِسٌ لَكُمْ».

إِذَا جُعِلَ مَاءٌ عَلَى بِزْرٍ وهو في إناء لدخول الماء النجس في مسامه وعدم نموه حينئذ فهو يتنجس ويتنجس الإناء الذي هو فيه ويجب أن يُكسر إن كان من الخزف (قابل بهذا ص 6: 28). والمقصود بالماء هنا السوائل على اختلاف أنواعها على مقتضى ما مر في تفسير (ع 34).

39 «وَإِذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنَ ٱلْبَهَائِمِ ٱلَّتِي هِيَ طَعَامٌ لَكُمْ، فَمَنْ مَسَّ جُثَّتَهُ يَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ».

وَاحِدٌ مِنَ ٱلْبَهَائِمِ الطاهرة إذا لم يُذبح بأن مات لمرض أو حادث غير الذبح. وكان القانون في أيام الهيكل الثاني مقصوراً على حيوانات البر الداجنة والآبدة دون الطيور والسمك.

فَمَنْ مَسَّ جُثَّتَهُ تُعد ميتة الحيوان الطاهر هنا كميتة الحيوان النجس (انظر ع 24 - 28) فمسها ينجس (انظر ص 17: 15) وهذا مقصور على لحم الحيوان دون جلده وعظامه وأوتاره وقرونه وما شاكل ذلك فهذه كلها طاهرة عند الفريسيين بخلاف الصدوقيين والسامريين.

40 «وَمَنْ أَكَلَ مِنْ جُثَّتِهِ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ. وَمَنْ حَمَلَ جُثَّتَهُ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ».

ص 17: 15 و22: 8 وتثنية 14: 21 وحزقيال 4: 14 و44: 31

مَنْ أَكَلَ سهواً أو عمداً وإلا وجب عليه الحد العظيم وهو القطع (انظر عدد 15: 30 وتثنية 14: 21).

وَمَنْ حَمَلَ جُثَّتَهُ بأن نقلها من مكانها ليطرحها بعيداً يتنجس بها كما يتنجس الحيوان النجس (انظر ع 25).

41 «وَكُلُّ دَبِيبٍ يَدِبُّ عَلَى ٱلأَرْضِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ لاَ يُؤْكَلُ».

كُلُّ دَبِيبٍ (الدبيب كل داب أي ماش على الأرض) هذا فوق ما ذُكر من أنواع الدبيب الثمانية التي مس جثتها كما ذُكر في (ع 29 و30) ما عدا ما في (ع 21 و22) فهذه كلها نجاسة فلا يجوز أكلها. وكانت القاعدة في أيام الهيكل الثاني أن الدود الصغير الذي لا يدب على الأرض مستثنى ومن ثم حكموا بأن الدود الذي يعيش في الأثمار والبقول والحبوب لا ينجسها وكذا دود الجبن واللحم الذي تحت الجلد فلا ينجس ما لم يخرج ويدب على الأرض. ولهذا جاء في الترجمة الكلدانية ليوناثان «وكل دبيب يطير نجس لكم» (انظر تثنية 14: 19). و «كل النحل والزنابير ودود البقول الذي يترك الطعام ويطير كالطيور نجس لكم».

42 «كُلُّ مَا يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ، وَكُلُّ مَا يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ مَعَ كُلِّ مَا كَثُرَتْ أَرْجُلُهُ مِنْ كُلِّ دَبِيبٍ يَدِبُّ عَلَى ٱلأَرْضِ، لاَ تَأْكُلُوهُ لأَنَّهُ مَكْرُوهٌ».

كُلُّ مَا يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ قُسمت الدبابات في هذا الأصحاح ثلاثة أقسام الأول ما يدب على قسم المعدة وهو الذي عبر عنه هنا بأنه يمشي على البطن كالحية (انظر تكوين 3: 14).

كُلُّ مَا يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ هذا هو القسم الثاني وهو ما له أربع قوائم ويدب كالعقارب والجُعل.

كُلِّ مَا كَثُرَتْ أَرْجُلُهُ هذا هو القسم الثالث وهو كثير الأرجل الصغيرة القصيرة التي يعسر نظرها بمجرد العين فتظهر أنها تزحف على بطنها كدود الربيع والحريش (أي أم أربع وأربعين) وما شاكلها.

43 «لاَ تُدَنِّسُوا أَنْفُسَكُمْ بِدَبِيبٍ يَدِبُّ، وَلاَ تَتَنَجَّسُوا بِهِ وَلاَ تَكُونُوا بِهِ نَجِسِينَ».

ص 20: 25

لاَ تُدَنِّسُوا أَنْفُسَكُمْ بأكل البهائم النجسة التي بُينت نجاستها في هذا الكتاب (انظر ص 7: 21 و11: 10 - 13 و20 و23 و41 و42).

لاَ تَتَنَجَّسُوا أي بمس جثته فأكله ومس جثته كلاهما منجس في شريعة الله القديمة.

44 «إِنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ فَتَتَقَدَّسُونَ وَتَكُونُونَ قِدِّيسِينَ، لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ. وَلاَ تُنَجِّسُوا أَنْفُسَكُمْ بِدَبِيبٍ يَدِبُّ عَلَى ٱلأَرْضِ».

خروج 19: 6 وص 19: 2 و20: 7 و26 و1تسالونيكي 4: 7 و1بطرس 1: 15 و16

إِنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ (الجملة استئنافية واقعة موقع التعليل فيكون المعنى لأني أنا الرب إلهكم ولهذا تُرجمت العبارة بهذا المعنى في التوراة الإنكليزية) فإن الرب لأنه قدوس وجب على شعبه المصاحب له أن يكون مقدساً وهذا يستلزم أن يعتزل شعبه كل شيء نجس. وعلى هذا قول الرسول «بَلْ نَظِيرَ ٱلْقُدُّوسِ ٱلَّذِي دَعَاكُمْ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضاً قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ. لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ» (1بطرس 1: 15 و16).

وَتَكُونُونَ قِدِّيسِينَ، لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ (القدوس الكثير القداسة وهو مما لا يُنعت به إلا الله. وهذه الآية بمعنى الآية في ص 20: 7).

45 «إِنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ ٱلَّذِي أَصْعَدَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لِيَكُونَ لَكُمْ إِلٰهاً. فَتَكُونُونَ قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ».

خروج 6: 7 ع 44

أَصْعَدَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ أخرجهم من أرض مصر وأنقذهم من عبودية المصريين بطريق عجيبة ليكونوا شعباً خاصاً له (قابل هذا بما في 2صموئيل 7: 23). فلقدوس إسرائيل الحق أن يطلب من شعبه الذي افتداه لنفسه أن يطيع شريعته وأن يكون مقدساً لأن فاديه قدوس. وكررت آية الفداء في الكتاب المقدس لأمرين الأول الإعلان للإسرائيلين إنهم مكلفون بأن يطيعوا وصايا الله. والثاني الكشف لهم إنهم منكرو الجميل أو إنهم كافرون بنعمة الله بمعاصيهم (تثنية 8: 14 و13: 6 ويشوع 24: 17 وقضاة 2: 12 الخ).

46 «هٰذِهِ شَرِيعَةُ ٱلْبَهَائِمِ، وَٱلطُّيُورِ، وَكُلِّ نَفْسٍ حَيَّةٍ تَسْعَى فِي ٱلْمَاءِ، وَكُلِّ نَفْسٍ تَدِبُّ عَلَى ٱلأَرْضِ».

هٰذِهِ شَرِيعَةُ ٱلْبَهَائِمِ هذا تكرار ما تقدم في الشريعة الطعامية من ذكر أقسام البهائم الأربعة:

  1. الحيوانات البرية.

  2. الحيوانات المائية.

  3. الحيوانات الهوائية أي الطيور التي تطير في الهواء.

  4. الحيوانات السربية أي التي تعيش أسراباً كالنحل والجراد (انظر ص 7: 37 و38).

47 «لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ ٱلنَّجِسِ وَٱلطَّاهِرِ، وَبَيْنَ ٱلْحَيَوَانَاتِ ٱلَّتِي تُؤْكَلُ وَٱلْحَيَوَانَاتِ ٱلَّتِي لاَ تُؤْكَلُ».

ص 10: 10

لِلتَّمْيِيزِ أي إن شريعة الأطعمة وُضعت لتمكن خدم الدين والشعب من معرفة ما حرّم أكله من البهائم وما أحل وما ينجس وما لا ينجس.

بَيْنَ ٱلْحَيَوَانَاتِ ٱلَّتِي تُؤْكَلُ الخ هذا أخصّ من قوله الحيوانات الطاهرة والحيوانات النجسة لأن الحيوان قد يكون طاهراً ولا يؤكل. وكذا كان الأمر في أيام الهيكل الثاني. فإن الحيوان الطاهر لا يجوز أن يؤكل ما لم يكن في حال الصحة فإنه حينئذ لا يجوز أكله لما فيه من المرض.

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي عَشَرَ

1 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى كان خطاب الرب في الحيوانات الطاهرة والنجسة لموسى وهارون معاً وهنا قصر الكلام في شرائع التطهير على موسى الذي أعطى الناموس على يده (انظر ص 11: 1). وكانت الشريعة السابقة تتعلق بالنجاسة الخارجة من الأكل والمس وهنا تتعلق بالنجاسة الداخلة أي الناشئة من جسد الإنسان نفسه. والمرشدون الروحيون في أيام المسيح أظهروا علة هذا الترتيب بقولهم إن الله جرى في هذا على ترتيب الخلق لأنه خلق البهائم أولاً ثم خلق الإنسان فتكلم في طهارة البهائم أولاً ثم تكلم على طهارة الإنسان.

2 «قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: إِذَا حَبِلَتِ ٱمْرَأَةٌ وَوَلَدَتْ ذَكَراً تَكُونُ نَجِسَةً سَبْعَةَ أَيَّامٍ. كَمَا فِي أَيَّامِ طَمْثِ عِلَّتِهَا تَكُونُ نَجِسَةً».

ص 15: 19 الخ لوقا 2: 22 ص 15: 19

إِذَا حَبِلَتِ ٱمْرَأَةٌ يدل هذا الكلام باعتبار علاقته بما بعده إن المرأة تكون نجسة من أول الحمل (ورأى خدم الدين أي معلمو الناموس في أيام الهيكل الثاني إن المرأة لا تتنجس بالحبل ما لم تبتدئ حياة الجنين وكانوا يعتقدون إن الحياة لا تظهر فيه إلا بعد الحبل بأربعين يوماً أو إنها لا تُحسب نجسة إلا بعد أن يكمل تكوين الجنين وكانوا يعتقدون إن ذلك لا يتم إلا بعد تلك المدة على ما نقل بعضهم). وقيل إن علماء الشريعة في أيام الهيكل الثاني حملوا الحبل على الولادة فقالوا المراة تكون نجسة متى ولدت سواء كانت الولادة طبيعية في وقتها أو كانت لعرض أو مرض كالإجهاض. وعند الهنود إن المرأة إذا حبلت تبقى نجسة نحو شهر من بداءة الحبل.

وَوَلَدَتْ ذَكَراً وجاء في بعض النسخ والتراجم إنساناً ذكراً ولا فرق في المعنى.

تَكُونُ نَجِسَةً سَبْعَةَ أَيَّامٍ مع أن سيلان الدم الذي يكون على أثر الولادة يبقى في الغالب ثلاثة أيام أو أربعة أيام. وعلى بقاء النجاسة سبعة أيام ليدخل في الحكم ما شذ من أوقات ذلك السيلان.

كَمَا فِي أَيَّامِ طَمْثِ فإن مدة ذلك سبعة أيام أيضاً (انظر ص 19: 15). وكان العبرانيون يراعون ذلك قبل النظام اللاوي.

3 «وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ يُخْتَنُ لَحْمُ غُرْلَتِهِ».

تكوين 17: 12 ولوقا 1: 59 و2: 21 ويوحنا 7: 22 و23

فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ هو اليوم بعد الأيام السبعة التي تبقى فيها الوالدة نجسة. وكان المولود يُختن في ذلك اليوم. ورسم الختان ذُكر في (تكوين 17: 10 و13).

4 «ثُمَّ تُقِيمُ ثَلاَثَةً وَثَلاَثِينَ يَوْماً فِي دَمِ تَطْهِيرِهَا. كُلَّ شَيْءٍ مُقَدَّسٍ لاَ تَمَسَّ، وَإِلَى ٱلْمَقْدِسِ لاَ تَجِئْ حَتَّى تَكْمُلَ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا».

ثُمَّ تُقِيمُ ثَلاَثَةً وَثَلاَثِينَ يَوْماً فِي دَمِ تَطْهِيرِهَا أي في الدم الطاهر. إن هذا الدم يظل يخرج بعد الولادة وينقطع بعد أسبوعين أو ثلاثة فالمدة المحكوم به نحو ضعفي وقت الخروج وعلة ذلك قصد أن يشمل الحكم ما شذ عن القاعدة فإنه قد يبقى أكثر من ثلاثة أسابيع. وفي تلك الأيام الثلاثة والثلاثين يحظر على الوالدة أن تمس شيئاً مقدساً كلحم ذبائح الشكر وذبائح السلامة والعشور الأولى وغيرها. ويحرم عليها في تلك المدة أن تدخل القدس. وحين تكون قد اغتسلت في نهاية الأيام السبعة يجوز لها أن تشترك في العشور الثانية لأن الدم المذكور يُعد حينئذ طاهراً.

5 «وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى تَكُونُ نَجِسَةً أُسْبُوعَيْنِ كَمَا فِي طَمْثِهَا. ثُمَّ تُقِيمُ سِتَّةً وَسِتِّينَ يَوْماً فِي دَمِ تَطْهِيرِهَا».

إِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى وفي بعض التراجم ولداً أنثى والمعنى واحد (انظر تفسير ع 2).

كَمَا فِي طَمْثِهَا أي كما في مدة حيضها (انظر ع 2). أيام التطهير في ولادة الأنثى مضاعف أيام التطهير في ولادة الذكر في المدتين (وعلة هذا الفرق على ما يرجّح اعتقاد الأقدمين أن بنية الوالدة بولادة البنت تتشوش أكثر مما تتشوش بولادة الصبي وذلك يقتضي لرجوعها إلى صحتها مدة أطول مما سبق. وكان مثل هذا بين عدة أمم من أمم المشرق قديماً ولا تزال بين بعضها إلى هذا اليوم. فكان اليونانيون القدماء يرون أن الرجل الذي يدنو من نفساء ينجس المذبح إذا اقترب منه. وكان مما عوّل عليه في مدة الحرب البيلويونيسية تطهير جزيرة ديولس من النساء اللاواتي في النفاس. وتجاوز الهنود الحد في ذلك بأن حسبوا كل أقرباء النفساء نجسين فكان على الرجل أن يتطهر. والمرأة النفساء كانت تبقى نجسة إلى نهاية اليوم العاشر. وفي ذلك اليوم يُسمى الولد وتعد المرأة النفساء عند العرب نجسة إلى نهاية اليوم الأربعين من الولادة.

دَمِ تَطْهِيرِهَا اي دمها الطاهر (انظر تفسير ع 4). يظهر مما ذُكر أن الشريعة موضوعة هنا على المرأة في الولادة العادية ولم يذكر شيء من ولادة التوأمين. وذيّل علماء الدين اليهودي في أيام الهيكل الثاني شريعة موسى هذه بقولهم «إن ولدت المرأة توأمين فإن كان أحدهما صبياً والآخر بنتاً كانت أيام نجاستها مثل أيامها في ولادة البنت. وإن كان أحدهما ذكراً والآخر خنثى كانت أيام نجاستها بقدر أيامها في ولادة الصبي وولادة البنت. وإن كان أحدهما أنثى والآخر خنثى كانت أيام نجاستها كأيامها في ولادة البنت». (ولم نقف لهم على قول في ما إذا كان التوأمان ابنين والظاهر أنه كالقول في ولادة الابن الواحد).

6 «وَمَتَى كَمَلَتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا لأَجْلِ ٱبْنٍ أَوِ ٱبْنَةٍ تَأْتِي بِخَرُوفٍ حَوْلِيٍّ مُحْرَقَةً، وَفَرْخِ حَمَامَةٍ أَوْ يَمَامَةٍ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ إِلَى ٱلْكَاهِنِ».

لوقا 2: 22

مَتَى كَمَلَتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا (أي أيام النجاسة التي في نهايتها تمام تطهيرها). أبان في الآيات السابقة أحوال النجاسة الناشئة عن الولادة. وأخذ هنا يبين قوانين التقدمة لتطهير المرأة بعد النفاس. وكانت تقدمة والدة الابن تقدم في نهاية اليوم الأربعين من الولادة وتقدمة والدة الابنة في نهاية اليوم الثمانين كذلك أي في اليوم الحادي والأربعين من ولادة الذكر وفي اليوم الحادي والثمانين من ميلاد الأنثى.

لأَجْلِ ٱبْنٍ أَوِ ٱبْنَةٍ أي للتطهير من النجاسة الناشئة عن ميلاد ابن أو ابنة لا لتطهير أحد المولودين لأنهما غير نجسين.

تَأْتِي بِخَرُوفٍ حَوْلِيٍّ أي ابن حول أو سنة وهو الخروف الذي مرّ عليه منذ ولادته سنة أو بعض السنة. وكان يقدّم محرقة دلالة على الشكر لله على رحمته للمرأة الوالدة في ساعة الحزن والخطر. أو كان يقدم على ما رأى بعض القدماء اعترافاً بجزع الأم وأفكارها المعيبة مدة حملها وحين الولادة (قابل بهذا ما في تكوين 25: 22). وكانت ذبيحة الخطية كفارة لما ارتكبته من الخطايا القولية من ألم الطلق. وكانت ذبيحة الخطية تسبق ذبيحة المحرقة وإن ذُكرا هنا معاً (انظر ص 5: 7 و14: 31 و15: 15 و30 و16: 3 و5 الخ). وقدمت ذبيحة المحرقة هنا بالذكر لأنها كانت أثمن التقدمتين. وكان ثلاثة نجسين غير المتنجسة بالولادة (ع 6 و8) يقدمون تقدمة الخطية الأبرص (ص 14: 19 و31). وذو السيل (ص 15: 15). وذات السيل (ص 15: 30).

بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ أي مدخل خيمة الاجتماع (انظر تفيسر ص 13). كانت هذه الذبائح في أيام الهيكل الثاني يؤتى بها إلى باب الهيكل الشرقي المعروف يومئذ بباب نيكانور.

7 «فَيُقَدِّمُهُمَا أَمَامَ ٱلرَّبِّ وَيُكَفِّرُ عَنْهَا، فَتَطْهُرُ مِنْ يَنْبُوعِ دَمِهَا. هٰذِهِ شَرِيعَةُ ٱلَّتِي تَلِدُ ذَكَراً أَوْ أُنْثَى».

ص 20: 18 ومرقس 5: 29

فَيُقَدِّمُهُمَا أي الكاهن وكان في أيام الهيكل الثاني لا يزاد على ذلك وإن كانت المرأة قد ولدت توأمين.

8 «وَإِنْ لَمْ تَنَلْ يَدُهَا كِفَايَةً لِشَاةٍ تَأْخُذُ يَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ، ٱلْوَاحِدَ مُحْرَقَةً وَٱلآخَرَ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، فَيُكَفِّرُ عَنْهَا ٱلْكَاهِنُ فَتَطْهُرُ».

ص 5: 7 ولوقا 2: 24 ص 4: 26

وَإِنْ لَمْ تَنَلْ يَدُهَا الخ اي إن لم تستطع إن الله لرحمته خفف التقدمة على المسكين الذي لا يستطيع أن يقدم خروفاً فسمح له بأن يقدم يمامتين (واليمام هو الحمام البري) أو فرخي حمام أي أن يقدم من جنس واحد إما من اليمام وإما من الحمام لا يمامة وحمامة. وكان اليمام والحمام كثيرين في فلسطين (انظر ص 1: 14). وعلى هذا قدمت المسكينة أم ربنا يسوع المسيح يمامتين أو فرخي حمام لتطهيرها في الهيكل ومعها الطفل يسوع (لوقا 2: 24) فرشّها الكاهن بالدم وأعلن أنها طاهرة.

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ عَشَرَ

1 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى وَهَارُونَ».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى وَهَارُونَ إن شريعة البرص تتعلق بالكاهن لأنه هو الذي ينظر في الأعراض ويحكم بأن الإنسان مصاب به أولاً ولذلك كلّم الرب موسى وهارون معاً في أمره في الكلام عليه في هذه الأصحاح وما بعده. وذكر للبرص ثلاثة أنواع:

  1. برص الإنسان (ص 13: 2 - 46).

  2. برص الثياب (ص 13: 47 - 59).

  3. برص البيوت (ص 14: 33 - 57).

2 «إِذَا كَانَ إِنْسَانٌ فِي جِلْدِ جَسَدِهِ نَاتِئٌ أَوْ قُوبَاءُ أَوْ لُمْعَةٌ تَصِيرُ فِي جِلْدِ جَسَدِهِ ضَرْبَةَ بَرَصٍ، يُؤْتَى بِهِ إِلَى هَارُونَ ٱلْكَاهِنِ أَوْ إِلَى أَحَدِ بَنِيهِ ٱلْكَهَنَةِ».

تثنية 28: 27 وإشعياء 3: 17 تثنية 17: 8 و9 و24: 8 ولوقا 17: 14

إِذَا كَانَ إِنْسَانٌ فِي جِلْدِ جَسَدِهِ تكلم الشارع هنا على ست أحوال للبرص الحال الأولى امتداد البرص بلا سبب ظاهر (ع 2 - 6) وفي هذه الحال كان يؤتى بالإنسان إلى الكاهن إذا شوهد في جلده ناتئ أو انتفاخ. وإذ كان البيان هنا مختصراً جداً يحتاج إلى إيضاح مدقق وضّح علماء اليهود ومفسرو الناموس في أيام الهيكل الثاني ذلك بقولهم.

نَاتِئٌ أي ارتفاع وانتفاخ أو هنة من الجسم مرتفعة أو منتفخة.

قُوبَاءُ القوباء ما يُعرف بالحزاز.

لُمْعَةٌ بثرة لامعة ولكن هذا العَرض يدل على البرص إذا كانت اللمعة ذات لون من لونين أولي وثانوي فالأولي في الناتئ أن يكون لونه كقشرة البيضة والثانوي أن يكون في بياض الصوف. والأولي في اللمعة أن تكون بيضاء كالثلج والثانوية هو أن تكون بيضاء مثل كلس الحائط.

يُؤْتَى بِهِ إِلَى هَارُونَ وكانت القاعدة في فحص المصاب في عصر الهيكل الثاني ما يأتي. إنه كان لكل أحد من المدركين أن يمتحن أمر المريض سوى نفسه وأقربائه ومع ذلك قُصر الامتحان على الكاهن ليحكم بأن ما اعتراه برص أو غير برص لأن الشريعة قد أمرت بذلك (تثنية 21: 5). فكان يجب أن يؤتى بالمصاب إلى هارون. ومع أن الكاهن كان يحكم بالنجاسة أو الطهارة ولو كان جاهلاً كان عليه أن يعرف ذلك من مختبري العامة (أو الأطباء من العامة). وكان الفحص لا يجوز في السبت ولا في أول الصباح ولا في الظهيرة ولا في المساء ولا في أيام الدجن أي ذوات الغيوم المطبقة لأنه لا يحكم تشخيص البرص في تلك الأوقات. وكان يجب أن يكون في إحدى الساعات الآتية وهي الثالثة والرابعة والخامسة والسابعة والثامنة والتاسعة.

3 «فَإِنْ رَأَى ٱلْكَاهِنُ ٱلضَّرْبَةَ فِي جِلْدِ ٱلْجَسَدِ وَفِي ٱلضَّرْبَةِ شَعْرٌ قَدِ ٱبْيَضَّ، وَمَنْظَرُ ٱلضَّرْبَةِ أَعْمَقُ مِنْ جِلْدِ جَسَدِهِ، فَهِيَ ضَرْبَةُ بَرَصٍ. فَمَتَى رَآهُ ٱلْكَاهِنُ يَحْكُمُ بِنَجَاسَتِهِ».

شَعْرٌ قَدِ ٱبْيَضَّ العرض الأول الدال على مرض البرص أي يبيض الشعر في المكان المصاب به من الجسد فإنه كان يغلب أن يكون شعر اليهود أسود. وحدد علماء الناموس ذلك في أيام الهيكل الثاني بقولهم أنه يجب أن تكون شعرتان من الشعر في موضع الإصابة على الأقل بيضاوين قبل أن يُعلن الكاهن نجاسة المصاب وأن يكون البياض في أصليهما من اللمعة.

وَمَنْظَرُ ٱلضَّرْبَةِ أَعْمَقُ مِنْ جِلْدِ جَسَدِهِ أي تكون اللمعة منخفضة عن سائر أجزاء الجلد وهذا هو العرض الثاني للبرص.

يَحْكُمُ بِنَجَاسَتِهِ أي إنه مصاب بالبرص المنجس. فكان الكاهن يقضي بأن الشخص المصاب بالبرص وبأنه نجس لذلك بوجود ذينك العرضين أي ابيضاض شعر اللمعة أو أصلَي شعرتين من شعرها على الأقل وانخفاضها عن سائر أجزاء الجلد.

4 «لٰكِنْ إِنْ كَانَتِ ٱلضَّرْبَةُ لُمْعَةً بَيْضَاءَ فِي جِلْدِ جَسَدِهِ، وَلَمْ يَكُنْ مَنْظَرُهَا أَعْمَقَ مِنَ ٱلْجِلْدِ، وَلَمْ يَبْيَضَّ شَعْرُهَا، يَحْجِزُ ٱلْكَاهِنُ ٱلْمَضْرُوبَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ».

إِنْ كَانَتِ ٱلضَّرْبَةُ لُمْعَةً بَيْضَاءَ أي إن مجرد ظهور بقعة بيضاء في الجلد أو إن بياض بقعة في الجلد دون العرَضين المذكورين في الآية الثالثة لا يمكن الكاهن من الحكم بنجاسة من ظهر ذلك في جلده.

يَحْجِزُ ٱلْكَاهِنُ ٱلْمَضْرُوبَ الخ أي يعزل الكاهن المصاب بما ذُكر من اللمعة البيضاء عن الناس سبعة أيام ليتحقق أذلك عرَض برص أم لا. وكان القانون في عصر الهيكل الثاني أن لا يحجز المصاب في أسبوع عرسه.

5 «فَإِنْ رَآهُ ٱلْكَاهِنُ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِعِ وَإِذَا فِي عَيْنِهِ ٱلضَّرْبَةُ قَدْ وَقَفَتْ، وَلَمْ تَمْتَدَّ ٱلضَّرْبَةُ فِي ٱلْجِلْدِ، يَحْجِزُهُ ٱلْكَاهِنُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثَانِيَةً».

فَإِنْ رَآهُ ٱلْكَاهِنُ أي إن رأى الكاهن في نهاية أسبوع الحجز إن الأعراض لم تتغير وجب أن يحجز المصاب سبعة أيام أخرى. وكان يجب على الكاهن الذي نظر الأعراض أولاً نفسه أن ينظر في ذلك لأن غيره لم يقف عليها في أول الأمر ليعرف إنها باقية كما كانت أو إنها تغيرت. فإن مات ذلك الكاهن في أثناء تلك المدة وجب أن ينظر في الأعراض كاهن آخر لكن لا يكون له أن يحكم بنجاسة المصاب. وإذا اتفق إن كان اليوم السابع يوم سبت أو يوم عيد تُرك الأمر إلى اليوم التالي.

وَإِذَا فِي عَيْنِهِ ٱلضَّرْبَةُ قَدْ وَقَفَتْ تُرجمت هذه العبارة في بعض التفاسير «وإذا الضربة قد وقفت على لونها» فيكون المعنى وإذا كان الموضع المظنون أنه مصاب قد بقي على لونه (قابل هذا بما في عدد 11: 7). ويُعلم من ذلك أن اللمعة إذا لم يتغير لونها لم يجز أن يحكم بطهارة المصاب. (وتفسيرها على ما في المتن إن رأى رأيَ العين إن اللمعة لم تتغير أو لم تكبر أو تمتد الخ).

6 «فَإِنْ رَآهُ ٱلْكَاهِنُ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِعِ ثَانِيَةً وَإِذَا ٱلضَّرْبَةُ كَامِدَةُ ٱللَّوْنِ، وَلَمْ تَمْتَدَّ ٱلضَّرْبَةُ فِي ٱلْجِلْدِ، يَحْكُمُ ٱلْكَاهِنُ بِطَهَارَتِهِ. إِنَّهَا حِزَازٌ. فَيَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَكُونُ طَاهِراً».

ص 11: 25 و14: 8

فَإِنْ رَآهُ ٱلْكَاهِنُ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِعِ ثَانِيَةً أي إذا رآه في اليوم السابع من السبعة الأيام الأخرى ووجد اللمعة كامدة اللون ولم تمتد كان له أن يحكم بطهارة المصاب أو المظنون أنه مصاب ويطلقه من حجزه إذ يتبين من ذلك أنها قشرة عادية أو حزازة. ومع أنها ليست برصاً تدل على شيء من الفساد في الدم وجب عليه أن يغسل ثيابه.

7، 8 «7 لٰكِنْ إِنْ كَانَتِ ٱلْقُوبَاءُ تَمْتَدُّ فِي ٱلْجِلْدِ بَعْدَ عَرْضِهِ عَلَى ٱلْكَاهِنِ لِتَطْهِيرِهِ، يُعْرَضُ عَلَى ٱلْكَاهِنِ ثَانِيَةً. 8 فَإِنْ رَأَى ٱلْكَاهِنُ وَإِذَا ٱلْقُوبَاءُ قَدِ ٱمْتَدَّتْ فِي ٱلْجِلْدِ، يَحْكُمُ ٱلْكَاهِنُ بِنَجَاسَتِهِ. إِنَّهَا بَرَصٌ».

ٱلْقُوبَاءُ تَمْتَدُّ هذا كما في الآية الخامسة في تكرير الحجز وبيانها في أنه في الامتداد وتلك في الوقوف.

لِتَطْهِيرِهِ أي بغية أن يعلن أنه طاهر. فكان الكاهن إذا لم يتبين له أن الأثر العارض برص في النظر الأول ورآه قد امتد في الأول والثاني حكم بنجاسة المصاب فإن توالي الامتداد يدل على أنه برص.

9 «إِنْ كَانَتْ فِي إِنْسَانٍ ضَرْبَةُ بَرَصٍ فَيُؤْتَى بِهِ إِلَى ٱلْكَاهِنِ».

إِنْ كَانَتْ فِي إِنْسَانٍ ضَرْبَةُ بَرَصٍ هذه حال ثانية والكلام عليها في هذه الآية وما بعدها إلى الآية السابعة عشرة. وهي عود البرص بعد شفائه وأُمر فيه بما يختلف عما أُمر في الحال الأولى شيئاً. وكان يؤتى إلى الكاهن بالمصاب في عوَد البرص كما يؤتى به إليه في بدئه.

10 «فَإِنْ رَأَى ٱلْكَاهِنُ وَإِذَا فِي ٱلْجِلْدِ نَاتِئٌ أَبْيَضُ، قَدْ صَيَّرَ ٱلشَّعْرَ أَبْيَضَ وَفِي ٱلنَّاتِئِ وَضَحٌ مِنْ لَحْمٍ حَيٍّ».

عدد 12: 10 و12 و2ملوك 5: 27 و2أيام 26: 20

وَإِذَا فِي ٱلْجِلْدِ نَاتِئٌ أَبْيَضُ أي إذا رجع المرض فعلاً دل عليه أحد عرضين الأول الناتئ الأبيض في الجلد. والشعر الأبيض حينئذ ينبئ بالمرض إذا صحب الناتئ الأبيض أو الورم أو الانتفاخ الذي ينشأ عنه. وإذا كان الانتفاخ الأصلي الأبيض الذي يغير لون الشعر قد زال وظهر الانتفاخ اللحمي حول الشعر الأبيض لم يكن للكاهن أن يحكم بنجاسة المصاب. والثاني ما يأتي.

وَفِي ٱلنَّاتِئِ وَضَحٌ مِنْ لَحْمٍ حَيٍّ هذا هو العرض الثاني أي أحد العرضين الذي يدل كل منهما على رجوع المرض. (والواضح في العربية الدرن وبياض الصبح والضوء والقمر والبرَص والغرة والتحجيل في القوائم والشيب ومحبة الطريق واللبن وحلي من الفضة والخلخال وصغار الكلإ والدرهم الصحيح. وفي العبرانية «محيت أو محية» ومعناه بقعة بياض أو درنة بيضاء وهو المقصود في الآية) والمقصود باللحم الحي اللحم الذي فيه حياة أو اللحم أو بقعة فيه لها مظهر الحياة يحيط بها البياض ويعم وجهها. وكان يجب أن يكون مقدار بقعة اللحم الحي التي تدل على وجود المرض وتوجب الحكم على صاحبها بالنجاسة مقدار حبة العدس على أقل الاعتبارات على ما يُفهم من الترجمة السبعينية والترجمة الكلدانية. وكانت تُعد هنة اللحم الصحيح في وسط الدرنة أو البقعة البيضاء آية أكل المرض للحم الذي هي محيطة به.

11 «فَهُوَ بَرَصٌ مُزْمِنٌ فِي جِلْدِ جَسَدِهِ. فَيَحْكُمُ ٱلْكَاهِنُ بِنَجَاسَتِهِ. لاَ يَحْجِزُهُ لأَنَّهُ نَجِسٌ».

بَرَصٌ مُزْمِنٌ إذا دلّت الأعراض على أن البرص هو الذي كان قبلاً ثم رجع لم يبق من حاجة إلى الحجز فكان على الكاهن أنه يحكم بنجاسة المصاب في الحال.

12، 13 «12 لٰكِنْ إِنْ كَانَ ٱلْبَرَصُ قَدْ أَفْرَخَ فِي ٱلْجِلْدِ، وَغَطَّى ٱلْبَرَصُ كُلَّ جِلْدِ ٱلْمَضْرُوبِ مِنْ رَأْسِهِ إِلَى قَدَمَيْهِ حَسَبَ كُلِّ مَا تَرَاهُ عَيْنَا ٱلْكَاهِنِ، 13 وَرَأَى ٱلْكَاهِنُ وَإِذَا ٱلْبَرَصُ قَدْ غَطَّى كُلَّ جِسْمِهِ، يَحْكُمُ بِطَهَارَةِ ٱلْمَضْرُوبِ. كُلُّهُ قَدِ ٱبْيَضَّ. إِنَّهُ طَاهِرٌ».

إِنْ كَانَ ٱلْبَرَصُ قَدْ أَفْرَخَ فِي ٱلْجِلْدِ كان لعود المرض وجهان يمنعان من الحكم على المريض بالنجاسة الأول كون البرص مغطياً كل الجسم حتى صار كله أبيض فلا يظهر فيه اللحم الحي فيكون طاهراً لأن ذلك دليل واضح على أن المرض انتهى وصار أثره كالقشرة للجلد وإنها تزول متى يبست والثاني في (ع 16 و17).

14 «لٰكِنْ يَوْمَ يُرَى فِيهِ لَحْمٌ حَيٌّ يَكُونُ نَجِساً».

لٰكِنْ يَوْمَ يُرَى فِيهِ الخ أي لكن في اليوم الذي يظهر فيه اللحم الصحيح. والمعنى أنه زمن ظهور بقع من اللحم الطبيعي مختلطة بالبثور البيضاء يكون المصاب نجساً لأن ذلك يدل على أن المرض لم يشف أو لم يبلغ النهاية. واستنتج علماء الشريعة في عهد الهيكل الثاني وعصر المسيح أنه كان المرض لم يُنظر فيه كسبعة أيام العرس وسبعة أيام عيد الفصح وعيد المظال.

15 «فَمَتَى رَأَى ٱلْكَاهِنُ ٱللَّحْمَ ٱلْحَيَّ يَحْكُمُ بِنَجَاسَتِهِ. ٱللَّحْمُ ٱلْحَيُّ نَجِسٌ. إِنَّهُ بَرَصٌ».

فَمَتَى رَأَى ٱلْكَاهِنُ ٱللَّحْمَ ٱلْحَيَّ الخ البياض يكون على أثر عوَد اللحم الحي حتي يبيض الجسد كله أيضاً ولا يظهر شيء من البقع فيُرى المصاب حينئذ نفسه للكاهن فإذا تحقق ذلك أُعلن أن المصاب طاهر.

16، 17 «16 ثُمَّ إِنْ عَادَ ٱللَّحْمُ ٱلْحَيُّ وَٱبْيَضَّ يَأْتِي إِلَى ٱلْكَاهِنِ. 17 فَإِنْ رَآهُ ٱلْكَاهِنُ وَإِذَا ٱلضَّرْبَةُ قَدْ صَارَتْ بَيْضَاءَ، يَحْكُمُ ٱلْكَاهِنُ بِطَهَارَةِ ٱلْمَضْرُوبِ. إِنَّهُ طَاهِرٌ».

إِنْ عَادَ ٱللَّحْمُ ٱلْحَيُّ الخ البياض يكون على أثر عود اللحم الحي حتى يبيض الجسد كله أيضاً ولا يظهر شيء من البقع فيُرى المصاب حينئذ نفسه للكاهن فإذا تحقق ذلك أُعلن أن المصاب طاهر.

18 «وَإِذَا كَانَ ٱلْجِسْمُ فِي جِلْدِهِ دُمَّلَةٌ قَدْ بَرِئَتْ».

خروج 9: 9

فِي جِلْدِهِ دُمَّلَةٌ هذه الحال الثالثة والكلام عليها في (ع 18 - 28) وهي حال انتشار البرص من دملة شُفيت أو من التهاب كان قد ظهر أنه شُفي. وفسّر علماء الناموس في زمن المسيح الدملة والالتهاب بما ينشأ من الضرب بخشبة أو بحجر أو بما يحصل من مس حام أو ماء غال وبهذا يتميز عن حرق النار الذي سيُذكر في (ع 24).

19 «وَصَارَ فِي مَوْضِعِ ٱلدُّمَّلَةِ نَاتِئٌ أَبْيَضُ أَوْ لُمْعَةٌ بَيْضَاءُ ضَارِبَةٌ إِلَى ٱلْحُمْرَةِ، يُعْرَضُ عَلَى ٱلْكَاهِنِ».

فِي مَوْضِعِ ٱلدُّمَّلَةِ إذا انتقضت القرحة أي انتكست وفسدت وظهرت أعراض البرص العادية وجب على المصاب أن يرى الكاهن نفسه أي يسأله أن ينظر في القرحة المنتكسة.

لُمْعَةٌ بَيْضَاءُ ضَارِبَةٌ إِلَى ٱلْحُمْرَةِ هذا العرَض خاص أي هو من خواص القرحة المنتكسة أي التي فسدت بعد البرء فهي مما لم يسبق له ذكر. وكان علماء الناموس في زمن المسيح يشبهونها بالخمرة الممزوجة بالماء في اللون.

20 «فَإِنْ رَأَى ٱلْكَاهِنُ وَإِذَا مَنْظَرُهَا أَعْمَقُ مِنَ ٱلْجِلْدِ وَقَدِ ٱبْيَضَّ شَعْرُهَا، يَحْكُمُ ٱلْكَاهِنُ بِنَجَاسَتِهِ. إِنَّهَا ضَرْبَةُ بَرَصٍ أَفْرَخَتْ فِي ٱلدُّمَّلَةِ».

ع 3

مَنْظَرُهَا أَعْمَقُ مِنَ ٱلْجِلْدِ الخ أي تُرى أنها أعمق من الجلد أي منخفضة عنه فإن الكاهن كان إذا رأى اللمعة منخفضة عن الجلد المحيط بها وقد ابيض الشعر حكم بأن المصاب أبرص.

21 «لٰكِنْ إِنْ رَآهَا ٱلْكَاهِنُ وَإِذَا لَيْسَ فِيهَا شَعْرٌ أَبْيَضُ، وَلَيْسَتْ أَعْمَقَ مِنَ ٱلْجِلْدِ، وَهِيَ كَامِدَةُ ٱللَّوْنِ، يَحْجِزُهُ ٱلْكَاهِنُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ».

لٰكِنْ الخ أي إذا لم ينظر العرضين السابقين حجز المريض أسبوعاً واحداً فقط.

22 «فَإِنْ كَانَتْ قَدِ ٱمْتَدَّتْ فِي ٱلْجِلْدِ يَحْكُمُ ٱلْكَاهِنُ بِنَجَاسَتِهِ. إِنَّهَا ضَرْبَةٌ».

قَدِ ٱمْتَدَّتْ اي إذا تحقق الكاهن في اليوم السابع أن القرحة امتدت واتسعت كان ذلك برهاناً له على أن الدم فسد وإن المرض أخذ ينتشر في الجسد.

إِنَّهَا ضَرْبَةٌ وفي بعض النسخ القديمة «ضربة برص» أي ضربة هي برص.

23 «لٰكِنْ إِنْ وَقَفَتِ ٱللُّمْعَةُ مَكَانَهَا وَلَمْ تَمْتَدَّ فَهِيَ أَثَرُ ٱلدُّمَّلَةِ. فَيَحْكُمُ ٱلْكَاهِنُ بِطَهَارَتِهِ».

ع 5

لٰكِنْ إِنْ وَقَفَتِ ٱللُّمْعَةُ مَكَانَهَا كما أن انتشار اللمعة دليل على عوَد البرص قاطع كان وقوفها في مكانها دليلاً على أن الانتكاس عود الدملة البسيط المعتاد وكان هذا حاملاً للكاهن على الحكم بطهارة المصاب أو خلوصه من البرص.

24 «أَوْ إِذَا كَانَ ٱلْجِسْمُ فِي جِلْدِهِ كَيُّ نَارٍ، وَكَانَ حَيُّ ٱلْكَيِّ لُمْعَةً بَيْضَاءَ ضَارِبَةً إِلَى ٱلْحُمْرَةِ أَوْ بَيْضَاءَ».

كَيُّ نَارٍ أي حرق ناشئ عن لذع النار وهذا بخلاف الالتهاب الناشئ عن لمس الزفت الحار أو الماء الحار (على ما سبق في تفسير ع 18).

حَيُّ ٱلْكَيِّ أي اللحم الحي المكوي أو اللحم الحي في الجزء المكوي (انظر ع 10 وتفسيره) والمقصود باللحم الحي اللحم اللين المتجدد.

25 «وَرَآهَا ٱلْكَاهِنُ وَإِذَا ٱلشَّعْرُ فِي ٱللُّمْعَةِ قَدِ ٱبْيَضَّ، وَمَنْظَرُهَا أَعْمَقُ مِنَ ٱلْجِلْدِ، فَهِيَ بَرَصٌ قَدْ أَفْرَخَ فِي ٱلْكَيِّ. فَيَحْكُمُ ٱلْكَاهِنُ بِنَجَاسَتِهِ. إِنَّهَا ضَرْبَةُ بَرَصٍ».

وَرَآهَا ٱلْكَاهِنُ أي وإذا رأى الكاهن وهو يفحص عن حقيقة الواقع اللمعة.

وَمَنْظَرُهَا أَعْمَقُ مِنَ ٱلْجِلْدِ أي وكانت اللمعة منخفضة عن سائر الجلد (انظر ع 3 و20 والتفسير).

26 «لٰكِنْ إِنْ رَآهَا ٱلْكَاهِنُ وَإِذَا لَيْسَ فِي ٱللُّمْعَةِ شَعْرٌ أَبْيَضُ، وَلَيْسَتْ أَعْمَقَ مِنَ ٱلْجِلْدِ، وَهِيَ كَامِدَةُ ٱللَّوْنِ، يَحْجِزُهُ ٱلْكَاهِنُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ».

لٰكِنْ إِنْ رَآهَا ٱلْكَاهِنُ الخ أي رأى اللمعة وليس معها العرضان من الشعر الأبيض والانخفاض عن الجلد فليس للكاهن إلا الحجز كما ذُكر في (ع 21) من أمر الجملة والالتهاب.

27، 28 «27 ثُمَّ يَرَاهُ ٱلْكَاهِنُ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِعِ. فَإِنْ كَانَتْ قَدِ ٱمْتَدَّتْ فِي ٱلْجِلْدِ يَحْكُمُ ٱلْكَاهِنُ بِنَجَاسَتِهِ. إِنَّهَا ضَرْبَةُ بَرَصٍ. 28 لٰكِنْ إِنْ وَقَفَتِ ٱللُّمْعَةُ مَكَانَهَا لَمْ تَمْتَدَّ فِي ٱلْجِلْدِ، وَكَانَتْ كَامِدَةَ ٱللَّوْنِ فَهِيَ نَاتِئُ ٱلْكَيِّ، فَٱلْكَاهِنُ يَحْكُمُ بِطَهَارَتِهِ لأَنَّهَا أَثَرُ ٱلْكَيِّ».

ثُمَّ يَرَاهُ ٱلْكَاهِنُ البيان هنا لما يفعله الكاهن في نهاية أسبوع الحجز كالبيان الذي في (ع 23 و24). والفرق ظاهر بين معاملة المظنون أنه مصاب لما فيه من الأعراض في الحال الأولى والحال الثالثة المذكورة هنا فإنها في الحال الأولى التي لا سبب ظاهر فيها للأعراض كانت أن يرد المظنون أنه مصاب بالبرص إلى المحجز مرتين ووقت كل منهما سبعة أيام قبل الحكم وفي الحال الثالثة التي علة ظن الإصابة فيها الدملة والالتهاب أو الحرق كانت أن يرد ذلك المظنون إلى المحجز ويبقى فيه سبعة أيام مرة واحدة في نهاية الأسبوع يجري الحكم النهائي.

29 «وَإِذَا كَانَ رَجُلٌ أَوِ ٱمْرَأَةٌ فِيهِ ضَرْبَةٌ فِي ٱلرَّأْسِ أَوْ فِي ٱلذَّقَنِ».

وَإِذَا كَانَ رَجُلٌ أَوِ ٱمْرَأَةٌ الخ هذه حال رابعة الكلام عليها في (ع 29 - 37) وهي أن يكون البرص في الرأس أو في الذقن ولا يُلتفت فيه إلى الشعر الأبيض إنما يُنظر إلى الشعر الأشقر.

30 «وَرَأَى ٱلْكَاهِنُ ٱلضَّرْبَةَ وَإِذَا مَنْظَرُهَا أَعْمَقُ مِنَ ٱلْجِلْدِ، وَفِيهَا شَعْرٌ أَشْقَرُ دَقِيقٌ، يَحْكُمُ ٱلْكَاهِنُ بِنَجَاسَتِهِ. إِنَّهَا قَرَعٌ. بَرَصُ ٱلرَّأْسِ أَوِ ٱلذَّقَنِ».

مَنْظَرُهَا أَعْمَقُ أي مكان الأثر منخفض عن سائر الجلد المحيط به وهذا هو العرض الأول وقد ذكر مثل ذلك تكراراً في ما مرّ.

فِيهَا شَعْرٌ أَشْقَرُ كان من أعراض البرص في سائر أجزاء الجسد أي في الأجزاء التي هي غير الرأس والذقن ابيضاض الشعر في مكان الضربة وهنا العرَض اشقراره أي مصيره إلى القرى (وهي في العربية بياض يضرب إلى الحمرة. ولكن جاء في بعض التراجم غير العربية «فيها شعر أصفر». وهذه العبارة في الأصل العبراني «فيها شعر أصهب» أي ذو صهبة أو صهب والصهبة والصهب حمرة في الشعر أو شقرة. وإنما جاءت الصفرة في بعض التراجم بدل الصهبة أو الشقرة لاعتماد المترجمين أقوال علماء الناموس في عهد الهيكل الثاني فقالوا «إن لون الشعر يكون حينئذ كلون ريش صغار الحمام بعد فقدان ريشها الأول وبعبارة أخرى إن لونه يكون كلون الذهب». وفُسر الأصهب «צהב» في كتب اللغة العبرانية بالأصفر وبالذهبي).

دَقِيقٌ غامض أو صغير. وفسّر علماء الناموس الشعر الدقيق بالصغير أو القصير وبنوا على الصفتين أي الصهبة أو الشقرة والدقة هذه القاعدة «إن الشعر الذي يدل على البرص أصفر قصير فإن كان طويلاً فلا يدل على البرص وإن كان أصفر كالذهب». ولا فرق عندهم في أن يكون ذلك الشعر كثيفاً أو متفرقاً وفي أن يكون في مركز المكان المصاب أو على أطرافه ولا فرق في أن يُصاب الموضع قبل ظهور صهبة الشعر أو بعدها فكلا العرضين في الحالين دليل على البرص وموجب الحكم على المصاب بالنجاسة.

إِنَّهَا قَرَعٌ بَرَص (في الأصل العبراني «نتق» موضع القرَع هنا). وتُرجم هنا «نتق» بالقرَع لما عُرف من تفاسير أيمة الناموس في أيام المسيح فقالوا أنه مرض في الرأس والذقن يسقط به شعرهما حتى يصير موضعهما كأنه لم ينبت فيه شعر قط.

31 «لٰكِنْ إِذَا رَأَى ٱلْكَاهِنُ ضَرْبَةَ ٱلْقَرَعِ وَإِذَا مَنْظَرُهَا لَيْسَ أَعْمَقَ مِنَ ٱلْجِلْدِ، لٰكِنْ لَيْسَ فِيهَا شَعْرٌ أَسْوَدُ، يَحْجِزُ ٱلْكَاهِنُ ٱلْمَضْرُوبَ بِٱلْقَرَعِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ».

مَنْظَرُهَا لَيْسَ أَعْمَقَ مِنَ ٱلْجِلْدِ أي إذا لم يكن هذا أول الأعراض وهو أن يكون محل الضربة منخفضاً عن أجزاء الجلد المجاورة له.

لٰكِنْ لَيْسَ فِيهَا شَعْرٌ أَسْوَدُ أي خالية من الشعر الأسود الذي يدل على السلامة من البرص. وقوله «ليس فيها شعر أسود» بمعنى قوله «فيها شعر أشقر» (أو أصهب أو أصفر كالذهب). ومجرد كون الشعر أصفر لا يستلزم القطع بوجود البرص لأنه قد يصفر الشعر من خروج البثور المعنادة ويرجع إلى لونه بعد البرء. فوجود الشعر الأصفر هنا دليل ظني لا يقيني يلزم الكاهن أن يلتفت إلى سببه ويبحث عنه بحجز المصاب به سبعة أيام.

32 «فَإِنْ رَأَى ٱلْكَاهِنُ ٱلضَّرْبَةَ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِعِ وَإِذَا ٱلْقَرَعُ لَمْ يَمْتَدَّ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَعْرٌ أَشْقَرُ، وَلاَ مَنْظَرُ ٱلْقَرَعِ أَعْمَقُ مِنَ ٱلْجِلْدِ».

وَلاَ مَنْظَرُ ٱلْقَرَعِ أَعْمَقُ مِنَ ٱلْجِلْدِ أي إذا نظر الكاهن في نهاية أيام الحجز السبعة البقعة المشبهة للبرص وأى أن العرَض لم يمتد ولم تنخفض عن سائر أجزاء الجلد المحيطة بها كما هو من شأن البرص في مثل تلك المدة.

33 «فَلْيَحْلِقْ. لٰكِنْ لاَ يَحْلِقِ ٱلْقَرَعَ. وَيَحْجِزُ ٱلْكَاهِنُ ٱلأَقْرَعَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثَانِيَةً».

فَلْيَحْلِقْ كان الكاهن يأمر بأن يحلق رأس المصاب وذقنه ليتمكن من الفحص أحسن تمكن وكان ذلك عمل حلاق يكون حاضراً عند الفحص وكان لا يحلق إلا الشعر في أجزاء الجسد السليمة المجاورة للقرَع.

لٰكِنْ لاَ يَحْلِقِ ٱلْقَرَعَ أي لكن لا يأمر الحلاق بأن يحلق الشعر الذي في الموضع المصاب بالقرَع المظنون لكي يرى الكاهن لون الشعر الذي في ذلك الموضع. وكان أسلوب الحلاقة في هذا الأمر مدة الهيكل الثاني هو أن يحلق الشعر المجاور للقرَع أو المحيط به سوى شعرتين من كل جانب ملتصقتين بطرف القرع ليقدر الكاهن بذلك أن يرى هل امتد القرَع أو لا.

34 «فَإِنْ رَأَى ٱلْكَاهِنُ ٱلأَقْرَعَ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِعِ وَإِذَا ٱلْقَرَعُ لَمْ يَمْتَدَّ فِي ٱلْجِلْدِ، وَلَيْسَ مَنْظَرُهُ أَعْمَقَ مِنَ ٱلْجِلْدِ، يَحْكُمُ ٱلْكَاهِنُ بِطَهَارَتِهِ، فَيَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَكُونُ طَاهِراً».

ع 6

فِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِعِ الخ إذا لم ير الكاهن في نهاية الأسبوع الثاني من أسبوعي الحجز أنه لم يظهر شيء من الأعراض الدالة على البرَص حكم بأن المصاب طاهر فيكون له بعد ما يأتي ما يجب عليه أن يدخل القدس كالعادة (انظر ع 6 والتفسير).

35، 36 «35 لٰكِنْ إِنْ كَانَ ٱلْقَرَعُ يَمْتَدُّ فِي ٱلْجِلْدِ بَعْدَ ٱلْحُكْمِ بِطَهَارَتِهِ، 36 وَرَآهُ ٱلْكَاهِنُ وَإِذَا ٱلْقَرَعُ قَدِ ٱمْتَدَّ فِي ٱلْجِلْدِ، فَلاَ يُفَتِّشُ ٱلْكَاهِنُ عَلَى ٱلشَّعْرِ ٱلأَشْقَرِ. إِنَّهُ نَجِسٌ».

ٱلْقَرَعُ قَدِ ٱمْتَدَّ الخ كان القرَع إذا امتد في نهاية الأسبوع الثاني من أسبوعي الحجز يوجب على الكاهن أن يحكم بنجاسة المصاب سواء أصحبه الشعر الأصهب أم لم يصحبه.

37 «لٰكِنْ إِنْ وَقَفَ فِي عَيْنَيْهِ وَنَبَتَ فِيهِ شَعْرٌ أَسْوَدُ، فَقَدْ بَرِئَ ٱلْقَرَعُ. إِنَّهُ طَاهِرٌ فَيَحْكُمُ ٱلْكَاهِنُ بِطَهَارَتِهِ».

وَقَفَ فِي عَيْنَيْهِ أي إذا تحقق الكاهن بنظر عينيه إن القرع لم يتجاوز محله منذ أول أمره إلى تلك الدقيقة.

نَبَتَ فِيهِ شَعْرٌ أَسْوَدُ علاوة على وقوفه أي عدم امتداده لأن نبات ذلك الشعر الأسود الذي هو شعر الصحة دليل على أن المصاب قد برئ من البرص وكان للكاهن أن يحكم بطهارته (انظر ع 31 والتفسير). وكان بمقتضى حكم علماء الناموس أنه يكفي أن يكون في المحل الذي أصيب شعرتان سوداوان طويلتان منعطف رأس كل منهما إلى جهة منبتهما. فإن كانت الشعرتان في الموضع المصاب الذي ظن أنه شفي إحداهما سوداء والأخرى بيضاء أو صفراء (أي صهباء أو شقراء) وإحداهما قصيرة والأخرى طويلة مُنع الكاهن من الحكم بالطهارة أي بشفاء المصاب.

38 «وَإِذَا كَانَ رَجُلٌ أَوِ ٱمْرَأَةٌ فِي جِلْدِ جَسَدِهِ لُمَعٌ لُمَعٌ بِيضٌ».

وَإِذَا كَانَ رَجُلٌ أَوِ ٱمْرَأَةٌ هذه حال خامسة شغل الكلام فيها (ع 38 و39) وهي البرص غير المنجس (ويُعرف بالبهق).

لُمَعٌ لُمَعٌ هذه اللمع نواتئ بيض أي أجزاء بيض مرتفعة عن الجلد وهي مختلفة المقادير ويغلب أن تظهر على العنق والوجه ولا تغير لون الشعر.

39 «وَرَأَى ٱلْكَاهِنُ وَإِذَا فِي جِلْدِ جَسَدِهِ لُمَعٌ كَامِدَةُ ٱللَّوْنِ بَيْضَاءُ، فَذٰلِكَ بَهَقٌ قَدْ أَفْرَخَ فِي ٱلْجِلْدِ. إِنَّهُ طَاهِرٌ».

وَرَأَى ٱلْكَاهِنُ الخ إذا وجد الكاهن عند الفحص البثور المرتفعة بيضاء ضاربة إلى الصفرة أو كامدة حكم بأن المصاب طاهر أي أنه بريء من البرص فإن من عادة تلك البثور أن تبقى بضعة أشهر وتزول بلا علاج شيئاً فشيئاً ولهذا سُميت بالبهق أي البثور البيض لا البرَص ولا تزال تسمى في الشرق إلى هذا اليوم بالبهق.

40 «وَإِذَا كَانَ إِنْسَانٌ قَدْ ذَهَبَ شَعْرُ رَأْسِهِ فَهُوَ أَقْرَعُ. إِنَّهُ طَاهِرٌ».

ذَهَبَ شَعْرُ رَأْسِهِ هذه هي الحال السادسة والأخيرة والكلام عليها ما في (ع 40 - 44) وهي برص إما وراء الرأس أو في مؤخره وإما أمامه أي في مقدمه. وكان القرع كثيراً ما يعد عاراً ونقمة إلهية (2ملوك 2: 23) ومع ذلك لم يكن مجرد ذهاب الشعر دليلاً على البرَص.

فَهُوَ أَقْرَعُ. إِنَّهُ طَاهِرٌ ذكر نوعين فيهما يسقط الشعر الأول القرَع والثاني الصلع وسيأتي في (ع 41) وكلاهما طاهر لأنهما ليسا من البرص.

41 «وَإِنْ ذَهَبَ شَعْرُ رَأْسِهِ مِنْ جِهَةِ وَجْهِهِ فَهُوَ أَصْلَعُ. إِنَّهُ طَاهِرٌ».

إِنْ ذَهَبَ شَعْرُ رَأْسِهِ مِنْ جِهَةِ وَجْهِهِ فَهُوَ أَصْلَعُ عيّنه علماء الناموس أنه التهاب من قمة الرأس إلى الوجه مع الجبهة. وقالوا أنه ليس بدليل على البرَص.

42 «لٰكِنْ إِذَا كَانَ فِي ٱلْقَرَعَةِ أَوْ فِي ٱلصَّلْعَةِ ضَرْبَةٌ بَيْضَاءُ ضَارِبَةٌ إِلَى ٱلْحُمْرَةِ فَهُوَ بَرَصٌ مُفْرِخٌ فِي قَرَعَتِهِ أَوْ فِي صَلْعَتِهِ».

فِي ٱلْقَرَعَةِ أَوْ فِي ٱلصَّلْعَةِ أي إذا ظهر فيهما نفاط أبيض ضارب إلى الحمرة في مؤخر الرأس أو مقدمه يشبه ما ينشأ في الدمامل التي شُفيت (ع 19 - 24) دل ذلك على أن الداء برص.

43، 44 «43 فَإِنْ رَآهُ ٱلْكَاهِنُ وَإِذَا نَاتِئُ ٱلضَّرْبَةِ أَبْيَضُ ضَارِبٌ إِلَى ٱلْحُمْرَةِ فِي قَرَعَتِهِ أَوْ فِي صَلْعَتِهِ، كَمَنْظَرِ ٱلْبَرَصِ فِي جِلْدِ ٱلْجَسَدِ، 44 فَهُوَ إِنْسَانٌ أَبْرَصُ. إِنَّهُ نَجِسٌ. فَيَحْكُمُ ٱلْكَاهِنُ بِنَجَاسَتِهِ. إِنَّ ضَرْبَتَهُ فِي رَأْسِهِ».

فَإِنْ رَآهُ ٱلْكَاهِنُ كان يجب على الكاهن أن يتحقق هل للبياض الضارب إلى الحمرة الناشئ في صلع أو قرَع مؤخر الرأس أو مقدمه صفة البرَص في اللحم على ما بُيّن في (ع 2) على أن الشعر الأبيض المعتبر هناك غير مُعتبر هنا لأنه لا ينشأ في هذه الحال.

كَمَنْظَرِ ٱلْبَرَصِ فِي جِلْدِ ٱلْجَسَدِ أي منظره كمنظر البرَص الخ. النفاط الأبيض الضارب إلى الحمرة هو العرض الوحيد المذكور هنا الذي يُعرف به برص الرأس. ولم يذكر شيئاً من أمر المصاب المحجوز من جهة الشك في المرض كما في غير هذه الحال من البرص لكن لقوله هنا «كمنظر البرص في جلد الجسد». ذهب علماء الناموس في أيام الهيكل الثاني إلى أن كل ما قيل في ذاك يُقال في هذا ففسروا العبارة بقولهم «ولذلك يجب معاملة المصاب بهذا كمعاملة المصاب ببرص جلد الجسد». وقالوا إن هنا علامتين تدلان على أن كلا من القرع أو الصلع في مؤخر الرأس ومقدمه نجس (1) اللحم الحي أو اللحم الصحيح. و(2) الامتداد. فإن وُجد اللحم الحي في لُمع الصلع أو القرع في مؤخر الرأس أو مقدمه فالمصاب نجس. فإن لم يكن من لحم حي فيهما وجب أن يحجز المصاب ويُنظر في دائه في نهاية الأسبوع فإن شوهد اللحم الحي ممتداً حكم على المصاب بأنه نجس وإلا حُجر أسبوعاً آخر. فإن امتد اللحم الحي في الأسبوع الثاني حُكم على المصاب بأنه نجس وإن لم يمتد حُكم بأنه طاهر. ويحكم أيضاً بأنه نجس إن امتد اللحم الحي بعد الحكم بأنه طاهر. ولا ريب إن من مقتضى الطبع أن لا يذكر أن الشعر الأبيض من الأدلة على البرص في الصلع والقرع لأنه لا يبقى معهما شعر.

45 «وَٱلأَبْرَصُ ٱلَّذِي فِيهِ ٱلضَّرْبَةُ تَكُونُ ثِيَابُهُ مَشْقُوقَةً، وَرَأْسُهُ يَكُونُ مَكْشُوفاً، وَيُغَطِّي شَارِبَيْهِ، وَيُنَادِي: نَجِسٌ نَجِسٌ».

تَكُونُ ثِيَابُهُ مَشْقُوقَةً كان البرص يُعد ضربة من الله للشخص على خطاياه فكان عليه أن تمزق ثيابه كما تمزق ثياب المرزوئين بالأقربين حزناً على الموتى (انظر ص 21: 10) وكان علماء الشريعة في عصر الهيكل الثاني يمنعون من تمزيق أثواب المرأة المصابة بهذا البرص لأن ذلك مما تقتضيه الحشمة والأدب.

رَأْسُهُ يَكُونُ مَكْشُوفاً هذه علامة أخرى من علامات الحداد (انظر ص 10: 6). وكان القضاة في زمن الهيكل الثاني يعفون النساء من ذلك كما يعفونهن من تمزيق الثياب.

يُغَطِّي شَارِبَيْهِ هذا من علامات الحداد القديمة في الشرق (انظر حزقيال 24: 17 و22 وميخا 3: 7).

وَيُنَادِي: نَجِسٌ نَجِسٌ إن الأبرض كان يُعتبر نجساً جداً. وكان إذا دخل بيتاً حُسب كل ما في ذلك البيت نجساً وكان كل من يقترب منه يتنجس فكانت تلك المناداة تحذيراً للمارين من الدنو منه لئلا يقتربوا منه أو يمسوه فيتنجسوا. وكان ينادي لذلك منادٍ قدام الأبرص وعلى هذا جاء في النسخة الكلدانية القديمة ليوناثان «ويجب أن ينادي مناد ويقول ابعدوا من النجس».

46 «كُلَّ ٱلأَيَّامِ ٱلَّتِي تَكُونُ ٱلضَّرْبَةُ فِيهِ يَكُونُ نَجِساً. إِنَّهُ نَجِسٌ. يُقِيمُ وَحْدَهُ. خَارِجَ ٱلْمَحَلَّةِ يَكُونُ مَقَامُهُ».

عدد 5: 2 و12: 14 و2ملوك 7: 3 و15: 5 و2أيام 26: 21 ولوقا 17: 12

يُقِيمُ وَحْدَهُ كان يقيم الأبرص بموضع خارج المحلة أو المدينة (عدد 5: 1 - 4 و13: 10 - 15 و2ملوك 7: 3 الخ) وكان علماء الناموس وقضاته في أيام الهيكل الثاني يقولون «إذا وقف الأبرص تحت شجرة ومرّ بها إنسان طاهر تنجس» وكان أرباب المجمع الذي كان يُرى فيه الأبرص يوقفونه في مخدع بعيد عنهم علوه عشرة أشبار وطوله أربع أذرع عبرانية (الذراع العبراني نحو قدمين) وعرضه أربع أذرع كذلك. وكان ذلك الرجل أول من يدخل المجمع وآخر من يخرج منه. فكان الأبرص ميتاً في الأحياء ومضروباً من الرب على إثمه (2ملوك 5: 7 و2أيام 26: 20). وكانوا يدعون بالبرص على شر الأعداء (2صموئيل 3: 29 و2ملوك 5: 27). وكان الأبرص يحرم من معاشرة الناس. وأُدخلت هذه الشريعة اليهودية الكنيسة في القرون المتوسطة فكانوا يرسلون الأبرص إلى موضع في الكنيسة ليخلع ثيابه ويلبس بدلاً منه ثياباً سوداء ويلبس الكاهن البطرشيل ويحمل الصليب ويذهب إلى حيث الأبرص من الكنيسة ويُتلى عليه القداس وما يتلى على الميت ثم يؤخذ إلى مكان مثل المدفن وما كان يجوز له أن يخرج من ذلك الموضع إلا وهو في سود الثياب حافياً وكان يحظر عليه أن يدخل الكنيسة أو طاحونة أو فرناً وأن يدنو من بئر أو ينبوع ويحرم من الميراث والتمتع بأملاكه لأنه بمنزلة من مات.

47، 48 «47 وَأَمَّا ٱلثَّوْبُ فَإِذَا كَانَ فِيهِ ضَرْبَةُ بَرَصٍ، ثَوْبُ صُوفٍ أَوْ ثَوْبُ كَتَّانٍ، 48 فِي ٱلسَّدَى أَوِ ٱللُّحْمَةِ مِنَ ٱلصُّوفِ أَوِ ٱلْكَتَّانِ، أَوْ فِي جِلْدٍ أَوْ فِي كُلِّ مَصْنُوعٍ مِنْ جِلْدٍ».

وَأَمَّا ٱلثَّوْبُ استعمال البرص للثياب كما يُستعمل للإنسان مع مماثلة الأعراض في الاثنين يدل في بادئ الرأي على أن الضربة واحدة والواقع أن استعماله للإنسان حقيقة وللثياب مجاز. فإنه في الثياب نتيجة افساد هوام صغيرة تقرض الخيوط الدقيقة فيها كما يقرض السوس الخشب وأول تلك الهوام الصغيرة العث. وخالف ما قلناه علماء الناموس في أيام الهيكل الثاني بقولهم أنه برص حقيقي وإن ذلك البرص لم يكن من الأدواء العامة كسائر الأمراض المشهورة بل كان في إسرائيل خاصة على سبيل الإعجاز ليقوا ألسنتهم من شرير الكلام. وإن الثياب تُعدى من مس دمامل البرص الإنساني وبثوره وقروحه ولعلهم استنتجوا ذلك من وجوب زوال القروح من الأبرص قبل أن يخالط الجماعة (ع 12 و13) وإن الكاهن كان يأمر بعزل كل الأمتعة عن البيت الذي يدخله لتوقى من البرَص فتبقى صالحة للاستعمال (ص 14: 36) وإن البرص الإنساني كان يصيب غير الإسرائيليين وأما برص الثياب والبيوت فلم يكن ينزل بغير أثواب الإسرائيليين وبيوتهم.

صُوفٍ أَوْ ثَوْبُ كَتَّانٍ كان قدماء المصريين واليونانيين والإٍسرائيليين لا يلبسون سوى منسوجات الصوف والكتان (قابل بهذا ما في تثنية 12: 11 وهوشع 2: 7 و11 وأمثال 31: 13). واتخذ علماء الناموس في أيام الهيكل الثاني ذلك على ظاهر معناه فقصروا البرص على أثواب الصوف الغنمي والكتان دون القنّب وسائر المواد التي تُصنع منها الثياب ولذلك قالوا إن الأثواب المنسوجة من وبر الإبل وصوف الغنم معاً لا تتنجس بالبرص إذا كان الوبر أكثر من الصوف وتتنجس إذ زاد الصوف على الوبر أو كانا متساويين وكذا يقال في ثياب الكتان والقنّت معاً. والجلود المصبوغة والثياب المصبوغة لم تكن تتنجس بالبرص وهذا دليل على أن البرص لم يكن من الأدواء المعدية.

49 «وَكَانَتِ ٱلضَّرْبَةُ ضَارِبَةً إِلَى ٱلْخُضْرَةِ أَوْ إِلَى ٱلْحُمْرَةِ فِي ٱلثَّوْبِ أَوْ فِي ٱلْجِلْدِ، فِي ٱلسَّدَى أَوِ ٱللُّحْمَةِ أَوْ فِي مَتَاعٍ مَا مِنْ جِلْدٍ، فَإِنَّهَا ضَرْبَةُ بَرَصٍ، فَتُعْرَضُ عَلَى ٱلْكَاهِنِ».

وَكَانَتِ ٱلضَّرْبَةُ ضَارِبَةً إِلَى ٱلْخُضْرَةِ كان إذا ظهر هذا العرَض في ثوب صوف أو كتان أو متاع من جلد وجب أن يُعرض على الكاهن. وكان من قانون اليهود أن ذلك الأخضر ما كان لونه بلون العشب الأخضر وإن الأحمر ما كانت حمرته قرمزية.

50 «فَيَرَى ٱلْكَاهِنُ ٱلضَّرْبَةَ وَيَحْجِزُ ٱلْمَضْرُوبَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ».

فَيَرَى ٱلْكَاهِنُ فإن وجد أحد العرضين أن كليهما في ثوب أو جلد وجب أن يحجزه أسبوعاً كما يحجز الإنسان المظنون أنه مصاب بالبرص (انظر ع 4).

51 «فَمَتَى رَأَى ٱلضَّرْبَةَ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِعِ إِذَا كَانَتِ ٱلضَّرْبَةُ قَدِ ٱمْتَدَّتْ فِي ٱلثَّوْبِ، فِي ٱلسَّدَى أَوِ ٱللُّحْمَةِ أَوْ فِي ٱلْجِلْدِ مِنْ كُلِّ مَا يُصْنَعُ مِنْ جِلْدٍ لِلْعَمَلِ، فَٱلضَّرْبَةُ بَرَصٌ مُفْسِدٌ. إِنَّهَا نَجِسَةٌ».

ص 14: 44

رَأَى ٱلضَّرْبَةَ كان الكاهن إذا رأى العرَض امتد تيقن البرص فحكم بنجاسة الثوب أو الجلد الذي امتد فيه كما هو الأمر في البرص البشري (انظرع 5 و6 و8). وكان الثوب أو المتاع الجلدي المصاب ينجس لامسه كما ينجس الإنسان الأبرص لامسه.

52 «فَيُحْرِقُ ٱلثَّوْبَ أَوِ ٱلسَّدَى أَوِ ٱللُّحْمَةَ مِنَ ٱلصُّوفِ أَوِ ٱلْكَتَّانِ أَوْ مَتَاعِ ٱلْجِلْدِ ٱلَّذِي كَانَتْ فِيهِ ٱلضَّرْبَةُ، لأَنَّهَا بَرَصٌ مُفْسِدٌ. بِٱلنَّارِ يُحْرَقُ».

فَيُحْرِقُ ٱلثَّوْبَ لأن برص هذه الأمتعة لا يُشفى كما يُشفى برص الإنسان.

53، 54 «53 لٰكِنْ إِنْ رَأَى ٱلْكَاهِنُ وَإِذَا ٱلضَّرْبَةُ لَمْ تَمْتَدَّ فِي ٱلثَّوْبِ فِي ٱلسَّدَى أَوِ ٱللُّحْمَةِ أَوْ فِي مَتَاعِ ٱلْجِلْدِ، 54 يَأْمُرُ ٱلْكَاهِنُ أَنْ يَغْسِلُوا مَا فِيهِ ٱلضَّرْبَةُ، وَيَحْجِزُهُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثَانِيَةً».

إِنْ رَأَى ٱلْكَاهِنُ أي إذا رأى الكاهن في نهاية أسبوع الحجز إن العرَض لم يمتد أمر بغسل الثوب وحجزه أسبوعاً آخر وحينئذ يرى حسناً هل زال العرَض أو بقي.

55 «فَإِنْ رَأَى ٱلْكَاهِنُ بَعْدَ غَسْلِ ٱلْمَضْرُوبِ وَإِذَا ٱلضَّرْبَةُ لَمْ تُغَيِّرْ مَنْظَرَهَا، وَلاَ ٱمْتَدَّتِ ٱلضَّرْبَةُ، فَهُوَ نَجِسٌ. بِٱلنَّارِ تُحْرِقُهُ. إِنَّهَا نُخْرُوبٌ فِي جُرْدَةِ بَاطِنِهِ أَوْ ظَاهِرِهِ».

وَلاَ ٱمْتَدَّتِ أي إذا رأى الكاهن البقعة بعد غسل الثوب لم يتغيّر لونها وجب أن يحرق الثوب وإن لم تمتد لأن بقاء لونها يوجب ظن أنها علامة برص.

نُخْرُوبٌ فِي جُرْدَةِ بَاطِنِهِ أَوْ ظَاهِرِهِ (انظر ع 42 و43). (النخروب الثقب والجردة هنا الموضع البالي أو المتغير اللون من الثوب). وقوله في باطنه أو ظاهره مقابل لقوله في برص الرأس ما معناه مؤخره ومقدمه.

56 «لٰكِنْ إِنْ رَأَى ٱلْكَاهِنُ وَإِذَا ٱلضَّرْبَةُ كَامِدَةُ ٱللَّوْنِ بَعْدَ غَسْلِهِ، يُمَزِّقُهَا مِنَ ٱلثَّوْبِ أَوِ ٱلْجِلْدِ مِنَ ٱلسَّدَى أَوِ ٱللُّحْمَةِ».

وَإِذَا ٱلضَّرْبَةُ كَامِدَةُ ٱللَّوْنِ أي إذا رأى الكاهن البقعة المصابة أنها بعد الغسل تحوّل لونها من الخضرة إلى الحمرة إلى السواد القليل وجب أن يقطع البقعة من الثوب ويحرقها ويحكم بطهارة باقيه (انظر ع 6).

57 «ثُمَّ إِنْ ظَهَرَتْ أَيْضاً فِي ٱلثَّوْبِ فِي ٱلسَّدَى أَوِ ٱللُّحْمَةِ أَوْ فِي مَتَاعِ ٱلْجِلْدِ فَهِيَ مُفْرِخَةٌ. بِٱلنَّارِ تُحْرِقُ مَا فِيهِ ٱلضَّرْبَةُ».

ثُمَّ إِنْ ظَهَرَتْ الخ أي إن ظهر العرض بعد قطع البقعة المصابة وإحراقها في موضع آحر من الثوب أو الجلد تحقق بلا ريب إن البرص متفشٍ وإن من الواجب أن يُتلف الثوب كله لأنه لا يمكن أن يشفى.

58 «وَأَمَّا ٱلثَّوْبُ، ٱلسَّدَى أَوِ ٱللُّحْمَةُ أَوْ مَتَاعُ ٱلْجِلْدِ ٱلَّذِي تَغْسِلُهُ وَتَزُولُ مِنْهُ ٱلضَّرْبَةُ، فَيُغْسَلُ ثَانِيَةً فَيَطْهُرُ».

وَأَمَّا ٱلثَّوْبُ ظهر مما في (ع 54 و56) إن الأعراض إذا غابت بعد غسل المتاع ووضعه في المحجز دل ذلك على أنها بريئة من البرص ومع ذلك كان يُغسل الثوب ثانية قبل أن يباح لبسه أو استعماله.

59 «هٰذِهِ شَرِيعَةُ ضَرْبَةِ ٱلْبَرَصِ فِي ٱلصُّوفِ أَوِ ٱلْكَتَّانِ فِي ٱلسَّدَى أَوِ ٱللُّحْمَةِ أَوْ فِي كُلِّ مَتَاعٍ مِنْ جِلْدٍ لِلْحُكْمِ بِطَهَارَتِهِ أَوْ نَجَاسَتِهِ».

هٰذِهِ شَرِيعَةُ ضَرْبَةِ ٱلْبَرَصِ في الثياب والجلود من جهة الطهارة والنجاسة.

اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ عَشَرَ

1 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى خصّص الخطاب في طهارة الأبرص بموسى ليأمر بما تقتضي هارون وابنيه مع أنه خاطب موسى وهارون معاً في الحكم بكون المرض برصاً أو لا (ص 13: 1). والمرجّح أن علة ذلك قصد الله إعلان إن موسى هو الذي يُعطى الشريعة وإنه هو معلم الكهنة ومرشدهم.

2 «هٰذِهِ تَكُونُ شَرِيعَةَ ٱلأَبْرَصِ: يَوْمَ طُهْرِهِ يُؤْتَى بِهِ إِلَى ٱلْكَاهِنِ».

متّى 8: 2 و4 ومرقس 1: 40 و44 ولوقا 5: 12 و14 و17: 14

هٰذِهِ تَكُونُ شَرِيعَةَ ٱلأَبْرَصِ أي إن شريعة الإسرائيليين هي إن الذي يُشفى من البرص منهم يجب أن يُطهر ويُرد إلى الجماعة ويكون له أن يدخل القدس في اليوم الذي يُعلن فيه أنه طاهر.

يُؤْتَى بِهِ إِلَى ٱلْكَاهِنِ أي يُساق من معتزله (انظر ص 13: 46) إلى مكان معيّن على تخم المحلة. وهذا الإتيان هو الذي أشار إليه المسيح يوم قال للأبرص الذي شفاه «ٱذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ، وَقَدِّمِ ٱلْقُرْبَانَ ٱلَّذِي أَمَرَ بِهِ مُوسَى» (متّى 8: 4).

3 «وَيَخْرُجُ ٱلْكَاهِنُ إِلَى خَارِجِ ٱلْمَحَلَّةِ. فَإِنْ رَأَى ٱلْكَاهِنُ وَإِذَا ضَرْبَةُ ٱلْبَرَصِ قَدْ بَرِئَتْ مِنَ ٱلأَبْرَصِ».

وَيَخْرُجُ ٱلْكَاهِنُ إلى المكان المعيّن على تخم المحلة لينظر في أمر الأبرص الذي أُتي به إليه ليشهد بأنه حصل على البرء الكامل.

4 «يَأْمُرُ ٱلْكَاهِنُ أَنْ يُؤْخَذَ لِلْمُتَطَهِّرِ عُصْفُورَانِ حَيَّانِ طَاهِرَانِ، وَخَشَبُ أَرْزٍ وَقِرْمِزٌ وَزُوفَا».

عدد 19: 6 عبرانيين 9: 19 مزمور 51: 7

يَأْمُرُ ٱلْكَاهِنُ أَنْ يُؤْخَذَ أي أن يأخذ الأبرص وفي بعض التراجم أن يأخذوا دفعاً للالتباس الذي بصيغة المفرد. (وهذا موافق للمقصود لأن الذي يأخذ حقيقة غير الأبرص لا الأبرص نفسه).

عُصْفُورَانِ حَيَّانِ من العصافير المعتادة. وجاء في الترجمة الإنكليزية «طائران» وهذا يصدق على العصافير المعتادة وعلى الحمام واليمام لأنها من الطيور الطاهرة (ص 9). وبمقتضى القانون في أيام الهيكل الثاني كان الذي يؤخذ عصفوران. وعلة هذا التخصيص إن البرص كان يُعتبر عقاباً إلهياً على الوشاية والنميمة والافتراء ومن طبع العصافير أنها لا تفتأ تشقشق. وجاء في الفلغاتا اللاتينية وفي حاشية غيرها «عصفوران حيان» كما في الترجمة العربية.

خَشَبُ أَرْزٍ كان طول الخشبة قدماً ونصف قدم وعمقها ربع قدم (وهو قطر محيطها). وكان يختار هذا الخشب قديماً لخواصه المضادة للفساد. والذي جعله مناسباً للمقصود هنا أنه كان خشب شجر من أرفع الأشجار (عاموس 2: 9) وكان رمزاً إلى كبرياء النفس الذي هو برص أدبي.

قِرْمِزٌ المرجّح أنها كانت نسيجة طويلة من صوف قرمزي اللون يُربط بها خشب الأرز والزوفا معاً. وكانت العصابة الصوفية في الأزمنة المتأخرة تزن ثقل الشاقل أو اثنتين وثلاثين حبة شعير وكانت إشارة إلى الطهارة وصحة الدم.

زُوفَا (وفي العبرانية «ازب وأزوب» «אזב» و «אזוב») قال الأنطاكي هو «نبت دون ذراع بجبال المقدس والشام أوراقه كالصعتر البستاني وقضبانه قصبية عقدة في رأس كل واحدة زهرة صفراء» ورُسم الزوفى واسمه في اللغات الأوربية هيسوب فالظاهر إن أصله فيها من أزوب العبرانية. وقال بعضهم أخذ الأوربيون واليونان اسمه من بعض اللغات الشرقية). وكانت القاعدة الإسرائيلية في عصر المسيح على ما حُقق أن يكون مقدار الزوفى قبضة على الأقل وهو ليس بزوفى اليونانية على ما رأى بعضهم ولا بزوفى الرومان بل هو الزوفى البستاني مطلقاً. والمرجّح أن هذا النبت كان رمزاً إلى وضاعة الأبرص. وفي التقاليد القديمة الأرز والزوفى أعلى النباتات وأدناها اتُخذا لتطهير الأبرص. وعلى ذلك أن الكبرياء كانت سبب البرص فهو لا يشفى حتى يتضع المصاب وينزل نفسه منزلة الزوفى من النبات. وكان الأرز والزوفى يحرقان مع البقرة (عدد 19: 6). وكان الزوفى يستعمل دائماً في التطهير (عبرانيين 9: 19) وعلى هذا قول المرنم «طَهِّرْنِي بِٱلزُّوفَا فَأَطْهُرَ» (مزمور 51: 7).

(وفي قاموس الكتاب المقدس للدكتور جورج بوست ما نصه زوفا نبات استُعمل في التطهير (لاويين 14: 4 و6 و51 ومزمور 51: 7) قيل في (1ملوك 4: 33) الزوفا النابت في الحائط... أما اللفظة العبرانية المترجمة زوفا فمأخوذة من اليونانية وهي نبات غير معروف من الفصيلة الشفوية).

5 «وَيَأْمُرُ ٱلْكَاهِنُ أَنْ يُذْبَحَ ٱلْعُصْفُورُ ٱلْوَاحِدُ فِي إِنَاءِ خَزَفٍ عَلَى مَاءٍ حَيٍّ».

وَيَأْمُرُ ٱلْكَاهِنُ أَنْ يُذْبَحَ ٱلْعُصْفُورُ ٱلْوَاحِدُ كان الكاهن يأمر الأبرص الذي شُفي بذبح أحسن العصفورين كما عُرف من القانون في زمن الهيكل الثاني. وإذ لم يكن ذبيحة تقدمة كان يُذبح خارج المحلة.

فِي إِنَاءِ خَزَفٍ عَلَى مَاءٍ حَيٍّ كان ذلك الإناء يجب أن يكون جديداً ويُصب فيه ثقل بيضة ونصف بيضة من الماء الحي أي الماء الجاري من ينبوع كماء النهر والعين بخلاف الماء الراكد والماء المالح. وكان يجري دم الذبيح إلى ذلك الماء وهو في الإناء وكان العصفور المذبوح يُدفن أمام الكاهن والمريض الذي شُفي في حفرة تُحفر له في الأرض.

6 «أَمَّا ٱلْعُصْفُورُ ٱلْحَيُّ فَيَأْخُذُهُ مَعَ خَشَبِ ٱلأَرْزِ وَٱلْقِرْمِزِ وَٱلزُّوفَا وَيَغْمِسُهَا مَعَ ٱلْعُصْفُورِ ٱلْحَيِّ فِي دَمِ ٱلْعُصْفُورِ ٱلْمَذْبُوحِ عَلَى ٱلْمَاءِ ٱلْحَيِّ».

يَغْمِسُهَا مَعَ ٱلْعُصْفُورِ ٱلْحَيِّ كان الكاهن يربط خشب الأرز وقبضة الزوفى بخيط من القرمز إلى جناحي العصفور الحي ممدودين وذنبه ويغمس الأربعة في الدم والماء الذي في الإناء الخزفي.

7 «وَيَنْضِحُ عَلَى ٱلْمُتَطَهِّرِ مِنَ ٱلْبَرَصِ سَبْعَ مَرَّاتٍ فَيُطَهِّرُهُ، ثُمَّ يُطْلِقُ ٱلْعُصْفُورَ ٱلْحَيَّ عَلَى وَجْهِ ٱلصَّحْرَاءِ».

عبرانيين 9: 13 و2ملوك 5: 10 و14

وَيَنْضِحُ أي يرش. كان الكاهن بعد أن يغمس الزوفى وخشبة الأرز في الدم والماء يرش ذلك المزيج على ظهر يد الأبرص الذي شُفي وجبهته سبع مرات. وان ذلك العدد رمزاً إلى تطهيره الكامل (انظر ص 4: 6). وعلى هذا اغتسل نعمان الأبرص سبع مرات في نهر الأردن (2ملوك 5: 10 و14).

ثُمَّ يُطْلِقُ ٱلْعُصْفُورَ ٱلْحَيَّ كان على الكاهن أن يطلق العصفور الحي كما كان عليه أن يطلق الأبرص الذي شُفي. وكان إطلاق العصفور رمزاً إلى تحرير الأبرص الذي شفي من الحجز والمنع من مخالطة الناس فكان حينئذ كالعصفور المطلق يذهب حيث شاء بلا مانع إذ قيل هنا أنه «يطلق العصفور الحي على وجه الصحراء». وفسّر ذلك القدماء إن الكاهن كان عليه أن لا يوجّه وجه العصفور إلى البحر أو المدينة بل إلى البرية. وكان يذخر الخيط القرمزي وخشبة الأرز والزوفى والعصفور الحي إذا أُمسك بعد إطلاقه لتطهير غير ذلك المصاب من البُرص.

8 «فَيَغْسِلُ ٱلْمُتَطَهِّرُ ثِيَابَهُ وَيَحْلِقُ كُلَّ شَعْرِهِ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ فَيَطْهُرُ. ثُمَّ يَدْخُلُ ٱلْمَحَلَّةَ، لٰكِنْ يُقِيمُ خَارِجَ خَيْمَتِهِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ».

ص 13: 6 ص 11: 25 و15: 5 عدد 12: 15

فَيَغْسِلُ ٱلْمُتَطَهِّرُ ثِيَابَهُ لم يكن غسل الثياب خوفاً من العدوى لأن البرص لا يعدي بل كان ذلك من رموز التطهير مطلقاً (انظر ص 6: 20 و11: 25 الخ).

يَحْلِقُ كُلَّ شَعْرِهِ أي كل ما على جسده من الشعر ظاهراً ومستوراً. وأمر بمثل هذا اللاويون عند تعيينهم للكهنوت (انظر عدد 8: 7).

يُقِيمُ خَارِجَ خَيْمَتِهِ مع أنه سُمح له أن يرجع إلى المحلة أُمر بأن يقيم خارج خيمته سبعة أيام أي لا يخالط أهل بيته إلا بعد مضي أسبوع لئلا تكون المخالطة مما يوهم النجاسة. وتلطف علماء الشريعة بالتعبير عن هذا المعنى بما يقرب مما ذكرناه. وعلى هذا جاء في الترجمة الكلدانية «ويقيم خارج الخيمة من بيت مسكنه ولا يقترب من زوجته سبعة أيام» ومع هذا لم يكن له أن يدخل القدس إلا بعد اليوم السابع (ع 10).

9 «وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِعِ يَحْلِقُ كُلَّ شَعْرِهِ. رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ وَحَوَاجِبَ عَيْنَيْهِ وَجَمِيعَ شَعْرِهِ يَحْلِقُ. وَيَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ فَيَطْهُرُ».

وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِعِ كان الاستعداد لدخوله القدس في اليوم السابع مبادرة حلقه كل شعره واغتساله ثانية.

يَرْحَضُ جَسَدَهُ اي يغسله. وكان المتطهر من البرص يغتسل في أيام الهيكل الثاني في مغتسل واقع في الشمال الغربي من دار النساء وكان يُعرف يومئذ بمخدع البرص. وجاءت عبارة المتن في ثمانية مواضع من سفر اللاويين (ص 14: 9 و15: 14 و16 و16: 4 و24 و26 و28 و12: 6).

10 «ثُمَّ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ يَأْخُذُ خَرُوفَيْنِ صَحِيحَيْنِ وَنَعْجَةً وَاحِدَةً حَوْلِيَّةً صَحِيحَةً وَثَلاَثَةَ أَعْشَارِ دَقِيقٍ تَقْدِمَةً مَلْتُوتَةً بِزَيْتٍ وَلُجَّ زَيْتٍ».

متّى 8: 4 ومرقس 1: 44 ولوقا 5: 14 ص 2: 1 وعدد 15: 14 و15

ثُمَّ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ مع أنه كان له أن يعاشر أهله وأصحابه وأصدقاءه لم يكن له أن يدخل القدس إلا في اليوم الثامن. وكان عليه أن يدخله بثلاث ذبائح ذبيحة الإثم وذبيحة الخطية وذبيحة المحرقة. وكان خروف المحرقة يجب أن يكون بلا عيب (ص 1: 3) وأن يكون أيضاً حولياً أي ابن سنة (ص 12: 6).

ثَلاَثَةَ أَعْشَارِ دَقِيقٍ تَقْدِمَةً كان عليه أن يقدم مع كل من الذبائح الثلاث تقدمة طعامية هي عشر الإيفة (ويُعرف بالعمر أيضاً) من الدقيق أي الطحين. والعُمر ذكر في (خروج 16: 36) إنه عُشر الإيفة وهو يسع من الدقيق ما ثقله 43 بيضة وخُمس البيضة. وقال علماء الناموس في عصر الهيكل الثاني إن الثلاثة الأعشار المذكورة هنا كانت بدلاً من التقدمة الشرابية التي كان يجب أن تصحب الذبيحتين الاستغفاريتين وفُصل الكلام على التقدمة الطعامية في (ص 11: 1 - 4 والتفسير هناك).

لُجَّ زَيْتٍ كان الزيت يُرش سبع مرات أمام الرب لتقديس اليد والرجل والرأس من الأبرص الذي شُفي (انظر ع 15 الخ). وذُكر اللج في هذا الفصل أربع مرات (ع 10 و12 و15 و21) ولم يُذكر فيغير هذه المواضع من الأسفار العبرانية. والذي عُرف من علماء الناموس في زمن الهيكل الثاني ومن المسيح إن اللج يساوي ثقل ست بيضات من بيض الدجاج.

11 «فَيُوقِفُ ٱلْكَاهِنُ ٱلْمُطَهِّرُ ٱلإِنْسَانَ ٱلْمُتَطَهِّرَ وَإِيَّاهَا أَمَامَ ٱلرَّبِّ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ».

أَمَامَ ٱلرَّبِّ لَدَى بَابِ الخ لما كانت الذبائح لم تقدم لم يكن للأبرص الذي شُفي أن يدخل القدس أو دار الإسرائيليين. ولذلك كان الكاهن الذي يتولى الخدمة مدة الهيكل الثاني يقوم بعمل التطهير والأبرص قرب باب نيكانور بين دار النساء ودار إسرائيل فيقف الأبرص هنالك ووجهه إلى القدس وهذا المقصود بقوله «أمام الرب» أي أمام قدسه. ومعنى قوله «لدى باب خيمة الاجتماع» مدخل تلك الخيمة (انظر ص 1: 3).

12 «ثُمَّ يَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ ٱلْخَرُوفَ ٱلْوَاحِدَ وَيُقَرِّبُهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ مَعَ لُجِّ ٱلزَّيْتِ. يُرَدِّدُهُمَا تَرْدِيداً أَمَامَ ٱلرَّبِّ».

ص 5: 6 و18 و6: 6 و7 خروج 29: 24

يُقَرِّبُهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ إن الأبرص كان مُعاقباً عقاباً إلهياً على إثمه ولذلك كان عليه أن يقرب «ذبيحة إثم» ويوجد فرق بين رسوم تقدمة ذبيحة الإثم عن الأبرص ورسوم تقدمة ذبيحة الإثم العادية (انظر ص 5: 16 الخ) فإن في ذبيحة الإثم في هذه الآية لم يقتصر على تقديم الزيت مع الذبيحة بل كان أيضاً يردده الكاهن هو والذبيحة ولم يكن مثل هذا في ذبيحة الإثم وذبيحة الخطية المعتادتين. ولم تردد الذبيحة كلها أمام الرب إلا هنا أي في ذبيحة الإثم عن الأبرص.

13 «وَيَذْبَحُ ٱلْخَرُوفَ فِي ٱلْمَوْضِعِ ٱلَّذِي يَذْبَحُ فِيهِ ذَبِيحَةَ ٱلْخَطِيَّةِ وَٱلْمُحْرَقَةَ فِي ٱلْمَكَانِ ٱلْمُقَدَّسِ، لأَنَّ ذَبِيحَةَ ٱلإِثْمِ كَذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ لِلْكَاهِنِ. إِنَّهَا قُدْسُ أَقْدَاسٍ».

خروج 29: 11 و ص 1: 5 و11 و4: 4 و24 وص 7: 7 ص 2: 3 و7: 6 و21: 22

يَذْبَحُ ٱلْخَرُوفَ كان هذا الخروف يُذبح على الجانب الشمالي من المذبح (انظر ص 1: 5). وإذ كان لا يؤذن للأبرص الذي شُفي أن يدخل الدار كان غيره ينوب عنه في ذبح الخروف وهم أناس معينون لذلك. وعلى هذا جاء في الترجمة الكلدانية المنسوبة إلى يوناثان بن عزيئيل «ويذبح الذابحون الخروف». وكان مقدم الذبيحة يضع يديه على رأسها قبل أن تُذبح (انظر ص 1: 4) ولذلك كان الناقِه (أي الأبرص الذي شُفي) إذ لا يقدر أن يأتي ذلك عند المذبح يؤتى بالذبيحة إليه وهو عند الباب باب نيكانور يضع يديه على رأسها. وفي هذا الموقف كان إتمام التطهير للمصاب بنزف الدم وللمرأة التي تقدم الذبيحة بعد الولادة (انظر ص 12: 6).

فِي ٱلْمَوْضِعِ ٱلَّذِي يَذْبَحُ فِيهِ ذَبِيحَةَ ٱلْخَطِيَّةِ أي في دار القدس على الجانب الشمالي من المذبح (انظر ص 1: 11 و6: 25) وذلك أقدس من الموضع الذي كان الناقِه يقف فيه.

كَذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ كان لحم هاتين الذبيحتين أجرة غير عادية للكاهن القائم بالخدمة وكان لا يباح أكلها إلا له وللذكور من أهل بيته في دار القدس لأن هاتين الذبيحتين من أقدس الذبائح (انظر ص 6: 18).

14 «وَيَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ دَمِ ذَبِيحَةِ ٱلإِثْمِ وَيَجْعَلُ ٱلْكَاهِنُ عَلَى شَحْمَةِ أُذُنِ ٱلْمُتَطَهِّرِ ٱلْيُمْنَى وَعَلَى إِبْهَامِ يَدِهِ ٱلْيُمْنَى وَعَلَى إِبْهَامِ رِجْلِهِ ٱلْيُمْنَى».

خروج 29: 20 وص 8: 23

يَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ دَمِ ذَبِيحَةِ ٱلإِثْمِ كان في زمان الهيكل الثاني اثنان من الكهنة يأخذان من ذلك الدم. يأخذ أحدهما منه في إناء ويأخذ الآخر في حوض يده. فالذي يأخذ من الدم في الإناء ينضحه على جدار المذبح والذي يأخذ منه في بطن كفه يذهب بما أخذه منه إلى الناقِه الواقف عند باب نيكانور المقابل للباب الشرقي ووجهه إلى الغرب.

عَلَى شَحْمَةِ أُذُنِ ٱلْمُتَطَهِّرِ ٱلْيُمْنَى يبقى واقفاً هناك لأنه لا يكون حينئذ قد تم تطهيره فكان يضع رأسه في باب نيكانور وكان الكاهن الحامل الدم في يده في الدار قرب الباب لأن ذلك الدم مقدس فلا يجوز أن يخرج به فيضع بعضه على شحمة أذن الأبرص الناقِه اليمنى ثم يضع البعض على إبهام اليد اليمنى وإبهام في الرجل اليمنى وشحمة في الأذن اليمنى لم يكن أن يطهر فيبقى غير طاهر مدة حياته. وكانت الأعضاء اليمنى هي المختارة في التطهير لأنها الأقوى ولأنها الأقدر على إتمام إرادة الله ولهذا كانت تُوقف لخدمته تعالى (انظر ص 7: 32).

15 «وَيَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ لُجِّ ٱلزَّيْتِ وَيَصُبُّ فِي كَفِّ ٱلْكَاهِنِ ٱلْيُسْرَى».

يَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ لُجِّ ٱلزَّيْتِ بيده اليمنى على ما يُفهم من الترجمة الكلدانية.

وَيَصُبُّ فِي كَفِّ ٱلْكَاهِنِ ٱلْيُسْرَى هما كاهنان القائم بالتطهير ومساعده فيأخذ الكاهن القائم بالتطهير من لج الزيت بيمناه ويصبه في كف المساعد. فقد تبين من هذه الآية نفسها صحة القانون الذي عُرف مدة الهيكل الثاني على ما مر في تفسير (ع 14).

16 «وَيَغْمِسُ ٱلْكَاهِنُ إِصْبِعَهُ ٱلْيُمْنَى فِي ٱلزَّيْتِ ٱلَّذِي عَلَى كَفِّهِ ٱلْيُسْرَى وَيَنْضِحُ مِنَ ٱلزَّيْتِ بِإِصْبِعِهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَمَامَ ٱلرَّبِّ».

وَيَغْمِسُ ٱلْكَاهِنُ أي الكاهن القائم بالخدمة فإن الكاهن المساعد يكون حينئذ حاملاً في بطن كفه الزيت وهو واقف في الدار فيوجه الكاهن الأول وجهه إلى قدس الأقداس ويغمس إصبع يده اليمنى في الزيت وينضحه سبع مرات على أرض الدار. وهذا مستفاد من قوله «أمام الرب» ويغمس يده في كل نضحه.

17 «وَمِمَّا فَضَلَ مِنَ ٱلزَّيْتِ ٱلَّذِي فِي كَفِّهِ يَجْعَلُ ٱلْكَاهِنُ عَلَى شَحْمَةِ أُذُنِ ٱلْمُتَطَهِّرِ ٱلْيُمْنَى وَعَلَى إِبْهَامِ يَدِهِ ٱلْيُمْنَى وَعَلَى إِبْهَامِ رِجْلِهِ ٱلْيُمْنَى، عَلَى دَمِ ذَبِيحَةِ ٱلإِثْمِ».

وَمِمَّا فَضَلَ مِنَ ٱلزَّيْتِ الباقي في كف الكاهن المساعد بعد نضح الأرض سبع مرات يجعل الكاهن القائم بالخدمة بعضه على شحمة أذن المتطهر اليمنى وعلى إبهام يده اليمنى وإبهام رجله اليمنى فيصنع بالزيت كما صنع الدم قبلاً (انظر ع 28 أيضاً).

18 «وَٱلْفَاضِلُ مِنَ ٱلزَّيْتِ ٱلَّذِي فِي كَفِّ ٱلْكَاهِنِ يَجْعَلُهُ عَلَى رَأْسِ ٱلْمُتَطَهِّرِ، وَيُكَفِّرُ عَنْهُ ٱلْكَاهِنُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ».

ص 4: 26

يَجْعَلُهُ عَلَى رَأْسِ أي يجعل على المتطهر ما بقي في باطن كف الكاهن من الزيت بعد أن وضع منه على أعضاء المتطهر ونضح منه الأرض سبع مرات. ولعل المقصود بالوضع هنا الرش لا المسح ولا الصب لأن الباقي لا بد من أن يكون قليلاً. وكان الباقي من اللج يُنفق مع لحم الذبيحة في جهات مقدسه.

يُكَفِّرُ عَنْهُ كان التكفير بمقتضى القانون الذي عُرف مدة الهيكل أن يوضع الزيت على الأعضاء المختلفة من أعضاء المتطهر ولا سيما رأسه ودون ذلك لا مغفرة وإن قدمت الذبيحة فكانت تلك الكفارة كفارة الخطايا التي كانت علة البرص.

19 «ثُمَّ يَعْمَلُ ٱلْكَاهِنُ ذَبِيحَةَ ٱلْخَطِيَّةِ وَيُكَفِّرُ عَنِ ٱلْمُتَطَهِّرِ مِنْ نَجَاسَتِهِ. ثُمَّ يَذْبَحُ ٱلْمُحْرَقَةَ».

ص 5: 1 و6 و12: 7 و8

يَعْمَلُ ٱلْكَاهِنُ ذَبِيحَةَ ٱلْخَطِيَّةِ كان على الكاهن الآن أن يقدم النعجة المذكورة في الآية العاشرة ذبيحة خطية تكفيراً للخطايا التي ارتكبها الأبرص الذي شفي مدة مرضه كالجزع والتذمر والكلام غير اللائق لتألمه لا لكونه ارتكبها وهو نجس فإن البلاء كثيراً ما يحمل بعض الناس البرص على الشكوى من العناية والنسيان لذنوبه ولما يجب عليه.

20 «وَيُصْعِدُ ٱلْكَاهِنُ ٱلْمُحْرَقَةَ وَٱلتَّقْدِمَةَ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ وَيُكَفِّرُ عَنْهُ ٱلْكَاهِنُ فَيَطْهُرُ».

يُصْعِدُ ٱلْكَاهِنُ ٱلْمُحْرَقَةَ كانت هذه المحرقة تصحب بالتقدمة الطعامية المذكورة في الآية العاشرة وهي العمل الثاني والأخير من أعمال التطهير التي تمكنه من الرجوع إلى التمتع بامتيازات القدس.

21 «لٰكِنْ إِنْ كَانَ فَقِيراً وَلاَ تَنَالُ يَدُهُ، يَأْخُذُ خَرُوفاً وَاحِداً ذَبِيحَةَ إِثْمٍ لِتَرْدِيدٍ تَكْفِيراً عَنْهُ، وَعُشْراً وَاحِداً مِنْ دَقِيقٍ مَلْتُوتٍ بِزَيْتٍ لِتَقْدِمَةٍ، وَلُجَّ زَيْتٍ».

لٰكِنْ إِنْ كَانَ فَقِيراً الرفق بالفقير في التطهير كالرفق به في ذبائح غيره (انظر ص 5: 17 و11 و12: 18) فإن ثلاثة حملان وثلاثة أعشار من الدقيق أكثر مما يستطيع الأبرص الفقير أن يحتمله. فكان كل ما يجب عليه حينئذ خروف ذبيحة إثم وعُشر دقيق ذبيحة طعامية ولج زيت يحتاج إليه لتطهيره.

22 «وَيَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ كَمَا تَنَالُ يَدُهُ فَيَكُونُ ٱلْوَاحِدُ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ وَٱلآخَرُ مُحْرَقَةً».

ص 12: 8 و15: 14 و15

يَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ كان اليمام والحمام كثيراً ورخيصاً في فلسطين (انظر تفسير ص 1: 14). فكانت اليمامتان أو فرخا الحمام بدلاً من الخروفين.

23 «وَيَأْتِي بِهَا فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ لِطُهْرِهِ إِلَى ٱلْكَاهِنِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ».

ع 10 و11

يَأْتِي بِهَا فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ هذا أول أعمال التطهير الذي تجري على الفقير كما ذُكر في (ع 3 - 6) وتبيح له أن يخالط الناس كما يباح للغني بها وأن تكن نفقة الفقير على ذلك قليلة.

24 - 29 «24 فَيَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ كَبْشَ ٱلإِثْمِ وَلُجَّ ٱلزَّيْتِ، وَيُرَدِّدُهُمَا ٱلْكَاهِنُ تَرْدِيداً أَمَامَ ٱلرَّبِّ. 25 ثُمَّ يَذْبَحُ كَبْشَ ٱلإِثْمِ، وَيَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ دَمِ ذَبِيحَةِ ٱلإِثْمِ وَيَجْعَلُ عَلَى شَحْمَةِ أُذُنِ ٱلْمُتَطَهِّرِ ٱلْيُمْنَى وَعَلَى إِبْهَامِ يَدِهِ ٱلْيُمْنَى وَعَلَى إِبْهَامِ رِجْلِهِ ٱلْيُمْنَى. 26 وَيَصُبُّ ٱلْكَاهِنُ مِنَ ٱلزَّيْتِ فِي كَفِّ ٱلْكَاهِنِ ٱلْيُسْرَى 27 وَيَنْضِحُ ٱلْكَاهِنُ بِإِصْبِعِهِ ٱلْيُمْنَى مِنَ ٱلزَّيْتِ ٱلَّذِي فِي كَفِّهِ ٱلْيُسْرَى سَبْعَ مَرَّاتٍ أَمَامَ ٱلرَّبِّ. 28 وَيَجْعَلُ ٱلْكَاهِنُ مِنَ ٱلزَّيْتِ ٱلَّذِي فِي كَفِّهِ عَلَى شَحْمَةِ أُذُنِ ٱلْمُتَطَهِّرِ ٱلْيُمْنَى وَعَلَى إِبْهَامِ يَدِهِ ٱلْيُمْنَى وَعَلَى إِبْهَامِ رِجْلِهِ ٱلْيُمْنَى عَلَى مَوْضِعِ دَمِ ذَبِيحَةِ ٱلإِثْمِ. 29 وَٱلْفَاضِلُ مِنَ ٱلزَّيْتِ ٱلَّذِي فِي كَفِّ ٱلْكَاهِنِ يَجْعَلُهُ عَلَى رَأْسِ ٱلْمُتَطَهِّرِ تَكْفِيراً عَنْهُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ».

ع 12 ع 14

فَيَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ كَبْشَ ٱلإِثْمِ كانت رسوم تطهير الفقير كرسوم تطهير الغني تماماً ولا تنقص الخدمة في تطهيره شيئاً من الأعمال والوقار لأن الغني والفقير سيان عند الله ولذلك كانت الأمور المتعلقة بالذبائح الزهيدة القيمة المذكورة في (ع 24 - 29) تكرار الأمور المذكورة في (ع 12 - 18) في الذبائح الكثيرة القيمة.

30، 31 «30 ثُمَّ يَعْمَلُ وَاحِدَةً مِنَ ٱلْيَمَامَتَيْنِ أَوْ مِنْ فَرْخَيِ ٱلْحَمَامِ مِمَّا تَنَالُ يَدُهُ 31 مَا تَنَالُ يَدُهُ. ٱلْوَاحِدَ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ وَٱلآخَرَ مُحْرَقَةً مَعَ ٱلتَّقْدِمَةِ. وَيُكَفِّرُ ٱلْكَاهِنُ عَنِ ٱلْمُتَطَهِّرِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ».

ع 22 وص 15: 14 و15

مِمَّا تَنَالُ يَدُهُ إن الله لرحمته لا يسأل الإنسان ما فوق طاقته.

32 «هٰذِهِ شَرِيعَةُ ٱلَّذِي فِيهِ ضَرْبَةُ بَرَصٍ ٱلَّذِي لاَ تَنَالُ يَدُهُ فِي تَطْهِيرِهِ».

ع 10

هٰذِهِ شَرِيعَةُ ٱلَّذِي... لاَ تَنَالُ يَدُهُ وهي ما وُصفت في (ع 21 - 31) وهي شريعة تطهير الأبرص الفقير الذي لا يستطيع أن يقوم بما ذُكر في (ع 10 - 20).

33 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى وَهَارُونَ».

قَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى وَهَارُونَ كان الخطاب في تطهير الأبرص وما يتعلق به لموسى وحده (انظر ع 1) وخاطب في برص البيوت موسى وهارون معاً للعلة التي ذُكرت سابقاً (انظر تفسير ص 13: 1).

34 «مَتَى جِئْتُمْ إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ ٱلَّتِي أُعْطِيكُمْ مُلْكاً، وَجَعَلْتُ ضَرْبَةَ بَرَصٍ فِي بَيْتٍ فِي أَرْضِ مُلْكِكُمْ».

تكوين 17: 8 وعدد 32: 22 وتثنية 7: 1 و32: 49

مَتَى جِئْتُمْ إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ لنا هنا المثال الأول من الأمثلة الأربعة التي ذُكرت في الشريعة اللاوية المتعلقة في المستقبل الموافقة لأحوال شعب إسرائيل (انظر ص 19: 23 و25: 2). ولعل هذا من أول الأسباب التي فصلت الكلام في برص البيوت عن الكلام في برص الأشخاص والثياب. وكنا نتوقع بمقتضى الطبع أن الكلام على هذا البرص يجب أن يكون متصلاً بالبرصين المذكورين. وقال علماء الناموس مدة الهيكل الثاني «إن الكلام استقل هنا وذُكر متعلقاً بأرض كنعان في المستقبل لأن ضربة برص البيوت غير العادية (أي الخارقة العادة) كانت مختصة بفلسطين وكانت مما لم يُعرف بغيرها من البلاد». وقوله «في بيوت ملككم» يدل على أن بيوت غير ملكهم أي بيوت الأمم كانت مستثناة من هذا البرص أي إن برص البيوت لم يحدث في بيوت الأمم وإنه لم يُصب بهذا البرص بيت من بيوت أورشليم لأن تلك المدينة المقدسة لم تُقسم على الأسباط. ويؤيد لنا ذلك شهادة علماء الناموس الذين كانوا يشتغلون بشريعة البرص فإنهم أجمعوا أن ذلك البرص لم يُعرف في غير فلسطين وإن لم يكن في غير بيوت الإسرائيليين وإنه لم يحدث في أورشليم قط.

ضَرْبَةَ بَرَصٍ هذا الكلام يدل على أن هذا البرص لم يكن مرضاً عادياً بل كان ضربة خارقة العادة من يد الله. وكانت الخطايا التي تجلب البرص كما عُرف من أئمّة الناموس في عصر المسيح عبادة الأوثان وتدنيس اسم الله والفجور والسرقة والنميمة والوشاية وشهادة الزور والقضاء الباطل والحنث وتعدي ُتخم الجار أو نقل حدوده واختراع المقاصد الخبيثة والمكايد والقاء العداوة والخصام بين الإخوة. وكان الله يضرب البيت بالبرص إذا بناه صاحبه على أرض مقدسة بمواد محظورة. وعلى هذا جاء في الترجمة الكلدانية ليوناثان «إذا بني إنسان بيته بمواد مسروقة ضربت ذلك البيت الخ».

35 «يَأْتِي ٱلَّذِي لَهُ ٱلْبَيْتُ وَيَقُولُ لِلْكَاهِنِ: قَدْ ظَهَرَ لِي شِبْهُ ضَرْبَةٍ فِي ٱلْبَيْتِ».

مزمور 91: 10 وأمثال 3: 33 و زكريا 5: 4

يَأْتِي ٱلَّذِي لَهُ ٱلْبَيْتُ كان الكاهن يفحص عن أعراض البيت المشبوه أو المظنون إنه مضروب بالبرص كما كان يفحص عن أعراض الإنسان كذلك.

قَدْ ظَهَرَ لِي كانت هذه العبارة عينها ما يقوله صاحب البيت للكاهن في زمن المسيح فلم يكن يقول للكاهن «قد ظهر البرص في بيتي» بل كان يقول «قد ظهر لي شبه ضربة في البيت» لأنه كان من شأن الكاهن أن يحكم بالأمر.

36 «فَيَأْمُرُ ٱلْكَاهِنُ أَنْ يُفْرِغُوا ٱلْبَيْتَ قَبْلَ دُخُولِ ٱلْكَاهِنِ لِيَرَى ٱلضَّرْبَةَ، لِئَلاَّ يَتَنَجَّسَ كُلُّ مَا فِي ٱلْبَيْتِ. وَبَعْدَ ذٰلِكَ يَدْخُلُ ٱلْكَاهِنُ لِيَرَى ٱلْبَيْتَ».

فَيَأْمُرُ ٱلْكَاهِنُ أَنْ يُفْرِغُوا ٱلْبَيْتَ لأنه كان إذا حكم الكاهن قبل إفراغ البيت بأن الضربة برص تنجّس كل ما في البيت من الأثاث. وهذا يدل على أن الشريعة لم تعتبر البرَص معدياً.

37 «فَإِذَا رَأَى ٱلضَّرْبَةَ، وَإِذَا ٱلضَّرْبَةُ فِي حِيطَانِ ٱلْبَيْتِ نُقَرٌ ضَارِبَةٌ إِلَى ٱلْخُضْرَةِ أَوْ إِلَى ٱلْحُمْرَةِ، وَمَنْظَرُهَا أَعْمَقُ مِنَ ٱلْحَائِطِ».

نُقَرٌ ضَارِبَةٌ إِلَى ٱلْخُضْرَةِ أَوْ إِلَى ٱلْحُمْرَةِ (النُقر جمع نقره وهي الوهدة أو الحفرة المستديرة. ومعنى ضاربة مائلة يُقال هذا اللون يضرب إلى لون كذا إذا اتصف بشيء منه فالضاربة إلى الخضرة المتصفة بخضرة خفيفة أي قليلة. فمعنى العبارة نُقرٌّ خُضيراء أو حُميراء). كانت الأعراض التي يُستدل بها على البرص البيتي كالأعراض التي يستدل بها على البرص الإنساني وهي ثلاثة:

  1. نُقر أو بُقع منخفضة ميّزها القدماء بأنه بُقع في الحائط منخفضة عن الأجزاء المحيطة بها كلمع جلد الإنسان المصاب بالبرص (انظر ص 13: 3).

  2. كون تلك النُقر ضاربة إلى الخضرة أي كونها خُضيراء.

  3. كون تلك النُقر ضاربة إلى الحمرة أو حُميراء. فالعرَض الثاني والثالث هنا كالعرَض الثاني والثالث في برص الناس وبرص الثياب قابل بهذا ما في (ص 13: 49). وكان قانون علماء الناموس في مدة الهيكل الثاني «إن مقدار النقرة كمقدار فولتين» أي حبتين من الفول.

38 «يَخْرُجُ ٱلْكَاهِنُ مِنَ ٱلْبَيْتِ إِلَى بَابِ ٱلْبَيْتِ وَيُغْلِقُ ٱلْبَيْتَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ».

وَيُغْلِقُ ٱلْبَيْتَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ يأتي الكاهن ذلك ليرى ما يحدث من تغيّر الأعراض في تلك المدة. وهذا العمل كالعمل في برص الثياب (انظر ص 13: 50).

39 - 42 «39 فَإِذَا رَجَعَ ٱلْكَاهِنُ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِعِ وَرَأَى وَإِذَا ٱلضَّرْبَةُ قَدِ ٱمْتَدَّتْ فِي حِيطَانِ ٱلْبَيْتِ، 40 يَأْمُرُ ٱلْكَاهِنُ أَنْ يَقْلَعُوا ٱلْحِجَارَةَ ٱلَّتِي فِيهَا ٱلضَّرْبَةُ وَيَطْرَحُوهَا خَارِجَ ٱلْمَدِينَةِ فِي مَكَانٍ نَجِسٍ. 41 وَيُقَشِّرُ ٱلْبَيْتَ مِنْ دَاخِلٍ حَوَالَيْهِ، وَيَطْرَحُونَ ٱلتُّرَابَ ٱلَّذِي يُقَشِّرُونَهُ خَارِجَ ٱلْمَدِينَةِ فِي مَكَانٍ نَجِسٍ. 42 وَيَأْخُذُونَ حِجَارَةً أُخْرَى وَيُدْخِلُونَهَا فِي مَكَانِ ٱلْحِجَارَةِ، وَيَأْخُذُ تُرَاباً آخَرَ وَيُطَيِّنُ ٱلْبَيْتَ».

رَجَعَ ٱلْكَاهِنُ أي إذا رأى الكاهن في نهاية أسبوع الإغلاق إن النقر امتدت دلّه ذلك على تقوي المرض كما في برص الناس والأثواب (انظر ص 13: 5 و50) فيأمر حينذ بقلع الحجارة المصابة من الحائط وطرحها في مكان نجس. والمقصود بالمكان النجس أحد الأمكنة المعينة لإلقاء الجيف فيها خارج المدينة. وأما الأماكن التي كانت خارج المدينة وعينت لأن يُطرح فيها رماد القدس فكانت تُدعى أماكن مقدسة (انظر ص 4: 12). وهنا ثمانية أفعال تتعلق بقلع الحجارة وطرحها ووضع حجارة جديدة موضعها والقَشر والتطيين ستة منها متصلة بضمير الجمع واثنان بالمفرد وهي في (ع 40 - 42). فالتي للجمع «يقلعوا» و «يطرحون» (ع 40) و «يدخلون» (ع 42). والاثنان اللذان للمفرد «يأخذ» و «يطين» (ع 42). وعلى هذا قال علماء الناموس مدة الهيكل الثاني إذا كانت الحجارة المصابة موزعة في جدار مشترك بين بيتين مختلفي السكان أي كل منهما لأهل وجب أن يأتوا الأعمال الستة معاً وأما أخذ التراب وتطيين البيت فيقوم به صاحب البيت المضروب وحده.

43 - 45 «43 فَإِنْ رَجَعَتِ ٱلضَّرْبَةُ وَأَفْرَخَتْ فِي ٱلْبَيْتِ بَعْدَ قَلْعِ ٱلْحِجَارَةِ وَقَشْرِ ٱلْبَيْتِ وَتَطْيِينِهِ، 44 وَأَتَى ٱلْكَاهِنُ وَرَأَى وَإِذَا ٱلضَّرْبَةُ قَدِ ٱمْتَدَّتْ فِي ٱلْبَيْتِ، فَهِيَ بَرَصٌ مُفْسِدٌ فِي ٱلْبَيْتِ. إِنَّهُ نَجِسٌ. 45 فَيَهْدِمُ ٱلْبَيْتَ: حِجَارَتَهُ وَأَخْشَابَهُ وَكُلَّ تُرَابِ ٱلْبَيْتِ، وَيُخْرِجُهَا إِلَى خَارِجِ ٱلْمَدِينَةِ إِلَى مَكَانٍ نَجِسٍ».

ص 13: 51 وزكريا 5: 4

فَإِنْ رَجَعَتِ ٱلضَّرْبَةُ بعد ما ذكر في (ع 38 - 42) كان البرص لا يقبل الشفاء وكان البيت نجساً وجب أن يُهدم وتُطرح كل مواده في موضع نجس خارج المدينة. وإذ كانت هذه المواد حجارة وتراب وخشب كان قانون اليهود القديم إن شريعة البرَص هذه ليست إلا على بيت ذي أربعة جدران مبني من الحجارة المعتادة والتراب والخشب فالبيوت المبنية من القرميد والرخام خارجة من ذلك.

46 «وَمَنْ دَخَلَ إِلَى ٱلْبَيْتِ فِي كُلِّ أَيَّامِ ٱنْغِلاَقِهِ يَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ».

مَنْ دَخَلَ إِلَى ٱلْبَيْتِ الخ من دخل البيت المصاب ولو دقيقة واحدة تنجس ووجب أن يغتسل ليطهر على أنه يبقى نجساً إلى المساء فإن ذلك البيت متى حكم الكاهن انه نجس يتنجس من مسه ولو من خارجه.

47 «وَمَنْ نَامَ فِي ٱلْبَيْتِ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ. وَمَنْ أَكَلَ فِي ٱلْبَيْتِ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ».

مَنْ نَامَ فِي ٱلْبَيْتِ كان النوم في البيت المصاب كل الليل أثقل من دخوله دقيقة واحدة ولذلك كان يجب على من ينام فيه أن يغسل ثيابه لكي يطهر. وكذا الحكم على من أكل فيه.

48 «لٰكِنْ إِنْ أَتَى ٱلْكَاهِنُ وَرَأَى وَإِذَا ٱلضَّرْبَةُ لَمْ تَمْتَدَّ فِي ٱلْبَيْتِ بَعْدَ تَطْيِينِ ٱلْبَيْتِ، يُطَهِّرُ ٱلْكَاهِنُ ٱلْبَيْتَ. لأَنَّ ٱلضَّرْبَةَ قَدْ بَرِئَتْ».

ٱلضَّرْبَةُ لَمْ تَمْتَدَّ إذا لم تمتد الأعراض بعد نهاية أسبوع الإغلاق الثاني حكم الكاهن بأنه غير نجس أي قد برئ وطهر. وهذا مثل ما ذُكر في برص الناس والثياب (انظر ص 13: 6 و58).

49 - 53 «49 فَيَأْخُذُ لِتَطْهِيرِ ٱلْبَيْتِ عُصْفُورَيْنِ وَخَشَبَ أَرْزٍ وَقِرْمِزاً وَزُوفَا. 50 وَيَذْبَحُ ٱلْعُصْفُورَ ٱلْوَاحِدَ فِي إِنَاءِ خَزَفٍ عَلَى مَاءٍ حَيٍّ، 51 وَيَأْخُذُ خَشَبَ ٱلأَرْزِ وَٱلزُّوفَا وَٱلْقِرْمِزَ وَٱلْعُصْفُورَ ٱلْحَيَّ وَيَغْمِسُهَا فِي دَمِ ٱلْعُصْفُورِ ٱلْمَذْبُوحِ وَفِي ٱلْمَاءِ ٱلْحَيِّ، وَيَنْضِحُ ٱلْبَيْتَ سَبْعَ مَرَّاتٍ، 52 وَيُطَهِّرُ ٱلْبَيْتَ بِدَمِ ٱلْعُصْفُورِ وَبِٱلْمَاءِ ٱلْحَيِّ وَبِٱلْعُصْفُورِ ٱلْحَيِّ وَبِخَشَبِ ٱلأَرْزِ وَبِالزُّوفَا وَبِالْقِرْمِزِ. 53 ثُمَّ يُطْلِقُ ٱلْعُصْفُورَ ٱلْحَيَّ إِلَى خَارِجِ ٱلْمَدِينَةِ عَلَى وَجْهِ ٱلصَّحْرَاءِ وَيُكَفِّرُ عَنِ ٱلْبَيْتِ فَيَطْهُرُ».

ع 4 ع 20

فَيَأْخُذُ لِتَطْهِيرِ ٱلْبَيْتِ الخ هذا مثل ما يؤتى في تطهير الإنسان الأبرص على أثر شفائه (ع 3 - 7) ما عدا الذبائح التي كان الناقه يقدمها إذ ليست بلازمة في تطهير البيت كما لا يخفى.

54 - 56 «54 هٰذِهِ هِيَ ٱلشَّرِيعَةُ لِكُلِّ ضَرْبَةٍ مِنَ ٱلْبَرَصِ وَلِلْقَرَعِ 55 وَلِبَرَصِ ٱلثَّوْبِ وَٱلْبَيْتِ 56 وَلِلنَّاتِئِ وَلِلْقُوبَاءِ وَلِلُّمْعَةِ».

ص 13: 30 ص 13: 47 ع 34 ص 13: 2

أراد بهذه الآيات كل ما ذُكر من رسوم البرَص على اختلاف أنواعه (ص 13 وص 14).

57 «لِلتَّعْلِيمِ فِي يَوْمِ ٱلنَّجَاسَةِ وَيَوْمِ ٱلطَّهَارَةِ. هٰذِهِ شَرِيعَةُ ٱلْبَرَص».

تثنية 24: 8 وحزقيال 44: 23

لِلتَّعْلِيمِ الخ هذه الآية متعلقة بالآية 54 فيكون المعنى هذه الشريعة لكل ضربة من البرص والقرع الخ للتعليم في يوم النجاسة ويوم الطهارة مما كان في الحال وسيكون في أرض الموعد. ومعنى قوله «للتعليم» الخ تعليم الشعب في أي الأيام يجب أن يُستدعى الكاهن للفحص عن أحوال المظنون أنه أبرص من الناس والثياب والبيوت. وهذا مما فهمه علماء الناموس وعليه جاء في الترجمة الكلدانية القديمة المنسوبة إلى يوناثان «حتى يمكن الكهنة أن يعلّموا الناس التمييز بين أيام البرَص السوداء والأيام البيضاء» (انظر ص 13: 2).

اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ عَشَرَ

1 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى وَهَارُونَ».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى وَهَارُونَ موضوع هذا الأصحاح النجاسة الناشئة عن السيل من مرضين وثلاثة مفرزات طبيعية.

2 «قُولاَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: كُلُّ رَجُلٍ يَكُونُ لَهُ سَيْلٌ مِنْ لَحْمِهِ، فَسَيْلُهُ نَجِسٌ».

ص 22: 4 وعدد 5: 2 و2صموئيل 3: 29 ومتّى 9: 20 ومرقس 5: 25 ولوقا 8: 43

سَيْلٌ مِنْ لَحْمِهِ هو سيل من الأعضاء السرية عبر عنه بما ذُكر على سبيل النزاهة (انظر تكوين 6: 3 و4 و11 و7: 13 و16: 4 وحزقيال 16: 26 و23: 20 الخ).

فَسَيْلُهُ نَجِسٌ أي فذلك السيل علة نجاسته أو منجس له ولذلك كان كل من مسه أو مس ثوبه الذي عليه أثر السيل يتنجس.

3 «وَهٰذِهِ تَكُونُ نَجَاسَتُهُ بِسَيْلِهِ: إِنْ كَانَ لَحْمُهُ يَبْصُقُ سَيْلَهُ، أَوْ يَحْتَبِسُ لَحْمُهُ عَنْ سَيْلِهِ، فَذٰلِكَ نَجَاسَتُهُ».

إِنْ كَانَ لَحْمُهُ يَبْصُقُ في هذا بعض التفصيل لما في (ع 2).

4 «كُلُّ فِرَاشٍ يَضْطَجِعُ عَلَيْهِ ٱلَّذِي لَهُ ٱلسَّيْلُ يَكُونُ نَجِساً، وَكُلُّ مَتَاعٍ يَجْلِسُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِساً».

كُلُّ فِرَاشٍ يَضْطَجِعُ عَلَيْهِ الخ كانت الشريعة اللاوية في ذلك شديدة فكانت تنجس الفراش الذي يضطجع عليه المصاب وكل ما يجلس عليه من بساط وسرج وحجر وغيرها وكل ما يقف عليه أو يستند إليه أو يتعلق به فذو السييل ينجس بكل من تلك الأعمال الخمسة.

5، 6 «5 وَمَنْ مَسَّ فِرَاشَهُ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ. 6 وَمَنْ جَلَسَ عَلَى ٱلْمَتَاعِ ٱلَّذِي يَجْلِسُ عَلَيْهِ ذُو ٱلسَّيْلِ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ».

ص 11: 25 و 17: 15

مَنْ مَسَّ فِرَاشَهُ كان تنجيس المصاب قوياً فكان كل ما مسّه من فراش ومجلس وسرج بأحد الأعمال الخمسة المذكورة في تفسير العبارة التي قبل هذه العبارة ينجسه نجاسة شديدة حتى إن كل من مسها سواه يتنجس أيضاً بكل طريق من الطرق السبعة الآتية وهي الوقوف والجلوس والاضطجاع والتعلّق والاتكاء واللمس والحمل فيعتزل الناس والقدس إلى المساء أي غروب الشمس وكان يجب عليه أن يغتسل ويغسل ثيابه أيضاً وكان اغتساله أن يغمس كل جسده في الماء.

7 «وَمَنْ مَسَّ لَحْمَ ذِي ٱلسَّيْلِ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ».

مَنْ مَسَّ لَحْمَ (أي العضو الذي يستحي منه). كان ذلك الشخص يُعد شديد النجاسة حتى إذا مس عضوه الطبيب لتشخيص دائه يتنجس ويحرم من الامتيازات المقدسة حتى يغسل ثيابه ويستحم بأن يغمس كل جسده في الماء.

8 «وَإِنْ بَصَقَ ذُو ٱلسَّيْلِ عَلَى طَاهِرٍ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ».

إِنْ بَصَقَ ذُو ٱلسَّيْلِ عَلَى طَاهِرٍ أي إن بصق في وجهه. كان هذا البصق عند الشرقيين ولا يزال آية الغيظ في الباصق والتعيير للمبصوق في وجهه (عدد 12: 14 وتثنية 25: 9 وإشعياء 50: 6 وأيوب 30: 10 ومتّى 26: 67). وكان هذا البصق يتوقع من المصاب لسوء أخلاقه الناشئ عن تألمه من المرض فكان عرضة لأن يهيج ويغضب كثيراً فكان من بصق هو في وجهه يتنجس ويجب أن يغسل ثيابه ويستحم ويبقى نجساً إلى مغيب الشمس كمن يلبس ثوبه والطبيب الذي يلمس عضوه للتشخيص.

9 «وَكُلُّ مَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ ذُو ٱلسَّيْلِ يَكُونُ نَجِساً».

كُلُّ مَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ من مركبة وسرج وجلّ وما أشبه ذلك. وتُرجمت الكلمة العبرانية المترجمة بما «يركب عليه» في هذه الآية بالمركبة في (1ملوك 4: 26) وفي غير ذلك من المواضع. (والكلمة العبرانية «مركب» ومعناه مركبة أو ما يجلس عليه من المركبة. والقرينة تدل على أن المقصود كل ما يُركب عليه).

يَكُونُ نَجِساً لم يُعيّن مدة نجاسة المركب هنا كما عُيّنت في غيره. ومعنى نجاسته أن يعتزل استعماله كل إنسان. وجاء في الترجمة السبعينية «يكون نجساً إلى المساء» كما في سائر الآيات التي في هذا الباب فالعبارة أصلية يُظن أنها سقطت من الآية العبرانية.

10 «وَكُلُّ مَنْ مَسَّ كُلَّ مَا كَانَ تَحْتَهُ يَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ، وَمَنْ حَمَلَهُنَّ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ».

مَنْ مَسَّ كُلَّ مَا كَانَ تَحْتَهُ من المجلس الذي جلس فيه في المركبة أو عليها.

وَمَنْ حَمَلَهُنَّ أي من حمل شيئاً مما يجلس عليه المصاب من موضع إلى آخر (انظر ص 11: 27 و40).

11 «وَكُلُّ مَنْ مَسَّهُ ذُو ٱلسَّيْلِ وَلَمْ يَغْسِلْ يَدَيْهِ بِمَاءٍ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ».

وَلَمْ يَغْسِلْ يَدَيْهِ إذا اتفق أن المصاب مسّ أحداً بيديه ولم يكن قد غسل يديه بقي الملموس نجساً إلى المساء أي إلى غروب الشمس من اليوم الذي مُس فيه وكان عليه أن يغسل ثيابه وكل جسده قبل أن يرجع إلى امتيازاته من مخالطة الناس ودخول القدس. وهذا أول موضع ذُكر فيه بتعيين أن النجاسة تُنقل بمس اليد وإن غسلها يمنع من التنجيس. وقد أُمر بعض الإسرائيليين في سفر التثنية بغسل الأيدي ولكن لقصد غير القصد هنا (تثنية 21: 6) فإن القصد هنا التبرئة من النجاسة والقصد هنالك التبرئة من الذنب الذي هو القتل أو إقامة الحجة على القتلة.

12 «وَإِنَاءُ ٱلْخَزَفِ ٱلَّذِي يَمَسُّهُ ذُو ٱلسَّيْلِ يُكْسَرُ. وَكُلُّ إِنَاءِ خَشَبٍ يُغْسَلُ بِمَاءٍ».

ص 6: 28 و11: 32 و33

وَإِنَاءُ ٱلْخَزَفِ... يُكْسَرُ وعلى ذلك أن الآنية الخزفية ذوات مسام كثيرة وساعة تدخلها النجاسة فيتعذر تطهيرها (انظر ص 6: 28 و11: 33). وهذا أول ما ذُكر أن الآنية الخزفية تنجس إذا مست من الخارج وهو دليل أيضاً على شدة نجاسة المصاب بذلك السيل على ما كانوا يعتبرون.

كُلُّ إِنَاءِ خَشَبٍ يُغْسَلُ بِمَاءٍ أي فيظهر بذلك. وكان الإناء الخشب ممتازاً عن الفخار لأنه كان أغلى منه والحاجة أشد إليه ولا عوض عنه إلا بمشقة فالشريعة لم تكن خالية من الرحمة ومراعات أحوال الشعب. وأبان علماء الناموس مدة الهيكل الثاني إن العلة كون الآنية الخشبية أبقى من الآنية الخزفية وعلى ذلك حملوا كل الآنية المصنوعة من الأجساد المنطرقة كالنحاس والفضة وغيرهما. وكانوا يقولون إن الإناء إذا غُمس في الماء وثغرته إلى الأسفل أو إذا غُمس في الماء وثغرته إلى الأعلى ولكن فيه شيئاً من السوائل لم يكن تطهيره شرعياً. وكانوا يوجبون هذا التطهير على كل الآنية الجديدة أو المشتراة حديثاً قبل استعمالها خوفاً من أن يكون صانعها نجساً أو سواه ممن مسها قبل شرائها. ولهذا كان اليهود ولا يزالون يغسلون الأقداح والصحون والملاعق وشوكات الطعام والسكاكين والآنية على إثر شرائها. وعلى هذا أشار المسيح بقوله «غَسْلَ ٱلأَبَارِيقِ وَٱلْكُؤُوسِ، وَأُمُوراً أُخَرَ كَثِيرَةً مِثْلَ هٰذِهِ تَفْعَلُونَ» (مرقس 7: 8 انظر أيضاً مرقس 7: 4).

13 «وَإِذَا طَهُرَ ذُو ٱلسَّيْلِ مِنْ سَيْلِهِ يُحْسَبُ لَهُ سَبْعَةُ أَيَّامٍ لِطُهْرِهِ، وَيَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ حَيٍّ فَيَطْهُرُ».

ع 28 وص 14: 8

وَإِذَا طَهُرَ... مِنْ سَيْلِهِ أي شفي من دائه لأن التطهير لا يكون إلا بعد الشفاء. وما كان التطهير يتم على أثر الشفاء بل بعده بسبعة أيام ليكون الوقت كافياً لتحقق البرء فإن ظهر شيء من أعراض ذلك الداء في أثناء الأسبوع أو في نهايته أو بعد إتيان رسوم التطهير وجب أن يبقى نجساً سبعة أيام أُخر.

يَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ حَيٍّ يُرى هنا أنه كان يظهر غيره من الأشخاص والآنية والأدوات بالماء النقي مطلقاً ولكن تطهيره كان يجب أن يكون بماء حي أي جار من ينبوع (انظر تفسير ص 14: 5 و50) وذُكر الاستحمام بالماء في هذا الأصحاح عشر مرات (ع 5 و6 و7 و8 و10 و11 و18 و21 و22 و27). والكلمة العبرانية المترجمة بالجسد هنا «بشر» ولها معنيان ظاهر الجلد كالبشر في العربية واللحم. ويعبر به مجازاً ونزاهة عن العضو المقصود في (ع 2 وع 7). والمقصود به في هذه الآية أي الآية الثالثة عشرة الجسد كله.

14 «وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ يَأْخُذُ لِنَفْسِهِ يَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ وَيَأْتِي إِلَى أَمَامِ ٱلرَّبِّ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ وَيُعْطِيهِمَا لِلْكَاهِنِ».

ص 14: 22 و23

وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ يَأْخُذُ لِنَفْسِهِ إذا لم يظهر فيه في مساء اليوم السابع أثر للمرض بعد استحمامه يأتي بالذبائح المعيّنة لتطهيره. ومن الغريب أن القرابين التي كان الفقير يأتي بها في غير هذه الحال وهي القرابين الرخيصة كاليمام والحمام فُرضت هنا على الأغنياء والفقراء بلا تمييز وهي يمامتان أو فرخا حمام (انظر ص 5: 7 و12: 8 و14: 22).

بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ الخ أي مدخل خيمة الاجتماع وهو هنا الباب الشرقي حيث يكون وجه مقدم القربان إلى قدس الأقداس محل مجد الرب ولهذا قال «أمام الرب».

15 «فَيَعْمَلُهُمَا ٱلْكَاهِنُ: ٱلْوَاحِدَ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، وَٱلآخَرَ مُحْرَقَةً. وَيُكَفِّرُ عَنْهُ ٱلْكَاهِنُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ مِنْ سَيْلِهِ».

ص 14: 30 و31 ص 14: 19 و31

وَيُكَفِّرُ عَنْهُ ٱلْكَاهِنُ أي ويكفر عنه الكاهن الخطية التي جلبت عليه ذلك المرض النجس. وكراهة الشعب لهذا المرض تظهر لك من أن المصاب به كان يُنفى من المحلة (عدد 5: 1 - 4). وكانوا في مدة الهيكل الثاني يحظروا على المصابين بذلك السيل النجس أكل الفصح وينفونهم من المدينة المقدسة. ولهذا لما غضب داود دعا على الأعداء بقوله «فَلْيَحِلَّ عَلَى رَأْسِ يُوآبَ وَعَلَى كُلِّ بَيْتِ أَبِيهِ، وَلاَ يَنْقَطِعُ مِنْ بَيْتِ يُوآبَ ذُو سَيْلٍ» (2صموئيل 3: 29).

16 «وَإِذَا حَدَثَ مِنْ رَجُلٍ ٱضْطِجَاعُ زَرْعٍ يَرْحَضُ كُلَّ جَسَدِهِ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاء».

ص 22: 4 وتثنية 23: 10

مِنْ رَجُلٍ ٱضْطِجَاعُ زَرْعٍ يراد بهذا الخروج غير الاختياري (وهو ما يعرف بالعربية بالاحتلام). وسمي في سفر التثنية «بعارض الليل» (تثنية 23: 10) وكان على من عرض له ذلك أن يستحم أي أن يغسل كل جسده في الماء بأن يغمسه كله فيه ويبقى نجساً إلى المساء. وكان القدماء من غير اليهود يتطهرون من هذا العارض كله. فكان كهنة المصريون إذا احتلموا يغتسلون بغية التطهر. والمسلمون أتوا ذلك من أول عهدهم (ولا زالوا يأتونه بناء على الشريعة الفرض لا على السنة فقط وهي قول القرآن «لاَ تَقْرَبُوا ٱلصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا» (سورة النساء 4: 43).

17 «وَكُلُّ ثَوْبٍ وَكُلُّ جِلْدٍ يَكُونُ عَلَيْهِ ٱضْطِجَاعُ زَرْعٍ يُغْسَلُ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ».

كُلُّ جِلْدٍ أي كل ما يلبسه الإنسان أو يضطجع عليه مما يُصنع من جلد (انظر ص 13: 48) وكان يظهر ذلك بالغسل. وإلى هذا أشار يهوذا الرسول بقوله «مُبْغِضِينَ حَتَّى ٱلثَّوْبَ ٱلْمُدَنَّسَ مِنَ ٱلْجَسَدِ» (يهوذا 23).

18 «وَٱلْمَرْأَةُ ٱلَّتِي يَضْطَجِعُ مَعَهَا رَجُلٌ ٱضْطِجَاعَ زَرْعٍ يَسْتَحِمَّانِ بِمَاءٍ، وَيَكُونَانِ نَجِسَيْنِ إِلَى ٱلْمَسَاءِ».

1صموئيل 21: 4

وَٱلْمَرْأَةُ ٱلَّتِي يَضْطَجِعُ مَعَهَا إذا حدث ما حدث في (ع 16) بين رجل وامرأته أي زوجته الشرعية تنجسا معاً ووجب عليهما الاغتسال والبقاء نجسين إلى المساء والامتناع عن الامتيازات القدسية مدة النهار. ولهذا كان الامتناع عن الأمور الزوجية ضرورياً لإتمام الواجبات المقدسة فما كان للذي يقترب من زوجته أن يقترب إلى الله (خروج 19: 15) ولا أن يتناول الأطعمة المقدسة (قابل هذا بما في 1صموئيل 21: 5 و6). وما كانت شريعة التطهير لتمنع من الزواج لأنه ترتيب الله (تكوين 1: 27 و28 و2: 21 - 25). فقصد الله بذلك التطهير صحة الزوجين. ولعل هذا علة مراعاة الاغتسال بعد المخالطة الزوجية عند قدماء الأمم فإن الهنود والبابليين كانوا يغتسلون على أثر تلك المخالطة. وكان كهنة المصريين يعتزلون نساءهم حين عزمهم على الشروع في الأعمال التي كانوا يحسبونها مقدسة وما كانوا يدخلون الهياكل إلا بعد ان يغتسلوا. والمسلمون لا يأتون الصلاة إلا بعد أن يتوضأوا وذلك عندهم من الفرض الواجب.

19، 20 «19 وَإِذَا كَانَتِ ٱمْرَأَةٌ لَهَا سَيْلٌ، وَكَانَ سَيْلُهَا دَماً فِي لَحْمِهَا، فَسَبْعَةَ أَيَّامٍ تَكُونُ فِي طَمْثِهَا. وَكُلُّ مَنْ مَسَّهَا يَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ. 20 وَكُلُّ مَا تَضْطَجِعُ عَلَيْهِ فِي طَمْثِهَا يَكُونُ نَجِساً، وَكُلُّ مَا تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِساً».

ص 12: 2

وَإِذَا كَانَتِ ٱمْرَأَةٌ لَهَا سَيْلٌ فُرض على المرأة ما فُرض على الرجل من التنجيس والتطهير على أن سيل كل منهما يختلف عن الآخر.

وَكَانَ سَيْلُهَا دَماً فِي لَحْمِهَا زاد هذا بياناً لذلك السيل.

فَسَبْعَةَ أَيَّامٍ تَكُونُ فِي طَمْثِهَا أي في حيضها أو دنسها بذلك. والغالب إن السيل ينقطع بعد ثلاثة أيام أو أربعة أيام ولكنه جعل المدة سبعة أيام ليشمل النادر من حوادثه كما فعل في ما يتعلق بدم الولادة (انظر ص 12: 2 والتفسير). وفي هذه الشريعة الإلهية رحمة ليست في شرائع الأمم فإن المرأة كانت تقاسي ذلك أحزاناً عظيمة ولا تزال إلى الآن لما في عقول البعض شرقاً وغرباً من الخرافات. فكانوا يعتقدون أن المرأة في الطمث إذا جلست تحت شجرة سقط ثمرها وإذا دنت من آلة قاطعة كلّت ومن إناء خبثت رائحته ومن طعام حمض وفسد. واعتقدوا من أمثال ذلك ما يعسر إحصاؤه. وزاد المجوس من الفرص على ذلك أن تعتزل أهل البيت ولم يكتفوا بذلك بل أوجبوا عليها أيضاً أن لا تتكلم مع أحد وكان على الذي يُرسل إليها الطعام أن يضعه بعيداً عنها. وكان عبدة الكواكب يطهرون بالنار كل موضع تطأه. وكانوا يعتقدون إن من أصابته الريح الهابة من جهة معزلها يتنجس. ولا يزال زنوج ايسنغ والكلموكيون وغيرهم كثيرون يعزلون الحوائض في بيوت معينة مبنية خارج القرى. والسكان في جوار نهر لابلانا ينسجون للحائض مثل القفص لا يتركون فيه منفذا إلا على قدر فمها لاستنشاق الهواء. فوضع الله هذه الشريعة لليهود بأحسن بيان دفعاً لمثل ذلك الجور علاوة على ما قصد به من صحة الزوجين.

وَكُلُّ مَنْ مَسَّهَا يَكُونُ نَجِساً كان مسّ الحائض ينجّس كمسّ سائر النجسين فكان على من مسّها أن يغسل ثيابه وكل جسده ويبقى نجساً إلى المساء.

21، 22 «21 وَكُلُّ مَنْ مَسَّ فِرَاشَهَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ. 22 وَكُلُّ مَنْ مَسَّ مَتَاعاً تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ».

مَتَاعاً من فراش وأريكة وكل ما تجلس عليه وتلبسه. فكان على من مسّ شيئا من ذلك أن يغسل ثيابه ويستحم ويبقى نجساً إلى المساء.

23 «وَإِنْ كَانَ عَلَى ٱلْفِرَاشِ أَوْ عَلَى ٱلْمَتَاعِ ٱلَّذِي هِيَ جَالِسَةٌ عَلَيْهِ عِنْدَمَا يَمَسُّهُ، يَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ».

وَإِنْ كَانَ عَلَى ٱلْفِرَاشِ شيء من الأشياء ذُكر في الآيتين اللتين قبل هذه الآية إن كل من مسّ فراشها نفسه أو شيئاً من أمتعتها يتنجس وذكر هنا إن كل من مسّ شيئاً مما وُضع على ذلك يتنجس أيضاً. لكن في المسّ الأول كان عليه أن يغسل ثيابه ويستحم ويبقى نجساً إلى المساء. وفي المسّ الثاني لم يكن عليه إلا أن يبقى نجساً كذلك لأن التنجس بهذا أخف من التنجس بذاك لأنه كذلك لم يتنجس بفراشها أو بمتاعها بل بما وُضع عليهما.

24 «وَإِنِ ٱضْطَجَعَ مَعَهَا رَجُلٌ فَكَانَ طَمْثُهَا عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِساً سَبْعَةَ أَيَّامٍ. وَكُلُّ فِرَاشٍ يَضْطَجِعُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِساً».

ص 2: 18

وَإِنِ ٱضْطَجَعَ مَعَهَا رَجُلٌ ارتكاب هذا الفعل الخشن بجسارة كان من علة موت الفريقين (انظر ص 18: 19 و20: 18).

25 «وَإِذَا كَانَتِ ٱمْرَأَةٌ يَسِيلُ سَيْلُ دَمِهَا أَيَّاماً كَثِيرَةً فِي غَيْرِ وَقْتِ طَمْثِهَا، أَوْ إِذَا سَالَ بَعْدَ طَمْثِهَا، فَتَكُونُ كُلَّ أَيَّامِ سَيَلاَنِ نَجَاسَتِهَا كَمَا فِي أَيَّامِ طَمْثِهَا. إِنَّهَا نَجِسَةٌ».

متّى 9: 20 ومرقس 5: 25 ولوقا 8: 43

السيلان في هذه الآية كالسيلان التي كانت مصابة به المرأة التي شفاها المسيح (متّى 9: 20 ولوقا 8: 44). وكانت قد تقضّى عليها سنون كثيرة وهي مصابة به فكانت في كل تلك المدة الطويلة نجسة ومنجّسة.

26، 27 «26 كُلُّ فِرَاشٍ تَضْطَجِعُ عَلَيْهِ كُلَّ أَيَّامِ سَيْلِهَا يَكُونُ لَهَا كَفِرَاشِ طَمْثِهَا. وَكُلُّ ٱلأَمْتِعَةِ ٱلَّتِي تَجْلِسُ عَلَيْهَا تَكُونُ نَجِسَةً كَنَجَاسَةِ طَمْثِهَا. 27 وَكُلُّ مَنْ مَسَّهُنَّ يَكُونُ نَجِساً، فَيَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ».

كُلُّ فِرَاشٍ تَضْطَجِعُ عَلَيْهِ الخ فعليها ما كان على ذات الطمث في (ع 19 و20).

28 «وَإِذَا طَهُرَتْ مِنْ سَيْلِهَا تَحْسُبُ لِنَفْسِهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ تَطْهُرُ».

ع 13

وَإِذَا طَهُرَتْ أي إذا شُفيت من مرضها فالطهارة هنا وفي الآية الثالثة عشرة بمعنى الشفاء أو زوال المرض. فكان عليها أن تبقى بعد انقطاع السيل سبعة أيام نجسة لكي تتحقق أنه لم يبق من أثر للداء (انظر ع 13 والتفسير).

تَطْهُرُ أي بعد القيام بفروض التطهير على ما سبق ذكره وعلى ما سيأتي في الآية التالية.

29 «وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ تَأْخُذُ لِنَفْسِهَا يَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ وَتَأْتِي بِهِمَا إِلَى ٱلْكَاهِنِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ».

تَأْخُذُ لِنَفْسِهَا كان عليها أن تقدم في اليوم الثامن الذبائح التي يقدمها الرجل المصاب بالسيل (ع 14) إلا أنه كان على الرجل أن يستحم أو يغسل بدنه كله في ماء حي لأنه هو الذي جلب المرض على نفسه.

30 «فَيَعْمَلُ ٱلْكَاهِنُ ٱلْوَاحِدَ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ وَٱلآخَرَ مُحْرَقَةً، وَيُكَفِّرُ عَنْهَا ٱلْكَاهِنُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ مِنْ سَيْلِ نَجَاسَتِهَا».

فَيَعْمَلُ ٱلْكَاهِنُ مثلما عمل في الآية الخامسة عشرة.

31 «فَتَعْزِلاَنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْ نَجَاسَتِهِمْ لِئَلاَّ يَمُوتُوا فِي نَجَاسَتِهِمْ بِتَنْجِيسِهِمْ مَسْكَنِيَ ٱلَّذِي فِي وَسَطِهِمْ».

ص 11: 47 وتثنية 24: 8 وحزقيال 44: 23 عدد 5: 3 و19: 13 و20 وحزقيال 5: 11 و 23: 38

فَتَعْزِلاَنِ الخطاب لموسى وهارون (انظر ع 1). والمعنى أنه يجب أن يُحذّروا من الإسرائيليين من تلك الأمور المنجسة ليتعزلوها وينجوا من الموت الذي ينشأ من اقترابهم إلى الله وهم نجسون.

بِتَنْجِيسِهِمْ مَسْكَنِيَ أي المكان الذي أظهر فيه لبني إسرائيل (انظر ص 8: 10).

32، 33 «32 هٰذِهِ شَرِيعَةُ ذِي ٱلسَّيْلِ، وَٱلَّذِي يَحْدُثُ مِنْهُ ٱضْطِجَاعُ زَرْعٍ فَيَتَنَجَّسُ بِهَا، 33 وَٱلْعَلِيلَةِ فِي طَمْثِهَا، وَٱلسَّائِلِ سَيْلُهُ: ٱلذَّكَرِ وَٱلأُنْثَى، وَٱلرَّجُلِ ٱلَّذِي يَضْطَجِعُ مَعَ نَجِسَةٍ».

ع 2 ع 16 ع 19 ع 25 ع 24

هٰذِهِ شَرِيعَةُ الخ هاتان الآيتان ملحق للأصحاح وتكرار للتقرير والتأكيد.

اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ عَشَرَ

1 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى بَعْدَ مَوْتِ ٱبْنَيْ هَارُونَ عِنْدَمَا ٱقْتَرَبَا أَمَامَ ٱلرَّبِّ وَمَاتَا».

ص 10: 1 و2

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى بعد أن ذكر بالتدقيق ترتيب ما سبق من الذبائح اليومية والتطهيرات بقي من الضروريات أن يكمل بيان ما يتعلق بالخدمة الكاهنية في يوم الكفارة الذي فيه تقدم الذبائح تكفيراً لخطايا الكهنة وخطايا الشعب وكان ذلك يوماً في كل سنة (ع 34). وحسن أن يكون الكلام على يوم التطهير العام على أثر ما ذُكر من تلك التطهيرات الخاصة المختلفة.

بَعْدَ مَوْتِ ٱبْنَيْ هَارُونَ أي بعد موت ناداب وأبيهو ابني هارون الأكبر لأنهما دخلا القدس بطريقة عالمية أي غير مقدّسة وفي غير الوقت المعيّن بمقتضى أوامر الله (انظر ص 10: 1 و2).

2 «كَلِّمْ هَارُونَ أَخَاكَ أَنْ لاَ يَدْخُلَ كُلَّ وَقْتٍ إِلَى ٱلْقُدْسِ دَاخِلَ ٱلْحِجَابِ أَمَامَ ٱلْغِطَاءِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلتَّابُوتِ لِئَلاَّ يَمُوتَ، لأَنِّي فِي ٱلسَّحَابِ أَتَرَاءَى عَلَى ٱلْغِطَاءِ».

خروج 30: 10 وص 23: 27 وعبرانيين 9: 7 و10: 19 خروج 25: 22 و40: 34 و1ملوك 8: 10 و11 و12

أَنْ لاَ يَدْخُلَ كُلَّ وَقْتٍ حذّر موسى أخاه هارون الحبر الأعظم من مثل مصاب ابنيه الأكبرين ناداب وأبيهو بأن لا يدخل قدس الأقداس كل وقت بل أن لا يدخله إلا مرة واحدة في السنة في يوم الكفارة. وعلّم موسى هارون كل ما يجب في ذلك لأنه أمام كل من يخلفوه في الرتبة الحبرية العليا لكي يعلمها غيره حتى متى قضي عليه يكون خليفته محكماً معرفة ما يتعلق بالخدمة الهيكلية فلا يقع عليه أيضاً ما وقع على ذينك ولكي يكون الرب مسروراً بخدمته. وقد تلقى علماء الناموس هذا التعليم وأمعنوا فيه النظر وقطعوا بأهميته واحترزوا فيه من كل مخالفة. ولذلك كانوا في مدة الهيكل الثاني إذا أرادوا إقامة خلف للكاهن الأعلى يدربون المنتخب كل التدريب في أمور تلك الخدمة المقدسة فكان يجتمع إيمة مجمع السبعين المعروف عندهم بالسنهدريم ويبينون للخلف كل القوانين المتعلقة بتلك الخدمة أحسن تبيين. وكان الكاهن الأعلى يعتزل امرأته سبعة أيام قبل يوم الكفارة ويقيم مدة تلك الأيام بمخدع في الهيكل لئلا يمس شيئاً دنساً أو ما يمنعه من القيام بواجباته الكاهنية. ويقرأ له الشيوخ الذين هم نواب المجمع المذكور أو ممثلوه الرسوم المذكورة في هذا الأصحاح ويستعملها أمامهم ليعرف أنه أحكم معرفتها واستعمالها. وكانوا يشغلون بذلك كل الليلة التي قبل يوم الكفارة لكي يسهر الكاهن إلى الصباح خوفاً من أن يتدنس بشيء من الأحلام إذا نام أو بشيء غيرها من حوادث الليل. وكان عليه أن يقرأ في ساعات الظلام سفر أيوب وسفر دانيال وسفر عزرا وسفري أخبار الأيام وإذا لم يستطع قراءتها قرأها له الشيوخ. وكانوا يجلسون الكهنة حوله لينبهوه إذا رأوه مائلاً إلى النوم فينهضونه بأيديهم ويجعلونه يمشي على البلاط البارد. ومتى حقق الكاهن الذي هو رئيس الكهنة الثلاثة عشر المعنيين لترتيب أمور الخدمة في القدس طلوع الصباح أمر بنقل الرماد عن مذبح النحاس ومتى صار وقت تقديم ذبائح الصباح قادوا الحبر الأعظم إلى المغتسل فغسل كل جسمه بأن غاص في الماء.

إِلَى ٱلْقُدْسِ المقصود بهذا القدس «قدس الأقداس» بدليل ما أتصل به من المقيدات وهي قوله «داخل الحجاب أمام الغطاء الذي على التابوت». وجاء القدس بمعنى قدس الأقداس في غير هذا الجزء من هذا الأصحاح (انظر ع 3 و16 و17 و20 و27).

أَمَامَ ٱلْغِطَاءِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلتَّابُوتِ أي لا يدخل إلى أمام الغطاء الخ (وتُرجم «الغطاء» في التوراة الإنكليزية بمجلس الرحمة وهو في الأصل العبراني «كفرة» «כפרת» ومعناها الغطاء وهي من كفر أي غطى وستر كما هو المعنى بالعربية ولعلهم سموا ذلك الغطاء بمجلس الرحمة لأن الله كان يعلن إمارات رحمته عليه). قال الفريسيون بناء على هذه الآية إن الكاهن الأعلى مع أنه غير بعيد من التابوت كان التابوت محجوباً عنه بالبخور الذي كان على الجمر المتوقد في قدس الأقداس نفسه (انظر ع 12 و13). أما الصدوقيون فرأوا أن يوضع البخور على الجمر الذي في الدار لأن عمل الخدمة لا يحسن أن يكون أمام الرب ولأن الكاهن بدون ذلك يستطيع أن يرى التابوت شيئاً.

لأَنِّي فِي ٱلسَّحَابِ أَتَرَاءَى أي لأن الرب يظهر على الغطاء أو مجلس الرحمة بين الكروبين في سحابة مضيئة تدل على حضور الرب (انظر خروج 25: 22). فما كان للكاهن أن يقرب الغطاء حتى في هذه الحال الموصوفة هنا. وأما الصدوقيون ففسروا ذلك بقولهم «إنما في سحابة البخور أرى على الغطاء»أي في مثل السحاب الصاعد عن البخور المحترق الذي يحرقه الكاهن أمام مدخل قدس الأقداس فيحجب الإله عند حضوره.

3 «بِهٰذَا يَدْخُلُ هَارُونُ إِلَى ٱلْقُدْسِ: بِثَوْرِ ٱبْنِ بَقَرٍ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ، وَكَبْشٍ لِمُحْرَقَةٍ».

عبرانيين 9: 7 و12 و24 و25 ص 4: 3

بِهٰذَا يَدْخُلُ هَارُونُ أي بالذبائح الآتية وما يتعلق بها من الرسوم يقترب من المكان الأقدس وبعد أن يكون قد قدم ذبيحة الصباح اليومية وقام بالخدمة اليومية العادية. وكان الحبر الأعظم مدة قيامه بخدمة الصباح في أيام المسيح يلبس حلة ذهبية ثم يبدلها بثياب بيضاء قبل أن يشرع في الرسوم المعيّنة لذلك اليوم.

بِثَوْرِ ٱبْنِ بَقَرٍ (زاد ابن بقر لتأكيد التعيين) كان يجب أن يكون هذا الثور ابن السنة الثانية (انظر خروج 29: 1). وكان على الكاهن أن يشتريه بفضته لأنه كان ذبيحة عن خطية نفسه فإن الكاهن الأعلى كان خاطئاً كسائر الناس محتاجاً إلى رحمة الله ومغفرته. وإذ كان في المنزلة العليا كان عليه أن يقدم ثمن الذبائح.

4 «يَلْبَسُ قَمِيصَ كَتَّانٍ مُقَدَّساً، وَتَكُونُ سَرَاوِيلُ كَتَّانٍ عَلَى جَسَدِهِ، وَيَتَنَطَّقُ بِمِنْطَقَةِ كَتَّانٍ، وَيَتَعَمَّمُ بِعِمَامَةِ كَتَّانٍ. إِنَّهَا ثِيَابٌ مُقَدَّسَةٌ. فَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ وَيَلْبَسُهَا».

خروج 28: 39 و42 و43 وص 6: 10 وحزقيال 44: 17 و18 خروج 30: 20 وص 8: 6 و7

يَلْبَسُ قَمِيصَ كَتَّانٍ مُقَدَّساً مواد الثياب الأربعة المذكورة هنا كانت من الكتان الأبيض النقي وكانت هذه الثياب الكتانية صنفين أحدهما كتان مصري والآخر كتان هندي وهذا أرخص من ذاك. وكان للكاهن أن يشتري تلك الثياب بثمن غايته ثلاثون منا (والمنا خمسون شاقل) من مال الشعب وله أن يزيد على ذلك ما شاء من ماله إن أراد أفخر الثياب. وان ذلك الكتان مبروم الخيوط كل خيط من ست قوى. وكان كتان مصر غالياً كثيراً. وكان يلبس الثياب المصنوعة من هذا الكتان الثمين حين كان يدخل قدس الأقداس ليوقد البخور. وكانت صورة أثوابه كصورة أثواب سائر الكهنة سوى أن العمامة كانت أطول قليلاً.

فَيَرْحَضُ أي يغسل. كان على الكاهن أن يغتسل كلما غيّر أثوابه.

5 «وَمِنْ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَأْخُذُ تَيْسَيْنِ مِنَ ٱلْمَعْزِ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ، وَكَبْشاً وَاحِداً لِمُحْرَقَةٍ».

ص 4: 14 وعدد 29: 11 و2أيام 29: 21 وعزرا 6: 17 وحزقيال 45: 22 و23

تَيْسَيْنِ مِنَ ٱلْمَعْزِ كان يقرب هذين التيسين عن الجماعة لأنه كان الوسيط بينهم وبين الله (بالمعنى الرمزي لأنه كان رمزاً إلى الحبر الأعظم الحقيقي الذي هو الوسيط بين الله والناس حقيقة). وكان هذان التيسان والكبش الذي ذُكر بعدهما يشتريها اليهود من مال الجماعة قبل يوم الكفارة لأنها تقدمة كفارة لجميع الخطايا. وعُرف في مدة الهيكل الثاني أن ذينك التيسين كانا متساويين في القيمة والمقدار واللون. وكانوا إذا مات أحدهما قبل يوم الكفارة أو قبل التقدمة اشتروا تيسين آخرين متساويين في ما ذُكر.

6 «وَيُقَرِّبُ هَارُونُ ثَوْرَ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلَّذِي لَهُ، وَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ».

ص 9: 6 وعبرانيين 5: 2 و7: 27 و28 و9: 7

وَيُقَرِّبُ هَارُونُ أي يأتي به إلى القرب كما تفيد الكلمة لغة (انظر ع 9 و11) لأن التقريب بمعنى الذبح كان على أثر ذلك بعد إلقاء القرعتين كما ذُكر في (ع 11).

عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ أي كفارة لخطاياه وخطايا أهله وأولاده وسائر الكهنة لأنهم كلهم أبناء هارون. وكان هذا الرسم مقدساً جداً في مدة الهيكل الثاني وكان يقف الكاهن الأعلى حذاء الذبيحة التي بين الرواق وجهة المذبح الشرقية وهو في الثياب البيضاء ووجهه إلى المغرب ويضع يديه على الذبيحة ويعترف بخطاياه أمام الله بصوت مسموع ويتلو الشعب ما يقوله على الأثر وهو أيها الرب إني قد خطئت وأثمت وعصيت أمامك أنا وبيتي فيا رب أسألك أن تغفر (أو تكفر) خطاياي وآثامي ومعاصي التي ارتكبتها أمامك أنا وبيتي بناء على ما كُتب في ناموس موسى عبدك لأنه في ذلك اليوم يكفر عنكم ويغسلكم من كل خطاياكم. فيقول الشعب «مبارك اسم ملكوته الجديد إلى الدهر والأبد». ثم يكرر الكاهن الاعتراف ذاكراً فيه أولاد هارون شعب الله المقدس (انظر ع 11 والتفسير).

7 «وَيَأْخُذُ ٱلتَّيْسَيْنِ وَيُوقِفُهُمَا أَمَامَ ٱلرَّبِّ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ».

وَيَأْخُذُ ٱلتَّيْسَيْنِ كان الكاهن في تقديمه ذبيحة الخطية عن نفسه يساعده كاهنان رئيسان فيأتي هو إلى شمالي المذبح ويقف أحد الكاهنين وهو أرفعهما وثاني الحبر الأعظم على يمينه ويقف الآخر وهو كاهن من رؤوس الآباء (1أيام 24: 6) على شماله ويوجهوا وجهي التيسين إلى الغرب حيث قدس الأقداس وتجلي المجد والعظمة الإلهية على طريق خاصة.

8 «وَيُلْقِي هَارُونُ عَلَى ٱلتَّيْسَيْنِ قُرْعَتَيْنِ: قُرْعَةً لِلرَّبِّ وَقُرْعَةً لِعَزَازِيلَ».

وَيُلْقِي هَارُونُ عَلَى ٱلتَّيْسَيْنِ قُرْعَتَيْنِ كانوا يلقون القرعة بلوحين صغيرين من البقس أو الأبنوس وكانا في مدة الهيكل الثاني من الذهب يُحفظان في صندوق من الخشب مكتوب على أحدهما بالحفر «للرب» (ليهواه) وعلى الآخر «لعزازيل». وكان الكاهن الأعظم بعد أن يهز الصندوق يضع يديه فيه من دون أن يرى اللوحين ويأخذ بكل منهما لوحاً ويضع اللوح الذي في يمناه على التيس الذي في الجانب الأيمن واللوح الذي في يسراه على التيس الذي في الجانب الأيسر. فإذ كان اللوح المكتوب عليه «للرب» في يمناه قال الكاهن الرئيس الذي على يمناه «ارفع يمينك إلى العلى». وإذا كان ذلك اللوح في يسراه قال الكاهن الرئيس الذي من رؤوس الآباء الواقف على يسراه «ارفع يسراك». وعندما يضع الكاهن اللوحين على التيسين يقول «للرب ذبيحة خطية».

وَقُرْعَةً لِعَزَازِيلَ لم يُذكر عزازيل في سوى هذا الأصحاح والمرجح أن معناه الشيطان المعزول أو المنفي رئيس الأرواح الشريرة الذي يشغل مع جنوده الأماكن الخربة والمواضع المهجورة (قابل بهذا ما في إشعياء 13: 21 و36: 14 ومتّى 12: 43 ولوقا 11: 24 ورؤيا 18: 2). فإنه كثيراً ما عبر عن مغفرة الخطايا في الكتاب المقدس بإبعادها إلى أقاصي الأرض وإلى أعماق البحار (ميخا 7: 19 ومزمور 103: 12). ولا شيء يؤثر في الشعب مثل إدراكهم المغفرة المطلقة بإرسال التيس حاملاً خطاياهم إلى البرية حيث يسكن رئيس الظلمة فيحمل الخطايا إلى أصل كل خطيئة.

9 «وَيُقَرِّبُ هَارُونُ ٱلتَّيْسَ ٱلَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ ٱلْقُرْعَةُ لِلرَّبِّ وَيَعْمَلُهُ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ».

وَيُقَرِّبُ هَارُونُ ٱلتَّيْسَ ٱلَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ ٱلْقُرْعَةُ لِلرَّبِّ كان يجب تقدمة هذا التيس وإرسال تيس عزازيل على أثر إلقاء القرعة وكان يميز كل منهما عن الآخر بعلامة فكانت علامة الذي للرب خيطاً أحمر من الصوف يوضع في رقبته وعلامة الذي لعزازيل خيطاً قرمزياً يُربط به رأسه أو قرناه.

وَيَعْمَلُهُ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ أي يعيّن أنه هو ذبيحة الخطية (انظر ع 6) ويذبحه بعد لفظه العبارة المتعلقة بالتقدمة على ما عرفت (انظر تفسير ع 6).

10 «وَأَمَّا ٱلتَّيْسُ ٱلَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ ٱلْقُرْعَةُ لِعَزَازِيلَ فَيُوقَفُ حَيّاً أَمَامَ ٱلرَّبِّ، لِيُكَفِّرَ عَنْهُ لِيُرْسِلَهُ إِلَى عَزَازِيلَ إِلَى ٱلْبَرِّيَّةِ».

1يوحنا 2: 2

وَأَمَّا ٱلتَّيْسُ ٱلَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ ٱلْقُرْعَةُ لِعَزَازِيلَ وهو الذي علامته خيط قرمزي مربوط به رأسه أو قرناه فكانوا يرسلونه من موقفه إلى حيث الشيطان بعد أن يوقفوه حياً أمام مسكن الرب.

لِيُكَفِّرَ عَنْهُ أي ليقدسه ليكون موافقاً للعمل المقدس الذي قام به وهو نقله الخطايا إلى علة كل خطية وإثم وهو رئيس الأرواح الخبيثة (انظر ع 16 و18).

11 «وَيُقَدِّمُ هَارُونُ ثَوْرَ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلَّذِي لَهُ وَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ، وَيَذْبَحُ ثَوْرَ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلَّذِي لَهُ».

وَيُقَدِّمُ هَارُونُ ثَوْرَ ٱلْخَطِيَّةِ كان عليه بعد أن يقدّم الثور ذبيحة خطية عن نفسه وأحد التيسين عن خطايا الشعب وإرسال التيس الآخر إلى عزازيل (ع 7 - 10) أن يرجع إلى ذبيحة الخطية عن نفسه ثانية ويضع يديه أيضاً على الذبيحة ويكرر الاعتراف بخطاياه وخطايا بيته وكل الكهنة كما ذُكر في (ع 6).

وَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ فيكفر عن نفسه أولاً ثم يكفر عن الشعب (قابل هذا بما في عبرانيين 5: 3 و9: 7).

وَيَذْبَحُ ثَوْرَ ٱلْخَطِيَّةِ كان على الحبر الأعظم إذا قدّم ذبيحة الخطية عن نفسه أن يذبحها بيده كما يفعل العامي ولا يجوز له أن يكل ذلك إلى غيره (انظر ص 1: 5) ويأخذ الدم في إناء الرش ويعطيه كاهناً آخر يضربه لكي لا يجمد في أثناء التبخير.

12 «وَيَأْخُذُ مِلْءَ ٱلْمَجْمَرَةِ جَمْرَ نَارٍ عَنِ ٱلْمَذْبَحِ مِنْ أَمَامِ ٱلرَّبِّ، وَمِلْءَ رَاحَتَيْهِ بَخُوراً عَطِراً دَقِيقاً وَيَدْخُلُ بِهِمَا إِلَى دَاخِلِ ٱلْحِجَابِ».

ص 10: 1 وعدد 16: 18 و46 ورؤيا 8: 5 خروج 30: 34

وَيَأْخُذُ مِلْءَ ٱلْمَجْمَرَةِ جَمْرَ نَارٍ كان الكاهن بعد أن يذبح الثور وقبل أن يرش دمه يأخذ مجمرة من ذهب ويملأها جمر نار ويأخذ النار من نار المذبح الدائمة أي نار مذبح النحاس على القرب من جهة قدس الأقداس ويتقدم إلى تابوت العهد حيث مسكن الرب وهذا معنى قوله «أمام الرب».

وَمِلْءَ رَاحَتَيْهِ بَخُوراً ومتى أخذ ملء راحتيه من البخور النقي وأمسك بيمناه المجمرة وبيسراه القدح الذي فيه البخور يدخل إلى وراء حجاب قدس الأقداس الثاني ويدنو من تابوت العهد ويضع المجمرة بين لوحيه. وكان الكاهن الأعلى في مدة الهيكل الثاني يقف وراء حجر أُقيم مقام التابوت ويضع المجمرة عليه.

13 «وَيَجْعَلُ ٱلْبَخُورَ عَلَى ٱلنَّارِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ، فَتُغَشِّي سَحَابَةُ ٱلْبَخُورِ ٱلْغِطَاءَ ٱلَّذِي عَلَى ٱلشَّهَادَةِ فَلاَ يَمُوتُ».

خروج 30: 1 و7 و8 وعدد 16: 7 و18 و46 ورؤيا 8: 3 و4 خروج 25: 21

وَيَجْعَلُ ٱلْبَخُورَ كان الكاهن الأعلى يضع البخور على الجمر الذي في المجمرة في قدس الأقداس ويبقى هنالك حتى يمتلئ المكان بدخان البخور ويحيط بالغطاء والكروبين ثم يترك قدس الاقداس ويخرج ووجهه نحو المكان المقدس ومتى خرج من وراء الحجاب الثاني وبلغ القدس فاه بالصلاة الآتية وهي ما ترجمته «لترض أيها الرب إلهي أن تكون هذه السنة سنة مطر وخصب وأن لا يموت رؤساء بيت يهوذا ولا يكون شعبك في حاجة لكي لا يسأل الخبز إلى آخر أو إلى الغرباء ولا تسمع صلاة المسافرين» (لأنهم يسألون الله أن يمسك المطر).

14 «ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْ دَمِ ٱلثَّوْرِ وَيَنْضِحُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى وَجْهِ ٱلْغِطَاءِ إِلَى ٱلشَّرْقِ. وَقُدَّامَ ٱلْغِطَاءِ يَنْضِحُ سَبْعَ مَرَّاتٍ مِنَ ٱلدَّمِ بِإِصْبِعِهِ».

ص 4: 5 وعبرانيين 9: 13 و25 و10: 4 ص 4: 6

يَأْخُذُ مِنْ دَمِ ٱلثَّوْرِ عندما يترك القدس ويرجع إلى الدار حيث وقف الكاهن بالإناء الذي فيه دم العجل يضربه لكي لا يجمد (انظر تفسير ع 11) فيأخذه الحبر الأعظم ويرجع إلى قدس الأقداس إلى حيث وقف أولاً.

وَيَنْضِحُ بِإِصْبِعِهِ كان الكاهن الأعظم في مدة الهيكل الثاني يرش مرة إلى فوق وسبع مرات إلى تحت حتى تصير النقط الثماني خطاً متصلاً على الأرض وكان عليه أن يعد قطرات الدم على التوالي فيقول واحد اثنان ثلاثة الخ خوفاً من أن يغلط.

15 «ثُمَّ يَذْبَحُ تَيْسَ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلَّذِي لِلشَّعْبِ، وَيَدْخُلُ بِدَمِهِ إِلَى دَاخِلِ ٱلْحِجَابِ. وَيَفْعَلُ بِدَمِهِ كَمَا فَعَلَ بِدَمِ ٱلثَّوْرِ: يَنْضِحُهُ عَلَى ٱلْغِطَاءِ وَقُدَّامَ ٱلْغِطَاءِ».

عبرانيين 2: 17 و5: 2 و9: 7 و29 ع 2 وعبرانيين 6: 19 و9: 3 و7 و12

ثُمَّ يَذْبَحُ تَيْسَ ٱلْخَطِيَّةِ كان الكاهن الأعظم على أثر عمل الاستغفار لنفسه وللكهنة الذي يتم برش الدم يترك قدس الأقداس على أسلوب تركه إياه قبلاً (انظر تفسير ع 13) ويضع إناء الدم على مستقر من ذهب في الهيكل معد لهذا المقصد ويرجع إلى الدار إلى مذبح البخور ويذبح التيس على الجانب الشمالي من المذبح الذي وقعت عليه القرعة للرب والذي كان تقدمة خطية عن الشعب وكما فعل في تقدمة الثور عن نفسه يفعل في هذه فيجمع الدم في إناء ويدخل به قدس الأقداس ثالثة ويقف على الموضع الذي وقف عليه أولاً ويرش ويحسب كا ذُكر في تفسير (ع 14) ويرجع إلى القدس ويضع الإناء على مستقر آخر.

16 «فَيُكَفِّرُ عَنِ ٱلْقُدْسِ مِنْ نَجَاسَاتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمِنْ سَيِّئَاتِهِمْ مَعَ كُلِّ خَطَايَاهُمْ. وَهٰكَذَا يَفْعَلُ لِخَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ ٱلْقَائِمَةِ بَيْنَهُمْ فِي وَسَطِ نَجَاسَاتِهِمْ».

خروج 29: 36 وحزقيال 45: 19 وعبرانيين 9: 22 و23

فَيُكَفِّرُ عَنِ ٱلْقُدْسِ إن آثام الإسرائيليين مدة السنة لم تقتصر على تنجيسهم بل نجست القدس وآنيته لأنها بينهم ولذلك كان الحبر الأعظم مدة الهيكل الثاني يمزج دم الثور بدم التيس ويخرج إلى القدس للنظر في أمره وتقديسه.

وَهٰكَذَا يَفْعَلُ لِخَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ بعد أن يقدس القدس كانت تقدس الخيمة أو دار القدس التي يجتمع فيها الإسرائيليون أي ان الكاهن الأعظم نفسه كان يرش الدم على الدار ومذبح المحرقة ثماني مرات وذلك الدم الذي يرشه دم الثور ودم التيس.

17 «وَلاَ يَكُنْ إِنْسَانٌ فِي خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ مِنْ دُخُولِهِ لِلتَّكْفِيرِ فِي ٱلْقُدْسِ إِلَى خُرُوجِهِ. فَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ وَعَنْ كُلِّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ».

خروج 34: 3 ولوقا 1: 10

وَلاَ يَكُنْ إِنْسَانٌ الخ لما كان الكاهن الأعظم يأخذ في التطهير لم يكن يؤذن لغيره من الإسرائيليين والكهنة أنفسهم أن يكون حاضراً. فكان ذلك الكاهن وحده في القدس فلم يره أحد كيف يجري رسم التطهير. وكان يأتي ذلك في مساء يوم الكفارة ويستحلفه الكهنة الرؤساء وأعضاء السنهدريم على أنه لا يترك شيئاً من الرسوم المكتوبة والمتواترة في ذلك العمل. وهذه صورة القسَم أو الاستحلاف (نستحلفك بمن أسكن اسمه في بيته أنك لا تغير شيئاً من كل ما نقوله لك). وفي هذا إشارة إلى الخلاف بين الفريسيين والصدوقيين لأن بعض رؤساء الكهنة كانوا من الصدوقيين (انظر ع 2).

18 «ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى ٱلْمَذْبَحِ ٱلَّذِي أَمَامَ ٱلرَّبِّ وَيُكَفِّرُ عَنْهُ. يَأْخُذُ مِنْ دَمِ ٱلثَّوْرِ وَمِنْ دَمِ ٱلتَّيْسِ وَيَجْعَلُ عَلَى قُرُونِ ٱلْمَذْبَحِ مُسْتَدِيراً».

خروج 30: 10 و2 4: 7 و18 وعبرانيين 9: 22 و23

ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى ٱلْمَذْبَحِ قال علماء الناموس في زمن الهيكل الثاني أن المقصود بهذا المذبح مذبح الذهب أو مذبح البخور في القدس تجاه قدس الأقداس لأن هذا التكفير كان مرة في السنة في ذلك اليوم (انظر خروج 30: 10). ومن ثم كان يطهر ثانية ويشرع في تطهيره من الزاوية الشمالية الشرقية ثم يذهب إلى الشمالية الغربية ثم إلى الجنوبية الغربية ثم إلى الجنوبية الشرقية (وكان على كل زاوية قرن ولهذا جاء في المتن القرون بدل الزوايا).

19 «وَيَنْضِحُ عَلَيْهِ مِنَ ٱلدَّمِ بِإِصْبِعِهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَيُطَهِّرُهُ وَيُقَدِّسُهُ مِنْ نَجَاسَاتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ».

حزقيال 43: 20

يَنْضِحُ يرش بإصبعه اليمنى سبع مرات على منتصف المذبح أو على رأسه ويصب ما بقي على الجانب الغربي والجنوب الغربي من المذبح وكان ذلك المصبوب يجري في قناة إلى وادي قدرون.

20 «وَمَتَى فَرَغَ مِنَ ٱلتَّكْفِيرِ عَنِ ٱلْقُدْسِ وَعَنْ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ وَعَنِ ٱلْمَذْبَحِ، يُقَدِّمُ ٱلتَّيْسَ ٱلْحَيَّ».

ع 16 وحزقيال 45: 20

وَمَتَى فَرَغَ أي متى أكمل بالتكفير عن نفسه وسائر الكهنة والقدس وأنيته أُتي بالتيس الذي لعزازيل وهو التيس الذي في الدار أمام الرب إلى الكاهن ليكمل التفكير عن بني إسرائيل.

21 «وَيَضَعُ هَارُونُ يَدَيْهِ عَلَى رَأْسِ ٱلتَّيْسِ ٱلْحَيِّ وَيُقِرُّ عَلَيْهِ بِكُلِّ ذُنُوبِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكُلِّ سَيِّئَاتِهِمْ مَعَ كُلِّ خَطَايَاهُمْ، وَيَجْعَلُهَا عَلَى رَأْسِ ٱلتَّيْسِ، وَيُرْسِلُهُ بِيَدِ مَنْ يُلاَقِيهِ إِلَى ٱلْبَرِّيَّةِ».

إشعياء 53: 6

وَيَضَعُ هَارُونُ يَدَيْهِ إشارة إلى أنه مقدم على الكهنة والعامة.

وَيُقِرُّ عَلَيْهِ بِكُلِّ ذُنُوبِ كان هذا الاعتراف في مدة الهيكل الثاني هكذا «أيها الرب إن شعبك آل إسرائيل قد خطئ وأثم وعصى كما هو مكتوب في شريعة عبدك موسى» (ص 16: 30) يقوله الحبر الأعظم ومتى فرغ منه قال الواقفون في الدار من الكهنة والشعب «مبارك اسم ملكوته المجيد إلى الدهر والأبد» (أو إلى أبد الآبدين).

يَجْعَلُهَا عَلَى رَأْسِ ٱلتَّيْسِ فبذلك ينقل خطايا إسرائيل إلى ذلك التيس ويلتفت إلى الشعب ويقول قد غُفر لكم (أو إنكم طاهرون).

يُرْسِلُهُ بِيَدِ مَنْ يُلاَقِيهِ كان يُرسل ذلك التيس الحامل الخطايا مع رجل معيّن يسبقه أو يقوده إلى البرية مكسن عزازيل فيرد إليه الخطايا التي ارتكبها الشعب في مدة السنة. وقوله «من يلاقيه» يسبق منه إلى الذهن أي إنسان اتفق أن يلاقيه والمقصود الإنسان المعيّن الذي يلاقيه.

22 «لِيَحْمِلَ ٱلتَّيْسُ عَلَيْهِ كُلَّ ذُنُوبِهِمْ إِلَى أَرْضٍ مُقْفِرَةٍ، فَيُطْلِقُ ٱلتَّيْسَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ».

إشعياء 53: 11 و12 ويوحنا 1: 29 وعبرانيين 9: 28 و1بطرس 2: 24

أَرْضٍ مُقْفِرَةٍ أي لا ساكن فيها من الناس.

ٱلْبَرِّيَّةِ هي الأرض المقفرة (اظهر في موضع الإضمار لأن مقتضى الظاهر أن يقول «في أرض مقفرة» يطلق التيس فيها فبدل الظاهر من الضمير للتقرير والتمكين) وأراد بها التي لا يسكنها سوى الأرواح النجسة. والذي يظهر من الآية في بادئ الأمر أن يترك التيس يذهب إلى البرية بنفسه. والذي عُرف مما قاله علماء الناموس في مدة الهيكل الثاني أن ذلك التيس كان يؤخذ إلى البرية ويُقتل. وكان الذي يقوده إلى القفر كاهناً معيناً يأخذه إلى صخرة في القفر اسمها عندهم «زك» وكانت تبعد نحو اثني عشر ميلاً عن أورشليم. وبين تلك الصخرة والمدينة المقدسة عشرة أكواخ أو خيم بين كل والآخر مسافة ميل وبين المدينة والأول ميل وبين الصخرة والآخر ميل أيضاً. وكان في كل كوخ إنسان يرافق قائد التيس من كوخه إلى الكوخ الأخير إلى الصخرة ولكن كان يراقبه سكان ذلك الكوخ ليروا هل يقوم برسوم الشريعة في ذلك. وكانت تلك الصخرة على جبل فكان متى وصل إليها قطع الخيط أو الحبل القرمزي الذي كان رباط التيس قطعتين متساويتين يربط إحداهما إلى الصخرة ويربط بالأخرى قرني التيس ويدفعه من الصخرة على سفح الجبل إلى الحضيض فيبلغ الحضيض قطعاً. ومتى تم ذلك لوّح من في الكوخ الآخر أي الذي هو أقرب إلى الصخرة بنسيجه من الكتان أو راية بيضاء للكوخ المجاور وذاك بمثل ذلك للكوخ الآخر وهلم جراً إلى أن يرى التلويح الكاهن الواقف في دار الهيكل وكان ذلك أنباء بأنه تم على التيس ما عُيّن له.

23 «ثُمَّ يَدْخُلُ هَارُونُ إِلَى خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ وَيَخْلَعُ ثِيَابَ ٱلْكَتَّانِ ٱلَّتِي لَبِسَهَا عِنْدَ دُخُولِهِ إِلَى ٱلْقُدْسِ وَيَضَعُهَا هُنَاكَ».

حزقيال 42: 14 و44: 19

يَدْخُلُ... إِلَى خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ هذه مرة رابعة لدخول الحبر الأعظم قدس الأقداس في يوم الكفارة. ويدخله حينئذ ليرفع المبخرة وإناء البخور من حيث تركها (انظرع 12). وكان عليه قبل أن يأتي ذلك أن يغتسل وأن يخلع ثيابه ويلبس ثياباً بيضاء وكان ذلك من ضروريات الرسوم. وهذا كان آخر أعمال الخدمة التي يأتيها الحبر الأعظم في يوم الكفارة وهو في الثياب البيضاء.

يَضَعُهَا هُنَاكَ كانت تلك الثياب توضع في مخدع في القدس وما كان للكاهن أن يلبسها أيضاً.

24 «وَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ فِي مَكَانٍ مُقَدَّسٍ، ثُمَّ يَلْبَسُ ثِيَابَهُ وَيَخْرُجُ وَيَعْمَلُ مُحْرَقَتَهُ وَمُحْرَقَةَ ٱلشَّعْبِ، وَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنِ ٱلشَّعْبِ».

ع 3 و5

يَرْحَضُ جَسَدَهُ أي يغطس أو يغمس كل جسده في الماء. وكان المغطس أو المغاص على سطح النباء المعيّن لذلك في جوار المسكن المقدس. وكان على ما عُرف من أقوال علماء الناموس والخدمة الكهنوتية في مدة الهيكل الثاني أن هذا العمل يسبق العمل المذكور في الآية السابقة. وكان الحبر الأعظم يقدّم قربان المحرقة عن نفسه وعن الشعب وهو في ثياب مذهبة. وكان يخلع هذه الثياب ويلبس الحلة البيضاء حين يريد الدخول إلى قدس الأقداس ليرفع المبخرة وإناء البخور. وكان يقدم كبشاً من ماله أولاً ثم الكبش الذي يأتي به الشعب ويقدم آخر الكل الذي للشعب وخرافهم الحولية السبعة (قابل بهذا ما في عدد 29: 8).

25 «وَشَحْمُ ذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ يُوقِدُهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ».

ص 4: 10

وَشَحْمُ ذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ أي شحم أحشاء الثور (انظر ع 6) وشحم أحشاء التيس (انظر ع 15) اللذين هما ذبيحة الخطية. وكذلك كان شحم التيس الذي كان ذبيحة خطية عن الكاهن يحرق على مذبح النحاس في ساحة الدار (انظر ص 4: 8 - 10).

26 «وَٱلَّذِي أَطْلَقَ ٱلتَّيْسَ إِلَى عَزَازِيلَ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ، وَبَعْدَ ذٰلِكَ يَدْخُلُ إِلَى ٱلْمَحَلَّةِ».

ص 15: 5

ٱلَّذِي أَطْلَقَ ٱلتَّيْسَ إِلَى عَزَازِيلَ لأن الذي يقود التيس الحامل الخطايا إلى منشئها يتدنس بما يحمله ذلك التيس من الآثام فوجب أن يغسل ثيابه ويغمس كل جسده في الماء قبل أن يدخل المحلة. وكان في مدة الهيكل الثاني يبقى في الكوخ أو الخيمة البعيدة مسافة ميل عن أورشليم إلى المساء ثم يدخل المحلة.

27 «وَثَوْرُ ٱلْخَطِيَّةِ وَتَيْسُ ٱلْخَطِيَّةِ ٱللَّذَانِ أُتِيَ بِدَمِهِمَا لِلتَّكْفِيرِ فِي ٱلْقُدْسِ يُخْرِجُهُمَا إِلَى خَارِجِ ٱلْمَحَلَّةِ، وَيُحْرِقُونَ بِٱلنَّارِ جِلْدَيْهِمَا وَلَحْمَهُمَا وَفَرْثَهُمَا».

ص 4: 12 و21 و6: 30 وعبرانيين 13: 11

ثَوْرُ ٱلْخَطِيَّةِ وَتَيْسُ ٱلْخَطِيَّةِ أي جثث البهائم التي كانت تقدم ذبيحة خطية عن الكهنة والشعب (ع 5 و6 و9 و11) التي كان يدخل الحبر الأعظم بدمائها إلى قدس الأقداس (انظر ع 14 و15 وص 4: 11 و12).

يُخْرِجُهُمَا كان الذين يخرجونها في مدة الهيكل الثاني أربعة رجال يحملونها على عصوين ويطرحونها على محرق خارج أورشليم (انظر ص 4: 11). وعلى ذلك جاء في الترجوم الفلسطيني «يخرجهما أيدي الكهنة الشبان على العصوين». وكان الكاهن يأتي هذا العمل على أثر إرسال التيس إلى عزازيل كما ظهر من الآية. وكان الكاهن يقرأ رسوم الكفارة على أثر إحراق الجثث خارج أورشليم الفصول المعيّنة في دار النساء وهي (لاويين 23: 26 وعدد 29: 7 - 11) على مسمع الجماعة ويكون الجميع وقوفاً ويلفظ في نهاية القراءة بالبركة ثمانية أشياء (1) الشريعة الإلهية و(2) الخدمة العامة و(3) الاعتراف و(4) مغفرة الخطايا و(5) أورشليم و(6) الهيكل و(7) إسرائيل و(8) الكهنوت.

28 «وَٱلَّذِي يُحْرِقُهُمَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ، وَبَعْدَ ذٰلِكَ يَدْخُلُ إِلَى ٱلْمَحَلَّةِ».

ٱلَّذِي يُحْرِقُهُمَا أي الذي يحملهما ويحرقهما يتنجس بالخطايا التي حملاها فوجب أن يغسل ثيابه ويغتسل.

29 «وَيَكُونُ لَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً أَنَّكُمْ فِي ٱلشَّهْرِ ٱلسَّابِعِ فِي عَاشِرِ ٱلشَّهْرِ تُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ، وَكُلَّ عَمَلٍ لاَ تَعْمَلُونَ: ٱلْوَطَنِيُّ وَٱلْغَرِيبُ ٱلنَّازِلُ فِي وَسَطِكُمْ».

ص 23: 27 وعدد 29: 7 وإشعياء 58: 3 و5 ودانيال 10: 3 و12

فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً أي أمر يجب على الإسرائيليين مراعاته ما داموا. والمقصود بهذه الفريضة الأبدية ما في هذه الآية والتي بعدها.

ٱلشَّهْرِ ٱلسَّابِعِ فِي عَاشِرِ ٱلشَّهْرِ وهو الشهر المسمى عندهم تشري الموافق لأيلول عندنا. وهو شهر الاحتفالات العظيمة ففي اليوم الأول منه احتفال الهتاف بالبوق (ص 23: 24) والعاشر منه يوم الكفارة والرابع عشر منه عيد المظال ومدته ثمانية أيام.

تُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ يظهر من نبوءة إشعياء أن المقصود بتذليل النفس الصوم (إشعياء 58: 3 و5 و10). وقد أوضح المرنم ذلك أحسن إيضاح بقوله «أذللت بالصوم نفسي» (مزمور 35: 13). وهذا هو الصوم العام الوحيد الذي سُنّ في شريعة موسى. وكانوا يعتزلون فيه الطعام والشراب وغسل الرأس ودهنه والعلاقات الزوجية ولبس الأحذية وكل ما يدل على الفرح على ما عُرف في مدة الهيكل الثاني. وكان على من أكل أو شرب سهواً أن يقدم ذبيحة خطية وإذا أكل ولو تمرة أو شرب ولو نغبة عمداً دنّس الشريعة ووجب قطعه. وكانت مدة هذا الصوم من المساء إلى المساء. ولا يزال اليهود يصومونه كذلك إلى هذا اليوم. وكان يُعفى منه المرضى من النساء والأولاد. وهذا هو الصيام الذي أُشير إليه في أعمال الرسل (أعمال 27: 9). وقد وُجد في حواشي بعض نسخ سفر الأعمال على قوله «إذ كان الصوم» ما معناه «وهو الصوم في اليوم العاشر من الشهر السابع» (لاويين 23: 27 و29) وقد نهى المسيح تلاميذه عن إتيان الصوم على ما ذُكر فقال «وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَٱدْهُنْ رَأْسَكَ وَٱغْسِلْ وَجْهَكَ» (متّى 6: 17) لأن ذلك لم يكن من شريعة الله بل من مختارات علماء الناموس.

كُلَّ عَمَلٍ لاَ تَعْمَلُونَ كان ذلك اليوم كيوم السبت في أنه لا يجوز أن يعمل فيه لكن كان عقاب من يعمل في السبت الرجم ومن يعمل في هذا اليوم القطع.

ٱلْغَرِيبُ ٱلنَّازِلُ فِي وَسَطِكُمْ المقصود بهذا الغريب من هاد من الأمم والتصق بالإسرائيليين (انظر خروج 12: 19 و10: 10 والتفسير).

30 «لأَنَّهُ فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ يُكَفِّرُ عَنْكُمْ لِتَطْهِيرِكُمْ. مِنْ جَمِيعِ خَطَايَاكُمْ أَمَامَ ٱلرَّبِّ تَطْهُرُونَ».

مزمور 51: 2 وإرميا 33: 8 وأفسس 5: 26 وعبرانيين 9: 13 و14 و10: 1 و2 و1يوحنا 1: 7 و9

يُكَفِّرُ الفاعل مستتر ضمير يرجع إما إلى الكاهن وإما إلى الرب والأرجح الأول.

تَطْهُرُونَ كانوا يطهرون من الخطايا التي ارتكبوها أمام الرب وأما الخطايا التي كانوا يرتكبونها إلى الناس فما كانت تُغفر في يوم الكفارة ما لم يكونوا قد أرضوا من أخطأوا إليه ونالوا مغفرته. وكل من كان يرتكب الخطايا بناء على أنها تُغفر له في يوم الكفارة لم يكن يُغفر له في ذلك اليوم.

31 «سَبْتُ عُطْلَةٍ هُوَ لَكُمْ، وَتُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً».

ص 23: 31 و32

سَبْتُ عُطْلَةٍ هُوَ لَكُمْ أي راحة بترك الأعمال وترجم بعضهم الأصل العبراني بسبت السبوت أو راحة الراحات والمقصود الراحة الكاملة وجاءت هذه العبارة ست مرات استُعملت لليوم السابع من الأسبوع (خروج 16: 23 و31: 15 و35: 2 ولاويين 23: 3). وليوم الكفارة (ص 16: 31 و23: 32) وللسنة السبتية وليوم اليوبيل ولم تُستعمل لعيد آخر.

32 «وَيُكَفِّرُ ٱلْكَاهِنُ ٱلَّذِي يَمْسَحُهُ، وَٱلَّذِي يَمْلأُ يَدَهُ لِلْكَهَانَةِ عِوَضاً عَنْ أَبِيهِ. يَلْبَسُ ثِيَابَ ٱلْكَتَّانِ، ٱلثِّيَابَ ٱلْمُقَدَّسَةَ».

ص 4: 3 و5 و16 خروج 29: 29 و30 وعدد 20: 26 و28 ع 4

ٱلَّذِي يَمْسَحُهُ أي الذي يخلفه بواسطة المسحة أي الذي يمسحه الكاهن الأعظم فيكون خليفة له وهو ابنه.

يَمْلأُ يَدَهُ أي يغنيه بميراث الكهنوت لأن الكاهن من أبناء الكهنة يرث أباه. وما كان لابن رئيس الكهنة أي الكاهن الأعلى أن يرث أباه ما لم تكن صفاته حسنة وجسده بلا عيب. وكان الحاكمون بذلك المشائخ أي النواب عن الشعب في المجمع المعروف بالسنهدريم.

ثِيَابَ ٱلْكَتَّانِ هي ثياب الحبر الأعظم المقدسة فيرث لبسها كما يرث الكهنوت.

33 «وَيُكَفِّرُ عَنْ مَقْدِسِ ٱلْقُدْسِ. وَعَنْ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ وَٱلْمَذْبَحِ يُكَفِّرُ. وَعَنِ ٱلْكَهَنَةِ وَكُلِّ شَعْبِ ٱلْجَمَاعَةِ يُكَفِّرُ».

ع 6 و16 و17 و18 و24

يُكَفِّرُ كما كفّر هارون وكما فُصل في هذا الأصحاح.

34 «وَتَكُونُ هٰذِهِ لَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً لِلتَّكْفِيرِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُمْ مَرَّةً فِي ٱلسَّنَةِ. فَفَعَلَ كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى».

ص 23: 31 وعدد 29: 7 الخ خروج 30: 10 وعبرانيين 9: 7 و25

فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً (انظر ع 29 وتفسيره). وجاءت هذه العبارة ثلاث مرات في أربع آيات (انظر ع 29 - 34).

فَفَعَلَ أي هارون.

كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى أي قام بكل الرسوم والأعمال الكهنوتية التي أعلنها الرب لبني إسرائيل بواسطة نبيه موسى لتقوم الكهنة بها. وجاء مثل هذه العبارة في الكلام على الفصح (خروج 12: 5). ولهذا قال الله لموسى «كلم هارون أخاك الخ» في أول الأصحاح (ع 1 و2) فكان المهم في هذا أن يخضع الكهنة لكل ما أمر به الله مما يتعلق بالكهنوت وهو ما أعلنه الرب لموسى.

اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ عَشَرَ

1 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

قَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى بعد أن قُرر أمر يوم الكفارة كما فُصلت متعلقاته أخذ يبين قانون كل يوم من أيام الحياة الدينية.

2 «قُلْ لِهَارُونَ وَبَنِيهِ وَجَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: هٰذَا هُوَ ٱلأَمْرُ ٱلَّذِي يُوصِي بِهِ ٱلرَّبُّ».

وَجَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ قوله «جميع بني إسرائيل» أول عبارة وردت هنا لم يسبق لها نظير في ما مر من التوراة. فإن الله خاطب:

  1. موسى وحده لكي يكلم غيره به (ص 5: 14 و20 و6: 12 و8: 1 و14: 1).

  2. أمر موسى أن يكلم هارون (ص 16: 1)

  3. أمر موسى أن يكلم هارون وبنيه (ص 6: 1 و17).

  4. أمره أن يكلم بني إسرائيل (ص 1: 1 و4: 1 و7: 28 و12: 1).

  5. أمر موسى وهارون معاً أن يكلما بني إسرائيل (ص 11: 1 و15: 1).

  6. كلم هارون وحده (ص 10: 8).

  7. كلم هنا موسى وحده وأمره أن يكلم هارون وبنيه وجميع بني إسرائيل أيضاً. ويصح أنه أراد بالجميع الشيوخ الذين هم نواب الشعب كله. فكان الكهنة والعامة في هذا الأمر سواء. وجاءت هذه العبارة في موضعين بعد هذا الموضع (انظر ص 21: 24 و22: 18).

هٰذَا هُوَ ٱلأَمْرُ الخ أي الشيء. زاد الله هذه العبارة هنا لموسى لكي يبين بها أهمية الشريعة. وجاءت في عدة مواضع لمثل هذه الغاية (انظر خروج 16: 16 و35: 4 ولاويين 8: 5 و9: 6 وعدد 30: 2 و36: 6).

3، 4 «3 كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ يَذْبَحُ بَقَراً أَوْ غَنَماً أَوْ مِعْزىً فِي ٱلْمَحَلَّةِ، أَوْ يَذْبَحُ خَارِجَ ٱلْمَحَلَّةِ، 4 وَإِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ لاَ يَأْتِي بِهِ لِيُقَرِّبَ قُرْبَاناً لِلرَّبِّ أَمَامَ مَسْكَنِ ٱلرَّبِّ، يُحْسَبُ عَلَى ذٰلِكَ ٱلإِنْسَانِ دَمٌ. قَدْ سَفَكَ دَماً. فَيُقْطَعُ ذٰلِكَ ٱلإِنْسَانُ مِنْ شَعْبِهِ».

تثنية 12: 5 و21 تثنية 12: 5 و6 و13 و14 رومية 5: 13 تكوين 17: 14

لاَ يَأْتِي بِهِ أي من لا يأتي به إلى المكان الذي تُذبح فيه الذبائح ويقدمه ذبيحة سلامة للرب يجازي بالقطع من الشعب.

5 «لِكَيْ يَأْتِيَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِذَبَائِحِهِمِ ٱلَّتِي يَذْبَحُونَهَا عَلَى وَجْهِ ٱلصَّحْرَاءِ وَيُقَدِّمُوهَا لِلرَّبِّ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ إِلَى ٱلْكَاهِنِ، وَيَذْبَحُوهَا ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ لِلرَّبِّ».

تكوين 21: 33 و22: 2 و31: 54 وتثنية 13: 2 و1ملوك 14: 23 و2ملوك 16: 4 و17: 10 و2أيام 28: 4 وحزقيال 20: 28 و22: 9

لِكَيْ يَأْتِيَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِذَبَائِحِهِمِ علة أمر الله لبني إسرائيل أن يأتوا بتلك الحيوانات من الأنواع الثلاثة المذكورة في الآية الثالثة إلى قرب القدس ويقدموها أولاً ذبائح سلامة للرب منع الإسرائيليين من أن يقدموها للشياطين على وجه الصحراء لأن الصحراء هي مسكن الشياطين على ما ذُكر في الكلام على عزازيل (انظر ص 16: 7 - 10 والتفسير).

ٱلَّتِي يَذْبَحُونَهَا عَلَى وَجْهِ ٱلصَّحْرَاءِ أي التي اعتادوا أن يقربوها لآلهة الأمم في البرية وهم مائلون أن يأتوا ذلك في المستقبل. والمقصود بالصحراء هنا البرية التي خارج المحلة وهي الأرض التي يشغلها الإسرائيليين بحلولهم (انظر ص 14: 7 و53 والتفسير).

6 «وَيَرُشُّ ٱلْكَاهِنُ ٱلدَّمَ عَلَى مَذْبَحِ ٱلرَّبِّ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ، وَيُوقِدُ ٱلشَّحْمَ لِرَائِحَةِ سُرُورٍ لِلرَّبِّ».

ص 3: 2 خروج 29: 18 وص 3: 5 و11 و16 و4: 31 وعدد 18: 17

يَرُشُّ ٱلْكَاهِنُ كان الكاهن القائم بالخدمة بعد أن يذبح مقدمو الذبائح التي يأتون بها يأخذ الدم في إناء ويرشه على جدران مذبح المحرقة (انظر ص 1: 5).

يُوقِدُ ٱلشَّحْمَ (انظر ص 3: 3 و5 والتفسير).

7 «وَلاَ يَذْبَحُوا بَعْدُ ذَبَائِحَهُمْ لِلتُّيُوسِ ٱلَّتِي هُمْ يَزْنُونَ وَرَاءَهَا. فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً تَكُونُ هٰذِهِ لَهُمْ فِي أَجْيَالِهِمْ».

تثنية 32: 17 و2أيام 11: 15 ومزمور 106: 37 و1كورنثوس 10: 20 ورؤيا 9: 20 خروج 34: 15 وص 20: 5 وتثنية 31: 16 وحزقيال 23: 8

وَلاَ يَذْبَحُوا بَعْدُ ذَبَائِحَهُمْ لِلتُّيُوسِ جاء في الترجمة الإنكليزية الشياطين بدل التيوس إذ فهم المترجم منها الآلهة التي كالتيوس وتقديمهم الذبائح لتلك الآلهة كتقديمها للشياطين لأن الشياطين أغروا أهلها بعبادتها. وكان المصريون وغيرهم من قدماء الأمم يتخذون التيوس آلهة وكان للتيس هياكل في مصر السفلى. وكان في الهياكل تماثيل للتيوس يعبدونها ويسألونها الخصب ويعتقدون أنها توحي إلى سدنتها. وكان اسم صنمهم التيسي باناً وسموه بندس أيضاً وأقاموا تمثاله في كل مكان. ومنه بان وسيلينوس والساتيرات وهي تماثيل نصف كل منها نصف إنسان والنصف الآخر نصف تيس. والفونان وغيرها من آلهة الآجام عند اليونانيين والرومانيين. وعليه صوَّر المسيحيون في القرون المتوسطة الشيطان تيساً ذا ذنب وقرون وأظلاف ولا تزال تماثيله تُشاهد في بعض المدن الأوربية. وأتى الإسرائيليون بتماثيله من مصر وعبدها بعضهم وأشار إلى ذلك الكتاب المقدس في مواضع كثيرة (انظر يشوع 24: 14 وحزقيال 20: 7 و23: 3 الخ و2أيام 11: 15). وقوله «ولا يذبحوا بعد» يدل على أن اليهود كانوا يذبحون لتلك التيوس أو الآلهة التيسية. واعترض بعضهم على أن تلك الحيوانات من البقر والغنم والمعزى يجب أن تكون عند الإسرائيليين كثيرة لأنهم كانوا نحو مليونين إذ الرجال ست مئة ألف وكانوا يأكلون منها ويقدمون الذبائح. والعناية بهذه البهائم في البرية مما لا يستطيعه الإسرائيليون. قلنا لا نرى من قوة لهذا الاعتراض كما رأى المعترضون فإن العناية بالبهائم في البرية أسهل من العناية بها في المدن لكثرة المرعى والملاجئ وإن الإسرائيليين لم يكونوا كالأوربيين وغيرهم من أهل هذا العصر يكثرون أكل اللحم وما كانوا يأكلونها كل يوم بل معظم ما كانوا يأكلون منه هو ما كان من لحم الذبائح معهم من البقر والغنم والمعزى لم يكن لسوى التقدمة. وما كان عيش الإسرائيليين في البرية إلا كعيش البدو في هذه البلاد قديماً وحديثاً من قلة تناول اللحوم. هذا والكلام هنا على البهائم الثلاث وكان للإسرائيليين غيرها في البرية من الطيور كالحمام والحجل واليمام ومن البهائم كالغزلان والوعول إلى غير ذلك من بهائم البر الكثيرة فما المانع من أنهم كانوا يصيدون ويأكلون ما شاءوا. وبقي كثير مما يدفع هذا الاعتراض ولكن لا نرى من حاجة إلى ذكر بعد ما ذكرناه.

8، 9 «8 وَتَقُولُ لَهُمْ: كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَمِنَ ٱلْغُرَبَاءِ ٱلَّذِينَ يَنْزِلُونَ فِي وَسَطِكُمْ يُصْعِدُ مُحْرَقَةً أَوْ ذَبِيحَةً 9 وَلاَ يَأْتِي بِهَا إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ لِيَصْنَعَهَا لِلرَّبِّ، يُقْطَعُ ذٰلِكَ ٱلإِنْسَانُ مِنْ شَعْبِهِ».

ص 1: 2 و3 ع 4

كُلُّ إِنْسَانٍ كُررت هذه العبارة في هذا الفصل (انظر ع 3 و8 و10 و13) للتعميم والتأكيد. كان الآباء الأولون يذبحون أين شاءوا وكان كل منهم بمنزلة كاهن لأهل بيته فمنع الله الشعب من ذلك هنا فكان على الإسرائيليين أن يأتوا بذبائحهم للرب ويذبحوها ويتركوا الخدمة المتعلقة بها للكهنة المعينين. ونعنى بالدخلاء الذين هادوا أي دانوا بدين اليهود من الأمم وهم الذين أرادهم بقوله «ومن الغرباء النازلين في وسطكم». وكان من خالف ذلك يُقطع.

10 «وَكُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَمِنَ ٱلْغُرَبَاءِ ٱلنَّازِلِينَ فِي وَسَطِكُمْ يَأْكُلُ دَماً، أَجْعَلُ وَجْهِي ضِدَّ ٱلنَّفْسِ ٱلآكِلَةِ اْلدَّمِ وَأَقْطَعُهَا مِنْ شَعْبِهَا».

تكوين 9: 4 وص 3: 17 و7: 26 و27 و19: 26 وتثنية 12: 16 و23 و15: 23 و1صموئيل 14: 33 وحزقيال 44: 7 ص 20: 3 و5 و6 و26: 17 وإرميا 44: 11 وحزقيال 14: 8 و15: 7

كُلُّ إِنْسَانٍ... يَأْكُلُ دَماً الخ كرر هذا التهديد هنا كما كرره في النهي عن أكل الشحم (انظر ص 3: 17 و7: 26 و27) بياناً لكونه ذا شأن لأن ذلك الدم فيه الحياة ولأنه كان للرب لأنه دم الذبائح التي قدمت له ولأن الدم هو الكفارة (انظر ع 11). ويستثنى من ذلك بمقتضى القانون الذي عُرف مدة الهيكل الثاني دم الأسماك الطاهرة والجراد.

أَجْعَلُ وَجْهِي ضِدَّ ٱلنَّفْسِ أي أجعله يُشعر النفس بغضبي عليها (ففي الكلام مجاز مأخوذ من أن علامات الغيظ تظهر على وجه الإنسان). وردت هذه العبارة ثلاث مرات في الكتاب المقدس مرة بالنظر إلى تعلقها بالسنة المذكورة هنا ومرتين في غيرها وجاءت في الثلاث دالة على الغضب لظهور آياته على الوجه (انظر ص 20: 3 و6 و16 17). وجاء تغير الوجه والوجه بمعنى الغضب في (تكوين 31: 2 ومراثي إرميا 4: 16). وترجم قوله في المراثي «وجه الرب قسمهم»في الترجمة الكلدانية «غضب الرب قسمهم»(قابل هذا ما في 1بطرس 3: 12).

11 «لأَنَّ نَفْسَ ٱلْجَسَدِ هِيَ فِي ٱلدَّمِ، فَأَنَا أَعْطَيْتُكُمْ إِيَّاهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ لِلتَّكْفِيرِ عَنْ نُفُوسِكُمْ، لأَنَّ ٱلدَّمَ يُكَفِّرُ عَنِ ٱلنَّفْسِ».

ع 14 متّى 26: 28 ومرقس 14: 24 ورومية 3: 25 و5: 9 وأفسس 1: 7 وكولوسي 1: 14 وعبرانيين 13: 12 و1بطرس 1: 2 و1يوحنا 1: 7 ورؤيا 1: 5 عبرانيين 9: 22

لأَنَّ نَفْسَ ٱلْجَسَدِ هِيَ فِي ٱلدَّمِ وجاءت الحياة بدلاً من الدم في الترجمة الكلدانية والذي في الأصل العبراني هو ما في المتن هنا. وما ذُكر هنا هو علة النهي عن أكل الدم. ومعنى «إن النفس هذ في الدم» إن الدم من الجوهريات التي تبقى بها النفس أو الحياة في الجسد لأنه إذا سفك الدم فارقته ولهذا جاءت النفس بمعنى الدم والدم بمعنى النفس في الأسفار المقدسة ومن ذلك ما جاء في المزمور الثلاثين وهو قولم المرنم «ما الفائدة من دمي» أي حياتي.

فَأَنَا أَعْطَيْتُكُمْ إِيَّاهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ لأنه قوام الحياة فيقدم على المذبح فداء عن حياة المقدِم.

لأَنَّ ٱلدَّمَ يُكَفِّرُ عَنِ ٱلنَّفْس ِ (فيبذل الدم بدل الدم والحياة بدل الحياة) ومعنى العبارة إن الدم متحد بالحياة ويمثل نفس البهيمة ولذلك عيّنه الله فدى عن نفس الخاطئ أو حياته فحياة الذبيحة بدل من حياة مقدمها. وعلى هذا قال الرسول «وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ!» (عبرانيين 9: 22).

12 «لِذٰلِكَ قُلْتُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: لاَ تَأْكُلْ نَفْسٌ مِنْكُمْ دَماً، وَلاَ يَأْكُلِ ٱلْغَرِيبُ ٱلنَّازِلُ فِي وَسَطِكُمْ دَماً».

لِذٰلِكَ الخ أي لأن الدم فيه الحياة ولأن الله عيّنه فدى عن الحياة مُنع الإسرائيليون عن أكله ومُنع الدخلاء عن ذلك كما مُنع الإسرائيليون الأصليون لأن الدخلاء بإيمانهم بشريعة موسى وجب عليهم فروضها وسننها ولأن أكلهم إياه لا يقتصر على كونه تعدياً للشريعة التي اختاروها بل يكون أيضاً عثرة لليهود وكراهة لهم ولهذا نهى عنه الرسل في المجمع الأورشليمي (أعمال 15: 20 و29 و21: 25).

13 «وَكُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمِنَ ٱلْغُرَبَاءِ ٱلنَّازِلِينَ فِي وَسَطِكُمْ يَصْطَادُ صَيْداً، وَحْشاً أَوْ طَائِراً يُؤْكَلُ، يَسْفِكُ دَمَهُ وَيُغَطِّيهِ بِٱلتُّرَابِ».

ص 7 و25 و26 تثنية 12: 16 و24 و15: 23 حزقيال 24: 7

وَكُلُّ إِنْسَانٍ كان الكلام السابق في الشريعة المتعلقة بدم الذبائح أي دم البقر والغنم والمعزى التي كانت تقدم ذبائح في القدس. والكلام هنا وفي ما بعده في البهائم الطاهرة شرعاً التي تؤكل وليست من الذبائح المقدمة.

يَصْطَادُ صَيْداً كان الصيد من أنواع اللهو عند الأمم القديمة وكان عند اليهود ذا شأن ومما تقتضيه الضرورة لقطع الوحوش المفترسة علاوة على الانتفاع بلحم الجائز أكله من البهائم (خروج 23: 29). وكانت الضرورة الكبرى الحصول على الطعام (تكوين 25: 27 وأمثال 12: 27). وكان اليهود فوق أنهم يصيدون بالحُفر والشراك والفخاخ يصيدون بالأسلحة (تكوين 28: 3). فان القدماء من الأمم إذا جرح الحيوان الذي يصيدونه أو قُتل يحملونه سريعاً إلى مساكنهم ويتركون دمه على الأرض. ولكن عرفنا من بعض الكتب القديمة أن الصابئين كانوا إذا ذبحوا البهيمة تناولوا دمها بإناء أو جعلوه يجتمع في حفرة وردموها ثم أخذوا في الوليمة. فمنع بنو إسرائيل من أن يتركوا دم الصيد على وجه الأرض. فإنه كثيراً ما يتفق أن يكون الصياد جائعاً فيسرع إلى الصيد ويأكل لحمه والدم فيه. وقد حدث مثل هذا على ما عُرف من سفر صموئيل الأول (انظر 1صموئيل 14: 32 - 34 وقابل ذلك بما في حزقيال 33: 25).

وَحْشاً أَوْ طَائِراً يُؤْكَلُ أي من الوحوش والطيور التي يحل أكلها بمقتضى الشريعة وقد فسر هذا علماء الناموس في مدة الهيكل الثاني بقولهم وحشاً طاهراً أو طائراً يؤكل لأنه طاهر وما أوجبوا ما ذُكر للتي لا يجوز أكلها.

يَسْفِكُ دَمَهُ للأرض التي أخرجت البهائم عند خلقها (تكوين 1: 24) أن تسترد حياتها عند قتلها. إنها وُلدت من رحم الأرض قدمها الذي فيه حياتها يرجع إليه. وهذا ما راعاه علماء الناموس في مدة الهيكل الثاني. وكانوا يقولون على أثر تغطية الدم «مبارك أنت أيها الرب إلهنا ملك العالمين الذي أمرنا أن نغطي الدم».

14 «لأَنَّ نَفْسَ كُلِّ جَسَدٍ دَمُهُ هُوَ بِنَفْسِهِ. فَقُلْتُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: لاَ تَأْكُلُوا دَمَ جَسَدٍ مَا، لأَنَّ نَفْسَ كُلِّ جَسَدٍ هِيَ دَمُهُ. كُلُّ مَنْ أَكَلَهُ يُقْطَعُ».

تكوين 9: 4 وع 11 و12 وتثنية 12: 23

لأَنَّ نَفْسَ كُلِّ جَسَدٍ دَمُهُ أي لأن الدم يشتمل على المبدإ الحيوي في البهائم فكأنه قال لأن حياة كل بهيمة في دمها لكن ذلك ما دام الدم يدور في الجسد فمتى سُفك وجف فارقته الحياة. (وما هو المبدأ الحيوي وكيف يكون في الدم ذلك لم يبين ولعل المقصود أن بقاء النفس في الجسد متوقف على بقاء الدم فيه في الحال العادية فيكون التقدير «لأن بقاء نفس كل ذي جسد بقاء دمه»).

15 «وَكُلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ مَيْتَةً أَوْ فَرِيسَةً، وَطَنِيّاً كَانَ أَوْ غَرِيباً، يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ، وَيَبْقَى نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ ثُمَّ يَكُونُ طَاهِراً».

خروج 22: 31 وص 22: 8 وتثنية 14: 21 وحزقيال 4: 14 و44: 31 ص 11: 25 ص 15: 5

مَيْتَةً هذا مبني على ما قبله لأن الميتة يبقى دمها فيها. والمقصود بالميتة هنا البهيمة التي تموت حتف أنفها.

فَرِيسَةً وهذا مبني على ما قبله أيضاً لأن الفريسة يبقى كثير من دمها فيها. وكانت الفريسة تُطرح للكلاب (خروج 22: 31). وشدة هذه الشريعة تتبين مما جاء في (2صموئيل 14: 42 - 45 وحزقيال 4: 14 و46: 36). وكان القانون في مدة الهيكل الثاني المنع من أكل جثة البهيمة التي تموت موتاً طبيعياً أو تُقتل بحادثة من حوادث غير الذبح أو بالافتراس. وهذا يوضح حكم المجمع الرسولي الأورشليمي وهو تحريم المخنوق (أعمال 15: 20).

أَوْ غَرِيباً أي دخيلاً دان بدين الإسرائيليين وإلا فله أن يأكلها (انظر تثنية 14: 21).

يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ هذا إذا كان اللحم وهو لا يعلم أنه لحم ميتة أو فريسة وإلا قُطع. ويدلك على هذا ما جاء في (ص 5: 2 وتفسيره).

16 «وَإِنْ لَمْ يَغْسِلْ وَلَمْ يَرْحَضْ جَسَدَهُ يَحْمِلْ ذَنْبَهُ».

ص 5: 1 و7: 18 و19: 8 وعدد 19: 20

يَحْمِلْ ذَنْبَهُ أي يُقطع أو يُجلد. فإنه كان إذا أهمل التطهير ودخل القدس وهو نجس أو أكل من لحم الذبيحة المقدسة وجب عليه الحد فيُقطع بالأول ويجلد بالثاني على ما عُرف من أقوال علماء اليهود في أيام المسيح.

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ عَشَرَ

1 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

قَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى فأمره أن يكلم بني إسرائيل رأساً أو بواسطة الشيوخ النائبين عنهم وهذا بخلاف أمره له في الرسوم والتطهير فإنه هنالك أمره بأن يكلم هارون وبني إسرائيل. والشريعة هنا تتعلق بالأمور البيتية وما تقوم بها سعادة الإنسان في الهيئة الاجتماعية.

2 «قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ».

خروج 6: 7 وع 4 وص 11: 44 و19: 4 و10 و34 و20: 7 وحزقيال 20: 5 و7 و19 و20

أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ إن الرب هو إلههم وملكهم الوحيد فكان عليهم أن يطيعوه ويتمسكوا بوصاياه ولا يبعدوا عنه باتباعهم الأمم المصرية وغيرها ممن حولهم في الأرض التي وعدهم أن يعطيهم إياها ميراثاً. وكان عليهم فوق ذلك أن يكونوا مقدسين ليمكنهم أن يقتربوا من ذلك الإله القدوس. وتقديسهم يقوم بإطاعتهم شرائعه المقدسة فيشتركون بذلك في صورته التي خلقهم عليها. وهذه العبارة التي كُررت في هذا الأصحاح للتقرير لم تُذكر إلا مرة واحدة في ما قبله من هذا السفر (ع 4 و30 وص 11: 44). وقد خُتمت بها كل وصية ذات شأن للترعيب والترهيب (انظر ع 30).

3 «مِثْلَ عَمَلِ أَرْضِ مِصْرَ ٱلَّتِي سَكَنْتُمْ فِيهَا لاَ تَعْمَلُوا، وَمِثْلَ عَمَلِ أَرْضِ كَنْعَانَ ٱلَّتِي أَنَا آتٍ بِكُمْ إِلَيْهَا لاَ تَعْمَلُوا، وَحَسَبَ فَرَائِضِهِمْ لاَ تَسْلُكُوا».

حزقيال 20: 7 و8 و23: 8 خروج 23: 24 وص 20: 23 وتثنية 12: 4 و30 و31

مِثْلَ عَمَلِ أَرْضِ مِصْرَ كان الإسرائيليون في مدة غربتهم في مصر قد ألفوا خرافات المصريين واختاروا بعضها فحذّرهم هنا منها.

وَمِثْلَ عَمَلِ أَرْضِ كَنْعَانَ كان مما اعتاده الكنعانيون في الأرض التي وُعد الإسرائيليون أن يملكوها كثير من مواد الشهوات النجسة. فحذرهم الله من المدنسات السابقة والمدنسات المستقبلة.

حَسَبَ فَرَائِضِهِمْ لاَ تَسْلُكُوا حذّرهم في العبارة السابقة مما اعتاده الأمم الوثنية وحذرهم في هذه العبارة من فروض شرائع الوثنيين الفاسدة.

4 «أَحْكَامِي تَعْمَلُونَ وَفَرَائِضِي تَحْفَظُونَ لِتَسْلُكُوا فِيهَا. أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ».

تثنية 4: 1 و2 و6: 1 وحزقيال 20: 19

أَحْكَامِي تَعْمَلُونَ دون غيرها والمقصود بالأحكام هنا الفروض الواجبة والمعنى أنه يجب عليكم أن تعملوا ما أمرتكم به وتعتزلوا غيره في الدين مما يعمله الكنعانيون (تثنية 6: 13). ويوضح ذلك قول المسيح «لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ» (متّى 4: 10).

5 «فَتَحْفَظُونَ فَرَائِضِي وَأَحْكَامِي، ٱلَّتِي إِذَا فَعَلَهَا ٱلإِنْسَانُ يَحْيَا بِهَا. أَنَا ٱلرَّبُّ».

حزقيال 20: 11 و13 و21 ولوقا 1: 28 ورومية 1: 5 وغلاطية 3: 12 خروج 6: 2 و6 و29 وملاخي 3: 6

فَرَائِضِي وَأَحْكَامِي أي ما فرضه عليهم وحكم بوجوبه.

إِذَا فَعَلَهَا ٱلإِنْسَانُ يَحْيَا بِهَا أي إذا راعاها الإنسان وسار بمقتضاها حيي حياة السعادة والنجاح وإذا خالفها وتعداها كان جزاؤه الهلاك. وفسر هذا رؤساء الدين في عصر الهيكل الثاني بأن من حفظ تلك الفرائض والأحكام حصل على الحياة الأبدية ولذلك جاء في الترجمة الكلدانية «إذا فعلها الإنسان حصل على الحياة الأبدية». وقد اقتبس هذه العبارة بعض كتبة أسفار العهد القديم (حزقيال 20: 11 و13 و21 ونحميا 9: 29) وبولس الرسول (رومية 10: 5 وغلاطية 3: 12) مقابلاً وعد الأعمال بوعد الإيمان.

6 «لاَ يَقْتَرِبْ إِنْسَانٌ إِلَى قَرِيبِ جَسَدِهِ لِيَكْشِفَ ٱلْعَوْرَةَ. أَنَا ٱلرَّبُّ».

لاَ يَقْتَرِبْ إِنْسَانٌ أي أنهى كل إنسان (انظر ص 17: 3 و8 و13) ولم يذكر مع هذه العبارة قوله «من بيت إسرائيل» كما ذكر في غيرها من أمثالها فاستدل بعضهم أنه نهى بها الإسرائيليين والغرباء الذين بينهم لئلا تتنجس الأرض بمعاصيهم. وكان القصاص على كل من يتعدى هذا رجالاً ونساء كما فهم من أقوال علماء الناموس في عصر المسيح.

قَرِيبِ جَسَدِهِ وفي العبرانية قريب لحمه (انظر مزمور 73: 26 و78: 20 و27 وميخا 3: 2 و3). والمقصود بقريب الجسد هنا الأقرب في النسب (انظر ع 17).

لِيَكْشِفَ ٱلْعَوْرَةَ يتوقف على معنى هذه العبارة تفسير الشريعة المبنية هنا وفي الأصحاح العشرين وتحديد أنه هل يُراد تحريم المخالطة المحظورة أو الزيجة بين الأقارب. ومعنى العورة هنا ليس كمعناها في (خروج 20: 26 وفي إشعياء 47: 3 وفي حزقيال 17: 36 و37 و22: 10 و13: 10 و18 و29) وقد أتت هنا بمعنى عضو التناسل في الجنسين.

7 «عَوْرَةَ أَبِيكَ وَعَوْرَةَ أُمِّكَ لاَ تَكْشِفْ. إِنَّهَا أُمُّكَ لاَ تَكْشِفْ عَوْرَتَهَا».

ص 20: 11

عَوْرَةَ أَبِيكَ وَعَوْرَةَ أُمِّكَ (قال بعضهم إن عورة اختك. عبّر هنا بالعورة عن الابنة فكأنه قال «عورة ابنة أبيك وأمك»أو ابنة أبيك من غير أمك وابنة أمك من غير أبيك وهذا ما تتحمله العبارة بحسب القرائن. ولكن هذا ذُكر بعد فليس هو المعنى هنا على ما يرجح). والذي قاله علماء الناموس في مدة الهيكل الثاني (ليوافق باقي الآيات) إن النهي هنا لكل من الابن والابنة فنُهي الابن عن كشف عورة أمه ونُهيت الابنة عن كشف عورة أبيها. وعلى هذا جاء في الترجمة الكلدانية اليونانية «لا تضطجع المرأة مع أبيها ولا يضطجع الرجل مع أمه»كما كان من أمر لوط وبناته (تكوين 19: 31 - 38). وقال آخر إن عورة الأب هنا هي عورة الأم لأنهما جسد واحد فكأنه قيل لا تكشف عورة أبيك التي هي عورة أمك. وكان بعض الأمم الشرقية ومنهم المجوس يجيزون أن يتزوج الابن أمه.

8 «عَوْرَةَ ٱمْرَأَةِ أَبِيكَ لاَ تَكْشِفْ. إِنَّهَا عَوْرَةُ أَبِيكَ».

تكوين 49: 4 وص 20: 11 وتثنية 22: 30 و27: 20 وحزقيال 22: 10 وعاموس 2: 7 و1كورنثوس 5: 1

عَوْرَةَ ٱمْرَأَةِ أَبِيكَ أي التي ليست بأمك والمعنى لا تكشف عورة رابّتك والنهي هنا عن الزنى والزواج معاً. والذي عُرف في هذا من علماء الشريعة مدة الهيكل الثاني أن امرأة الأب ممنوع منها إلى الأبد مخطوبة للأب كانت أو متزوجة به مطلقة أو غير مطلقة أرملة أو غير أرملة. فإن اضطجع معها الابن وأبوه حي كان إثمه مضاعفاً لكونها قريبته ولكونها امراة رجل آخر. فيكون من هذا الإثم خطية رأوبين مع بلهة سرية أبيه أو سريته (تكوين 35: 22) وخطية أبيشالوم مع سراري أبيه (2صموئيل 16: 2 - - 23 و1ملوك 2: 17) ولم يكن ذلك زيجة محرمة بل كان زنى لأن الزواج كان في الحياة والزوجات غير مطلقة. وكانت هذه الخطيئة بين مسيحيي كورنثوس فإنهم كانوا يتزوجون الرابّات المطلقات وآباؤهم أحياء فوبخهم الرسول على ذلك توبيخاً شديداً (1كورنثوس 5: 1 - 4). وكان تزوج الرابّة مباحاً عند عرب الجاهلية. ولا يزال ذلك مباحاً عند بعض قبائل أفريقيا فإن الرجل إذا شاخ وكانت أزواجه شابات أعطى ابنه الأكبر إياهم اختياراً. والقرآن منع من ذلك كما منع موسى منه (القرآن سورة 4 الآية 27).

9 «عَوْرَةَ أُخْتِكَ بِنْتِ أَبِيكَ أَوْ بِنْتِ أُمِّكَ، ٱلْمَوْلُودَةِ فِي ٱلْبَيْتِ أَوِ ٱلْمَوْلُودَةِ خَارِجاً، لاَ تَكْشِفْ عَوْرَتَهَا».

ص 20: 17 و2صموئيل 13: 12 وحزقيال 22: 11

عَوْرَةَ أُخْتِكَ تزوج آدم عظماً من عظامه ولحماً من لحمه وتزوج أبنائه أخواتهم شجع قدماء العبرانيين على أن يقتدوا بهم ومن ذلك أن إبراهيم أبا المؤمنين تزوج أخته من أبيه دون أمه. وكان هذا جارياً عند غير العبرانيين من قدماء الأمم. وكان رجال أثينا يتزوجون أخواتهم من آبائهم ورجال سبارطة يتزوجون أخواتهم من أمهاتهم. وكان الأشوريون يتزوجون أخواتهم من آبائهم وأمهاتهم. (وظل ذلك في جيرانهم المجوس على ما عُرف من التواريخ العربية قال المتنبي:

Table 9. 

يا أخت معتنق الفوارس في الوغىلأخوك ثم أرق منك وأرحم    
يرنو عليك مع العفاف وعندهإن المجوس تصيب فيما تحكم    

ومعناه في البيت الثاني إن أخاك يميل إليك كل الميل مع العفاف ويرى لفرط جمالك وحبه لك أن المجوس مصيبون بحكمهم بجواز تزوج الإنسان أخته). وكذلك كانت سنة المصريين القدماء. ولنا من قصة أمنون وأخته ثامار ولا سيما قولها إن الملك لا يمنعها منه وشدة غيظها وحزنها بطرده إياها إن زيجة الأخت كانت باقية عند الإسرائيليين على رغم الوصية (2صموئيل 13: 13 - 19 قابل بهذا ما في حزقيال 22: 11).

ٱلْمَوْلُودَةِ فِي ٱلْبَيْتِ أَوِ ٱلْمَوْلُودَةِ خَارِجاً أي أختك من أبيك وأمك أو من أبيك فقط أو من أمك فقط. وهذا ما فهمه وقاله علماء الناموس في مدة الهيكل الثاني. ولهذا جاء في الترجمة الكلدانية «التي ولدها أبوك من امرأة أخرى أو من أمك التي ولدتها أمك من أبيك أو من رجل آخر».

10 «عَوْرَةَ ٱبْنَةِ ٱبْنِكَ أَوِ ٱبْنَةِ ٱبْنَتِكَ لاَ تَكْشِفْ عَوْرَتَهَا. إِنَّهَا عَوْرَتُكَ».

عَوْرَةَ ٱبْنَةِ ٱبْنِكَ استنتج من هذا المنع تحريم أن يتزوج الأب ابنته لأنه إذا حُرم على الرجل أن يتزوج حفيدته حُرم عليه أن يتزوج ابنته بالأولى لأن الابنة أقرب من الحفيدة. ولهذا كان القانون اليهودي في مدة الهيكل الثاني يحرم على الرجل أن يقترن بابنته ولو ولدت له من امرأة زنى بها وعلى هذا السنن تحرم الأم على ابنها (انظر ع 7). ومن الغريب السكوت عن الابنة هنا وترك تحريمها صريحاً ليعول به على الاستنتاج ولهذا رأى بعضهم إن أحد الكتبة الأقدمين سها عن بعض الكلمات في هذه الآية ونقل عنه كثيرون. وإن الأصل على ما يرجح كان هكذا «عورة ابنتك وعورة ابنة ابنك الخ».

11 «عَوْرَةَ ٱبْنَةِ ٱمْرَأَةِ أَبِيكَ ٱلْمَوْلُودَةِ مِنْ أَبِيكَ لاَ تَكْشِفْ عَوْرَتَهَا، إِنَّهَا أُخْتُكَ».

عَوْرَةَ ٱبْنَةِ ٱمْرَأَةِ أَبِيكَ اي أختك التي هي ربيبة أبيك أو ابنة رابتك من غير ابيك. ولنا من ذلك أنه إذا تزوج رجل له ابن امرأة لها بنت حُرم على الابن أن يأخذ البنت مع عدم القرابة الدموية بينهما فالمانع مجرد تسميتها بأخته مجازاً.

ٱلْمَوْلُودَةِ مِنْ أَبِيكَ (أي كالمولودة وتقدير هذه الكاف خلصنا من مشاكل وقع فيها المفسرون هنا مع أن التشبيه بغير أداة كثير جداً في الكتاب المقدس ومن ذلك ما في (مزمور 22: 6 و28: 8 وأمثال 10: 11 و15 و20 ونشيد الأناشيد 1: 13 و14 و15 و2: 1 و4: 12 ويوحنا 10: 7 و9 و11 و14: 6). فتكون الآية بعبارة أخرى «عورة ابنة رابتك كالمولودة من أبيك لا تكشف عورتها لأنها بمنزلة أختك»).

لاَ تَكْشِفْ عَوْرَتَهَا أي لا تتزوجها (وكان مقتضى الظاهر أن يقول لا تكشفها ولكن أرجع الضمير إلى «بنت» فأظهر في موضع الإضمار).

إِنَّهَا أُخْتُكَ أي كأختك أو بمنزلة أختك (وهذا من الشواهد على حذف أداة التشبيه).

12 «عَوْرَةَ أُخْتِ أَبِيكَ لاَ تَكْشِفْ. إِنَّهَا قَرِيبَةُ أَبِيكَ».

ص 20: 19

أُخْتِ أَبِيكَ اي عمتك سواء أكانت أخته لأمه وأبيه أم كانت أخته لأحدهما. وهذا كان مباحاً قبل إعطاء الشريعة على سيناء فإن موسى كانت أمه يوكابد عمة أبيه عمرام (خروج 6: 20).

13 «عَوْرَةَ أُخْتِ أُمِّكَ لاَ تَكْشِفْ. إِنَّهَا قَرِيبَةُ أُمِّكَ».

أُخْتِ أُمِّكَ أي خالتك فمنزلتها منزلة العمة في كونها أخت أمه لأبيها وأمها أو لأحدهما. (هذا يستلزم قياساً إن المرأة لا يجوز لها أن تتزوج خالها ولا ابن أخيها وإن الرجل لا يجوز له أن يتزوج ابنة أخته ولا ابنة أخيه) ولكن اليهود أجازوا لعدم النص بل حسبوا ذلك من الزيحة التي يُثاب عليها. وقالوا الوعد في قوله تعالى «حِينَئِذٍ تَدْعُو فَيُجِيبُ ٱلرَّبُّ» (إشعياء 58: 9) هو لمن لا يتغاضى عن قريبه ولمن يتزوج ابنة أخيه ولمن يقرض المسكين في ساعة حاجته. وكان هذا مباحاً قبل إعطاء الشريعة على سيناء فإن ناحور تزوج ملكة ابنة أخيه هاران (تكوين 11: 29) وتزوج عثنيئيل بن قناز عكسة ابنة أخيه كالب. ولا يزال اليهود إلى هذا اليوم يزوجون الرجل من ابنة أخته وابنة أخيه.

14 «عَوْرَةَ أَخِي أَبِيكَ لاَ تَكْشِفْ. إِلَى ٱمْرَأَتِهِ لاَ تَقْتَرِبْ. إِنَّهَا عَمَّتُكَ».

ص 20: 20

عَوْرَةَ أَخِي أَبِيكَ أي عورة امرأة أخي أبيك أي امرأة عمك. وكان القانون اليهودي يحرّم أن يتزوج الإنسان امرأة عمه في حياة عمه وبعد موته وكانوا يحكمون على متعدي هذه الشريعة بالقتل (انظر ص 20: 20).

15 «عَوْرَةَ كَنَّتِكَ لاَ تَكْشِفْ. إِنَّهَا ٱمْرَأَةُ ٱبْنِكَ. لاَ تَكْشِفْ عَوْرَتَهَا».

تكوين 38: 18 و26 وص 20: 12 وحزقيال 22: 11

كَنَّتِكَ كان اليهود يحرّمون زواج الكنة وخطبتها مطلقة أو أرملة أيضاً وكانوا يعاقبون المتعدي بالقتل (انظر ص 20: 12) وبعض الأمم حكموا بكراهة ذلك. وقد حرّمه القرآن كما حرمته التوراة (انظر السورة 4 الآية 27).

16 «عَوْرَةَ ٱمْرَأَةِ أَخِيكَ لاَ تَكْشِفْ. إِنَّهَا عَوْرَةُ أَخِيكَ».

ص 20: 12 وتثنية 25: 5 ومتّى 14: 4 و22: 24 ومرقس 12: 19

عَوْرَةَ ٱمْرَأَةِ أَخِيكَ حظر على الإسرائيلي أن يتزوج امرأة أخيه وأخوه حي. والذي فُهم من أقوال رجال الناموس في مدة الهيكل الثاني أنه كان محظوراً على الرجل أن يتزوج امرأة أخيه التي طلقها أخوه ما دام أخوه حياً وإنه إذا تزوجها كان كل من الزوجين أي الرجل وامرأة أخيه التي تزوجها هو عقيمين (انظر ص 20: 12) على أن الشريعة نفسها أوجبت على الرجل أن يتزوج امرأة أخيه إذا مات أخوه بلا نسل وإذا أبى أن يتزوجها شهّرته وقبّحته. وعلى هذا جاء في الترجمة الكلدانية «لا تكشف عورة أمرأة أخيك في مدة حياة أخيك أو بعد موته إذا كان له أولاد» وكان على الرجل إذا كان له عدة إخوة ومات كل منهم ولم يترك نسلاً أن يتزوج امرأة كل واحد منهم ليقيم له نسلاً وأن يقوم بأسباب معاش كل تلك الزوجات والأولاد الذين يلدنهم. ولا تزال هذه الشريعة مرعية بين الإسرائيليين المحافظين على كل وصايا الناموس.

17 «عَوْرَةَ ٱمْرَأَةٍ وَٱبْنَتِهَا لاَ تَكْشِفْ. وَلاَ تَأْخُذِ ٱبْنَةَ ٱبْنِهَا أَوِ ٱبْنَةَ ٱبْنَتِهَا لِتَكْشِفَ عَوْرَتَهَا. إِنَّهُمَا قَرِيبَتَاهَا. إِنَّهُ رَذِيلَةٌ».

ص 20: 14

عَوْرَةَ ٱمْرَأَةٍ وَٱبْنَتِهَا لاَ تَكْشِفْ أي إذا كانت أرملة لها بنت من زوجها المتوفى لم يجز لرجل أن يتزوجها ويتزوج بنتها. وفُهم من علماء الناموس مدة الهيكل الثاني الحظر على الرجل أن يتزوج المرأة وابنتها معاً وإنه يحظر عليه أيضاً أن يتزوج إحداهما إذا تزوج واحدة منهما في حياة التي تزوجها أو بعد موتها. وكان متعدي هذه الشريعة يحرق بالنار (ص 20: 14).

18 «وَلاَ تَأْخُذِ ٱمْرَأَةً عَلَى أُخْتِهَا لِلضِّرِّ لِتَكْشِفَ عَوْرَتَهَا مَعَهَا فِي حَيَاتِهَا».

1صموئيل 1: 6 و8

لاَ تَأْخُذِ ٱمْرَأَةً عَلَى أُخْتِهَا أي لا تتزوج أختين معاً. كان اليهود يجيزون تعدد الزوجات بشرط أن لا يكن أخوات أو يكون بينهما أختان في الحياة. وعلى ما فُهم من أقوال علماء الشريعة «إن الأخت هنا تُطلق على الأخت من الأب والأم وعلى الأخت من أحدهما». ويحتمل الأصل العبراني معنى «لا تأخذ زوجة على أخرى» وهذا نص في تحريم تعدد الزوجات وهو لا يُفهم من قوله «لا تأخذ امرأة على أختها» ومناف لما عُهد من عادات اليهود الزيجة في توالي عصورهم فإنه كان لقضاة الإسرائيليين وملوكهم زوجات كثيرة (قضاة 8: 30 و10: 4 و12: 9 و1صموئيل 1: 2 و2صموئيل 3: 7). وكان لداود مرنم إسرائيل وأحسن ملوك الإسرائيليين الذي كان يقرأ كلمة الله نهاراً وليلاً ويفهم الناموس حسناً أزواج كثيرة وأعطاه الله نفسه نساء سيده (2صموئيل 12: 8) واستمر اليهود على القول بجواز تعدد الزوجات وكثيرون منهم تزوج امرأتين وجمع بينهن. على أن الناموس نفسه أوجب تعدد الزوجات في مسئلة الأخ الذي يموت بلا نسل (تثنية 25: 5 - 10). نعم إن الشريعة نهت الملك عن إكثار النساء ولكنها لم تنهه عن أن يجمع بين زوجتين (تثنية 17: 17). وجاء في الترجمة الكلدانية «لا تأخذ امرأة في حياة أختها» أي لا تتزوج امرأة أنت متزوج أختها وأختها التي تزوجتها لا تزال في الحياة. وكذا معنى ما في الترجمة السبعينية والفلغاتا والسريانية وسائر الترجمات القديمة. (ولم يكن ذلك قبل شريعة موسى بدليل أن يعقوب جمع بين الأختين) (تكوين 29: 30).

لِلضِّرِّ لأنه إذا تزوج الثانية وهي الصغرى غارت الكبرى منها وانقلبت المحبة الطبيعية بين الأختين بغضاً وعداوة كما كان بين ليئة وراحيل أختها زوجتي يعقوب (تكوين 29: 30 - 35).

فِي حَيَاتِهَا فإذاً كان يجوز له أن يأخذ أخت زوجته بعد وفاة أختها التي هي زوجته. والذي في أقوال علماء الناموس أنه إذا طلق امرأة لم يجز أن يأخذ أختها ما دامت المطلقة في الحياة فإذا ماتت جاز له أن يتزوج أختها.

19 «وَلاَ تَقْتَرِبْ إِلَى ٱمْرَأَةٍ فِي نَجَاسَةِ طَمْثِهَا لِتَكْشِفَ عَوْرَتَهَا».

ص 20: 18 وحزقيال 18: 6 و22: 10

لاَ تَقْتَرِبْ أي لا تخالط.

نَجَاسَةِ طَمْثِهَا ومدة ذلك سبعة أيام (انظر ص 15: 19) فإن خالطها زوجها في أثناء تلك الأيام كان نجساً سبعة أيام (ص 15: 24) هذا إذا أتى ذلك سهواً وإذ أتى ذلك عمداً حُكم عليه وعلى الزوجة بالموت (ص 20: 18) وأشار حزقيال إلى تعدي اليهود هذه الشريعة وحسبه من شر الخطايا (حزقيال 18: 6 و22: 10).

20 «وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ ٱمْرَأَةِ صَاحِبِكَ مَضْجَعَكَ لِزَرْعٍ، فَتَتَنَجَّسَ بِهَا».

خروج 20: 14 وص 20: 10 وتثنية 5: 18 و22: 22 وأمثال 6: 29 و32 وملاخي 3: 5 ومتّى 5: 27 ورومية 2: 22 و1كورنثوس 6: 9 وعبرانيين 13: 4

ٱمْرَأَةِ صَاحِبِكَ أي لا تزن بها. وجزاء ذلك الموت رجماً (انظر ص 20: 10 وتثنية 22: 22 وحزقيال 16: 38 و40 ويوحنا 8: 5). وكان حد الزاني عند المصريين ألف ضربة بالعصا وحد الزانية جدع أنفها. وعرب البادية لا يزالون إلى هذا اليوم يقتلون الزانية بلا رحمة ويأتي ذلك زوجها أو أبوها أو أخوها. وهذا شأن كل الأمم الشرقية.

21 «وَلاَ تُعْطِ مِنْ زَرْعِكَ لِلإِجَازَةِ لِمُولَكَ لِئَلاَّ تُدَنِّسَ ٱسْمَ إِلٰهِكَ. أَنَا ٱلرَّبُّ».

ص 20: 2 و2ملوك 16: 3 و21: 6 و23: 10 وإرميا 19: 5 وحزقيال 20: 31 و23: 37 و39 و1ملوك 11: 7 و33 وأعمال 7: 43 ص 19: 12 و20: 3 و21: 6 و22: 2 و32 وحزقيال 36: 20 الخ وملاخي 1: 12

لاَ تُعْطِ مِنْ زَرْعِكَ أي لا تتزوج وثنية أو لا تزن بها فتلد منك نسلاً تقدمه محرقة للصنم. (وفي هذا عدة خطايا منها الزيجة الوثنية أو الزنى ومنها دفع إنسان إلى الوثنية ومنها قتل ذلك بتقديمه قرباناً للصنم).

لِلإِجَازَةِ أي لإجازة النسل في النار.

لِمُولَكَ كان هؤلاء الوثنيون يضعون الولد على أيدي صنم مولك بعد إحمائه بالنار ومعنى مولك ملك وهو إله العمونيين وصنمه هائل وهو مما دُعي برجاسات العمونيين وسمي ملكوم أيضاً (1ملوك 11: 5 و11) وجاء في التقليدات المتعلقة بذلك الصنم ما ترجمته قال حكماؤنا المباركو الذكر أنه في أثناء الزمان الذي كان فيه كل الأصنام في هيكل أورشليم كان (مولوك) أو مولك في هيكل خارج أورشليم. وكان ذلك الصنم من النحاس الأجوف وله رأس مثل رأس العجل وكان ممدود اليدين ويداه كأيدي الناس وتانك اليدان مفتوحتان كأنه يبغي أن يأخذ شيئاً ممن يدنو إليه. وكان هيكله سبعة أقسام توزع فيها القرابين المختلفة فالقسم الأول للقرابين من الطير والثاني للقرابين من الكباش. والخامس للقرابين من العجول. والسادس للقرابين من الثيران. والسابع للقرابين من البنين. وكان مقدم القرابين يُقبّل الصنم أولاً وعليه ما جاء في هوشع من قوله «يَقُولُونَ: ذَابِحُو ٱلنَّاسِ يُقَبِّلُونَ ٱلْعُجُولَ» (هوشع 13: 2). وكانوا يحمون ذلك الصنم حتى تحمر يداه من الحرارة وحينئذ يضعون الطفل عليها على ضرب الطبول حتى يمنع فرط الضجيج الوالدين من الانتباه لانفعالات الحنو والشفقة على طفلهما. وكان سليمان قد بنى لهذا الصنم هيكلاً في الجانب الجنوبي من جبل الزيتون (2ملوك 23: 13). وكان حد عابد هذا الصنم القتل رجماً (أنظر ص 20: 2).

لِئَلاَّ تُدَنِّسَ ٱسْمَ إِلٰهِكَ بأن يقول الأمم أن إله إسرائيل مثل إلههم الدنيء (انظر ص 19: 12 و20: 3 و21: 6 و22: 2 الخ).

22 «وَلاَ تُضَاجِعْ ذَكَراً مُضَاجَعَةَ ٱمْرَأَةٍ. إِنَّهُ رِجْسٌ».

ص 20: 13 ورومية 1: 27 و1كورنثوس 6: 9 و1تيموثاوس 1: 10

لاَ تُضَاجِعْ ذَكَراً هذا خطية أهل سدوم (تكوين 19: 5) ولذلك سُمي بالخطية السدومية عند كثيرين من الأمم (وباللواط عند العرب كأنه مشتق من اسم لوط الذي كان من سكان سدوم). وكان حد اللوطي القتل ومع ذلك ارتكب بعضهم الإثم الفظيع (ص 20: 13 وقضاة 19: 22 و1ملوك 14: 24). وكان من مرتكبيه الأمم المحيطة ببني إسرائيل. وكان شائعاً في أيام الرسل (رومية 1: 27 و1كورنثوس 6: 9 وغلاطية 5: 19 و1تيموثاوس 1: 10). وحد مرتكب هذا الاثم في شريعة المسيح القطع من ملكوت الله (1كورنثوس 6: 9 و10). والشريعة المدنية تُعاقب مرتكبه عقاباً ثقيلاً.

23 «وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ بَهِيمَةٍ مَضْجَعَكَ فَتَتَنَجَّسَ بِهَا. وَلاَ تَقِفِ ٱمْرَأَةٌ أَمَامَ بَهِيمَةٍ لِنِزَائِهَا. إِنَّهُ فَاحِشَةٌ».

خروج 22: 19 وص 20: 15 و16 ص 20: 16

بَهِيمَةٍ هذه الخطية القبيحة التي يكرهها الطبع تدل على أن المصريين كانوا يرتكبونها في عبادة آلهتهم المعزية وحدّها في شريعة موسى القتل (ص 20: 15 و16 وخروج 22: 18)،

24 «بِكُلِّ هٰذِهِ لاَ تَتَنَجَّسُوا، لأَنَّهُ بِكُلِّ هٰذِهِ قَدْ تَنَجَّسَ ٱلشُّعُوبُ ٱلَّذِينَ أَنَا طَارِدُهُمْ مِنْ أَمَامِكُمْ».

ع 30 ومتّى 15: 18 و19 و20 ومرقس 7: 21 و22 و23 و1كورنثوس 3: 17 ص 20: 23 وتثنية 18: 12

لاَ تَتَنَجَّسُوا لأن شعب الله يجب أن يكون طاهراً. وعاد هنا الشارع إلى مثل ما ابتدأ به (انظر ع 1 - 5) والخلاصة أنه منعهم من أن يتدنسوا بالخطايا المذكورة في الآية السادسة وما بعدها إلى نهاية الثالثة والعشرين.

25 «فَتَنَجَّسَتِ ٱلأَرْضُ. فَأَجْتَزِي ذَنْبَهَا مِنْهَا، فَتَقْذِفُ ٱلأَرْضُ سُكَّانَهَا».

عدد 35: 34 وإرميا 2: 7 و16: 18 وحزقيال 36: 17 مزمور 89: 32 وإشعياء 26: 21 وإرميا 5: 9 و29 و9: 9 و14: 10 و23: 2 وهوشع 2: 13 و8: 13 و9: 9 ع 28

فَتَقْذِفُ ٱلأَرْضُ سُكَّانَهَا أو فتقيء سكانها. إن الأرض شاركت الإنسان في عقابه على إثمه منذ بدء الخليقة (تكوين 3: 17) ويحسن حال الأرض برد كل شيء (رومية 8: 19 - 22). فحال الأرض الطبيعية متوقفة على أعمال الإنسان الأدبية. فإذا عصى الإنسان الله لم تُعط الأرض أثمارها (تثنية 11: 17) فالأرض تتنجس إذا نجس الإنسان نفسه. وإذا سار في طرق الرب تباركت (ص 25: 19 و26: 4) والله يرحم الأرض وشعبه (تثنية 33: 43). والأرض تنوح إذا أخطأ أهلها (مزمور 96: 11 - 13). ولما كانت مصائب الأرض بخطايا سكانها مُثلت بذات حس وعقل تكره من يجلب عليها البلاء وهم أهلها. وجاء مثل هذا التمثيل في (ع 28 وص 20: 22 ورؤيا 3: 16).

26 «لٰكِنْ تَحْفَظُونَ أَنْتُمْ فَرَائِضِي وَأَحْكَامِي، وَلاَ تَعْمَلُونَ شَيْئاً مِنْ جَمِيعِ هٰذِهِ ٱلرَّجَاسَاتِ، لاَ ٱلْوَطَنِيُّ وَلاَ ٱلْغَرِيبُ ٱلنَّازِلُ فِي وَسَطِكُمْ».

ع 5 و30 وص 20: 22 و23

تَحْفَظُونَ أَنْتُمْ فَرَائِضِي الخ لما كان ارتكاب الآثام المذكورة آنفاً علة نوازل هائلة على الأرض والسكان أوجبت الشريعة الإلهية أن يعتزلها الجميع من وطنيين وغرباء وهم الذين سكنوا بين الإسرائيليين وشاركوهم في العادات أو المعتقدات (انظر ص 17: 8).

27 «لأَنَّ جَمِيعَ هٰذِهِ ٱلرَّجَاسَاتِ قَدْ عَمِلَهَا أَهْلُ ٱلأَرْضِ ٱلَّذِينَ قَبْلَكُمْ فَتَنَجَّسَتِ ٱلأَرْضُ».

ٱلرَّجَاسَاتِ أي الآثام المنجسة (والرجاسة في العربية الفعل القبيح والرجس والرجس القذر والرجس أيضاً المأثم والعمل المؤدي إلى العذاب. وجاء في الكليّات أن الرجس والنجس متقاربان ولكن الرجس أكثر ما يقال في المستقذر طبعاً والنجس أكثر ما يقال في المستعذَر عقلاً وشرعاً). وهذه الآية تتمضن الآية الرابعة والعشرين والآية الخامسة والعشرين فيه مثلهما معنىً والاختلاف في التعبير.

28 «فَلاَ تَقْذِفُكُمُ ٱلأَرْضُ بِتَنْجِيسِكُمْ إِيَّاهَا كَمَا قَذَفَتِ ٱلشُّعُوبَ ٱلَّتِي قَبْلَكُمْ».

ص 20: 22 وإرميا 9: 19 وحزقيال 36: 13 و17

فَلاَ تَقْذِفُكُمُ ٱلأَرْضُ (وتُرجمت في بعض التراجم الأعجمية «فلا تقيئكم الأرض» فشبه الأرض بآكل وشبه المرتكب الرجس بالطعام الخبيث الذي يحمل آكله على القيء. وفي كتب اللغة العربية القذف القيء والرمي وكلا المعنيين صالح هنا والأول هو الأولى والأنسب). وسبق قوله في (ع 25) «فتقذف الأرض سكانها» فانظر التفسير.

29 «بَلْ كُلُّ مَنْ عَمِلَ شَيْئاً مِنْ جَمِيعِ هٰذِهِ ٱلرَّجَاسَاتِ تُقْطَعُ ٱلأَنْفُسُ ٱلَّتِي تَعْمَلُهَا مِنْ شَعْبِهَا».

كُلُّ مَنْ عَمِلَ أي كل من ارتكب الرجس من ذكر أو أنثى.

تُقْطَعُ أي تُقتل والله نفسه يقتلها رأساً أو بواسطة من أقامهم لإجراء العقاب.

30 «فَتَحْفَظُونَ شَعَائِرِي لِكَيْ لاَ تَعْمَلُوا شَيْئاً مِنَ ٱلرُّسُومِ ٱلرَّجِسَةِ ٱلَّتِي عُمِلَتْ قَبْلَكُمْ وَلاَ تَتَنَجَّسُوا بِهَا. أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ».

ع 3 و26 وص 20: 23 وتثنية 18: 9 ع 24 ع 2 و4

شَعَائِرِي المقصود بالشعائر الدين وفرائضه. أمر الله الإسرائيليين بحفظ ذلك وقاية لهم من العقاب.

لِكَيْ لاَ تَعْمَلُوا شَيْئاً مِنَ ٱلرُّسُومِ ٱلرَّجِسَةِ أي من فرائض سكان الأرض الوثنيين المكروهة كره الأقذار وعاداتهم الدينية الضارة للنفس والجسد.

أَنَا ٱلرَّبُّ كُررت هذه العبارة في نهاية كل وصية ذات شأن للترغيب في القيام بالأوامر والترهيب من مخالفة النواهي والأوامر معاً (انظر ع 1 وتفسيره).

اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ عَشَرَ

1 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

وَقَالَ الخ كانت النواهي والأوامر في الأصحاح الثامن عشر لتقرير السلوك الأدبي باعتبار العلاقات بين الأشخاص والأمور البيتية. والوصايا والفرائض التابعة لتلك في هذا الأصحاح تتعلق بحياة الإسرائيليين باعتبار أنهم جماعة وشعب لله وما يجب عليهم لله وللناس. واعتبر علماء الناموس مدة الهيكل الثاني هذا الأصحاح تقريراً وتأكيداً للوصايا العشر لأنه يشتمل على جوهر كل تلك الوصايا وكان يقرأه الجميع في الاجتماعات الجمهورية. وفي هذا الأصحاح ستة عشر قسماً من الوصايا خُتمت ثمانية أقسام منها بقوله «أنا الرب إلهكم» والثمانية الأقسام الباقية بقوله «أنا الرب» (ع 2 - 4 و10 و25 و31 و34 و36. ع 12 و14 و16 و18 و28 و30 و32 و37).

2 «قُلْ لِكُلِّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: تَكُونُونَ قِدِّيسِينَ لأَنِّي قُدُّوسٌ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ».

ص 11: 44 و20: 7 و26 و1بطرس 1: 16

قُلْ لِكُلِّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ هذه العبارة تدل على أهمية هذا الأصحاح الذي هو مختصر الشريعة ولم يُذكر لها من نظير في سفر اللاويين ولا في الأسفار الخمسة إلا في موضع واحد في سفر الخروج (انظر خروج 12: 3) وكان ذلك في وضع عيد الفصح الذي هو عظيم الأهمية لأنه تذكار فداء إسرائيل من مصر.

ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ هذه العبارة العظيمة التي كُرر معناها في هذا الأصحاح (انظر تفسير ع 1) محور شرائع أو فرائض مختلفة. وهي عبارة يجب عند تلاوتها أعظم الوقار وقائمة مقام رابط لكل من الفرائض بالآخر في هذا الأصحاح. والمقصود منها أن يكون الإسرائيليين مقدسين لأنهم شعب إله قدوس هو وحده إلههم وعبيد رب قدوس هو وحده ربهم. وكان علماء الناموس في مدة الهيكل الثاني يقولون بناء على هذه الآية ما معناه إن الله بمنزلة ملك للإسرائيليين وإن الإسرائليين بمنزلة أهل البلاط والواجب على أهل البلاط الملكي أن يحملوا وسم ملكهم. والمعنى أن الله قدوس فيجب أن يتصف آله بصفات القداسة. وبعبارة أخرى أن اقترابهم من الله القدوس يستلزم أن لا تكون سيرتهم منافية لقداسة الله وأن يكون لهم فوق ذلك صورة الله. وهذا ما أرادوه بوسم ملكهم (انظر ص 11: 44 ومتّى 5: 48 و1بطرس 1: 15).

3 «تَهَابُونَ كُلُّ إِنْسَانٍ أُمَّهُ وَأَبَاهُ وَتَحْفَظُونَ سُبُوتِي. أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ».

خروج 20: 12 خروج 20: 8 و31: 13

تَهَابُونَ كُلُّ إِنْسَانٍ أُمَّهُ وَأَبَاهُ أي ليهب كل منكم أمه وأباه. من أول صفات القداسة التي يطلبها الرب الإله القدوس أن يحترم الإنسان أباه وأمه وهذا هو الوصية الخامسة من الوصايا العشر (خروج 20: 12) وهي كما قال الرسول أول وصية بوعد (أفسس 6: 2). قال علماء الناموس في مدة الهيكل الثاني أنه مما يستحق الاعتبار لندرته وغرابته أن الأم هنا قُدمت على الأب وهذا مثال من ثلاثة أمثلة لا رابع لها في الأسفار المقدسة والاثنان الباقيان أحدهما في (تكوين 44: 20) والثاني في (لاويين 21: 2). قالوا والعلة في تقديم الأم على الأب هنا أن الأولاد بمقتضى العادة يحبون الأم ويخافون الأب فأوصى الأولاد أن يهابوا الأم أولاً ثم الأب لأنهم أشد افتقاراً إلى التوصية بأن يهابوا الأم لعادتهم أن يحبوها فبالأولى أن يهابوا الأب. وكانت تلك الهيبة تقوم بثلاثة أمور:

  1. أن لا يقفوا أو يجلسوا في موضع مفرز لوقوف الوالدين أو جلوسهما.

  2. أن لا يتعرضوا لتنفيذ أقوالهما أو مناقضتهما.

  3. أن لا يدعوهما باسميهما بل عليهما أن يدعوهما بأبي وأمي أو سيدي وسيدتي. وفسروا الإكرام في الوصية الخامسة (خروج 20: 12) بأن يقوم الأولاد بمقومات معاش الوالدين من الطعام والكسوة وأن يحرسوهما. وحُسب الوالدان نائبي الله على الأرض فيجب أن يُكرم الوالدان كما يكرم الله لأن إكرام النائب إكرام الذي ناب عنه. فإنا نكرم الله بمالنا (أمثال 3: 9) فيجب أن نكرم الوالدين بذلك. وإننا نخاف الرب أو يجب أن نخافه (تثنية 6: 13) فيجب أن نهاب الوالدين. وإنه من جدّف على اسم الرب يُقتل (ص 24: 16) وكذلك كل من سب أباه أو أمه (ص 20: 9).

تَحْفَظُونَ سُبُوتِي (أي احفظوا سبوتي) قرَن بالوصية الخامسة في هذه الآية الوصية الرابعة من الوصايا العشر وعلى ذلك أنه كان على الوالدين الإسرائيليين أن يهذبا أولادهما منذ الصغر ويحثانهما على حفظ وصايا الله ولا سيما الوصية الرابعة. فإن في السبت المقدس كان للوالدين أحسن الفرص لتعليم أولادهما وتدريبهما وحثهما على حفظ وصايا الرب. وكان ذلك من أهم ما يجب على الوالدين في تقديس يوم الرب وفيه كان خدم الدين الذين يعلّمون الشعب ويرشدونه ويحثونه على حب الرب وطاعته وإكرامه والقداسة التي هي عماد هذا الأصحاح ولذلك أُنذر مدنسو ذلك اليوم الذي هو يوم القداسة وحُسب تدنيسه من أكبر الخطايا وأفظعها (حزقيال 20: 12 و22: 8 و23: 38 الخ) والمرجّح أن هذا علة قول علماء الناموس في مدة الهيكل الثاني إن وصية السبت تحدد وجوب البنوية فقُرنت بالوصية الرابعة بياناً لوجوب أن يحفظ الأولاد السبت كما يجب أن يطيعيوا الوالدين وإنهم إذا لم يقدسوا السبت لم يطيعوا والديهم (انظر ص 23: 3).

4 «لاَ تَلْتَفِتُوا إِلَى ٱلأَوْثَانِ، وَآلِهَةً مَسْبُوكَةً لاَ تَصْنَعُوا لأَنْفُسِكُمْ. أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ».

خروج 20: 4 و2 26: 1 و1كورنثوس 10: 14 و1يوحنا 5: 21 خروج 34: 17 وتثنية 27: 15

لاَ تَلْتَفِتُوا إِلَى ٱلأَوْثَانِ كان على الإسرائيليين لأن الرب هو إلههم وليس من إله حق سواه أن لا يميلوا إلى الأوثان ولا يلتمسوها ولا يصلوا لها. فهذه الآية على وفق الوصية الأولى من الوصايا العشر (خروج 20: 3). فإن تلك الأصنام صور آلهة متوهمة لا وجود لها في سوى الأخيلة وعلى هذا قال الرسو ل «نَعْلَمُ أَنْ لَيْسَ وَثَنٌ فِي ٱلْعَالَمِ، وَأَنْ لَيْسَ إِلٰهٌ آخَرُ إِلاَّ وَاحِداً» (1كورثنوس 8: 4). وفسّر علماء الناموس قوله «لا تلتفتوا» بقولهم لا تواجهوا وإن معنى ذلك لا تنظروا وإن الله حرم كل أمور العبادة الوثنية حتى نظر الأصنام.

آلِهَةً مَسْبُوكَةً لاَ تَصْنَعُوا هذه العبارة على وفق الوصية الثانية من الوصايا العشر (خروج 20: 4 - 6). وذُكرت الآلهة مرة أخرى فقط (خروج 34: 17). (ومعنى السبك إذابة الجسم المعدني وإفراغه في القالب).

5 «وَمَتَى ذَبَحْتُمْ ذَبِيحَةَ سَلاَمَةٍ لِلرَّبِّ فَلِلرِّضَا عَنْكُمْ تَذْبَحُونَهَا».

ص 7: 16

يظهر من الآية الثالثة إلى السابعة من الأصحاح السابع عشر أن بني إسرائيل اعتادوا أن يذبحوا للأوثان فنبههم الله هنا على وجوب أن لا يذبحوا لغيره ولم يكتف بذلك فأبان لهم ما يتعلق بتلك الذبائح.

مَتَى ذَبَحْتُمْ ذَبِيحَةَ بهيمة من البهائم الثلاثة البقر والغنم والمعزى ذبيحة سلامة فافعلوا كما يأتي.

فَلِلرِّضَا عَنْكُمْ تَذْبَحُونَهَا أي لكي يرضى الله عنكم ويقبلكم.

6 «يَوْمَ تَذْبَحُونَهَا تُؤْكَلُ، وَفِي ٱلْغَدِ. وَٱلْفَاضِلُ إِلَى ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ يُحْرَقُ بِٱلنَّارِ».

يَوْمَ تَذْبَحُونَهَا تُؤْكَلُ، وَفِي ٱلْغَدِ أي يجب أن يؤكل لحم البهيمة في يوم ذبحها واليوم الذي يليه. قال علماء الناموس في مدة الهيكل الثاني أن المقصود بهذه الذبيحة التي تؤكل في يوم ذبحها وغده هي الذبيحة المذكورة في (ص 7: 16) لأن لحم ذبيحة السلام يجب أن يؤكل في يوم الذبح (ص 7: 15).

وَٱلْفَاضِلُ الخ (انظر 7: 17 والتفسير).

7 «وَإِذَا أُكِلَتْ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ فَذٰلِكَ نَجَاسَةٌ لاَ يُرْضَى بِهِ».

وَإِذَا أُكِلَتْ الخ (انظر ص 7: 18).

8 «وَمَنْ أَكَلَ مِنْهَا يَحْمِلُ ذَنْبَهُ لأَنَّهُ قَدْ دَنَّسَ قُدْسَ ٱلرَّبِّ. فَتُقْطَعُ تِلْكَ ٱلنَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا».

وَمَنْ أَكَلَ مِنْهَا (انظر ص 7: 18 - 20).

فَتُقْطَعُ تِلْكَ ٱلنَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا أي فتُقتل (انظر ص 7: 20 و21 و25 و27 انظر تفسير ص 22: 3).

9 «وَعِنْدَمَا تَحْصُدُونَ حَصِيدَ أَرْضِكُمْ لاَ تُكَمِّلْ زَوَايَا حَقْلِكَ فِي ٱلْحَصَادِ. وَلُقَاطَ حَصِيدِكَ لاَ تَلْتَقِطْ».

ص 23: 22 وتثنية 24: 19 و20 و21 وراعوث 2: 15 و16

عِنْدَمَا تَحْصُدُونَ في هذه الآية بيان أن الإحسان إلى المساكين من الوسائل التي يحصل بها الإسرائيليون على القداسة التي تقدرهم على أن يذكروا قداسة الله. إن الله محسن إلى جميع خلقه ويعد ما يحتاج إليه كل حي (مزمور 145: 15 و16) فوجب على شعبه بني إسرائيل أن يلتفتوا إلى حاجات المحتاجين. وبهذا جعل الله بالشريعة أن للمساكين حقاً أن يأخذوا جزءاً من غلال الأرض فأغناهم بذلك عن أخذ الإحسان السري الذي لا يخلو من احتقار السائل وظلم المسؤول.

حَصِيدَ أَرْضِكُمْ قال علماء الناموس في مدة الهيكل الثاني أن المقصود بهذا الحصيد خمسة غلال:

  1. النباتات التي تؤكل وتغذي لا التي يُصبغ بها.

  2. النباتات التي تحصل بالزراعة لا التي تنبت بالطبيعة في الأرض مطلقاً.

  3. التي تختص بالتربة المحروثة لا التي تنبت لمجرد الرطوبة كالفطر والكمأة وما شاكلهما.

  4. التي تنضج في وقت معيّن في السنة وتُجنى كذلك لا التي تنضج على التوالي كأثمار الأشجار.

  5. الغلال التي تُذخر وهذه غير البقول التي لا يمكن ذخرها.

لاَ تُكَمِّلْ زَوَايَا حَقْلِكَ فِي ٱلْحَصَادِ لكي يبقى ما في تلك الزوايا للمساكين. لم يُعيّن مقدار ما يجب أن يترك بلا حصاد هنا والذي قاله علماء الناموس أنه يجب أن لا يقل المتروك عن جزء من ستين من غلة الحقل ويجب أن يُترك ذلك على أطراف الحقل ليسهل على البائسين حصده. وكان للمساكين أن يأتوا إلى الحقول صباحاً وظهراً وعند تقدمة الذبيحة المسائية وذلك الساعة الثالثة بعد الظهر فكان الصباح للأمهات ذوات الأولاد الصغار لأن الأولاد يكونون نياماً حينئذ والظهر للمراضع والمساء للشيوخ.

لُقَاطَ حَصِيدِكَ لاَ تَلْتَقِطْ فسّر علماء الناموس في عصر الهيكل الثاني اللقط بما يقع من السنابل من اليد أو المنجل في أيام النضج وذلك لا يكون سوى سنبلة أو سنبلتين فإن زاد على ذلك كان لصاحب الحقل لا للاّقط. وإذا ذرت الرياح السنابل بعد حصدها وجب أن يعطي رب الحقل جزءاً مناسباً منها للاقطين وكذا إذا لم يسقط شيء من السنابل عند الحصاد وإلا وجب أن يُضرب بالعصيّ.

10 «وَكَرْمَكَ لاَ تُعَلِّلْهُ وَنِثَارَ كَرْمِكَ لاَ تَلْتَقِطْ. لِلْمِسْكِينِ وَٱلْغَرِيبِ تَتْرُكُهُ. أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ».

كَرْمَكَ لاَ تُعَلِّلْهُ أي لا تحنِ ثمره بعد أخرى حتى لا تُبقي شيئاً من الثمر فيه فكان يجب أن لا يجني سوى كبار العناقيد ويترك ما عليه عنبة أو عنبتان للبائسين.

وَنِثَارَ كَرْمِكَ لاَ تَلْتَقِطْ كالحبوب التي تنفرط وتقع على الأرض.

11 «لاَ تَسْرِقُوا وَلاَ تَكْذِبُوا وَلاَ تَغْدُرُوا أَحَدُكُمْ بِصَاحِبِهِ».

خروج 20: 15 و22: 1 و7 و10 إلى 12 وتثنية 5: 19 ص 6: 2 وأفسس 4: 25 وكولوسي 3: 9

لاَ تَسْرِقُوا هذه العبارة هي الوصية الثامنة من الوصايا العشر (خروج 20: 15) ولكن هذا متعلق على الأرجح بأرباب الحقول والكروم فيدل على أن من لا يترك في أرضه شيئاً من غلالها للبائسين يُعدُّ سارقاً. ولهذا قال الناموسيون من وضع سلة تحت الجفنة عند الجنى يسرق المسكين.

12 «وَلاَ تَحْلِفُوا بِٱسْمِي لِلْكَذِبِ فَتُدَنِّسَ ٱسْمَ إِلٰهِكَ. أَنَا ٱلرَّبُّ».

خروج 20: 7 وص 6: 3 وتثنية 5: 11 ومتّى 5: 33 ويعقوب 5: 12 ص 18: 21

لاَ تَحْلِفُوا هذا على وفق الوصية الثالثة من الوصايا العشر (خروج 20: 7).

13 «لاَ تَغْصِبْ قَرِيبَكَ وَلاَ تَسْلِبْ، وَلاَ تَبِتْ أُجْرَةُ أَجِيرٍ عِنْدَكَ إِلَى ٱلْغَدِ».

مزمور 10: 19 و1تسالونيكي 4: 6 تثنية 24: 14 و15 وملاخي 3: 5 ويعقوب 5: 4

لاَ تَغْصِبْ فسّر هذا يوحنا المعمدان للجنود بقوله «لاَ تَظْلِمُوا أَحَداً وَٱكْتَفُوا بِعَلاَئِفِكُمْ» (لوقا 3: 14).

لاَ تَبِتْ أُجْرَةُ أَجِيرٍ عِنْدَكَ إِلَى ٱلْغَدِ أي اعطه أجرته في يوم عمله لأن قوام معاشه ومعاش عياله متوقف على تلك الأجرة. وقد كُررت هذه الوصية في الكتاب لأهميتها (تثنية 24: 14 و15 وإرميا 32: 13 وملاخي 3: 5 ويعقوب 5: 4). ولهذا قال علماء الناموس في عصر الهيكل الثاني «من قسا على الأجير يخطأ خطاء عظيماً حتى كأنه قتله وتعدّى خمس وصايا».

14 «لاَ تَشْتِمِ ٱلأَصَمَّ، وَقُدَّامَ ٱلأَعْمَى لاَ تَجْعَلْ مَعْثَرَةً، بَلِ ٱخْشَ إِلٰهَكَ. أَنَا ٱلرَّبُّ».

تثنية 27: 18 ورومية 14: 13 تكوين 42: 18 وع 32 وص 25: 17 وجامعة 5: 7 و1بطرس 2: 17

لاَ تَشْتِمِ ٱلأَصَمَّ شتم الأصم وهو الفاقد حس السمع دناءة وشر وإثم لأنه لا يسمع الشتم ولا يقدر أن يدفع عن نفسه (مزمور 38: 14 و15). قال علماء الناموس إذا كان شتم الأصم محظوراً فبالأولى أن يكون شتم الذي يسمع كذلك لأن هذا يغضب ويحزن دون ذاك.

قُدَّامَ ٱلأَعْمَى لاَ تَجْعَلْ مَعْثَرَةً قال الله في موضع آخر «مَلْعُونٌ مَنْ يُضِلُّ ٱلأَعْمَى عَنِ ٱلطَّرِيقِ» (تثنية 27: 18). وشاع منذ القديم أن مساعدة العميان من الأعمال التي يجزي الله عليها خيراً (بخلاف قول بعض جهلاء العامة «أين رأيت الأعمى فطبه فإنك لست أكرم من ربه»). وعلى هذا قال أيوب في الكلام على ما قام به من الخدم للقريب «كنت عيوناً للعمي» (أيوب 19: 15). وكان يرى علماء الناموس في أيام المسيح أن ذلك يطلق على الأعمى حقيقة والأعمى مجازاً كالجاهل وقليل الفهم وطالب النصح فمن لم يخلص النصيحة لمثل أولئك كان كمن يضع قدام الأعمى ما يعثر به. وهذا على وفق قول الرسول «لاَ يُوضَعَ لِلأَخِ مَصْدَمَةٌ أَوْ مَعْثَرَةٌ» (رومية 14: 13).

بَلِ ٱخْشَ إِلٰهَكَ إن الله يعاقب على شتم الأصم ووضع المعثرة قدام الأعمى عقاباً شديداً فيجب أن يخاف الناس الله في ذلك لأنه سميع بصير لا يخفى عليه شيء وهو ديّان عادل (انظر ع 32).

15 «لاَ تَرْتَكِبُوا جَوْراً فِي ٱلْقَضَاءِ. لاَ تَأْخُذُوا بِوَجْهِ مِسْكِينٍ وَلاَ تَحْتَرِمْ وَجْهَ كَبِيرٍ. بِٱلْعَدْلِ تَحْكُمُ لِقَرِيبِكَ».

خروج 23: 2 و3 وتثنية 1: 17 و16: 19 و27: 19 ومزمور 82: 2 وأمثال 24: 23 ويعقوب 2: 9

لاَ تَرْتَكِبُوا جَوْراً فِي ٱلْقَضَاءِ أي يجب على الحكام أن يعدلوا في الأحكام.

لاَ تَأْخُذُوا بِوَجْهِ مِسْكِينٍ (أي لا تحابوا أو لا تعاقبوا المسكين البريء لأجل الغني. هذا على ما يفيده الأخذ بالشخص على ما في اللغة العربية وذكر الوجه هنا وأراد الرجل لأنه يُعرف بوجهه ولأن المحاباة تكون لذلك). والمعنى يجب على القضاة أن ينصفوا ويحكموا لفقير إذا كان الحق معه ولو كان على غاية الفقر وينصفوه من الغني ولو كان في أعلى درجات الغنى (خروج 23: 3). قال علماء الناموس في عصر الهيكل الثاني «إن قال الغني إني مكلف بمقتضى الشريعة أن أقوم بحاجات الفقير ولهذا أسمح له أن يربح الدعوى فيحصل على حاجاته دون أن يتذلل بطلب الصدقات قيل له لا تأخذ بوجه مسكين».

لاَ تَحْتَرِمْ وَجْهَ كَبِيرٍ في المحاكمة فإذا كان المتحاكمان أحدهما غني والآخر فقير وجب أن يكونا متساويين في الخطاب أمام القاضي أو الحاكم فلا يُكرم الغني ويُهان الفقير. وقد أشار الرسول إلى هذه العبارة بقوله «إِنْ كُنْتُمْ تُحَابُونَ تَفْعَلُونَ خَطِيَّةً، مُوَبَّخِينَ مِنَ ٱلنَّامُوسِ كَمُتَعَدِّينَ» (يعقوب 2: 9 قابل هذا بما في ع 2 - 4).

16 «لاَ تَسْعَ فِي ٱلْوِشَايَةِ بَيْنَ شَعْبِكَ. لاَ تَقِفْ عَلَى دَمِ قَرِيبِكَ. أَنَا ٱلرَّبُّ».

خروج 23: 1 ومزمور 15: 3 و50: 20 وأمثال 11: 13 و20: 19 وحزقيال 22: 9 خروج 23: 1 و7 و1ملوك 21: 13 ومتّى 26: 60 و61 و27: 4

لاَ تَسْعَ فِي ٱلْوِشَايَةِ (انظر إرميا 6: 28 و9: 4 وحزقيال 22: 9). (أي لا تنم بأحد عند الحاكم ولا تسعَ به). من عادة الظالمين النميمة بخصومهم عند الحكام فنهى الله عن ذلك ليكون الحكم بمقتضى الحق وخلوّ الذهن مما يحمل على الجور فإن النميمة أفسدت أخلاقاً وهدمت بيوتاً كثيرة وأهلكت كثيرين من الأبرياء (1صموئيل 22: 9 و18 وحزقيال 22: 9 الخ). وقال علماء الناموس في أيام المسيح إن الوشاية من شر الخطايا. وقالوا «ثلاثة تشقي الإنسان في هذا العالم وتحرمه السعادة في العالم الآتي عبادة الأصنام والزناء والقتل والوشاية شر الثلاثة لأنها تقتل ثلاثة أشخاص بضربة واحدة الواشي وقابل الوشاية والموشيُّ به». وعلى هذا تُرجمت الآية في ترجمة يوناثان الكلدانية «لا تسع باللسان الملعون ثلاثاً لأنه أقتل من سيف ذي حدين» (قابل هذا بما في جامعة 8: 14).

لاَ تَقِفْ عَلَى دَمِ قَرِيبِكَ (معنى هذه العبارة مبهم وهي في العبرانية «لا تعمد على دم رعَك» أي لا تقف على دم صديقك أو صاحبك أو أخيك في البشرية وهذا هو المقصود بالقريب في عبارة المتن). وفسّر علماء الناموس هذه العبارة بقولهم «يجب عليك أن لا تقف غير مكترث بأخيك وهو عرضة لأن يُسفك دمه ويجب أن تسرع إلى مساعدته وإنقاذه ولو عرّضت حياتك للخطر مثل أن تدفع عنه اللصوص أو الوحوش المفترسة وغير ذلك من المهلكات أو يجب أن لا تقف ساكتاً إذا وقف قريبك أمام الحاكم وحُكم عليه ظلماً لعدم بيّنات تبرئته وأنت تعرف أنه بريء وتقدر أن تدفع عنه بالبيّنات». وعلى هذا جاء في ترجمة يوناثان الكلدانية «لا تسكت عن دم قريبك إذا عرفت الحق في القضاء» وقال بعضهم «لا تقف على شهادة الزور التي تقضي بسفك دم أخيك بل تقدم وبيّن فسادها» فتكون عبارة المتن على هذا على وفق ما في (خروج 23: 1 و7).

(وبقي أنه على ما ظهر لي أن العبارة كناية عن الإخفاء لأن من يقف على الشيء يخفيه تحت قدميه فيكون المعنى لا تخفِ دم اخيك ويستلزم ذلك أن لا يخفي شهادته على قاتله فينطبق هذا على المعنى الآخر).

17 «لاَ تُبْغِضْ أَخَاكَ فِي قَلْبِكَ. إِنْذَاراً تُنْذِرُ صَاحِبَكَ، وَلاَ تَحْمِلْ لأَجْلِهِ خَطِيَّةً».

1يوحنا 2: 9 و11 و3: 15 متّى 18: 15 ولوقا 17: 2 وغلاطية 6: 1 وأفسس 5: 11 و1تيموثاوس 5: 20 و2تيموثاوس 4: 2 وتيطس 1: 13 و2: 15 رومية 1: 32 و1كورنثوس 5: 2 و1تيموثاوس 5: 22 و2يوحنا 11

لاَ تُبْغِضْ أَخَاكَ فِي قَلْبِكَ وصل الشارع هنا إلى الانفعال الباطن وأعماق القلب فيجب علينا أن لا نحقد على القريب ولا نبغضه ولو أساء إلينا.

إِنْذَاراً تُنْذِرُ صَاحِبَكَ أي لك أن تنبهه على ضلاله أو خطإه وتبين له سوء العاقبة بمقتضى الشرع والعقل بغية نفعه لا بغية الإذلال والتشفي. وفسّر الناموسيون هذه العبارة بقولهم: إذا أخطأ إنسان إلى أخيه وجب أن لا يضمر له العداوة والبغض ويسكت مقتدياً بأبشالوم على ما في قول الكتاب «وَلَمْ يُكَلِّمْ أَبْشَالُومُ أَمْنُونَ بِشَرٍّ وَلاَ بِخَيْرٍ، لأَنَّ أَبْشَالُومَ أَبْغَضَ أَمْنُونَ» (2صموئيل 13: 22). فله أن يقول لصاحبه لماذا أسأت إلي إنك أخطأت بذلك فدع الإساءة وما شاكل هذا. قلنا ومن فعل ذلك جرى على سنة المسيح في قوله «وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَوَبِّخْهُ» (لوقا 17: 3).

وَلاَ تَحْمِلْ لأَجْلِهِ خَطِيَّةً بعدم معاتبتك إياه وإضمار البغض له. والخطاء في ذلك مضاعف وهو بغضك إياه وتركه في خطائه بعدم إنذاره بشريعة الله. وفسّر هذه العبارة علماء الدين في عصر الهيكل الثاني «فلا تحمل خطيئة بسبب ذلك أي إضمار البغض». وجاء في الترجمة الكلدانية ما معناه أنذره على خطيئته وإلا كنت شريكاً له فيها. وفسّر بعضهم ذلك بقوله أنذره فإن لم يؤثر فيه الإنذار فكرره ويجب أن تترك الإنذار متى رأيت وجهه احمرّ خجلاً لأن ذلك يدل على أن الإنذار قد أثر فيه فتخلصه بذلك من إثمٍ وتتبرأ من مشاركتك إياه فيه. وبعض هذه أو مضمونه ما في قول بولس الرسول في بعض رسائله (رومية 1: 32 وأفسس 4: 26 و1تيموثاوس 5: 20 و22).

18 «لاَ تَنْتَقِمْ وَلاَ تَحْقِدْ عَلَى أَبْنَاءِ شَعْبِكَ، بَلْ تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. أَنَا ٱلرَّبُّ».

2صموئيل 13: 22 وأمثال 20: 22 ورومية 12: 17 و19 وغلاطية 5: 20 وأفسس 4: 31 ويعقوب 5: 9 و1بطرس 2: 1 متّى 5: 43 و22: 29 ورومية 13: 9 وغلاطية 5: 14 ويعقوب 2: 8

لاَ تَنْتَقِمْ حُظر علينا أن نضمر البغض وأوجب علينا أن ننذر في الآية السابعة عشرة وحُظر علينا هنا أن ننتقم. ضرب علماء الناموس مثلاً للانتقام بقولهم إذا كنت في حاجة واستقرضت أخاك فلم يقرضك ثم احتاج ذلك الأخ واستقرضك فقلت له لا أقرضك لأنك لم تقرضني في حاجتي فقد انتقمت منه (قابل ذها بما في رومية 12: 19).

لاَ تَحْقِدْ (الحقد إمساك العداوة في القلب والتربص لفرصة الانتقام). هذا النهي يستلزم أن نغفر إساءة المسيء وننساها كأنها لم تكن ولهذا قال علماء الناموس في عصر المسيح «إذا استقرضك من لم يرد أن يقرضك في حاجتك وأقرضته ولكنك قلت له حينئذ إني أقرضتك ولم أفعل فعلك أو أجازك عليه فتكون قد حقدت وخالفت الوصية». وقالوا أيضاً «من غفر للمسيء غفر الله له في يوم الدين». وقالوا أيضاً «من احتمل الضر ولم يجاز عليه بمثله فقد أكمل عمل المحبة». وفي مثله قيل «أَحِبَّاؤُهُ كَخُرُوجِ ٱلشَّمْسِ فِي جَبَرُوتِهَا» (قضاة 5: 31).

تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ هذه الوصية النفيسة المحور الذي دار عليه النظام الأدبي الذي وضعه كبراء أمة اليهود في عصر الهيكل الثاني. وقد سأل بعضهم المعلم هِليل خلاصة شريعة الله بأوجز عبارة فقال «لا تفعل بغيرك ما لا تريد أن يفعله بك هذه الشريعة كلها فاذهب وتعلّم». فقال القاعدة الأدبية غير مذهبة لأنها في طريق السلب. أما المسيح فقالها في طريق الإيجاب فكان قوله قاعدة ذهبية (انظر متّى 7: 12 ولوقا 6: 31 ورومية 13: 8 - 10).

19 «فَرَائِضِي تَحْفَظُونَ. لاَ تُنَزِّ بَهَائِمَكَ جِنْسَيْنِ، وَحَقْلَكَ لاَ تَزْرَعْ صِنْفَيْنِ، وَلاَ يَكُنْ عَلَيْكَ ثَوْبٌ مُصَنَّفٌ مِنْ صِنْفَيْنِ».

تثنية 22: 9 و10 تثنية 22: 11

فَرَائِضِي تَحْفَظُونَ أي إن الوصايا الآتية وإن كانت ليست في طبقة الآداب العليا كالوصايا السابقة ضرورية لحفظ القداسة فإن الله صنع كل شيء «كجنسه» (تكوين 1: 11 و12 و21 و24 و25 الخ). وجعل التمييز الطبيعية في رتب مخلوقاته. فالإنسان الذي يحاول توحيد المختلفات يحاول تشويش شرائع الله وأن يعمل على خلاف ترتيب القدوس وخلاف ما يحصل به على القداسة.

لاَ تُنَزِّ بَهَائِمَكَ جِنْسَيْنِ أي لا تسمح بأن يثب ذكور جنس من البهائم على أناث جنس آخر (علة هذا المنع أمران الأول أنه خلاف ترتيب الله (تكوين 1: 11 و12 و21 و24 و25). والثاني أنه مما يخفف كراهة ما نُهي عنه في (ص 18: 22 و23). على أن الله لم ينه عن استخدام نتاج جنسين مختلفين. فقد رأينا أن اليهود الأقدمين استخدموا البغال كثيراً (انظر 2صموئيل 13: 29 و18: 10 و1ملوك 1: 33 و38 و10: 25 و18: 5 عزرا 2: 66 الخ). ولكن تلك البغال التي استخدموها إما اختلط آباؤها وأماتها لذاتها دون مداخلة اليهود وإما أُتي بها إليهم من بلاد الأمم. وهذه الشريعة لا يزال اليهود يراعونها إلى هذا اليوم في فلسطين وغيرها من البلاد.

حَقْلَكَ لاَ تَزْرَعْ صِنْفَيْنِ ذهب علماء الشريعة مدة الهيكل الثاني أن هذه الوصية مقصورة على ما يأكله الناس من الحبوب فالممنوع مثل زرع الحنطة والشعير أو الفول والعدس في حقل واحد. وكان محظوراً على الإسرائيلي أن يزرع ذلك وأن يسأل أخر أن يزرعه له. وأما بزور الأشجار فلم يمنع من زرع المختلفات منها في أرض واحدة فإذا زرع الإنسان تينة بين الدوالي لم يخالف الوصية (لوقا 13: 6) ولم يحرّم اليهود زرع أجناس مختلفة من البزور إذا لم تكن طعاماً للناس بل كانت طعاماً للبهائم فقط أو كانت للطب والعلاج. وكان مباحاً لليهود أن يأكلوا الحبوب المخلوطة كما كان لهم أن يركبوا البغال ويستخدموها لغير الركب من الحاجات. ومما يجب الالتفات إليه إن هذه الوصية متقدمة على وقتها فإنه لم يكن للإسرائيليين حقول إلا بعد أن ملكوا أرض كنعان. وعلى هذا قال علماء الناموس في تفسير هذه العبارة «حقل ميراثك في أرض الميعاد». إن الأشجار لم تُذكر هنا ومع ذلك حرّم علماء الناموس أن يلقّح الأترج بالتفاح والأشجار بالبقول على أنه كان لهم أن يأكلوا أثمار الأشجار الملقّحة (أي المطعّمة).

لاَ يَكُنْ عَلَيْكَ ثَوْبٌ مُصَنَّفٌ مِنْ صِنْفَيْنِ كأن يكون منسوجاً من صوف وكتان. على أن علماء الناموس في عصر الهيكل الثاني منعوا فوق ذلك رقع الثوب برقعة من غير جنسه. وترجم بعضهم العبارة بقوله «لا يكن عليك ثوب من صوف وكتان» وقالوا علة ذلك على قول علماء الناموس إن الصوف والكتان كان للكهنة دون غيرهم. ولا يزال اليهود الورعون يراعون هذه السنة إلى هذا اليوم وإنما ترجموا العبارة كذلك بناء على تكرارها في سفر التثنية كذلك فإن فيه ما نصه «لاَ تَزْرَعْ حَقْلَكَ صِنْفَيْنِ... لاَ تَحْرُثْ عَلَى ثَوْرٍ وَحِمَارٍ مَعاً. لاَ تَلْبَسْ ثَوْباً مُخْتَلَطاً صُوفاً وَكَتَّاناً مَعاً» (تثنية 22: 9 - 11).

20 «وَإِذَا ٱضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ ٱمْرَأَةٍ ٱضْطِجَاعَ زَرْعٍ وَهِيَ أَمَةٌ مَخْطُوبَةٌ لِرَجُلٍ، وَلَمْ تُفْدَ فِدَاءً وَلاَ أُعْطِيَتْ حُرِّيَّتَهَا، فَلْيَكُنْ تَأْدِيبٌ. لاَ يُقْتَلاَ لأَنَّهَا لَمْ تُعْتَقْ».

وَإِذَا ٱضْطَجَعَ أي ارتكب الزناء.

أَمَةٌ أي مملوكة يهودية وقيل كنعانية.

مَخْطُوبَةٌ أي قبل أن تتزوج من خطيبها.

لَمْ تُفْدَ فِدَاءً بأن يدفع خطيبها ثمنها أي يشتريها من سيدها أو يعطيها سيده إياها وحينئذ تكون حرة على نوع ما (انظر خرج 21: 4).

وَلاَ أُعْطِيَتْ حُرِّيَّتَهَا بأن يعتقها سيدها أو يشتريها خطيبها وعلى هذا جاء في الترجمة الكلدانية القديمة «ولم تحرر بصك تسريح».

فَلْيَكُنْ تَأْدِيبٌ كان هذا التأديب على ما عُرف من خدم الدين اليهودي في أيام الهيكل الثاني أربعين جلدة للمرأة بسوط من جلد الثور هذا إذا كانت ارتكبت الإثم باختيارها وظاهر العبارة إن التأديب للاثنين الرجل والمرأة. وقصره بعضهم على المرأة لأن تأديب الرجل بتقديم الذبيحة على ما في الآية الآتية.

لاَ يُقْتَلاَ لأن شريعة القتل على زناء الأحرار وهي لم تكن حرة حينئذ (انظر ص 20: 10 وتثنية 22: 23 و24).

21 «وَيَأْتِي إِلَى ٱلرَّبِّ بِذَبِيحَةٍ لإِثْمِهِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ: كَبْشاً، ذَبِيحَةَ إِثْمٍ».

ص 5: 15 و6: 6

وَيَأْتِي إِلَى ٱلرَّبِّ بِذَبِيحَةٍ لإِثْمِهِ هذا كان جزاء الرجل فكان عليه أن يأتي بذبيحة الإثم على كل حال سواء أكان إثمه مقصوداً أم كانت زلته عن جهل أو عن غير عمد أما المرأة فكانت معفاة من الذبيحة لأنها كانت مُلك سيدها ولم تكن لنفسها فلم يكن لها ما تشتري به الذبيحة بل لم تكن تملك شيئاً.

إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ أي إلى مدخل الخيمة الذي يؤتى إليه بكل الذبائح (انظر ص 17: 4 و5) وكان الكبش المذكور هنا البهيمة المعتادة لتقديم هذه الذبيحة (انظر ص 5: 17 و18).

22 «فَيُكَفِّرُ عَنْهُ ٱلْكَاهِنُ بِكَبْشِ ٱلإِثْمِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ مِنْ خَطِيَّتِهِ ٱلَّتِي أَخْطَأَ، فَيُصْفَحُ لَهُ عَنْ خَطِيَّتِهِ ٱلَّتِي أَخْطَأَ».

فَيُكَفِّرُ عَنْهُ ٱلْكَاهِنُ فمتى قدمت الذبيحة عن الإثم بواسطة الكاهن بمقتضى الرسوم الشرعية غُفر إثم مقدمها وأعلن المغفرة له ابن هارون الذي يكون قائماً بالخدمة (انظر ص 4: 20 و26).

23 «وَمَتَى دَخَلْتُمُ ٱلأَرْضَ وَغَرَسْتُمْ كُلَّ شَجَرَةٍ لِلطَّعَامِ تَحْسِبُونَ ثَمَرَهَا غُرْلَتَهَا. ثَلاَثَ سِنِينَ تَكُونُ لَكُمْ غَلْفَاءَ. لاَ يُؤْكَلْ مِنْهَا».

مَتَى دَخَلْتُمُ ٱلأَرْضَ وردت هذه العبارة اربع مرات في سفر اللاوين ببعض اختلاف في اللفظ:

  • الأولى: «متى جئتم إلى أرض كنعان» (ص 14: 34).

  • الثانية: ما هنا.

  • الثالثة: «متى جئتم إلى الأرض» (ص 23: 10).

  • الرابعة: «متى أتيتم إلى الأرض» (ص 25: 2) وكلها بمعنىً واحدٍ.

وَغَرَسْتُمْ كُلَّ شَجَرَةٍ لِلطَّعَامِ بناء على هذا قال علماء الدين في عصر الهيكل الثاني يُستثنى من هذه الشريعة الأشجار التي غرسها أهل أرض كنعان قبل أن يستولي عليها الإسرائيليون. وهي موضوعة على الأشجار ذوات الأثمار التي تؤكل كالأترج والزيتون والتين والعنب. وأما الأشجار ذوات الأثمار التي لا يأكلها الناس وتنمو بلا عمل الإنسان أو التي تُغرس لتكون وُشعاً (جمع وشيع وهو ما يجعل حول الحديقة من الشجر والشوك منعاً للداخلين) أو لينتفع بخشبها فهي غير داخلة في هذه الشريعة.

تَحْسِبُونَ ثَمَرَهَا غُرْلَتَهَا أي فتكون تلك الأثمار غير مناسبة فمنزلتها من الشجرة منزلة الغلفة من الإنسان. واستُعيرت الغرلة أيضاً في الكتاب المقدس للقلب الغليظ القاسي الذي لا يميل إلى الله (ص 26: 41) وللفم الذي لا يفصح (خروج 6: 12 و30) وللآذان التي لا تسمع (إرميا 6: 10).

ثَلاَثَ سِنِينَ تَكُونُ لَكُمْ غَلْفَاءَ فكانوا يقطفون الأثمار قبل نضجها أو يقطفون الزهر قبل أن يعقد مدة ثلاث سنين فيكون بذلك قوة للشجرة وزيادة حملها بعد ذلك أو يدفنون الثمر أو يحرقونه كما سيأتي.

لاَ يُؤْكَلْ مِنْهَا فكان الثمر يُحرق أو يُدفن في الأرض (فيكون سماداً حسناً لها) ولا يجوز أن يُباع وكان من أكل شيئاً منه ولو حبة زيتون واحدة يُجلد أربعين جلدة إلا واحدة. هذا ما عُرف من علماء الناموس في عصر المسيح.

24 «ِوَفِي ٱلسَّنَةِ ٱلرَّابِعَةِ يَكُونُ كُلُّ ثَمَرِهَا قُدْساً لِتَمْجِيدِ ٱلرَّبّ».

تثنية 12: 17 وأمثال 3: 9

وَفِي ٱلسَّنَةِ ٱلرَّابِعَةِ كان ثمر السنة الرابعة كالأعشار الثانية تُحمل إلى أورشليم ويأكلها صاحبها مع الفقراء والمحتاجين الذين يدعوهم إلى وليمته. وكان لصاحب الأثمار أن يفديها وهو أن ينفق خُمس ثمنها زيادة في المدينة المقدسة على صنع الولائم للفقراء والبائسين. وكانوا يزينون بعناقيد العنب الذي يحصل في جوار أورشليم منها إلى غاية سفر يوم أسواق مدينة أورشليم. وكان كروم السنة الرابعة مستثناة من الشريعة المذكورة في (ع 9 و10) ومن شريعة العشور الأولى والعشور الثانية.

يَكُونُ كُلُّ ثَمَرِهَا قُدْساً لِتَمْجِيدِ ٱلرَّبِّ أي ينفق كل ثمرها أو ما يوازي ثمنه في المدينة المقدسة على الذبائح والولائم تمجيداً للرب (قضاة 9: 27).

25 «وَفِي ٱلسَّنَةِ ٱلْخَامِسَةِ تَأْكُلُونَ ثَمَرَهَا، لِتَزِيدَ لَكُمْ غَلَّتَهَا. أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ».

وَفِي ٱلسَّنَةِ ٱلْخَامِسَةِ كان لصاحب الثمر في هذه السنة أن يأكله بلا فداء.

لِتَزِيدَ لَكُمْ غَلَّتَهَا أي ترككم الثمر ثلاث سنين وإنفاقه في السنة الرابعة لتمجيد الرب يكون علة زيادة لأثماركم فتربحون من الزيادة في السنة الخامسة ما خسرتموه في السنين الأربع.

26 «لاَ تَأْكُلُوا بِٱلدَّمِ. لاَ تَتَفَاءَلُوا وَلاَ تَعِيفُوا».

ص 17: 10 الخ وتثنية 12: 23 تثنية 18: 10 و11 و14 و1صموئيل 15: 23 و2ملوك 17: 17 و21: 6 و2أيام 33: 6 وملاخي 3: 5

لاَ تَأْكُلُوا بِٱلدَّمِ حُرّم هنا على قول علماء الدين اليهودي في زمان الهيكل الثاني خمسة أشياء:

  1. أكل لحم الحيوان المذبوح ما دام فيه أثر من الحياة أو ما دام لحمه يختلج.

  2. لحم البهائم المقدمة قرابين ما دام دمها في أنية الرش قبل أن ينضح على المذبح.

  3. أكل أقرباء المقطوع من شعبه (بأن سفك دمه) لحم مأتمه.

  4. أن يأكل قضاة المجلس شيئاً في يوم يحكمون على المذنب بالقتل.

  5. الشراهة أو كثرة الأكل لأنها تسبب القتل فكأنها أكل بالدم.

وعلى ما ذُكر جاء في الترجمة الكلدانية لا تأكلوا لحم الذبيحة ودمها في الإناء لم يُرش. والنواهي الخمسة متضمنة في قوله «لا تأكلوا بالدم». وهذا القول أيضاً يستلزم النهي عن أكل ذبائح الصابئين لأنهم كانوا يكرمون الشياطين بأن يجمعوا دم الذبائح المقدمة قرابين في إناء أو حفرة بالأرض ويجلسون حوله ويأكلون اللحم بالدم.

لاَ تَتَفَاءَلُوا (وفي العبرانية «لا تنجشوا» أي لا تنحسوا بالتشاؤم أو لا تتشاءموا أو لا تتطيّروا وإن الصواب أن يترجَم بذلك لأن تفاءل ضد تشاءم وتطير فالتفاؤل بالخير والتطير بالشر. على أن الفأل قد يُستعمل في الشر أيضاً فيكون معنى العبارة لا تتشاءموا ولا تتيمنوا). قال علماء الشريعة في مدة الهيكل الثاني هذا ينهي عن التشاؤم بوقوع اللقمة من الفم وسقوط العصا من اليد وصراخ الولد وراء والده ونعيب الغراب فوق الرأس ومرور الغزال على عرض الطريق أمام الإنسان وزحف الحية على اليمين ومرور الثعلب على الشمال فإن الناس يعتبرون ذلك نحساً في يوم حدوثه في كل الأعمال التي كانوا ذاهبين إلى عملها أو عازمين عليه. ومثل ذلك قول بعض الناس يومئذ لا تبدأ معي إن الفجر لم يطلع أو إنه أول الشهر أو أول الأسبوع إني بذلك سأكون منحوساً كل اليوم أو كل الأسبوع أو كل الشهر بالقيام بهذا الأمر أول كل شيء. (فهذا التفسير يدل على أن المقصود بقوله في العبرانية «لا تنحشوا» لا تنحسوا بالتشاؤم أو لا تتشاءموا أو لا تتطيروا كما تقدم).

وَلاَ تَعِيفُوا (في العربية عاف الطير يعيفها عيافة زجرها وهو أن تُعتبر بأسمائها ومساقطها وأصواتها فتتسعّد أو تتشأم. والظاهر من غير هذا القول إن العيافة أعم من التيمن والتشاؤم بالطيور بدليل تفسيرهم العائف بالمتكهن بالطير أو غيرها). قال علماء الناموس المذكورون آنفاً إن هذا يمنع عن مثل القول إن هذا الوقت لا يحسن فيه السفر وإن هذا اليوم صالح لقضاء الحاجات وذلك اليوم يُغبن فيه المشتري وأمثال ذلك.

27 «لاَ تُقَصِّرُوا رُؤُوسَكُمْ مُسْتَدِيراً، وَلاَ تُفْسِدْ عَارِضَيْكَ».

ص 21: 5 وإشعياء 15: 2 وإرميا 9: 26 و48: 37

لاَ تُقَصِّرُوا رُؤُوسَكُمْ مُسْتَدِيراً أي لا تقصروا شعور رؤوسكم على الاستدارة. قال علماء اليهود أي لا تحلقوا الشعر الذي عند الصدغين ولا الذي على جانب الأذنين وخلفهما فتبقوا قليلاً من الشعر في قمة الرأس كما يفعل بعض الأمم (انظر إرميا 9: 26 و25: 23 و29: 32).

لاَ تُفْسِدْ عَارِضَيْكَ (أي جانبي لحيتك لأن شعرهما ينبت على العارضين أي صفحتي الخدين). كان العبرانيون والعرب وسائر أمم المشرق يعتبرون اللحية كثيراً ويحسبونها زينة الوجه وكانت عندهم عزيزة كالحياة. وكانت عند اليهود من مواضيع التحية (2صموئيل 20: 9). وكانوا يعتنون بلحاهم كثيراً ولا يهملون العناية بها إلا في أزمنة الحزن وكانوا إذا أرادوا إظهار شدة الحزن يغطون اللحى أو يقصونها أو ينتفونها (2صموئيل 19: 24 وإشعياء 15: 2 وإرميا 41: 5 الخ). وكان حلقها عندهم من شر العار والخزي والعقاب الدنيء (2صموئيل 10: 4 وإشعياء 7: 20 وعزرا 5: 1 - 5 الخ). وكان بعض الأمم القديمة يحسبون أسمى التقدمات لآلهتهم بعض شعر اللحية على أثر إطلاقها وطولها وهذا أول ما يقصد من النهي هنا.

28 «وَلاَ تَجْرَحُوا أَجْسَادَكُمْ لِمَيِّتٍ. وَكِتَابَةَ وَسْمٍ لاَ تَجْعَلُوا فِيكُمْ. أَنَا ٱلرَّبُّ».

ص 21: 45 وتثنية 14: 1 وإرميا 16: 6 و48: 37

لاَ تَجْرَحُوا أَجْسَادَكُمْ لِمَيِّتٍ كان المرزوؤون يتركون شعورهم تطول ولا يعتنون بها من أن يسرّحوها ويدهنوها وغير ذلك من أمور العناية بها (انظر ص 10: 6) بل كانوا يجرحون وجوههم وأعناقهم وصدورهم ولا يزال أهل الشرق يفعلون ذلك عند وفاة الشبان والشابات وأهل الجاه من الأقرباء. أما الإسرائيليون شعب الله فما كان يحسن بهم أن يشوهوا بذلك صورهم التي خُلقت على صورته تعالى لأنه كان عليهم أن يكونوا مقدسين كما أن الرب إلههم قدوس (انظر ص 21: 6 وتثنية 14: 1 الخ). وما كان يجوز لهم أن يحزنوا كالأمم الذين لا رجاء لهم. وكان مخالف هذه الشريعة يُجلد أربعين جلدة إلا جلدة.

كِتَابَةَ وَسْمٍ لاَ تَجْعَلُوا فِيكُمْ كانوا يأتون ذلك بالوشم وذلك بأن يرسموا على اليد أو غيرها من الجسم ما يريدون من صورة أو كتابة بالقلم أو ما يشبهه ويخزون المرسوم بالإبر ثم يرشون عليه النؤور أو النيلج وهو دخان الشحم وشاع الوشم كثيراً بين قدماء الأمم المتمدنين والمتوحشين (ولا يزال بعض أهل الشرق يأتون ذلك). وكان النخاسون يسمون وجوه العبيد السود بالكي (والبيض بالوشم) فنهت الشريعة الإلهية عن كل ذلك لكن كان لليهود علامات يُعرفون بها غير ما ذُكر مما لا يغير صورة الله (انظر خروج 13: 9 و16 وتثنية 6: 8 و11: 18).

29 «لاَ تُدَنِّسِ ٱبْنَتَكَ بِتَعْرِيضِهَا لِلزِّنَى لِئَلاَّ تَزْنِيَ ٱلأَرْضُ وَتَمْتَلِئَ ٱلأَرْضُ رَذِيلَةً».

تثنية 23: 17

لاَ تُدَنِّسِ ٱبْنَتَكَ في هذه العبارة إشارة إلى الدناءة التي في عبادة عشتروت التي تفشت في الأزمنة القديمة والتي كانت قد تفشت بين اليهود في زمان هذا النهي.

30 «سُبُوتِي تَحْفَظُونَ وَمَقْدِسِي تَهَابُونَ. أَنَا ٱلرَّبُّ».

ع 3 وص 26: 2 جامعة 5: 1

سُبُوتِي تَحْفَظُونَ كان حفظ السبت من أحسن الموانع من النجاسة المذكورة في (ع 29) وأحسن الوسائل لمعرفة كلام الله إذ كان يُعلّم في ذلك اليوم المقدس (انظر ع 3 وتفسيره).

مَقْدِسِي تَهَابُونَ كان اليهود يكثرون التردد إلى المقدس في يوم السبت ولذا قُرنت إهابته بوصية حفظ السبت (انظر خروج 46: 3). وكانت إهابة المقدس على ما عُرف من أقوال علماء الشريعة تقوم بأن لا يدنو منه اليهودي وهو في حال النجاسة الشرعية وأن لا يصعد أحد منهم إلى جبل بيت الرب وعصاه في يده ونعله في رجله وعليه أثواب أيام العمل والغبار على رجليه وهو حامل أكياس الدراهم والدنانير أو الشواقل وما أشبه ذلك. ومن إهانة المقدس وضع أدوات التجارة وما يتعلق بها على ما عُرف من عمل يسوع المسيح في الهيكل (انظر مرقس 11: 16). وما كان يجوز لمثل من يأتي ذلك أن يتخذ القدس طريقاً مختصرة.

31 «لاَ تَلْتَفِتُوا إِلَى ٱلْجَانِّ وَلاَ تَطْلُبُوا ٱلتَّوَابِعَ، فَتَتَنَجَّسُوا بِهِمْ. أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ».

خروج 22: 18 وص 20: 6 و27 وتثنية 18: 10 و1صموئيل 28: 7 و1أيام 10: 13 وإشعياء 8: 19 وأعمال 16: 16

لاَ تَلْتَفِتُوا إِلَى ٱلْجَانِّ (اختلفت الأقوال في الجان فمنهم من ذهب إلى أن الجان مخلوقات روحية مستقلة ومنهم من قال أنها أرواح الموتى ومنهم من قال أنها الشياطين ومنهم من قال أنها صور خيالية وهذا هو الصحيح. وكان الوثنيون يعتقدون أنها تعرف المغيبات وتضر بالأحياء وأخذ اليهود ذلك عنهم في تلك الأيام فنهاهم الله عن هذا الباطل).

لاَ تَطْلُبُوا ٱلتَّوَابِعَ (هي على زعم أهلها جنّ أو أرواح تتبع بعض الناس فتشقيهم أو تسعدهم وهذا من الأمور الباطلة التي صدّقها بعض اليهود في ذلك العصر). وهي في اللغة العبرانية «أبوت» وترجمها بعضهم بالسحرة والعرّافين (وهذا محتمل في هذه العبارة على تقدير لا تطلبوا أصحاب التوابع أي الأرواح التي تنبئ من تتبعهم بالخفيات. وهذا التفسير يوافق ما قاله علماء الناموس بأن المقصود من أصحاب التوابع أو أصحاب «الأبوت» من معه روح تنبئه بما فوق الطبيعة من الأمور فتتكلم من إبطه أو صدره بصوت عميق وقد تتكلم من داخل القنينة وهذا معنى لفظة «أوب» العبرانية في سفر أيوب على ما قال بعضهم والصحيح إن اللفظة هنا أبوت وتُرجمت بالزقاق (انظر أيوب 32: 19). والخلاصة إن كل ذلك من التخيلات الباطلة). وتُرجمت في الكلدانية بروح بيثون. (وتُرجمت الآية في الانكليزية بقول المترجم لا تلتفتوا إلى الأرواح الآلفة ولا تطلبوا العرافين). وقال بعض مفسريهم إن العرافين هم الذين يخبرون الناس بحظوظهم يمسك أحدهم بفمه ريشة طائر اسمه «يدوع» (أو يدوا) ويوقد البخور وينبئ بالمستقبلات. وأرادوا بالأرواح الآلفة التوابع.

32 «مِنْ أَمَامِ ٱلأَشْيَبِ تَقُومُ وَتَحْتَرِمُ وَجْهَ ٱلشَّيْخِ وَتَخْشَى إِلٰهَكَ. أَنَا ٱلرَّبُّ».

أمثال 20: 29 و1تيموثاوس 5: 1 ع 14

مِنْ أَمَامِ ٱلأَشْيَبِ تَقُومُ أوجب على أثر النهي عن الالتفات إلى الجان وطلب التوابع أو السحرة أصحاب التوابع الاحترام للشيوخ لكبرهم في السن واختبارهم لأنه «عند الشيب حكمة وطول الأيام فهم». وإذا وجب أن نحترم الشيوخ لنيل القداسة فكم يجب أن نحترم «قديم الأيام» (دانيال 7: 9 و23 و32). فهذه الوصية التي كثيراً ما جاءت في الكتاب المقدس قال فيها علماء اليهود «من اعتنى بالشيخ يجزى على عنايته به كما يجزي على طلبه الله». وقالوا أيضاً «إنما يؤمن بالأنبياء متى جاءوا بالمعجزات وأما الشيوخ فيؤمن بهم دائماً». ولا يزال اليهود المراعين الشريعة إلى هذا اليوم يعتنون بإكرام الشيوخ فإذا دخل طاعن بالسن بيتاً قام له كل من فيه من الشبان ولا يجلسون إلا بعد أن يجلس ويأمرهم بالجلوس ويعفى من ذلك العملة والصنّاع فإذا كانوا في أعمالهم ومرّ بهم الشيوخ لم يكن من الواجب عليهم أن يقفوا له. (فيكون معنى «من أمام الأشيب تقوم» قم قدّام الشيخ).

33 «وَإِذَا نَزَلَ عِنْدَكَ غَرِيبٌ فِي أَرْضِكُمْ فَلاَ تَظْلِمُوهُ».

خروج 22: 21 و23: 9

إِذَا نَزَلَ عِنْدَكَ غَرِيبٌ وُضعت هذه الشريعة الحسنة النافعة المملوءة من المعروف والإنسانية والإحسان للغريب الذي ليس بيهودي في الأصل بل للذي يؤمن إيمان اليهود ويختتن ويسكن بينهم فكان عليه مع ذلك أن يصوم في يوم الكفارة مثلهم (ص 16: 29) ويأتي ما يأتونه من الذبائح (ص 17: 8 و9 و22: 18) وأن يعتزل أكل الدم والفريسة (ص 17: 10 و15). وأن يراعي شرائع الطهارة والعفاف (ص 18: 26). وأن يكف عن التجديف وأن يلزم الآداب ومراعاة الشرائع الأدبية كالمولود إسرائيلياً (ص 24: 16 - 22).

فَلاَ تَظْلِمُوهُ بأن تعيّروه أنه من الأمم أو تفضّلوا اليهودي الأصلي عليه في المعاملات وأن لا يدعوه دخيلاً بل عليهم أن يعتبروه أخاً لإيمانه بالإله الحق ووحيه وقيامه بالفروض والسنن الشرعية.

34 «كَٱلْوَطَنِيِّ مِنْكُمْ يَكُونُ لَكُمُ ٱلْغَرِيبُ ٱلنَّازِلُ عِنْدَكُمْ، وَتُحِبُّهُ كَنَفْسِكَ، لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ غُرَبَاءَ فِي أَرْضِ مِصْرَ. أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ».

خروج 12: 48 و49 تثنية 10: 19

كَٱلْوَطَنِيِّ مِنْكُمْ يَكُونُ أي يجب أن يُعتبر الغريب النازل بينهم المؤمن إيمانهم القائم بفروضهم كما يُعتبر الوطني بلا أدنى تمييز.

وَتُحِبُّهُ كَنَفْسِكَ فوق معاملته بالاحترام والإكرام والإحسان ومشاركته في الحقوق والعدل فكما كان عليهم أن يحبوا القريب كالنفس كان عليهم أن يحبوا ذلك الغريب كذلك (انظر ع 18). فهذه الشريعة الحسنة جذبت كثيرين من الغرباء إلى اليهود فكان في الأرض المقدسة في أيام سليمان 153600 من النزلاء والغرباء.

لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ غُرَبَاءَ فِي أَرْضِ مِصْرَ هذا مخالف لما كان عليه الأمم المجاورة للإسرئيليين فإنهم كانوا يبغضون الغرباء. فالمشترع عرف مرارة ذلك البغض بالاختبار مما نزل بشعبه إسرائيل يوم كانوا غرباء في مصر. والشعب اختبر تلك المرارة ولم يستطع أن ينساها فعرف الجور وإيلامه فصار يشعر مع الغرباء فكان يسهل عليه مؤاساتهم ومعامتلهم بالسواء والإخاء كما اقتضت شريعة الله. فكأن الله قال للإسرائيليين بفم نبيه موسى. إنكم قد عرفتم مرارة الذل وثقل الجور أيام كنتم غرباء في أرض الذل والعبودية فعليكم أن تنصفوا الغريب وتحبوه كما يقتضيه اختباركم وإحسان الرب إلهكم. وجاء هذا المعنى ثلاث مرات أُخر في الأسفار الخمسة (انظر خروج 22: 20 و23: 9 وتثنية 10: 19).

35 «لاَ تَرْتَكِبُوا جَوْراً فِي ٱلْقَضَاءِ، لاَ فِي ٱلْقِيَاسِ وَلاَ فِي ٱلْوَزْنِ وَلاَ فِي ٱلْكَيْلِ».

ع 15

لاَ تَرْتَكِبُوا جَوْراً فِي ٱلْقَضَاءِ هذه العبارة مثل العبارة في أول الآية الخامسة عشرة فجعل الجور في القياس والوزن كالجور في القضاء والجامع بينها إضافة الحقوق. وكثيراً ما نهى الكتاب المقدس عن هذا الجور لأن الله هو الذي اختار القياس والوزن والكيل كأنه هو واضع المقياس والميزان وأدوات الكيل (تثنية 25: 13 و14 وحزقيال 45: 10 و12 وهوشع 12: 8 وعاموس 8: 5 وميخا 6: 10 و 11 وأمثال 11: 1 و16: 11 و20: 10 و23). وحكم علماء الناموس على من يجور في القياس والوزن والكيل التي هي كالجور في القضاء بخمسة ذنوب:

  1. إنه ينجس الأرض.

  2. إنه يدنس اسم الله.

  3. إنه يكون علة ذهاب السكينة.

  4. إنه يكون علة هلاك إسرائيل.

  5. إنه يُسبي. وقالوا خطية الغش أو الجور بالقياس والميزان والكيل أعظم من خطية الزناء وتعادل خطية نفي الله منقذ إسرائيل من أرض مصر. وأقاموا نظاراً في كل مكان على ذلك أي النظر في كل من القياس والوزن والكيل وأمروا أن يكون الموزون به من الحديد أو الرصاص أو غيرهما من المعادن أو الحجارة المصقولة والزجاج.

36، 37 «36 مِيزَانُ حَقٍّ وَوَزْنَاتُ حَقٍّ وَإِيفَةُ حَقٍّ وَهِينُ حَقٍّ تَكُونُ لَكُمْ. أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمُ ٱلَّذِي أَخْرَجَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ. 37 فَتَحْفَظُونَ كُلَّ فَرَائِضِي وَكُلَّ أَحْكَامِي وَتَعْمَلُونَهَا. أَنَا ٱلرَّبُّ».

تثنية 25: 13 و15 وأمثال 11: 1 و16: 11 و20: 10 خروج 16: 36 خروج 29: 40 ص 18: 4 و5 وتثنية 4: 5 و6 و5: 1 و6: 25

وَزْنَاتُ حَقٍّ تبيعون بها وتشترون بها.

إِيفَةُ حَقٍّ هي كيل يعدل عشرة أعمار (انظر ص 14: 10) وهي للجوامد كما أن البت للسوائل.

هِينُ حَقٍّ كيل للسوائل يسع ما ثقله 72 بيضة منها.

اَلأَصْحَاحُ ٱلْعِشْرُونَ

1 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى يصعب علينا أن نعرف لماذا وُضع هذا الأصحاح على أثر الأصحاح التاسع عشر فإنا كنا نتوقع أن يكون على أثر الأصحاح الثامن عشر. ولما كان (ص 20) يشتمل على الجزاء الذي تستحقه الخطايا المذكورة في (ص 18) كان من المناسب على ما يظهر لنا أن يكون متصلاً بهذا الأصحاح. ولعل علة ذلك أن المشترع أراد قبل أن يشرع لهم القصاصات الشديدة أن يعد الأمة بالسنن السامية التي ذُكرت في (ص 19) لإطاعة الشرائع التي ذكرها في (ص 18). ثم جاء في (ص 20) بالقصاصات المدنية لمن لا يخضع للأحكام الروحية التي في (ص 19).

2 «وَتَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمِنَ ٱلْغُرَبَاءِ ٱلنَّازِلِينَ فِي إِسْرَائِيلَ أَعْطَى مِنْ زَرْعِهِ لِمُولَكَ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. يَرْجِمُهُ شَعْبُ ٱلأَرْضِ بِٱلْحِجَارَةِ».

ص 18: 2 ص 18: 21 وتثنية 12: 31 و18: 10 و2ملوك 17: 17 و23: 10 و2أيام 33: 6 وإرميا 7: 31 و32: 35 وحزقيال 20: 26 و31

أَعْطَى مِنْ زَرْعِهِ لِمُولَكَ أي قدّم بعض أولاده قرابين أكراماً لمولك. ومولك رسمه في العبرانية ملك «מלך» وهو إله وصنم للعمونيين كان بنو إسرائيل أحياناً يقدمون له الذبائح البشرية في وادي هنوم (1ملوك 11: 7 و2ملوك 23: 10 وانظر ايضاً تفسير ص 18: 21). قدّم هنا الكلام في عبادة مولك على الكلام في الزناء على عكس ما ذُكر في (ص 18: 21).

يَرْجِمُهُ شَعْبُ ٱلأَرْضِ أي يرجمه كل جماعة بني إسرائيل (انظر ص 4: 27) الذين اختاروا القضاة لإجراء الاحكام عنهم فيرمونه بالحجارة بمقتضى حكمهم.

بِٱلْحِجَارَةِ كان الرجم بالحجارة من أول القصاصات وأشدها والقصاصات العظمى عند اليهود أربعة الرجم والحرق وقطع الرأس والخنق. وذكر علماء الناموس أن الذنوب التي قصاصها الرجم ثمانية عشر وهي:

  1. الزناء بالام (ص 20: 11).

  2. الزناء بالرابة أي امرأة الأب (ص 20: 12).

  3. الزناء بالكنّة (ص 20: 12).

  4. الزناء بفتاة عذراء مخطوبة (تثنية 22: 23 و24).

  5. اللواط (ص 20: 13)

  6. الزناء ببهيمة (ص 20: 15).

  7. زناء المرأة ببهيمة (ص 20: 16).

  8. التجديف (ص 24: 10 - 16).

  9. عبادة الاصنام (تثنية 17: 2 - 5).

  10. إعطاء الزرع لمولك (ص 20: 2).

  11. العرافة.

  12. السحر الرجلي بادعاء الجان والتوابع (ص 20: 27).

  13. ادعاء النبوة كذباً (تثنية 13: 6).

  14. الإغراء بعبادة الأوثان (تثنية 13: 6 - 11).

  15. السحر النسائي بادعاء الجان والتوابع (تثنية 20: 27).

  16. تدنيس السبت (ع 32 - 36).

  17. لعن الوالدين أو سبهما (ص 20: 9).

  18. تمرد الابن على والديه (تثنية 21: 18 - 21).

وشريعة موسى لم يُذكر فيها سوى الرجم أن يكون خارج المدينة (ص 24: 14 وعدد 15: 36). وأول من يرجمه الشهود (تثنية 17: 7). قال علماء الناموس في عصر الهيكل الثاني كان يُفعل بالمحكوم عليه بالرجم ما يأتي أنه في مدة سيره من المحكمة إلى المقتل يمشي قدامه منادٍ ويقول «فلان يُذهب به إلى الرجم على ذنب كذا وكذات وفلان وفلان شهود إن كان لأحد كلام في ذلك يخلصه به فليتقدم وليتكلم». ومتى وصل إلى حيث يكون بينه وبين المرجم نحو ثلاث عشرة ذراعاً يُجبر على الاعتراف بذنبه ومتى بقي بينه وبين مرجمه نحو خمس أذرع يُعرّي ولا يبقى سوى مئزر قصير يستر عورته. ثم يُكتف ويوضع على دكة علوها نحو قامتين ثم يسقونه خمراً ممزوجة بمر فيخدر ويقل ألمه فيأتون ذلك رحمة له ويطرحه من هناك أحد الشهود على ظهره ضارباً الأرض به بشدة فإن لم يُتل غطاه الجماعة بالحجارة. ثم يسمرون جثته على صليب ويحرقونها وعلى أثر ذلك يزور أقرباء القتيل القضاة والشهود ليُظهروا أنهم غير حاقدين عليهم للقضاء والشهادة وإن القضاء حق. وكثيراً ما كان يلجأ الشعب الهائج إلى الرجم ليعجلوا بإجراء الحكم. وهذا الوصف يُظهر لنا علة أن اليهود قالوا للمسيح إن هذه المرأة يجب أن تُرجم وقوله لهم «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ»(يوحنا 8: 5 و7). وإرادة اليهود أن يرجموا يسوع لظنهم أنه جدف (يوحنا 10: 31). وتقديمهم له قبل أن يُصلب خمراً ممزوجة بمر (متّى 27: 33 و38 ومرقس 15: 23).

3 «وَأَجْعَلُ أَنَا وَجْهِي ضِدَّ ذٰلِكَ ٱلإِنْسَانِ وَأَقْطَعُهُ مِنْ شَعْبِهِ، لأَنَّهُ أَعْطَى مِنْ زَرْعِهِ لِمُولَكَ لِكَيْ يُنَجِّسَ مَقْدِسِي وَيُدَنِّسَ ٱسْمِيَ ٱلْقُدُّوسَ».

ص 17: 10 حزقيال 5: 11 و23: 38 و39 ص 18: 21

أَجْعَلُ أَنَا وَجْهِي ضِدَّ ذٰلِكَ ٱلإِنْسَانِ أي أجعله يشعر بغضبي (انظر تفسير ص 17: 10).

وَأَقْطَعُهُ اي أقتله بلا واسطة على قول علماء الناموس. ونعني بكونه بلا واسطة أن الله يقتل رأساً بلا أن يرجمه الشعب كما ذُكر لضعف البينة. وهذا موافق لما يأتي (ويصح المعنى أن الله يقتله بواسطة أو بغير واسطة).

لِكَيْ يُنَجِّسَ مَقْدِسِي لأنه تنجس بالإثم فينجس المقدس الإلهي الذي بين الإسرائيليين الذين هو منهم (انظر تفسير ص 15: 31 و16: 16) ولأن الذين يقدمون أولادهم لمولك يأتون إلى المقدس ليعبدوا الله (إرميا 7: 9 و10 وحزقيال 13: 37 - 39).

يُدَنِّسَ ٱسْمِيَ (انظر تفسير ص 18: 21).

4 «وَإِنْ غَمَّضَ شَعْبُ ٱلأَرْضِ أَعْيُنَهُمْ عَنْ ذٰلِكَ ٱلإِنْسَانِ عِنْدَمَا يُعْطِي مِنْ زَرْعِهِ لِمُولَكَ فَلَمْ يَقْتُلُوهُ».

تثنية 17: 2 و3 و5

وَإِنْ غَمَّضَ شَعْبُ ٱلأَرْضِ ذكر في الآية الثالثة أنه إذا لم يجرٍ الشعب القصاص لضعف البينة يتولى الله العقاب بنفسه. وهنا أبان أنه يتولى عقاب الاثيم إذا عرف قضاة الشعب أنه مذنب بالبيّنات وغضوا النظر عن عقابه لعدم اكتراثهم بذنبه أو لشفقتهم عليه.

5 «فَإِنِّي أَضَعُ وَجْهِي ضِدَّ ذٰلِكَ ٱلإِنْسَانِ وَضِدَّ عَشِيرَتِهِ، وَأَقْطَعُهُ وَجَمِيعَ ٱلْفَاجِرِينَ وَرَاءَهُ بِٱلزِّنَى وَرَاءَ مُولَكَ مِنْ شَعْبِهِمْ».

ص 17: 10 خروج 20: 5 ص 17: 7

فَإِنِّي أَضَعُ وَجْهِي أي أني أنا نفسي أُعلن له غضبي (انظر ع 3 وتفسير ص 17: 10) وأقتله.

وَضِدَّ عَشِيرَتِهِ أي وأُعلن غضبي لعشيرته لأنها أخفت ذنبه فكانت شريكة له في عبادة الوثن.

بِٱلزِّنَى وَرَاءَ مُولَكَ استُعير الزنى لعبادة الأوثان لأن ترك الإنسان الله وعبادة إله آخر كترك المرأة رجلها الشرعي واقترانها برجل غير شرعي.

6 «وَٱلنَّفْسُ ٱلَّتِي تَلْتَفِتُ إِلَى ٱلْجَانِّ وَإِلَى ٱلتَّوَابِعِ لِتَزْنِيَ وَرَاءَهُمْ، أَجْعَلُ وَجْهِي ضِدَّ تِلْكَ ٱلنَّفْسِ وَأَقْطَعُهَا مِنْ شَعْبِهَا».

ص 19: 31

وَٱلنَّفْسُ ٱلَّتِي تَلْتَفِتُ إِلَى ٱلْجَانِّ أي إلى العرافة أو إلى العرافين المدعين أنهم يعرفون الخفيات بواسطة الجان (انظر ص 19: 31 والتفسير). وقد ذكر الكتاب عقاب الله للملتفتين إلى أصحاب الجان (1أيام 10: 13 و14). وكان عقاب العرافين أو أصحاب الجان القتل رجماً (انظر ع 27).

7، 8 «7 فَتَتَقَدَّسُونَ وَتَكُونُونَ قِدِّيسِينَ، لأَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ 8 وَتَحْفَظُونَ فَرَائِضِي وَتَعْمَلُونَهَا. أَنَا ٱلرَّبُّ مُقَدِّسُكُمْ».

ص 11: 44 و19: 2 و1بطرس 1: 16 ص 19: 37 خروج 31: 13 وص 21: 8 وحزقيال 37: 28

فَتَتَقَدَّسُونَ الخ بحفظ شرائعي بعمل ما أُمرتم به واعتزال ما نُهيتم عنه. وبهذا يحصل الإسرائيليون على القداسة وبها يتدرعون فتكون سلاحاً قاطعاً يتقون بها إتيان الأمور النجسة الوثنية المذكورة آنفاً ويحافظون على تقديس اسم الرب ويلبسون قداسته.

9 «كُلُّ إِنْسَانٍ سَبَّ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. قَدْ سَبَّ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ. دَمُهُ عَلَيْهِ».

خروج 21: 17 وتثنية 27: 16 وأمثال 20: 20 ومتّى 15: 4 ع 11 و12 و13 و16 و27 و2صموئيل 1: 16

كُلُّ إِنْسَانٍ سَبَّ أَبَاهُ إن علماء الناموس مع تدقيقهم ببيان قوانين الطاعة الوَلَديّة (انظر تفسير ص 19: 3) وتقريرهم فروض التوراة في قلوب الأولاد في ذلك الموضوع (انظر تفسير خروج 20: 12) أبانوا بذلك حنوهم على الأبناء والبنات فقالوا لا بد من قتل الولد إذا استعمل اسم الرب (يهوه) في سب والديه ميتين أو حيين وإذا استعمل فيه إحدى صفاته كالقدير والرحيم لا يُقتل لكنه يضرب بالسياط. ولهذا جاء في الترجمة الكلدانية القديمة «من سب أباه أو أمه بالاسم الذي لا يُنطق به (أي يهوه) فإنه يُقتل».

فَإِنَّهُ يُقْتَلُ رجماً (انظر تفسير ع 2) وجاءت هذه الوصية في (خروج 21: 7 وأمثال 20: 20) وأشار إليها الرب يسوع المسيح (متّى 15: 14 ومرقس 7: 10).

دَمُهُ عَلَيْهِ أي هو الذي جاء بعلّة قتله وهو المسؤول بدم نفسه. وهذه العبارة جاءت سبع مرات في الإفراد والجمع ولم تجئ في غير ذهذا الأصحاح (انظر ع 9 و11 و12 و13 و16 و27).

10 «وَإِذَا زَنَى رَجُلٌ مَعَ ٱمْرَأَةٍ، فَإِذَا زَنَى مَعَ ٱمْرَأَةِ قَرِيبِهِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ ٱلزَّانِي وَٱلزَّانِيَةُ».

ص 18: 20 وتثنية 22: 22 ويوحنا 8: 4 و 5

فَإِنَّهُ يُقْتَلُ جزاء على الخطية المنهي عنها في (ص 18: 20). وكان هذا القتل بمقتضى التقاليد اليهودية الخنق. وكانوا يجازون به على ستة ذنوب:

  1. الزنى بزوجة القريب.

  2. ضرب الأب أو الأم.

  3. سرقة الإسرائيلي.

  4. عصيان الأمر المذكور في (تثنية 17: 12).

  5. ادّعاء النبوّة كذباً.

  6. التنبئُّ باسم إله غير الله.

11 «وَإِذَا ٱضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ ٱمْرَأَةِ أَبِيهِ فَقَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَبِيهِ. إِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ كِلاَهُمَا. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا».

ص 18: 8 وتثنية 27: 10 و23

ٱمْرَأَةِ أَبِيهِ (انظر ص 18: 8 والتفسير). (وتسمى امرأة الأب بالرابّة والعامة تسميها بالخالة).

12 «وَإِذَا ٱضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ كَنَّتِهِ فَإِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ كِلاَهُمَا. قَدْ فَعَلاَ فَاحِشَةً. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا».

ص 18: 15 ص 18: 23

كَنَّتِهِ (انظر ص 18: 15).

13 «وَإِذَا ٱضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ ذَكَرٍ ٱضْطِجَاعَ ٱمْرَأَةٍ فَقَدْ فَعَلاَ كِلاَهُمَا رِجْساً. إِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا».

تكوين 19: 5 وص 18: 22 وتثنية 23: 17 وقضاة 19: 22

(انظر ص 18: 22).

14 «وَإِذَا اتَّخَذَ رَجُلٌ ٱمْرَأَةً وَأُمَّهَا فَذٰلِكَ رَذِيلَةٌ. بِٱلنَّارِ يُحْرِقُونَهُ وَإِيَّاهُمَا، لِكَيْ لاَ يَكُونَ رَذِيلَةٌ بَيْنَكُمْ».

ص 18: 17 وتثنية 27: 23

ٱمْرَأَةً وَأُمَّهَا (انظر ص 18: 17).

بِٱلنَّارِ يُحْرِقُونَهُ هذا النوع الثاني من العقابات الأربعة الأولية التي سبق ذكرها (انظر ع 2 والتفسير). وكان هذا العقاب على عشرة ذنوب:

  1. زنى ابنة الكاهن (ص 21: 9).

  2. زنى الرجل بابنته.

  3. زنى الرجل بابنة ابنته.

  4. زنى الرجل بابنة ابنه.

  5. الزنى بابنة الزوجة.

  6. الزنى بابنة ابنة الزوجة.

  7. الزنى بابنة ابن الزوجة.

  8. الزنى بالحماة.

  9. الزنى بأم الحماة.

  10. الزنى بأم الحم.

والتوراة لم تذكر أحوال الإحراق بالنار لكن علاماء الناموس قالوا يجب أن يحرق مرتكب أحد تلك الذنوب إلى حد تبقى عنده صورته وقاسوا ذلك على عقاب الله رأساً مثل ذلك العقاب فإنه تعالى لما أحرق ناداب وأبيهو أبقاهما على صورتيهما أي تامي الجسد والتركيب الظاهر (ص 10: 2 - 5). وكان يجثو المذنب على الزبل ويُجعل حول عنقه نسيج ليّن ضمنه نسيج قاص متصل كل من طرفيه بحبل ويكون هنالك الشاهدان فيمسك كل منهما أحد طرفي الحبل ويشدانه حتى يفتح المذنب فاه ويصب حينئذ ذوب الرصاص في حلقه فيحترق ويموت ولهذا جاء في الترجمة الكلدانية «بالنار يحرقونهم بصب الرصاص الذائب في أفواههم».

15، 16 «15 وَإِذَا جَعَلَ رَجُلٌ مَضْجَعَهُ مَعَ بَهِيمَةٍ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ وَٱلْبَهِيمَةُ تُمِيتُونَهَا. 16 وَإِذَا ٱقْتَرَبَتِ ٱمْرَأَةٌ إِلَى بَهِيمَةٍ لِنِزَائِهَا تُمِيتُ ٱلْمَرْأَةَ وَٱلْبَهِيمَةَ. إِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا».

ص 18: 23 وتثنية 27: 21

بَهِيمَةٍ (انظر ص 18: 23).

17 «وَإِذَا أَخَذَ رَجُلٌ أُخْتَهُ بِنْتَ أَبِيهِ أَوْ بِنْتَ أُمِّهِ، وَرَأَى عَوْرَتَهَا وَرَأَتْ هِيَ عَوْرَتَهُ، فَذٰلِكَ عَارٌ. يُقْطَعَانِ أَمَامَ أَعْيُنِ بَنِي شَعْبِهِمَا. قَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ أُخْتِهِ. يَحْمِلُ ذَنْبَهُ».

تكوين 20: 12 وص 18: 9 وتثنية 27: 22

أُخْتَهُ (انظر ص 18: 9).

18 «وَإِذَا ٱضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ ٱمْرَأَةٍ طَامِثٍ وَكَشَفَ عَوْرَتَهَا، عَرَّى يَنْبُوعَهَا وَكَشَفَتْ هِيَ يَنْبُوعَ دَمِهَا، يُقْطَعَانِ كِلاَهُمَا مِنْ شَعْبِهِمَا».

ص 15: 24 و18: 19 مرقس 5: 29

طَامِثٍ (انظر ص 15: 24 و18: 19).

19 «عَوْرَةَ أُخْتِ أُمِّكَ أَوْ أُخْتِ أَبِيكَ لاَ تَكْشِفْ. إِنَّهُ قَدْ عَرَّى قَرِيبَتَهُ. يَحْمِلاَنِ ذَنْبَهُمَا».

ص 18: 12 و13 ص 18: 6

أُخْتِ أُمِّكَ (انظر ص 18: 12).

20 «وَإِذَا ٱضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ ٱمْرَأَةِ عَمِّهِ فَقَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ عَمِّهِ. يَحْمِلاَنِ ذَنْبَهُمَا. يَمُوتَانِ عَقِيمَيْنِ».

ص 18: 14

ٱمْرَأَةِ عَمِّهِ (انظر ص 18: 14).

21 «وَإِذَا أَخَذَ رَجُلٌ ٱمْرَأَةَ أَخِيهِ فَذٰلِكَ نَجَاسَةٌ. قَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ. يَكُونَانِ عَقِيمَيْنِ».

ص 18: 16

ٱمْرَأَةَ أَخِيهِ (ص 18: 16).

22 «فَتَحْفَظُونَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَجَمِيعَ أَحْكَامِي وَتَعْمَلُونَهَا لِكَيْ لاَ تَقْذِفَكُمُ ٱلأَرْضُ ٱلَّتِي أَنَا آتٍ بِكُمْ إِلَيْهَا لِتَسْكُنُوا فِيهَا».

ص 18: 26 و10: 37 ص 18: 25 و28

فَتَحْفَظُونَ جَمِيعَ فَرَائِضِي الوصايا المذكورة.

تَقْذِفَكُمُ تقيئكم (انظر ص 18: 25 - 28 والتفسير).

23 «وَلاَ تَسْلُكُونَ فِي رُسُومِ ٱلشُّعُوبِ ٱلَّذِينَ أَنَا طَارِدُهُمْ مِنْ أَمَامِكُمْ. لأَنَّهُمْ قَدْ فَعَلُوا كُلَّ هٰذِهِ، فَكَرِهْتُهُمْ».

ص 18: 3 و24 و30 ص 18: 27 وتثنية 9: 5

كان بنو إسرائيل عرضة لأن يتدنسوا بما كان يتدنس به أهل الأرض التي وُعدوا بها.

24 «وَقُلْتُ لَكُمْ: تَرِثُونَ أَنْتُمْ أَرْضَهُمْ، وَأَنَا أُعْطِيكُمْ إِيَّاهَا لِتَرِثُوهَا أَرْضاً تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً. أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمُ ٱلَّذِي مَيَّزَكُمْ مِنَ ٱلشُّعُوبِ».

خروج 3: 17 و6: 8 خروج 19: 5 و33: 16 وع 26 وتثنية 7: 6 و14: 2 و1ملوك 8: 53

قُلْتُ لَكُمْ أي وعدت بها آباءكم إبراهيم وإسحاق ويعقوب ووعدتكم أنتم أيضاً بها وأنجز وعدي بأن أطرد الكنعانيون منها وأعطيكم إياها ميراثاً.

25 «فَتُمَيِّزُونَ بَيْنَ ٱلْبَهَائِمِ ٱلطَّاهِرَةِ وَٱلنَّجِسَةِ، وَبَيْنَ ٱلطُّيُورِ ٱلنَّجِسَةِ وَٱلطَّاهِرَةِ. فَلاَ تُدَنِّسُوا نُفُوسَكُمْ بِٱلْبَهَائِمِ وَٱلطُّيُورِ وَلاَ بِكُلِّ مَا يَدِبُّ عَلَى ٱلأَرْضِ مِمَّا مَيَّزْتُهُ لَكُمْ لِيَكُونَ نَجِساً».

ص 11: 47 وتثنية 14: 4 ص 11: 43

فَتُمَيِّزُونَ أي لذلك تميزون. والمعنى أن الله ميّز بني إسرائيل عن كل الشعوب بإيراثهم الأرض التي تفيض لبنا وعسلاً وبما سُن لهم من الشرائع فلذلك يجب عليهم أن يميزوا أنفسهم عن سائر الأمم بحفظ فرائضه أو بأن يميزوا بين الطاهر والنجس من الحيوانات المذكورة في (ص 11) فإنهم بذلك يستطيعون أن يمتازوا عن كل أمم الأرض (دانيال 1: 8).

26 «وَتَكُونُونَ لِي قِدِّيسِينَ لأَنِّي قُدُّوسٌ أَنَا ٱلرَّبُّ. وَقَدْ مَيَّزْتُكُمْ مِنَ ٱلشُّعُوبِ لِتَكُونُوا لِي».

ص 19: 2 و ع 7 و1بطرس 1: 16 ع 24 وتيطس 2: 14

وَتَكُونُونَ لِي قِدِّيسِينَ وعلة ذلك ما ذُكر في سائر الآية فكأنه قال ميّزتكم عن سائر الأمم بالمقدسات لتكونوا لي مقدسين لأني أنا قدوس. وهذه العبارة لم ترد إلا هنا وهي تختلف عن العبارة المذكورة في (ص 11: 44 و45). (والاختلاف بمجرد ترتيب الألفاظ).

وَقَدْ مَيَّزْتُكُمْ مِنَ ٱلشُّعُوبِ أي إن الله ميّزهم عن سائر أمم الأرض ليكونوا شعباً مقدساً له وحده ولكي يكونوا مثالاً حسناً لسائر الناس. وقد أوضح الأيمة الروحانيون في عصر الهيكل الثاني أن تمييز بني إسرائيل لم يكن لطرح سائر الأمم بل ليكونوا أول قسم من الناس وهداة لسائر الأقسام لكي يدينوا بدينهم حتى تصير الأمم كلها أمة واحدة للرب كما وعد الله بذلك فقد قال بلسان زكريا «فَيَتَّصِلُ أُمَمٌ كَثِيرَةٌ بِٱلرَّبِّ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ، وَيَكُونُونَ لِي شَعْباً»(زكريا 2: 11). ولنا من هذه الآية ما يأتيي «لو قال الكتاب ميزت كل الأمم منكم لم يكن من مستقبل للأمم لكن لأنه قال قد ميزتكم من الشعوب دل بذلك على أنه أخذ الأحسن وإنه سيأخذ البقية بالتدريج المتوالي بلا انقطاع إلى أن تصير الرعية لراع واحد لكن الذي يأخذ الأشرار من الصالحين يدل على أنه يريد أن يطرح الأشرار ويبقي الصالحين». فتعليم التمييز الموسوي أن الله اختار بني إسرائيل أولاً لا ليفتخروا بأنفسهم بل ليختبروا مراحم الرب ويجتهدوا في أن يأتوا بغيرهم إليه حتى يصير كل أولاد آدم أولاداً لله.

27 «وَإِذَا كَانَ فِي رَجُلٍ أَوِ ٱمْرَأَةٍ جَانٌّ أَوْ تَابِعَةٌ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. بِٱلْحِجَارَةِ يَرْجُمُونَهُ. دَمُهُ عَلَيْهِ».

خروج 22: 18 وص 19: 31 و تثنية 18: 10 و11 و1صموئيل 28: 7 و8

وَإِذَا كَانَ فِي رَجُلٍ أَوِ ٱمْرَأَةٍ هذه الآية معطوفة على ما دخلت عليه فاء السبب فكأنه قال ولذلك إذا كان الخ أي ولأن إسرائيل شعب ميّزه الله من سائر الأمم وجب أن يميز بين الطاهر والنجس وإنه إذا كان الخ. وذكر المرأة هنا مع الرجل لأن كثيرات من النساء ادعت العرافة بواسطة الجان والتوابع (خروج 22: 18 و1صموئيل 28: 7 وأعمال 16: 16).

جَانٌّ أَوْ تَابِعَةٌ (كلاهما من الأرواح) والثانية الروح التي تتبع العرافة أبداً على ما زعموا. كان العرافون على ما يظهر نوعين الأول أصحاب الجان وهم من يجمعون الأرواح عند الحاجة ويسألونها عن الخفيات كما هو المشهور من أصحاب المندل. والثاني الذين معهم الأرواح أبداً فيسألونها عن ذلك متى أرادوا وهم أصحاب التوابع. على أنه يُستفاد من هذه الآية وغيرها من آيات الكتاب أنه كان في بعض الناس أرواح حقيقية أي شياطين.

قال صاحب الكنز الجليل في تفسير الإنجيل على قول كاتب سفر الأعمال «جارية بها روح عرافة» (أعمال 16: 16) «الحق أنه كان فيها شيطان كما يظهر من (ع 18 أي من أعمال ص 16) ولكن أكثر المدعين العرافة يومئذ لم يكن فيهم جان ولا لهم تابعة من الجن بل كانوا يدعون ذلك كذباً كأصحاب المنادل اليوم». وان خطيئة من يدعي العرافة القتل لأنه كان يقيم نفسه مقام الله في معرفة الخفايا والمستقبلات التي لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى وكانوا يقتلونه رجماً بالحجارة. وقد ذُكرت طريقة الرجم في (تفسير ع 2 فارجع إليه).

دَمُهُ عَلَيْهِ أي هو المطالب بدم نفسه لأنه هو الذي عرّض نفسه للقتل رجماً بما ارتكبه (انظر ع 9 وتفسيره).

اَلأَصْحَاحُ ٱلْحَادِي وَٱلْعِشْرُونَ

1 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: قُلْ لِلْكَهَنَةِ بَنِي هَارُونَ: لاَ يَتَنَجَّسْ أَحَدٌ مِنْكُمْ لِمَيِّتٍ فِي قَوْمِهِ».

حزقيال 44: 25

قَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى ذُكرت الشرائع المتعلقة بطهارة الشعب اليهودي في (ص 11: 1 - ص 20: 27) وذُكرت هنا الشرائع المتعلقة بقداسة الكهنة الذين يخدمون في الأقداس من أجل الشعب فكان عليهم أن يكونوا مقدسين ليقوموا بالرسوم المقدسة ويحرّضوا الشعب على القداسة وسمو الآداب.

قُلْ لِلْكَهَنَةِ بَنِي هَارُونَ أمر موسى أن يوصي بهذه الفروض الكهنة أبناء هارون. وقوله هنا «الكهنة بني هارون» عبارة خاصة لم تأت إلا في هذا الموضع وجاء في غيره «بنو هارون الكهنة» (انظر ص 1: 5 و8 و11 و3: 2 وعدد 10: 8 وتفسير ص 1: 5). فالمقصود منها هنا أن الكهنة استحقوا أن يكونوا كهنة لأنهم بنو هارون لا لاستحقاق في أنفسهم وهذا الحكم ثابت لنسلهم كما ثبت لهم. قال رؤساء الدين اليهودي في عصر الهيكل الثاني كان على الكهنة أن يهذبوا بنيهم ويعلموهم ويدربونهم ويحملوهم على حب الفضيلة وحسن السلوك إعداداً لهم ليكونوا أهلاً لخدمة الأقداس بميراث رتبة الكهنوت عنهم. ورأوا من وضع الكهنة أولاً أن تلك الرتبة عظيمة الأهمية لا يرقى إليها إلا من هم أهل لها وللقيام بواجبات الكهنوت المقدس في كل العلاقات (انظر ع 15).

لاَ يَتَنَجَّسْ أَحَدٌ مِنْكُمْ لِمَيِّتٍ أي يجب على الكهنة أن لا يمسوا جثة ميت لأن مسها ينجس بل قال علماء الناموس أنه يجب على الكاهن ليعتزل التنجس أن لا يقتصر على اعتزاله جثة الميت بل عليه أن لا يقترب منها حتى يكون بينه وبينها أقل من أربع أذرع وأن لا يدخل مخدع الميت ولا يدخل مدفنه ولا يسير بنعشه إلى القبر ولا ينوح عليه وإلا يتنجس وصار غير أهل للكهنوت وخدمة القدس من أجل الشعب. واستنتجوا ذلك من (عدد 19: 11 - 16). وكان كهنة المصريين يعتزلون المدافن والقبور والدنو من غير الأطهار رجالاً ونساءً. وكان الرومانيون يلصقون غصناً من السرو بباب البيت الذي فيه الميت لئلا يدخله الكاهن الرئيس على غير انتباه فيتنجس.

فِي قَوْمِهِ أي أسباط إسرائيل أو شعب اليهود (انظر تثنية 32: 8 و33: 3 الخ) وعلى هذا قال علماء الناموس إذا كانت جثة الميت بين الناس المعتنين بدفنها وجب على الكهنة أن لا يخالطوهم ولكن إذا رأى الكاهن بل رئيس الكهنة نفسه جثة ميت في الطريق وليس من يدعوه لدفنها وجب عليه أن يدفنها. وهذا على أن اليهود كانوا يرون ترك الجثة اليهودية بلا دفن شراً من تنجس الكاهن بها. ولا ريب في أن ذلك من شرائع الطبيعة الإنسانية.

2 «إِلاَّ لأَقْرِبَائِهِ ٱلأَقْرَبِ إِلَيْهِ: أُمِّهِ وَأَبِيهِ وَٱبْنِهِ وَٱبْنَتِهِ وَأَخِيهِ».

إِلاَّ لأَقْرِبَائِهِ ٱلأَقْرَبِ إِلَيْهِ استُثني سبعة أموات من القانون الشامل ما عدا ميت الطريق ولا دافن له والسبعة هم الآتون. قال علماء الناموس في عصر الهيكل الثاني إن أقرب الأقارب إلى الإنسان زوجته لأنها لحم من لحمه وعظم من عظامه. (قابل بذلك ما في تكوين 2: 24). وعلى هذا جاء في الترجمة الكلداينة ليوناثان «إلا الزوجة التي هي أقرب إلى لحمه».

أُمِّهِ وَأَبِيهِ هذه مرة ثانية من مرار ذكر الأم قبل الأب في الكتاب المقدس وهي ثلاث (انظر ص 19: 3 والتفسير). قال علماء الناموس قُدمت الأم على الأب هنا لأن أهلية الابن للكهنوت متوقف على الأم أكثر مما على الأب (انظر ع 7). ويتبين هذا من اهتمامهم بكمال زوجة الكاهن في كل شيء لأنه إذا كانت ذات نقائص أدبية وخلقية لم يبعد أن تورث ابنها شيئاً من ذلك فلا يكون أهلاً للكهنوت. ولذلك نهي عن أن يتزوج ابنة غريب أو سبية محررة. وأُمر أن يطلق الكهنة نساءهم إذا حوصرت المدينة وأُخذت احتراساً من أن تكون قد غُصبت في أثناء ذلك.

3 «وَأُخْتِهِ ٱلْعَذْرَاءِ ٱلْقَرِيبَةِ إِلَيْهِ ٱلَّتِي لَمْ تَصِرْ لِرَجُلٍ. لأَجْلِهَا يَتَنَجَّسُ».

أُخْتِهِ ٱلْعَذْرَاءِ ٱلْقَرِيبَةِ إِلَيْهِ أي أخته غير المتزوجة التي لا تزال معه كما يدل عليه ما بعد هذه العبارة.

ٱلَّتِي لَمْ تَصِرْ لِرَجُلٍ فإذا صارت لرجل كانت بضعة من جسد رجلها ولم تبق قريبة إلى الكاهن وحينئذ كان على زوجها أن يقوم بأمور دفنها.

لأَجْلِهَا يَتَنَجَّسُ قال علماء الناموس في مدة الهيكل الثاني كانت عناية الكاهن بدفن الأموات السبعة من الواجبات لا من الجائزات فقط.

4 «كَزَوْجٍ لاَ يَتَنَجَّسْ بِأَهْلِهِ لِتَدْنِيسِهِ».

حزقيال 24: 16 و17

كَزَوْجٍ لاَ يَتَنَجَّسْ بِأَهْلِهِ أي لا يتنجس بمشاركته في دفن زوجته ليكون مدنساً غير أهل للكهنوت.

5 «لاَ يَجْعَلُوا قَرْعَةً فِي رُؤُوسِهِمْ، وَلاَ يَحْلِقُوا عَوَارِضَ لِحَاهُمْ، وَلاَ يَجْرَحُوا جِرَاحَةً فِي أَجْسَادِهِمْ.

ص 19: 27 و28 وتثنية 14: 10 وحزقيال 44: 20

لاَ يَجْعَلُوا قَرْعَةً فِي رُؤُوسِهِمْ حُظر على الكهنة أن يشوهوا صورهم للحزن على الأقرباء السبعة المذكورين في (ع 2 - 4) كما كان يفعل قدماء الأمم في الحزن على موتاهم. وقد قيل في كهنة الوثنيين «إنهم يجلسون في هياكلها بأقمصة ممزقة وهم محلوقو الرؤوس واللحى» (باروك 6: 31). وما نُهي عنه الكهنة هنا نُهي عنه كل شعب إسرائيل (انظر ص 19: 27 و28 وتثنية 14: 1) على أن الإسرائيليين أتوا مثل ذلك (انظر إرميا 16: 6 وحزقيال 7: 18 وعاموس 8: 10).

6 «مُقَدَّسِينَ يَكُونُونَ لإِلٰهِهِمْ وَلاَ يُدَنِّسُونَ ٱسْمَ إِلٰهِهِمْ، لأَنَّهُمْ يُقَرِّبُونَ وَقَائِدَ ٱلرَّبِّ طَعَامَ إِلٰهِهِمْ، فَيَكُونُونَ قُدْساً».

ص 18: 21 و19: 12 ص 3: 11

مُقَدَّسِينَ يَكُونُونَ لإِلٰهِهِمْ هذا علة أن لا يشوه الكهنة صورهم وهيآتهم بظواهر الأحزان ومظاهرها لأنهم مقدسون للرب أي موقوفون له فيكون إتيانهم ذلك في المناحات تدنيساً لهم ولاسم الرب الذي صاروا له.

وَقَائِدَ ٱلرَّبِّ طَعَامَ إِلٰهِهِمْ لما كان المذبح بمنزلة مائدة الرب قيل أن القرابين طعامه على سبيل المجاز (انظر ص 3: 11 والتفسير).

7 «اِمْرَأَةً زَانِيَةً أَوْ مُدَنَّسَةً لاَ يَأْخُذُوا، وَلاَ يَأْخُذُوا ٱمْرَأَةً مُطَلَّقَةً مِنْ زَوْجِهَا. لأَنَّهُ مُقَدَّسٌ لإِلٰهِهِ».

حزقيال 44: 22 تثنية 24: 1 و2

اِمْرَأَةً زَانِيَةً أَوْ مُدَنَّسَةً لاَ يَأْخُذُوا الخ لما فرغ من نهي الكنيسة عن تدنسهم بالأموات أخذ ينهاهم عن التدنس بالأحياء ليحيط كلامه بكل أنواع القداسة ودفع ما يفسدها فكان يجب على الكاهن أن لا يقترن إلا بامراة يهودية كاملة الصفات الجسدية والعقلية غير مطلقة.

8 «فَتَحْسِبُهُ مُقَدَّساً لأَنَّهُ يُقَرِّبُ خُبْزَ إِلٰهِكَ. مُقَدَّساً يَكُونُ عِنْدَكَ لأَنِّي قُدُّوسٌ أَنَا ٱلرَّبُّ مُقَدِّسُكُمْ».

ص 20: 7 و8

فَتَحْسِبُهُ مُقَدَّساً الخطاب هنا لشعب إسرائيل وفيه تنبيه للإسرائيليين على أنه يجب عليهم أن لا يسمحوا للكاهن بزواج غير لائق وأن لا يقدسوا إلا من حفظ الناموس من كهنتهم وأطاع الفرائض فأقام الله شعب اليهود نظاراً على الكهنة لأن رتبة الكهنوت مقدسة ولأن خدمة الكهنة كانت لأجل الشعب. فإن رفض الكاهن السير على السنن المشروع كان للشعب أن يؤدبه ويجلده على ما أفاد علماء الدين اليهودي في مدة الهيكل الثاني.

مُقَدَّساً يَكُونُ عِنْدَكَ إذا عمل بمقتضى رتبته المقدسة ولهذا أوجب علماء الناموس في مدة الهيكل الثاني أن يكون الكاهن متقدماً فكان متى اجتمع الشعب بفتح الاجتماع بطلب بركة الله وكان متى شرع الناس في قراءة شريعة في المجامع يُدعى الكاهن ليقرأ الجزء الأول ومتى جلسوا على المائدة كان هو الذي يبارك الله على الطعام. ولا يزال اليهود يكرمون كهنتهم إلى هذا اليوم.

9 «وَإِذَا تَدَنَّسَتِ ٱبْنَةُ كَاهِنٍ بِٱلزِّنَى فَقَدْ دَنَّسَتْ أَبَاهَا. بِٱلنَّارِ تُحْرَقُ».

تكوين 38: 24

إِذَا تَدَنَّسَتِ ٱبْنَةُ كَاهِنٍ بِٱلزِّنَى شريعة الجزاء على ذلك بمقتضى ما عُرف من علماء الناموس في مدة الهيكل الثاني ما كانت تجري إلا على البنت المخطوبة والبنت المتزوجة ولهذا جاء في الترجمة الكلدانية القديمة «وإذا تدنست ابنة كاهن مخطوبة».

بِٱلنَّارِ تُحْرَقُ مع أن ابنة العامي التي تزني كانت تُقتل خنقاً (انظر ص 20: 10 والتفسير) لأنه كان تدنس ابنة الكاهن أشد ضرراً على الأمة فوُضع عليها عقاب أشد من عقاب تلك. ولم يُذكر هنا عقاب مدنسها وكان عقابه القتل خنقاً.

10 «وَٱلْكَاهِنُ ٱلأَعْظَمُ بَيْنَ إِخْوَتِهِ ٱلَّذِي صُبَّ عَلَى رَأْسِهِ دُهْنُ ٱلْمَسْحَةِ، وَمُلِئَتْ يَدُهُ لِيَلْبِسَ ٱلثِّيَابَ، لاَ يَكْشِفُ رَأْسَهُ، وَلاَ يَشُقُّ ثِيَابَهُ».

خروج 29: 29 و30 وص 8: 12 و16: 32 وعدد 35: 25 خروج 28: 2 وص 16: 32 ص 10: 6

وَٱلْكَاهِنُ ٱلأَعْظَمُ بَيْنَ إِخْوَتِهِ أي بين سائر الكهنة الذين هم بمنزلة إخوته وهو الممتاز عنهم بسمو الرتبة.

صُبَّ عَلَى رَأْسِهِ دُهْنُ ٱلْمَسْحَةِ كان صب هذا الدهن على رأس الكاهن علامة أنه هو الحبر الأعظم فكان يُصب على رأسه عند تعيينه (انظر ص 8: 12).

لِيَلْبِسَ ٱلثِّيَابَ كان إلباس الكاهن الثياب على ما أبان موسى قسماً من أعمال تعيين الكاهن وتقديسه (انظر ص 8: 7 - 11).

لاَ يَكْشِفُ رَأْسَهُ دلالة على النوح والحداد (انظر ص 10: 6 والتفسير).

وَلاَ يَشُقُّ ثِيَابَهُ «في وقت الضيق» كما في الترجمة الكلدانية القديمة ليوناثان لأن الكاهن لما كان في مثل تلك المنزلة الرفيعة وكان وسيطاً بين الله والناس كان إظهار مثل ذلك الحزن وإعلانه على ذلك الأسلوب مما يقود الشعب الذي يكهن لهم في القدس إلى أن يعتقدوا أنه يعارض القضاء الإلهي.

11 «وَلاَ يَأْتِي إِلَى نَفْسٍ مَيِّتَةٍ، وَلاَ يَتَنَجَّسُ لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ».

ع 1 و2 وعدد 19: 14

وَلاَ يَأْتِي إِلَى نَفْسٍ مَيِّتَةٍ لم يكن على الكاهن أن يعتزل آيات الحداد فقط بل كان عليه فوق ذلك أن لا يدخل خيمة ولا بيتاً فيه ميت (عدد 19: 14) لئلا يتنجس. قال علماء الناموس في مدة الهيكل الثاني أنه يُحظر على الكاهن أن يدخل مكاناً فيه شيء من دم الميت وإلا يتنجس. والظاهر أن المقصود بالنفس في عبارة المتن هو الدم لأن فيه النفس أو الحياة (انظر ص 17: 10 - 14).

وَلاَ يَتَنَجَّسُ لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ لا تناقض بين هذا وما سبق في (ع 2 - 4) لأن الكاهن أو الكهنة هنالك غير الحبر الأعظم وهنا هو الحبر الأعظم فإن الكهنة غيره لم يسمح لهم أن يشتغلوا بدفن سبعة من أقربائهم (انظر ع 2 - 4 والتفسير) بل كان ذلك مما يجب عليهم أيضاً. أما الحبر الأعظم فكان يُحظر عليه أن يدنو من جثة أبيه وأمه الميتين لكن كان عليه مع ذلك أن يدفن جثة ميت يراها في مكان منفرد وليس هنالك من يدفنها سواه (انظر تفسير ع 1).

12 «وَلاَ يَخْرُجُ مِنَ ٱلْمَقْدِسِ لِئَلاَّ يُدَنِّسَ مَقْدِسَ إِلٰهِهِ، لأَنَّ إِكْلِيلَ دُهْنِ مَسْحَةِ إِلٰهِهِ عَلَيْهِ. أَنَا ٱلرَّبُّ».

ص 10: 7 خروج 29: 36 وص 8: 9 و12 و30

وَلاَ يَخْرُجُ مِنَ ٱلْمَقْدِسِ إذا نُعي إليه أحد والديه وهو يخدم في المقدس حُظر عليه أن يترك الخدمة ويخرج من هناك لئلا يظهر بذلك أنه يهتم بالميت أكثر مما يهتم بخدمة الله الحي. والفرق في هذا بين الكاهن الأعظم وغيره من الكهنة أنه إذا نُعي إلى أحد الكهنة غير الكاهن الأعظم أحد أقاربه السبعة (ع 2 و3) وهو يخدم في المقدس وجب عليه أن يكف عن الخدمة ولكن لم يكن له أن يتعدى حدود المقدس وإنه إذا نُعي ذلك إلى الكاهن الأعظم حُظر عليه أن يترك الخدمة لحداده والثاني لا يتركها لأنه ليس له أن يأتي الحداد.

13 «هٰذَا يَأْخُذُ ٱمْرَأَةً عَذْرَاءَ».

ع 7 وحزقيال 44: 22

يَأْخُذُ ٱمْرَأَةً عَذْرَاءَ استنتج علماء الناموس في مدة الهيكل الثاني من هذه الآية ما يأتي:

  1. إن الكاهن الأعظم يجب أن يكون بعل امرأة واحدة وأما غيره من الكهنة فيجوز أن يكون بعل عدة نساء.

  2. أن تكون من يريد الكاهن الأعظم الاقتران بها عذراء في سن أقل من الثلاثين.

  3. أن لا تكون من يريد ذلك الكاهن تزوجها مخطوبة لغيره.

  4. أن تكون ابنة والدين يهوديين كما يتبين من الآية التالية. وأما غير الكاهن الأعظم من الكهنة فكان يجوز له أن يتزوج ابنة دخيلين. وأول هذه الشروط شرطه بولس الرسول على الأساقفة المسيحيين (1تيموثاوس 3: 2 وتيطس 1: 16). والرابع أوضح في الترجمة السبعينية فإن نهاية الآية فيها «من قومه».

14 «أَمَّا ٱلأَرْمَلَةُ وَٱلْمُطَلَّقَةُ وَٱلْمُدَنَّسَةُ وَٱلزَّانِيَةُ فَمِنْ هٰؤُلاَءِ لاَ يَأْخُذُ، بَلْ يَتَّخِذُ عَذْرَاءَ مِنْ قَوْمِهِ ٱمْرَأَةً».

ٱلأَرْمَلَةُ أي التي مات زوجها وزاد علماء الناموس على ذلك والتي مات خطيبها قبل الزواج. وإن كان الكاهن الأعظم قد خطب أرملة قبل أن يرقّى إلى رتبته العظمى فله أن يتزوجها بعد ترقيته. وكان هذا الكاهن مستثنى من المأمورين بتزوج نساء إخوتهم إن ماتوا بلا نسل (انظر تفسير ص 18: 16).

وَٱلْمُطَلَّقَةُ هذه ومن بعدها محظور أن يتزوجها أحد من سائر الكهنة أيضاً (انظر ع 7 والتفسير).

15 «وَلاَ يُدَنِّسُ زَرْعَهُ بَيْنَ شَعْبِهِ لأَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ مُقَدِّسُهُ».

ع 8

وَلاَ يُدَنِّسُ زَرْعَهُ أي لا يخالط بالزواج إحدى النساء المذكورات المنهي عن زواجهن لئلا يتدنس نسله المولود منها لأن ٰأولاد هؤلاء النساء مثلهن في الحرمان من الامتيازات الكهنوتية ومن المشاركة في ذبائح الكهنة.

16 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

قَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى نُهي الكهنة في ما مرّ من هذا الأصحاح عن تشويه صورتهم وملبوساتهم في الحزن على الميت وعن تدنيس أنفسهم ونسلهم بالزواج المحظور أي الاقتران بزانية أو مطلقة ونُهي الحبر الأعظم فوق ذلك عن أن يقترن بأجنبية أو ابنة دخيلين وكل ذلك من العيوب الاختيارية. وأما هنا فتكلم الشارع على العيوب الاضطرارية أي التي ليست باختيار الإنسان كالعمى والعرج وما أشبههما.

17 «قُلْ لِهَارُونَ: إِذَا كَانَ رَجُلٌ مِنْ نَسْلِكَ فِي أَجْيَالِهِمْ فِيهِ عَيْبٌ فَلاَ يَتَقَدَّمْ لِيُقَرِّبَ خُبْزَ إِلٰهِهِ».

ص 3: 11 و10: 3 وعدد 16: 5 ومزمور 65: 4

رَجُلٌ مِنْ نَسْلِكَ من أولاد أولادك وأولاد أولاد الأولاد من دمك في العصر الحاضر والعصور المستقبلة.

فِيهِ عَيْبٌ خلقي أو عرضي مما لا اختيار له فيه يمنع من أن يكون كاهناً.

خُبْزَ إِلٰهِهِ أي القرابين التي تقدم لله (انظر ع 6 وص 3: 2).

18 «لأَنَّ كُلَّ رَجُلٍ فِيهِ عَيْبٌ لاَ يَتَقَدَّمْ. لاَ رَجُلٌ أَعْمَى وَلاَ أَعْرَجُ وَلاَ أَفْطَسُ وَلاَ زَوَائِدِيٌّ».

ص 22: 23

كُلَّ رَجُلٍ بلا استثناء.

فِيهِ عَيْبٌ كالعيب المذكور في تفسير (ع 17) ومما بسطه في هذه الآية وما بعدها من العيوب الجسدية المانعة من الاختيار للكهنوت وخدمة المذبح. وهذه الآية كمعنى الآية التي قبلها كُررت للتقرير والتمكين. وكان مثل هذه الشريعة عند قدماء الرومان واليونان فإنهم أوجبوا أن يكون الكاهن كامل الخلق صحيح كل أجزاء الجسد. وعند الهنود أن مما أوجبته الشريعة أن يكون البراهمة ممن وُلدوا بلا نقص جسدي ومن لم يعرض لهم عيبٌ قبل سن السادسة عشرة.

أَعْمَى فاقد قوة البصر ولكن الذي عُلم مما ذهب إليه علماء الناموس في مدة الهيكل الثاني أنه يُمنع من الكهنوت الأعمى والأعور ومريض العين مطلقاً سواء كان المرض في جوهر العين أو ملحقاتها كالأجفان. وذكروا لذلك ستة وعشرين عيباً تسعة عشر في العين وسبعة في الجفن.

أَعْرَجُ فهم بذلك علماء الناموس في مدة الهيكل الثاني كل نقص في مشي الكاهن وذكروا لذلك اثنتين وعشرين حالاً.

أَفْطَسُ أي ذو فطس وهو من انخفضت قصبة أنفه وانتشر أو انفرش أنفه في وجهه. وفهم منه علماء اليهود كل عيب في الأنف وعدوا عيوب الأنف فكانت تسعة.

زَوَائِدِيٌّ أي أحد أعضائه شاذ عن النسبة بالنظر إلى الزيادة في الحجم أو الطول أو العرض ككون إحدى الكتفين أكبر من الأخرى أو أعلى منها وكون إحدى الساقين أطول من الأخرى وهلم جراً (وانظر ألا يندرج في ذلك الأعنش أي من له في إحدى يديه أو رجليه أصبع زائدة أو غير ذلك من زوائد التشوه الخلقي).

19 «وَلاَ رَجُلٌ فِيهِ كَسْرُ رِجْلٍ أَوْ كَسْرُ يَدٍ».

كَسْرُ رِجْلٍ أَوْ كَسْرُ يَدٍ لأن هذا قلما شُفي وبقي على وضعه أو عاد إلى تمام ما كان عليه في ذلك الزمان لعدم إحكامهم التجبير والأعمال الجراحية.

20 «وَلاَ أَحْدَبُ وَلاَ أَكْشَمُ وَلاَ مَنْ فِي عَيْنِهِ بَيَاضٌ وَلاَ أَجْرَبُ وَلاَ أَكْلَفُ وَلاَ مَرْضُوضُ ٱلْخُصَى».

تثنية 23: 1

أَحْدَبُ تُرجمت في الكلدانية القديمة «رجل يغطي حاجباه عينيه» بناء على ما فهمه علماء الناموس. وهو في العبرانية «גבן» أي جبن ومعناها أحدب وحاجب فتكون الترجمة العربية أصح من الكلدانية وإن فهم منها المعنى الثاني علماء الناموس في مدة الهيكل الثاني ويؤيد قولنا إن ما فهمه هنا داخل في عيوب العين المفهومة عندهم من لفظة أعمى (انظر ع 18 وتفسيره).

أَكْشَمُ الأكشم الناقص الخَلق.

فِي عَيْنِهِ بَيَاضٌ على السواد والظاهر إن هذا غير داخل في العمى وإلا ففهمهم من العمى كل عيوب العين في غير محله.

أَجْرَبُ... أَكْلَفُ الأجرب المصاب بالجرب وهو مرض معروف. والأكلف المصاب بالكلف وهو ما يعلو الوجه ويتفرق عليه من أمثال الحبوب الصغيرة السوداء الضاربة إلى الحمرة ويعرف بالنمَش.

مَرْضُوضُ ٱلْخُصَى فهموا من ذلك كل من ألمّ بخصيته مرض أو نقص.

21 «كُلُّ رَجُلٍ فِيهِ عَيْبٌ مِنْ نَسْلِ هَارُونَ ٱلْكَاهِنِ لاَ يَتَقَدَّمْ لِيُقَرِّبَ وَقَائِدَ ٱلرَّبِّ. فِيهِ عَيْبٌ لاَ يَتَقَدَّمْ لِيُقَرِّبَ خُبْزَ إِلٰهِهِ».

ع 6

كُلُّ رَجُلٍ فِيهِ عَيْبٌ كرر هذا للتأكيد والتقرير ولبيان الشمول وإن ما ذُكر من العيوب في الآيات السابقة أمثلة للعيب لا كل العيوب فيُشترط أن يكون الكاهن خالياً من كل عيب مما ذُكر أو مما لم يُذكر وبقي بيان هذه العيوب للعارفين بالنقائص الخلقية من علماء الناموس. ولهذا ذكر العلماء في مدة الهيكل الثاني اثنين وأربعين عيباً تمنع من الكهنوت وخدمة المذبح. وكان في دار الهيكل مخدع يجتمع فيه أعضاء السنهدريم لمشاهدة المُعدين للكهنوت والنظر في أنهم هل خالون من العيوب الخلقية أو لا. وبعد الفراغ من هذا الفحص ينقسم الكهنة إلى قسمين فالذين يكون فيهم عيب خلقي يلبسون ثياباً سوداء ويلتفون بأكسية سوداء ويذهبون سكوتاً. والذين يتبين أنهم بلا عيب يلبسون ثياباً بيضاء وأكسية بيضاء ويتحدون بإخوتهم للخدمة المقدسة ويشاركونهم في الكهنوت المقدس ويشهرون ذلك اليوم بوليمة لأصحابهم يفتتحونها بقولهم «مبارك الرب. مبارك هو لأنه لم يوجد عيب في نسل هارون الكاهن. مبارك هو لأنه اختار هارون وبنيه ليقفوا ويخدموا أمام الرب في المقدس الأقدس». والذين وُجد فيهم عيب يشتغلون بالحطب في مكان على الجهة الشرقية الشمالية من دار النساء وينتقون هنالك الحطب المناسب للمذبح ويعزلون القطع التي أكل السوس منها لأنه كان محظوراً أن توقد على المذبح.

22 «خُبْزَ إِلٰهِهِ مِنْ قُدْسِ ٱلأَقْدَاسِ وَمِنَ ٱلْقُدْسِ يَأْكُلُ».

ص 2: 3 و10 و6: 17 و29 و7: 1 و24: 9 وعدد 18: 9 ص 22: 10 و11 و12 وعدد 18: 19

خُبْزَ إِلٰهِهِ كان للكاهن الذي لا يناسب الخدمة على المذبح فيوكل إليه عمل الأشياء دونها أن يشارك في الأشياء التي هي أقل قداسة من غيرها ككتف ذبيحة السلامة والعشور وأبكار الأثمار وأن يأكل بقايا القرابين الطعامية وذبائح الخطية وذبائح الإثم التي هي من أقدس الذبائح (انظر ص 2: 3).

23 «لٰكِنْ إِلَى ٱلْحِجَابِ لاَ يَأْتِي، وَإِلَى ٱلْمَذْبَحِ لاَ يَقْتَرِبُ، لأَنَّ فِيهِ عَيْباً، لِئَلاَّ يُدَنِّسَ مَقْدِسِي، لأَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ مُقَدِّسُهُمْ».

ع 12

لٰكِنْ إِلَى ٱلْحِجَابِ لاَ يَأْتِي أي المكان المقدس الذي أمام الحجاب.

24 «فَكَلَّمَ مُوسَى هَارُونَ وَبَنِيهِؤ وَكُلَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ».

كُلَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لم يترك الله إقامة الكهنة والقوانين المتعلقة بأعمال الكهنوت وبيان من هو أهل له لهارون وبنيه بل كان للشعب يد في ذلك وكان الشيوخ أو أعضاء السنهدريم نواباً عنهم في كل ذلك.

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي وَٱلْعِشْرُونَ

1 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

قَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى في هذا الأصحاح تمام الكلام على الخدمة المقدسة الكهنوتية. كان ختام الأصحاح السابق الاذن للكهنة الذين ليسوا أهلاً لخدمة المذبح في أن يأكلوا من القرابين والذبائح وفاتحة هذا الأصحاح منع الجميع من أكل تلك الذبائح في بعض الأحوال.

2 «قُلْ لِهَارُونَ وَبَنِيهِ أَنْ يَتَوَقَّوْا أَقْدَاسَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ٱلَّتِي يُقَدِّسُونَهَا لِي وَلاَ يُدَنِّسُوا ٱسْمِي ٱلْقُدُّوسَ. أَنَا ٱلرَّبُّ».

خروج 28: 38 وص 18: 21 وعدد 18: 32 وتثنية 15: 19

أَنْ يَتَوَقَّوْا أَقْدَاسَ بَنِي إِسْرَائِيلَ كان للكهنة أجزاء أو أنصبة من القرابين التي يقربها بنو إسرائيل للرب فحذّر الله الكهنة منها هنا ومن أن يظنوا أنها لهم مطلقاً فإنه في بعض الأحوال يجب عليهم الامتناع منها (ص 7: 20 و21).

ٱلَّتِي يُقَدِّسُونَهَا لِي أي القرابين التي يقربها بنو إسرائيل للرب موقوفة له وحده.

3 «قُلْ لَهُمْ: فِي أَجْيَالِكُمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ جَمِيعِ نَسْلِكُمُ ٱقْتَرَبَ إِلَى ٱلأَقْدَاسِ ٱلَّتِي يُقَدِّسُهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لِلرَّبِّ وَنَجَاسَتُهُ عَلَيْهِ، تُقْطَعُ تِلْكَ ٱلنَّفْسُ مِنْ أَمَامِي. أَنَا ٱلرَّبُّ».

ص 7: 20

فِي أَجْيَالِكُمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ جَمِيعِ نَسْلِكُمُ (انظر ص 3: 17 و21: 17).

ٱقْتَرَبَ إِلَى ٱلأَقْدَاسِ الأقداس هنا المقدسات ويراد بها الذبائح فيكون المعنى اقترب إلى الذبائح ليأكلها كما قال في (ع 4 و6 و12).

نَجَاسَتُهُ عَلَيْهِ أي هو نفسه ينجس نفسه بتعديه ولا بد من أن يتنجس بذلك التعدي (ص 7: 20).

تُقْطَعُ تِلْكَ ٱلنَّفْسُ مِنْ أَمَامِي لم ترد العبارة «من أمامي» في ذكر القطع في غير هذا الموضع من الأسفار الخمسة. وذُكر في هذا السفر الجزاء المذكور هنا في ستة مواضع منه غير هذا الموضع ونصه فيها «تُقطع تلك النفس من شعبها» (ص 7: 20 و21 و25 و27 و19: 8 و23: 29). واختصاص العبارة هنا بقوله «من أمامي» لا بد من أن فيها إشارة إلى حال خاصة والمرجّح أن المقصود بقطع الكاهن المتعدي من الوقوف أمامه للخدمة كما قطع ناداب وأبيهو (ص 10: 1 - 3).

4 «كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ نَسْلِ هَارُونَ وَهُوَ أَبْرَصُ أَوْ ذُو سَيْلٍ، لاَ يَأْكُلْ مِنَ ٱلأَقْدَاسِ حَتَّى يَطْهُرَ. وَمَنْ مَسَّ شَيْئاً نَجِساً لِمَيِّتٍ، أَوْ إِنْسَانٌ حَدَثَ مِنْهُ ٱضْطِجَاعُ زَرْعٍ».

ص 15: 2 ص 14: 2 و15: 13 عدد 19: 11و22 وحجي 2: 13 ص 15: 16

أَبْرَصُ هذا وما بعده أنواع أُخر من النجاسة وقد سبق الكلام على البرص والأبرص بالتفصيل (انظر ص 13: 3 والتفسير).

ذُو سَيْلٍ (انظر ص 15: 2 وتفسيره).

مَنْ مَسَّ شَيْئاً نَجِساً (انظر ع 19: 11 - 14).

ٱضْطِجَاعُ زَرْعٍ (انظر ص 15: 16).

5 «أَوْ إِنْسَانٌ مَسَّ دَبِيباً يَتَنَجَّسُ بِهِ، أَوْ إِنْسَاناً يَتَنَجَّسُ بِهِ لِنَجَاسَةٍ فِيهِ».

ص 11: 24 و43 و44 ص 15: 7 و19

مَسَّ دَبِيباً (انظر ص 11: 24 - 44 والتفسير).

لِنَجَاسَةٍ فِيهِ أي لكونه أبرص أو ذا سيل أو ماسا شيئاً نجساً (ص 13: 45 و15: 5 الخ).

6 «فَٱلَّذِي يَمَسُّ ذٰلِكَ يَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ، وَلاَ يَأْكُلْ مِنَ ٱلأَقْدَاسِ، بَلْ يَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ».

ص 15: 5 وعبرانيين 10: 22

فَٱلَّذِي يَمَسُّ ذٰلِكَ من الكهنة لأن هذه الشريعة وُضعت عليهم ولذلك جاء في الترجمة الكلدانية «فالكاهن الذي يمس» الخ.

يَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ وذلك نهاية يوم النجاسة وبداءة غده (انظر ص 11: 24 - 32) حين ينضح كل حسده بالماء.

7 «فَمَتَى غَرَبَتِ ٱلشَّمْسُ يَكُونُ طَاهِراً، ثُمَّ يَأْكُلُ مِنَ ٱلأَقْدَاسِ لأَنَّهَا طَعَامُهُ».

ص 1: 22 وعدد 18: 11 و13

ثُمَّ يَأْكُلُ مِنَ ٱلأَقْدَاسِ لأَنَّهَا طَعَامُهُ لأن الذبائح التي كان يخدم الرب بها هي الشيء الوحيد الذي كان منه قوام غذائه.

8 «مِيِّتَةً أَوْ فَرِيسَةً لاَ يَأْكُلْ فَيَتَنَجَّسَ بِهَا. أَنَا ٱلرَّبُّ».

خروج 22: 31 وص 17: 15 وحزقيال 44: 31

مِيِّتَةً أي كل ما مات موتاً عادياً من الطيور والبهائم الطاهرة وهذا حُّرم عل كل بني إسرائيل أيضاً (ص 77: 15) وإذا كان قد حُرّم على العامة لنجاسته فبالأولى أن يحرّم على الكهنة.

9 «فَيَحْفَظُونَ شَعَائِرِي لِكَيْ لاَ يَحْمِلُوا لأَجْلِهَا خَطِيَّةً يَمُوتُونَ بِهَا لأَنَّهُمْ يُدَنِّسُونَهَا. أَنَا ٱلرَّبُّ مُقَدِّسُهُمْ».

خروج 28: 43 وعدد 18: 22 و32

فَيَحْفَظُونَ شَعَائِرِي أي فروضي التي يمتاز الكهنة والشعب الإسرائيلي بها ومنها النواهي عن النجاسة المذكورة.

يَمُوتُونَ بِهَا لأَنَّهُمْ يُدَنِّسُونَهَا الضمير في «بها» يرجع إلى الخطية المذكورة في الآية وفي «يدنسونها» يرجع إلى الشعائر. فكأنه قال «إذا دنسوا شعائري خطئوا وماتوا بخطيتهم لأنهم دنسوا تلك الشعائر». وزاد علماء الناموس في تفسيرهم مدة الهيكل الثاني على قوله «يموتون» قولهم «بيد السماء» أي يد الله رب السماء. ولهذا جاء في الترجمة الكلدانية ليوناثان «لئلا يقتلوا على ذلك بنار ملتهبة» أي كما قُتل ناداب وأبيهو.

10 «وَكُلُّ أَجْنَبِيٍّ لاَ يَأْكُلُ قُدْساً. نَزِيلُ كَاهِنٍ وَأَجِيرُهُ لاَ يَأْكُلُونَ قُدْساً».

1صموئيل 21: 6

وَكُلُّ أَجْنَبِيٍّ لاَ يَأْكُلُ قُدْساً المقصود بالأجنبي هنا من ليس من نسل هارون الكهنة فيصح أن يكون إسرائيلياً ولاوياً أيضاً. والمقصود بالقدس هنا ذبائح السلامة (انظر ص 7: 30).

نَزِيلُ كَاهِنٍ (النزيل الضيف) لكن المفسرين قالوا النزيل هنا العبد الذي ثُقبت أذنه وصار من مملوكات سيده ويبقى كذلك إلى سنة اليوبيل (خروج 21: 6).

وَأَجِيرُهُ أي الأجير العبراني المستأجر ست سنين يتحرر في نهايتها (انظر خروج 21: 2) ولم يكن أحد منهم من أملاك الكاهن مع أن عمله وخدمه كانت له. ولم يكن خدم اليهود مبيعين بالمال خلافاً لعبيد الأمم ولذلك كان اليهود يعاملونهم معاملة النزلاء لا معاملة الأرقاء ولذلك كان لهم أن يشاركوا سادتهم في الأطعمة المقدسة.

11 «لٰكِنْ إِذَا ٱشْتَرَى كَاهِنٌ أَحَداً شِرَاءَ فِضَّةٍ فَهُوَ يَأْكُلُ مِنْهُ وَٱلْمَوْلُودُ فِي بَيْتِهِ. هُمَا يَأْكُلاَنِ مِنْ طَعَامِهِ».

عدد 18: 11 و13

إِذَا ٱشْتَرَى كَاهِنٌ أَحَداً كان هذا الشراء يختلف عن شراء الكهان الوثنيين فإن عبد الكاهن اليهودي كان يُختن ويشارك سيده في خروف الفصح وسائر الامتيازات فيكون كأنه من أهل بيت الكاهن وكان يجوز له أن يأكل الأقداس. وكان في عهد الهيكل الثاني مثل هذا الامتياز لمن يكون من أهل البيت من الذين لم يشترهم الكاهن بفضته بل من كانت الزوجة تأتي به كأنه جزء من جهازها.

وَٱلْمَوْلُودُ فِي بَيْتِهِ كولد الخادمة أو الأَمة والخادم أو العبد (انظر تكوين 17: 12 و13) فهذا كان يأكل مع أهل بيت الكاهن الأقداس التي لا يجوز للكاهن أكلها لنجاسة شرعية.

12 «وَإِذَا صَارَتِ ٱبْنَةُ كَاهِنٍ لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ لاَ تَأْكُلُ مِنْ رَفِيعَةِ ٱلأَقْدَاسِ».

وَإِذَا صَارَتِ ٱبْنَةُ كَاهِنٍ لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ يراد بالأجنبي هنا من ليس من سلالة هارون من العبرانيين فمن تزوجت مثل هذا من بنات الكهنة لم تُحسب من أهل بيت الكاهن وخسرت حق المشاركة في الأقداس فخبزها حينئذ يكون من زوجها ولا يبقى لها من نصيب من خبز الكاهن. وقد أطلق علماء الناموس في عصر الهيكل الثاني الأجنبي هنا على العبراني الذي ليس من نسل الكهنة وعلى الغريب أي الذي ليس بعبراني فقالوا إذا ضلت ابنة كاهن بأن اقترنت بغريب حُرّم عليها أكل الطعام المقدس (انظر ص 11: 7 و9).

13 «وَأَمَّا ٱبْنَةُ كَاهِنٍ قَدْ صَارَتْ أَرْمَلَةً أَوْ مُطَلَّقَةً، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا نَسْلٌ، وَرَجَعَتْ إِلَى بَيْتِ أَبِيهَا كَمَا فِي صِبَاهَا، فَتَأْكُلُ مِنْ طَعَامِ أَبِيهَا. لٰكِنَّ كُلَّ أَجْنَبِيٍّ لاَ يَأْكُلُ مِنْهُ».

تكوين 38: 11 ص 10: 14 وعدد 18: 11 و19

أَرْمَلَةً أَوْ مُطَلَّقَةً، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا نَسْلٌ أي إذا فقدت ابنة الكاهن زوجها بموت أو طلاق ولم يكن لها نسل أي ولد رجعت إلى بيت أبيها وعادت إليها الحقوق الأولى التي كانت لها في ذلك البيت من أكل الخبز ولحم الذبائح المقدسة سوى صدر الترديد وكتف الرفيعة.

وَرَجَعَتْ إِلَى بَيْتِ أَبِيهَا كَمَا فِي صِبَاهَا استنبط علماء الناموس في عصر الهيكل الثاني قانونين من هذه العبارة:

(1) إن ابنة الكاهن إذا تُركت أرملة بلا ولد وكان لزوجها أخ حي وجب على ذلك الأخ أن يتزوجها بمقتضى الشريعة (ص 18: 16) فإن تزوجها لم يجز لها أن تأكل من الأقداس وإن رجعت إلى بيت أبيها وقتياً ولهذا جاء في الترجمة الكلدانية «رجعت إلى بيت أبيها وهي غير متزوجة أخا زوجها».

(2) إنه كان لابنة الكاهن ولد عند موت زوجها ورجعت إلى بيت أبيها لم يكن لها أن تأكل من الأقداس لكن إن مات الولد جاز لها حينئذ في بيت أبيها ما كان يجوز لها فيه قبل أن تتزوج.

14 «وَإِذَا أَكَلَ إِنْسَانٌ قُدْساً سَهْواً، يَزِيدُ عَلَيْهِ خُمْسَهُ وَيَدْفَعُ ٱلْقُدْسَ لِلْكَاهِنِ».

ص 5: 15 و16

وَإِذَا أَكَلَ إِنْسَانٌ قُدْساً سَهْواً أو جهلاً أي غير عالم إن ما أكله قدس (انظر ص 4: 2 و22 و27 و5: 15 و18).

يَزِيدُ عَلَيْهِ خُمْسَهُ أي يؤدي مثله وزيادة هي خمسه.

وَيَدْفَعُ ٱلْقُدْسَ أي يؤدي الكاهن ما يساوي القدس. والخلاصة إن التعويض يكون بتأدية ما يساوي القدس وخمسه. ويبقى عليه أن يقدم ذبيحة الإثم (ص 5: 14 - 17).

15 «فَلاَ يُدَنِّسُونَ أَقْدَاسَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ٱلَّتِي يَرْفَعُونَهَا لِلرَّبِّ».

ع 18: 32

فَلاَ يُدَنِّسُونَ أَقْدَاسَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أي لا يدنس الكهنة هبات إسرائيل المقدسة التي هي خبز الله بعدم عنايتهم بها على مقتضى الشريعة.

16 «فَيُحَمِّلُونَهُمْ ذَنْبَ إِثْمٍ بِأَكْلِهِمْ أَقْدَاسَهُمْ. لأَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ مُقَدِّسُهُمْ».

ع 9

فَيُحَمِّلُونَهُمْ ذَنْبَ إِثْمٍ أي فيكونون بعدم اعتنائهم بمنع من لا يجوز له أن يأكل الأقداس فوق كونهم آثمين سبباً لأن يحمل غيرهم الإثم بأكله من الأقداس.

17 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى هذه مقدمة فريضة جديدة فإنه بعدما فرغ من الكلام على صفات الذين يصح أن يكونوا كهنة لخدمة المذبح ووجوب كمالهم وقداستهم أخذ يبين صفات البهائم التي يليق أن تقدم ذبائح على المذبح.

18 «قُلْ لِهَارُونَ وَبَنِيهِ وَجَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَمِنَ ٱلْغُرَبَاءِ فِي إِسْرَائِيلَ قَرَّبَ قُرْبَانَهُ مِنْ جَمِيعِ نُذُورِهِمْ وَجَمِيعِ نَوَافِلِهِمِ ٱلَّتِي يُقَرِّبُونَهَا لِلرَّبِّ مُحْرَقَةً».

ص 1: 2 و3 و10 وعدد 15: 14

هَارُونَ وَبَنِيهِ وَجَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ لما كان على كل من الكهنة والشعب أمور تجب عليهم في الذبائح كان الكلام للكهنة والشعب معاً.

كُلُّ إِنْسَانٍ (انظر تفسير ص 17: 8).

جَمِيعِ نُذُورِهِمْ وَجَمِيعِ نَوَافِلِهِمِ (النذر أن يوجب الإنسان على نفسه من الأمور الخيرية ما لا توجبه عليه الشريعة بشرط فإن خلا من الشرط فهو النافلة وجميعها نوافل) وكل من النذور والنوافل اختياري وذُكر الفرق بين ذبائح النذور وذبائح النوافل في تفسير (ص 7: 16).

مِنَ ٱلْغُرَبَاءِ أي الدخلاء المتهودين.

19 «فَلِلرِّضَا عَنْكُمْ يَكُونُ، ذَكَراً صَحِيحاً مِنَ ٱلْبَقَرِ أَوِ ٱلْغَنَمِ أَوِ ٱلْمَعْزِ».

ص 1: 3

فَلِلرِّضَا عَنْكُمْ أي لقبول الله إياكم ومسرته بكم (انظر ص 1: 3 والتفسير).

ذَكَراً الخ الظاهر أنه لا يجوز في هذه الفريضة غير الذكر من أنواع البهائم الثلاثة البقر والغنم والمعز.

20 «كُلُّ مَا كَانَ فِيهِ عَيْبٌ لاَ تُقَرِّبُوهُ لأَنَّهُ لاَ يَكُونُ لِلرِّضَا عَنْكُمْ».

تثنية 15: 21 و17 وملاخي 1: 8 و14 وأفسس 5: 27 وعبرانيين 9: 14 و1بطرس 1: 19

كُلُّ مَا كَانَ فِيهِ عَيْبٌ هذا مقدمة لما يأتي. ويُرى هنا أن الذبيحة لا تكون إلا من ذوات الأربع التي ذكرها ولم يسمح بتقديم الطيور بدليل أن الشريعة لم تفرق في تقديم الطيور بين الذكر والأنثى. وقال علماء الناموس في عصر الهيكل الثاني لا يُعد الطير ذا عيب ما لم يكن قد فقد عضواً كاملاً.

21 «وَإِذَا قَرَّبَ إِنْسَانٌ ذَبِيحَةَ سَلاَمَةٍ لِلرَّبِّ وَفَاءً لِنَذْرٍ، أَوْ نَافِلَةً مِنَ ٱلْبَقَرِ أَوِ ٱلأَغْنَامِ، تَكُونُ صَحِيحَةً لِلرِّضَا. كُلُّ عَيْبٍ لاَ يَكُونُ فِيهَا».

ص 3: 1 و6 ص 7: 16 وعدد 15: 3 وتثنية 23: 21 و23 ومزمور 61: 8 و65: 1 وجامعة 5: 4 و5

ذَبِيحَةَ سَلاَمَةٍ (انظر ص 3: 1 والتفسير).

وَفَاءً لِنَذْرٍ كان النذر يؤتى في أزمنة الخطر (انظر تكوين 28: 20 - 22 ويونان 1: 16).

أَوْ نَافِلَةً أي أو وفاء لنافلة. وغلب أن تكون تقدمة النافلة شكراً لله على ما ناله المقدِّم من مراحمه تعالى.

22 «ٱلأَعْمَى وَٱلْمَكْسُورُ وَٱلْمَجْرُوحُ وَٱلْبَثِيرُ وَٱلأَجْرَبُ وَٱلأَكْلَفُ هٰذِهِ لاَ تُقَرِّبُوهَا لِلرَّبِّ، وَلاَ تَجْعَلُوا مِنْهَا وَقُوداً عَلَى ٱلْمَذْبَحِ لِلرَّبِّ».

ع 20 وملاخي 1: 8 ص 1: 9 و13 و3: 3 و5

ٱلأَعْمَى فاقد قوة البصر كلها أو بعضها فيدخل فيه الأعور. فشُرط في البهيمة ما شُرط في الكاهن الذي يخدم المذبح (انظر ص 21: 18).

وَٱلْمَكْسُورُ أحد أعضائه من رجل وضلع وغيرهما (وفي الاصل العبراني أو المكسور).

وَٱلْمَجْرُوحُ جاء في إحدى التراجم «والأعرج». وفي الكلدانية «ساقط الحاجب». (وفي العبرانية حروص «חרוץ» ومعناه مقطوع ومحفور. وجاء في الأصل العبراني «او» بدل الواو في هذه الآية ففيه «الأعمى أو المكسور أو الخ». والقرينة تدل على أن المقصود باو معنى الواو ولهذا كان ما ذُكر). واشتُرط في الكاهن الذي يخدم المذبح أن يكون خالياً من هذا العيب (على غير الترجمة العربية).

وَٱلْبَثِيرُ (البثير في العربية من في وجهه أو جلده بثرة أو بثور والبثر الخراج وهو كل ما يخرج في البدن من دُمل ونحوه). وفُسر في عصر الهيكل الثاني بمرض في العين. وجاء في الترجمة الكلدانية «من اختلط في عينيه السواد والبياض». ومثل هذا العيب يمنع من الكهنوت الذي يخدم فيه المذبح على ما فهموه من (ص 21: 19) (والكملة في العبرانية «يبلت» ومعناها بثير).

وَٱلأَجْرَبُ وَٱلأَكْلَفُ هذان من العيوب المانعة كهنوت خدمة المذبح (انظر ص 21: 20).

هٰذِهِ لاَ تُقَرِّبُوهَا لِلرَّبِّ أي لا تقربوا للرب بهيمة فيها شيء من العيوب المذكورة والتي لم تُذكر (والتي ذُكرت أمثلة للعيب لا العيوب كلها) وكان من يقرب بهيمة فيها عيب يُضرب ويُوجب عليه أن يأتي ببهيمة بلا عيب بدلها.

23 «وَأَمَّا ٱلثَّوْرُ أَوِ ٱلشَّاةُ ٱلزَّوَائِدِيُّ أَوِ ٱلْقُزُمُ فَنَافِلَةً تَعْمَلُهُ، وَلٰكِنْ لِنَذْرٍ لاَ يُرْضَى بِهِ».

ص 21: 18

ٱلزَّوَائِدِيُّ فسروه بغير المتناسب الأعضاء كأن يكون أحد أعضائه خارجاً عن المناسبة بالكبر أو الصغر والطول أو القصر. (والكلمة تدل على الزيادة مطلقاً فتصدق على الزيادة التي تكون في التشوه الخلقي كزيادة بعض الأعضاء كما يكون في الأعنش أي الذي له ست أصابع في يده من الناس (انظر ص 21: 18) وما له أكثر من أربع قوائم من البهائم). وهذا من العيوب المانعة من كهنوت المذبح (انظر ص 21: 18).

أَوِ ٱلْقُزُمُ (القُزُم في العربية الصغير الجسم) وجاء في بعض الترجمات الأعجمية «الناقص الأجزاء». وفسره علماء الدين اليهودي في عصر الهيكل الثاني بغير مشقوق الظلف حتى صار يشبه الحمار والفرس. (والكلمة في العبرانية «قلوط» «קלוט» أي قصير جداً كالقُلاط والقَلَطي في العربية).

فَنَافِلَةً تَعْمَلُهُ الذي سبق دليل قاطع على منع تقديم ما فيه عيب ذبيحة مهما كان عيبه وهنا أُبيح عمله نافلة. ومن المحال أن يقع المشترع في التناقض على أثر بضع كلمات وتُدفع شبهة التناقض بأن البهيمة المذكورة هنا مما كانت توافق للقدس لا لتقدم ذبيحة على المذبح ويكون وقفها من النوافل لا الفروض. وهذا ما ذهب إليه علماء الناموس مدة الهيكل الثاني فكانت تلك البهيمة تباع أو أن واقفها يؤدي قيمتها ينفق الثمن أو القيمة على المقاصد المقدسة وهذا مما قصر على النافلة دون النذر فإنه لايجوز فيه إلا ما لا عيب فيه (ع 18 - 20) وعليه كان القانون والعمل في أيام الهيكل الثاني (انظر ص 7: 16).

24 «وَمَرْضُوضَ ٱلْخِصْيَةِ وَمَسْحُوقَهَا وَمَقْطُوعَهَا لاَ تُقَرِّبُوا لِلرَّبِّ. وَفِي أَرْضِكُمْ لاَ تَعْمَلُوهَا».

مَرْضُوضَ ٱلْخِصْيَةِ وَمَسْحُوقَهَا وَمَقْطُوعَهَا هنا أربع طرق للخصي كان القدماء يأتونها في خصي البهيمة.

فِي أَرْضِكُمْ لاَ تَعْمَلُوهَا نهاهم عن خصي البهائم بتلك الطرق كما نهاهم عن تقريب المخصي بها وحرّمها على الجميع وهذا ما يفيده قوله «في أرضكم» وأتقياء اليهود إلى اليوم لا يخصون بهيمة.

25 «وَمِنْ يَدِ ٱبْنِ ٱلْغَرِيبِ لاَ تُقَرِّبُوا خُبْزَ إِلٰهِكُمْ مِنْ جَمِيعِ هٰذِهِ، لأَنَّ فِيهَا فَسَادَهَا. فِيهَا عَيْبٌ لاَ يُرْضَى بِهَا عَنْكُمْ».

عدد 15: 15 و16 ص 21: 6 و17 ملاخي 1: 14

مِنْ يَدِ ٱبْنِ ٱلْغَرِيبِ أي المنع من تقديم هذه الحيوانات غير مقصور على البهائم المخصيّة في الأرض الإسرائيلية بل يُطلق عليها وعلى أمثالها مما يأتي به الغرباء ويشتريه الإسرائيليون منهم.

لأَنَّ فِيهَا فَسَادَهَا أي لانها مخصيّة والخصي فساد يمنع من تقديمها لله.

لاَ يُرْضَى بِهَا عَنْكُمْ اي إذا ظن الإسرائيلي إن تقديم تلك البهائم لا مانع منه لأن الغريب هو الذي خصاها وقدمها لله فالله لا يقبلها ويراها معيبة غير شرعية. رأى علماء الناموس إن هذا متعلق بالذبائح التي يقدمها الغرباء الدخلاء لا الإسرائيليون الأصليون والقرينة وهي قوله «في ارضكم» في آخر الآية السابقة. وقوله من يد ابن الغريب في أول هذه الآية تنفي رأيهم وتثبت ما قلناه. ومثل ذلك قوله «لا يرضى بها عنكم».

26 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى هذا بداءة فريضة جديدة وهي تتعلق بسن الحيوان الذي يصلح أن يكون ذبيحة للرب.

27 «مَتَى وُلِدَ بَقَرٌ أَوْ غَنَمٌ أَوْ مِعْزىً يَكُونُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ تَحْتَ أُمِّهِ، ثُمَّ مِنَ ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ فَصَاعِداً يُرْضَى بِهِ قُرْبَانَ وَقُودٍ لِلرَّبِّ».

خروج 22: 30

وُلِدَ بَقَرٌ أَوْ غَنَمٌ أَوْ مِعْزىً هي الأنواع الثلاثة من ذوات الأربع التي يجوز أن تُقدم منها الذبائح للرب (انظر ع 19 وص 17: 3 - 6) وفهم علماء الناموس من قوله «ولد» الولادة الطبيعية العادية بلا مساعدة مولّد وعلى ذلك حرّموا تقديم المولود منها بمساعدة صناعية.

يَكُونُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ تَحْتَ أُمِّهِ لأن الولد قبل سبعة أيام من سنه يكون ضعيفاً لا يصلح أن يكون طعاماً للإنسان ولذلك وجب أن لا يقدم طعاماً لله أي ذبيحة. ولهذا لم يختنوا الصبيان قبل اليوم الثامن من الولادة (انظر خروج 22: 29). (وقوله تحت أمه كناية عن رضاعته منها لأنه في الرضاعة يكون تحتها) وإذ كان الواجب أن يكون تحت أمه سبعة أيام كانوا إذا ماتت الأم قبل مضي هذه الأيام مُنع أن يقدم مولودها ذبيحة إلى الأبد.

28 «وَأَمَّا ٱلْبَقَرَةُ أَوِ ٱلشَّاةُ فَلاَ تَذْبَحُوهَا وَٱبْنَهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ».

تثنية 22: 6

فَلاَ تَذْبَحُوهَا وَٱبْنَهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ لم يكن منع الله للإسرائيليين على ما عُرف من قوانين اليهود القديمة أن يذبحوا الأم وابنها في يوم واحد لمجرد أن يعلمهم العلاقة المقدسة بين الوالدة وولدها بل ليعلمهم فوق ذلك المحافظة على العواطف الإنسانية. وعلى هذا جاء في الترجمة الكلدانية تذييلاً للعبارة «يا شعبي آل إسرائيل كونوا رحماء على الأرض كما أن أبانا رحيم في السماء».

29 «وَمَتَى ذَبَحْتُمْ ذَبِيحَةَ شُكْرٍ لِلرَّبِّ فَلِلرِّضَا عَنْكُمْ تَذْبَحُونَهَا».

ص 7: 12 ومزمور 107: 22 و116: 17 وعاموس 4: 5

فَلِلرِّضَا عَنْكُمْ (ع 19) أي قدموا ذبيحة الشكر في طريق تكون بها مقبولة. وذُكر هذا النوع من الذبائح في الأصحاح السابع فارجع إليه (ص 7: 15).

30 «فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ تُؤْكَلُ. لاَ تُبْقُوا مِنْهَا إِلَى ٱلْغَدِ. أَنَا ٱلرَّبُّ».

ص 7: 15

فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ تُؤْكَلُ يدل هذا على أن المقصود بهذه الذبيحة النوع الأول من ذبائح السلامة التي يجب أكل لحمها في يوم ذبحها (انظر 7: 15).

31 «فَتَحْفَظُونَ وَصَايَايَ وَتَعْمَلُونَهَا. أَنَا ٱلرَّبُّ».

ص 19: 37 وعدد 15: 40 وتثنية 4: 40

فَتَحْفَظُونَ وَصَايَايَ أي تراعون ما أمرتكم به وما نهيتكم عنه في شأن الكهنة والذبائح وذلك واجب على الكهنة وسائر الشعب.

32 «وَلاَ تُدَنِّسُونَ ٱسْمِي ٱلْقُدُّوسَ فَأَتَقَدَّسُ فِي وَسَطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. أَنَا ٱلرَّبُّ مُقَدِّسُكُمُ».

ص 18: 21 ص 10: 3 ومتّى 6: 9 ولوقا 11: 2 ص 20: 8

وَلاَ تُدَنِّسُونَ ٱسْمِي ٱلْقُدُّوسَ بعدم حفظكم الوصايا (انظر تفسير ص 18: 2).

33 «ٱلَّذِي أَخْرَجَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لِيَكُونَ لَكُمْ إِلٰهاً. أَنَا ٱلرَّبُّ».

خروج 6: 7 وص 11: 45 و19: 36 و25: 38 وعدد 15: 41

ٱلَّذِي أَخْرَجَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ أي أنقذكم من العبودية والظلم في أرض مصر واختاركم شعباً لنفسه فكان له عليكم أيها الشعب المفدي أن تخضعوا له وتحبوه وتعبدوه وتدلوا على ذلك بحفظكم وصاياه (انظر ص 9: 25). (ومن أحسن موضحات هذه الآية قول يوحنا الرسول ما معناه إن الله أحبنا أولاً (1يوحنا 4: 10 و11). وقوله «بِهٰذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا نُحِبُّ أَوْلاَدَ ٱللّٰهِ: إِذَا أَحْبَبْنَا ٱللّٰهَ وَحَفِظْنَا وَصَايَاهُ» (1يوحنا 5: 2).

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ وَٱلْعِشْرُونَ

1 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى ذكر على أثر فروض قداسة المقدس والذبائح وقداسة الكهنة والشعب الفروض المتعلقة بقداسة الأوقات.

2 «قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: مَوَاسِمُ ٱلرَّبِّ ٱلَّتِي فِيهَا تُنَادُونَ مَحَافِلَ مُقَدَّسَةً. هٰذِهِ هِيَ مَوَاسِمِي».

ع 4 و37 خروج 32: 5 و2ملوك 10: 20 ومزمور 81: 3

قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ لما كانت المواسم المذكورة هنا مما يجب على الجميع حفظها بالوقار أمر الله موسى أن يكلم الشعب بواسطة وكلائهم أو نوابهم الشيوخ.

مَوَاسِمُ ٱلرَّبِّ أي الأعياد الآتي ذكرها.

ٱلَّتِي فِيهَا تُنَادُونَ مَحَافِلَ أي تنادون بها للاحتفال في القدس احتفالاً مقدساً.

3 «سِتَّةَ أَيَّامٍ يُعْمَلُ عَمَلٌ، وَأَمَّا ٱلْيَوْمُ ٱلسَّابِعُ فَفِيهِ سَبْتُ عُطْلَةٍ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ. عَمَلاً مَا لاَ تَعْمَلُوا. إِنَّهُ سَبْتٌ لِلرَّبِّ فِي جَمِيعِ مَسَاكِنِكُمْ».

خروج 20: 9 و23: 12 و31: 15 و34: 2 وص 19: 3 وتثنية 5: 13 ولوقا 13: 14

سِتَّةَ أَيَّامٍ يُعْمَلُ عَمَلٌ أي اعملوا ستة أيام من الأسبوع. ومن أهم ما يُلتفت إليه هنا إن يوم الرب كان أقدم الأعياد وذُكر قبل كل واحد منها فهو أول الأوقات المقدسة. وعلى هذا قال علماء الشريعة مدة الهيكل الثاني «إن السبت يعدل في الأهمية كل الشريعة فمن دنّس السبت دنّس الشريعة كلها» وكانوا ينبهون على أوله وآخره بالنفخ في الأبواق ثلاثاً.

عَمَلاً مَا لاَ تَعْمَلُوا من عظيم وحقير. وهذا على خلاف غيره من الأعياد سوى السبت ويوم الكفارة (انظر ع 7 و8 و21 و25 و35 و36). وأُجيز لهم إعداد الطعام فيه (خروج 12: 16). وكان السبت ويوم الكفارة دون غيرهما يحرّم فيهما كل الأعمال الدنيوية (انظر ع 28 و30 وص 16: 29). وكان عقاب من يدنّس السبت بعمل يدوي القتل رجماً (خروج 31: 14 و15 و35: 2 وعدد 15: 35 و36). فإن قضاة الناموس دققوا في ذلك كثيراً لكن العلماء أجازوا فيه الأعمال الضرورية للحياة وكان أن وضعوا هذا المبدأ «السبت دُفع إلى يدك لا أنت دُفعت إلى يد السبت» وهذا يشبه قول المسيح «ٱلسَّبْتُ إِنَّمَا جُعِلَ لأَجْلِ ٱلإِنْسَانِ، لاَ ٱلإِنْسَانُ لأَجْلِ ٱلسَّبْتِ» (مرقس 2: 27).

4 «هٰذِهِ مَوَاسِمُ ٱلرَّبِّ، ٱلْمَحَافِلُ ٱلْمُقَدَّسَةُ ٱلَّتِي تُنَادُونَ بِهَا فِي أَوْقَاتِهَا».

خروج 23: 14 وع 2 و37

هٰذِهِ مَوَاسِمُ ٱلرَّبِّ إن هذه المواسم الآتية خاصة هي غير السبت ولذلك صدّر الكلام عليها بهذه العبارة وكررها (انظر ع 37 و38).

تُنَادُونَ بِهَا فِي أَوْقَاتِهَا بالنفخ في الأبواق في الأيام التي تكون فيها.

5 «فِي ٱلشَّهْرِ ٱلأَوَّلِ فِي ٱلرَّابِعَ عَشَرَ مِنَ ٱلشَّهْرِ، بَيْنَ ٱلْعِشَاءَيْنِ فِصْحٌ لِلرَّبِّ».

خروج 12: 6 و14 و18 و13: 3 و10 و23: 15 و34: 18 وعدد 9: 2 و3 و28: 16 و17 وتثنية 1: 1 إلى 8 ويشوع 5: 10

فِي ٱلشَّهْرِ ٱلأَوَّلِ فِي ٱلرَّابِعَ عَشَرَ مِنَ ٱلشَّهْرِ وهو شهر أبيب على ما في التوراة (خروج 13: 4 و23: 15 وتثنية 16: 1). ونيسان في أسفار غير التوراة (أي في سائر أسفار الكتاب المقدس لانّا نعني بالتوراة هنا الأسفار الخمسة دون غيرها). (انظر نحميا 2: 1 وأستير 3: 7). وكان الرابع عشر من هذا الشهر نحو أول نيسان عندنا. ففي هذا اليوم الذي سُمي الاستعداد للفصح (يوحنا 19: 14). وأول أيام الفصح كان كل الصناع ما سوى الخياطين والحلاقين والغسالات يتركون أعمالهم من الصباح أو من الظهر بمقتضى العادات المختلفة في الأمكنة المختلفة من فلسطين وكان لا يجوز أكل الخمير في ذلك اليوم إلا من الصباح إلى الظهر وكان الباقي منه بعد ذلك يحرَق. وكان يحرَق الخمير على الأسلوب الآتي وهو أنه كان يوضع رغيفان من الخمير على دكة في الهيكل فكان الشعب يأكل الخمير مدة بقائهما على تلك الدكة فمتى رُفع أحدهما عن الدكة امتنع الجميع عن أكل الخمير لكنهم لا يحرقون الباقي منه حينئذ ولكن متى رُفع الثاني شرع كل الشعب يحرق ما عنده من الخمير. وكان كل إسرائيلي يأتي في ذلك اليوم إن لم يكن نجساً شرعاً أو أغلف أو بعيداً عن أورشليم أكثر من 15 ميلاً إلى المدينة المقدسة ويظهر أمام الرب بالقربان الذي يستطيعه (خروج 23: 4 وتثنية 6: 16 و17). وكان على أهل المدينة أن يعدوا مخادع للآتين من القرى (لوقا 22: 10 - 12 ومتّى 26: 18). وكان أولئك الضيوف يتركون جلود البهائم التي يقربونها لمن نزلوا عليهم والآنية التي يستخدمونها في التقدمات. قال يوسيفوس المؤرخ في ما شاهده بعينه إن الذين أتوا للفصح كانوا 2700000 إنسان وقربوا 256500 خروف ولذلك كان أكثر اليهود ينصبون الخيام خارج أسوار المدينة للإيواء كما يفعل المسلمون اليوم في مكة ولهذا كان الرومانيون يحترسون كثيراً من العصيان في أيام الفصح (متّى 26: 5 ولوقا 13: 1).

بَيْنَ ٱلْعِشَاءَيْنِ اختلف الصدوقيون والفريسيون في تفسير هذه العبارة فذهب الصدوقيون إلى أن المقصود بالعشاء الأول وقت غروب الشمس وبالعشاء الثاني العتمة أي الوقت بعد غياب الشفق (وهذا ما يُفهم من اللغة العربية ففي القاموس العِشآن المغرب والعتمة). وذهب الفريسيون إلى أن العشاء الأول وقت الزوال أي أول ميل الشمس من الهاجرة إلى المغرب وإن العشاء الثاني المغرب (على أن للعشاء معاني في العربية منها أنه أول الظلام ومنها أنه من المغرب إلى العتمة ومنها أنه من زوال الشمس إلى طلوع الفجر. والظاهر من العربية إن الحق ما ذهب إليه الصدوقيون في هذا الأمر) فيكون الوقت بين العشاءين عند الصدوقيون ما بين المغرب والعتمة وهو نحو ساعة وثلث. وما ذهب إليه الفريسيون على أن خروف الفصح يذبح وقت الذبيحة المسائية ويرش دمه في الساعة 12 و30 دقيقة بعد الظهر. ويرجح قول الفريسيين أنه كان يُذبح في ذلك اليوم ذبائح كثيرة فيجب أن يكون ما بين العشاءين أطول مما ذهب إليه الصدوقيون.

فِصْحٌ لِلرَّبِّ ويسمى أيضاً عيد الفطير (انظر ع 6).

6 «وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ هٰذَا ٱلشَّهْرِ عِيدُ ٱلْفَطِيرِ لِلرَّبِّ. سَبْعَةَ أَيَّامٍ تَأْكُلُونَ فَطِيراً».

سَبْعَةَ أَيَّامٍ تَأْكُلُونَ فَطِيراً (انظر خروج 12: 15 و18 - 20).

7 «فِي ٱلْيَوْمِ ٱلأَوَّلِ يَكُونُ لَكُمْ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ. عَمَلاً مَا مِنَ ٱلشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا».

خروج 12: 16 وعدد 28: 18 و25

فِي ٱلْيَوْمِ ٱلأَوَّلِ من الأيام السبعة أو اليوم الخامس عشر من شهر نيسان (انظر خروج 12: 6).

عَمَلاً مَا مِنَ ٱلشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا عُرف العمل من الشغل مدة الهيكل الثاني بالأعمال اليومية العادية كالبناء والهدم والنسج والحصاد والدرس (أي دق الحصيد) والتذرية والطحن وكان لهم أن يأتوا الضروري من العمل كذبح التقدمات من البهائم والعجن والخبز والطبخ. وكان المتعدي هذه الوصية لا يُقتل رجماً كالمتعدي وصية السبت بل كان يُجلد أربعين جلدة إلا جلدة.

8 «وَسَبْعَةَ أَيَّامٍ تُقَرِّبُونَ وَقُوداً لِلرَّبِّ. فِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِعِ يَكُونُ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ. عَمَلاً مَا مِنَ ٱلشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا».

تُقَرِّبُونَ كانوا يقدمون في ذلك اليوم والأيام الستة التي بعده علاوة على الذبائح اليومية العادية ثورين ابني بقر وكبشاً واحداً وسبعة خراف حولية وتقدمة طعامية للمحرقة وتيساً واحداً ذبيحة خطية (عدد 28: 19 - 23). وكانوا يقدمون غير هذه التقدمات العامة تقدمات اختيارية فكان يقدم كل شخص يظهر أمام الرب في أورشليم ما يختار (خروج 23: 15 وتثنية 16: 16). وكانت تلك التقدمات الاختيارية على ما عُرف مدة الهيكل الثاني ما يأتي:

  1. تقدمة محرقة لا تقل قيمتها عن قيمة ست عشرة قمحة من الذرة.

  2. تقدمة عيديّة يسمونها شاغيفه لا تقل قيمتها عن قمية 32 حبة ذرة.

  3. تقدمة سلام أو فرح (تثنية 27: 7) وقيمتها كما يختار مقدمها. وعلى ما يُفهم من الآية المذكورة من سفر التثنية أنها كانت ذبيحة تقدّم على أسلوب التقدمات في (ص 3: 1 - 5 و7: 16 - 18 و29 - 34).

عَمَلاً مَا مِنَ ٱلشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا هذا كما تقدّم يُستثنى منه أشياء فإنهم في أثناء أيام العيد كانوا يلذون بالمسليات العامة والملاهي غير المحظورة كالرقص والغناء والألعاب ويشغلون الوقت بالفرح مع مراعاة الآداب التي تليق بذلك العيد المقدس. وكان لهم في تلك الأيام أن يسقوا الأرض الظامئة ويحفروا مجاري للماء ويصلحوا القنوات والحياض والطرُق.

9 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى لم يكن على الإسرائيليين في البرية أن يقدموا باكورات الحصاد والأثمار لأنهم لم يكونوا يحرثون ويزرعون في البرية. فهذه الفريضة التي صدرت بالعبارة المقدمة كعادة الكتاب في سن الشرائع الجديدة فُرضت لكي يأتوها في أرض ميراثهم (خروج 12: 1 - 20).

10 «قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: مَتَى جِئْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَنَا أُعْطِيكُمْ وَحَصَدْتُمْ حَصِيدَهَا، تَأْتُونَ بِحُزْمَةِ أَوَّلِ حَصِيدِكُمْ إِلَى ٱلْكَاهِنِ».

خروج 23: 16 و19 و34: 22 و26 وعدد 15: 2 و18 و28: 26 وتثنية 16: 9 ويشوع 3: 15 رومية 11: 16 و1كورنثوس 15: 20 ويعقوب 1: 18 ورؤيا 14: 4

مَتَى جِئْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ هذا مثال ثالث للأمثلة الأربعة في سفر اللاويين بالنظر إلى فرض الشريعة المتوقع مراعاتها في المستقبل بالنظر إلى أحوال إسرائيل عند فرضها (انظر ص 19: 23 والتفسير).

تَأْتُونَ بِحُزْمَةِ أَوَّلِ حَصِيدِكُمْ كانت هذه الحزمة من الشعير وكان يجب أن تكون من أحسن وأنضج الحبوب التي في الحقل القريب من أورشليم. وكان مكيال حبوب تلك الحزمة عُمراً والعُمر عُشر الإيفة وقد مرّ ذكره. وكانوا يجمعون الحزم كما يأتي. يذهب النواب من السنهدريم إلى أقرب الحقول من أورشليم قبل الصفح بيوم ويجمعون حزماً من السنابل التي لا تزال في منابتها (ويرجعون بها إلى الهيكل).

11 «فَيُرَدِّدُ ٱلْحُزْمَةَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ لِلرِّضَا عَنْكُمْ. فِي غَدِ ٱلسَّبْتِ يُرَدِّدُهَا ٱلْكَاهِنُ».

خروج 29: 24

فَيُرَدِّدُ ٱلْحُزْمَةَ كان الكاهن يمزج عمر الدقيق بلج زيت ويوضع على المزيج قبضة من اللبان (انظر ص 2: 15 والتفسير) ويردّده كما يردّد غيره من الذبائح الطعامية وبعد أن يردّده يأخذ قبضة منه ويوقدها (انظر ص 2: 16) ويأكل الباقي هو وأصحابه من الكهنة. وعلى أثر هذا الاحتفال كانت تباع في أسواق أورشليم وشوارعها المواد الطعامية من خبز وحبوب مشوية وسنابل خضراء وغيرها من الغلال الجديدة.

فِي غَدِ ٱلسَّبْتِ اختلف الفريسيون والصدوقيون في المقصود بالسبت هنا في أيام الهيكل الثاني فذهب الفريسيون إلى أنه غد اليوم السابع من الأسبوع وإنه هو أول السبعة وسمي سبتاً لأنهم كانوا يعتزلون فيه الأعمال الضرورية كما يعتزلونها في يوم السبت (انظر ع 24 و32 و39). فيكون المقصود بغير السبت اليوم السادس عشر من نيسان. وذهب الصدوقيون إلى أنه هو اليوم السابع وإن السبت هنا يدل عليه بالوضع أي هو يوم السبت حقيقة من الأيام السبعة الفصحية وكان يمكن أن يقع في أثناء تلك الأيام وربما كان الخامس أو السادس منها ولكن هذا مناف لمعنى الآية الخامسة عشرة فإن عيد الخمسين كان يقع في اليوم الخمسين وأول الأيام الخمسين يوم ذلك السبت فلو كان الخامس أو السادس لم يكن العيد يوم الخمسين وتغيّر وقت الفصح نفسه على توالي السنين فلم يقع في اليوم المعيّن له في الكتاب كل سنة. فقول الفريسيين هو الصحيح أي إن المقصود بالسبت في الآية هو اليوم السادس عشر من نيسان. وكان سكان المدن والقرى المجاورة لأورشليم يجتمعون بعد ظهر ذلك اليوم حتى يكون الحصاد في أثناء الهتاف ومتى غابت الشمس قال كل من الحاصدين «هل غرب الشمس» فيقول الشعب «نعم». ثم يقولون مرتين «هل غابت الشمس» فيقول الشعب كذلك «نعم». ثم كل حاصد يسأل ثلاثاً «أهذا المنجل» فيجيب الشعب كذلك «نعم». ثم يقول كل حاصد «أهذا الصندوق» فيجيب الشعب كذلك «نعم». ثم يسأل كل حاصد ثلاثاً «أهذا السبت» فيجيب الشعب كذلك «نعم». ثم يسأل كل حاصد ثلاثاً «هل أحصد أو أقطع» فيجيب الشعب كذلك «نعم» فيقطع أو يحصد كل حاصد ويضع ما يقطع أو يحصد في صندوق ويحمله إلى دار الهيكل ويضربون هنالك المحصود بالعصي ويشوون الحَب في حفر حتى تصيب النار كل حبة ثم ينشرونه في دار الهيكل حتى تصيبه الريح. ثم يطحنون ما بقي عليه قشره وينخلون الطحين بثلاثة عشر منخلاً حتى يكون المنخول في كلٍّ أنعم من المنخول في ما قبله. وعلى هذا الأسلوب كان يصنع العمر المفروض أو عُشر الإيفة.

12 «وَتَعْمَلُونَ يَوْمَ تَرْدِيدِكُمُ ٱلْحُزْمَةَ خَرُوفاً صَحِيحاً حَوْلِيّاً مُحْرَقَةً لِلرَّبِّ».

وَتَعْمَلُونَ... خَرُوفاً... مُحْرَقَةً مع العُمر من باكورة الأثمار وهذا الخروف كان يقدم محرقة علاوة على التقدمات العيدية المذكورة في (ع 8) (انظر ع 8 والتفسير)

13 «وَتَقْدِمَتَهُ عُشْرَيْنِ مِنْ دَقِيقٍ مَلْتُوتٍ بِزَيْتٍ وَقُوداً لِلرَّبِّ رَائِحَةَ سُرُورٍ، وَسَكِيبَهُ رُبْعَ ٱلْهِينِ مِنْ خَمْرٍ».

ص 2: 14 و15 و16

تَقْدِمَتَهُ عُشْرَيْنِ مِنْ دَقِيقٍ كان الغالب أن يقتصر على عُشر واحد من الدقيق تقدمة طعامية (خروج 26: 40 وعدد 15: 4 و28: 9 و13 الخ). بياناً لكثرة الحصاد ما عدا قبضة من الدقيق والزيت والبخور. وكانت هذه التقدمات الطعامية أجرة للكهنة غير عادية (انظر ص 2: 2 و3).

14 «وَخُبْزاً وَفَرِيكاً وَسَوِيقاً لاَ تَأْكُلُوا إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ عَيْنِهِ، إِلَى أَنْ تَأْتُوا بِقُرْبَانِ إِلٰهِكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً فِي أَجْيَالِكُمْ فِي جَمِيعِ مَسَاكِنِكُمْ».

خُبْزاً كان على الإسرائيليين أن لا يذوقوا شيئاً من الغلال الجديدة قبل أن يقدموا الباكورة للرب اعترافاً بإحسانه وشكراً له عليه. والمقصود بالخبز هنا الفطير الذي كانوا يأكلونه حينئذ. وكان فطير اليوم الأول واليوم الثاني من أيام الفصح يعدّونه من غلة السنة الماضية لكن فطير ما بعدهما من الأيام كان من الحصاد الجديد بعد تقديم باكورته للرب.

فَرِيكاً (انظر ص 2: 14 والتفسير).

سَوِيقاً (السويق في العربية الخمر ودقيق الحنطة والكلمة العبرانية المترجمة به «كرمل» وفسرها بعضهم بالسنابل المملوءة وبعضهم بالأثمار الجديدة وآخر بالسنابل الخضراء. وفسّرها علماء الناموس مدة الهيكل الثاني بخمسة أنواع من الحبوب الجديدة وهي الحنطة والذرة والهرطمان (المعروف عند العامة بالشوفان) ونوعان من الشعير. فكانت هذه الأنواع ممنوعة قبل تقديم الباكورة للرب. وكان تقديم باكورة الأثمار للمعبود بين قدماء المصريين واليونانيين والرومانيين وغيرهم من الأمم القديمة.

فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً (انظر ص 3: 17 و7: 23 - 25 والتفسير).

15 «ثُمَّ تَحْسُبُونَ لَكُمْ مِنْ غَدِ ٱلسَّبْتِ مِنْ يَوْمِ إِتْيَانِكُمْ بِحُزْمَةِ ٱلتَّرْدِيدِ سَبْعَةَ أَسَابِيعَ تَكُونُ كَامِلَةً».

خروج 34: 22 وص 25: 8 وتثنية 16: 9

ثُمَّ تَحْسُبُونَ لَكُمْ مِنْ غَدِ ٱلسَّبْتِ أي ثاني يوم الاجتماع المقدس الذي هو سبت أي يوم راحة وكان اليوم الأول الخامس عشر من نيسان فيكون غده اليوم السادس عشر من ذلك الشهر (انظر ع 11) وهو اليوم الذي فيه كانوا يقدمون عمر باكورة الأثمار للرب.

سَبْعَةَ أَسَابِيعَ تَكُونُ كَامِلَةً أي تسعة وأربعين يوماً (تثنية 16: 9). وكان اليهود يقولون مساء كل يوم من تلك الأيام التسعة والأربعين تسبحة فيقولون في اليوم الأول «مبارك أنت أيها الرب إلهنا ملك العالمين الذي قدستنا بوصاياك وأمرتنا بأن نحسب العمر وهذا أول يوم من العمر فنأمل أن يرضيك أيها الرب إلهنا وإله آبائنا ليُعاد بناء المقدس بسرعة في أيامنا وتعطينا نصيبنا في شريعتك». ويقولون في اليوم الثاني وما بعده كذلك ويذكرون عدد اليوم فيقولون «وهذا ثاني يوم من العمر وهذا ثالث الخ».

16 «إِلَى غَدِ ٱلسَّبْتِ ٱلسَّابِعِ تَحْسُبُونَ خَمْسِينَ يَوْماً، ثُمَّ تُقَرِّبُونَ تَقْدِمَةً جَدِيدَةً لِلرَّبِّ».

أعمال 2: 1 عدد 29: 26

إِلَى غَدِ ٱلسَّبْتِ ٱلسَّابِعِ أي اليوم الذي بعد السبعة الأسابيع الكاملة أو اليوم الخمسين. ولهذا سُمي ذلك العيد بعيد الخمسين في العهد الجديد (أعمال 2: 1 و20: 16 و1كورنثوس 16: 8) وعيد الأسابيع في العهد القديم (خروج 34: 12 وتثنية 16: 10 و16 و2أيام 8: 13). وكان عيد الخمسين يقع بمقتضى القوانين اليهودية في الخامس أو السادس أو السابع من سيوان وهو الشهر الثالث من السنة أي من هلال أيار إلى هلال حزيران.

ثُمَّ تُقَرِّبُونَ تَقْدِمَةً جَدِيدَةً من أبكار حصيد الحنطة وهذا بخلاف أبكار العمر الذي كان من أبكار حصيد الشعير. وسمي هذا العيد بعيد الحصاد أيضاً (خروج 23: 16) لأنه كان في حصاد الحبوب الأخيرة.

17 «مِنْ مَسَاكِنِكُمْ تَأْتُونَ بِخُبْزِ تَرْدِيدٍ. رَغِيفَيْنِ عُشْرَيْنِ يَكُونَانِ مِنْ دَقِيقٍ، وَيُخْبَزَانِ خَمِيراً بَاكُورَةً لِلرَّبِّ».

خروج 22: 29 و23: 16 و19 و34: 22 و26 وعدد 15: 17 غلى 21 و28: 26 وتثنية 26: 1

مِنْ مَسَاكِنِكُمْ تَأْتُونَ أي من فلسطين (عدد 15: 2).

رَغِيفَيْنِ عُشْرَيْنِ كان هذان الرغيفان يُعدان على الأسلوب الآتي يأتون بإيفة من جديد القمح إلى دار الهيكل ويخبطونها ويدوسونها ثم يطحنونها وكان يخرج من ثُلث الإيفة وسدسها عمران من الطحين على التقدير فينخلون الطحين في اثني عشر منخلاً مختلفة (الخروب أي خروب كلٍّ أضيق من خروف ما قبله) ثم يعجنونه بخميرة ويجعلونه رغيفين مستقلين خارج الهيكل لكنهم كانوا يخبزون الرغيفين في الأقداس في اليوم الذي قبل الاحتفال. وكان طول كل رغيف سبعة أجماع أو سبعة عروض من عرض الكف وعرضه اربعة أجماع وثخنه خمس أصابع وكانا يقدمان للرب باكورة (خروج 34: 17) ولذلك سمي يوم ذلك الاحتفال بيوم الباكورة (عدد 28: 26).

18 «وَتُقَرِّبُونَ مَعَ ٱلْخُبْزِ سَبْعَةَ خِرَافٍ صَحِيحَةٍ حَوْلِيَّةٍ، وَثَوْراً وَاحِداً ٱبْنَ بَقَرٍ، وَكَبْشَيْنِ مُحْرَقَةً لِلرَّبِّ مَعَ تَقْدِمَتِهَا وَسَكِيبِهَا وَقُودَ رَائِحَةِ سُرُورٍ لِلرَّبِّ».

تُقَرِّبُونَ مَعَ ٱلْخُبْزِ سَبْعَةَ خِرَافٍ كان من الذبائح التي تقدم في يوم ذلك العيد ثوران وكبش وسبعة خراف ذبائح محرقة وتيس واحد (عدد 28: 26 و27 و30) علاوة على تقدمة الطعام الجديد وهي الرغيفان المذكوران في الآية السابقة.

19 «وَتَعْمَلُونَ تَيْساً وَاحِداً مِنَ ٱلْمَعْزِ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، وَخَرُوفَيْنِ حَوْلِيَّيْنِ ذَبِيحَةَ سَلاَمَةٍ».

ص 4: 23 و28 وعدد 28: 30 ص 3: 1

وَتَعْمَلُونَ تَيْساً الخ كانوا يقدمون التيس ذبيحة خطية والخروفين ذبيحة سلامة فوق ما ذُكر. قال يوسيفوس بما شاهده بعينه من خدمة الهكيل في ذلك اليوم إن عدد الحيوانات التي كانت تُذبح فيه أربعة عشر خروفاً وثلاثة ثيران صغيرة وثلاثة تيوس. والذي عُرف مدة الهيكل الثاني أنه كانت الذبائح قسمين ممتازين الذبائح التي ذكرت هنا وهي المصحوبة بترديد الرغيفين والذبائح المعيّنة لذلك اليوم في سفر العدد وكانت تلك تقدم في البرية وأما المذكورة هنا ما كانت تقدم إلا في أرض الميعاد.

20 «فَيُرَدِّدُهَا ٱلْكَاهِنُ مَعَ خُبْزِ ٱلْبَاكُورَةِ تَرْدِيداً أَمَامَ ٱلرَّبِّ مَعَ ٱلْخَرُوفَيْنِ، فَتَكُونُ لِلْكَاهِنِ قُدْساً لِلرَّبِّ».

عدد 18: 12 وتثنية 18: 4

فَيُرَدِّدُهَا ٱلْكَاهِنُ... مَعَ ٱلْخَرُوفَيْنِ كان هذا في مدة الهيكل الثاني كما يأتي. يؤتى بالخروفين إلى الهيكل ويرددهما الكاهن معاً أو كلاّ بمفرده وهما حيّان. ثم يُذبحان ويأخذ الكاهن صدر كل منها وكتفه (ص 7: 30 - 32) ويضعهما حذاء الرغيفين ويضع يديه تحتهما ويرددهما معاً أو متفرقة بأن يحرك بها يديه إلى الأمام وإلى الوراء وإلى فوق وإلى تحت. ثم يحرق شحم الخروفين ويأكل اللحم الباقي هو ومساعدوه من الكهنة. ويأخذ الحبر الأعظم أحد الرغيفين ويقسم الآخر على سائر الكهنة المشتركين في الخدمة ويأكلون ذلك في اليوم نفسه ونصف الليلة التالية لأن ذلك اللحم كان يعد مقدساً جداً بل أقدس الأقداس. ثم تقدّم الذبائح وكل من الشعب يأتي بتقدمته الاختيارية ويجعل ذلك وليمة ابتهاج للعيال اللاوية وأرامل اللاويين ويتاماهم والمساكين والغرباء ويأتون إلى تلك الوليمة بدعوة خاصة.

21 «وَتُنَادُونَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ عَيْنِهِ مَحْفَلاً مُقَدَّساً يَكُونُ لَكُمْ. عَمَلاً مَا مِنَ ٱلشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا. فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً فِي جَمِيعِ مَسَاكِنِكُمْ فِي أَجْيَالِكُمْ».

تُنَادُونَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ عَيْنِهِ كان اليهود يعتقدون مع ذلك أن يوم هذا العيد هو اليوم الذي فيه أعطى الله الوصايا العشر فكانوا يحتفلون به احتفالاً عظيماً. وكان الكهنة ينادون به الشعب للاجتماع بالنفخ في الأبواق.

عَمَلاً مَا مِنَ ٱلشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا (انظر ع 7 وتفسيره).

فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً (انظر ع 14 وص 3: 17 و7: 23 - 25). كان اليهود مدة الهيكل الثاني يعتقدون أنه في مثل هذا اليوم أُعطيت الوصايا العشر ولا يزال الإسرائيليون يقدسون هذا العيد في السادس أو السابع من سيوان أي بين النصف الثاني من أيار والنصف الأول من حزيران. ولا يزالون يزينون المجامع والبيوت بالأزهار والرياحين ويطهّر الرجال أنفسهم بالاغتسال والاعتراف بخطاياهم وكثيرون منهم يحيون الليل بالعبادة في المعابد الخاصة في ذلك العيد لأنه يوم إعطاء الشريعة على جبل سيناء كما يعتقدون.

22 «وَعِنْدَمَا تَحْصُدُونَ حَصِيدَ أَرْضِكُمْ لاَ تُكَمِّلْ زَوَايَا حَقْلِكَ فِي حَصَادِكَ، وَلُقَاطَ حَصِيدِكَ لاَ تَلْتَقِطْ. لِلْمِسْكِينِ وَٱلْغَرِيبِ تَتْرُكُهُ. أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ».

ص 19: 9 تثنية 24: 19

لاَ تُكَمِّلْ زَوَايَا حَقْلِكَ فِي حَصَادِكَ أٰي لا تحصد كل حقلك بل ابقِ بقية في زواياه للفقراء والمساكين شكراً لله على إحسانه (انظر ص 19: 9).

23 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى هذا مقدمة فريضة جديدة كالعادة في هذا السفر.

24 «قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: فِي ٱلشَّهْرِ ٱلسَّابِعِ فِي أَوَّلِ ٱلشَّهْرِ يَكُونُ لَكُمْ عُطْلَةٌ، تِذْكَارُ هُتَافِ ٱلْبُوقِ، مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ».

عدد 29: 1 ص 25: 9

تِذْكَارُ هُتَافِ ٱلْبُوقِ (انظر ع 29: 1) وكان هذا العيد في أول الشهر السابع المسمّى في الكتاب المقدس أيثانيم (1ملوك 8: 2) ويسميه اليهود تشري وهو بداءة السنة المدنية عندهم ولهذا سُمي أيضاً في عصر الهيكل الثاني وما بعده عيد السنة الجديدة وكان يوم استعداد ليوم الكفارة العظيم الذي هو العاشر من ذلك الشهر. وكان هتاف الأبواق دعوة للإسرائيليين ليأخذوا في عمل التقديس ليحضروا أمام الرب وينالوا مغفرة خطاياهم ويُذكروا أمامه بذلك (عدد 20: 9 و10). ولذلك قال «تذكار هتاف البوق» والمعنى هتاف البوق الذي يجعلكم تُذكرون أمام الرب. والمجمع اعتبر له معنى آخر وهو تذكار الله عهده للآباء وإن ذلك العيد لهذا عُيّن (تكوين 21: 1 - 34 و22: 1 - 24) واعتبروا ميلاد إسحاق وذبحه مثالاً لهذا العيد.

25 «عَمَلاً مَا مِنَ ٱلشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا، لٰكِنْ تُقَرِّبُونَ وَقُوداً لِلرَّبِّ».

عَمَلاً مَا مِنَ ٱلشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا أي كفوا عن كل الأعمال الدنيوية ما عدا الضرورية التي لا بد منها (انظر ع 7 والتفسير).

لٰكِنْ تُقَرِّبُونَ بما أن ذلك العيد كان يوم هلال جديد أيضاً كان يقدم فيه ثلاثة قرابين:

  1. الذبيحة اليومية العادية وهذه كانت تُقدم أولاً.

  2. الذبيحة المعيّنة في الهلال الجديد (عدد 28: 11 - 15).

  3. قرابين العيد التي هي ثور وكبش وسبعة خراف حولية وتيس ذبيحة خطية والتقدمة الطعامية العادية (عدد 29: 1 - 6).

وكان يقدم حينئذ ثور واحد بدلاً من ثورين وهذه الذبيحة كانت مكرر الذبيحة الشهرية التي كانت تسبق الخدمة. وكان اللاويون مدة تقدمة القربان الشرابي وقربان المحرقة يشتغلون بأدوات الموسيقى والألحان الصوتية فيترنمون بالمزمور الحادي والثمانين وغيره من المزامير والكهنة ينفخون بالأبواق. وبعد تقديم الذبائح يعطي الكهنة البركة (عدد 6: 23 - 27) والشعب الذي يقبلها يكون حينئذ طارحاً نفسه أمام الرب. ثم يطرحون أنفسهم ثانية في دار الهيكل. ثم يذهبون إلى المجمع ويُتلى عليهم هنالك قسم من الشريعة وبعض الأنبياء كدرس يجب أن يحفظوه فيُقرأ (تكوين 21: 1 - 34 وعدد 29: 1 - 6 و1صموئيل 1: 1 - 11: 10 وتكوين 22: 1 - 24 وإرميا 31: 2 - 20). وكانوا يتلون عدة مزامير ويطلبون مغفرة الخطايا التي ارتكبوها في السنة الماضية ويسألون الله أن يجعل لهم العام الجديد عام سعادة. وهكذا تنتهي خدمة الصباح ويرجع الناس إلى بيوتهم ويفرحون مع عيالهم ويجتمعون للمسرات. ثم يذهبون مساء إلى الهيكل لمشاهدة تقدمة الذبائح المسائية ويشاهدون المنارة مضيئة ويقول أحدهم للآخر «قدر لك الله العام الجديد عام سعادة ومنحك الخالق عاماً جديداً سعيداً». فيجيبه بقوله «وأنت كذلك». وكانت أبواقهم من قرون الكباش المعقوفة تذكاراً للكبش الذي ذبحه إبراهيم بدلاً من إسحاق.

26 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى هذه العبارة كانت مقدمة فريضة عيد الأبواق (انظر ع 23) وجاءت هنا مقدمة فريضة يوم الكفارة. (وقد تكرر وقوعها مقدمة كل فريضة جديدة بياناً أن واضعها الرب لا موسى وإن موسى وسيط كلمهم به).

27 «أَمَّا ٱلْعَاشِرُ مِنْ هٰذَا ٱلشَّهْرِ ٱلسَّابِعِ فَهُوَ يَوْمُ ٱلْكَفَّارَةِ. مَحْفَلاً مُقَدَّساً يَكُونُ لَكُمْ. تُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ وَتُقَرِّبُونَ وَقُوداً لِلرَّبِّ».

ص 16: 29 و30 وعدد 29: 7

أَمَّا ٱلْعَاشِرُ (انظر ص 16: 29).

تُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ أي تصومون (انظر تفسير ص 16: 29).

تُقَرِّبُونَ (انظر ع 29: 8 - 11).

28 «عَمَلاً مَا لاَ تَعْمَلُوا فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ عَيْنِهِ لأَنَّهُ يَوْمُ كَفَّارَةٍ لِلتَّكْفِيرِ عَنْكُمْ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ».

عَمَلاً مَا لاَ تَعْمَلُوا (انظر ع 31 وص 16: 29 والتفسير) وهذا هو اليوم الوحيد الذي كان يحرّم فيه العمل كما يحّرم في يوم السبت تماماً (انظر ع 3 والتفسير).

لِلتَّكْفِيرِ عَنْكُمْ (انظر ص 16: 30).

29 «إِنَّ كُلَّ نَفْسٍ لاَ تَتَذَلَّلُ فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ عَيْنِهِ تُقْطَعُ مِنْ شَعْبِهَا».

تكوين 17: 14

كُلَّ نَفْسٍ الخ (انظر تفسير ص 19: 8). معنى الآية أن الإنسان الذي لا يصوم في ذلك اليوم يُقتل. وكانوا يستثنون من ذلك الشيوخ والمرضى غير القادرين على الصوم.

30 «وَكُلَّ نَفْسٍ تَعْمَلُ عَمَلاً مَا فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ عَيْنِهِ أُبِيدُ تِلْكَ ٱلنَّفْسَ مِنْ شَعْبِهَا».

ص 20: 3 و5 و6

تَعْمَلُ عَمَلاً أي يجب أن يُقتل كل من يعمل عملاً دنيوياً في يوم الكفارة فإن هذا اليوم هو اليوم الوحيد الذي يجب أن يقدس كما يقدس السبت.

أُبِيدُ تِلْكَ ٱلنَّفْسَ عبّر عن القتل في أمثال هذا بالقطع وهنا عبّر عنه بالإبادة وهي من أقوى الكلمات الدالة على الإهلاك عُبر بها عنه بياناً لعظمة يوم الكفارة وإن أعظم أيام السنة اعتباراً. ومما يحسن أن يلاحظ هنا أنه كان مدنس السبت يُقتل رجماً وأما مدنس يوم الكفارة فبالإبادة.

31 «عَمَلاً مَا لاَ تَعْمَلُوا. فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً فِي أَجْيَالِكُمْ فِي جَمِيعِ مَسَاكِنِكُمْ».

عَمَلاً مَا لاَ تَعْمَلُوا كرر ذلك للتقرير في الأذهان.

فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً (انظر ص 3: 17 و7: 23 - 25 والتفسير).

32 «إِنَّهُ سَبْتُ عُطْلَةٍ لَكُمْ، فَتُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ. فِي تَاسِعِ ٱلشَّهْرِ عِنْدَ ٱلْمَسَاءِ. مِنَ ٱلْمَسَاءِ إِلَى ٱلْمَسَاءِ تَسْبِتُونَ سَبْتَكُمْ».

سَبْتُ عُطْلَةٍ لَكُمْ تقدّم الكلام على هذا في تفسير (ص 16: 31 فارجع إليه).

فَتُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ كرر هذا للتقرير وبيان الأهمية فكان الصيام والامتناع عن العمل في يوم الكفارة من أهم الأمور.

فِي تَاسِعِ ٱلشَّهْرِ عِنْدَ ٱلْمَسَاءِ كان في اصطلاح القدماء إن أول اليوم المساء فكان أول العاشر من الشهر مساء النهار التاسع (انظر ص 16: 29 والتفسير).

تَسْبِتُونَ سَبْتَكُمْ أي تتركون أعمالكم العادية. ومعنى العبارة تستريحون استراحتكم لأن معنى السبت استراحة أو راحة فهذا كقوله تصومون صيامكم (2صموئيل 12: 16 وزكريا 7: 5).

33 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى هذا مقدمة عيد المظال كما كان مقدمة عيد رأس السنة ويوم الكفارة (انظر ع 23 و26). والكلام على عيد المظال من (ع 34 - 43).

34 «قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: فِي ٱلْيَوْمِ ٱلْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ هٰذَا ٱلشَّهْرِ ٱلسَّابِعِ عِيدُ ٱلْمَظَالِّ سَبْعَةَ أَيَّامٍ لِلرَّبِّ».

خروج 23: 16 وعدد 29: 12 وتثنية 16: 13 وعزرا 3: 4 ونحميا 8: 14 وزكريا 14: 16 ويوحنا 7: 2

ٱلْيَوْمِ ٱلْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ هٰذَا ٱلشَّهْرِ ٱلسَّابِعِ أي شهر تشري الموافق لنهاية أيلول وبداءة تشرين الأول وبينه وبين يوم الكفارة أربعة أيام فقط.

عِيدُ ٱلْمَظَالِّ كيف كانت تُقام المظال وأين كانت تُقام ذلك لم تذكر الشريعة من أمره شيئاً فإن هذا ومثاله تُرك لحكمة خدَمة الدين. والمعروف من الاحتفال الأول بعيد المظال بعد رجوع اليهود من بابل أنهم كانوا ينصبون المظال بمقتضى أمر عزرا على السطوح وفي دور مساكنهم وفي المقدس وفي أزقة باب الماء وباب أفرايم. وكانت المظال من أغصان الزيتون والعُتم أي الزيتون البري والآس والنخل وأغصان أشجار غبياء (نحميا 8: 15 - 18). والذي عُرف من تركيب تلك المظال في أيام الهيكل الثاني إن داخل المظلة يجب أن لا يكون علوه أكثر من عشرين ذراعاً عبرانية ولا أقل من عشرة أشبار. ويجب أن يكون لها على الأقل ثلاثة جدران وسقف ذو خلل حتى تظهر منه النجوم وأن يكون السقف من الأغصان والأعشاب ويجب أن لا تقام المظلة تحت شجرة وأن لا تُغطى بشيء من المنسوجات فلا يجوز أن تُغطى بسوى الأغصان والأعشاب. وكان اليهود يأخذون في نصب تلك الخيام في غد يوم الكفارة. وفي اليوم الرابع عشر من الشهر وهو يوم الاستعداد يأتي الزوار أورشليم وفي مساء ذلك اليوم ينادي الكهنة بقرب الاحتفال بالنفخ بالأبواق. وكانوا يأتون في هذا العيد ما يأتونه في عيد الفصح وعيد الخمسين من تنظيف مذبح المحرقة في المحرس الأول من الليل وفتح أبواب الهيكل الداخلية والخارجية عند نصف الليل لدخول الكهنة الذين يقيمون بالمدينة ودخول الشعب الذي يشغل دار الهيكل قبل صياح الديك لينظر الكهنة في قرابينهم ويتبينوا أنها على وفق ما تطلب الشريعة أو أنها على غير ذلك.

35 «فِي ٱلْيَوْمِ ٱلأَوَّلِ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ. عَمَلاً مَا مِنَ ٱلشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا».

فِي ٱلْيَوْمِ ٱلأَوَّلِ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ كان في فجر هذا اليوم يذهب أحد الكهنة مصحوباً بموكب وجماعة من المرنمين بإبريق من ذهب إلى بركة سلوام فيملأه من مائها ويرجع به إلى الهيكل ليشارك إخوته الكهنة في ذبائح الصباح ويدخل باب الماء جنوباً فيرحب به بالنفخ بالأبواق ثلاثاً ثم يصعد درج المذبح مع كاهن آخر يحمل إبريق خمر للتقدمة الشرابية. ويذهب الكاهنان إلى شمالي المذبح حيث موطّد طستان من الفضة مثقوبا الوسط فيصبان فيهما الماء والخمر فيجريان إلى قاعدة المذبح. وكانوا يأتون ذلك صباح كل يوم من الأيام السبعة. وكان في ذلك الوقت موكب آخر يخرج من أورشليم ليجمع الصفصاف ويرجع عند صب الماء والخمر حاملاً أغصان الصفصاف بفرح عظيم وهتاف الأبواق إلى الهيكل ويقيمونها عند المذبح على وضع تكون به أعاليها كالمظلة.

عَمَلاً مَا مِنَ ٱلشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا يوجد فرق بين العمل من الشغل والعمل الضروري وقد بُيّن في تفسير (ع 7 فارجع إليه).

36 «سَبْعَةَ أَيَّامٍ تُقَرِّبُونَ وَقُوداً لِلرَّبِّ. فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ يَكُونُ لَكُمْ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ تُقَرِّبُونَ وَقُوداً لِلرَّبِّ. إِنَّهُ ٱعْتِكَافٌ. كُلُّ عَمَلِ شُغْلٍ لاَ تَعْمَلُوا».

عدد 29: 35 ونحميا 8: 18 ويوحنا 7: 37 تثنية 16: 8 و2أيام 7: 9 ويوئيل 1: 14 و2: 15

سَبْعَةَ أَيَّامٍ تُقَرِّبُونَ كانت القرابين في ذلك اليوم ثلاثة عشر ثوراً وكبشين وأربعة عشر خروفاً وقرابين طعامية وشرابية وتيساً يقدم قربان خطية (عدد 29: 12 - 38) هذا ما عدا قرابين السلامة والنذور والتبرع أي القرابين الاختيارية التي هي من أطعمة الشعب. وكان اللاويون حين تقديم هذه القرابين يترنمون بأناشيد التهليل كما يفعلون في عيد الفصح وعيد الخمسين ويأتون ذلك كل يوم من أيام العيد السبعة لكن عدد البهائم المقدمة للذبح كانت تنقص على توالي تلك الأيام كما بُين في سفر العدد (عدد 29: 12 - 38). وكان في مساء اليوم الثاني المسمى بالاحتفال الأصغر وفي كل من الليالي الخمس المتوالية يقومون بما يُعرف «بفرح مجاري الماء» في دار الهيكل. وذلك أنهم كانوا يضيئون أربع ثريات كبيرة من الذهب في وسط الدار فكان نورها يظهر لكل أهل المدينة. وكان الرجال الأتقياء يرقصون حول تلك الأضواء أمام الشعب وفي أيديهم المصابيح الموقدة وهم يغنون ويترنمون بأغاني الحمد. وكان الكهنة الواقفون على المرقاة الخامسة عشرة التي تؤدي إلى دار النساء يترنمون بالمزامير المعنوية بترانيم المصاعد (مزمور 120 - مزمور 134) بالأصوات والأدوات الموسيقية. والمظنون أنه في آخر ليلة من ليالي احتفال ذلك العيد قال المسيح وتلك الأضواء تتوقد «أنا نور العالم» (يوحنا 8: 12) أي أنه النور العام الدائم الذي يضيء على كل العالم لا على الهيكل وحده ولا على المدينة المقدسة وحدها.

فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ يَكُونُ لَكُمْ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ أي كمحفل اليوم الأول فلا يجوز فيه عمل من الأعمال الدنيوية غير الضرورية. وكان هذا اليوم خاتمة العيد وخاتمة الحصاد وفيه تترك سكنى المظال.

تُقَرِّبُونَ مثل ما تقربونه في اليوم الأول سوى العدد فإنه كان يقرب في هذا اليوم ثور واحد وكبش واحد وسبعة خراف وقرابين طعامية وشرابية وتيس ذبيحة خطية (عدد 29: 36 - 38). وحُسب اليوم الثامن كأنه من عيد المظال لاتصاله به وهو عيد مستقل.

37 «هٰذِهِ هِيَ مَوَاسِمُ ٱلرَّبِّ ٱلَّتِي فِيهَا تُنَادُونَ مَحَافِلَ مُقَدَّسَةً لِتَقْرِيبِ وَقُودٍ لِلرَّبِّ، مُحْرَقَةً وَتَقْدِمَةً وَذَبِيحَةً وَسَكِيباً أَمْرَ ٱلْيَوْمِ بِيَوْمِهِ».

ع 2 و4

مَوَاسِمُ ٱلرَّبِّ أي الأعياد المذكورة وهي ستة:

  1. الفصح (ع 4 - 14).

  2. عيد الخمسين (ع 15 - 22).

  3. عيد السنة الجديدة (ع 23 - 25).

  4. يوم الكفارة (ع 26 - 32).

  5. عيد المظال (ع 33 - 36).

  6. اليوم الثامن بعد أيام عيد المظال السبعة (ع 36).

لِتَقْرِيبِ القرابين المذكورة على الأسلوب المذكور في سفر العدد (عدد ص 28 وص 29).

38 «عَدَا سُبُوتَ ٱلرَّبِّ، وَعَدَا عَطَايَاكُمْ وَجَمِيعِ نُذُورِكُمْ وَجَمِيعِ نَوَافِلِكُمُ ٱلَّتِي تُعْطُونَهَا لِلرَّبِّ».

ع 29: 39

عَدَا سُبُوتَ ٱلرَّبِّ أي عدا ذبائح السبوت وحذف المضاف لقرينة كثير في الكتاب المقدس (انظر ص 25: 6). ومثله ما جاء في الإنجيل من قوله «مكتوب في الأنبياء» أي أسفار الأنبياء (مرقس 1: 2 قابل هذا بما في متّى 5: 17 و7: 12 و22: 40 الخ). فمعنى العبارة هنا إن الذبائح المذكورة في تلك الأعياد الستة لا تعفي من الذبائح المعيّنة للسبت الواقع فيها فيجب تقديمها كما تقدم في سائر السبوت.

وَعَدَا عَطَايَاكُمْ أي القرابين الاختيارية (تثنية 16: 10 و17 و2أيام 25: 7 و8) وقرابين النذور (تثنية 23: 16 وتثنية 16: 13).

39 «أَمَّا ٱلْيَوْمُ ٱلْخَامِسَ عَشَرَ مِنَ ٱلشَّهْرِ ٱلسَّابِعِ فَفِيهِ عِنْدَمَا تَجْمَعُونَ غَلَّةَ ٱلأَرْضِ تُعَيِّدُونَ عِيداً لِلرَّبِّ سَبْعَةَ أَيَّامٍ. فِي ٱلْيَوْمِ ٱلأَوَّلِ عُطْلَةٌ وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ عُطْلَةٌ».

خروج 23: 16 وتثنية 16: 13

أَمَّا ٱلْيَوْمُ ٱلْخَامِسَ عَشَرَ هذا تذييل للكلام على هذا العيد فقد تكلم عليه في (ع 34 - 36) وفيه تفصيل أمور الاحتفال به.

عِنْدَمَا تَجْمَعُونَ غَلَّةَ ٱلأَرْضِ أي ما نضج وحصل من حاصلات الأرض في فصل الخريف كالحنطة والشعير والزيت والخمر الخ.

تُعَيِّدُونَ عِيداً لِلرَّبِّ كان هذا العيد وقت اعتراف ببركات الرب وشكر له على إحسانه ولهذا سُمي هذا العيد بعيد الحصاد (خروج 23: 16 و34: 22).

فِي ٱلْيَوْمِ ٱلأَوَّلِ عُطْلَةٌ أي سبت أو راحة يحرّم فيه الأعمال العادية (انظر ع 35 و36).

40 «وَتَأْخُذُونَ لأَنْفُسِكُمْ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلأَوَّلِ ثَمَرَ أَشْجَارٍ بَهِجَةٍ وَسَعَفَ ٱلنَّخْلِ وَأَغْصَانَ أَشْجَارٍ غَبْيَاءَ وَصَفْصَافَ ٱلْوَادِي، وَتَفْرَحُونَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ».

خروج 23: 16 وتثنية 16: 13

تَأْخُذُونَ لأَنْفُسِكُمْ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلأَوَّلِ كانوا يأخذون أربعة أنواع من النبات أطال الكلام عليها علماء الناموس مدة الهيكل الثاني.

ثَمَرَ أَشْجَارٍ بَهِجَةٍ لم يعيّن نوع الثمر فترك أمره لاستحسان خدم الدين وكان في مثل تلك الأيام الأترج والتفاح وغيرهما وكانوا يجتنبون الشجرة الغرلاء والشجرة غير الطاهرة (انظر ص 9: 23 وعدد 18: 11 و12).

سَعَفَ ٱلنَّخْلِ (اي قضبانه التي لم تقشر) وهذا وفق ما حدده علماء الناموس مدة الهيكل الثاني وأوجبوا أن يكون طول السعفة ثلاثة أشبار على الأقل ويجب أن يربط السعف بلحائه لا بلحاء غيره من النبات.

وَأَغْصَانَ أَشْجَارٍ غَبْيَاءَ أي كثيفة الورق تغطي كل خشبه. قال علماء الناموس إن المقصود بهذه الأغصان أغصان الآس.

صَفْصَافَ ٱلْوَادِي أي النابت على شواطئ الأنهار وغيرها من مجاري المياه. ويمتاز هذا الصفصاف عن غيره بأنه أسود العود الطويل الورق ناعم الحواشي وكانوا يسمون ما رُبط معاً من أغصان النخل والآس والصفصاف لولباً. وحين كان اللاويون يترنمون مدة تقديم الذبائح كان أفراد الشعب يرفعون اللوالب وسُعف النخل ويهزونها ثلاثا مرة عند الترنم بالآية الأولى من (مزمور 118) ومرة بالترنم بالآية الخامسة والعشرين منه ومرة عند الترنم بالآية التاسعة والعشرين منه. وكان الكهنة متى فرغ اللاويون من الغناء يدورون حول المذبح قائلين «هوشيعنا (أو أوصنّا) يا رب ساعدنا يا رب نجحنا». وترجم في المزامير «آهِ يَا رَبُّ خَلِّصْ! آهِ يَا رَبُّ أَنْقِذْ» (مزمور 118: 25). وكان الكهنة حينئذ يعطون البركة والشعب يصرخ قائلاً «ما أجملك أيها المذبح». وكان هذا الرسم جزءاً من حوادث الترحيب بالمسيح حين دخل أورشليم ولاقاه الجموع بسعف النخل وقالوا «أوصنا» (متّى 21: 8 و9 و15 ويوحنا 12: 12 و13).

41 «تُعَيِّدُونَهُ عِيداً لِلرَّبِّ سَبْعَةَ أَيَّامٍ فِي ٱلسَّنَةِ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً فِي أَجْيَالِكُمْ. فِي ٱلشَّهْرِ ٱلسَّابِعِ تُعَيِّدُونَهُ».

عدد 29: 12 ونحميا 8: 18

سَبْعَةَ أَيَّامٍ فِي ٱلسَّنَةِ هذه الأيام السبعة أيام عيد المظال فاليوم الثامن عيد مستقل (انظر ع 36).

فِي أَجْيَالِكُمْ (المقصود بالجيل هنا أهل عصر واحد).

42 «فِي مَظَالَّ تَسْكُنُونَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ. كُلُّ ٱلْوَطَنِيِّينَ فِي إِسْرَائِيلَ يَسْكُنُونَ فِي ٱلْمَظَالِّ».

نحميا 8: 14 و15 و16

فِي مَظَالَّ تَسْكُنُونَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ فاليوم الثامن ليس من أيام عيد المظال فهو عيد مستقل فلم يسكنوا فيه المظال (انظر ع 36).

43 «لِكَيْ تَعْلَمَ أَجْيَالُكُمْ أَنِّي فِي مَظَالَّ أَسْكَنْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ. أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ».

تثنية 31: 3 ومزمور 78: 5 و6

تَعْلَمَ أَجْيَالُكُمْ أي يذكر نسلكم الذي يسكن أرض الميعاد بالسكنى في تلك المظال كل سنة إحسان الله إلى أبائهم وحراسته لهم وإنقاذه إياهم من أرض العبودية ووقايته إياهم بالمظال في البرية.

44 «فَأَخْبَرَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَوَاسِمِ ٱلرَّبِّ».

ع 3

فَأَخْبَرَ مُوسَى بمقتضى أمر الله (انظر ع 2) وأوضح لبني إسرائيل عدد الأعياد وأسبابها فهذه الآية خلاصة كل الأصحاح وخاتمة له.

اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ وَٱلْعِشْرُونَ

1 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى»

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى (هذا مقدمة فريضة جديدة كعادة الكاتب في هذا السفر) فإنه بعدما فرغ من الكلام على الأعياد السنوية والرسوم المتعلقة بها شرع في الكلام على الخدمة اليومية الدينية وما يتصل بها من الرسوم.

2 «أَوْصِ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُقَدِّمُوا إِلَيْكَ زَيْتَ زَيْتُونٍ مَرْضُوضٍ نَقِيّاً لِلضَّوْءِ لإِيقَادِ ٱلسُّرُجِ دَائِماً».

خروج 27: 2 و21

أَوْصِ بَنِي إِسْرَائِيلَ أمره الله في ما مرّ أن يوصي الكهنة (ص 6: 9) وأمره هنا أن يوصي بني إسرائيل وهذا مثل ما جاء في (تكوين 27: 20 و21).

3 «خَارِجَ حِجَابِ ٱلشَّهَادَةِ فِي خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ يُرَتِّبُهَا هَارُونُ مِنَ ٱلْمَسَاءِ إِلَى ٱلصَّبَاحِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ دَائِماً فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً فِي أَجْيَالِكُمْ».

خَارِجَ حِجَابِ ٱلشَّهَادَةِ أي الحجاب الثاني الفاصل بين القدس وقدس الأقداس (خروج 27: 21).

فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً فِي أَجْيَالِكُمْ أي يقوم بها أعقابكم على توالي الأيام (انظر ص 3: 17).

4 «عَلَى ٱلْمَنَارَةِ ٱلطَّاهِرَةِ يُرَتِّبُ ٱلسُّرُجَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ دَائِماً».

خروج 31: 8 و39: 37

عَلَى ٱلْمَنَارَةِ ٱلطَّاهِرَةِ يُرَتِّبُ ٱلسُّرُجَ يظهر من سفر الخروج (خروج 25: 31) إن هذه المنارة وُصفت بالطهارة لأنها كانت مصنوعة من ذهب نقي. ولكن على ما ظهر من رؤساء الدين اليهودي مدة الهيكل الثاني إن معنى هذه العبارة وجوب أن تُرتب السُرُج بعد تطهيرها وتنظيف المنارة وإزالة كل الرماد أو قراضات الفتائل.

5 «وَتَأْخُذُ دَقِيقاً وَتَخْبِزُهُ ٱثْنَيْ عَشَرَ قُرْصاً. عُشْرَيْنِ يَكُونُ ٱلْقُرْصُ ٱلْوَاحِدُ».

خروج 25: 30

تَخْبِزُهُ ٱثْنَيْ عَشَرَ قُرْصاً هذه الأقراص هي خبز الوجوه وكانت تُصنع على الأسلوب الآتي كانوا يضربون الأربع والعشرين كيلة الحنطة التي يؤتى بها تقدمة طعام ويطحنونها وبعد أن ينخلوها باثني عشر منخلاً مختلفة الخروب خروب كل منها أضيق من خروب ما قبله حتى يكون منخوله أنعم كذلك ويأخذون الدقيق الأنعم ويعجنونه خارج الدار ويجعلون العجين أقراصاً بقالب من الذهب على القدر المعيّن ويرجعون بها إلى الدار ويخبزونه بقالب آخر من ذهب ومتى خبزوه رفعوه ووضعوه بقالب ثالث من الذهب أيضاً. وكان طول القرص عشرة أجماع أو عروض كفيّة وعرضه خمسة أجماع وسمكه اصبعاً فكان كل قرص من عمرين من الحنطة أو عُشري الإيفة (انظر ص 14: 10). وكان العُمر قدر ما يُشبع الرجل الواحد في اليوم حسب الترتيب الإلهي (خروج 16: 16 - 19). فكان كل من تلك الأقراص طعام رجل وجاره وكانت الأقراص الاثنا عشر على وفق عدد أسباط إسرائيل الاثني عشر. وعلى هذا جاء في الترجمة الكلدانية القديمة «تخبزه اثني عشر قرصاً كعدد أسباط إسرائيل». وكانت هذه الأقراص تُخبز كل يوم جمعة بعد الظهر أو يوم الثلاثاء إذا وقع يوم الجمعة يوم راحة عيد وكانت هذه الأقراص على قول شهود العين فطيراً.

6 «وَتَجْعَلُهَا صَفَّيْنِ، كُلَّ صَفٍّ سِتَّةً عَلَى ٱلْمَائِدَةِ ٱلطَّاهِرَةِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ».

1ملوك 7: 48 و2أيام 4: 19 و13: 11 وعبرانيين 9: 2

تَجْعَلُهَا صَفَّيْنِ، كُلَّ صَفٍّ سِتَّةً كانت المائدة التي توضع عليها هذه الأقراص طولاً في الشمال أي الجانب الأقدس من القدس كسائر الأشياء المقدسة إلا تابوت العهد وكان علوها ذراعاً ونصف ذراع عبرانية أو تسعة أجماع وطولها ذراعين أو اثني عشر جمعاً وعرضها ذراعاً أو ست أجماع. وكانت تلك الأقراص صفين كل صف ستة أقراص أحدها فوق الآخر. وإذ كان طول كل قرص عشرة أجماع وعرض المائدة لا يزيد على ستة أجماع كان البارز من القرص جُمعين على كل من جانبي المائدة.

عَلَى ٱلْمَائِدَةِ ٱلطَّاهِرَةِ كانت الأقراص توضع على ما عُرف مدة الهيكل الثاني على المائدة نفسها على عصي جوفاء من الذهب على المائدة بغية أن يمر الهواء بها ليمنع من العفن مدة الأسبوع بل كانت تلك العصي توضع بين الأقراص والأقراص توضع على المائدة.

أَمَامَ ٱلرَّبِّ أي في القدس المقابل لمظهر آيات حضور الرب.

7 «وَتَجْعَلُ عَلَى كُلِّ صَفٍّ لُبَاناً نَقِيّاً فَيَكُونُ لِلْخُبْزِ تِذْكَاراً وَقُوداً لِلرَّبِّ».

وَتَجْعَلُ عَلَى كُلِّ صَفٍّ لُبَاناً نَقِيّاً ترجم بعضهم ذلك بقوله «تجعل عند كل صنف الخ». إذ كان عرض صفي الأقراص عشرة أجماع في العرض كان يبقى بين الصفين فراغ جُمعين لأن طول المائدة كان اثني عشر جُمعاً فكانوا يشغلون ذلك الفراع بإناءين فيهما اللبان. وكان هذا الفراغ يقسم بين الصفين فيكون لكل صف جُمعٌ ويشغلون كل جُمع منها بإباء اللبان ويحتمل أنهم كانوا يضعون الإناءين قدام صف واحد من الصفين أو يضعون قرب كل من الصفين واحداً من ذينك الإناءين وهذا الأخير هو الذي عُرف مدة الهيكل الثاني.

فَيَكُونُ لِلْخُبْزِ تِذْكَاراً اي يكون للخبز آية تذكار أي يكون اللبان نصيب الله كما يكون الخبز نصيب الكهنة فيُذكر إحسان الرب في ذلك ويقدم الشكر له تعالى (انظر ص 2: 2).

8 «فِي كُلِّ يَوْمِ سَبْتٍ يُرَتِّبُهُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ دَائِماً مِنْ عِنْدِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِيثَاقاً دَهْرِيّاً».

عدد 4: 7 و1أيام 9: 32 و2أيام 2: 4

فِي كُلِّ يَوْمِ سَبْتٍ يُرَتِّبُهُ أي يقوم هارون بترتيبه بواسطة الكهنة الذين يعملون بمقتضى وصيته معه (ع 3) ويأتي ذلك في كل سبت في السنة. والأسلوب الذي كان فيه خبز الوجوه أو «خبز الحضرة» كما يسمى لأنه كان يوضع أمام الرب أي في حضرته يجدّد كل سبت كما يأتي يدخل أربعة من الكهنة القدس يحمل اثنان منهم الخبز على الأيدي كل يحمل ستة أقراص والاثنان الآخران يحملان إناءي اللبان كل يحمل إناء ويمشي قدام الكهنة الأربعة أربعة كهنة آخرون واثنان يأخذان الخبز واثنان يأخذان إناءي اللبان ويقفون في الجنوب وأوجههم إلى الشمال وحالما يرفعون الخبز واللبان القديم يضعون الخبز واللبان الجديدين وأيدي أحد الفريقين فوق أيدي الفريق الأول لأنه مكتوب «تَجْعَلُ عَلَى ٱلْمَائِدَةِ خُبْزَ ٱلْوُجُوهِ أَمَامِي دَائِماً» (خروج 25: 30). وكان رؤساء الدين اليهودي يفسرون قوله «دائماً بأنه يجب أن لا تخلو المائدة من ذلك الخبز دقيقة واحدة» ولهذا كان الخبز الجديد محمولاً فوق الخبز القديم لكي لا تخلو المائدة منه لحظة.

مِنْ عِنْدِ بَنِي إِسْرَائِيلَ أي من الشعوب كغيره من التقدمات الشعبية كملح الذبائح وحطب المذبح والبخور والعمر (انظر ص 32: 10 و11) وأرغفة الترديد (ص 23: 17) والتيسين من المعز (ص 16: 5 الخ) والبقرة الحمراء (عدد 19: 1 - 22) وخبز الوجوه أو «خبز الحضرة» على مقتضى القانون الذي عُرف مدة الهيكل الثاني كان يُشترى من أنصاف الشاقل التي كان بنو إسرائيل يقدمونها للهيكل كل سنة (انظر خروج 30: 11 - 16).

9 «فَيَكُونُ لِهَارُونَ وَبَنِيهِ، فَيَأْكُلُونَهُ فِي مَكَانٍ مُقَدَّسٍ، لأَنَّهُ قُدْسُ أَقْدَاسٍ لَهُ مِنْ وَقَائِدِ ٱلرَّبِّ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً».

1صموئيل 21: 6 ومتّى 12: 4 ومرقس 2: 26 ولوقا 6: 4 خروج 29: 33 وص 8: 31 و21: 22

فَيَكُونُ لِهَارُونَ وَبَنِيهِ الذي عُرف مدة الهيكل الثاني إن الأقراص الاثني عشر كانت تُقسم بين الكاهن الأعظم والكهنة الخادمين أي القائمين بالخدمة الهيكلية فيأخذ هو ستة ويأخذون هم ستة.

فَيَأْكُلُونَهُ فِي مَكَانٍ مُقَدَّسٍ هذا من الأمور الكثيرة التي تتعلق بالخدمة الشعبية التي تصير أجرة الكاهن غير العادية وهي ثمانية:

  1. بقية التقدمة الطعامية (ص 2: 3 و10).

  2. لحم تقدمة الخطية (ص 6: 26).

  3. لحم ذبيحة الإثم (ص 7: 6).

  4. لج الزيت الذي يقدمه الأبرص (ص 14: 10).

  5. بقية العُمر (ص 23: 10 و 11).

  6. تقدمة الشعب السلامية.

  7. الرغيفان (ص 13: 19 و20).

  8. خبز الوجوه.

مِنْ وَقَائِدِ ٱلرَّبِّ أي الجزء السابق من التقدمة كالبخور الذي كان الجزء الآخر منه يوقد للرب.

10 «وَخَرَجَ ٱبْنُ ٱمْرَأَةٍ إِسْرَائِيلِيَّةٍ، وَهُوَ ٱبْنُ رَجُلٍ مِصْرِيٍّ، فِي وَسَطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَتَخَاصَمَ فِي ٱلْمَحَلَّةِ ٱبْنُ ٱلإِسْرَائِيلِيَّةِ وَرَجُلٌ إِسْرَائِيلِيٌّ».

خَرَجَ ٱبْنُ ٱمْرَأَةٍ إِسْرَائِيلِيَّةٍ، وَهُوَ ٱبْنُ رَجُلٍ مِصْرِيٍّ كان اسم هذه المرأة التي ابنها موضوع هذا الخبر شلومية كانت قد تزوجت رجلاً مصرياً وبنو إسرائيل في مصر والظاهر أن أباه بقي في مصر وهو هرب مع بني إسرائيل في الإخلاط الذين جاءوا مع الإسرائيليين من مصر (خروج 12: 38). وهذه الحادثة التي يصعب علينا بيان ارتباطها بالكلام على الفرائض المذكورة تبين لنا صورة حياة الإسرائيليين في المحلة وهم في البرية. وعلى ما وقفنا عليه في التقليد اليهودي إن أبا هذا المجدف كان من المسخرين وكان زوج شولمية من المسخرين الذين يتسلط عليهم (خروج 2: 11) فكان ذلك المصري من الظالمين فأضر الرجل وزوجته شولمية وإن زوجها هو الإسرائيلي الذي قتله هذا المصري. وهذا المصري هو الرجل الذي قتله موسى فانتقم موسى للمرأة ولزوجها ولهذا جاء في الترجمة الكلدانية «رجل شرير عاص لإله السماء خرج من مصر ابن المصري الذي قتل إسرائيلياً في مصر واغتصب زوجته فحبلت وولدت ابناً بين أولاد إسرائيل». وقوله «خرج» يدل على أنه كان ساكناً خارج المحلة فما كان له حق أن يدخلها.

تَخَاصَمَ فِي ٱلْمَحَلَّةِ ٱبْنُ ٱلإِسْرَائِيلِيَّةِ وَرَجُلٌ إِسْرَائِيلِيٌّ لم يذكر علة الخصام ولا أسلوبه والذي وصل إلينا من تقليد اليهود إن الرجل الإسرائيلي كان من سبط دان وفي الآية الآتية إن المراة الإسرائيلية أم الابن المصري كانت من سبط دان فقال ابنها للرجل الدانّي إن له حق أن يدخل المحلة لأن أمه من سبط دان. فخاصمه الدانّي وأوجب عليه أن يكون في الخيام المختصة بمن هم مثل أبيه (عدد 2: 2). وحدث هذا الخصام أمام رؤساء نظروا في أمره. ولهذا جاء في الترجمة الكلدانية القديمة «وحين كان الإسرائيليون ساكنين في وسط أولاد دان فلم يدعوه لأنه حسب قانون الإسرائليين كل إنسان يسكن مع أهله تحت راية بيت أبيه فتخاصما في المحلة وذهب الإسرائيلي الذي من سبط دان وابن الإسرائيلية إلى بيت القضاء» (أي المحكمة).

11 «فَجَدَّفَ ٱبْنُ ٱلإِسْرَائِيلِيَّةِ عَلَى ٱلٱسْمِ وَسَبَّ. فَأَتَوْا بِهِ إِلَى مُوسَى. (وَكَانَ ٱسْمُ أُمِّهِ شَلُومِيَةَ بِنْتَ دِبْرِي مِنْ سِبْطِ دَانٍ)».

ع 16 أيوب 1: 5 و11 و22 و2: 5 و9 و10 وإشعياء 8: 21 خروج 18: 22 و26

فَجَدَّفَ ٱبْنُ ٱلإِسْرَائِيلِيَّةِ عَلَى ٱلٱسْمِ وَسَبَّ (التجديف الإهانة لله تعالى بالشتيمة والكفر والسب هنا الشتم للإنسان). ومعنى العبارة على ما ذُكر في الآية العاشرة إن ابن الإسرائيلية من الرجل المصري لما حكم عليه القضاة بأن لا حق له أن يسكن المحلة اغتاظ من الله وشتمه على الشريعة التي حرم بها عليه أن يسكن في سبط أمه وسب القضاة الذين حكموا عليه.

والمقصود بالاسم في الآية اسم الله الأعظم وهو يهوه وعبروا عنه بالاسم تنزيهاً له عن أن يلفظوه بأفواههم فكانوا حين يقرأون الكتاب ويصلون إلى ذلك الاسم يلفظون بدلاً منه «أدوناي» أي السيد أو «اللوهيم» أي الله ولكنهم لم يغيروا رسمه بالكتابة فكانوا يكتبونه يهوه. وكان يقول علماء الناموس مدة الهيكل الثاني في قص نبإ ذلك المجدف «تلفظ بالاسم ولعنه» على خلاف ما فسرناه. ولهذا كان مجرد التلفظ بذلك الاسم الأعظم يعد إثماً. وتُرجم ما ذكر في الكلدانية بما معناه «ولما خرجوا من بيت القضاء وقد حُكم على ابن المرأة الإسرائيلية تلفظ بالاسم المجيد العظيم الذي سُمع في سيناء وشتمه».

فَأَتَوْا بِهِ إِلَى مُوسَى لأن التجديف على الله سبحانه وتعالى من الأمور الكبيرة فجروا بذلك عل ما رتبه موسى بنصح يثرون له أن يقيم رؤساء يقضون للشعب بالدعاوي الصغيرة ويجيئون إليه بكل الدعاوي الكبيرة (خروج 18: 17 - 23).

ٱسْمُ أُمِّهِ شَلُومِيَةَ إن صحّ التقليد إنها غُصبت أو صح أنها تزوجت المصري اختياراً لم يغير شيئاً من المعنى الذي قصده الكاتب فقد ذكر اسمها واسم سبطها ليبين أن ذلك الابن كان نسلاً نجساً ويحذر النساء العبرانيات من الاقتران بالوثنيين.

12 «فَوَضَعُوهُ فِي ٱلْمَحْرَسِ لِيُعْلَنَ لَهُمْ عَنْ فَمِ ٱلرَّبِّ».

عدد 15: 34 خروج 18: 15 و16 وعدد 27: 5 و36: 5 و6

فَوَضَعُوهُ فِي ٱلْمَحْرَسِ أي سجنوه إلى أن يُحاكم لا إنهم سجنوه قصاصاً له على إثمه لأن سجن المذنب مدة معيّنة على الذنب لم يُفرض في الشريعة الموسوية ولم يُذكر أحد أنه وُضع فيها.

لِيُعْلَنَ لَهُمْ عَنْ فَمِ ٱلرَّبِّ أي ليُعلن لهم الرب القصاص الذي يستحقه المجدف على «الاسم» فإن الله نهى عن التجديف على اسمه ضمناً أو التزاماً في الوصية الثالثة وصراحة في (تكوين 22: 28). وأبان في موضع آخر وجوب قتل من يسب والده الأرضي ولكنه لم يُعلن نوع القصاص لمن يسب الآب السماوي (انظر تكوين 20: 7 ولاويين 20: 9). ولم يُذكر إن المجدف يُترك لله فيقاصه هو ولهذا حُرس المجدف ليسأل موسى ربه عن عقابه. وقد كان مثل هذا في أمر الرجل الذي احتطب يوم السبت فوضعوه في المحرس لأنه لم يُعلن ماذا يُفعل به (عدد 15: 34).

13 «فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى لم يذكر هنا كيف سأل الرب موسى حتى كلمه أبواسطة الأوريم والتميم سأله أو بغيرها والمرجّح أنه سأله في القدس لأن الله وعد موسى أن يظهر له على الغطاء من بين الكروبين (خروج 25: 22).

14 «أَخْرِجِ ٱلَّذِي سَبَّ إِلَى خَارِجِ ٱلْمَحَلَّةِ فَيَضَعَ جَمِيعُ ٱلسَّامِعِينَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِهِ، وَيَرْجُمَهُ كُلُّ ٱلْجَمَاعَةِ».

تثنية 13: 9 و17: 7

أَخْرِجِ ٱلَّذِي سَبَّ إِلَى خَارِجِ ٱلْمَحَلَّةِ أمر بإخراج المجدف من سجنه إلى خارج المحلة لأن الخارج مقام النجسين (عدد 5: 2 و3) وهو ما يعاقب فيه المذنبون (عبرانيين 13: 12 و13).

فَيَضَعَ جَمِيعُ ٱلسَّامِعِينَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِهِ أي جميع الشهود الذين سمعوه يجدف والذين كان عقابه يجري على شهادتهم. والقضاة الذين حكموا عليه كانوا يضعون أيديهم أيضاً على رأسه. وعلى هذا جاء في الترجمة الكلدانية «ليضع الشهود أيديهم على رأس المجدف وليضع القضاة أيديهم على رأسه». وهذا ما جرى عليه علماء الناموس. فكان الشهود والقضاة يضعون أيديهم على رأس المجدف ويقولون «دمك على رأسك فإنك أنت جنيت هذا على نفسك».

وَيَرْجُمَهُ كُلُّ ٱلْجَمَاعَةِ فيرجمه الشهود أولاً ثم كل المشاهدين (انظر ص 20: 2).

15 «وَقُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: كُلُّ مَنْ سَبَّ إِلٰهَهُ يَحْمِلُ خَطِيَّتَهُ».

ص 5: 1 و20: 17 وعدد 9: 13

مَنْ سَبَّ إِلٰهَهُ إن الله لما سأله موسى عن عقاب المجدّف لم يكتف بإجابته على ذلك بل وضع شريعة عامة لعقاب كل المجدفين من العبرانيين والنزلاء.

يَحْمِلُ خَطِيَّتَهُ القرينة تدل على أن هذا العقاب على الغرباء الذين ينزلون على الإسرائيليين وقتياً ويبقون على دينهم أي الذين ينزلون عليهم ولا يتهودون فإن الوثني الذي كان ينزل عليهم كان يعاقب على سبه إلهه بالنظر لأنه يعتقد أنه الله ولأنه إذا تُرك بلا عقاب يكون عثرة للإسرائيليين فيقتدي بعضهم به.

16 «وَمَنْ جَدَّفَ عَلَى ٱسْمِ ٱلرَّبِّ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. يَرْجُمُهُ كُلُّ ٱلْجَمَاعَةِ رَجْماً. ٱلْغَرِيبُ كَٱلْوَطَنِيِّ عِنْدَمَا يُجَدِّفُ عَلَى ٱلٱسْمِ يُقْتَلُ».

1ملوك 21: 10 و13 ومزمور 74: 10 و18 ومتّى 12: 31 ومرقس 3: 28 و29 ويعقوب 2: 7

وَمَنْ جَدَّفَ عَلَى ٱسْمِ ٱلرَّبِّ أي يهوه (انظر ع 11 والتفسير).

فَإِنَّهُ يُقْتَلُ أصيلاً أو دخيلاً قريباً أو غريباً.

17 «وَإِذَا أَمَاتَ أَحَدٌ إِنْسَاناً فَإِنَّهُ يُقْتَلُ».

خروج 21: 12 وعدد 35: 31 وتثنية 19: 11 و12

وَإِذَا أَمَاتَ أَحَدٌ إِنْسَاناً بعد أن أبان وجوب قتل المجدف من أصيل ودخيل ووطني وغريب أبان هنا أن قاتل الإنسان يُقتل بلا فرق بين ما ذُكر. وقد ذُكرت هذه الشريعة ببعض التفصيل في سفر الخروج (خروج 21: 12 الخ).

18 «وَمَنْ أَمَاتَ بَهِيمَةً يُعَوِّضُ عَنْهَا نَفْساً بِنَفْسٍ».

ع 21

مَنْ أَمَاتَ بَهِيمَةً لغيره يجب أن يعطيه بهيمة بدلاً منها. ولا منافاة بين ما ذُكر هنا وما ذُكر في سفر الخروج (خروج 21: 33 و34) لأن القتل هنا صادر عن غير ما صدر منه هناك فالشريعة هنا غير الشريعة هناك.

19، 20 «19 وَإِذَا أَحْدَثَ إِنْسَانٌ فِي قَرِيبِهِ عَيْباً، فَكَمَا فَعَلَ كَذٰلِكَ يُفْعَلُ بِهِ. 20 كَسْرٌ بِكَسْرٍ وَعَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. كَمَا أَحْدَثَ عَيْباً فِي ٱلإِنْسَانِ كَذٰلِكَ يُحْدَثُ فِيهِ».

خروج 21: 24 وتثنية 19: 21 ومتّى 5: 38 و7: 2

إِذَا أَحْدَث الخ (انظر خروج 21: 24 و25).

21 «مَنْ قَتَلَ بَهِيمَةً يُعَوِّضُ عَنْهَا، وَمَنْ قَتَلَ إِنْسَاناً يُقْتَلْ».

خروج 21: 33 و34 وع 18 ع 17

مَنْ قَتَلَ بَهِيمَةً هذا مكرر (ع 17 و18) كرر للتقرير والتوكيد.

22 «حُكْمٌ وَاحِدٌ يَكُونُ لَكُمْ. ٱلْغَرِيبُ يَكُونُ كَٱلْوَطَنِيِّ. إِنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ».

خروج 12: 49 وص 19: 34 وعدد 15: 16

حُكْمٌ وَاحِدٌ يَكُونُ لَكُمْ في كل ما ذُكر لا في مسئلة التجديف وحدها. (وهذا هو الحق والسواء).

23 «فَكَلَّمَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُخْرِجُوا ٱلَّذِي سَبَّ إِلَى خَارِجِ ٱلْمَحَلَّةِ وَيَرْجُمُوهُ بِٱلْحِجَارَةِ. فَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى».

ع 14

فَكَلَّمَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ الخ بعدما أبان لهم موسى ما أعلنه الله من الشرائع أمرهم بإجراء الحكم على المجدف بمقتضى الإعلان.

اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ وَٱلْعِشْرُونَ

1 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى فِي جَبَلِ سِينَاءَ».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى يناسب هذا الأصحاح أن يكون على أثر الأصحاح الثالث والعشرين لأن سُنن السنة السبتية واليوبيل هنا مناسبة لسنن الأعياد المذكورة في ذلك الأصحاح. ولا نعرف لماذا فُصلت السنن هنا عن تلك إلا لأنها وُضعت للإسرائيليين ليعملوا بها متى دخلوا أرض الموعد أي إن العلة تغير المكان وهذا الذي ذهب إليه علماء الناموس مدة الهيكل الثاني فكانت كأنها مستقلة عن الشرائع التي أوجبها عليهم وهم في البرية.

فِي جَبَلِ سِينَاءَ أي في أرض سيناء الجبلية. وقد اعتاد الكتاب أن يريد بالجبل الأرض المقدسة (عدد 12: 9 وتثنية 1: 2 ويشوع 14: 12 الخ). والمعنى إن الوصايا الآتية أعلنها الرب لموسى حين كان الإسرائيليون نازلين في جوار سيناء إذ بقوا في تلك البرية نحو اثني عشر شهراً بعد خروجهم من مصر (عدد 10: 11 و12).

2 «قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: مَتَى أَتَيْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَنَا أُعْطِيكُمْ تَسْبِتُ ٱلأَرْضُ سَبْتاً لِلرَّبِّ».

خروج 23: 10 وص 26: 34 و35 و2 أيام 36: 21

مَتَى أَتَيْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ هذا مثال رابع في سفر اللاويين لإعطاء الشرائع قبل وقتها (انظر ص 14: 34 و19: 23 و23: 10). وعمل الإسرائيليين بمقتضى هذه الشريعة على ما قال علماء الناموس مدة الهيكل الثاني بعد إحدى وعشرين سنة لدخولهم أرض كنعان لأن الاستيلاء عليها شغل سبع سنين (يشوع 14: 10) وقسمة الأرض على الأسباط شغل سبع سنين (يشوع 18: 1 الخ) وحراثة الأرض وزرعها كما يجب لم يتم إلا بعد سبع سنين من نهاية القسمة.

تَسْبِتُ ٱلأَرْضُ (انظر تفسير ص 23: 32 و16: 31) السبت السنوي للأرض مقابل للسبت الأسبوعي للناس. وكان السبت الأسبوعي يشير إلى خلقه العالم في ستة أيام واستراحته في اليوم السابع. وكان السبت السنوي يشير إلى أن الله رب الأرض وكان تقديسه اعترافاً بذلك كالسبت الأسبوعي (خروج 20: 10 و23: 3 وتثنية 5: 14). والسبت السنوي «للرب» (انظر ع 4).

3 «سِتَّ سِنِينَ تَزْرَعُ حَقْلَكَ، وَسِتَّ سِنِينَ تَقْضِبُ كَرْمَكَ وَتَجْمَعُ غَلَّتَهُمَا».

سِتَّ سِنِينَ تَزْرَعُ (انظر خروج 23: 10).

غَلَّتَهُمَا أي غلة قسمي الأرض المذكورة في الآية السابقة حقولها وكرومها فتلك الغلة هي الحنطة والشعير وسائر الحبوب والعنب والزيتون الخ (انظر خروج 23: 11).

4 «وَأَمَّا ٱلسَّنَةُ ٱلسَّابِعَةُ فَفِيهَا يَكُونُ لِلأَرْضِ سَبْتُ عُطْلَةٍ، سَبْتاً لِلرَّبِّ. لاَ تَزْرَعْ حَقْلَكَ وَلاَ تَقْضِبْ كَرْمَكَ».

وَأَمَّا ٱلسَّنَةُ ٱلسَّابِعَةُ هي سبت السبوت.

فَفِيهَا يَكُونُ لِلأَرْضِ سَبْتُ عُطْلَةٍ أي عطلة للراحة فيجب أن تستريح الأرض في السبت السنوي كما يستريح الإنسان في السبت الأسبوعي (انظر تفسير ص 16: 31).

لاَ تَزْرَعْ حَقْلَكَ لم يذكر الكتاب تفصيل ذلك لكن الذي عُلم من قانون علماء الناموس مدة الهيكل الثاني أنه لا يجوز لأحد من أرباب الأرض في السنة السابعة أن يزرع شجراً ولا أن يقطع الأغصان اليابسة ولا أن يقطع الأوراق الزاوية ولا أن ينشئ دخاناً تحت النبت ليقتل الحشرات ولا أن يطيّن الثمر غير الناضج بشيء من التراب ليقيه من الحشرات. وإن كل من تعدّى ذلك وجب عليه أن يُجلد. على أنه كان جائزاً أن يُزرع من الأرض ما هو كافٍ لأن يغلّ مقدار العشور والتقدمات الطعامية كعُمر الشعير وحزمة ترديد الفصح وحنطة رغيفي الترديد في عيد الفصح.

5 «زِرِّيعَ حَصِيدِكَ لاَ تَحْصُدْ وَعِنَبَ كَرْمِكَ ٱلْمُحْوِلِ لاَ تَقْطِفْ. سَنَةَ عُطْلَةٍ تَكُونُ لِلأَرْضِ».

2ملوك 19: 29

زِرِّيعَ حَصِيدِكَ الزريع ما ينبت في الحول القادم مما تناثر من حصيد الحول الماضي في وقت الحصاد. فلم يقصر النهي لرب الأرض عن الزرع بل نهاه أيضاً عن حصد ما لم يزرعه في أرضه من منثور الحصيد الماضي.

وَعِنَبَ كَرْمِكَ ٱلْمُحْوِلِ لاَ تَقْطِفْ أراد المترجم بالمحول الذي تُرك حولاً لم يُقضب أي لم تُقطع أغصانه وهو اسم مفعول من حول الأرض أي زرعها حولاً وتركها حولاً فاستعمالها لعدم قضب الكرم مجاز فكأنه قال «عنب كرمك غير المقضوب لا تقطف». والذي في الأصل العبراني «عنب كرمك النذير (أي المنذور) لا تقطف» والمعنى الموقوف للرب في السنة السابعة.

6 «وَيَكُونُ سَبْتُ ٱلأَرْضِ لَكُمْ طَعَاماً. لَكَ وَلِعَبْدِكَ وَلأَمَتِكَ وَلأَجِيرِكَ وَلِمُسْتَوْطِنِكَ ٱلنَّازِلِينَ عِنْدَكَ».

يَكُونُ سَبْتُ ٱلأَرْضِ أي حاصلات مدة سبت الأرض وقد تقدّم حذف المضاف لقرينه (انظر ص 23: 38).

لَكُمْ طَعَاماً أي لكم أن تأكلوه ولكن ليس لكم أن تتجروا به أو تذخروه. وهذا ما عُرف أيضاً مدة الهيكل الثاني فإنهم كانوا يأكلون غلال السنة السابعة وما كان يُسمح لهم أن يحولوه إلى صنف آخر من الطعام كأن يجعلوا العنب زبيباً أو دبساً ونحوهما فكان يجوز لهم أن يستعملوا الحطب وقوداً ولكن لم يكن لهم أن يصنعوه فحماً ثم يوقدوه ولا أن يتخذوا من البقول أدوية ولا أن يطعموا البهائم الأطعمة الإنسانية في البيت.

لَكَ وَلِعَبْدِكَ كانت تُترك الحاصلات في الحقل والكرم للعبيد والمساكين الخ (انظر أيضاً خروج 23: 11). وعلى هذا قال علماء الناموس مدة الهيكل الثاني «من منع كرمه أو حقله أو جمع كل غلتهما إلى بيته في السنة السابعة يتعدى هذه الشريعة». كل شيء من غلتهما يترك مشتركاً ولكل إنسان أن يأكل منها لكن يجب على كل إنسان أن لا يأتي إلى بيته إلا بالضروري منها لا أن يجمع ما يستطيعه ويذخره.

7 «وَلِبَهَائِمِكَ وَلِلْحَيَوَانِ ٱلَّذِي فِي أَرْضِكَ تَكُونُ كُلُّ غَلَّتِهَا طَعَاماً».

وَلِبَهَائِمِكَ استنتج علماء الناموس من هذا مدة الهيكل الثاني وجوب الإحسان إلى البهائم وقالوا إن أثمار السنة السابعة لا يأكلها إلا الإنسان في البيت ما دامت توجد في الحقل. فما دامت البهائم تأكل من نوع في الحقل فللإنسان أن يأكل منه في البيت. فإن أكلت البهائم كل ما في الحقل. وبقي من أمور السنة السابعة إبراء الدين وهذا ذُكر في سفر التثنية فانظره إن أردت (تثنية 15: 1 - 3). وكان أول السنة السبتية مدة الهيكل الثاني اليوم الأول من تشري الذي هو أول السنة المدنية. وكانوا يتركون حرث بعض الحقول والبساتين وزرعها في السنة السادسة. فيتركون حرث حقول الحبوب من عيد الفصح والبساتين من عيد العنصرة في السنة السادسة وكان الملك يقرأ مدة الهيكل الثاني أجزاء الشريعة التي مضمونها في (تثنية 31: 1 - 13) وكان في نهاية السنة السابعة التي تتصل باليوم الأول من عيد المظال في السنة الثامنة يُنصب منبر من خشب في دار الهيكل الخارجية ويجلس الملك عليه. فيأخذ رئيس المجمع كتاب الشريعة ويعطيه رأس المجمع وهذا يعطيه رأس الكهنة ورأس الكهنة يعطيه الحبر الأعظم والحبر الأعظم يعطيه الملك فيقف ويأخذه منه ثم يجلس ويقرأ الفصول السبعة الآتية: (1) تثنية 1: 1 - 6: 3. و(2) 6: 4 - 8. و(3) 11: 13 - 22. و(4) 14: 22 - 15: 23. و(5) 16: 12 - 19 و(6) 17: 14 - 20. و(7) 17: 1 - 18: 29. ويختم ما يقرأه الملك ببركة يفوه بها الحبر الأعظم (انظر ص 16: 27 والتفسير).

8 «وَتَعُدُّ لَكَ سَبْعَةَ سُبُوتِ سِنِينَ. سَبْعَ سِنِينَ سَبْعَ مَرَّاتٍ. فَتَكُونُ لَكَ أَيَّامُ ٱلسَّبْعَةِ ٱلسُّبُوتِ ٱلسَّنَوِيَّةِ تِسْعاً وَأَرْبَعِينَ سَنَةً».

وَتَعُدُّ... سَبْعَةَ سُبُوتِ سِنِينَ أي سبعة أسابيع سنة (انظر ص 23: 15) فحسب هنا الأسبوع سبع سنين فالسبعة الأسابيع 49 سنة ولهذا فسرّها بقوله على الأثر «سبع سنين سبع مرات». وإذ كان هذا اليوبيل مما سن عليهم في أرض الميعاد (انظر ع 2) وكان أول السنة الأسبوعية على ما قيل مدة الهيكل الثاني في نهاية السنة الحادية والعشرين بعد دخولهم أرض كنعان (انظر ع 2 والتفسير) كان اليوبيل الأول في السنة الرابعة والستين لدخولهم أرض كنعان أو أرض الميعاد.

9 «ثُمَّ تُعَبِّرُ بُوقَ ٱلْهُتَافِ فِي ٱلشَّهْرِ ٱلسَّابِعِ فِي عَاشِرِ ٱلشَّهْرِ. فِي يَوْمِ ٱلْكَفَّارَةِ تُعَبِّرُونَ ٱلْبُوقَ فِي جَمِيعِ أَرْضِكُمْ».

ص 23: 24 و27

تُعَبِّرُ بُوقَ ٱلْهُتَافِ أي تجيز البوق وهو يُهتف به. كان هذا البوق على ما عُرف من علماء الناموس مدة الهيكل الثاني قرناً مستقيماً من قرون الكباش وكان منفخه محاطاً بالذهب.

فِي يَوْمِ ٱلْكَفَّارَةِ تُعَبِّرُونَ ٱلْبُوقَ أي تهتفون بالبوق في أجزاء الأرض في ذلك اليوم. قال علماء الناموس مدة الهيكل الثاني كان اليهود في ختام يوم الكفارة يتحققون سلامة أذهانهم وإن أباهم السماوي غفر لهم خطاياهم وإنهم اتحدوا به أيضاً برحمته التي منحهم إياها فكان يُدعى كل إسرائيلي إلى أن ينادي في الأرض بالنفخ تسع مرات بالبوق ويفيد أنه آن راحة الأرض وعتق العبيد وإبراء الدين لأن الله أبرأهم من ديونهم فوجب عليهم أن يبرأوا مديونيهم مما لهم عليهم من الدَّين.

10 «وَتُقَدِّسُونَ ٱلسَّنَةَ ٱلْخَمْسِينَ، وَتُنَادُونَ بِٱلْعِتْقِ فِي ٱلأَرْضِ لِجَمِيعِ سُكَّانِهَا. تَكُونُ لَكُمْ يُوبِيلاً وَتَرْجِعُونَ كُلٌّ إِلَى مُلْكِهِ، وَتَعُودُونَ كُلٌّ إِلَى عَشِيرَتِهِ».

إشعياء 61: 2 و63: 4 وإرميا 34: 8 و15 و17 ولوقا 4: 19 ع 13 وعدد 36: 4

وَتُقَدِّسُونَ ٱلسَّنَةَ ٱلْخَمْسِينَ استنتج علماء الناموس مدة الهيكل الثاني من قوله «تقدسون السنة الخمسين» إن ابتداء عمل اليوبيل الصالح أول يوم من تشري الذي هو بدء السنة الذي يجب أن يُقدس. ولهذا كان أول السنة الجديدة أو أول تشري عند العبرانيين استعداداً ليوم الكفارة ولأول أعمال الرحمة التي بداءتها ذلك اليوم العظيم يوم الكفارة. ومن ثم ابتدأوا يحسبون دور اليوبيل من أول تشري الذي هو أول السنة الجديدة. مع أن المناداة بالأبواق كانت في اليوم العاشر أو في نهاية يوم الكفارة. وعلى ما في أقوال علماء دين اليهود مدة الهيكل الثاني من عيد الأبواق (أي أول تشري) إلى يوم الكفارة (أي 10 تشري) لا يُعتق العبيد لكي يرجعوا إلى بيوتهم ولا يمسكون لكي يخدموا أسيادهم بل يأكلون ويشربون ويفرحون ويلبسون الأكاليل. ومتى دخل يوم الكفارة نفخ القضاة في الأبواق وعُتق العبيد ورجعوا إلى بيوتهم وأُطلقت الكروم والحقول لمن يريد دخولها وأكل أثمارها.

وَتُنَادُونَ بِٱلْعِتْقِ فِي ٱلأَرْضِ لِجَمِيعِ سُكَّانِهَا أي لكل الإسرائيليين الذين يكونون هم أرباب الأرض حقيقة. ولهذا ذهب رؤساء دين اليهود القدماء أن شريعة اليوبيل لم تكن حقيقية إلا في مدة بقاء اليهود ساكنين الأرض باعتبار كونهم أمة لا بعد أن سبى فول وتغلث فلناسر سبطي رأوبين وجاد ونصف سبط منسى (1أيام 5: 26) لأن كل سكان الأرض لم يسكنوا فيها بعد. ومن الهتاف والمناداة بالحرية سُميت سنة اليوبيل «سنة الحرية» (حزقيال 46: 17).

تَكُونُ لَكُمْ يُوبِيلاً أي سنة يوبيل (انظر ع 13 و28 و40 و50 و52 و54). (ومعناها «سنة مناداة أو هتاف بالبوق» فإن معنى اليوبيل قرن الكبش والصوت الخارج منه بالنفخ أيضاً. والمعنى الأول حقيقي والمعنى الثاني مجازي).

وَتَرْجِعُونَ كُلٌّ إِلَى مُلْكِهِ الخ (انظر ع 39 و40).

11 «يُوبِيلاً تَكُونُ لَكُمُ ٱلسَّنَةُ ٱلْخَمْسُونَ. لاَ تَزْرَعُوا وَلاَ تَحْصُدُوا زِرِّيعَهَا وَلاَ تَقْطِفُوا كَرْمَهَا ٱلْمُحْوِلَ».

ع 5

يُوبِيلاً تَكُونُ لَكُمُ ٱلسَّنَةُ ٱلْخَمْسُونَ لما كانت السنة التاسعة والأربعون السنة السبتية والسنة المكملة الخمسين سنة اليوبيل كانت السنتان متواليتين بالضرورة.

لاَ تَزْرَعُوا كانت سنة اليوبيل كالسنة السبتية لا يجوز فيها الزرع ولا الحصاد.

وَلاَ تَحْصُدُوا زِرِّيعَهَا أي ما ينبت دون أن تزرعوه وذلك مما انتثر من حصاد العام الأول (انظر ع 5 والتفسير).

ٱلْمُحْوِلَ أي الذي لم يُقضب (انظر ع 5 والتفسير).

12 «إِنَّهَا يُوبِيلٌ. مُقَدَّسَةً تَكُونُ لَكُمْ. مِنَ ٱلْحَقْلِ تَأْكُلُونَ غَلَّتَهَا».

ع 6 و7

مِنَ ٱلْحَقْلِ تَأْكُلُونَ غَلَّتَهَا لأنها سنة اليوبيل الذي يجب أن يُعتبر فريضة مقدسة. وكان يحظر عليهم أن يذخروا غلتها بل كان لكل واحد أن يدخل الحقل أو الكرم ويجني ما يحتاج إليه في يومه.

13 «فِي سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ هٰذِهِ تَرْجِعُونَ كُلٌّ إِلَى مُلْكِهِ».

ع 10 وص 27: 24 وعدد 36: 4

تَرْجِعُونَ كُلٌّ إِلَى مُلْكِهِ كان كل يرجع في سنة اليوبيل إلى ملكه الذي كان قد خرج من يده ببيع أو بهبة.

14 «فَمَتَى بِعْتَ صَاحِبَكَ مَبِيعاً، أَوِ ٱشْتَرَيْتَ مِنْ يَدِ صَاحِبِكَ، فَلاَ يَغْبِنْ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ».

ص 19: 13 وع 17 و1صموئيل 12: 3 و4 وميخا 2: 2 و1كورنثوس 6: 8

فَلاَ يَغْبِنْ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ (الغبن الخداع والغلب في البيع والشراء فالمعنى لا يخدع أحدكم الآخر ويغلبه في البيع والشراء). لم تكتف الشريعة بالإنتصاف للمسكين برد ما باعه لعوزه إليه في اليوبيل فزادت على ذلك أن يرد الغابن للمغبون ما أخذه منه فيرد البائع ما أخذه زيادة على الثمن الذي يستحقه المبيع ويعطي الشاري ما نقصه المبيع عن الثمن الذي يستحقه. ولذلك قال علماء الدين إذا اشترى أحد أو باع شيئاً بزيادة سدس ما يستحقه وجب أن يُرد الزائد وإن كان الزيادة فوق السدس بطل البيع. ومعنى الأخ في العبارة أحد الناس أو الجماعة أو أهل الإيمان أو الجنس (انظر خروج 32: 27 وإرميا 31: 34).

15 «حَسَبَ عَدَدِ ٱلسِّنِينَ بَعْدَ ٱلْيُوبِيلِ تَشْتَرِي مِنْ صَاحِبِكَ، وَحَسَبَ سِنِي ٱلْغَلَّةِ يَبِيعُكَ».

ص 27: 18 و23

حَسَبَ عَدَدِ ٱلسِّنِينَ... تَشْتَرِي كانت أرض الميعاد يتوقع أن تقسم بالقرعة أجزاء متساوية على الإسرائيليين وكان النصيب ميراثاً أبدياً يرثه الخلَف عن السلَف ولذلك إذا اضطر أحد منهم إلى بيع شيء من أرضه ما كان يجوز للشاري أن يشتريه إلا لمدة بين اليوبيلين وكان عليه أن يرده إلى صاحبه في اليوبيل الثاني أو إلى أهل صاحبه إذا كان قد مات.

مِنْ صَاحِبِكَ أي أحد الإسرائيليين فإنه لو اشتراه أحد من الأمم ما رده إليه فيخرج من أملاك السبط ما هو من الميراث الأبدي.

حَسَبَ سِنِي ٱلْغَلَّةِ يَبِيعُكَ أي السنين الباقية لليوبيل الثاني وطرح السنة السبتية أيضاً لأنها ليست من سني الغلة.

16 «عَلَى قَدْرِ كَثْرَةِ ٱلسِّنِينَ تُكَثِّرُ ثَمَنَهُ، وَعَلَى قَدْرِ قِلَّةِ ٱلسِّنِينَ تُقَلِّلُ ثَمَنَهُ لأَنَّهُ عَدَدَ ٱلْغَلاَّتِ يَبِيعُكَ».

عَلَى قَدْرِ كَثْرَةِ ٱلسِّنِينَ... وَعَلَى قَدْرِ قِلَّةِ فإن كانت سنو الغلة كثيرة كان الثمن كثيراً وإن كانت قليلة كان الثمن قليلاً لأن الشاري لا بد من أن يرد ما اشتراه في سنة اليوبيل.

لأَنَّهُ عَدَدَ ٱلْغَلاَّتِ يَبِيعُكَ أي أنه يبيعك غلال الأرض في السنين الباقية لليوبيل لا الأرض نفسها.

17 «فَلاَ يَغْبِنْ أَحَدُكُمْ صَاحِبَهُ بَلِ ٱخْشَ إِلٰهَكَ. إِنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ».

ع 14 ص 19: 14 و32 وع 43

فَلاَ يَغْبِنْ أَحَدُكُمْ صَاحِبَهُ (انظر ع 14 والتفسير).

بَلِ ٱخْشَ إِلٰهَكَ لأنه ينتقم من المظلوم للظالم (انظر ص 19: 14).

18 «فَتَعْمَلُونَ فَرَائِضِي وَتَحْفَظُونَ أَحْكَامِي وَتَعْمَلُونَهَا لِتَسْكُنُوا عَلَى ٱلأَرْضِ آمِنِينَ».

ص 19: 37 ص 26: 5 وتثنية 12: 19 ومزمور 4: 8 وأمثال 1: 23 وإرميا 23: 6

فَتَعْمَلُونَ فَرَائِضِي أي الفرائض المذكورة من السنة السبتية واليوبيل وما يتعلق بهما من سنن الذبائح والتقدمات.

لِتَسْكُنُوا عَلَى ٱلأَرْضِ آمِنِينَ لأن إله إسرائيل حصن حصين وسور متين أي له كل القدرة على وقايتكم. ويُحصل على حفظه وحمايته بحفظ وصاياه.

19 «وَتُعْطِي ٱلأَرْضُ ثَمَرَهَا فَتَأْكُلُونَ لِلشَّبَعِ وَتَسْكُنُونَ عَلَيْهَا آمِنِينَ».

ص 26: 5 وحزقيال 34: 25 و27 و28

وَتُعْطِي ٱلأَرْضُ ثَمَرَهَا إن الذي فرض على إسرائيل تلك الفرائض يكلف الطبيعة بإعطائها الغلال فإذا كفوا عن زرعها كما أوصاهم جعلها تأتي بكل ما يحتاجون إليه من الغلال وجعلهم يسكنون الأرض آمنين فلا يضطرون أن يغزوا جيرانهم بغية الحصول على الطعام أو أن يخضعوا لهم لنيل ما يحتاجون إليه (1مكا 6: 49 و53 ويوسيفوس التاريخ القديم 14: 16و 15: 1).

20 «وَإِذَا قُلْتُمْ: مَاذَا نَأْكُلُ فِي ٱلسَّنَةِ ٱلسَّابِعَةِ إِنْ لَمْ نَزْرَعْ وَلَمْ نَجْمَعْ غَلَّتَنَا؟».

متّى 6: 25 و31 ع 4 و5

وَإِذَا قُلْتُمْ: مَاذَا نَأْكُلُ فِي ٱلسَّنَةِ ٱلسَّابِعَةِ ذكر الشارع هنا الاعتراض المترتب على ذلك قبل أن يذكروه لأن هذا الاعتراض يخطر على بالهم طبعاً لحاجتهم إلى قوام المعاش في السنة السبتية.

إِنْ لَمْ نَزْرَعْ لأننا نُهينا عن الزرع في تلك السنة (انظر ع 4).

وَلَمْ نَجْمَعْ غَلَّتَنَا لأننا نُهينا أيضاً عن جمع الغلة التي تأتي بلا زرع (انظر ع 7).

21 «فَإِنِّي آمُرُ بِبَرَكَتِي لَكُمْ فِي ٱلسَّنَةِ ٱلسَّادِسَةِ فَتَعْمَلُ غَلَّةً لِثَلاَثِ سِنِينَ».

خروج 16: 29 وتثنية 28: 8

فَإِنِّي آمُرُ بِبَرَكَتِي أي أنه يقضي بأمره الإلهي أن تأتي الأرض في السنة السادسة بغلة وافرة ولا بد أن يكون ما يقضي به (انظر تثنية 28: 8 ومزمور 42: 8 و44: 4 و68: 29).

فَتَعْمَلُ غَلَّةً لِثَلاَثِ سِنِينَ أي أجعل غلة السنة السادسة ثلاثة أضعاف غيرها من سني الغلال. وقد عوّدهم الله مثل ذلك فإنه كان يرسل لهم في اليوم السادس من الأسبوع اليومي ضعفي ما كان يرسله في غيره من أيامه (خروج 16: 22 - 27) وهو يفعل كذلك في السنة السادسة من الأسبوع السنوي بأن يبارك التربة فتأتي بثلاثة أضعاف الغلة المعتادة. ولما كان أول السنة السادسة من الأسبوع أول السنة المدنية أي أول شهر تشري وكان يقع في الخريف أو في شهر أيلول كانت الثلاث السنين المذكورة هنا (1) بقية السنة السادسة بعد الحصاد. و(2) كل السنة السابعة. و(3) مدة السنة الثامنة إلى الحصاد وهو حصاد الغلال مما يُزرع في السنة الثامنة. ونستدل من هذا على أن قوله «ماذا نأكل في السنة السابعة» المناسب أن يكون «ماذا نأكل في السنة الثامنة» لأن مؤونة السنة السابعة من غلال السنة السادسة كما لا يخفى. ويدفع هذا الإشكال بتعليق السنة السابعة «بقلتم» فيكون المعنى «وإذا قلتم في السنة السابعة ماذا نأكل» أي في الثامنة لأن مؤونتها من السابعة. وكذا ترجم العبارة بعض العلماء من اليهود في القرون المتوسطة وهي الترجمة الواضحة. فالالتباس وقع من تأخير السنة السابعة عن قوله «نأكل» فسبق إلى الدهن أنها ظرف «لنأكل» وهي ظرف «لقلتم» (وهذا على ما سبق إلى ذهنهم وأوشكوا أن يقولوه وإلا فبعد إنجاز الوعد بغلة السنة السادسة لا يبقى محل للاعتراض).

22 «فَتَزْرَعُونَ ٱلسَّنَةَ ٱلثَّامِنَةَ وَتَأْكُلُونَ مِنَ ٱلْغَلَّةِ ٱلْعَتِيقَةِ إِلَى ٱلسَّنَةِ ٱلتَّاسِعَةِ. إِلَى أَنْ تَأْتِيَ غَلَّتُهَا تَأْكُلُونَ عَتِيقاً».

2ملوك 19: 29 يشوع 5: 11 و12

فَتَزْرَعُونَ ٱلسَّنَةَ ٱلثَّامِنَةَ وَتَأْكُلُونَ مِنَ ٱلْغَلَّةِ ٱلْعَتِيقَةِ أي متى جمعتم غلة السنة الثامنة تروا أنه قد بقي لكم ما تأكلون من غلة السنة السادسة وهي السنة التي قبل الأسبوعية. والظاهر أن غلة السنة السادسة كانت تبقى إلى عيد المظال أي إلى أول تشري من السنة التاسعة.

إِلَى أَنْ تَأْتِيَ غَلَّتُهَا أي غلة السنة الثامنة التي تجمعونها في السنة التاسعة. والاعتراض في (ع 20) والجواب عليه أو دفعه في (ع 21 و22) متعلقان بالآية السابعة أو السنة السبتية أو الأسبوعية. ووضع الشارع (ع 20 - 22) هنا لأن الصعوبة وسنة اليوبيل أيضاً فإنه تُعطل الأرض حينئذ سنتين متواليتين فكان الاعتراض هنا ودفعه أولى مما لو ذُكر ودُفع في الآية السابعة.

23 «وَٱلأَرْضُ لاَ تُبَاعُ بَتَّةً، لأَنَّ لِيَ ٱلأَرْضَ وَأَنْتُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلاَءُ عِنْدِي».

تثنية 32: 43 و2أيام 7: 20 ومزمور 85: 1 ويوئيل 2: 18 و3: 2 1وأيام 29: 15 ومزمور 39: 12 و19: 19 و1بطرس 2: 11

وَٱلأَرْضُ لاَ تُبَاعُ بَتَّةً أي لا يجوز أن يخرج نصيب أحد من الإسرائيليين أو نسله من الأرض دائماً إذا ألجأه الفقر إلى بيعها. وطريق ذلك البيع وطريق الشراء في (ع 14 - 17). فإن الأرض المبيعة كانت تُرد إلى بائعها في أوقات معيّنة كما ذُكر آنفاً (انظر ع 12) وقد ذُكر ذلك في ما مرّ بالإجمال وذكره هنا بالتفصيل.

لأَنَّ لِيَ ٱلأَرْضَ وإذا كانت الأرض لي فلا يجوز لأحد أن يبيعها بيعاً باتاً لأن ليس للإنسان أن يبيع ما ليس له (خروج 15: 17 وإشعياء 14: 2 و25 وإرميا 2: 5 ومزمور 10: 16). وبما أن الله رب الأرض حق له أن يقسمها على أسباط إسرائيل لينتفعوا بها لا لكي يبيعوها أو يأخذ أحدهم ما للآخر إلى الأبد.

وَأَنْتُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلاَءُ عِنْدِي لم يقتصر الله على مساعدة بني إسرائيل ليملكوا أرض كنعان فقط بل ليختاروها مسكناً له ويقيموا مقدسه فيها (خروج 15: 13 وعدد 335: 34) فإذاً هو ملك الأرض ورب عرشها وإنه هو أقطعهم الأرض باختياره (ص 14: 34 و20: 24 و23: 10 وعدد 13: 2 و15: 2). وإنه يطردهم منها إذا خالفوا وصاياه (ص 18: 28 و20: 22 و26: 33 وتثنية 28: 63). ولهذا حسبوا غرباء ونزلاء وترتب على ذلك أن لا حق لهم أن يبيعوا الأرض بيعاً مطلقاً. وكيف يحق لهم وهي لله لا لهم.

24 «بَلْ فِي كُلِّ أَرْضِ مُلْكِكُمْ تَجْعَلُونَ فِكَاكاً لِلأَرْضِ».

تَجْعَلُونَ فِكَاكاً لِلأَرْضِ لما تبيّن أن الأرض لله وإنه لمجرد إحسانه سمح لهم أن يسكنوا فيها ووزعها عليهم بالسواء وجب أن لا تبقى الأرض في تصرف المشتري دائماً بل تبقى إلى سنة اليوبيل ما لم يكن للبائع أن يفكها. فإنه كان للبائع أن يفك أرضه في أي وقت شاء قبل سنة اليوبيل.

25 «إِذَا ٱفْتَقَرَ أَخُوكَ فَبَاعَ مِنْ مُلْكِهِ، يَأْتِي وَلِيُّهُ ٱلأَقْرَبُ إِلَيْهِ وَيَفُكُّ مَبِيعَ أَخِيهِ».

راعوث 2: 20 و4: 4 و6 راعوث 3: 2 و9 و12 وإرميا 32: 7 و8

إِذَا ٱفْتَقَرَ أَخُوكَ فَبَاعَ لأن الافتقار هو السبب الوحيد للبيع وإلا لم يجز البيع وهذا ما كان عليه علماء الشريعة في عصر الهيكل الثاني. وهذا ما دل عليه قول نابوت لآخاب «حَاشَا لِي مِنْ قِبَلِ ٱلرَّبِّ أَنْ أُعْطِيَكَ مِيرَاثَ آبَائِي» (1ملوك 21: 3).

يَأْتِي وَلِيُّهُ ٱلأَقْرَبُ إِلَيْهِ وَيَفُكُّ مَبِيعَ أَخِيهِ أي أقرب الناس إلى البائع اضطراراً للفقر يفك مبيع قريبه. وهذا كان من الواجب على ما يظهر كما كان الواجب على الإنسان أن يتزوج أرملة أخيه إذا لم يكن لها أولاد (راعوث 3: 13). وأن ينتقم لدم قريبه (عدد 35: 19 - 28 وتثنية 19: 6 - 12).

26 «وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ، فَإِنْ نَالَتْ يَدُهُ وَوَجَدَ مِقْدَارَ فِكَاكِهِ».

وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ لكي يفك أرضه (وقال بعض المفسرين) إذا يحتمل أن ليس له ولي أو أن له ولياً ولكن لا يستطيع أن يفك الأرض لفقره أيضاً.

فَإِنْ نَالَتْ يَدُهُ إن نجح بعد فقره وكان له ما يفك به أرضه وجب أن يفكها. قال علماء الناموس ولا يجوز له أن يفكها بأن يستدين الفكاك.

27 «يَحْسِبُ سِنِي بَيْعِهِ وَيَرُدُّ ٱلْفَاضِلَ لِلإِنْسَانِ ٱلَّذِي بَاعَ لَهُ فَيَرْجِعُ إِلَى مُلْكِهِ».

ع 50 و51 و52

يَحْسِبُ سِنِي بَيْعِهِ أي يقطع من الثمن الذي أخذه ثمن الغلال التي جناها المشتري في ما مضى من السنين قبل اليوبيل. فإذا كان مثلاً قد مرّ على البيع ثلاثون سنة كان على البائع أن يرد له ثمن الانتفاع في ما بقي إلى سنة اليوبيل فإن كان الباقي عشر سنين رد إليه ربع الثمن وقس على ذلك (هذا مقتضى ظاهر الآية). وقال علماء الناموس ليس للبائع أن يفك أرضه إلا بعد أن يجمع الشاري غلة سنتين منها على الأقل (انظر ع 15). قالوا وإن للشاري أن يطلب التعويض عما أتاه من التحسين.

فَيَرْجِعُ إِلَى مُلْكِهِ بعد ردّ الفاضل.

28 «وَإِنْ لَمْ تَنَلْ يَدُهُ كِفَايَةً لِيَرُدَّ لَهُ، يَكُونُ مَبِيعُهُ فِي يَدِ شَارِيهِ إِلَى سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فِي ٱلْيُوبِيلِ فَيَرْجِعُ إِلَى مُلْكِهِ».

ع 13

وَإِنْ لَمْ تَنَلْ يَدُهُ أي إن لم يستطع البائع أن يفك أرضه بأن يرد للشاري الفاضل له إلى سنة اليوبيل.

يَكُونُ مَبِيعُهُ الخ أي الأرض التي باعها تبقى للمشتري إلى حلول سنة اليوبيل وحينئذ تُرد إلى البائع بلا عوض. وغاية هذه الشريعة أن يبقى لكل بيت نصيبه من الأرض. وأن لا يستولي على الأرض كلها جماعة قليلة فيؤدي ذلك بكثيرين إلى الفقر المدقع. ولدفع مثل هذا وُضعت شريعة الميراث (عدد 27: 6 - 11 و36: 5 - 13). وكان مثل هذه الشريعة عند غير الإسرائيليين من الأمم القديمة. فكانت الأرض لا تُباع بيعاً مطلقاً ولا تُشرى بمقتضى الشريعة إذا كانت مما قُسم على السكان بالقرعة. وكان من سنن سولون أن ليس للإنسان أن يشتري ما شاء من الأرض. ومن سنن أفلاطون أن ليس لأحد أن يستولي على ما يزيد على أربعة أضعاف ما للملاّك الأدنى من الأرض.

29 «وَإِذَا بَاعَ إِنْسَانٌ بَيْتَ سَكَنٍ فِي مَدِينَةٍ ذَاتِ سُورٍ فَيَكُونُ فِكَاكُهُ إِلَى تَمَامِ سَنَةِ بَيْعِهِ. سَنَةً يَكُونُ فِكَاكُهُ».

بَيْتَ سَكَنٍ فِي مَدِينَةٍ ذَاتِ سُورٍ اختلفت شريعة البيع في المساكن التي في المدن ذوات الأسوار عن شريعة الأرض لأنها ليست من خلق الله (وإن تكن موادها من خلقه). انظر (ع 23) ولم تُقسم بأمر الله على أسباط إسرائيل بالقرعة لأنها صنع الناس فإنهم هم بنوها وإنهم يقدرون أن يهدموها متى شاءوا أو كما يتصورون. ولذلك شريعة اليوبيل لم تتعلق بتلك المساكن البشرية الوقتية. وكان للإسرائيلي أن يبيع بيته من دون أن يلجئه الفقر إلى بيعه على أن الله لم يتركه أن يبقى بلا مسكن هو وعياله ما دام قادراً على أن يفكه. وقيل مدة الهيكل الثاني في بيوت المدينة ذات السور «إنها بيوت قائمة في أرض قصد أن تسور في أول الأمر ليُبنى فيها مساكن للناس ثم يُنبت فيها المساكن ولكن إن كان البيت بُني قبل أن تسور الأرض خرج من حكم هذه الشريعة».

فَيَكُونُ فِكَاكُهُ إِلَى تَمَامِ سَنَةِ بَيْعِهِ لبائع البيت أن يفك بيته بعد مرور سنة كاملة على بيعه إياه وإن مات قبل نهاية السنة أو عند نهايتها فلولده أن يغلّه إذا شاء بالثمن الذي بيع به. وبعد أكثر من سنة من بيعه لا يبقى له حق أن يغله. وكان القول في مدة الهيكل الثاني أن ليس للبائع أن يفك البيت بمالٍ يستدينه.

30 «وَإِنْ لَمْ يُفَكَّ قَبْلَ أَنْ تَكْمُلَ لَهُ سَنَةٌ تَامَّةٌ وَجَبَ ٱلْبَيْتُ ٱلَّذِي فِي ٱلْمَدِينَةِ ذَاتِ ٱلسُّورِ بَتَّةً لِشَارِيهِ فِي أَجْيَالِهِ. لاَ يَخْرُجُ فِي ٱلْيُوبِيلِ».

وَإِنْ لَمْ يُفَكَّ أي إن لم يفكه البائع أو ابنه. قيل في عصر الهيكل الثاني إن قوله «سنة تامة» عبارة نافعة للبائع لكي يتمكن من فكاكه إذ يبقى له أن يفكه في آخر ساعة من السنة. إن بعض الشارين كان يغيب في آخر السنة لكي لا يبقى للبائع سبيلاً إلى الفكاك ولهذا كان للبائع أن يأتي بالفكاك لأُلي الأمر إن لم يجد الشاري. فكان للبائع حينئذ أن يكسر الباب ويستولي على كل ما في البيت. وكان البائع إذا مات الشاري قبل نهاية السنة يفك البيت من الوارث.

لاَ يَخْرُجُ فِي ٱلْيُوبِيلِ إذا لم يستطع البائع أن يفك البيت عند نهاية السنة من بيعه لا يخرج البيت من ملك الشاري كالأرض في سنة اليوبيل بل يبقى للشاري دائماً.

31 «لٰكِنَّ بُيُوتَ ٱلْقُرَى ٱلَّتِي لَيْسَ لَهَا سُورٌ حَوْلَهَا فَمَعَ حُقُولِ ٱلأَرْضِ تُحْسَبُ. يَكُونُ لَهَا فِكَاكٌ، وَفِي ٱلْيُوبِيلِ تَخْرُجُ».

لٰكِنَّ بُيُوتَ ٱلْقُرَى ٱلَّتِي لَيْسَ لَهَا سُورٌ كانت بيوت القرى جزءاً من الأرض فكان حكم بيعها حكم بيع الأرض تُرد إلى البائع في سنة اليوبيل بلا عوض.

32 «وَأَمَّا مُدُنُ ٱللاَّوِيِّينَ، بُيُوتُ مُدُنِ مُلْكِهِمْ، فَيَكُونُ لَهَا فِكَاكٌ مُؤَبَّدٌ لِلاَّوِيِّينَ».

عدد 35: 2 ويشوع 21: 2 الخ

وَأَمَّا مُدُنُ ٱللاَّوِيِّينَ أي إن بيوت اللاويين في المدن الثماني والأربعين مستثناة من حكم بيوت المدن المسوّرة (عدد 35: 1 - 8 ويشوع 21: 1 - 3).

فَيَكُونُ لَهَا فِكَاكٌ أي وقت شاء البائع وتُرد في سنة اليوبيل.

33 «وَٱلَّذِي يَفُكُّهُ مِنَ ٱللاَّوِيِّينَ ٱلْمَبِيعَ مِنْ بَيْتٍ أَوْ مِنْ مَدِينَةِ مُلْكِهِ يَخْرُجُ فِي ٱلْيُوبِيلِ، لأَنَّ بُيُوتَ مُدُنِ ٱللاَّوِيِّينَ هِيَ مُلْكُهُمْ فِي وَسَطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ».

ع 28

ٱلَّذِي يَفُكُّهُ مِنَ ٱللاَّوِيِّينَ أي الذي يفكه اللاوي من مبيع لاوي آخر باعه لفقره. والمعنى أن شريعة الفكاك واليوبيل تجري على اللاويين كما تجري على غيرهم.

مِنْ بَيْتٍ أَوْ مِنْ مَدِينَةِ مُلْكِهِ يَخْرُجُ فِي ٱلْيُوبِيلِ أي يرجع إليه في سنة اليوبيل ويخرج من ملك الشاري.

لأَنَّ بُيُوتَ مُدُنِ ٱللاَّوِيِّينَ هِيَ مُلْكُهُمْ كالأرض لغيرهم فحكم هذه البيوت كحكم الأرض التي قُمست على سائر الأسباط.

34 «وَأَمَّا حُقُولُ ٱلْمَسَارِحِ لِمُدُنِهِمْ فَلاَ تُبَاعُ، لأَنَّهَا مُلْكٌ دَهْرِيٌّ لَهُمْ».

أعمال 4: 36 و37

وَأَمَّا حُقُولُ ٱلْمَسَارِحِ لِمُدُنِهِمْ فَلاَ تُبَاعُ كان لمدن اللاويين ضواحي أو مسارح لبهائمهم وحقول للزراعة (عدد 35: 4 و5) فتلك الحقول الزراعية التي في الضواحي مُنع بيعها وكذلك المسارح. وعلى ما عُرف من علماء الدين اليهودي مدة الهيكل الثاني إن معنى لفظة «تُباع» أوسع من المعنى المتعارف وهو أنه لا يجوز لهم أن يحولوا الحقول إلى المسارح أيضاً كما لا يجوز أن يبيعوها ولا أن يبيعوا المسارح.

لأَنَّهَا مُلْكٌ دَهْرِيٌّ لَهُمْ يرثها الخَلف عن السلَف ولا يجوز أن تخرج إلى غيرهم.

35 «وَإِذَا ٱفْتَقَرَ أَخُوكَ وَقَصُرَتْ يَدُهُ عِنْدَكَ، فَٱعْضُدْهُ غَرِيباً أَوْ مُسْتَوْطِناً فَيَعِيشَ مَعَكَ».

تثنية 15: 7 و8 ومزمور 37: 26 و41: 1 و115: 5 و9 وأمثال 14: 31 ولوقا 6: 35 وأعمال 11: 29 ورومية 12: 10 و1يوحنا 3: 17

وَإِذَا ٱفْتَقَرَ أَخُوكَ هذا الجزء من شريعة اليوبيل يتعلق بعتق الإسرائيليين الذين ألجأهم الفقر إلى أن يبيعوا أنفسهم عبيداً (ع 39 - 55) ابتُدئ بكلام يحرك عاطفة الحنو والشفقة للإحسان إلى الأخ الفقير ومساعدته (ع 35 - 38).

وَقَصُرَتْ يَدُهُ عِنْدَكَ أي ضعفت فلم يستطع تحصيل أسباب المعاش مثلك. سبق القول في هذه الشريعة على رد المبيع من الأرض إلى من باعه من الفقر وتكلم هنا على من باع أرضه ولم يكفه ثمنها إلى اليوبيل فافتقر قبل أن يأتي يوم اليوبيل.

فَٱعْضُدْهُ متى ضعفت يده وقصرت عن تحصيل أسباب الحياة. كان على كل إسرائيلي أن يساعد قصير اليد عن وسائل المعاش.

غَرِيباً أَوْ مُسْتَوْطِناً (انظر تفسير ص 19: 33 و34).

36 «لاَ تَأْخُذْ مِنْهُ رِباً وَلاَ مُرَابَحَةً بَلِ ٱخْشَ إِلٰهَكَ، فَيَعِيشَ أَخُوكَ مَعَك».

خروج 22: 25 وتثنية 23: 19 ونحميا 5: 7 ومزمور 15: 5 وأمثال 28: 8 وحزقيال 18: 8 و13 و17 و22: 12 ع 17 ونحميا 5: 9

لاَ تَأْخُذْ مِنْهُ رِباً وَلاَ مُرَابَحَةً أي أقرضه ما يصلح به شأنه ولا تستوف أكثر مما أقرضته. وقال علماء الدين اليهودي مدة الهيكل الثاني في بيان الفرق بين الربا والمرابحة ما مترجمه إذا دان إنسان إنساناً آخر شاقلاً وهو أربعة دنانير واستوفاه خمسة دنانير أو إذا دانه كيلين من القمح واستوفى ثمن ثلاثة أكيال فذلك رباً. وإذا اشترى إنسان من آخر قمحاً بخمسة وعشرين ديناراً عن كل كيل مثلاً ثم ارتفع سعر الكيل إلى ثلاثين ديناراً فقال الشاري للبائع اعطني القمح فإني أريد أن أبيعه وأشتري خمراً. فقال البائع إني اشتري منك القمح الكيل بثلاثين ديناراً وأعطيك بدلاً منه خمراً ولم يكن عند البائع خمر فذلك مرابحة مع أنه ربما ارتفع سعر الخمر فخسر البائع بهذا البدل.

37 «فِضَّتَكَ لاَ تُعْطِهِ بِٱلرِّبَا، وَطَعَامَكَ لاَ تُعْطِ بِٱلْمُرَابَحَةِ».

هذه الآية تكرار التي قبلها للتأكيد والتقرير. وفيها تمييز بين الربا والمرابحة في أن الربا يكون في الدراهم والمرابحة تكون في الغلال أو الأطعمة.

38 «أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمُ ٱلَّذِي أَخْرَجَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لِيُعْطِيَكُمْ أَرْضَ كَنْعَانَ فَيَكُونَ لَكُمْ إِلٰهاً».

خروج 21: 2 وتثنية 15: 12 و1ملوك 9: 22 و2ملوك 4: 1 ونحميا 5: 5 وإرميا 34: 14 خروج 1: 14 وع 46 وإرميا 25: 14 و27: 7 و30: 8

ٱلَّذِي أَخْرَجَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ كأنه قال لهم افدوا إخوتكم من ضيق الفقر والعوز كما فديتكم من عبودية مصر (انظر ص 12: 45).

39 «وَإِذَا ٱفْتَقَرَ أَخُوكَ عِنْدَكَ وَبِيعَ لَكَ، فَلاَ تَسْتَعْبِدْهُ ٱسْتِعْبَادَ عَبْدٍ».

خروج 21: 2 وتثنية 15: 12 و1ملوك 9: 22 و2ملوك 4: 1 ونحميا 5: 5 وإرميا 34: 14 خروج 1: 14 وع 46 وإرميا 25: 14 و27: 7 و30: 8

إِذَا ٱفْتَقَرَ أَخُوكَ عِنْدَكَ أي إذا افتقر أخوك الغريب منك بعد أن ساعدته واحتاج إلى أسباب المعاش.

وَبِيعَ لَكَ أي باعك نفسه عبداً ليحصل على ما به قوام الحياة.

فَلاَ تَسْتَعْبِدْهُ ٱسْتِعْبَادَ عَبْدٍ أي لا تعامله معاملة عبد من الأمم تشتريه أو تأسره وتكلفه بالأعمال التي يكلف بها ذلك العبد. قال رؤساء الدين اليهودي في عصر الهيكل الثاني «إن من الأعمال التي لا يجوز أن يكلف بها بائع نفسه من الإسرائيليين ويكلف بها غيره من العبيد المشي وراء سيده في الطريق وحل سيور حذائه وما أشبه ذلك».

40 «كَأَجِيرٍ كَنَزِيلٍ يَكُونُ عِنْدَكَ. إِلَى سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ يَخْدِمُ عِنْدَكَ».

كَأَجِيرٍ كَنَزِيلٍ يَكُونُ عِنْدَكَ أي يكون بمنزلة من يعمل عندك بالأجرة وكالضيف عندك لأنه يعمل إلى أجَل معيّن ثم يكون سيّد نفسه.

إِلَى سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ يَخْدِمُ عِنْدَكَ ولا سلطة لك عليه بعد سنة اليوبيل فشريعة بيع النفس كشريعة بيع الأرض.

41 «ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ عِنْدِكَ هُوَ وَبَنُوهُ مَعَهُ وَيَعُودُ إِلَى عَشِيرَتِهِ، وَإِلَى مُلْكِ آبَائِهِ يَرْجِعُ».

خروج 21: 3 ع 28

ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ عِنْدِكَ ويستولي على حريته السابقة ويأخذ معه أهل بيته وتُرد إليه أيضاً أرضه التي باعها.

42 «لأَنَّهُمْ عَبِيدِي ٱلَّذِينَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لاَ يُبَاعُونَ بَيْعَ ٱلْعَبِيدِ».

ع 55 ورومية 6: 22 و1كورنثوس 7: 23

لأَنَّهُمْ عَبِيدِي هذا رباط شريعة الاستعباد الإسرائيلي وهو أن الإسرائيليين الذين ألجأهم الفقر إلى أن يبيعوا أنفسهم لإخوتهم الإسرائيليين هم عبيد الله لا عبيد إخوتهم فإن الله هو ربهم كما أنه رب سادتهم الذين اشتروهم فإنه يفديهم ليخدموه كما فدى كل الإسرائيليين من عبودية مصر لذلك فلا فرق في ذلك بين العبد والحرّ.

لاَ يُبَاعُونَ بَيْعَ ٱلْعَبِيدِ كالأملاك الشخصية والبهائم. وفسّر رؤساء الدين اليهودي ذلك في عصر الهيكل الثاني بأن الإسرائيلي لا يباع بالمزايدة أو في الأسواق والأماكن العامة بل في السرّ أو الانفراد وبأسلوب كرامة ومراعاة شعوره وانفعالاته أحسن مراعاة.

43 «لاَ تَتَسَلَّطْ عَلَيْهِ بِعُنْفٍ. بَلِ ٱخْشَ إِلٰهَكَ».

خروج 1: 13 وع 46 وأفسس 6: 9 وكولوسي 4: 1 خروج 1: 17 و21 وع 17 وتثنية 25: 18 وملاخي 3: 5

لاَ تَتَسَلَّطْ عَلَيْهِ بِعُنْفٍ ما كان لمن يشتري أخاه الإسرائيلي أن يثقل عليه الخدمة كالعبد غير الإسرائيلي.

44 «وَأَمَّا عَبِيدُكَ وَإِمَاؤُكَ ٱلَّذِينَ يَكُونُونَ لَكَ فَمِنَ ٱلشُّعُوبِ ٱلَّذِينَ حَوْلَكُمْ. مِنْهُمْ تَقْتَنُونَ عَبِيداً وَإِمَاءً».

وَأَمَّا عَبِيدُكَ وَإِمَاؤُكَ إذ لم يكن للإسرائيلي أن يستعبد من يشتريه من الإسرائيليين كما يستعبد غيره من الأمم فينزهه عن الأعمال الدنيئة كحل سيور الحذاء والسير خلفه في الطريق ينشأ عن ذلك هذا الاعتراض وهو «إن كان لا يجوز لي أن أكلف من أشتريه من إخوتي بما أحتاج إليه من الأعمال مطلقاً فمن أكلف» فكانت هذه الآية دفعاً لذلك الاعتراض.

فَمِنَ ٱلشُّعُوبِ ٱلَّذِينَ حَوْلَكُمْ أي من الأمم تقتنون عبيداً للقيام بالأعمال التي لا يجوز لكم أن تكلفوا بها من تشترون من إخوتكم الإسرائيليين فخذوا لذلك عبيداً من العمونيين والموآبيين والأدوميين والسريان الذين هم جيران لكم. إنه لم يكن مع ذلك للإسرائيليين أن يشتروا أو يستعبدوا أحداً من الأمم السبع التي بينهم وهي الأمم التي أُمروا أن يهلكوها (تثنية 20: 16 - 18).

45 «وَأَيْضاً مِنْ أَبْنَاءِ ٱلْمُسْتَوْطِنِينَ ٱلنَّازِلِينَ عِنْدَكُمْ، مِنْهُمْ تَقْتَنُونَ وَمِنْ عَشَائِرِهِمِ ٱلَّذِينَ عِنْدَكُمُ ٱلَّذِينَ يَلِدُونَهُمْ فِي أَرْضِكُمْ، فَيَكُونُونَ مُلْكاً لَكُمْ».

إشعياء 56: 3 و6

أَيْضاً مِنْ أَبْنَاءِ ٱلْمُسْتَوْطِنِينَ أي الغرباء المقيمين بأرضكم. قال علماء الدين اليهودي هؤلاء من الغرباء الذين سُمح لهم أن يقيموا بالأرض المقدسة على شرط أن يخضعوا للوصايا السبع التي أوصي بها نوح ولم يتهودوا وعلى ذلك جاء في الترجمة الكلدانية «أولاد الغرباء الغلف».

فَيَكُونُونَ مُلْكاً لَكُمْ هؤلاء دون العبرانيين كانوا ملكاً لسادتهم كسائر أملاكهم من عقارات وبهائم.

46 «وَتَسْتَمْلِكُونَهُمْ لأَبْنَائِكُمْ مِنْ بَعْدِكُمْ مِيرَاثَ مُلْكٍ. تَسْتَعْبِدُونَهُمْ إِلَى ٱلدَّهْرِ. وَأَمَّا إِخْوَتُكُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَلاَ يَتَسَلَّطْ إِنْسَانٌ عَلَى أَخِيهِ بِعُنْفٍ».

إشعياء 14: 2 ع 39 و43

وَتَسْتَمْلِكُونَهُمْ لأَبْنَائِكُمْ مِنْ بَعْدِكُمْ مِيرَاثَ مُلْكٍ أي يكونون ملكاً لكم كسائر الأملاك فتنتقل إلى أبنائكم بالوراثة كالأرض.

تَسْتَعْبِدُونَهُمْ إِلَى ٱلدَّهْرِ فلا يُعتقون في سنة اليوبيل فيبقون عبيداً أبداً ما لم يفتدوا أنفسهم هم أو يفتدهم أصدقاؤهم أو يعطّل سادتهم شيئاً من أعضائهم (انظر خروج 21: 26 و27). قال رؤساء الدين اليهودي إن سلطان السادة على هذا النوع من العبيد مقصور على أعمالهم فليس لهم أن يسيئوا إليهم ولا أن يحملوهم على العار.

وَأَمَّا إِخْوَتُكُمْ الخ سمى الذين يشتريهم الإسرائيليون من الإسرائيليين إخوة لا عبيداً لأنهم كانوا بمنزلة المستأجرين إلى حين وهم إخوتهم في الجنس والدين والميراث لأرض الميعاد. وكان علماء الدين اليهودي في عصر الهيكل الثاني يعلّمون أنه لا فرق بين السيد العبراني وعبده العبراني في الطعام اليومي واللباس والمسكن وإنهما يجب أن يكونا سيّين في ذلك.

47 «وَإِذَا طَالَتْ يَدُ غَرِيبٍ أَوْ نَزِيلٍ عِنْدَكَ، وَٱفْتَقَرَ أَخُوكَ عِنْدَهُ وَبِيعَ لِلْغَرِيبِ ٱلْمُسْتَوْطِنِ عِنْدَكَ أَوْ لِنَسْلِ عَشِيرَةِ ٱلْغَرِيبِ».

ع 25 و35

إِذَا طَالَتْ يَدُ غَرِيبٍ أَوْ نَزِيلٍ عِنْدَكَ أي إذا أثرى الغريب أو المستوطن عندك من الغرباء بالتجارة فليس عليه إلا أن يطيع الوصايا السبع التي أعطيها نوح فهو غير مجبر على أن يدين باليهودية ولهذا جاء في الترجمة الكلدانية «إذا طالت يد الأغلف النزيل عندك».

وَٱفْتَقَرَ أَخُوكَ عِنْدَهُ أي خسر أخوك بالتجارة معه فافتقر.

وَبِيعَ لِلْغَرِيبِ أي وباع الغريب نفسه. وجاء في الترجمة الكلدانية «وباع الغريب الأغلف المستوطن عندك نفسه».

أَوْ لِنَسْلِ عَشِيرَةِ ٱلْغَرِيبِ أي المولود من عشيرة غريبة.

48 «فَبَعْدَ بَيْعِهِ يَكُونُ لَهُ فِكَاكٌ. يَفُكُّهُ وَاحِدٌ مِنْ إِخْوَتِهِ».

نحميا 5: 5

فَبَعْدَ بَيْعِهِ يَكُونُ لَهُ فِكَاكٌ هذه الشريعة عكس الشريعة التي يبيع بها الغريب نفسه والشاري عبراني إذ الغريب المبيع لعبراني ليس له أن يفك نفسه فيبقى عبداً إلى الأبد لكن العبراني المبيع للغريب يُفك. بل يجب على ما عُلم من قولهم في عصر الهيكل الثاني. قالوا «ويجب على أقرباء المبيع أو جماعته أن يفكوه بما يمكن من السرعة». وعلى هذا جاء في الترجمة الكلدانية القديمة «يجب أن يُفك سريعاً». بقي هنا أن يُقال وماذا يفعل الإسرائيليون إذا أبى الغريب أن يقبل ما يفك به الإسرائيلي وعاملهم كما يعاملون الغريب فالكتاب لم يذكر شيئاً من ذلك. قلنا ما لنا إلا أن نظن أن الإسرائيلي ما كان له أن يبيع نفسه إلا على شرط الفكاك أو إن الفاك كان يؤدي بدلاً كبيراً.

49 «أَوْ يَفُكُّهُ عَمُّهُ أَوِ ٱبْنُ عَمِّهِ، أَوْ يَفُكُّهُ وَاحِدٌ مِنْ أَقْرِبَاءِ جَسَدِهِ مِنْ عَشِيرَتِهِ، أَوْ إِذَا نَالَتْ يَدُهُ يَفُكُّ نَفْسَهُ».

ع 26

أَوْ يَفُكُّهُ عَمُّهُ أَوِ ٱبْنُ عَمِّهِ الخ أي يجب أن يفكه الأقرب إليه نسباً ولهذا جاء في القوانين اليهودية «إذا باع عبراني نفسه لغريب ولم يقدر أن يفك نفسه وجب على قريبه أن يفكه. نعم إن السنهدريم يجبر القريب على أن يفكه لئلا يضيع بين الأمم. وإن لم يفكه قريبه ولم يستطع هو أن يفك نفسه فكل رجل من إسرائيل مكلف أن يفكه. ولكنه إذا بيع لإسرائيلي فليس على قريبه أن يفكه وليس له أن يستدين ليفك نفسه ولا أن يفك نفسه بالتقسيط». ويؤيد هذا ما جاء في سفر نحميا وهو قوله «نَحْنُ ٱشْتَرَيْنَا إِخْوَتَنَا ٱلْيَهُودَ ٱلَّذِينَ بِيعُوا لِلأُمَمِ حَسَبَ طَاقَتِنَا. وَأَنْتُمْ أَيْضاً تَبِيعُونَ إِخْوَتَكُمْ فَيُبَاعُونَ لَنَا» (نحميا 5: 8).

50 - 52 «50 فَيُحَاسِبُ شَارِيَهُ مِنْ سَنَةِ بَيْعِهِ لَهُ إِلَى سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ، وَيَكُونُ ثَمَنُ بَيْعِهِ حَسَبَ عَدَدِ ٱلسِّنِينَ. كَأَيَّامِ أَجِيرٍ يَكُونُ عِنْدَهُ. 51 إِنْ بَقِيَ كَثِيرٌ مِنَ ٱلسِّنِينِ فَعَلَى قَدْرِهَا يَرُدُّ فِكَاكَهُ مِنْ ثَمَنِ شِرَائِهِ. 52 وَإِنْ بَقِيَ قَلِيلٌ مِنَ ٱلسِّنِينَ إِلَى سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ يَحْسِبُ لَهُ وَعَلَى قَدْرِ سِنِيهِ يَرُدُّ فِكَاكَهُ».

أيوب 7: 1 وإشعياء 16: 14 و21: 16

فَيُحَاسِبُ شَارِيَهُ أي الإنسان المبيع إذا قدر أن يفك نفسه أو قريبه. قال علماء الدين مدة الهيكل الثاني وأصابوا أن هذه الآية توجب على العبرانيين أن يعاملوا السادة من الأمم بالحسنى وأن يؤدّوهم البدل الواجب بمقتضى عدد السنين الباقية إلى اليوبيل وأن لا يأخذوا ربحاً من الوثني.

53 «كَأَجِيرٍ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ يَكُونُ عِنْدَهُ. لاَ يَتَسَلَّطْ عَلَيْهِ بِعُنْفٍ أَمَامَ عَيْنَيْكَ».

كَأَجِيرٍ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ يَكُونُ عِنْدَهُ أي يجب عليكم أن لا تدعوا الغريب يستخدم من اشتراه من إخوتكم كما يستخدم السيّد عبده بل أن يستخدمه كأجير المساناة وإنه يحرّر بعد الوقت المعيّن.

لاَ يَتَسَلَّطْ عَلَيْهِ بِعُنْفٍ أي الغريب الذي اشتراه.

أَمَامَ عَيْنَيْكَ حُذّر الإسرائيلي هنا من السكوت على ما يشاهده من قسوة السيد الغريب على أخيه. ومع أنه لم يكره ذلك الجور كما كرهه الشارع نفسه (خروج 2: 11 و12) كان لا بد له من أن يوبخ الوثني على قساوته وأن يحامي عن أخيه على قدر طاقته.

54 «وَإِنْ لَمْ يُفَكَّ بِهٰؤُلاَءِ يَخْرُجُ فِي سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ هُوَ وَبَنُوهُ مَعَهُ».

ع 48 و49 خورج 21: 2 و3 وع 41

وَإِنْ لَمْ يُفَكَّ بِهٰؤُلاَءِ الإشارة إلى أقربائه وغيرهم ممن يجب عليهم أن يفكوه إذا لم يستطع أن يفك نفسه (انظر ع 48 و49). والمعنى إن لم يفكه أقرباؤه إذا عجز عن فك نفسه يُحرّر في سنة اليوبيل (انظر ع 40). فكان على الأمم أن يخضعوا لشريعة اليوبيل كالعبرانيين.

55 «لأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِي عَبِيدٌ. هُمْ عَبِيدِي ٱلَّذِينَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ. أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ».

ع 42

لأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِي عَبِيدٌ الخ (انظر ع 38 و42 والتفسير).

اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ وَٱلْعِشْرُونَ

1 «لاَ تَصْنَعُوا لَكُمْ أَوْثَاناً، وَلاَ تُقِيمُوا لَكُمْ تِمْثَالاً مَنْحُوتاً أَوْ نَصَباً، وَلاَ تَجْعَلُوا فِي أَرْضِكُمْ حَجَراً مُصَوَّراً لِتَسْجُدُوا لَهُ. لأَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ».

خروج 20: 4 و5 وتثنية 5: 8 و16: 22 و27: 15 ومزمور 97: 7

لاَ تَصْنَعُوا لَكُمْ أَوْثَاناً الآية الأولى والآية الثانية من هذا الأصحاح قسم من الفصل السابق من الأصحاح الخامس والعشرين. وعلاقتهما بالأصحاح السابق أن الإسرائيليين الذين ألجأهم الفقر أن بيبعوا أنفسهم للوثنيين عبيداً كانوا عرضة للسقوط في العبادة الوثنية لمشاهدتهم عبادتها وهم عند سادتهم فنهاهم عن صنع الأوثان وأمرهم بحفظ السبت لأن الوثنيين كانوا يدنسونه ولأن حفظه واقٍ من عبادة الأوثان. والأمران جوهريان لأنهما من مواضيع وصايا الله العشر. وقد جُمعا في (ص 19: 3 و4) فارجع إلى التفسير.

وَلاَ تُقِيمُوا لَكُمْ تِمْثَالاً مَنْحُوتاً أَوْ نَصَباً التمثال الشخص المنحوت من حجر أو غيره ليمثل إلهاً وثنياً أو يشخّص له إسرائيل عزّ وجلّ ونُزّه عن ذلك وعلا علواً كبيراً (خروج 20: 19 و20 وتثنية 4: 15 و16). و «النّصَب» حجر أو عمود يُنصب ليُذبح عليه لغير الله عند الوثنيين ويُعبد. (جمعه أنصاب وقد ذُكرت في أقوال بعض شعراء العرب الجاهلية قال عديّ الملقب بالمهلهل:

Table 10. 

كلاَّ وأنصاب لنا عاديّةمعبودة قد قُطّعت تقطيعا    

وكانت الأنصاب من معبودات الفينيقيين ومذابحهم). وكان الآباء الأولون يقيمون مثل تلك الأنصاب للإله الحق (تكوين 28: 18 و22) ولكنهم يعبدون الله لا إياها. وقد أتت في الكتاب المقدس بمعنى الأصنام فتمثال البعل في سفر الملوك الثاني هو نصب البعل في العبراني (2ملوك 3: 2). (وجاءت بهذا المعنى في العربية أيضاً فالصنم كل ما يُعبد سوى الله من صورة وتمثال وحجر وخشب وغير ذلك من المواد). وقال المفسرون إن المقصود بالنصب في الأصل عمود أو حجر منصوب (تكوين 28: 18 و22 و31: 13 الخ) وإنه كان حجراً بسيطاً بلا صورة ولم يندر أنه ينصب لله نفسه لكن لما زاغ كثير من الناس عن طريق الحق أخذ بعضهم ينصبه لغير الله (قابل ما في تكوين 28: 18 و22 و31: 13 و35: 14 بما في خروج 23: 24 و34: 13 الخ).

وَلاَ تَجْعَلُوا فِي أَرْضِكُمْ حَجَراً مُصَوَّراً الخ فّسر ذلك رؤساء الدين اليهودي في عصر الهيكل الثاني بقولهم لا تتخذوا في أرضكم صوراً من الحجر فتعبدوا الحجارة أي الحجارة المنصوبة على أرض مكان العبادة التي يطرح عليها العابدون أنفسهم ويتذللون لها ليظهروا عبادتهم لها. فكان الحجر نوع من العلاقات التي تستلفت الساجد إلى ذاتها حتى يطرح نفسه عليها بالتذلل الديني. قال رؤساء الدين اليهودي إن بلاط الهيكل كان من تلك الحجارة فكان من الجائز أن يبلط بها القدس ولكن لم يجز أن تستخدم في العبادة خارج الهيكل. وعلى هذا جاء في الترجمة الكلدانية «لا تصنعوا في أرضكم حجراً مصوراً لتطرحوا أنفسكم عليه لكن المبلط المصور عليه الهيئات أو الصور للزينة لكم أن تضعوه في أرض مقدسكم لكن لا تنحنوا عليه» أي كما ينحني الوثنيون. وكان من القانون اليهودي القديم «لا تطرحوا أنفسكم على الحجارة إلا حجارة القدس». (والحق الواضح الذي تفيده العبارة النهي عن عبادة الحجارة التي عليها الصور فإذا جمعنا القول السابق في الأوثان والأنصاب إلى هذا كان المعنى لا تعبدوا الأوثان ولا شيئاً من الحجارة التي بلا صور أو الحجارة التي عليها صور).

2 «سُبُوتِي تَحْفَظُونَ وَمَقْدِسِي تَهَابُونَ. أَنَا ٱلرَّبُّ».

ص 19: 30

سُبُوتِي تَحْفَظُونَ هذه الوصية عينها ذُكرت في (ص 19: 30) وكُررت هنا لخطر أن يدنّس السبت الإسرائيليون الذين باعوا أنفسهم للأمم. وكان الإسرائيليون يوقون من عبادة الأصنام بتقديسهم السبت واحترامهم قدس الله.

3 «إِذَا سَلَكْتُمْ فِي فَرَائِضِي وَحَفِظْتُمْ وَصَايَايَ وَعَمِلْتُمْ بِهَا».

تثنية 11: 13 و14 و15 و28: 1 إلى 14

إِذَا سَلَكْتُمْ فِي فَرَائِضِي هذه الآية أول آيات الأصحاح السادس والعشرين في العبرانية وكان يجب أن تكون كذلك في العربية. بعد أن أوضح الشارع للإسرائيليين ما يجب من الرسوم والأوامر والنواهي الأدبية الضرورية للقداسة والسعادة والصحة أخذ يبيّن لهم ما ينتج من السعادة من إطاعتهم للشرائع ومراعاتها بالأمانة وما يترتب على تعديّها من العقاب.

4 «أُعْطِي مَطَرَكُمْ فِي حِينِهِ، وَتُعْطِي ٱلأَرْضُ غَلَّتَهَا، وَتُعْطِي أَشْجَارُ ٱلْحَقْلِ أَثْمَارَهَا».

تثنية 11: 13 و14 و15 و28: 1 إلى 14 إشعياء 30: 23 وحزقيال 34: 26 ويوئيل 2: 23 و24 مزمور 67: 6 و85: 12 وحزقيال 34: 27 و36: 30 وزكريا 8: 12

أُعْطِي مَطَرَكُمْ فِي حِينِهِ أي المطر المبكر والمطر المتأخر (تثنية 11: 14). ووقت المطر المبكر في فلسطين من منتصف تشرين الأول إلى كانون الأول. وهذا المطر يُعد الأرض لقبول البذار. والمطر المتأخر ما يقع في شهري آذار ونيسان قبل الحصاد بقليل. وقد وعد الله شعبه بمثل هذا الوعد بقوله «أُنْزِلُ عَلَيْهِمِ ٱلْمَطَرَ فِي وَقْتِهِ فَتَكُونُ أَمْطَارَ بَرَكَةٍ» (حزقيال 34: 26).

5 «وَيَلْحَقُ دِرَاسُكُمْ بِٱلْقِطَافِ، وَيَلْحَقُ ٱلْقِطَافُ بِٱلزَّرْعِ، فَتَأْكُلُونَ خُبْزَكُمْ لِلشَّبَعِ وَتَسْكُنُونَ فِي أَرْضِكُمْ آمِنِينَ».

عاموس 9: 13 ص 25: 19 وتثنية 11: 15 ويوحنا 2: 19 و26 ص 25: 18 وأيوب 11: 18 وحزقيال 34: 25 و27 و28

يَلْحَقُ دِرَاسُكُمْ بِٱلْقِطَافِ أي لكثرة غلال الحبوب لا تفرغون من درسها وذلك في أيار حتى يدرككم وقت قطاف العنب وهو يكون في نحو تموز (أو آب).

وَيَلْحَقُ ٱلْقِطَافُ بِٱلزَّرْعِ أي يكثر العنب كثيراً حتى أنكم لا تفرغون من قطافه قبل أن يأتي وقت الزرع وذلك في نحو شهر تشرين الأول. وهذا الوعد يشبه الوعد في نبوءة عاموس وهو قوله تعالى «يُدْرِكُ ٱلْحَارِثُ ٱلْحَاصِدَ، وَدَائِسُ ٱلْعِنَبِ بَاذِرَ ٱلزَّرْعِ» (عاموس 9: 13).

6 «وَأَجْعَلُ سَلاَماً فِي ٱلأَرْضِ، فَتَنَامُونَ وَلَيْسَ مَنْ يُزْعِجُكُمْ. وَأُبِيدُ ٱلْوُحُوشَ ٱلرَّدِيئَةَ مِنَ ٱلأَرْضِ وَلاَ يَعْبُرُ سَيْفٌ فِي أَرْضِكُمْ».

1أيام 22: 9 ومزمور 29: 11 و147: 13 وإشعياء 45: 7 وحجي 2: 9 أيوب 11: 19 ومزمور 3: 5 و4: 8 وإشعياء 35: 9 وإرميا 30: 10 وحزقيال 34: 25 وهوشع 2: 18 وصفنيا 3: 13 و2ملوك 17: 25 وحزقيال 5: 17 و14: 15 حزقيال 14: 17

وَأَجْعَلُ سَلاَماً فِي ٱلأَرْضِ علاوة على كثرة الغلال فيأمنون نهاراً من الناهبين وليلاً من السارقين (مزمور 3: 5 و4: 8).

وَأُبِيدُ ٱلْوُحُوشَ ٱلرَّدِيئَةَ مِنَ ٱلأَرْضِ الوعد بإبادة الوحوش الضارية التي كانت كثيرة في فلسطين ذُكر أيضاً في نبوءة حزقيال بما يقرب من هذا الكلام كثيراً وهو قوله تعالى «وَأَنْزِعُ ٱلْوُحُوشَ ٱلرَّدِيئَةَ مِنَ ٱلأَرْضِ» (حزقيال 34: 25) وهما بلفظ واحد في الأصل العبراني على ما في النسخة السائدة في العبرانية.

7 «وَتَطْرُدُونَ أَعْدَاءَكُمْ فَيَسْقُطُونَ أَمَامَكُمْ بِٱلسَّيْفِ».

تَطْرُدُونَ أَعْدَاءَكُمْ إذا حسدكم الأعداء على نجاحكم وأرادوا غزوكم أيّدكم الله ووهب لكم الشجاعة العجيبة فتطردونهم ولا تكتفون بذلك حتى تطرحوهم قتلى السيف.

8 «يَطْرُدُ خَمْسَةٌ مِنْكُمْ مِئَةً، وَمِئَةٌ مِنْكُمْ يَطْرُدُونَ رَبْوَةً، وَيَسْقُطُ أَعْدَاؤُكُمْ أَمَامَكُمْ بِٱلسَّيْفِ».

تثنية 32: 3 ويشوع 23: 10

يَطْرُدُ خَمْسَةٌ مِنْكُمْ مِئَةً هذا قول جرى يومئذ مجرى المثل. وجاء مثل هذه العبارة غير هذا الموضع من الكتاب المقدس (تثنية 32: 30 ويشوع 23: 10 وإشعياء 30: 17).

9 «وَأَلْتَفِتُ إِلَيْكُمْ وَأُثْمِرُكُمْ وَأُكَثِّرُكُمْ وَأَفِي مِيثَاقِي مَعَكُمْ».

خروج 2: 25 و2ملوك 13: 23 تكوين 17: 6 و7 ونحميا 9: 23 ومزمور 107: 38

أَلْتَفِتُ إِلَيْكُمْ بالرحمة والبركة (قابل بهذا 2ملوك 13: 23 ومزمور 25: 16 و69: 17 الخ).

وَأُكَثِّرُكُمْ وَأَفِي مِيثَاقِي مَعَكُمْ أي أجعلكم في الكثرة كنجوم السماء ورمل البحر وأنجز لكم ما وعدت به آباءكم (تكوين 12: 2 و13: 16 و15: 5 و22: 17 وخروج 23: 26).

10 «فَتَأْكُلُونَ ٱلْعَتِيقَ ٱلْمُعَتَّقَ وَتُخْرِجُونَ ٱلْعَتِيقَ مِنْ وَجْهِ ٱلْجَدِيدِ».

ص 25: 22

فَتَأْكُلُونَ ٱلْعَتِيقَ ٱلْمُعَتَّقَ أي تكثر غلالكم كثيراً حتى أنكم تأكلون المعتّق والجديد كثير لديكم.

وَتُخْرِجُونَ ٱلْعَتِيقَ مِنْ وَجْهِ ٱلْجَدِيدِ هذه العبارة إيضاح لما قبلها (ومثل هذا ما يسمى في العربية بالتذليل) والمعنى أنكم لوفرة الغلال تضطرون أن تفرّغوا الأهراء من الغلال العتيقة لتذخروا فيها الغلال الجديدة.

11 «وَأَجْعَلُ مَسْكَنِي فِي وَسَطِكُمْ، وَلاَ تَرْذُلُكُمْ نَفْسِي».

خروج 25: 8 و9: 45 ويشوع 22: 19 ومزمور 76: 2 وحزقيال 37: 26 و27 و28 ورؤيا 21: 3 ص 20: 23 وتثنية 32: 19

وَأَجْعَلُ مَسْكَنِي فِي وَسَطِكُمْ (انظر ص 15: 31) أي إنه تعالى يزيد على تكثيره غلالهم أن يقيم معهم بالقدس الذي يقام في وسطهم.

وَلاَ تَرْذُلُكُمْ نَفْسِي أي لا يرجع عن رضاه عليهم ولا يندم على سكناه بينهم وإظهار إكرامه لهم.

12 «وَأَسِيرُ بَيْنَكُمْ وَأَكُونُ لَكُمْ إِلٰهاً وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ لِي شَعْباً».

2كورنثوس 6: 16 خروج 6: 7 وإرميا 7: 23 و11: 4 و30: 22 وحزقيال 11: 20 و36: 28

وَأَسِيرُ بَيْنَكُمْ هذا الوعد اقتبسه القديس بولس (1كورنثوس 6: 16).

13 «أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمُ ٱلَّذِي أَخْرَجَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ كَوْنِكُمْ لَهُمْ عَبِيداً وَقَطَّعَ قُيُودَ نِيرِكُمْ وَسَيَّرَكُمْ قِيَاماً».

ص 25: 38 و42: 55 إرميا 2: 20 وحزقيال 34: 27

قَطَّعَ قُيُودَ نِيرِكُمْ المواعيد التي وُعد بها الإسرائيليون بزيادة خصب أرضهم وتوطيد الأمن والسلام فيها وحضور الرب وإقامته بها بينهم شرطها أن يحفظوا وصاياه لأنه هو الله الذي نجاهم واتخذهم عبيداً لنفسه وذكرهم مراحمه السابقة برهاناً على ما هو المعروف في الشرق خشبة معترضة على عنقي الثورين في الفلاحة ليكونا ثابتي الرأسين ماشيين على السواء لا يتقدم أحدهما على الآخر وتلك الخشبة تمنعهما من المقاومة إذا قسا الحارث عليهما. فكانت عبودية الإسرائيليين في مصر مثل النير فإنهم كانوا يُظلمون ويُقهرون ويُقسى عليهم ولا يستطيعون المقاومة حتى أنقذهم الله منها. وقد استُعير النير للاهتضام والظلم (تثنية 28: 48 وإشعياء 9: 3 و10: 27 و14: 25 الخ) ولم يأت بمعناه هنا إلا في (حزقيال 34: 27).

14 «لٰكِنْ إِنْ لَمْ تَسْمَعُوا لِي وَلَمْ تَعْمَلُوا كُلَّ هٰذِهِ ٱلْوَصَايَا».

تثنية 28: 15 ومراثي إرميا 2: 17 وملاخي 2: 2

لٰكِنْ إِنْ لَمْ تَسْمَعُوا لِي شفع الوعد بالبركات على الطاعة بالوعيد بالضربات واللعنات على المعصية والكلام على الدرجة الأولى من العقاب هذه الآية وما بعدها إلى الآية السابعة عشرة.

15 «وَإِنْ رَفَضْتُمْ فَرَائِضِي وَكَرِهَتْ أَنْفُسُكُمْ أَحْكَامِي، فَمَا عَمِلْتُمْ كُلَّ وَصَايَايَ بَلْ نَكَثْتُمْ مِيثَاقِي».

ع 43 و2ملوك 17: 15

وَإِنْ رَفَضْتُمْ فَرَائِضِي قال في الآية السابقة «إن لم تسمعوا» وقال في هذه «وإن رفضتم» وذلك ما يقتضيه الترتيب الطبيعي فإن الرفض يترتب على عدم السمع.

وَكَرِهَتْ أَنْفُسُكُمْ أَحْكَامِي هذا لازم الرفض لأن من يرفض شيئاً يدل برفضه على أنه يكرهه.

نَكَثْتُمْ مِيثَاقِي أي نقضتم عهدي (انظر تكوين 7: 14). (فهذه الاستعارة قديمة جداً لورودها في سفر التكوين. وجاءت في أقدم ما وقفنا عليه من الاستعارات العربية. وتُعرف عند علماء البيان بالاستعارة المكنية لأن المتكلم شبه في نفسه العهد بالحبل ودل على ذلك بأن أثبت له النكث أي النقض الذي هو من لوازم الحبل فدل على الحبل بالكناية والمعنى أخلفتم بما قبلتموه على أنفسكم من العهد أو الوعد).

16 «فَإِنِّي أَعْمَلُ هٰذِهِ بِكُمْ: أُسَلِّطُ عَلَيْكُمْ رُعْباً وَسِلاً وَحُمَّى تُفْنِي ٱلْعَيْنَيْنِ وَتُتْلِفُ ٱلنَّفْسَ. وَتَزْرَعُونَ بَاطِلاً زَرْعَكُمْ فَيَأْكُلُهُ أَعْدَاؤُكُمْ».

تثنية 28: 65 و66 و67 و32: 25 وإرميا 15: 8 تثنية 28: 22 و1صموئيل 2: 33 تثنية 28: 33 و51 وأيوب 31: 8 وإرميا 5: 17 و12: 13 وميخا 1: 15

فَإِنِّي أَعْمَلُ هٰذِهِ بِكُمْ أي أجازيكم بالمثل فأكرهكم.

أُسَلِّطُ عَلَيْكُمْ رُعْباً هذا وما بعده من لوازم مجازاته لهم بالمثل أي كرهه إياهم.

سِلاً (السل في اللغة الهزال وعند الأطباء مرض معروف سمي به لأن البدن يهزل به ويذوب).

حمى الحمى لا تنفك عن المرض السابق وهو السل (تثنية 28: 22).

تُفنِي ٱلْعَيْنَيْنِ وَتُتْلِفُ ٱلنَّفْسَ المقصود بالنفس هنا الشخص وإذ كان السل من شأنه أن يُضعف الجسم ويذيبه لزم بالضرورة أن يفني العينين أيضاً (وعطف النفس على العينين من عطف الكل على الجزء فيكون فناء العينين كالمذكور مرتين للتأكيد واختارهما من الأجزاء الظاهرة دون غيرهما لأن المصاب بهما أعظم). وقد ذُكر أن ذلك من شر مصائب الأشرار (انظر أيوب 11: 20 و17: 5 و31: 16 الخ) وجاء مثل العبارة كلها في غير هذا الموضع من كتاب الله (انظر تثنية 28: 65 و1صموئيل 2: 23).

تَزْرَعُونَ بَاطِلاً زَرْعَكُمْ فَيَأْكُلُهُ أَعْدَاؤُكُمْ هذا فوق ضربات المرض الشديد وهو نقيض الوعد المترتب على الطاعة من كثرة الغلال ووقايتهم من الأعداء (انظر ع 4 - 6). وجاء مثل هذا الإنذار على المعصية في الأسفار الخمسة (تثنية 28: 33 و51) والأنبياء (إرميا 5: 17). ومن أشد أمثاله تأثيراً قول الرب بلسان ميخا «أَنْتَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ. أَنْتَ تَدُوسُ زَيْتُوناً وَلاَ تَدَّهِنُ بِزَيْتٍ» (ميخا 6: 15). وجاء ضد ذلك في (إشعياء 62: 8 و65: 22 و23).

17 «وَأَجْعَلُ وَجْهِي ضِدَّكُمْ فَتَنْهَزِمُونَ أَمَامَ أَعْدَائِكُمْ، وَيَتَسَلَّطُ عَلَيْكُمْ مُبْغِضُوكُمْ، وَتَهْرُبُونَ وَلَيْسَ مَنْ يَطْرُدُكُمْ».

ص 17: 10 تثنية 28: 25 وقضاة 2: 14 وإرميا 19: 7 مزمور 106: 41 ع 36 ومزمور 53: 5 وأمثال 28: 1

أَجْعَلُ وَجْهِي ضِدَّكُمْ أي أريكم علامات غضبي فتشعرون به (انظر تفسير ص 17: 10).

فَتَنْهَزِمُونَ أَمَامَ أَعْدَائِكُمْ لأني لا أكون معكم (انظر عدد 14: 42 وتثنية 1: 42 و28: 25).

وَيَتَسَلَّطُ عَلَيْكُمْ مُبْغِضُوكُمْ (انظر إشعياء 14: 2 وحزقيال 29: 15 و34: 4 الخ).

18 «وَإِنْ كُنْتُمْ مَعَ ذٰلِكَ لاَ تَسْمَعُونَ لِي، أَزِيدُ عَلَى تَأْدِيبِكُمْ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ حَسَبَ خَطَايَاكُمْ».

1صموئيل 2: 5 ومزمور 119: 164 وأمثال 24: 16

وَإِنْ كُنْتُمْ مَعَ ذٰلِكَ لاَ تَسْمَعُونَ لِي أي إن بقيتم في المعصية بعد ضربات العقاب المذكورة (انظر ع 16 و17). فهذه الآية بداءة عقاب جديد أشد من الأول وهو ما في الكلام في هذه الآية إلى نهاية الآية العشرين.

أَزِيدُ عَلَى تَأْدِيبِكُمْ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ أي أكثر من العقاب السابق كثيراً أو عقاباً كاملاً واختار السبعة لأنها عندهم عدد كامل كما هي في مصطلح العرب (انظر تفسير ص 4: 6) والمقصود به هنا عدداً كبيراً أو بلا نهاية. وعلى هذا جاء في سفر أيوب «فِي سِتِّ شَدَائِدَ يُنَجِّيكَ وَفِي سَبْعٍ لاَ يَمَسُّكَ سُوءٌ» (أيوب 5: 19). وفي إنجيل لوقا «وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي ٱلْيَوْمِ» (لوقا 17: 4) أي مراراً لا تحصى (قابل بهذا مزمور 119: 64 وأمثال 24: 16 الخ).

19 «فَأُحَطِّمُ فَخَارَ عِزِّكُمْ، وَأُصَيِّرُ سَمَاءَكُمْ كَٱلْحَدِيدِ وَأَرْضَكُمْ كَٱلنُّحَاسِ».

إشعياء 25: 11 و26: 5 وحزقيال 7: 24 و30: 6 تثنية 28: 23

فَأُحَطِّمُ فَخَارَ عِزِّكُمْ (التحطيم مبالغة في التكسير. والفخار الافتخار بالخصال والمباهاة بالأفعال الممدوحة والمكارم من حسب ونسب. والعز خلاف الذل. وتُرجمت العبارة بالإنكليزية بما معناه «واكسر كبرياء قوتكم». إن عزّ الإسرائيليين كان قائماً بما كانوا يفتخرون به من الخصب والبركات المذكورة في الآية الرابعة والخامسة وكان العقاب مشتملاً على نزعها وعاقبة ذلك أنه يزيل عزهم قابل هذا بما في (حزقيال 30: 6 و33: 28). وفسّر رؤساء الدين اليهودي مدة الهيكل الثاني «فخار عزكم» بالقدس لأنه سُمي به (انظر حزقيال 24: 21). وعلى هذا جاء في الترجمة الكلدانية «أحطم مجد قوة قدسكم».

وَأُصَيِّرُ سَمَاءَكُمْ كَٱلْحَدِيدِ أي أقطع الأمطار عنكم. وجاء مثل هذا في سفر التثنية وهو ما نصه «وَتَكُونُ سَمَاؤُكَ ٱلَّتِي فَوْقَ رَأْسِكَ نُحَاساً، وَٱلأَرْضُ ٱلَّتِي تَحْتَكَ حَدِيداً» (تثنية 28: 23).

20 «فَتُفْرَغُ بَاطِلاً قُوَّتُكُمْ، وَأَرْضُكُمْ لاَ تُعْطِي غَلَّتَهَا، وَأَشْجَارُ ٱلأَرْضِ لاَ تُعْطِي أَثْمَارَهَا».

مزمور 127: 1 وإشعياء 49: 4 تثنية 11: 17 و28: 18 وحجي 1: 10

فَتُفْرَغُ بَاطِلاً قُوَّتُكُمْ إذا كانت السماء كالحديد ذهب إفراغ المجهود في حرث الأرض والزرع وغيرهما عبثاً أي بلا نفع.

وَأَرْضُكُمْ لاَ تُعْطِي غَلَّتَهَا إذ لا غلة بلا مطر وقد أنذرهم بقطعه. ومثل هذا قوله تعالى «يُغْلِقُ ٱلسَّمَاءَ فَلاَ يَكُونُ مَطَرٌ وَلاَ تُعْطِي ٱلأَرْضُ غَلَّتَهَا» (تثنية 11: 17).

21 «وَإِنْ سَلَكْتُمْ مَعِي بِٱلْخِلاَفِ، وَلَمْ تَشَاءُوا أَنْ تَسْمَعُوا لِي، أَزِيدُ عَلَيْكُمْ ضَرَبَاتٍ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ حَسَبَ خَطَايَاكُمْ».

وَإِنْ سَلَكْتُمْ مَعِي بِٱلْخِلاَفِ أي إن بقيتم تخالفون شريعتي أي تتعدونها وتعصون سلطاني. وهنا إنذار ثالث نهايته الآية الثانية والعشرون وهو أن يتركهم فرائس للوحوش الضاربة.

ضَرَبَاتٍ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ أي كثيرة أو لا نهاية لها (انظر تفسير ع 18).

حَسَبَ خَطَايَاكُمْ أي زيادة العقاب على قدر زيادة الخطايا في الفظاعة لأن الخطية المرتكبة بعد ما ذُكر من الضربات أفظع مما قبلها كثيراً.

22 «أُطْلِقُ عَلَيْكُمْ وُحُوشَ ٱلْبَرِّيَّةِ فَتُعْدِمُكُمُ ٱلأَوْلاَدَ، وَتَقْرِضُ بَهَائِمَكُمْ وَتُقَلِّلُكُمْ فَتُوحَشُ طُرُقُكُمْ».

تثنية 32: 24 و2ملوك 17: 25 وحزقيال 5: 17 و14: 15 قضاة 5: 6 و2أيام 15: 5 وإشعياء 33: 8 ومراثي إرميا 1: 4 وزكريا 7: 14

أُطْلِقُ عَلَيْكُمْ وُحُوشَ ٱلْبَرِّيَّةِ كانت الوحوش الضارية يومئذ كثيرة في فلسطين (خروج 23: 29) وكانت تُرسل عقاباً على الآثام (تثنية 32: 24 و2ملوك 17: 25 وإشعياء 13: 21 و22 وحزقيال 14: 15 الخ).

23 «وَإِنْ لَمْ تَتَأَدَّبُوا مِنِّي بِذَلِكَ بَلْ سَلَكْتُمْ مَعِي بِٱلْخِلاَفِ».

إرميا 2: 30 و5: 3 وعاموس 4: 6 الخ

وَإِنْ لَمْ تَتَأَدَّبُوا أي تتهذبوا وتُصلحوا بما أديتكم به من الضربات. وهذا إنذار رابع (ع 23 - 26) بأشد العقاب للعصاة الإسرائيليين وهو تشديد العقاب الذي ذُكر جزئياً في الإنذار الأول (ع 17).

24 «فَإِنِّي أَنَا أَسْلُكُ مَعَكُمْ بِٱلْخِلاَفِ، وَأَضْرِبُكُمْ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ حَسَبَ خَطَايَاكُمْ».

2صموئيل 22: 27 ومزمور 18: 26

فَإِنِّي أَنَا أَسْلُكُ مَعَكُمْ بِٱلْخِلاَفِ الجزاء من جنس العمل إن الله يسلك بالخلاف لمن يسلكون معه بالخلاف. إنهم بزيادة عصيانهم وعداوتهم لله يزيدون إثمهم فظاعة فيزيدهم الله ويلاً بدلاً من أن يزيدهم بركة لو أطاعوه وصادقوه.

وَأَضْرِبُكُمْ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ (انظر ع 18 و21).

25 «أَجْلِبُ عَلَيْكُمْ سَيْفاً يَنْتَقِمُ نَقْمَةَ ٱلْمِيثَاقِ، فَتَجْتَمِعُونَ إِلَى مُدُنِكُمْ وَأُرْسِلُ فِي وَسَطِكُمُ ٱلْوَبَأَ فَتُدْفَعُونَ بِيَدِ ٱلْعَدُوِّ».

حزقيال 5: 17 و6: 3 و14: 17 و29: 8 و33: 2 عدد 14: 12 وتثنية 28: 21 وإرميا 14: 12 و24: 10 و29: 17 و18 وعاموس 4: 10

سَيْفاً يَنْتَقِمُ نَقْمَةَ ٱلْمِيثَاقِ أراد «بالسيف» هنا الحرب لأنه كان أعظم أدوات الحرب يومئذ والمعنى إني أسلط عليكم من يحاربونكم ويغلبونكم انتقاماً لميثاقي أي على تعديكم شرائعي التي جعلت حفظكم إياها ميثاقاً بيني وبينكم. وعلى هذا جاء في الترجمة الكلدانية ما مترجمه «ينتقم النقمة على تعديكم كلمات الشريعة».

فَتَجْتَمِعُونَ إِلَى مُدُنِكُمْ الخ إنه يغلبكم الأعداء فتهربون من أمام سيوفهم وتتحصنون بمعاقل المدن فلا تقيكم من النقمة إذ أرسل عليكم الوباء فيقتلكم وأنتم في الحصون فيفضّل الباقون منكم أن يتركوا حصونهم ويسلموا أنفسهم إلى أعدائهم (قابل هذا بما في إرميا 21: 6 - 9 وحزقيال 5: 12 و7: 15).

26 «بِكَسْرِي لَكُمْ عَصَا ٱلْخُبْزِ. تَخْبِزُ عَشَرُ نِسَاءٍ خُبْزَكُمْ فِي تَنُّورٍ وَاحِدٍ، وَيَرْدُدْنَ خُبْزَكُمْ بِٱلْوَزْنِ، فَتَأْكُلُونَ وَلاَ تَشْبَعُونَ».

مزمور 105: 16 وإشعياء 3: 1 وحزقيال 4: 16 و5: 16 و14: 13 إشعياء 9: 20 وميخا 6: 14 وحجي 1: 6

بِكَسْرِي لَكُمْ عَصَا ٱلْخُبْزِ أي بقطعي عنكم الخبز الذي هو عصا الحياة أي متوكأها ومعتمدها بتقدير الله وقد جاء هذا التشبيه في عدة مواضع من الكتاب المقدس (إشعياء 3: 10 وحزقيال 4: 16 و5: 16 و14: 13 ومزمور 105: 61). هذا فوق الوباء الذي يلجئهم إلى تسليم أنفسهم إلى الأعداء.

تَخْبِزُ عَشَرُ نِسَاءٍ خُبْزَكُمْ فِي تَنُّورٍ وَاحِدٍ أي ستكون المجاعة عظيمة ويقل الخبز حتى أن تنوراً واحداً يكفي أن يخبز فيه عشر نساء أي يعددن خبز عشرة بيوت مع أنه قبل المجاعة كان البيت الواحد يشغل التنور الواحد دائماً.

وَيَرْدُدْنَ خُبْزَكُمْ بِٱلْوَزْنِ فلا يجوز لأحد أن يأكل شيئاً يكفيه من الخبز لقلته فيُقسم بالوزن. وقد ذُكر في نبوءة حزقيال ما يشابه هذا المصاب وهو قوله تعالى «هَئَنَذَا أُكَسِّرُ قِوَامَ ٱلْخُبْزِ فِي أُورُشَلِيمَ، فَيَأْكُلُونَ ٱلْخُبْزَ بِٱلْوَزْنِ وَبِالْغَمِّ، وَيَشْرَبُونَ ٱلْمَاءَ بِٱلْكَيْلِ وَبِالْحَيْرَةِ لِكَيْ يُعْوِزَهُمُ ٱلْخُبْزُ وَٱلْمَاءُ، وَيَتَحَيَّرُوا ٱلرَّجُلُ وَأَخُوهُ وَيَفْنَوْا بِإِثْمِهِمْ» (حزقيال 4: 16 و17).

27 «وَإِنْ كُنْتُمْ بِذَلِكَ لاَ تَسْمَعُونَ لِي بَلْ سَلَكْتُمْ مَعِي بِٱلْخِلاَفِ».

ع 21 و24

وَإِنْ كُنْتُمْ بِذَلِكَ لاَ تَسْمَعُونَ لِي أي وإن بقيتم عل معصيتكم بعد كل هذا العقاب. وهذا إنذار خامس (من ع 27 - 33) وهو زيادة المصاب الماضي وتخريب أرضهم حتى يستوحش منها الأعداء.

28 «فَأَنَا أَسْلُكُ مَعَكُمْ بِٱلْخِلاَفِ سَاخِطاً، وَأُؤَدِّبُكُمْ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ حَسَبَ خَطَايَاكُمْ».

إشعياء 59: 18 و63: 3 و66: 15 وإرميا 21: 5 وحزقيال 5: 13 و15 و8: 18

فَأَنَا أَسْلُكُ مَعَكُمْ بِٱلْخِلاَفِ سَاخِطاً ذُكرت هذه العبارة سابقاُ بدون قوله «ساخطاً» وزيد عليها ذلك هنا بيانا لزيادة العقاب (والسخط هو غضب الأعلى على الأدنى).

وَأُؤَدِّبُكُمْ (انظر تفسير ع 18 و21 و 24).

29 «فَتَأْكُلُونَ لَحْمَ بَنِيكُمْ، وَلَحْمَ بَنَاتِكُمْ تَأْكُلُونَ».

تثنية 28: 53 و2ملوك 6: 29 ومراثي إرميا 4: 10 وحزقيال 5: 10

29 فَتَأْكُلُونَ الخ جاء مثل هذا في سفر التثنية (تثنية 28: 53 - 57) وتمت النبوءة فعلاً في محاصرة الآراميين للسامرة (2ملوك 6: 28 و29) وفي حصار الأشوريين لأورشليم حتى قال إرميا النبي «أَيَادِي ٱلنِّسَاءِ ٱلْحَنَائِنِ طَبَخَتْ أَوْلاَدَهُنَّ. صَارُوا طَعَاماً لَهُنَّ فِي سَحْقِ بِنْتِ شَعْبِي. أَتَمَّ ٱلرَّبُّ غَيْظَهُ. سَكَبَ حُمُوَّ غَضَبِهِ وَأَشْعَلَ نَاراً فِي صِهْيَوْنَ فَأَكَلَتْ أُسُسَهَا» (مراثي إرميا 4: 10 و11 قابل بذلك إرميا 19: 9 وحزقيال 5: 10 وزكريا 11: 9 الخ). وحصل مثل هذا في محاصرة تيطس لأورشليم فإن امرأة اسمها مريم قتلت ولدها وطبخته لفرط الجوع وأكلت جزءاً منه ووجد العسكر البقية في بيتها.

30 «وَأُخْرِبُ مُرْتَفَعَاتِكُمْ وَأَقْطَعُ شَمْسَاتِكُمْ وَأُلْقِي جُثَثَكُمْ عَلَى جُثَثِ أَصْنَامِكُمْ، وَتَرْذُلُكُمْ نَفْسِي».

2أيام 34: 3 و4 و7 وإشعياء 27: 9 وحزقيال 6: 3 و4 و6 و13 و2ملوك 23: 20 و2أيام 34: 5 لاويين 20: 23 ومزمور 78: 59 و89: 38 وإرميا 14: 19

وَأُخْرِبُ مُرْتَفَعَاتِكُمْ كانت المرتفعات أبنية عالية مبنية لعبادة الرب (قضاة 6: 25 و16 و8: 16 - 23 و1صموئيل 7: 10 و1ملوك 3: 2 و2ملوك 12: 3 و1أيام 21: 26 الخ) ولكن المرتفعات هنا على ما يقتضيه المقام وتدل عليه القرينة هي الأبنية العالية المرفوعة لعبادة الأوثان (عدد 22: 41 و33: 52 وتثنية 12: 2 ويشوع 13: 17 الخ). وبهدم تلك المرتفعات الوثنية يتبين للإسرائيليين وهن الآلهة الوثنية التي عبدوها مع الله او فضلوها عليه سبحانه وتعالى علواً كبيراً.

وَأَقْطَعُ شَمْسَاتِكُمْ هي الأصنام التي كانوا يصنعونها للشمس (إشعياء 17: 8 و2أيام 14: 5 و34: 7).

وَأُلْقِي جُثَثَكُمْ عَلَى جُثَثِ أَصْنَامِكُمْ لا شيء أحقر من عبدة الأصنام ومن الأصنام كالصورة التي صورهم بها هنا. فإن الإسرائيليين الذين يعصون الله ويشركون به بعد أن يعمل فيهم السيف ويصيبهم الجوع ويتفشى بينهم الوباء يهلكون ولا يُدفنون فتُطرح جثثهم مع جثث أصنامهم حتى تسير كوَم المزابل. وقد جاء مثل ذلك في نبوءة حزقيال وهو قوله تعالى «فَتَخْرَبُ مَذَابِحُكُمْ، وَتَتَكَسَّرُ شَمْسَاتُكُمْ، وَأَطْرَحُ قَتْلاَكُمْ قُدَّامَ أَصْنَامِكُمْ. وَأَضَعُ جُثَثَ بَنِي إِسْرَائِيلَ قُدَّامَ أَصْنَامِهِمْ، وَأُذَرِّي عِظَامَكُمْ حَوْلَ مَذَابِحِكُمْ» (حزقيال 6: 4 و5).

31 «وَأُصَيِّرُ مُدُنَكُمْ خَرِبَةً وَمَقَادِسَكُمْ مُوحِشَةً، وَلاَ أَشْتَمُّ رَائِحَةَ سُرُورِكُم».

نحميا 2: 3 وإرميا 4: 7 وحزقيال 6: 6 مزمور 74: 7 مراثي إرميا 1: 10 وحزقيال 9: 6 و21: 2

وَأُصَيِّرُ مُدُنَكُمْ خَرِبَةً لم يكتف بأن يطرح جثثهم على جثث أصنامهم فأنذرهم فوق ذلك بأنه يخرب مدنهم (إرميا 4: 7 و9: 11 وحزقيال 6: 6 و12: 20 ونحميا 2: 17 الخ).

وَمَقَادِسَكُمْ مُوحِشَةً أي القدس وسائر الأماكن المقدسة (إرميا 51: 51 وحزقيال 21: 7 وعاموس 7: 9 ومزمور 68: 36 و74: 7 الخ) ومنها المجامع وذلك لنقضهم الميثاق فإنهم أخلفوا وعدهم بالطاعة فبدل ما وعدهم به من البركة باللعنة وسكناه بينهم بخراب مقاسدهم التي يحضر فيها.

وَلاَ أَشْتَمُّ رَائِحَةَ سُرُورِكُمْ أي متى تمّ خراب مقادسكم لا ألتفت إلى أنه كان يصعد في القدس الذي بُني لي رائحة السرور (ص 1: 9). والخلاصة أن تقديمهم القرابين له في القدس لا يمنع من عقابهم ولا يدفع قضاءه عليهم.

32 «وَأُوحِشُ ٱلأَرْضَ فَيَسْتَوْحِشُ مِنْهَا أَعْدَاؤُكُمُ ٱلسَّاكِنُونَ فِيهَا».

إرميا 9: 11 و25: 11 و18 تثنية 28: 37 و1ملوك 9: 8 وإرميا 18: 16 و19: 8 وحزقيال 5: 15

وَأُوحِشُ ٱلأَرْضَ أي أجعل الأرض خالية من الأنس وأتركها مألفاً للوحوش بإخراب المدن والمقادس. أنذرهم بهذا على عصيانهم وهو خلاف ما وعدهم به على طاعتهم. فالذي وعد هو نفسه الذي أنذر (ع 4 - 10). وقال إنهم يكونون في شر لا يحتمل الأعداء مشاهدته ويعجبون مما يصيرون إليه (إرميا 9: 11 وحزقيال 5: 15 و33: 28 و29 و45: 10 و36: 5).

33 «وَأُذَرِّيكُمْ بَيْنَ ٱلأُمَمِ، وَأُجَرِّدُ وَرَاءَكُمُ ٱلسَّيْفَ فَتَصِيرُ أَرْضُكُمْ مُوحِشَةً، وَمُدُنُكُمْ تَصِيرُ خَرِبَةً».

تثنية 4: 27 و28: 64 ومزمور 44: 11 وإرميا 9: 16 وحزقيال 12: 15 و20: 23 و22: 15 وزكريا 7: 14

وَأُذَرِّيكُمْ بَيْنَ ٱلأُمَمِ أي أفرقكم تفريقاً يشبه تفريق الريح للغبار فتتوزعون في أقطار العالم بين سائر شعوب الأرض. والخلاصة أنهم يخسرون أملاكهم ويكونون غرباء إذلاء بعد الاستقلال في أرضهم والتمتع بعزتهم.

وَأُجَرِّدُ وَرَاءَكُمُ ٱلسَّيْفَ مثّل الله نفسه بعدو لهم مستل سيفه عليهم وهم هاربون منه وهو لا ينفك يطردهم حتى يخرجهم من أرضهم فلا يستطيعون الرجوع. وكان الوعد لهم على الطاعة أن يجعل سلاماً في الأرض وليس من يزعج وأن لا يعبر سيف في الأرض. فانظر الفرق بين وعده ووعيده (ع 6). وجاء مثل هذا الإنذار في نبوءة إرميا وهو قوله تعالى «أُبَدِّدُهُمْ فِي أُمَمٍ لَمْ يَعْرِفُوهَا هُمْ وَلاَ آبَاؤُهُمْ، وَأُطْلِقُ وَرَاءَهُمُ ٱلسَّيْفَ حَتَّى أُفْنِيَهُمْ» (إرميا 9: 16 قابل بهذا حزقيال 12: 14).

34 «حِينَئِذٍ تَسْتَوْفِي ٱلأَرْضُ سُبُوتَهَا كُلَّ أَيَّامِ وَحْشَتِهَا وَأَنْتُمْ فِي أَرْضِ أَعْدَائِكُمْ. حِينَئِذٍ تَسْبِتُ ٱلأَرْضُ وَتَسْتَوْفِي سُبُوتَهَا».

2أيام 36: 21

حِينَئِذٍ تَسْتَوْفِي ٱلأَرْضُ سُبُوتَهَا إن الأرض التي تشارك الإسرائيليين في سعادتهم وفي شقائهم (انظر ص 18: 25) وتحرَم بمعصيتهم وتعديهم شريعة الله راحاتها مدة عصيانهم لتمتع أخيراً بالراحة الشرعية مدة بقائهم في المنافي بعد طردهم لتعديهم. (والخلاصة إن الأرض تستريح منهم لأنهم بتعديهم شريعة الله كانوا تعباً لها إذ لم يوفوها سبوتها).

35 «كُلَّ أَيَّامِ وَحْشَتِهَا تَسْبِتُ مَا لَمْ تَسْبِتْهُ مِنْ سُبُوتِكُمْ فِي سَكَنِكُمْ عَلَيْهَا».

ص 25: 2

تَسْبِتُ مَا لَمْ تَسْبِتْهُ اي إن الأرض لا تُحرث ولا تُزرع مدة مصابهم العظيم فتحصل على السبوت التي حرمتها مدة سكناهم فيها لأنهم تعدوا شريعة الله ولم يوفوا أرضهم سبوتها (قابل بهذا إرميا 34: 17 و2أيام 36: 21).

36، 37 «36 وَٱلْبَاقُونَ مِنْكُمْ أُلْقِي ٱلْجَبَانَةَ فِي قُلُوبِهِمْ فِي أَرَاضِي أَعْدَائِهِمْ، فَيَهْزِمُهُمْ صَوْتُ وَرَقَةٍ مُنْدَفِعَةٍ، فَيَهْرُبُونَ كَٱلْهَرَبِ مِنَ ٱلسَّيْفِ، وَيَسْقُطُونَ وَلَيْسَ طَارِدٌ. 37 وَيَعْثُرُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ كَمَا مِنْ أَمَامِ ٱلسَّيْفِ وَلَيْسَ طَارِدٌ، وَلاَ يَكُونُ لَكُمْ قِيَامٌ أَمَامَ أَعْدَائِكُمْ».

حزقيال 21: 7 و12 و15 ع 17 وأيوب 15: 21 وأمثال 28: 1 قضاة 7: 22 و1صموئيل 14: 15 و16 وإشعياء 10: 4 يشوع 7: 12 و13 وقضاة 2: 14

ٱلْبَاقُونَ مِنْكُمْ أي من يبقى منكم في الحياة.

أُلْقِي ٱلْجَبَانَةَ فِي قُلُوبِهِمْ حتى يخافوا خفض الأصوات فتكون حياتهم من جملة مصائبهم (قابل بهذا تثنية 28: 65 - 67).

38 «فَتَهْلِكُونَ بَيْنَ ٱلشُّعُوبِ وَتَأْكُلُكُمْ أَرْضُ أَعْدَائِكُمْ».

فَتَهْلِكُونَ بَيْنَ ٱلشُّعُوبِ أي تتألمون بينهم تألماً شديداً يُدني من الهلاك (انظر تثنية 22: 3 و1صموئيل 9: 3 و20 وإرميا 1: 6 وحزقيال 34: 4 و16 ومزمور 119: 176 الخ). وفسّرنا الهلاك بالتأمل الشديد لأن القرينة تدل على أنهم لا يتلاشون ويؤكد ذلك ما في الآية الأربعين.

وَتَأْكُلُكُمْ أَرْضُ أَعْدَائِكُمْ أي أنهم يختلطون بالأمم فيضيع أصلهم وأنسابهم واستقلالهم فلا يكونون شعباً ممتازاً وهذا معنى ما جاء في (عدد 13: 32 وحزقيال 36: 13).

39 «وَٱلْبَاقُونَ مِنْكُمْ يَفْنَوْنَ بِذُنُوبِهِمْ فِي أَرَاضِي أَعْدَائِكُمْ. وَأَيْضاً بِذُنُوبِ آبَائِهِمْ مَعَهُمْ يَفْنَوْنَ».

تثنية 4: 27 و28: 65 ونحميا 1: 8 وإرميا 3: 25 و29: 12 و13 وحزقيال 4: 17 و6: 9 و20: 43 و24: 23 و33: 10 و36: 31 وهوشع 5: 15 وزكريا 10: 9

وَٱلْبَاقُونَ مِنْكُمْ يَفْنَوْنَ بِذُنُوبِهِمْ أي يذوبون حزناً وأسفاً على ارتكابهم الذنوب التي جلبت عليهم ذلك البلاء العظيم.

وَأَيْضاً بِذُنُوبِ آبَائِهِمْ مَعَهُمْ يَفْنَوْنَ أي بخطايا أسلافهم التي هم اقتدوا بها بارتكابهم إياها. وعلى هذا جاء في الترجمة الكلدانية «بخطايا آبائهم الفظيعة التي هم أيضاً قبضوا عليها بأيديهم يفنون» أو المعنى «إنهم يفنون بذنوب آبائهم التي معهم» أي التي يجب أن يحملوها ويكفروا عنها (خروج 20: 5).

40 «لٰكِنْ إِنْ أَقَرُّوا بِذُنُوبِهِمْ وَذُنُوبِ آبَائِهِمْ فِي خِيَانَتِهِمِ ٱلَّتِي خَانُونِي بِهَا، وَسُلُوكِهِمْ مَعِيَ ٱلَّذِي سَلَكُوا بِٱلْخِلاَفِ».

عدد 5: 7 و1ملوك 8: 33 و35 و47 ونحميا 9: 2 وأمثال 28: 13 ودانيال 9: 3 و4 ولوقا 15: 18 و1يوحنا 1: 9

لٰكِنْ إِنْ أَقَرُّوا بِذُنُوبِهِمْ الأصل العبراني يدل على أن الأحسن أن تُترجم الآية هكذا «ويعترفون بذنوبهم الخ» والمعنى أنه متى بلغت مصائبهم أعلاها يتحققون فظاعة ذنوبهم ويعترفون بها وبذنوب آبائهم التي هلكوا بها فلم يستطيعوا أن يعترفوا بها. أي يعترفون بأنهم خطأة أولاد خطأة. اجتمعت صور كل ما ذُكر من أمور الإسرائيليين في ذهن الشارع كأنها حاضرة وأظهرها لعيون الإسرائيليين كأنها صور في مرآة.

خِيَانَتِهِمِ ٱلَّتِي خَانُونِي بِهَا الخيانة ضد الأمانة والمقصود بها هنا الإخلاف بالوعد وخيانة الله عقابها شديد (دانيال 9: 7).

41 «وَإِنِّي أَيْضاً سَلَكْتُ مَعَهُمْ بِٱلْخِلاَفِ وَأَتَيْتُ بِهِمْ إِلَى أَرْضِ أَعْدَائِهِمْ. إِلاَّ أَنْ تَخْضَعَ حِينَئِذٍ قُلُوبُهُمُ ٱلْغُلْفُ وَيَسْتَوْفُوا حِينَئِذٍ عَنْ ذُنُوبِهِمْ».

1ملوك 21: 29 و2أيام 12: 6 و7 و12 و32: 26 و33: 12 و13 إرميا 6: 10 و9: 25 و26 وحزقيال 44: 7 وأعمال 7: 51 ورومية 2: 29 وكولوسي 2: 11

سَلَكْتُ مَعَهُمْ بِٱلْخِلاَفِ أي أنهم يعترفون بخطاياهم وهي مجموعة في سلوكهم معي بالخلاف وإني سلكت معهم جزاء على ذلك بالخلاف (والجزاء من جنس العمل) فنفيتهم من أرضهم إلى أرض أعدائهم.

إِلاَّ أَنْ تَخْضَعَ حِينَئِذٍ قُلُوبُهُمُ ٱلْغُلْفُ أي لا أنفك أسلك معهم بالخلاف ما لم تخضع قلوبهم الغلف ولا أذكر ميثاقي لآبائهم ما داموا غير خاضعين وغير معترفين بخطاياهم وخطايا أسلافهم بالتواضع والخضوع. وقلوبهم الغلف أي غير المختونة تعني أنها عنيدة صلبة نجسة متكبرة لا تعترف بالخضوع (انظر ص 19: 23 مع إرميا 9: 26).

وجاء مثل هذا المجاز في أعمال الرسل وهو قول استفانوس لليهود «يَا قُسَاةَ ٱلرِّقَابِ، وَغَيْرَ ٱلْمَخْتُونِينَ بِٱلْقُلُوبِ وَٱلآذَانِ، أَنْتُمْ دَائِماً تُقَاوِمُونَ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ» (أعمال 7: 51).

وَيَسْتَوْفُوا حِينَئِذٍ عَنْ ذُنُوبِهِمْ أي بعد أن يعترفوا بذنوبهم متواضعين ويسلموا بأنهم عوقبوا بالعدل وإن عقابهم على قدر ذنوبهم الكيل بالكيل أو الصاع بالصاع وإنهم جلبوا ذلك باختيارهم أي أنهم لم يجبروا على المعصية وإنهم استوفوا ما يستحقون. وخلاصة كل ذلك أن يقولوا قول ميخا «أَحْتَمِلُ غَضَبَ ٱلرَّبِّ لأَنِّي أَخْطَأْتُ إِلَيْهِ» (ميخا 7: 9).

42 «أَذْكُرُ مِيثَاقِي مَعَ يَعْقُوبَ وَأَذْكُرُ أَيْضاً مِيثَاقِي مَعَ إِسْحَاقَ وَمِيثَاقِي مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَأَذْكُرُ ٱلأَرْضَ».

خروج 2: 24 و6: 5 ومزمور 106: 45 وحزقيال 16: 60 مزمور 136: 23

أَذْكُرُ أي أفي لأن الكامل إذا ذكر وعده وفى به. وقد أُسند هذا إلى الله في مواضع من الكتاب المقدس منها قوله تعالى «تذكرت عهدي» (خروج 6: 5) والمعنى وفيت به كما يدل عليه قوله على الأثر «اخرج... وأنقذ» (خروج 6: 6). وقول المرنم «َذَكَرَ لَهُمْ عَهْدَهُ» أي وفى بوعده بدليل قوله على الأثر «أَعْطَاهُمْ نِعْمَةً قُدَّامَ كُلِّ ٱلَّذِينَ سَبَوْهُمْ» (مزمور 106: 45 و46).

مِيثَاقِي مَعَ يَعْقُوبَ وَأَذْكُرُ أَيْضاً مِيثَاقِي مَعَ إِسْحَاقَ وَمِيثَاقِي مَعَ إِبْرَاهِيمَ أي متى تاب الإسرائيليون وفى الله لهم بوعده لآبائهم بأنه يكثرهم ويورثهم الأرض إلى الأبد (خروج 32: 13). رأى علماء الدين اليهودي ورؤساؤه مدة الهيكل الثاني من ذكر الميثاق ثلاث مرات قبل كل من الآباء الثلاثة إن المواثيق الثلاثة مختلفة فميثاق كل من أولئك الآباء يمتاز عن غيره. ولهذا جاء في الترجمة الكلدانية «وأذكر برحمتي الميثاق الذي قطعته ليعقوب في بيت إيل (تكوين 35: 9 - 15) والميثاق الذي قطعته لإسحاق في جبل موريا (تكوين 22) والميثاق الذي قطعته لإبراهيم بين القطع» (أي قطع الذبيحة (تكوين 15: 18 - 21).

وطلب القدماء من المفسرين الالتفات إلى هذا الواقع وهو أنه كلما ذُكر هؤلاء الآباء الثلاثة ذُكروا على ترتيب الزمان إلا هنا. أي من عادة الكتاب أن يقول إبراهيم وإسحاق ويعقوب لكن هنا ذكرهم بالعكس فقال يعقوب وإسحاق وإبراهيم (انظر تكوين 1: 24 وخروج 2: 24 و6: 8 و32: 13 وتثنية 29: 13 و34: 4 و2ملوك 13: 23 ومزمور 105: 9 - 10 و1أيام 16: 16 و17).

43 «وَٱلأَرْضُ تُتْرَكُ مِنْهُمْ وَتَسْتَوْفِي سُبُوتَهَا فِي وَحْشَتِهَا مِنْهُمْ، وَهُمْ يَسْتَوْفُونَ عَنْ ذُنُوبِهِمْ لأَنَّهُمْ قَدْ أَبَوْا أَحْكَامِي وَكَرِهَتْ أَنْفُسُهُمْ فَرَائِضِي».

ع 34 و35 ع 15

ٱلأَرْضُ تُتْرَكُ مِنْهُمْ أي يتركونها فتخلو منهم وتستوفي سبوتها التي منعوها منها بتعديهم الشريعة أي إن الله يذكر عهده لإبراهيم وإسحاق ويعقوب بعد أن يقضي عليهم بما أنذرهم على معاصيهم وكُرر هذا الإنذار للتوكيد والتقرير.

44 «وَلٰكِنْ مَعَ ذٰلِكَ أَيْضاً مَتَى كَانُوا فِي أَرْضِ أَعْدَائِهِمْ مَا أَبَيْتُهُمْ وَلاَ كَرِهْتُهُمْ حَتَّى أُبِيدَهُمْ وَأَنْكُثَ مِيثَاقِي مَعَهُمْ، لأَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُهُمْ».

تثنية 4: 31 و2ملوك 13: 23 ورومية 11: 2

وَلٰكِنْ مَعَ ذٰلِكَ أي وإن تركتهم زماناً طويلاً في منافيهم بين الأعداء لا أطرحهم. أي إن تشتيت اليهود بين الأمم في الذل والعناء ليس بدليل على أن الله رفضهم إلى الأبد فهو لا يزال إلههم وحافظهم ولا بد من أن يرضى عنهم ولن يزال كذلك.

45 «بَلْ أَذْكُرُ لَهُمْ ٱلْمِيثَاقَ مَعَ ٱلأَوَّلِينَ ٱلَّذِينَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ أَمَامَ أَعْيُنِ ٱلشُّعُوبِ لأَكُونَ لَهُمْ إِلٰهاً. أَنَا ٱلرَّبُّ».

رومية 11: 28 ص 22: 33 و25: 38 مزمور 98: 2 وحزقيال 20: 9 و14 و22

بَلْ أَذْكُرُ لَهُمْ ٱلْمِيثَاقَ مَعَ ٱلأَوَّلِينَ أي أفي بالعهود التي عهدتها لآبائهم.

46 «هٰذِهِ هِيَ ٱلْفَرَائِضُ وَٱلأَحْكَامُ وَٱلشَّرَائِعُ ٱلَّتِي وَضَعَهَا ٱلرَّبُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي جَبَلِ سِينَاءَ بِيَدِ مُوسَى».

ص 25: 1 و27: 34 وتثنية 6: 1 و12: 1 و33: 4 ويوحنا 1: 17

هٰذِهِ هِيَ ٱلْفَرَائِضُ وَٱلأَحْكَامُ أي الفرائض والاحكام المذكورة في (ص 25: 1 - ص 26: 1 - 45).

فِي جَبَلِ سِينَاءَ أي في أرض سيناء الجبلية فهذا الختام الذي يتضمن معنى البداءة في (ص 25: 1) يدل على أن الكلام من هناك إلى هنا فصل واحد قائم بذاته.

اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ وَٱلْعِشْرُونَ

1 «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى هذا مقدمة سنّة جديدة وهي سنة النذور المختلفة. والنذور قديمة استعملها الأقدمون وذُكرت في هذه السفر وكانت من الذبائح (ص 7: 16 و12: 18 و21 و23 و23: 38) وهي هنا أعمّ من الذبائح أي قد يكون النذر ذبيحة وقد يكون غيرها.

2 «قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: إِذَا أَفْرَزَ إِنْسَانٌ نَذْراً حَسَبَ تَقْوِيمِكَ نُفُوساً لِلرَّبِّ».

عدد 6: 2 وقضاة 11: 30 و31 و39 و1صموئيل 1: 11 و28

إِذَا أَفْرَزَ إِنْسَانٌ نَذْراً وترجم بعضهم هذا بقوله «وقف نذراً» وترجمه علماء الدين اليهودي مدة الهيكل الثاني بقولهم «فاه بنذر». وعلى هذا جاء في الترجمة الكلدانية القديمة «فاه بنذر بوضوح (أو ببيان)» فلم يكن يصحّ النذر بمجرد التصور العقلي دون اللفظ فكان يجب أن يبين بالكلام جلياً. ولم تذكر صورة كلام النذر في الكتاب المقدس كغيرها من التفاصيل التي تُركت لاختيار خدم الدين أو علماء الشريعة. وتقسم النذور إلى قسمين الأول النذور الإيجابية وهي التي يوجبها الإنسان على نفسه من المقاصد والأعمال الدينية أو وقف بعض أهل بيته أو كلهم لله أو وقف شيء من الأملاك والمقتنيات لخدمة الله. وكانت صورة النذر الكلامية في هذا القسم «ها أنا قد وقفت كذا للرب». والثاني النذور السلبية وهي التي يوجب فيها الإنسان على نفسه الامتناع عن شيء من الأشياء وصورتها الكلامية «يحرم عليّ كذا وكذا مدة كذا وكذا يوماً أو أسبوعاً أو إلى الأبد».

حَسَبَ تَقْوِيمِكَ نُفُوساً لِلرَّبِّ أي نفوساً للرب حسب تقويمك والمعنى أنه إذا نذر إنسان نفوساً للرب فليفتدها بحسب تقديرك من المال. فكان موسى يعيّن مقدار الفدية عن النفس. وفي هذه العبارة بيان حقيقة المنذور والمعنى أن الإنسان يقف نفسه أو ابنه أو غيره من أهل بيته للرب ويفتدي النذير بمال يقدره موسى النبي (انظر ص 5: 15 و18).

3 «فَإِنْ كَانَ تَقْوِيمُكَ لِذَكَرٍ مِنِ ٱبْنِ عِشْرِينَ سَنَةً إِلَى ٱبْنِ سِتِّينَ سَنَةً، يَكُونُ تَقْوِيمُكَ خَمْسِينَ شَاقِلَ فِضَّةٍ عَلَى شَاقِلِ ٱلْمَقْدِسِ».

خروج 30: 13

مِنِ ٱبْنِ عِشْرِينَ سَنَةً إِلَى ٱبْنِ سِتِّينَ لم يقتصر على أن يكون النذير ذكراً بل نظر مع ذلك إلى قدر سنّه والسنون المذكورة هنا أحسن سني الحياة. ولا يعتبر النذير هنا بالنسبة إلى مقامه بل بالنسبة إلى قيمة خدمته.

خَمْسِينَ شَاقِلَ فِضَّةٍ عَلَى شَاقِلِ ٱلْمَقْدِسِ سواء كان ذلك نذراً عن نفسه أو عن غيره. وقيمة الخمسين شاقلاً من الفضة من نقودنا اليوم نحو 883 غرشاً. وهذا كان فداء النذير ما بين سن العشرين وسن الستين غنياً كان أو فقيراً. وكان عليه أن يؤدي هذا المبلغ على ما عُرف مدة الهيكل الثاني إذا قال «قيمتي عليّ» أو «قيمة هذا الإنسان عليّ» أو «قيمة إنسان ما عليّ».

4 «وَإِنْ كَانَ أُنْثَى يَكُونُ تَقْوِيمُكَ ثَلاَثِينَ شَاقِلاً».

وَإِنْ كَانَ أُنْثَى... ثَلاَثِينَ شَاقِلاً لما كانت الأنثى إناء ضعيفاً وعملها أقل قيمة من عمل الرجل فإذا نذرت نفسها أو غيرها من بنات جنسها كان عليها أن تؤدي ثلاثين شاقلاً أو نحو 528 غرشاً من نقودنا اليوم. وكانت هذه القيمة قيمة العبد (خروج 31: 32) وهو الثمن الذي باع به يهوذا الاسخريوطي يسوع المسيح (متّى 27: 9). والمظنون أن يفتاح كان له أن يفدي ابنته التي وقع عليها النذر بهذا المقدار (قضاة 11: 30 وكيف كان الأمر فانظر ع 29).

5 «وَإِنْ كَانَ مِنِ ٱبْنِ خَمْسِ سِنِينَ إِلَى ٱبْنِ عِشْرِينَ سَنَةً يَكُونُ تَقْوِيمُكَ لِذَكَرٍ عِشْرِينَ شَاقِلاً، وَلأُنْثَى عَشَرَةَ شَوَاقِلَ».

مِنِ ٱبْنِ خَمْسِ سِنِينَ إِلَى ٱبْنِ عِشْرِينَ ذكر النذر على ابن خمس سنين دليل قاطع أنه لا يُراد بالنذر في هذا الفصل النذر الذي يجعله الإنسان على نفسه دون غيره بل يصدق على هذا وعلى نذر الإنسان غيره من أهل بيته أو أقربائه لان ابن خمس سنين لا يستطيع أن يؤدي ما يقتضيه النذر. فيُفهم من هذا إن أحد الوالدين ينذر الولد للرب ويفديه بالقدر المذكور.

لِذَكَرٍ عِشْرِينَ شَاقِلاً لأن عمل الولد في مثل السن المذكور قليل القيمة ففديته نحو 352 غرشاً.

وَلأُنْثَى عَشَرَةَ شَوَاقِلَ أي نحو 176 غرشاً ومثل هذا كان على ابن ما فوق الستين (انظر ع 7).

6 «وَإِنْ كَانَ مِنِ ٱبْنِ شَهْرٍ إِلَى ٱبْنِ خَمْسِ سِنِينَ يَكُونُ تَقْوِيمُكَ لِذَكَرٍ خَمْسَةَ شَوَاقِلِ فِضَّةٍ، وَلأُنْثَى يَكُونُ تَقْوِيمُكَ ثَلاَثَةَ شَوَاقِلِ فِضَّةٍ».

مِنِ ٱبْنِ شَهْرٍ إِلَى ٱبْنِ خَمْسِ سِنِينَ هذا برهان ثانٍ أقطع من الأول على أن النذر هنا يطلق على نذر الإنسان على نفسه ونذره على نفس غيره ولا شك في أن الناذر أحد والديه او غيرهما ينذر على نفسه أن يؤدي عن ذلك الولد الفداء الواجب. وكانت صورة النذر هنا على ما عُرف مدة الهيكل الثاني «هآنذا عليّ ثمن ابني أو ابنتي أو ابن أو ابنة».

لِذَكَرٍ خَمْسَةَ شَوَاقِلِ أو نحو 87 غرشاً إذ لا قيمة لخدمة الصبي في هذا السن.

وَلأُنْثَى ثَلاَثَةَ شَوَاقِلِ أو نحو 52 غرشاً إذ هي أقل قيمة من الصبي بالنظر إلى خدمتها.

7 «وَإِنْ كَانَ مِنِ ٱبْنِ سِتِّينَ سَنَةً فَصَاعِداً فَإِنْ كَانَ ذَكَراً يَكُونُ تَقْوِيمُكَ خَمْسَةَ عَشَرَ شَاقِلاً. وَأَمَّا لِلأُنْثَى فَعَشَرَةَ شَوَاقِلَ».

مِنِ ٱبْنِ سِتِّينَ سَنَةً فَصَاعِداً وفي هذا السن يكون مرّ زمن أحسن عمله غالباً فهو ثاني الولد.

ذَكَراً... خَمْسَةَ عَشَرَ شَاقِلاً أي نحو 263 غرشاً.

وَأَمَّا لِلأُنْثَى فَعَشَرَةَ شَوَاقِلَ اعتُبر الرجل من ابن ستين وصاعداً بمنزلة ابنة من سن الخمس إلى سن العشرين (انظر ع 5). وقيمة العشرة الشواقل نحو 176 غرشاً. فالنسبة بين الرجل والمرأة في سن الكبر غير النسبة بينهما في سن الحداثة. قال علماء الدين اليهودي مدة الهيكل الثاني «الرجل الكبير في البيت يشغل الطريق أبداً والمرأة الكبيرة في البيت كنز لأنها ترتب كل أمور البيت».

8 «وَإِنْ كَانَ فَقِيراً عَنْ تَقْوِيمِكَ يُوقِفُهُ أَمَامَ ٱلْكَاهِنِ فَيُقَوِّمُهُ ٱلْكَاهِنُ. عَلَى قَدْرِ مَا تَنَالُ يَدُ ٱلنَّاذِرِ يُقَوِّمُهُ ٱلْكَاهِنُ».

وَإِنْ كَانَ فَقِيراً عَنْ تَقْوِيمِكَ أي غير قادر أن يؤدي القدر الذي تعيّنه لفقره.

يُوقِفُهُ أَمَامَ ٱلْكَاهِنِ لم يتبيّن فاعل يوقف سوى أنه ضمير مستتر ولم يبين إلى من يعود فعلى هذا يصح أن يوقفه أحد الكهنة أو رجل غير معيّن. وفي بعض التراجم الأجنبية «يمثل نفسه أمام الكاهن». فكان هذا الفقير يقف أمام الكاهن فيفحص عن أحواله ويفرض عليه بحسبها. وكان أقل ما يؤديه على ما عُرف مدة الهيكل الثاني شاقلاً واحداً. وكان انه إذا امتنع بشرط أن لا تكون ضرورية لقوام حياته وكان يأخذ ذلك أحد الشُرط. وكان على الشرطي أن يترك له أدوات العمل الضرورية ونير الثيران والحمار أو الأتان. وأن يترك له من الطعام ما يكفيه ثلاثين يوماً ومن الفرش ما يكفيه اثني عشر شهراً وأن يترك له الأحذية والرقوق المكتوبة وأمتعة زوجته وثياب أولاده.

9 «وَإِنْ كَانَ بَهِيمَةً مِمَّا يُقَرِّبُونَهُ قُرْبَاناً لِلرَّبِّ، فَكُلُّ مَا يُعْطِي مِنْهُ لِلرَّبِّ يَكُونُ قُدْساً».

وَإِنْ كَانَ بَهِيمَةً مِمَّا يُقَرِّبُونَهُ أي إن كان ما ينذره الإنسان بهيمة من ذوات الأربع التي يصح أن تُقدّم قرباناً أو إن كان ثوراً أو نعجة أو عنزة.

يَكُونُ قُدْساً لا يُفدى أبداً فيجب أن يعطى للقدس وللكهنة أن يبيعوه للإسرائيليين الذين يريدون أن يقدموه ذبيحة على المذبح وينفق الثمن على الخدمة.

10 «لاَ يُغَيِّرُهُ وَلاَ يُبْدِلُهُ جَيِّداً بِرَدِيءٍ أَوْ رَدِيئاً بِجَيِّدٍ. وَإِنْ أَبْدَلَ بَهِيمَةً بِبَهِيمَةٍ تَكُونُ هِيَ وَبَدِيلُهَا قُدْساً».

لاَ يُغَيِّرُهُ وَلاَ يُبْدِلُهُ فالحيوان الذي يُنذر يجب أن يقدم بدون أدنى تغيير ولا يجوز أن يُبدل بغيره فإن أتى ببدل عنه كان البدل والمبدّل منه مقدساً معاً أي كانا للقدس لا يفديان. وهذا الذي عُلم من استعمالهم أيضاً.

11 «وَإِنْ كَانَ بَهِيمَةً نَجِسَةً مِمَّا لاَ يُقَرِّبُونَهُ قُرْبَاناً لِلرَّبِّ يُوقِفُ ٱلْبَهِيمَةَ أَمَامَ ٱلْكَاهِنِ».

وَإِنْ كَانَ بَهِيمَةً نَجِسَةً اي إن كان ما نذره من الحيوانات النجسة التي لا يجوز تقديمها ذبائح للرب أو ليست من أنواع البهائم الثلاثة البقر والغنم والمعزى. قال علماء الناموس مدة الهيكل الثاني يدخل تحت هذه البهيمة ما فيه عيب من البهائم النجسة.

12 «فَيُقَوِّمُهَا ٱلْكَاهِنُ جَيِّدَةً أَمْ رَدِيئَةً. فَحَسَبَ تَقْوِيمِكَ يَا كَاهِنُ هٰكَذَا يَكُونُ».

جَيِّدَةً أَمْ رَدِيئَةً أي فيقدّر الكاهن قيمتها سواء كانت ذات قيمة كبيرة أو ذات قيمة صغيرة بالنظر إلى جودتها ورداءتها.

13 «فَإِنْ فَكَّهَا يَزِيدُ خُمْسَهَا عَلَى تَقْوِيمِكَ».

ع 15 و19

فَإِنْ فَكَّهَا أي فإن أراد فداءها الرجل الذي نذرها على أن القيمة وُضعت على من يشتريها سوى ناذرها.

يَزِيدُ خُمْسَهَا عَلَى تَقْوِيمِكَ أي يزيد على ما قومتها به خمسه ولعل هذا وُضع جزاء على الناذر لأنه رجع عما وعد به الرب. وإن شئت أن تعرف كيف كان يعيّن الخمس أو يحُسب مدة الهيكل الثاني فانظر تفسير (ص 5: 16).

14 «وَإِذَا قَدَّسَ إِنْسَانٌ بَيْتَهُ قُدْساً لِلرَّبِّ يُقَوِّمُهُ ٱلْكَاهِنُ جَيِّداً أَمْ رَدِيئاً. وَكَمَا يُقَوِّمُهُ ٱلْكَاهِنُ هٰكَذَا يَقُومُ».

وَإِذَا قَدَّسَ إِنْسَانٌ بَيْتَهُ أي و قف بيته لخدمة الرب بطريق النذر. فكان يُباع البيت المنذور ويأخذ خدم الدين في الهيكل ثمنه وينفقونه على إصلاح القدس إذا اقتضت الحال إصلاحه أو على بيوت تُبنى للكهنة أو على غير ذلك من أمور الهيكل. وما كان البيع يصح إلا بعد أن يفحص الكاهن عن أحوال ذلك البيت ويقدر قيمته بالنظر إلى تلك الأحوال. وحينئذ يكون لكل واحد أن يشتريه بالثمن المعيّن إذا شاء. وفسّر خدم الدين أو علماء الناموس مدة الهيكل الثاني البيت بالبناء أو ما يختص بالبناء من أرض ومتاع وأثاث يفرزه رب البيت ويقفه لله على سبيل النذر. وقالوا إذا نظر الإنسان شيئاً خطأ لم يكن واجباً للقدس عُدّ النذر باطلاً. وفد فهم من ذلك إن الموقوف على سبيل النذر لم يكن كالموقوف عندنا اليوم للأمور الدينية فإن ذلك كان يؤخذ ثمنه فقط أو فداؤه للقدس فهو مما يفك ويُباع. ويغلب في عصرنا واصطلاحنا اليوم إن الوقف لا يُباع ولا يُشرى.

15 «فَإِنْ كَانَ ٱلْمُقَدِّسُ يَفُكُّ بَيْتَهُ، يَزِيدُ خُمْسَ فِضَّةِ تَقْوِيمِكَ عَلَيْهِ فَيَكُونُ لَهُ».

ع 13

فَإِنْ كَانَ ٱلْمُقَدِّسُ يَفُكُّ بَيْتَهُ كان على صاحب البيت الذي نذر البيت أو ابنه أو أحد أقاربه أن يفدي البيت بزيادة خُمس الثمن الذي عيّنه الكاهن مع أنه لم يكن على من أراد أن يشتريه من غير هؤلاء أن يؤدي سوى الثمن المعيّن كما كان الأمر في نذر البهيمة التي لا تصلح لأن تقرب على المذبح. وما ظهر لنا علة ذلك سوى أن الناذر أو المقدس أو قريبه كان كأنه يطلب الفكاك قد رجع عن وعده للرب فكان الخمس الزائد جزاء على ذلك (انظر تفسير ع 13).

16 «وَإِنْ قَدَّسَ إِنْسَانٌ بَعْضَ حَقْلِ مُلْكِهِ لِلرَّبِّ يَكُونُ تَقْوِيمُكَ عَلَى قَدَرِ بِذَارِهِ. بِذَارُ حُومَرٍ مِنَ ٱلشَّعِيرِ بِخَمْسِينَ شَاقِلِ فِضَّةٍ».

بَعْضَ حَقْلِ مُلْكِهِ أي إن وقف على سبيل النذر جزءاً من حقل وصل إليه بالإرث عن أسلافه لخدمة القدس فذلك الجزء وقف لا يُباع ولا يُشرى وهذا ما يميزه عن الحقل الذي حدده بالشراء من ماله (انظر ع 22). والذي يفيده قوله «بعض حقل ملكه» إن ليس لإنسان أن ينذر كل أرض ملكه للقدس لأنه بذلك يفتقر عياله.

يَكُونُ تَقْوِيمُكَ عَلَى قَدَرِ بِذَارِهِ كان الكاهن يقوّم الجزء المنذور من الحقل على قدر ما يُزرع فيه من البذار.

بِذَارُ حُومَرٍ مِنَ ٱلشَّعِيرِ الحومر مكيال قدره عشر إيفات (انظر خروج 16: 36) والإيفة مكيال يساوي نحو كيلة سلطانية وسدسها.

بِخَمْسِينَ شَاقِلِ فِضَّةٍ ذلك نحو 883 غرشاً (انظر ع 3 والتفسير). وكان هذا المبلغ على ما عُرف مدة الهيكل الثاني مقام غلة ذاك الجزء تسعاً وأربعين سنة أي ما بين يوبيل ويوبيل فكان على كل سنة شاقل و1 على 49 من الشاقل وكان له في مثل هذه الحال أن يفك وأن يبيع ما وقفه للقدس متى أراد لأن أرض الميراث لا يجوز أن تخرج من ملك الوارث إلى الأبد كما علمت سابقاً.

17 «إِنْ قَدَّسَ حَقْلَهُ مِنْ سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ فَحَسَبَ تَقْوِيمِكَ يَقُومُ».

إِنْ قَدَّسَ حَقْلَهُ مِنْ سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ أي إنه يؤدي خمسين شاقلاً إن كان وقت تقديس الحقل من سنة اليوبيل فتكون مدة التقديس تسعاً وأربعين سنة.

18 «وَإِنْ قَدَّسَ حَقْلَهُ بَعْدَ سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ يَحْسِبُ لَهُ ٱلْكَاهِنُ ٱلْفِضَّةَ عَلَى قَدَرِ ٱلسِّنِينَ ٱلْبَاقِيَةِ إِلَى سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ، فَيُنَقَّصُ مِنْ تَقْوِيمِكَ».

ص 25: 15 و16

وَإِنْ قَدَّسَ حَقْلَهُ بَعْدَ سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ فيعطي قيمة الفكاك بقدر السنين الباقية إلى اليوبيل.

فَيُنَقَّصُ مِنْ تَقْوِيمِكَ على مقدار السنين الماضية من المدة بين اليوبيلين فإن كان الوقت الذي نذر فيه بعد عشرين سنة من اليوبيل مثلاً كانت السنون الباقية إلى اليوبيل التالي تسعاً وعشرين فينقّص الذي يؤدي فكاكاً عشرين شاقلاً و20 على 49 من الشاقل وقس على ذلك.

19 «فَإِنْ فَكَّ ٱلْحَقْلَ مُقَدِّسُهُ، يَزِيدُ خُمْسَ فِضَّةِ تَقْوِيمِكَ عَلَيْهِ فَيَجِبُ لَهُ».

ع 13

فَإِنْ فَكَّ ٱلْحَقْلَ مُقَدِّسُهُ (انظر ع 13) أو امرأته أو ولده أو أحد أقربائه على ما أفاد علماء الناموس مدة الهيكل الثاني. وعلة زيادة الخُمس ذكرت في ما مرّ (انظر تفسير ع 13 و1ع 15).

20 «لٰكِنْ إِنْ لَمْ يَفُكَّ ٱلْحَقْلَ وَبِيعَ ٱلْحَقْلُ لإِنْسَانٍ آخَرَ لاَ يُفَكُّ بَعْدُ».

إِنْ لَمْ يَفُكَّ ٱلْحَقْلَ بعد كل التسهيلات التي جعلتها الشريعة للناذر ليفك ملك ميراثه قبل سنة اليوبيل ولم يكترث بدوام اسم أسرته وكل ذلك دناءة.

وَبِيعَ ٱلْحَقْلُ لإِنْسَانٍ آخَرَ زيادة على أنه لم يكترث بدوام اسم أسرته فزاد دناءته دناءة.

لاَ يُفَكُّ بَعْدُ أي لا يبقى للناذر حق الفكاك.

21 «بَلْ يَكُونُ ٱلْحَقْلُ عِنْدَ خُرُوجِهِ فِي ٱلْيُوبِيلِ قُدْساً لِلرَّبِّ كَٱلْحَقْلِ ٱلْمُحَرَّمِ. لِلْكَاهِنِ يَكُونُ مُلْكُهُ».

ص 25: 10 و28 و31 ع 28 عدد 18: 14 وحزقيال 44: 29

بَلْ يَكُونُ ٱلْحَقْلُ عِنْدَ خُرُوجِهِ فِي ٱلْيُوبِيلِ أي عند خروجه من ملك الشاري لأن كل شار لأرض يبطل ملكه إياها في سنة اليوبيل (انظر ص 25: 25 - 28 والتفسير).

قُدْساً لِلرَّبِّ فلا يُرد إلى بائعه الذي نذره ورفض أن يفكه فيبقى لله كسائر الموقوفات الأبدية له تعالى (انظر ع 28). وعلى ما عُرف من علماء الناموس مدة الهيكل الثاني أن مفاد الشريعة في (ع 20 و21) «إذا لم يفك ناذر الحقل ما نذره قبل سنة اليوبيل وبقي الحقل المنذور ملكاً للقدس الذي له الاستيلاء على كل نذر أو إذا باع أمناء خزينة الهيكل الحقل لآخر ولم يفكه منه ناذره يخرج سنة اليوبيل من ملك القدس والشاري ويصير للكاهن الخادم على أن لهذا الكاهن أن يبيعه إذا شاء».

22 «وَإِنْ قَدَّسَ لِلرَّبِّ حَقْلاً مِنْ شِرَائِهِ لَيْسَ مِنْ حُقُولِ مُلْكِهِ».

ص 25: 10 و25

وَإِنْ قَدَّسَ لِلرَّبِّ حَقْلاً مِنْ شِرَائِهِ أي إن وقف إنسان على سبيل النذر حقلاً اشتراه ويكون ملكه إياه ليس إلا إلى حلول اليوبيل (فإنه ثمّ يرد إلى بائعه). (انظر ص 25: 25 - 28) اختلفت الحال كما سترى.

23 «يَحْسِبُ لَهُ ٱلْكَاهِنُ مَبْلَغَ تَقْوِيمِكَ إِلَى سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ، فَيُعْطِي تَقْوِيمَكَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ قُدْساً لِلرَّبِّ».

ع 18

يَحْسِبُ لَهُ ٱلْكَاهِنُ ليس على الناذر في هذه الحال أن يؤدي المبلغ الشرعي المعيّن على ذلك الحقل الذي هو ميراث من الأسرة (انظر ع 16) ولكن كان للكاهن أن يقدّر قيمة غلّته إلى سنة اليوبيل (انظر ص 25: 14 - 16).

فَيُعْطِي تَقْوِيمَكَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ كان على الناذر أو أحد أقربائه أن يؤدي ذلك بدون زيادة خمس القيمة المقوم بها بخلاف الحقل الموروث.

24 «وَفِي سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ يَرْجِعُ ٱلْحَقْلُ إِلَى ٱلَّذِي ٱشْتَرَاهُ مِنْهُ، إِلَى ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلأَرْضِ».

ص 25: 28

يَرْجِعُ ٱلْحَقْلُ إِلَى ٱلَّذِي ٱشْتَرَاهُ إنه بمقتضى الشريعة الموضوعة في (ص 25: 23 - 28) إن الحقل المنذور لا يرجع إلى الذي اشتراه في سنة اليوبيل بل إلى صاحبه الوارث الذي اشتراه الناذر منه.

25 «وَكُلُّ تَقْوِيمِكَ يَكُونُ عَلَى شَاقِلِ ٱلْمَقْدِسِ. عِشْرِينَ جِيرَةً يَكُونُ ٱلشَّاقِلُ».

خروج 30: 13 وعدد 3: 47 و18: 16 وحزقيال 45: 12

عَلَى شَاقِلِ ٱلْمَقْدِسِ إذ كانت النذور لنفع القدس كانت القيم تقدّر على شواقل القدس (خروج 30: 13).

عِشْرِينَ جِيرَةً يَكُونُ ٱلشَّاقِلُ الجيرة تعدل 16 حبة شعير أو قمحة (خروج 30: 13).

26 «لٰكِنَّ ٱلْبِكْرَ ٱلَّذِي يُفْرَزُ بِكْراً لِلرَّبِّ مِنَ ٱلْبَهَائِمِ فَلاَ يُقَدِّسُهُ أَحَدٌ. ثَوْراً كَانَ أَوْ شَاةً فَهُوَ لِلرَّبِّ».

خروج 13: 2 و12 و22: 30 وعدد 18: 17 وتثنية 15: 19

لٰكِنَّ ٱلْبِكْرَ أبان إن الأشياء التي يصحّ أن تنذر للرب أربعة:

  1. الإنسان (ع 2 - 8).

  2. الحيوان غير الناطق أي البهيمة (ع 9 - 13).

  3. البيت (ع 14 و15).

  4. الأرض (ع 16 - 25). ومُنع من ذلك اثنان (1) بكر البهائم و(2) المحرّم فإن البكر للرب على ما صُرح مراراً (خروج 13: 2). ونذر ما هو للرب للرب شرب من الهذيان أو الهزء.

فَهُوَ لِلرَّبِّ لأنه بكر والبكر للرب فلا ينذر للرب ما له.

27 «وَإِنْ كَانَ مِنَ ٱلْبَهَائِمِ ٱلنَّجِسَةِ يَفْدِيهِ حَسَبَ تَقْوِيمِكَ وَيَزِيدُ خُمْسَهُ عَلَيْهِ. وَإِنْ لَمْ يُفَكَّ فَيُبَاعُ حَسَبَ تَقْوِيمِكَ».

ع 11 و12 و13

وَإِنْ كَانَ مِنَ ٱلْبَهَائِمِ ٱلنَّجِسَةِ أي وإن كان المنذور بكر بهيمة نجسة فله أن يفديه بزيادة خُمس الثمن الذي يعيّنه الكاهن. و إن لم يفده فلأمين خزانة الهيكل أن يبيعه من أراد أن يشتريه وينفق ثمنه على إصلاح القدس. وفي هذا شيء من الخلاف للفريضة في (خروج 13: 13 و34: 20) فإنه بُيّن هنالك أن بكر الحمار إما أنه يُفدى بنعجة وإما أنه يُقتل فدفع ذلك علماء الشريعة مدة الهيكل الثاني إن المقصود في سفر الخروج بكر الحيوان النجس وأما هنا فأراد البهيمة النجسة مطلقاً. (قلت ولا حاجة إلى هذا التأويل أيضاً لأن الكلام هنا يصح على نذر البكر بعد فدائه وإلا فهو للرب فلا ينذر فتأمل).

28 «أَمَّا كُلُّ مُحَرَّمٍ يُحَرِّمُهُ إِنْسَانٌ لِلرَّبِّ مِنْ كُلِّ مَا لَهُ مِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلْبَهَائِمِ وَمِنْ حُقُولِ مُلْكِهِ فَلاَ يُبَاعُ وَلاَ يُفَكُّ. إِنَّ كُلَّ مُحَرَّمٍ هُوَ قُدْسُ أَقْدَاسٍ لِلرَّبِّ».

ع 21 ويشوع 6: 17 و18 و19

أَمَّا كُلُّ مُحَرَّمٍ المحرّم هو الذي يُنذر ويحرّم أنه يُفدى.

مِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلْبَهَائِمِ وَمِنْ حُقُولِ مُلْكِهِ أي من ابن أو عبد أو بهيمة أو أرض.

كُلَّ مُحَرَّمٍ هُوَ قُدْسُ أَقْدَاسٍ لِلرَّبِّ عنى بقوله «قدس أقداس كثير القداسة أو أكثر قداسة من سواه». وهذا المحرّم لا يُباع ولا يُشرى فناذره لا يجوز له أن يفكه وخدم القدس لا يجوز لهم أن يبيعوه إنما يكون من أملاك الكهنة (انظر ع 17 وعدد 18: 14 وحزقيال 44: 29).

29 «كُلُّ مُحَرَّمٍ يُحَرَّمُ مِنَ ٱلنَّاسِ لاَ يُفْدَى. يُقْتَلُ قَتْلاً».

عدد 21: 2 و3

كُلُّ مُحَرَّمٍ يُحَرَّمُ مِنَ ٱلنَّاسِ أي كل منذور من البشر نذر تحريمٍ من البيع والشراء لا يُفدى فيكون منزلته منزلة وقف الأملاك الموروثة من الأرض فإذا نذر لله نذر تحريم أو منع كان «قدس أقداس» للرب.

يُقْتَلُ قَتْلاً لا ليقدم ذبيحة للرب بل بالعكس فإنه يُقتل ليُرفع من أمام الرب أو يُعزل ويحجب عن نظره. وهذا علة حزن يفتاح على ابنته لأنه على هذه الشريعة جرى ولولا ذلك لفدى ابنته بكل عزيز لديه.

30 «وَكُلُّ عُشْرِ ٱلأَرْضِ مِنْ حُبُوبِ ٱلأَرْضِ وَأَثْمَارِ ٱلشَّجَرِ فَهُوَ لِلرَّبِّ. قُدْسٌ لِلرَّبِّ».

تكوين 28: 22 وعدد 18: 21 و24 و2أيام 31: 5 و6 و12 ونحميا 13: 12 وملاخي 3: 8 و10

كُلُّ عُشْرِ ٱلأَرْضِ أي عُشر نبت التربة أو ما ينبت فيها. وهذا بخلاف العُشر المذكور في (ع 32) لأن هذا يُفك وذاك لا يُفك لأنه لله كبكر البهائم (ع 26) فإنه لله بسنة أُخرى والإنسان لا يقدر أن ينذر للرب ما هو للرب.

مِنْ حُبُوبِ ٱلأَرْضِ أي غلة ما يزرع من الحبوب (عدد 18: 21 - 24 وتثنية 14: 22 - 29).

31 «وَإِنْ فَكَّ إِنْسَانٌ بَعْضَ عُشْرِهِ يَزِيدُ خُمْسَهُ عَلَيْهِ».

ع 13

وَإِنْ فَكَّ إِنْسَانٌ أي إن أراد إنسان أن يفك (انظر ع 13 و19). إن الإنسان مع أنه ليس له أن ينذر العشور لأنها للرب كان له أن يفكها إذا زاد الخمس على القيمة التي لها. قال علماء الدين اليهودي مدة الهيكل الثاني لكل إنسان أن يفك العشور من شخص آخر بتأدية الثمن الكامل بدون أن يزيد الخُمس. وإن الأعشار يمكن أن تؤكل في أي مكان أُريد لكن نقود الفكاك يجب أن تؤخذ إلى أورشليم وتُنفق على الولائم للاويين والغرباء والمساكين.

32 «وَأَمَّا كُلُّ عُشْرِ ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ فَكُلُّ مَا يَعْبُرُ تَحْتَ ٱلْعَصَا يَكُونُ ٱلْعَاشِرُ قُدْساً لِلرَّبِّ».

إرميا 33: 13 وحزقيال 20: 37 وميخا 7: 14

فَكُلُّ مَا يَعْبُرُ تَحْتَ ٱلْعَصَا كان طريق عدّ البهائم لتعشيرها على ما وصف علماء الناموس هكذا إن صاحب البهائم يجمع كل الخراف والعجول إلى الحظيرة ويجعل لها باباً صغيراً حتى أنه يتعذر على البهائم التي في الحظيرة أن يخرج اثنان منها معاً ويضع أمّات الخراف والعجول خارج الحظيرة فإذا ثغت النعاج وخارت البقر سمعتها الحملان والعجول وأخذت تخرج من الحظيرة فأخذ الرجل يعدها بعصاه. وعلى هذا قوله «فكل ما يعبر تحت العصا». فيقول واحد اثنان ثلاثة الخ والعاشر سواء كان أنثى أو ذكراً جيداً أو ردياً يعلّمه بعلامة حمراء ويقول «هذا عشر». وهذه العادة أشار إليها النبي بقوله «وَأُمِرُّكُمْ تَحْتَ ٱلْعَصَا، وَأُدْخِلُكُمْ فِي رِبَاطِ ٱلْعَهْدِ» (حزقيال 20: 37). يعني أنكم ستُعلَّمون مرة بعلامة تدل على أنكم للرب.

33 «لاَ يُفْحَصُ أَجَيِّدٌ هُوَ أَمْ رَدِيءٌ وَلاَ يُبْدِلُهُ. وَإِنْ أَبْدَلَهُ يَكُونُ هُوَ وَبَدِيلُهُ قُدْساً. لاَ يُفَكُّ».

ع 10

لاَ يُفْحَصُ أَجَيِّدٌ هُوَ أَمْ رَدِيءٌ أي ليس على صاحب البهائم أن يميّز الجيد من الرديء في ذلك وما عليه إلا أن يعلّم العاشر ليفَرز للرب.

34 «هٰذِهِ هِيَ ٱلْوَصَايَا ٱلَّتِي أَوْصَى ٱلرَّبُّ بِهَا مُوسَى إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي جَبَلِ سِينَاءَ».

ص 26: 46

هٰذِهِ هِيَ ٱلْوَصَايَا الإشارة إلى الوصايا المذكورة من أول هذا الأصحاح إلى آخره أي من (ع 1 - 34).

فِي جَبَلِ سِينَاءَ أي في أرض سيناء الجبلية (انظر ص 26: 46).

 
Call of Hope  
P.O.Box 10 08 27  
D-70007 
Stuttgart 
Germany