العودة الى الصفحة السابقة
شرح سفر صَفَنْيَا

شرح سفر صَفَنْيَا

السّنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

للقس وليم مارش


Bibliography

السّنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم: شرح سفر صَفَنْيَا. للقس وليم مارش . Copyright © 2009 All rights reserved Call of Hope. . صدر عن مجمع الكنائس في الشرق الأدنى بيروت 1973. . English title: . German title: . Call of Hope. P.O.Box 10 08 27 D - 70007 Stuttgart Germany http: //www.call - of - hope.com .

مقدمة

تفتقر خزانة الأدب المسيحي إلى مجموعة كاملة من التفاسير لكتب العهدين القديم والجديد. ومن المؤسف حقاً أنه لا توجد حالياً في أية مكتبة مسيحية في شرقنا العربي مجموعة تفسير كاملة لأجزاء الكتاب المقدس. وبالرغم من أن دور النشر المسيحية المختلفة قد أضافت لخزانة الأدب المسيحي عدداً لا بأس به من المؤلفات الدينية التي تمتاز بعمق البحث والاستقصاء والدراسة، إلا أن أياً من هذه الدور لم تقدم مجموعة كاملة من التفاسير، الأمر الذي دفع مجمع الكنائس في الشرق الأدنى بالإسراع لإعادة طبع كتب المجموعة المعروفة باسم: «كتاب السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم» للقس وليم مارش، والمجموعة المعروفة باسم «الكنز الجليل في تفسير الإنجيل» وهي مجموعة تفاسير كتب العهد الجديد للعلامة الدكتور وليم إدي.

ورغم اقتناعنا بأن هاتين المجموعتين كتبتا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين إلا أن جودة المادة ودقة البحث واتساع الفكر والآراء السديدة المتضمنة فيهما كانت من أكبر الدوافع المقنعة لإعادة طبعهما.

هذا وقد تكرّم سينودس سوريا ولبنان الإنجيلي مشكوراً - وهو صاحب حقوق الطبع - بالسماح لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى بإعادة طبع هاتين المجموعتين حتى يكون تفسير الكتاب في متناول يد كل باحث ودارس.

ورب الكنيسة نسأل أن يجعل من هاتين المجموعتين نوراً ونبراساً يهدي الطريق إلى معرفة ذاك الذي قال: «أنا هو الطريق والحق والحياة».

القس ألبرت استيرو

الأمين العام

لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى

اَلأَصْحَاحُ ٱلأَوَّلُ

1 - 6 «1 كَلِمَةُ ٱلرَّبِّ ٱلَّتِي صَارَتْ إِلَى صَفَنْيَا بْنِ كُوشِي بْنِ جَدَلْيَا بْنِ أَمَرْيَا بْنِ حَزَقِيَّا، فِي أَيَّامِ يُوشِيَّا بْنِ آمُونَ مَلِكِ يَهُوذَا: 2 نَزْعاً أَنْزَعُ ٱلْكُلَّ عَنْ وَجْهِ ٱلأَرْضِ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ. 3 أَنْزِعُ ٱلإِنْسَانَ وَٱلْحَيَوَانَ. أَنْزِعُ طُيُورَ ٱلسَّمَاءِ وَسَمَكَ ٱلْبَحْرِ، وَٱلْمَعَاثِرَ مَعَ ٱلأَشْرَارِ، وَأَقْطَعُ ٱلإِنْسَانَ عَنْ وَجْهِ ٱلأَرْضِ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ. 4 وَأَمُدُّ يَدِي عَلَى يَهُوذَا وَعَلَى كُلِّ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ، وَأَقْطَعُ مِنْ هٰذَا ٱلْمَكَانِ بَقِيَّةَ ٱلْبَعْلِ، ٱسْمَ ٱلْكَمَارِيمِ، مَعَ ٱلْكَهَنَةِ، 5 وَٱلسَّاجِدِينَ عَلَى ٱلسُّطُوحِ لِجُنْدِ ٱلسَّمَاءِ، وَٱلسَّاجِدِينَ ٱلْحَالِفِينَ بِٱلرَّبِّ، وَٱلْحَالِفِينَ بِمَلْكُومَ، 6 وَٱلْمُرْتَدِّينَ مِنْ وَرَاءِ ٱلرَّبِّ، وَٱلَّذِينَ لَمْ يَطْلُبُوا ٱلرَّبَّ وَلاَ سَأَلُوا عَنْهُ».

2ملوك 22: 1 - 23 و2أيام 34: 1 - 35: 25 وإرميا 1: 2 و22: 11 و2ملوك 21: 18 - 26 و2أيام 33: 20 - 25 إرميا 7: 20 و حزقيال 33: 27 و28 إشعياء 6: 11 و12 إرميا 4: 25 و9: 10 حزقيال 7: 19 و14: 3 و4 و8 إرميا 6: 12 وحزقيال 6: 14 ميخا 5: 13 و2ملوك 23: 5 و4 و8 إرميا 6: 12 وحزقيال 6: 14 ميخا 5: 13 و2ملوك 23: 5 وهوشع 10: 5 و2ملوك 23: 12 وإرميا 19: 13 إرميا 5: 2 و7 و7: 9 و10 إرميا 49: 1 إشعياء 1: 4 إشعياء 9: 13

معنى الاسم صفنيا «يستره يهوه» وبخلاف العادة في الأنبياء فإن سلسلة نسبه مذكورة إلى الجيل الرابع والمظنون أن الغاية من ذلك البيان بأنه من نسل الملك حزقيا. وتنبأ في أيام يوشيا. كان يوشيا ابن ثماني سنين حين ملك وفي السنة الثامنة من ملكه ابتدأ يطلب الرب وفي السنة الثانية عشرة ابتدأ يطهر يهوذا وأورشليم من نجاسات عبادة الأصنام. وصفنيا يذكر بقية البعل (1: 4) والساجدين على السطوح لجند السماء والحالفين بملكوم فالأرجح أنه تنبأ قبل ما ابتدأ يوشيا في إصلاح المملكة أي قبل السنة الثانية عشرة.

والنبي يذكر بالاختصار أحكام الله من أيامه إلى انقضاء الدهر وكلامه الافتتاحي مبني على حادثة الطوفان (تكوين 6: 7) «أَمْحُو عَنْ وَجْهِ ٱلأَرْضِ ٱلإِنْسَانَ ٱلَّذِي خَلَقْتُهُ: ٱلإِنْسَانَ مَعَ بَهَائِمَ الخ» ويشير إلى اليوم الأخير (2بطرس 3: 10) «تَنْحَلُّ ٱلْعَنَاصِرُ مُحْتَرِقَةً، وَتَحْتَرِقُ ٱلأَرْضُ وَٱلْمَصْنُوعَاتُ ٱلَّتِي فِيهَا» وقول المسيح (متّى 13: 14) «يَجْمَعُونَ مِنْ مَلَكُوتِهِ جَمِيعَ ٱلْمَعَاثِرِ وَفَاعِلِي ٱلإِثْمِ» و«المعاثر مع الأشرار» أي الأوثان والساجدين لها. ويبتدئ النبي من يهوذا وأورشليم (ع 4) (انظر إرميا 25: 17 - 29) حيث النبي إرميا سقى الأمم من كأس سخط الرب مبتدئاً من أورشليم. ويستنتج البعض من القول «بقية البعل» أن النبي تنبأ بعد الإصلاح الذي ابتدأ في السنة العاشرة من ملك يوشيا والأرجح أنه ابتدأ قبل السنة العاشرة ومعنى القول «بقية البعل» هو أن الرب سيقطع عبادة البعل تماماً من أولها إلى آخرها فلا تبقى لها بقية (اطلب «البعل» في قاموس الكتاب).

ٱلْكَمَارِيمِ وردت هذه الكلمة أيضاً في 2ملوك 23: 5 «كهنة الأصنام» وفي هوشع 10: 5 «كهنته» وبهذا الاسم يشير إلى كهنة العجول.

مَعَ ٱلْكَهَنَةِ هم كهنة الرب ولكنهم كهنة الاسم فقط وأعمالهم لم توافق اسمهم. ولعلهم افتخروا في رتبهم وألقابهم الشريفة. والرب يقطع اسمهم مع اسم الكماريم.

ٱلسَّاجِدِينَ عَلَى ٱلسُّطُوحِ سجودهم لجند السماء الشمس والقمر والنجوم وكان على السطوح من حيث تُرى الأجرام السماوية (انظر 2ملوك 23: 5 أيوب 31: 26 حزقيال 8: 16) وكانت العبادة على هذا النوع في أيام المملكة الأخيرة. وكانت العائلة كلها تشترك بهذه العبادة. إرميا 7: 18 «ٱلأَبْنَاءُ يَلْتَقِطُونَ حَطَباً، وَٱلآبَاءُ يُوقِدُونَ ٱلنَّارَ، وَٱلنِّسَاءُ يَعْجِنَّ ٱلْعَجِينَ، لِيَصْنَعْنَ كَعْكاً لِمَلِكَةِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَلِسَكْبِ سَكَائِبَ لِآلِهَةٍ أُخْرَى لِيُغِيظُونِي» وملكوم أو مولك كان إله العمونيين كانوا يذبحون له ذبائح بشرية ولا سيما الأطفال (انظر 2ملوك 23: 10) (اطلب مولك في قاموس الكتاب). حلفوا بالرب وحلفوا أيضاً بملكوم أي ظنوا بأنهم يقدرون أن يعبدوا الرب ويعبدوا ملكوم معاً (انظر حزقيال 23: 27 - 39).

ٱلْمُرْتَدِّينَ (ع 6) وخطيتهم أعظم بما أنهم تركوا الرب بعدما عرفوه والذين لم يطلبوا الرب هم الذين لم يطلبوه من كل قلوبهم. فكانوا عالمين وبلا دين وعندهم كل الأديان مثل بعضها وكلها باطلة.

7 - 13 «7 اُسْكُتْ قُدَّامَ ٱلسَّيِّدِ ٱلرَّبِّ، لأَنَّ يَوْمَ ٱلرَّبِّ قَرِيبٌ. لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ أَعَدَّ ذَبِيحَةً. قَدَّسَ مَدْعُوِّيهِ. 8 وَيَكُونُ فِي يَوْمِ ذَبِيحَةِ ٱلرَّبِّ أَنِّي أُعَاقِبُ ٱلرُّؤَسَاءَ وَبَنِي ٱلْمَلِكِ وَجَمِيعَ ٱللاَّبِسِينَ لِبَاساً غَرِيباً. 9 وَفِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ أُعَاقِبُ كُلَّ ٱلَّذِينَ يَقْفِزُونَ مِنْ فَوْقِ ٱلْعَتَبَةِ، ٱلَّذِينَ يَمْلأُونَ بَيْتَ سَيِّدِهِمْ ظُلْماً وَغِشّاً. 10 وَيَكُونُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ، صَوْتُ صُرَاخٍ مِنْ بَابِ ٱلسَّمَكِ، وَوَلْوَلَةٌ مِنَ ٱلْقِسْمِ ٱلثَّانِي، وَكَسْرٌ عَظِيمٌ مِنَ ٱلآكَامِ. 11 وَلْوِلُوا يَا سُكَّانَ مَكْتِيشَ لأَنَّ كُلَّ شَعْبِ كَنْعَانَ بَادَ. ٱنْقَطَعَ كُلُّ ٱلْحَامِلِينَ ٱلْفِضَّةَ. 12 وَيَكُونُ فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ أَنِّي أُفَتِّشُ أُورُشَلِيمَ بِٱلسُّرُجِ، وَأُعَاقِبُ ٱلرِّجَالَ ٱلْجَامِدِينَ عَلَى دُرْدِيِّهِمِ، ٱلْقَائِلِينَ فِي قُلُوبِهِمْ: إِنَّ ٱلرَّبَّ لاَ يُحْسِنُ وَلاَ يُسِيءُ. 13 فَتَكُونُ ثَرْوَتُهُمْ غَنِيمَةً وَبُيُوتُهُمْ خَرَاباً، وَيَبْنُونَ بُيُوتاً وَلاَ يَسْكُنُونَهَا، وَيَغْرِسُونَ كُرُوماً وَلاَ يَشْرَبُونَ خَمْرَهَا».

حبقوق 2: 20 وزكريا 2: 13 ع 14 إشعياء 34: 6 وإرميا 46: 10 و1صموئيل 16: 5 وإشعياء 13: 3 إشعياء 24: 21 وحبقوق 1: 10 إشعياء 2: 6 إرميا 5: 27 وعاموس 3: 10 إشعياء 22: 5 وعاموس 8: 3 و2أيام 33: 14 و2أيام 34: 22 و2صموئيل 5: 7 وحزقيال 6: 13 ص 2: 5 وزكريا 14: 21 أيوب 27: 16 و17 وهوشع 9: 6 إرميا 16: 16 و17 وحزقيال 9: 4 - 11 وعاموس 9: 1 - 3 إرميا 48: 11 وعاموس 6: 1 حزقيال 8: 12 و9: 9 إرميا 15: 13 و17: 3 عاموس 5: 11 وميخا 6: 15

اُسْكُتْ قُدَّامَ ٱلرَّبِّ (انظر حبقوق 2: 20) ويوم الرب هو اليوم المعين منه لسقوط المدينة ولعله يشير أيضاً إلى يوم الدينونة الأخيرة. والذبيحة التي أعدها الرب هي شعبه اليهود ويظن البعض أن المدعوين الذين قدسهم الرب أي خصصهم للعمل هم السكينيون الذين دخلوا أسيا من أوربا في الجيل السابع ق م. وغزوا مادي وفلسطين. ولكن الأرجح أن المدعوين هم الكلدانيون وهم مقدسون لأنهم معينون ومخصصون لإجراء مقاصد الرب في تأديب شعبه مع أنهم ليسوا مقدسين من جهة أعمالهم. كان كوش مسيح الرب (انظر إشعياء 45: 1) مع كونه ملكاً وثنياً.

وَبَنِي ٱلْمَلِكِ (ع 8) لا يذكر الملك يوشيا لأنه كان صالحاً ولعل بني الملك هم أعمامه وأقاربه والذين استلموا زمام الحكومة حينما كان الملك يوشيا لا يزال قاصراً.

ٱللاَّبِسِينَ لِبَاساً غَرِيباً الرب أوصى شعبه ببعض علامات توضع في لباسهم وتدل على أنهم شعبه وتذكرهم وصاياه ليحفظوها (انظر عدد 15: 37 - 41) فمن ترك هذا اللباس هو كعسكري يخلع بدلته الرسمية. ليست الديانة الحقيقية باللباس أو غيره من الجسديات ولكن اللباس يعبر عن أحوال الإنسان الروحية كما قال بطرس الرسول للنساء (1بطرس 3: 3 و4) «لاَ تَكُنْ زِينَتُكُنَّ ٱلزِّينَةَ ٱلْخَارِجِيَّةَ مِنْ ضَفْرِ ٱلشَّعْرِ وَٱلتَّحَلِّي بِٱلذَّهَبِ وَلِبْسِ ٱلثِّيَابِ، بَلْ إِنْسَانَ ٱلْقَلْبِ ٱلْخَفِيَّ فِي ٱلْعَدِيمَةِ ٱلْفَسَادِ، زِينَةَ ٱلرُّوحِ ٱلْوَدِيعِ ٱلْهَادِئِ، ٱلَّذِي هُوَ قُدَّامَ ٱللّٰهِ كَثِيرُ ٱلثَّمَنِ». وأما الذين لبسوا لباساً غريباً في زمان صفنيا كلباس البابليين والمصريين فتقلدوا أيضاً صفاتهم الأدبية وأولعوا بتنعمهم وترفههم.

ٱلَّذِينَ يَقْفِزُونَ مِنْ فَوْقِ ٱلْعَتَبَة (ع 9) هم العبيد الذين يدخلون البيوت بأمر سيدهم ويسلبون المساكين وقفزهم فوق العتبة يدل على قساوتهم وطمعهم بهجومهم على البائسين. كان باب السمك (ع 10) إلى جهة الشمال من مدينة أورشليم (انظر نحميا 3: 1 - 3) والقسم الثاني مذكور في (2ملوك 22: 14). كانت النبية خلدة ساكنة فيه. وربما قصد بالآكام آكام «جارب وجوعة» المذكورتين في (إرميا 31: 39) أو صهيون ومريا. والمعنى هو أن الصراخ سيصعد من كل الجهات وتسقط المدينة كلها بيد الكلدانيين. وكان حصن صهيون منيعاً جداً فتحه محال تقريباً فكان بيد أهل أورشليم القدماء اليبوسيين إلى أيام داود (انظر 2صموئيل 5: 6 - 9) وسقوطه عن يد الكلدانيين دليل على انقطاع كل رجاء بالنجاة.

ومعنى الكلمة «مَكْتِيشَ» (ع 11) «الهاون أو الجرن» وهو وادي في وسط أورشليم وكان مركزاً للصنائع والتجارة وقول النبي هو إنه حينما تسقط المدينة يكون أهلها المجتمعون في هذا الوادي كالحبوب في الهاون لا يمكنها أن تهرب من الدق. وكلمة «كنعان» بالأصل تفيد معنيين وهما «كنعاني» و«تاجر» وكان اليهود كالكنعانيين نظراً إلى عبادتهم الأصنام. وبالمعنى الثاني قال النبي إن التجارة تنقطع من أورشليم أي يباد عبدة الأصنام ويباد التجار.

أُفَتِّشُ أُورُشَلِيمَ (ع 12) فلا يمكن أحداً أن يهرب أو يأخذ معه شيئاً من ثروته قيل إنه لما سقطت المدينة عن يد الرومانيين إنهم فتشوا على اليهود ليقتلوهم فأخرجوا البعض من أكابر المدينة من الأقبية والبلاليع والآبار.

ٱلْجَامِدِينَ عَلَى دُرْدِيِّهِمِ انظر ما قيل عن موآب (إرميا 48: 11) «َهُوَ مُسْتَقِرٌّ عَلَى دُرْدِيِّهِ، وَلَمْ يُفْرَغْ مِنْ إِنَاءٍ إِلَى إِنَاءٍ، وَلَمْ يَذْهَبْ إِلَى ٱلسَّبْيِ». فإنه لولا التأديب والأحزان والأوجاع والمصائب كان الناس يميلون إلى الكسل الروحي والفتور والكفر. والويل هنا هو للذين لا يعملون شيئاً لا خيراً ولا شراً وهم معتبرون ومستقيمون في أعين الناس ويطمنون أنفسهم بقولهم إن كل شيء سيبقى كما هو. الكاهن يبقى يمارس خدمته الدينية وإن كانت خدمة كلام بلا روح والتاجر يبقى في تجارته وإن كانت مع الغش والغني يبقى في غناه وإن كان بواسطة الظلم.

ٱلْقَائِلِينَ فِي قُلُوبِهِمْ غالباً الكفر يكون في قلوب الناس وليس بأقوالهم (انظر مزمور 14: 1) «قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: لَيْسَ إِلٰهٌ».

ثَرْوَتُهُمْ (ع 13) الثروة لا تخلص وبالعكس قد تكون سبباً للهلاك لأنه مما يُخمل الإنسان ويرخيه ويحرّك الطمع في أعدائه (انظر 1ملوك 14: 25 و26) «صَعِدَ شِيشَقُ مَلِكُ مِصْرَ إِلَى أُورُشَلِيمَ... وَأَخَذَ جَمِيعَ أَتْرَاسِ ٱلذَّهَبِ ٱلَّتِي عَمِلَهَا سُلَيْمَانُ» أي وجود هذه الثروة كان سبب صعود شيشق.

14 - 18 «14 قَرِيبٌ يَوْمُ ٱلرَّبِّ ٱلْعَظِيمِ. قَرِيبٌ وَسَرِيعٌ جِدّاً. صَوْتُ يَوْمِ ٱلّرَبِّ. يَصْرُخُ حِينَئِذٍ ٱلْجَبَّارُ مُرّاً. 15 ذٰلِكَ ٱلْيَوْمُ يَوْمُ سَخَطٍ. يَوْمُ ضِيقٍ وَشِدَّةٍ. يَوْمُ خَرَابٍ وَدَمَارٍ. يَوْمُ ظَلاَمٍ وَقَتَامٍ. يَوْمُ سَحَابٍ وَضَبَابٍ. 16 يَوْمُ بُوقٍ وَهُتَافٍ عَلَى ٱلْمُدُنِ ٱلْمُحَصَّنَةِ وَعَلَى ٱلشُّرُفِ ٱلرَّفِيعَةِ. 17 وَأُضَايِقُ ٱلنَّاسَ فَيَمْشُونَ كَٱلْعُمْيِ، لأَنَّهُمْ أَخْطَأُوا إِلَى ٱلرَّبِّ، فَيُسْفَحُ دَمُهُمْ كَٱلتُّرَابِ وَلَحْمُهُمْ كَٱلْجِلَّةِ. 18 لاَ فِضَّتُهُمْ وَلاَ ذَهَبُهُمْ يَسْتَطِيعُ إِنْقَاذَهُمْ فِي يَوْمِ غَضَبِ ٱلرَّبِّ، بَلْ بِنَارِ غَيْرَتِهِ تُؤْكَلُ ٱلأَرْضُ كُلُّهَا، لأَنَّهُ يَصْنَعُ فَنَاءً بَاغِتاً لِكُلِّ سُكَّانِ ٱلأَرْضِ».

ع 7 وحزقيال 7: 7 و12 و30: 3 ويوئيل 1: 15 و3: 14 إرميا 30: 7 ويوئيل 2: 11 وملاخي 4: 5 حزقيال 7: 16 - 18 إشعياء 22: 5 يوئيل 2: 2 و31 وعاموس 5: 18 - 20 إرميا 4: 19 إشعياء 2: 12 - 15 إرميا 1: 18 تثنية 28: 29 حزقيال 24: 7 و8 إرميا 8: 2 و9: 22 حزقيال 7: 19 ص 3: 8 حزقيال 7: 5 - 7

قَرِيبٌ يَوْمُ ٱلرَّبِّ (انظر يوئيل 2: 31) كان يوم الرب المذكور في يوئيل أتى ومضى. وأما يوم الرب المشار إليه هنا فهو دمار أورشليم عن يد الكلدانيين وهو قريب أي بعد نحو 30 سنة. واليوم الأخير أي يوم الدينونة قريب لكل إنسان لأن حياته بهذا العالم كلها كأيام قليلة. وهو يوم ظلام (ع 15) لأن الله ابتعد عنهم ولذلك يمشون كالعمي (ع 17).

فَيُسْفَحُ دَمُهُمْ (ع 17) لا شيء أفضل من الحياة ولكن دمهم أي حياتهم يُسفح كالتراب كشيء ليس له قيمة مطلقاً.

لاَ فِضَّتُهُمْ (ع 18) إن المال وإن كان يأتينا بخيرات كثيرة لا يستطيع أن يعطينا كل شيء ولا الأشياء الأفضل. فإننا لا نقدر أن نشتري الصحة ولا السلام ولا التعزية ولا أصحاب مخلصين ولا الشرف الحقيقي ولا غفران الخطايا والحياة الأبدية. والمال لا يدوم. والقول هنا هو أن المال لا يستطيع أن يخلصهم من الأعداء الذين سيرسلهم الرب.

كُلِّ سُكَّانِ ٱلأَرْضِ ليس فقط أرض يهوذا وهنا يرجع النبي إلى موضوع الذي كان فيه في أول الأصحاح.

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي

1 - 3 «1 تَجَمَّعِي وَٱجْتَمِعِي يَا أَيَّتُهَا ٱلأُمَّةُ غَيْرُ ٱلْمُسْتَحِيَةِ. 2 قَبْلَ وِلاَدَةِ ٱلْقَضَاءِ. كَٱلْعُصَافَةِ عَبَرَ ٱلْيَوْمُ. قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ حُمُوُّ غَضَبِ ٱلرَّبِّ. قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ يَوْمُ سَخَطِ ٱلرَّبِّ. 3 اُطْلُبُوا ٱلرَّبَّ يَا جَمِيعَ بَائِسِي ٱلأَرْضِ ٱلَّذِينَ فَعَلُوا حُكْمَهُ. ٱطْلُبُوا ٱلْبِرَّ. ٱطْلُبُوا ٱلتَّوَاضُعَ. لَعَلَّكُمْ تُسْتَرُونَ فِي يَوْمِ سَخَطِ ٱلرَّبِّ».

2أيام 20: 4 ويوئيل 1: 14 إرميا 3: 3 و6: 15 ص 3: 8 و2ملوك 23: 27 إشعياء 17: 13 وهوشع 13: 3 مراثي 4: 11 وناحوم 1: 6 ص 1: 18 مزمور 105: 4 و عاموس 5: 6 مزمور 22: 26 وإشعياء 11: 4 عاموس 5: 14 و15 مزمور 57: 1 و إشعياء 26: 20

تَجَمَّعِي معنى الكلمة الحرفي جمع القش والتبن (انظر خروج 5: 7) والمعنى المجازي جمع الأفكار وامتحان النفس والانتباه. وتكرار الكلمة «تجمعي واجتمعي» هو للتشديد. وغاية النبي حثهم على التوبة والرجوع إلى الرب لعلهم كانوا تأثروا من كلامه السابق ويتأثرون من كلامه الآتي في «ولادة القضاء» على كل الأرض فينجون من إتمام التهديدات لأن تهديدات الرب كمواعيده تحت شرط وإذا رجع الأشرار عن خطاياهم يصفح الرب عنهم فلا تأتيهم التهديدات.

ٱلأُمَّةُ غَيْرُ ٱلْمُسْتَحِيَةِ أي اليهود. قال إرميا (6: 15) «هَلْ خَزُوا لأَنَّهُمْ عَمِلُوا رِجْساً؟ بَلْ لَمْ يَخْزَوْا خِزْياً وَلَمْ يَعْرِفُوا ٱلْخَجَلَ. لِذٰلِكَ يَسْقُطُونَ بَيْنَ ٱلسَّاقِطِينَ». وعدم الخجل دليل على عدم الحياة الروحية وهم أموات بالذنوب والخطايا.

قَبْلَ وِلاَدَةِ ٱلْقَضَاءِ (ع 2) أي قضاء الله بإهلاك الأمم وشعبه. ووقت إتمام القضاء قد حضر والفرصة للتوبة ستعبر كالعاصف وشعب الله كالعصافة أمامه فيطلب إليهم النبي أن يتصالحوا مع الله ما دام لهم الفرصة.

جَمِيعَ بَائِسِي ٱلأَرْضِ (ع 3) كثيرون من شعب الله هم من البائسين والمحتقرين عند الناس كما رنمت مريم (لوقا 1: 52) «أَنْزَلَ ٱلأَعِزَّاءَ عَنِ ٱلْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ ٱلْمُتَّضِعِينَ» وليس البائسون كلهم من فقراء العالم لأن بعض الأغنياء في المال هم من المساكين بالروح الذين لهم ملكوت السموات.

لَعَلَّكُمْ تُسْتَرُونَ انظر إشعياء 26: 20 «هَلُمَّ يَا شَعْبِي ٱدْخُلْ مَخَادِعَكَ وَأَغْلِقْ أَبْوَابَكَ خَلْفَكَ. ٱخْتَبِئْ نَحْوَ لُحَيْظَةٍ حَتَّى يَعْبُرَ ٱلْغَضَبُ» دعا النبي الجميع إلى الرب والبعض منهم آمنوا ونجوا في يوم الخراب وسني السبي.

4 - 7 «4 لأَنَّ غَزَّةَ تَكُونُ مَتْرُوكَةً، وَأَشْقَلُونَ لِلْخَرَابِ. أَشْدُودُ عِنْدَ ٱلظَّهِيرَةِ يَطْرُدُونَهَا، وَعَقْرُونُ تُسْتَأْصَلُ. 5 وَيْلٌ لِسُكَّانِ سَاحِلِ ٱلْبَحْرِ أُمَّةِ ٱلْكِرِيتِيِّينَ. كَلِمَةُ ٱلرَّبِّ عَلَيْكُمْ: يَا كَنْعَانُ أَرْضَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ، إِنِّي أَخْرِبُكِ بِلاَ سَاكِنٍ. 6 وَيَكُونُ سَاحِلُ ٱلْبَحْرِ مَرْعىً بِآبَارٍ لِلرُّعَاةِ وَحَظَائِرَ لِلْغَنَمِ. 7 وَيَكُونُ ٱلسَّاحِلُ لِبَقِيَّةِ بَيْتِ يَهُوذَا. عَلَيْهِ يَرْعَوْنَ. فِي بُيُوتِ أَشْقَلُونَ عِنْدَ ٱلْمَسَاءِ يَرْبُضُونَ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَهُمْ يَتَعَهَّدُهُمْ وَيَرُدُّ سَبْيَهُمْ».

عاموس 1: 7 و8 وزكريا 9: 5 - 7 حزقيال 25: 16 عاموس 3: 1 ص 1: 11 إشعياء 14: 29 و30 ص 3: 6 إشعياء 7: 25 إشعياء 11: 14 وإرميا 32: 44 إشعياء 32: 14 خروج 4: 31 ومزمور 80: 14 ص 3: 20 ومزمور 126: 4

ذكر أحكام الرب على الأمم الوثنية وأولاً ذكر أربع مدن من مدن الفلسطينيين وترك مدينة جت ولعلها خربت قبل تاريخ النبوة.

غَزَّةَ تَكُونُ مَتْرُوكَةً أي تُخلى من سكانها.

أَشْدُودُ عِنْدَ ٱلظَّهِيرَةِ يَطْرُدُونَهَا أي بغتة (انظر إرميا 15: 8) «نَاهِباً فِي ٱلظَّهِيرَةِ. أَوْقَعْتُ عَلَيْهَا بَغْتَةً رَعْدَةً» ولعلهم استنظروا هجوم العدو ليلاً. أو أن العدو فتح المدينة بسهولة ودام القتال أقل من نهار كامل فانتهى عند الظهيرة.

ٱلْكِرِيتِيِّينَ (ع 5) أي الفلسطينيين (انظر 1صموئيل 30: 14) نسبة إلى جزيرة كريت. وفي عاموس 9: 7 «كفتور» والظاهر أن كفتور اسم آخر لجزيرة كريت (انظر تثنية 2: 23) والكلمة «كنعان» تُستعمل أيضاً بمعنى «تاجر» وقول النبي إن التاجر ستخرب تجارته لأن الأرض تصير بلا ساكن.

وَيَكُونُ سَاحِلُ ٱلْبَحْرِ مَرْعىً الخ (ع 6) ذلك الساحل الذي خرج منه جيوش الفلسطينيين ليحاربوا الحروب وتأتي الراحة والسلام ويكون هذا الساحل لبيت يهوذا ولم تتم هذه النبوة وربما لن تتم حرفياً. وأما المعنى فهو أن الحروب ستبطل والطمع يتلاشى ويمتد إنجيل المسيح وأعداء شعب الله ينضمون إليهم وأملاكهم تتكرس لخدمة الله.

8 - 11 «8 قَدْ سَمِعْتُ تَعْيِيرَ مُوآبَ وَتَجَادِيفَ بَنِي عَمُّونَ ٱلَّتِي بِهَا عَيَّرُوا شَعْبِي، وَتَعَظَّمُوا عَلَى تُخُمِهِمْ. 9 فَلِذٰلِكَ حَيٌّ أَنَا، يَقُولُ رَبُّ ٱلْجُنُودِ إِلٰهُ إِسْرَائِيلَ، إِنَّ مُوآبَ تَكُونُ كَسَدُومَ وَبَنِي عَمُّونَ كَعَمُورَةَ، مِلْكَ ٱلْقَرِيصِ، وَحُفْرَةَ مِلْحٍ، وَخَرَاباً إِلَى ٱلأَبَدِ. تَنْهَبُهُمْ بَقِيَّةُ شَعْبِي، وَبَقِيَّةُ أُمَّتِي تَمْتَلِكُهُمْ. 10 هٰذَا لَهُمْ عِوَضَ تَكَبُّرِهِمْ، لأَنَّهُمْ عَيَّرُوا وَتَعَظَّمُوا عَلَى شَعْبِ رَبِّ ٱلْجُنُودِ. 11 ٱلرَّبُّ مُخِيفٌ إِلَيْهِمْ، لأَنَّهُ يُهْزِلُ جَمِيعَ آلِهَةِ ٱلأَرْضِ، فَسَيَسْجُدُ لَهُ ٱلنَّاسُ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مَكَانِهِ، كُلُّ جَزَائِرِ ٱلأُمَمِ».

حزقيال 25: 8 حزقيال 25: 3 عاموس 1: 13 إشعياء 15: 1 - 16: 14 وإرميا 48: 1 - 47 وعاموس 2: 1 - 3 إرميا 49: 1 - 6 وحزقيال 25: 1 - 7 تثنية 29: 23 إشعياء 11: 14 إشعياء 16: 6 ع 8 يوئيل 2: 11 ص 1: 4 ص 3: 9 ومزمور 72: 8 - 11 إشعياء 24: 15

تَعْيِيرَ مُوآبَ (انظر 2صموئيل 10: 1 - 5 وإشعياء 16: 6 و25: 11 وإرميا 48: 26 - 30).

تَجَادِيفَ بَنِي عَمُّونَ (انظر حزقيال 21: 28).

تَعَظَّمُوا عَلَى تُخُمِهِمْ أي بنو عمون تعدّوا على تخم إسرائيل لكي يوسعوا تخمهم (انظر عاموس 1: 13 إرميا 49: 1) وكان موآب أيضاً تعدّى على تخم إسرائيل فوقعت اللعنة عليه عند خرابهما عن يد الكلدانيين والفرس والرومانيين ولم تزل اللعنة عليهما إلى أيامنا هذه.

تَكُونُ كَسَدُومَ (ع 9) كان موآب على شط بحر لوط الشرقي وموقع سدوم وعمورة كان جنوبي البحر وتسلسل موآب وعمون من لوط الذي سكن سدوم ونجا منها بنعمة الرب (انظر تكوين 19: 37 و38) ويوجد اليوم عند بحر لوط حفر ملح كثيرة (انظر تثنية 29: 23) «كِبْرِيتٌ وَمِلْحٌ، كُلُّ أَرْضِهَا حَرِيقٌ، لاَ تُزْرَعُ وَلاَ تُنْبِتُ وَلاَ يَطْلُعُ فِيهَا عُشْبٌ مَا، كَٱنْقِلاَبِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ وَأَدْمَةَ وَصَبُويِيمَ ٱلَّتِي قَلَبَهَا ٱلرَّبُّ بِغَضَبِهِ وَسَخَطِهِ».

تَنْهَبُهُمْ بَقِيَّةُ شَعْبِي تكون أرض موآب وعمون خراباً إلى الأبد وأما أهلها فلبني إسرائيل عبيداً (إشعياء 14: 2) «يَمْتَلِكُهُمْ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ فِي أَرْضِ ٱلرَّبِّ عَبِيداً وَإِمَاءً، وَيَسْبُونَ ٱلَّذِينَ سَبَوْهُمْ وَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى ظَالِمِيهِمْ» ولا تتم هذه النبوة حرفياً بل بالمعنى أنه بالآخر ينتصر الحق على البطل وعبادة الرب على عبادة الأصنام وتنضم الأمم إلى شعب الله.

يُهْزِلُ جَمِيعَ آلِهَةِ ٱلأَرْضِ (ع 11) لأن عبدتها سيتركونها ولا يقدمون لها تقدمات. وعند امتداد عبادة الرب في كل الأرض لا يلزم حضور كل الأمم إلى أورشليم بل يسجد له الناس كل واحد في مكانه (انظر ملاخي 1: 11) «لأَنَّهُ مِنْ مَشْرِقِ ٱلشَّمْسِ إِلَى مَغْرِبِهَا ٱسْمِي عَظِيمٌ بَيْنَ ٱلأُمَمِ، وَفِي كُلِّ مَكَانٍ يُقَرَّبُ لٱسْمِي بَخُورٌ وَتَقْدِمَةٌ طَاهِرَةٌ، لأَنَّ ٱسْمِي عَظِيمٌ بَيْنَ ٱلأُمَمِ، قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ» و «الجزائر» تشير إلى البلدان البعيدة في عبر البحر.

12 - 15 «12 وَأَنْتُمْ يَا أَيُّهَا ٱلْكُوشِيُّونَ. قَتْلَى سَيْفِي هُمْ. 13 وَيَمُدُّ يَدَهُ عَلَى ٱلشِّمَالِ وَيُبِيدُ أَشُّورَ، وَيَجْعَلُ نِينَوَى خَرَاباً يَابِسَةً كَٱلْقَفْرِ. 14 فَتَرْبُضُ فِي وَسَطِهَا ٱلْقُطْعَانُ، كُلُّ طَوَائِفِ ٱلْحَيَوَانِ. اَلْقُوقُ أَيْضاً وَٱلْقُنْفُذُ يَأْوِيَانِ إِلَى تِيجَانِ عُمُدِهَا. صَوْتٌ يَنْعِبُ فِي ٱلْكُوَى. خَرَابٌ عَلَى ٱلأَعْتَابِ. لأَنَّهُ قَدْ تَعَرَّى أَرْزِيُّهَا. 15 هٰذِهِ هِيَ ٱلْمَدِينَةُ ٱلْمُبْتَهِجَةُ ٱلسَّاكِنَةُ مُطْمَئِنَّةً ٱلْقَائِلَةُ فِي قَلْبِهَا: أَنَا وَلَيْسَ غَيْرِي. كَيْفَ صَارَتْ خَرَاباً، مَرْبِضاً لِلْحَيَوَانِ! كُلُّ عَابِرٍ بِهَا يَصْفِرُ وَيَهُزُّ يَدَهُ».

إشعياء 20: 4 و5 وحزقيال 30: 4 - 9 ص 1: 4 وإشعياء 14: 26 إشعياء 10: 12 و16 وميخا 5: 6 ناحوم 3: 7 إشعياء 14: 23 و34: 1 - 15 إشعياء 22: 2 إشعياء 32: 9 و11 و47: 8 إشعياء 47: 8 وحزقيال 28: 2 و9 إشعياء 32: 14 إرميا 18: 16 و19: 8

الكوش بلاد إلى جنوبي مصر على نوبيا والسودان وأحياناً تُطلق على كل إفريقيا الواقعة جنوبي مصر. وهذه الأحكام على كوش مذكورة في (حزقيال 30: 4 و9) وبداية رجوع كوش إلى الرب مذكورة في (أعمال 8: 27 - 38).

وفي تاريخ هذه النبوة كانت أشور المملكة العظمى في العالم وهي مملكة مقاومة لملكوت الله. وقيل «على الشمال» لأن أشور مع أنها في الشرق كان الطريق إليها من اليهودية أولاً إلى الشمال بين لبنان الغربي ولبنان الشرقي إلى حلب ثم للشرق. وخراب نينوى التام يظهر من القول إن «تيجان عمدها» التي كانت تفتخر فيها تصير مأوى للطيور والوحوش ومن كواها التي تطلع منه الملوك والسيدات يُسمع صوت عصافير برية كما من أشجار الوعر. والخراب على الأعتاب (ع 14) لأن لا أحد يدخل أو يخرج. وتعرّى أرزيها أي ألواح من الأرز التي كانت الحيطان مغشاة بها.

ٱلْقَائِلَةُ فِي قَلْبِهَا: أَنَا وَلَيْسَ غَيْرِي (ع 15) قول يدل على الكبرياء والكفر وهكذا قال ملك بابل أيضاً (انظر دانيال 4: 30) وهزّ اليد علامة الاحتقار كالقول اذهب عني.

صوّر مدينة نينوى كما كانت في عزها مدينة عظيمة ومجموع فيها كنوز العالم ومبتهجة ومحصنة ومطمئنة وجيشها أعظم ما يكون في العالم وقد حاربت وغزت العالم كله وتسلطت على إسرائيل نحو مئة سنة. ثم صوّرها بعد خرابها وأسوارها وقصورها وحصونها وهياكلها خربة. وخربها بلا سكان وصارت مأوى للوحوش. هكذا يزول مجد العالم وغناه وأما ملكوت الله فإلى الأبد. قال يسوع لتلاميذه «أنتم ملح الأرض» وهذا الملح هو ما يحفظ الشعوب من الفساد والخراب.

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ

1 - 7 «1 وَيْلٌ لِلْمُتَمَرِّدَةِ ٱلْمُنَجَّسَةِ، ٱلْمَدِينَةِ ٱلْجَائِرَةِ. 2 لَمْ تَسْمَعِ ٱلصَّوْتَ. لَمْ تَقْبَلِ ٱلتَّأْدِيبَ. لَمْ تَتَّكِلْ عَلَى ٱلرَّبِّ. لَمْ تَتَقَرَّبْ إِلَى إِلٰهِهَا. 3 رُؤَسَاؤُهَا فِي وَسَطِهَا أُسُودٌ زَائِرَةٌ. قُضَاتُهَا ذِئَابُ مَسَاءٍ لاَ يُبْقُونَ شَيْئاً إِلَى ٱلصَّبَاحِ. 4 أَنْبِيَاؤُهَا مُتَفَاخِرُونَ، أَهْلُ غُدْرَاتٍ. كَهَنَتُهَا نَجَّسُوا ٱلْقُدْسَ. خَالَفُوا ٱلشَّرِيعَةَ. 5 اَلرَّبُّ عَادِلٌ فِي وَسَطِهَا لاَ يَفْعَلُ ظُلْماً. غَدَاةً غَدَاةً يُبْرِزُ حُكْمَهُ إِلَى ٱلنُّورِ. لاَ يَتَعَذَّرُ. أَمَّا ٱلظَّالِمُ فَلاَ يَعْرِفُ ٱلْخِزْيَ. 6 قَطَعْتُ أُمَماً. خَرَّبْتُ شُرُفَاتِهِمْ. أَقْفَرْتُ أَسْوَاقَهُمْ بِلاَ عَابِرٍ. دُمِّرَتْ مُدُنُهُمْ بِلاَ إِنْسَانٍ، بِغَيْرِ سَاكِنٍ. 7 فَقُلْتُ: إِنَّكِ لِتَخْشَيْنَنِي. تَقْبَلِينَ ٱلتَّأْدِيبَ. فَلاَ يَنْقَطِعُ مَسْكَنُهَا حَسَبَ كُلِّ مَا عَيَّنْتُهُ عَلَيْهَا. لٰكِنْ بَكَّرُوا وَأَفْسَدُوا جَمِيعَ أَعْمَالِهَا».

إرميا 5: 23 حزقيال 23: 30 إرميا 6: 6 إرميا 7: 23 - 28 إرميا 2: 30 و5: 3 مزمور 78: 22 وإرميا 13: 25 مزمور 73: 28 حزقيال 22: 27 إرميا 5: 6 وحبقوق 1: 8 قضاة 9: 4 حزقيال 22: 26 وملاخي 2: 7 و8 تثنية 32: 4 ع 15 و17 وإرميا 14: 9 مزمور 92: 15 أيوب 7: 18 ص 2: 1 ص 1: 16 إرميا 9: 12 إشعياء 6: 11 ص 2: 5 ع 2 وإشعياء 63: 8 إرميا 7: 7 هوشع 9: 9

لِلْمُتَمَرِّدَةِ مدينة أورشليم وهي نجسة بسفك الدم. في (إشعياء 1: 15) «أَيْدِيكُمْ مَلآنَةٌ دَماً» و(إشعياء 59: 4) «ولم تسمع الصوت» أي صوت الله بواسطة الأنبياء. والتأديب الذي لم تقبله هو للخير والخلاص وعلامة محبة الله لها. وعدم اتكالها على الرب ظهر جلياً من اتكالها على مصر وأشور وبابل. ومع ذلك لم يزل إلهها.

ٱلْمَدِينَةِ ٱلْجَائِرَةِ (انظر حزقيال 22: 29) «شَعْبُ ٱلأَرْضِ ظَلَمُوا ظُلْماً وَغَصَبُوا غَصْباً، وَٱضْطَهَدُوا ٱلْفَقِيرَ وَٱلْمِسْكِينَ، وَظَلَمُوا ٱلْغَرِيبَ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ» والنبي يذكر أربع رتب: الرؤساء والقضاة والأنبياء والكهنة وكلهم كانوا قد تركوا الله. كان رؤساؤهم أسوداً زائرة (انظر أمثال 28: 15) «أَسَدٌ زَائِرٌ وَدُبٌّ ثَائِرٌ ٱلْمُتَسَلِّطُ ٱلشِّرِّيرُ عَلَى شَعْبٍ فَقِيرٍ» والقضاة ذئاب مساء لأنهم جبناء فيخافون من النور ولأنهم شرهون لا يبقون شيئاً إلى الصباح وأنبياؤهم متفاخرون أي طائشون عقولهم خفيفة وبدون الوقار الواجب على الذين يتكلمون عن الرب وكانوا أهل غُدرات أي نقضوا العهد وخانوا الرب وكانوا فاسدي السلوك. انظر قول إرميا (23: 14) «فِي أَنْبِيَاءِ أُورُشَلِيمَ رَأَيْتُ مَا يُقْشَعَرُّ مِنْهُ. يَفْسِقُونَ وَيَسْلُكُونَ بِٱلْكَذِبِ، وَيُشَدِّدُونَ أَيَادِيَ فَاعِلِي ٱلشَّرِّ حَتَّى لاَ يَرْجِعُوا ٱلْوَاحِدُ عَنْ شَرِّهِ» والكهنة نجسوا القدس لأنهم كانوا هم نجسين ولأنهم أخذوا لأنفسهم ما كان للرب (انظر 1صموئيل 2: 12 - 17) ولم يميزوا بين المقدس والمحلَّل (انظر لاويين 10: 10 و11) ووجود هذه الخطايا في الكهنة مما يُميل الشعب إلى ذات الخطايا وبذلك خالفوا الشريعة.

اَلرَّبُّ عَادِلٌ فِي وَسَطِهَا (ع 5) وأما الظالمون فلا يشعرون بوجوده معهم لأنهم لا يرونه وليس لهم إيمان به ولا يتذكرون أنه عادل وقدوس فلا يطيق الإثم.

غَدَاةً غَدَاةً الرب يملك في الطبيعة فيشرق شمه يوماً فيوماً ويرسل المطر في حينه وهذه النواميس الطبيعية لا تتغير والناس يتكلون عليها اتكالاً تاماً والكهنة الظالمون عرفوا ذلك ولكنهم بإرادتهم جهلوا أن الرب يملك أيضاً في حياتهم وأعمالهم وجهلوا أن الرب عادل ونواميسه الروحية لا تتغير وما يزرعه الإنسان إياه يحصد. لا يتعذر حكم الرب عن الوعد والوعيد بل يتم كل شيء في حينه. أما الظالم أي شعب اليهود فلم يعرف الخزي.

قَطَعْتُ أُمَماً (ع 6) ذكر الرب أحكامه على الأمم لعل شعبه ينتبهون ويتوبون (انظر لاويين 18: 24 - 28).

فَقُلْتُ (ع 7) ما أعظم محبة الله لشعبه وطول أناته على المذنبين. (انظر إشعياء 48: 18) «لَيْتَكَ أَصْغَيْتَ لِوَصَايَايَ، فَكَانَ كَنَهْرٍ سَلاَمُكَ» و(هوشع 11: 8) «كَيْفَ أَجْعَلُكَ يَا أَفْرَايِمُ، أُصَيِّرُكَ يَا إِسْرَائِيلُ؟! كَيْفَ أَجْعَلُكَ كَأَدَمَةَ، أَصْنَعُكَ كَصَبُويِيمَ؟! قَدِ ٱنْقَلَبَ عَلَيَّ قَلْبِي» و(متّى 23: 37) قال يسوع «يَا أُورُشَلِيمُ يَا أُورُشَلِيمُ، يَا قَاتِلَةَ ٱلأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ ٱلدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا» ولكنهم بكروا وأفسدوا جميع أعمالهم أي أخطأوا برغبة ونشاط.

8 - 13 «8 لِذٰلِكَ فَٱنْتَظِرُونِي يَقُولُ ٱلرَّبُّ. إِلَى يَوْمِي أَقُومُ إِلَى ٱلسَّلْبِ، لأَنَّ حُكْمِي هُوَ بِجَمْعِ ٱلأُمَمِ وَحَشْرِ ٱلْمَمَالِكِ، لأَصُبَّ عَلَيْهِمْ سَخَطِي، كُلَّ حُمُوِّ غَضَبِي. لأَنَّهُ بِنَارِ غَيْرَتِي تُؤْكَلُ كُلُّ ٱلأَرْضِ. 9 لأَنِّي حِينَئِذٍ أُحَوِّلُ ٱلشُّعُوبَ إِلَى شَفَةٍ نَقِيَّةٍ، لِيَدْعُوا كُلُّهُمْ بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ، لِيَعْبُدُوهُ بِكَتِفٍ وَاحِدَةٍ. 10 مِنْ عَبْرِ أَنْهَارِ كُوشٍ ٱلْمُتَضَرِّعُونَ إِلَيَّ، مُتَبَدِّدِيَّ، يُقَدِّمُونَ تَقْدِمَتِي. 11 فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ لاَ تَخْزَيْنَ مِنْ كُلِّ أَعْمَالِكِ ٱلَّتِي تَعَدَّيْتِ بِهَا عَلَيَّ. لأَنِّي حِينَئِذٍ أَنْزِعُ مِنْ وَسَطِكِ مُبْتَهِجِي كِبْرِيَائِكِ، وَلَنْ تَعُودِي بَعْدُ إِلَى ٱلتَّكَبُّرِ فِي جَبَلِ قُدْسِي. 12 وَأُبْقِي فِي وَسَطِكِ شَعْباً بَائِساً وَمِسْكِيناً، فَيَتَوَكَّلُونَ عَلَى ٱسْمِ ٱلرَّبِّ. 13 بَقِيَّةُ إِسْرَائِيلَ لاَ يَفْعَلُونَ إِثْماً وَلاَ يَتَكَلَّمُونَ بِٱلْكَذِبِ وَلاَ يُوجَدُ فِي أَفْوَاهِهِمْ لِسَانُ غِشٍّ، لأَنَّهُمْ يَرْعَوْنَ وَيَرْبُضُونَ وَلاَ مُخِيفَ».

مزمور 27: 14 وإشعياء 30: 18 وحبقوق 2: 3 ص 2: 2 حزقيال 38: 14 - 23 ويوئيل 3: 2 ص 1: 18 إشعياء 19: 18 و57: 19 ص 2: 11 ومزمور 22: 27 و86: 9 وحبقوق 2: 14 مزمور 68: 31 وإشعياء 11: 11 و18: 1 و7 إشعياء 60: 6 و7 إشعياء 45: 17 و54: 4 ويوئيل 2: 26 و27 إشعياء 2: 12 و5: 15 إشعياء 11: 9 و56: 7 وحزقيال 20: 40 إشعياء 14: 30 و32 وزكريا 13: 8 و9 إشعياء 50: 10 وناحوم 1: 7 ص 2: 7 وإشعياء 10: 20 - 22 وميخا 4: 7 ع 5 ومزمور 119: 3 وإرميا 31: 33 زكريا 8: 3 و16 إشعياء 65: 10 وحزقيال 34: 13 - 15

بالكلام السابق نظر الرب إلى أعمال شعبه الشريرة وبهذه الآيات ينظر إلى المستقبل البعيد بعدما تابوا بواسطة سبي بابل وما تبعه من المصائب.

أَقُومُ إِلَى ٱلسَّلْبِ أي سلب الأمم وبالترجمة اليسوعية وغيرها «أقوم للشهادة» أي سيجمع الرب الأمم ويشهد عليهم بخطاياهم ويشهد على اليهود أيضاً. وبعد الحكم عليهم يصب عليهم سخطه.

تُؤْكَلُ كُلُّ ٱلأَرْضِ ليس مطلقاً لأنه بعد ذلك يحوّل الرب الشعوب إلى شفة نقية الخ أي ينجو البعض من الهلاك العمومي.

شَفَةٍ نَقِيَّةٍ (ع 9) قال إشعياء لما رأى الرب في مجده (إشعياء 6: 5) «وَيْلٌ لِي! إِنِّي هَلَكْتُ، لأَنِّي إِنْسَانٌ نَجِسُ ٱلشَّفَتَيْنِ» فإنه شعر بعظمة خطاياه بالتكلم وبخطاياه القلبية أيضاً لأنه من فضلة القلب يتكلم الفم. ولا سيما عبادة الأصنام تنجس الشفتين (خروج 23: 13) «وَكُلُّ مَا قُلْتُ لَكُمُ ٱحْتَفِظُوا بِهِ. وَلاَ تَذْكُرُوا ٱسْمَ آلِهَةٍ أُخْرَى، وَلاَ يُسْمَعْ مِنْ فَمِكَ» و(هوشع 2: 17) «وَأَنْزِعُ أَسْمَاءَ ٱلْبَعْلِيمِ مِنْ فَمِهَا فَلاَ تُذْكَرُ أَيْضاً بِأَسْمَائِهَا» والشفة النقية هي الشفة المكرسة لعبادة الرب وحده دون عبادة الأصنام. ويعبدون الرب بكتف واحدة أي يساعد بعضهم بعضاً ويتحدون في العمل.

أَنْهَارِ كُوشٍ ٱلْمُتَضَرِّعُونَ إِلَيَّ (ع 10) أنهار الحبش التي منها النيل.

مُتَبَدِّدِيَّ (انظر يوحنا 11: 52) «وَلَيْسَ عَنِ ٱلأُمَّةِ فَقَطْ، بَلْ لِيَجْمَعَ أَبْنَاءَ ٱللّٰهِ ٱلْمُتَفَرِّقِينَ إِلَى وَاحِدٍ» فمتبددو الرب هم من الأمم وليس فقط من اليهود. ويقدمون للرب تقدمته أي العبادة (هوشع 14: 2) «عجول شفاهنا» وليس التقدمات الموسوية. والأصل العبراني يحتمل ترجمة أخرى بمعنى أن المتضرعين إلى الله من الأمم سيأخذون متبددي إسرائيل ويأتون بهم إلى أرضهم تقدمة للرب (انظر إشعياء 14: 2 وأفسس 2: 13 - 18).

لاَ تَخْزَيْنَ مِنْ كُلِّ أَعْمَالِكِ (ع 11) أعمال المتكبرين أي الرؤساء والقضاة الظالمين والأنبياء المتفاخرين والكهنة المخالفين الشريعة المذكورين في أول الأصحاح وهم مبتهجو كبرياء الشعب فلا يخزى منهم الشعب فيما بعد لأن الرب سينزعهم ولا يبقى في وسط الشعب إلا البائسون والمساكين المتوكلون على الرب لا على أنفسهم (انظر ع 2 وانظر حزقيال 36: 25 - 27) «وَأَرُشُّ عَلَيْكُمْ مَاءً طَاهِراً فَتُطَهَّرُونَ. مِنْ كُلِّ نَجَاسَتِكُمْ وَمِنْ كُلِّ أَصْنَامِكُمْ أُطَهِّرُكُمْ الخ».

لأَنَّهُمْ يَرْعَوْنَ (ع 13) وفي ع 17 «الرب إلهك في وسطك» فلا يفعلون إثماً لأنهم يرعون كشعب الرب وهم خرافه وهو راعيهم.

14 - 20 «14 تَرَنَّمِي يَا ٱبْنَةَ صِهْيَوْنَ. ٱهْتِفْ يَا إِسْرَائِيلُ. ٱفْرَحِي وَٱبْتَهِجِي بِكُلِّ قَلْبِكِ يَا ٱبْنَةَ أُورُشَلِيمَ. 15 قَدْ نَزَعَ ٱلرَّبُّ ٱلأَقْضِيَةَ عَلَيْكِ. أَزَالَ عَدُوَّكِ. مَلِكُ إِسْرَائِيلَ ٱلرَّبُّ فِي وَسَطِكِ. لاَ تَنْظُرِينَ بَعْدُ شَرّاً. 16 فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ يُقَالُ لأُورُشَلِيمَ: لاَ تَخَافِي يَا صِهْيَوْنُ. لاَ تَرْتَخِ يَدَاكِ. 17 ٱلرَّبُّ إِلٰهُكِ فِي وَسَطِكِ جَبَّارٌ يُخَلِّصُ. يَبْتَهِجُ بِكِ فَرَحاً. يَسْكُتُ فِي مَحَبَّتِهِ. يَبْتَهِجُ بِكِ بِتَرَنُّمٍ. 18 أَجْمَعُ ٱلْمَحْزُونِينَ عَلَى ٱلْمَوْسِمِ. كَانُوا مِنْكِ. حَامِلِينَ عَلَيْهَا ٱلْعَارَ. 19 هَئَنَذَا فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ أُعَامِلُ كُلَّ مُذَلِّلِيكِ، وَأُخَلِّصُ ٱلظَّالِعَةَ، وَأَجْمَعُ ٱلْمَنْفِيَّةَ، وَأَجْعَلُهُمْ تَسْبِيحَةً وَٱسْماً فِي كُلِّ أَرْضِ خِزْيِهِمْ، 20 فِي ٱلْوَقْتِ ٱلَّذِي فِيهِ آتِي بِكُمْ وَفِي وَقْتِ جَمْعِي إِيَّاكُمْ. لأَنِّي أُصَيِّرُكُمُ ٱسْماً وَتَسْبِيحَةً فِي شُعُوبِ ٱلأَرْضِ كُلِّهَا، حِينَ أَرُدُّ مَسْبِيِّيكُمْ قُدَّامَ أَعْيُنِكُمْ. قَالَ ٱلرَّبُّ».

زكريا 9: 9 ع 5 وحزقيال 37: 26 - 28 إشعياء 54: 14 إشعياء 35: 3 و4 ع 5 و15 إشعياء 63: 1 إشعياء 62: 5 مزمور 42: 2 - 4 وحزقيال 9: 4 و6 إشعياء 60: 14 وزكريا 8: 23 حزقيال 34: 16 وميخا 4: 6 إشعياء 60: 18 و62: 7 حزقيال 16: 27 و57 حزقيال 37: 12 و21 تثنية 26: 18 و19 وإشعياء 56: 5 و66: 22 ص 2: 7 وإرميا 29: 14 ويوئيل 3: 1

ٱفْرَحِي من أسباب الفرح غفران خطاياهم «نزع الرب الأقضية عليك» (ع 15) انظر إشعياء 40: 2 «إِثْمَهَا قَدْ عُفِيَ عَنْهُ، أَنَّهَا قَدْ قَبِلَتْ مِنْ يَدِ ٱلرَّبِّ ضِعْفَيْنِ عَنْ كُلِّ خَطَايَاهَا» وأزال الرب العدو وكان العدو في ذلك الوقت نبوخذ ناصر والعدو في كل جيل هو الشيطان والرب في وسطهم وهو ملكهم فلا يمكن أنها تنظر بعد شراً.

لاَ تَرْتَخِ يَدَاكِ (ع 16) علامة الخوف (انظر إرميا 6: 24 وعبرانيين 12: 12).

يَبْتَهِجُ بِكِ فَرَحاً (ع 17) إشعياء 62: 5 «كَفَرَحِ ٱلْعَرِيسِ بِٱلْعَرُوسِ يَفْرَحُ بِكِ إِلٰهُكِ» وإشعياء 65: 19 «فَأَبْتَهِجُ بِأُورُشَلِيمَ وَأَفْرَحُ بِشَعْبِي».

يَسْكُتُ فِي مَحَبَّتِهِ دليل على عظمة محبته لشعبه (انظر 2كورنثوس 9: 15) «شُكْراً لِلّٰهِ عَلَى عَطِيَّتِهِ ٱلَّتِي لاَ يُعَبَّرُ عَنْهَا» و(أفسس 3: 19) «مَحَبَّةَ ٱلْمَسِيحِ ٱلْفَائِقَةَ ٱلْمَعْرِفَةِ».

ٱلْمَحْزُونِينَ عَلَى ٱلْمَوْسِمِ (ع 18) (انظر مزمور 137: 1) «عَلَى أَنْهَارِ بَابِلَ هُنَاكَ جَلَسْنَا. بَكَيْنَا». طوبى للمشتاقين إلى فرائض بيت الرب والمحزونين على عدم وجودها. والمواسم هي أوقات العبادة الخصوصية كأعياد اليهود (انظر لاويين ص 23).

كَانُوا مِنْكِ أي إسرائيليون حقاً وهم مسبيون ولكنهم محسوبون من شعب الله وإن كانوا بعيدين عن أورشليم.

حَامِلِينَ عَلَيْهَا ٱلْعَارَ (انظر مزمور 69: 9) «َتَعْيِيرَاتِ مُعَيِّرِيكَ وَقَعَتْ عَلَيَّ» كانت تعييرات الأمم على أورشليم ولكنها وقعت على المسبيين لكونهم إسرائيليين ومن أهل أورشليم فكانوا هم حاملين العار وأما العار فكان على أورشليم. وفي الجملة الأصلية التباس وتختلف تفاسيرها. وهنا تغيير من المخاطبة «منك» إلى الغائبة «عليها» وذلك كثير الورود في الأنبياء.

فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ أُعَامِلُ (ع 19) المعاملة هي للخير أو للشر وهنا للشر. والخلاص يكون من الأعداء بالخارج ومن الأعداء بالداخل أيضاً. والمذللون هم الأعداء من الخارج وشعب الله أو أورشليم هي الظالعة وعند خلاصهم يمجدهم الرب ويتمجد فيهم في شعوب الأرض كلها.


Call of Hope 
P.O.Box 10 08 27 
D - 70007
Stuttgart
Germany