العودة الى الصفحة السابقة
بدء الحكمة مخافة الرب ومعرفة القدوس فهم

بدء الحكمة مخافة الرب ومعرفة القدوس فهم

عبد المسيح وزملاؤه


Bibliography

بدء الحكمة مخافة الرب ومعرفة القدوس فهم. عبد المسيح وزملاؤه. Copyright © 2006 All rights reserved Call of Hope. الطبعة الأولى . 2005. SPB 3090 ARA. English title: The Fear of the Lord is the Beginning of Wisdom. German title: Die Furcht des Herrn ist der Weisheit Anfang. Call of Hope. P.O.Box 10 08 27 70007 Stuttgart Germany http: //www.call-of-hope.com .

التمهيد لأمثال سليمان الحكيم «من يقبل إليّ لا أخرجه خارجاً»

أكثر الناس يتصرفون بدون حكمة. وللأسف المدارس لا تعد تلاميذها للحياة العملية. فليس مستقبلنا قائماً على العواطف الشاعرية أو قواعد العلوم الطبيعية، إنما يشمل قبل كل شيء حقيقة وجود الله والناس العائشين معنا. فمن يحي بدون خوف الرب، ويخلو من محبة الناس يشبه النعام في البرية الذي إذا جاءه عدو، وضع رأسه في الرمل كأنما الخطر ينتهي إذا هو لم ير عدوه.

فالملحدون جهال، ويظنون أن الله غير موجود إذ ينكرونه. فسيسقطون برعب، إذ يعرفون أنهم عاشوا خطأ.

ولكن من يخف الله، فحياته تترتب تلقائياً. لأن الأتقياء يسلكون مسؤولين أمام خالقهم، مفكرين بمشيئته، ويهتمون بإرشاده. مستفهميه كيف يصرفون أموالهم وينظمون أوقاتهم. وبهذه المسؤولية أمام الله، يغلبون إبطاءهم وكسلهم وسطحيتهم. ويتغيرون إلى مجتهدين منظمين، عائشين بخطة وتدبير. فلا يسمحون لشهواتهم الجنسية أن تغلب أجسادهم، بل هم عائشون في ضبط النفس أمام الله في قوته. وينضوي في هذه الحكمة احترام الوالدين والشكر للأم الحنونة، والعلاقة الحكيمة بالأصدقاء، والتفوق على التجارب، والمحبة للأعداء. فالحكمة التقية، تشمل الحياة كلها، حتى المهن والرياضيات والآداب والفنون الجميلة. الدروس في مدرستك، تعدك لجزء صغير من حياتك. فأنت تحتاج إلى تدريب أوسع في الحكمة العملية، للغلبة على مشاكل الحياة. عندئذ تعيش سعيداً وصالحاً.

من هو مؤلف الأمثال؟

نقرأ في الأصحاح 25: 1 إن الملك حزقيا المؤمن، العائش في زمن النبي إشعياء، والذي أتى بعد سليمان بثلاثمائة سنة، قد أمر كتبته أن يجمعوا كل الآيات المعروفة تحت اسم أمثال سليمان. فلا نعرف إن كان سليمان الحكيم قد ألف كل تلك الأبيات. أو هي خلاصة حكمة الأمة، التي عاشت مئات السنين مع الله تلهج في ناموسه. ربما المصادر مختلفة، ولكن لا بد أن عدداً كبيراً منها من تأليف سليمان نفسه.

كيف تنظمت الأمثال؟

نراها مقسمة إلى أجزاء واضحة:

  1. مجموعة حزقيا (25-29) تحتوي على أبيات منفردة غير متعلقة مع بعض. فتشبه باقة زهور مختلفة الألوان والأشكال.

  2. المجموعة الثانية: (10-22) تحوي على 400 بيت تقريباً، بعضها أقدم بكثير من الكلمات المدونة في زمن حزقيا. إنما المؤلفون غير معروفين. وأكثر الأبيات منظمة بالفن السامي أي التوازي. فنفس الفكر يظهر في الشطر الثاني بتعبير آخر. أو في الشطر الثاني عكس فكر الأول، ولكن متعلق به.

  3. المجموعة الثالثة (1-9) تختلف شكلياً وموضوعياً عن المجموعتين المذكورتين. فليست مؤلقة من أبيات منفردة، بل تحتوي على أبحاث تعليمية محدودة تعالج موضوعات خاصة. وربما كانت هذه الأبحاث العميقة المؤثرة نتيجة لتأثير الفكر اليوناني على الشعور العبراني.

  4. وبين هذه الأقسام الرئيسية الثلاثة تظهر ثلاثة تعليقات واضحة:

أ) 22: 17-24: 37 وهي كلمات حكمة غير صادرة من رجل واحد، بل من جماعة يسمون ذواتهم الحكماء (22: 19).

ب) الأصحاح 31 يحوي تعليم أم الملك إلى ابنها لاموئيل الذي علمته أن يحكم بالحكمة 1-3، ورتلت نشيد الامرأة الحكيمة في البيت 10-31. وهذا القسم الأخير مؤلف بنظام أحرف الهجاء فكل بيت يبتدئ بأحدها بالترتيب. فنظام الأمثال كما يلي:

  • 1: 1-9: 18 أبحاث تعليمية مفصلة.

  • 10: 1-22: 16 أبيات منفردة حاوية معانيها المستقلة. موجهة أكثرها للأحداث.

  • 22: 17-24: 34 تعليق من حكماء مختلفين.

  • 25: 1-29: 27 أبيات منفردة، غير مترابطة مع بعض وموجهة للشعب كله.

  • 30: 1-33 كلام أجور بن متقية مسا.

  • 31: 1-31 كلام لاموئيل ملك مسا.

ومن الأبيات ال 935 نجد تقريباً حوالي مائة مكررة. والعدد 22: 17 كان معروفاً في مصر سنة 1000 قبل المسيح.

ما هي العلاقة بين الأمثال والكتاب المقدس ككل؟

إن الأمثال لا تصرح أنها وحي مباشر، لأن الله لا يتكلم فيها بصيغة أنا أو نحن. إنما تتكلم هنا الحكمة الممسوحة والخبرة لأمة عاشت سنين طويلة في نطاق الوحي الإلهي. فأراد الحكماء هداية الجيل المقبل لحياة حكيمة.

فهذه الأبيات لم تتضمن البحث عن طقوس القرابين ولا التفسير للناموس. بل قصدت السلوك النقي أمام الله. والمدعو ليس الشعب بجملته بل الأفراد المتقين.

ونرى أن أمثال سليمان قد تأصلت في حياة شعب العهد القديم تأصلاً عميقاً، لأن يسوع ورسله كثيراً ما استخدموا هذه الآيات في الإنجيل ورسائلهم، الأمر الذي يوضح لنا أنهم عرفوا عدداً وافراً من الأمثال غيباً.

ونقصد في تفسيرنا أن ندل خصوصاً على العلاقة بين الأمثال والنصوص في العهد الجديد. ونذكر مواضعها فيه.

وقيمة الأمثال تظهر أيضاً في أيامنا، لأن أبياتاً منها كثيرة معروفة ومستعملة بين المؤمنين. وفيها أفكار عميقة مترابطة بشكل ذكي. وإيجاز محكم. حتى تستحق أن يقال عنها «تُفَّاحٌ مِنْ ذَهَبٍ فِي مَصُوغٍ مِنْ فِضَّةٍ»(25: 11).

وإذا تعمقنا في كلمات الحكمة مصلين، فإننا نرتعب أيضاً من جلال الله القدوس وغضبه العادل. فنكسب لحياتنا في عصر الإلحاد قوة وجرأة لسلوك حكيم وسط أبناء المعصية. فبدء الحكمة مخافة الله. وأما هدفها فهو أن تلبسنا بمجد الله القدوس.

الأسئلة:

  1. من هو مؤلف الأمثال؟

  2. كيف تنظمت وتقسمت؟

  3. ما العلاقة بين الأمثال والكتاب المقدس كله؟

1 - أبحاث تعليمية مفصلة (1: 1-9: 18)

الأصحاح الأول7 «مَخَافَةُ ٱلرَّبِّ رَأْسُ ٱلْمَعْرِفَةِ. أَمَّا ٱلْجَاهِلُونَ فَيَحْتَقِرُونَ ٱلْحِكْمَةَ وَٱلأَدَبَ».

تتضمن كتب القراءة في مدارس البلدان الشيوعية، كلمات لرواد الفضاء الروس بهذا المعنى:

لقد درنا حول الكرة الأرضية، ونظرنا بالمنظار إلى الفضاء باجتهاد، فلم نر ملائكة ولا إلهاً. والقمر كان خربة خالية. ففضلنا أن نرجع إلى أرضنا الجميلة، لنستقر في فردوس العمال والفلاحين.

وفي أميركا كتب أحد العلماء بدون تبكيت الضمير هذه الجملة الموجزة: «الله قد مات». فردد بهذه الكلمات الشريرة قول الفيلسوف نيتشه، الذي جنّ بعد إلحاده.

كلنا نعيش في موجات الكفر المتدحرجة علينا من الغرب والشرق فاستعد للكفاح الروحي، لكيلا تفقد إيمانك بالله الحي. ولا تفكر أن الأقوال الإلحادية اختراع جديد، لأن داود أبا سليمان الحكيم قال في المزمور الرابع عشر هذه الكلمات البارزة:

«قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: لَيْسَ إِلٰهٌ. فَسَدُوا وَرَجِسُوا بِأَفْعَالِهِمْ. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاحاً. اَلرَّبُّ مِنَ ٱلسَّمَاءِ أَشْرَفَ عَلَى بَنِي ٱلْبَشَرِ، لِيَنْظُرَ: هَلْ مِنْ فَاهِمٍ طَالِبِ ٱللّٰهِ؟ ٱلْكُلُّ قَدْ زَاغُوا مَعاً، فَسَدُوا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاحاً، لَيْسَ وَلا وَاحِدٌ» .

فالإلحاد قديم كالبشر، لأن قلب الإنسان ثائر ضد خالقه، وشرير منذ حداثته.

وكما أن لكل نهر ولكل سنة رأس، هكذا المعرفة الحقيقية مصدرها خوف الله. وهذه العبارة لا تقصد فقط احترام العلي، بل الارتعاب العميق في كل مخلوق أمامه. وقد صرخ إشعياء النبي:

«وَيْلٌ لِي! إِنِّي هَلَكْتُ، لأَنِّي إِنْسَانٌ نَجِسُ ٱلشَّفَتَيْنِ، وَأَنَا سَاكِنٌ بَيْنَ شَعْبٍ نَجِسِ ٱلشَّفَتَيْنِ، لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ رَأَتَا ٱلْمَلِكَ رَبَّ ٱلْجُنُود»(إشعياء 6: 5).

فمن يعرف الله يعرف الحقيقة ونفسه أيضاً ويخشى من خطاياه ويتب. ويستغفر الرحمن. وهذا الإيمان الاختباري هو الباب لحياة جديدة في التقوى والمحبة والحق. فاعترف بآثامك جهراً فتصلح.

وأما المحلدون فيعيشون بلا ضبط النفس، كأن ضمائرهم ميتة. وقد فقدوا الحس للشرف والاستقامة وفضائل البشر. انزل إلى مدينتك وانظر دعاية الأفلام، وتذكر الصور العارية في المجلات المتعددة. فتعرف أن الكفر ليس فكراً فقط، بل يظهر في الفساد الاجتماعي بكل وضوح. فجميع الذين يعيشون بدون الله يستيقظ فيهم الوحش متسلطاً عليهم. ليشبهوا الحيوانات، أكثر من شبههم لصورة الله المخلوقة فيهم أصلاً.

لعلك تقرأ الكتب والمجلات، وتدرس العلوم والآداب. وهذا جيد. ولكن ينبغي أن تعلم، أن مصدر كل حكمة ومعرفة حقة هو خوف الله. الأزلي قد خلق الكون. فكل معارف منه. فهو بداية وسبب وغاية كل العلوم. اطلب خالقك من كل قلبك، ولا تثق بالمخلوقات وتعليمهم لأنه هو أساس الكون ومديمه.

الصلاة: أيها الرب الإله، أنت القدوس والعظيم والأزلي. أما نحن ففانون وأشرار وجهال. اغفر لنا ذنوبنا. ونشكرك لأنك خلقتنا. ونلتمس منك امتلاءنا بحكمتك لكي نفعل إرادتك ونعيش بانسجام مع مقاصدك الأبدية.

السؤال:

4 -لم كان خوف الله بدء كل معرفة حقة؟

1: 8, 9 «8 اِسْمَعْ يَا ٱبْنِي تَأْدِيبَ أَبِيكَ، وَلا تَرْفُضْ شَرِيعَةَ أُمِّكَ، 9 لأَنَّهُمَا إِكْلِيلُ نِعْمَةٍ لِرَأْسِكَ، وَقَلائِدُ لِعُنُقِك».

طوبى للإنسان الذي له أب وأم يصليان لأجله. فقبل ولادته وحين كان في بطن أمه، فكرا فيه، طالبين من الله امتلاءه بمواهبه. وبأوجاع ولدتك أمك. وبتعب حضر أبوك القوت والكسوة لك. واعتناء والديك أحاطك، لما لم تكن بعد واعياً. وعيناهما حرستا خطواتك، لكيلا تسقط. وإن وقعت في وحل، نظفاك. إنهما أحباك، ويحبانك بلا نهاية.

وبلا شك أن والديك غير كاملين. وفي عصر العصاة هذا ترى سريعاً أخطاء أبويك وتقصيراتهما. ولكن لا تنس أنهما، قد غفرا لك ألف مرة أخطاءك مسبقاً. فيليق لك أن تسامحهما رأساً وكاملاً، لأجل أخطائهما الصغيرة والكبيرة. ولا تنس أيضاً تضحياتهما. واقبل مشورتهما لحياتك. ولا تغضب على أبيك، إذا ضربك حسب إرشاد ضميره. لأن الحق والعدل أساس الكون. فقصده إماتة الخطية فيك، وتحويل إرادتك للخير.

متى تشكر والديك لمحبتهما؟ وكيف تخدمهما، الهدايا تفرح قلوب الأبوين. ولكن إن سلكت طاهراً، واشتغلت مجتهداً، وعشت قنوعاً يتهلل قلبهما. وإن كنت أميناً للإيمان الحق، فيبصرانك كأنك حامل تاجاً. وإن قبلت تهذيب أخلاقك بمحبة الوصايا، فتشبه إنساناً مزيناً بجواهر.

إن البيت أفضل مدرسة في الحياة. وقدوة الأب والأم ترسم حياتك. فأنت حامل إرثهما في خلاياك. وقوتهما تعمل فيك. فمتى تشكرهما بحياة التضحية. الكلمات الفارغة عيب. ولكن أعمال المحبة بدون كلمات كثيرة هي احترام حق.

إن الوالدين الصالحين، هما شبه صورة محبة الله ونائباه لأجلك. فإن ظهر الأب الحنون في دنيانا ممتلئ الرحمة والصبر والعدل، فكم بالحري يكون أبونا السماوي ممتلئ المحبة والسلام والصلاح والعفة والحق. فإن عاش والداك أمام الله، فهما أفضل تفسير لوجوده. وإن لم يعرفا الإله الحقيقي، فربما ليس هذا ذنبهما. فعندئذ اطلب من الآب السماوي الحكمة لتسلك في قوة روحه مستقيماً، ليريا في حياتك مجده. أحب والديك، كما تحب نفسك، وكما تخدم الله بالذات. وأن يحاولا في جهلهما أن يجبراك لإيمان أو فكر خطأ، فينبغي أن تطيع الله أكثر من الناس. وهو يعتني بك، ويقودك إلى بيته الأزلي المعد لأجلك.

الصلاة: أيها الله القدوس، أشكرك لأنك منحت لي بواسطة والديّ الحياة والإرث في دمي. وأشكرك لأن محبتهما وتمنياتهما رافقتني سنين طويلة. اغفر لي انانيتي وتمردي، وارشدني إلى محبة حكيمة وخدمة عملية وإطاعة روحية. وإذ كانا لا يعرفانك في محبتك الأبوية، فافتح أعينهما لكي يستسلما لك ويتقدسا في عنايتك بهما.

السؤال:

5 - لما يجب علينا أن نطيع والدينا؟

كم من الناس يبكون دموعاً مرة على تلك الساعة، التي وافقوا عليها لأول مرة على خطيئة معينة. فمن ذلك الوقت أصبحوا عبيد خطاياهم. فلا يعملون ماذا يريدون، بل العكس يفعلون.

وكثيراً ما تبدأ عبودية الشر في الإنسان بواسطة التقائه بصديق شرير، أو قريب مضل، الذي يجربه لفعل المنكر. وهوذا ضميرك قد شعر، أن وراء هذه التجربة عملاً غير لائق. وخوف الله الساكن في ذهنك وصورة والديك قدام عينيك، تخبرك أن الخطية هي خطية. ففيك يوجد معارضة للشر. فمن يتفوق؟ الله ومشورة والديك من جهة، أو المجرب والخطية من جهة أخرى؟ إنك واقف في مصارعة بين الله والشرير. فانتبه حالما يقدم لك الناس مالاً أو هدايا، لأجل قبول آراء وفعل أعمال سيئة، فاهرب منهم. فإنهم لكاذبون برسمهم أمامك التعاون والصندوق المشترك، لأن غايتهم استغلالك مالياً وروحياً وجسدياً. إنهم لا يحبونك، بل يقصدون مواهبك وكنوزك ونفسك وجسمك. اهرب منهم سريعاً لأنه رغم وعودهم الضخمة فليس فيهم رحمة. لأن المجرب نفسه، ساكن فيهم.

وإذا جاء المنافقون لتعمل معهم ظلماً بآخر، باستهزاء وحيلة أو عنف وقتل، فاهرب منهم هرباً مضاعفاً عن هربك لو كان إضرارهم بك شخصياً. لأن من يضر إنساناً آخر يضر الله، الذي خلقه ويحبه. ومن يكمن لمسكين ليقتله أو يسيء إليه، فكأنما خنق نفسه. لأن غضب الله يلحقك، لأجل أفعالك الشريرة. فما أبشع الذي يسيء للآخرين، ليربح شيئاً فانياً! فهذا الظالم اختار الشرير شخصياً وترك الله الذي هو المحبة.

ولا بد أنك لا تسكن السماء، بل الأرض المفعمة بالتجارب. فع واحذر، لأن ربك أعطاك إرادة قوية وضميراً حياً. واطلب إلى الله المحب أن يمنحك حكمة، لتدرك كل تجربة مسبقاً. وأن يعطيك العزم والقوة، لتترك الشر رأساً وأبداً.

والأفضل أن تترك الأصدقاء الفاسدين، من أن تفسد شخصياً. «قل من تعاشر فأقول لك من أنت». اطلب من ربك أصدقاء، يطلبون مثلك القداسة ويعيشون في مخافته. إن زملاءك يلعبون دوراً كبيراً في حياتك. فاختر أصدقاء أمناء. واقرأ معهم الكتاب المقدس، فتعرفون الله وأنفسكم وخلاص ربكم، وقوة نعمته وشركة لطفه.

الصلاة: أيها الله القدوس، أشكرك شكراً كبيراً، لأنك منحتني ضميراً حياً، وقدوة صالحة في والديّ. وإنجيلك ينيرني، اغفر لي إن وافقت على تجربة. وطهرني نفساً وجسداً، لأتقدس حقاً. امنحني إرادة ثابتة لكيلا أوافق على خطية ما. واعطني الحكمة لأستطيع القرار ما هو صالح وما هو شرير. ومن هم الأصدقاء المخلصون ومن المضلون! اجمعني مع الذين يحبون كلمتك ويخدمونك بفرح.

السؤال:

6 - كيف نغلب التجربة؟

1: 20-33 «20 اَلْحِكْمَةُ تُنَادِي فِي ٱلْخَارِجِ. فِي ٱلشَّوَارِعِ تُعْطِي صَوْتَهَا. 21 تَدْعُو فِي رُؤُوسِ ٱلأَسْوَاقِ، فِي مَدَاخِلِ ٱلأَبْوَابِ. فِي ٱلْمَدِينَةِ تُبْدِي كَلامَهَا 22 قَائِلَةً: إِلَى مَتَى أَيُّهَا ٱلْجُهَّالُ تُحِبُّونَ ٱلْجَهْلَ، وَٱلْمُسْتَهْزِئُونَ يُسَرُّونَ بِٱلاسْتِهْزَاءِ، وَٱلْحَمْقَى يُبْغِضُونَ ٱلْعِلْمَ؟ 23 اِرْجِعُوا عِنْدَ تَوْبِيخِي. هَئَنَذَا أُفِيضُ لَكُمْ رُوحِي. أُعَلِّمُكُمْ كَلِمَاتِي. 24 لأَنِّي دَعَوْتُ فَأَبَيْتُمْ، وَمَدَدْتُ يَدِي وَلَيْسَ مَنْ يُبَالِي، 25 بَلْ رَفَضْتُمْ كُلَّ مَشُورَتِي، وَلَمْ تَرْضَوْا تَوْبِيخِي. 26 فَأَنَا أَيْضاً أَضْحَكُ عِنْدَ بَلِيَّتِكُمْ. أَشْمَتُ عِنْدَ مَجِيءِ خَوْفِكُمْ. 27 إِذَا جَاءَ خَوْفُكُمْ كَعَاصِفَةٍ، وَأَتَتْ بَلِيَّتُكُمْ كَٱلزَّوْبَعَةِ، إِذَا جَاءَتْ عَلَيْكُمْ شِدَّةٌ وَضِيقٌ، 28 حِينَئِذٍ يَدْعُونَنِي فَلا أَسْتَجِيبُ. يُبَكِّرُونَ إِلَيَّ فَلا يَجِدُونَنِي. 29 لأنَّهُمْ أَبْغَضُوا ٱلْعِلْمَ وَلَمْ يَخْتَارُوا مَخَافَةَ ٱلرَّبِّ. 30 لَمْ يَرْضَوْا مَشُورَتِي. رَذَلُوا كُلَّ تَوْبِيخِي. 31 فَلِذٰلِكَ يَأْكُلُونَ مِنْ ثَمَرِ طَرِيقِهِمْ، وَيَشْبَعُونَ مِنْ مُؤَامَرَاتِهِمْ. 32 لأنَّ ٱرْتِدَادَ ٱلْحَمْقَى يَقْتُلُهُمْ، وَرَاحَةَ ٱلْجُهَّالِ تُبِيدُهُمْ. 33 أَمَّا ٱلْمُسْتَمِعُ لِي فَيَسْكُنُ آمِناً، وَيَسْتَرِيحُ مِنْ خَوْفِ ٱلشَّرِّ».

إن الله لا يتركك وحيداً في التجارب والمشاكل. فقد أرسل منادين أمناء، ليغلبوا أكاذيب الفلاسفة والأنبياء الكاذبين.

وفي قراءتنا اليوم ظهرت الحكمة ليس كفكر، بل منادية كشخص كأميرة نبيلة. تنزل متجولة داعية في الشوارع والأسواق، منادية الجهال والمستهزئين للرجوع والخلاص.

ولا تتكلم الحكمة بلطف فقط أو بمداهنة. بل توبخ وتؤنب لأن المحبة الحقة قاسية، لكنها منجية، ومستعدة لسكب روح الحق في قلوب الذين يسمعون ويقبلون الإرشاد إلى الحق (20-23).

ولكن هناك لم يكن أحد مستيقظاً. وإذا سمع في ضجيج الحياة كلمة الحكمة يرفضها عمداً (24 و25).

ويل للذي يستهزئ بحكمة الله، فيسقط للدينونة التي تهاجمه في حينها كزوبعة وبسلطان عاصفة. إن غضب الله معلن على كل فجور الناس وإثمهم. والحكمة تهز رأسها على الناس، الذين يولولون في ساعات الضيق والكوارث، لأنهم لم يدركوا ماذا أرادت الحكمة أن تعلمهم سابقاً. إن كل ضيق إنما هو نتيجة عدم معرفة الله، وعدم الإطاعة لإرادته الصالحة. ففي النكبات يجدف الكثيرون على خالقهم. لأنهم لم يحبوا بره، ولم يصغوا لإرشاده. فيطلبون معنى عقوباته متأخرين. فلا يجدونه لأن قلوبهم غليظة.

لا رجاء للملحدين في ساعة الدينونة. لأنهم أبغضوا حكمة الله الصالحة، ورفضوا خوف القدوس. فلم يريدوا قبول روح الله، واستهزأوا بلطفه. فالقصاص الإلهي نتيجة تلقائية للإلحاد والذنوب، كما أن سبب الموت هو ابتعاد الإنسان عن خالقه. والجهال يفكرون أنهم يعيشون في راحة أبدية، ولا يلاحظون أن سيف الله هابط على رؤوسهم.

فإن فتحت إنجيل متى 11: 19 و23: 37 و38 تر أن هذه القراءة هي نبوة عن يسوع بالذات القائل عن نفسه، إنه الحكمة المتجسدة. ففيه تسكن كل كنوز الحكمة ومعرفة الله. ولا توجد بدونه حكمة حقة ولا معرفة الأزلي. وقد تجول المسيح في الشوارع والأزقة ونادى كل الناس إلى التوبة والإيمان. ولكنهم لم يسمعوه ولم يريدوا أن يأتوا إليه. فسقطت دينونة الله عليهم بلا شفقة. لأن من يرفض الرجوع إلى الله، يرفض العلي نفسه.

وحتى اليوم يرسل حكماء لعالمنا الغبي (متى 23: 34-35) الذين ينادون كل الناس في قوة الروح القدس، أن يرجعوا ويتوبوا. فماذا يحدث؟ اقرأ مرة أخرى النص من الأمثال، فتجد الجواب لمستقبل البشر. فهل تسمع أنت وتتعقل حقاً؟

الصلاة: أيها الله القدوس. دينوناتك عادلة وقصاصك حق. اغفر لنا إذ لم نسمع لكلمتك بإصغاء. وإن أهملنا نصائح حكمتك. غيّر إراداتنا لنلتجئ إلى المسيح، وندرك فيه حكمتك المتجسدة. ونقبل روحه. ونؤمن به ونعمل إرادته. امنحنا قلباً مطيعاً لكيلا نتقسى حين نسمع صوتك.

السؤال:

7 - ما هي الأسباب لدينونة الله؟

الأصحاح الثاني 1-9 «1 يَا ٱبْنِي، إِنْ قَبِلْتَ كَلامِي وَخَبَّأْتَ وَصَايَايَ عِنْدَكَ، 2 حَتَّى تُمِيلَ أُذُنَكَ إِلَى ٱلْحِكْمَةِ، وَتُعَطِّفَ قَلْبَكَ عَلَى ٱلْفَهْمِ 3 إِنْ دَعَوْتَ ٱلْمَعْرِفَةَ وَرَفَعْتَ صَوْتَكَ إِلَى ٱلْفَهْمِ، 4 إِنْ طَلَبْتَهَا كَٱلْفِضَّةِ وَبَحَثْتَ عَنْهَا كَٱلْكُنُوزِ، 5 فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُ مَخَافَةَ ٱلرَّبِّ وَتَجِدُ مَعْرِفَةَ ٱللّٰهِ. 6 لأَنَّ ٱلرَّبَّ يُعْطِي حِكْمَةً. مِنْ فَمِهِ ٱلْمَعْرِفَةُ وَٱلْفَهْمُ. 7 يَذْخَرُ مَعُونَةً لِلْمُسْتَقِيمِينَ. هُوَ مِجَنٌّ لِلسَّالِكِينَ بِٱلْكَمَالِ، 8 لِنَصْرِ مَسَالِكِ ٱلْحَقِّ وَحِفْظِ طَرِيقِ أَتْقِيَائِهِ. 9 حِينَئِذٍ تَفْهَمُ ٱلْعَدْلَ وَٱلْحَقَّ وَٱلاسْتِقَامَةَ: كُلَّ سَبِيلٍ صَالِحٍ».

لا يزال الرجاء موجوداً لعالمنا،. والهلاك غير مكتوب علينا. إن الله مستعد لخلاصك، بشرط واحد: أن تسمع كلمته وتقبل حكمته. فأنت محتاج إلى تغيير أفكارك. وذلك يتم بإصغائك إلى كلمة الله. فأمل طوعاً إليه قلبك. وسلمه نفسك ليهديك. وارد عمل كلماته.

عندئذ تدرك، أنه تنقصك الحكمة والقوة، وتبتدئ طلبها. فتصرخ إلى الله ليمنحك إياها. وهذا هو تماماً المعنى من كلمات الرسول يعقوب إذ يكتب في الأصحاح الأول من رسالته: «إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ حِكْمَةٌ فَلْيَطْلُبْ مِنَ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي يُعْطِي ٱلْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلا يُعَيِّرُ، فَسَيُعْطَى لَهُ»(يعقوب 1: 5).

فكيف تصلي لله لأجل حلول الحكمة في قلبك؟ هل معرفتك بها مهم عندك كنيل الفضة والذهب؟ هل يسكن فيك الشوق إلى معرفة الحقيقة والسير في أفضل الطرق؟ عندئذ تتعب لأجل الحصول على الحكمة، وتعتبرها كنزاً عظيماً.

وإن استمررت بصلاتك الإيمانية، تنل بصيرة وأفقاً ممتداً إلى الأبد. فترى الله بأعين قلبك، وأنه مقياس لكل مخلوق.

كل تقواناً ظاهرة أمام قداسته عدماً. فخوف الله يخيم على كل مبصريه. ولكن الارتجاف أمام قداسة الله يتلاشى في المبصر. ويأخذ محل الرعب. الشكر والسجود المغبوط. لأن الله يمنحنا بجانب حكمته ومخافته معرفة محبته وجودته الأبوية. قد عنى ما وعد به: «تَطْلُبُونَنِي فَتَجِدُونَنِي إِذْ تَطْلُبُونَنِي بِكُلِّ قَلْبِكُمْ»(إرميا 29: 13). فالله لم يمنح للمصلين مواهب فانية فقط أو حكمة جزئية، بل معرفة ذاته. وأمام مجده نرتجف مرة أخرى، وننكسر لكبريائنا. ولكن بنفس الوقت نعرف بالمسيح أبوة الله وبحر محبته.

وبواسطة إدراك الله وبصيرته تتغير حياتنا جذرياً. فكل حضارة هي نتيجة صورة إلهها في محورها، لأن الوحي يصبغ حياة تابعيه. فالصورة لإلهنا قدوتنا، ومحبته وحقه هدفنا. وأمانته وطهارته واجب علينا. ولطفه وغفرانه دافعنا. فتحب كما يحبك الله، واغفر كما يغفر لك.

إن الله الأزلي يحافظ على مؤمنيه والمتمثلين به، ويساعدهم إلى حياة مستقيمة مقدسة. ويحدد ضمائرهم، لينفصلوا من الشباب والرجال الأشرار، ويتركوا تجارتهم المعوجة، ويبتعدوا عن الزناة. فيعيش المتزوج بإخلاص مع قرينه. والتقي يقشعر من الكذب. فيرى الكبرياء منتنة. لقد عرف المؤمنون في جلال الله دنسهم الخاص. فلا يستسيغون البقاء في مستنقعات البشر، بل يطمحون إلى كلام الله. فالإيمان بالله ومخافته، يغير حياتنا وفكرنا وأعمالنا. ويعطينا معنى أبدياً.

الصلاة: أيها الآب السماوي، نشكرك لأنك أعلنت لنا في المسيح من أنت. اغفر لنا نقصاننا في المخافة والمحبة لك. وافتح أعين قلوبنا لنراك. وطهر أذنينا لنسمع كلمتك. وأيقظ أذهاننا لندرك إرادتك. وشدد عزيمتنا لنتمم نصائحك. اجبل حياتنا حسب صورتك، لنرحم كما ترحم أنت، ونسامح كما تسامحنا دائماً.

السؤال:

8 - ما الذي يهبه الله للذين يطلبون حكمته؟

الأصحاح الثالث 1-4 «1 يَا ٱبْنِي، لا تَنْسَ شَرِيعَتِي، بَلْ لِيَحْفَظْ قَلْبُكَ وَصَايَايَ. 2 فَإِنَّهَا تَزِيدُكَ طُولَ أَيَّامٍ، وَسِنِي حَيَاةٍ وَسَلامَةً. 3 لا تَدَعِ ٱلرَّحْمَةَ وَٱلْحَقَّ يَتْرُكَانِكَ. تَقَلَّدْهُمَا عَلَى عُنُقِكَ. اُكْتُبْهُمَا عَلَى لَوْحِ قَلْبِكَ، 4 فَتَجِدَ نِعْمَةً وَفِطْنَةً صَالِحَةً فِي أَعْيُنِ ٱللّٰهِ وَٱلنَّاسِ».

نقرأ في إنجيل لوقا 2: 52 عن الفتى يسوع، أنه تقدم في الحكمة والقامة والنعمة، عند الله والناس. وقد أدرك أنه ينبغي أن يكون فيما لأبيه السماوي. فحياته كلها تطورت نحو قدوة أبيه السماوي. وحفظ آيات الأمثال غيباً، ولم ينس الشريعة. ودعى الوصايا في قلبه. وكأنه زين قلبه بالحق، وتقلد جواهر الناموس في عنقه. وكتب صفات الله على لوحي قلبه. وهكذا وجد النعمة عند الناس. ونما في قدرة ذكاء عقله. ولم يتلق دروساً في القنابل الذرية والهيدورجينية. وما عرف ضجيج الطائرات إنما قد علم الله وثبت في مشيئته. وعاش في قرب أبيه. فأصبح مخلص العالم كله.

3: 6-8 «6 فِي كُلِّ طُرُقِكَ ٱعْرِفْهُ وَهُوَ يُقَوِّمُ سُبُلَكَ. 7 لا تَكُنْ حَكِيماً فِي عَيْنَيْ نَفْسِكَ. ٱتَّقِ ٱلرَّبَّ وَٱبْعُدْ عَنِ ٱلشَّرِّ، 8 فَيَكُونَ شِفَاءً لِسُرَّتِكَ، وَسَقَاءً لِعِظَامِكَ».

إن التربية في أيامنا هي من وحي الشيطان القائل: اتكل على عقلك، فتستطيع اكتشاف كل أسرار الطبيعة، وتصير مخترعاً شهيراً. وتبرز المدارس الأوائل في الصفوف، فيتلقى الشاطرون احتراماً وتألها. وأما حكمة الله فتعلمنا عكس التكبر العقلي، وتكسر اتكالنا على ذكائنا. لأن الروح القدس يأمرك أن تتكل على ربك من كل قلبك. ولا تثق بعقلك الخداع، بل تواضع أمام الله، واعتبر نفسك لا شيء أمام قدرته. لا تقارن ذاتك بأناس آخرين. لأن الله القدوس العظيم هو مقياس حياتك وهدفك ومعينك. فالعلم لا يكفيك. تأمل في خالقك، واستشره بكل أسئلتك ومشاكلك. فيجازي ثقتك به، ويهديك في كل عذاباتك. وستختبر عنايته، إن اتكلت عليه من كل قلبك. اختر بين اتكالك على ربك واستنادك على عقلك. فإن فضلت الاتكال على الله والالتجاء إليه، فلا تعد تظن نفسك ذكياً أو حكيماً ومقتدراً. إنك محتاج للاستنارة، ولإدراك المعتني بك ليلاً نهاراً. خف الله واهربن من الكبرياء، لأنها أصل كل الشرور.

والمتضع يصح نفساً وجسداً. لأنه لا ينتفخ، ولا يمرض في روحه. إنما مدعي الذكاء هو مريض العقل والنفس. وكل حاصل على الشهادات المدرسية العالية وناجح في الحياة العملية، يشرف على أخطر تجربة. ارم شرفك ومواهبك أمام الله، فتصبح إنساناً اعتيادياً وغير معقد. وقد قال يسوع عن نفسه: «تَعَلَّمُوا مِنِّي، لأنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ ٱلْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ» (متى 11: 29). وهكذا فلم يعتبر نفسه ذكياً عظيماً، بل تواضع أمام الله معتبراً ذاته لا شيء حتى قال: الابن لا يقدر أن يفعل شيئاً من تلقاء نفسه. فمن أنت الذي تظن أنك شيء؟

من يدرك صغر نفسه في أمانة محبة الله، يتشكر ويتغير إلى إنسان التضحية. فبذل الذات هو العبادة العقلية. فكل من لا يضحي لله، ويثبت في البخل، لهو فقير في قلبه. وإذا فاعلم أن كل مواهبك وأموالك وممتلكاتك، تخص الله. فرد إليه ما استودعكه. ولا تتكمش بما عندك. بل تبرع وضح، حسب إرشاد الحكمة. فإن ضحيت فبالفرح والغزارة والمودة. وليس بالنذر الضئيل والمرارة المتألمة. انفصل عن باكورة مدخولك. وقدمها لله رمزاً أنك لا تحصد ثمارك الخاصة. بل كل شيء أتاك به وهو منه.

ومن يكرم ربه عملياً بتبرعات من مهنته وبيته، يختبر إكرام الله له أيضاً. والأزلي غير محتاج إلى قربانك. لكن يبارك محبتك له، ويمطر بملئه على المضحين. والمعطي المسرور يحبه الله. وإن نقصتك بركة الله، فسبب ذلك بخلك وحسدك وهمومك. اتكل على الرب من كل قبلك. وضح بأموالك لكل المحتاجين بحكمة، واشترك في مشاريع التبشير، لينتهي البخل وتحل المحبة.

الصلاة: أيها الله القدوس. احفظني من نفسي وكبريائي وبخلي. واخلق فيّ اتكالاً شاملاً كاملاً عليك، لأخدمك بفرح، وأضحي بأموالي حسب إرشاد روحك. وسامحني لاتكالي على كتبي ومعلوماتي وشهاداتي. فإنك معرفتي الوحيدة الحقة. فليس شيء مهما لي إلاك رباً في العالم، إذ أنك لا جسدي، ويتجه عقلي إلى روحك. فأسلك متواضعاً وديعاً نامياً في نعمتك. آمين.

السؤال:

9 - أي آية تعتبرها هي الأهم من الأصحاح الثالث ومن العدد الأول حتى العاشر؟

لقد حفظ كاتب الرسالة إلى العبرانيين هذه الآيات غيباً حسب الترجمة اليونانية (السبتواكنتا). ودونها في الأصحاح 12: 5 و6 من رسالته، برهاناً لمحبة أبينا السماوي، الذي يرسل الضيق إلى حياتنا، ليرجعنا إلى ذراعي محبته المفتوحة لنا. فنثبت في الإيمان والشكر والمحبة.

كلنا ناقصوا الثقة بالله. وأقللنا التضحية، وما حفظنا الوصايا كما يجب. وعكس ذلك، اتكلنا على عقلنا الإله المعبود. وأحببنا شهاداتنا، وتمسكنا بممتلكاتنا. وفكرنا ألوف الأفكار إلا إرادة الله التي لخيرنا.

إن تأديب أبينا السماوي يحفظنا من السطحية، ويحررنا من الخطية ويمنعنا من الحزن. والآب المهتم، لا يسمح أن يغرق أولاده في اللهو واللامبالاة فيفسدوا. إنه ينشلهم من الكذب والعناد والدعارة. وإن لم يستمعوا لكلماته اللطيفة، فيضربهم مرة أو مرتين وتكراراً. وضرباته ليست للإبادة، بل للتأديب، محبة بأبنائه، حتى لا يضلوا. أما الآب الذي لا يؤدب أولاده، فلا يكون حقيقياً. وإلا فإنه يحتقر سلالته كغوغاء، ويسرحهم للأوحال فيتسخوا بأنفسهم وأجسادهم.

أيها الأخ لا تتذمر على الضيقات الهاجمة عليك، بل أشكر ربك لأجلها، لأنها تهديك للتأمل في فشلك. فترجع إلى خوف الله ومحبة الآب. ولا تنس أن الله يحبك بمقدار أن يضربك ليرجعك إليه. فمتى تتغير وتتقدس في حضوره؟

3: 13-18 «13 طُوبَى لِلإِنْسَانِ ٱلَّذِي يَجِدُ ٱلْحِكْمَةَ، وَلِلرَّجُلِ ٱلَّذِي يَنَالُ ٱلْفَهْمَ، 14 لأَنَّ تِجَارَتَهَا خَيْرٌ مِنْ تِجَارَةِ ٱلْفِضَّةِ، وَرِبْحَهَا خَيْرٌ مِنَ ٱلذَّهَبِ ٱلْخَالِصِ. 15 هِيَ أَثْمَنُ مِنَ ٱللآلِئِ وَكُلُّ جَوَاهِرِكَ لا تُسَاوِيهَا. 16 فِي يَمِينِهَا طُولُ أَيَّامٍ، وَفِي يَسَارِهَا ٱلْغِنَى وَٱلْمَجْدُ. 17 طُرُقُهَا طُرُقُ نِعَمٍ، وَكُلُّ مَسَالِكِهَا سَلامٌ. 18 هِيَ شَجَرَةُ حَيَاةٍ لِمُمْسِكِيهَا، وَٱلْمُتَمَسِّكُ بِهَا مَغْبُوطٌ».

لربما كان يسوع قد تأمل في هذه الآيات، عندما أخبرنا في إنجيل متى 13: 44-46 كيف وجد إنسان في حقل كنزاً. فباع كل ما عنده واشترى الحقل مع كنزه الثمين. ودلنا يسوع على تاجر جامع للآلىء. فباع كل ما عنده من حجارة كريمة ليربح الفريضة.

وقد هدانا يسوع بهذين المثلين إلى ذاته، لأنه هو حكمة الله المتجسدة. فاعترف بولس بقوله: «ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ، ٱلَّذِي صَارَ لَنَا حِكْمَةً مِنَ ٱللّٰهِ وَبِرّاً وَقَدَاسَةً وَفِدَاءً» (1كورنثوس 1: 30). وأنه مذخر فيه جميع كنوز الحكمة والمعرفة. فلئن وجدنا في مخافة الله بدء الحكمة. فإننا لنجد في المسيح قمة الحكمة وملئها. انظر إلى حياته وسلوكه ونهايته ونتائج قيامته، تر خطوط حكمة الله متحققة في حياتك.

طوبى لك إن وجدت المسيح شخصياً، لأن بروحه القدوس تتحقق في حياتك صفات وثمار الحكمة، كما أنبأتنا عنها قرائتنا السابقة. فمن يثبت في فضائل الحكمة، فإنما يكسب أياماً طويلة وحياة أبدية، والنعم الإلهية وبر الرب وفرح الله، ومواهب روحية بغزارة. ويتقدم حتى مجد الله متغيراً إلى نار محبته الأصلية، التي ستنكشف في مجيء المسيح الثاني. فالمؤمن الحكيم يعلم، أن هدف مخافة الله هو تحقيق مجده فينا. فتابعو المسيح ليسوا بلا هدف ورجاء. بل إنما هم محفوظون محروسون في حماية الرب إلى الأبد، ويفيضون فرحاً وغطبة وسروراً.

3: 19 و20 «19 ٱلرَّبُّ بِٱلْحِكْمَةِ أَسَّسَ ٱلأرْضَ. أَثْبَتَ ٱلسَّمَاوَاتِ بِٱلْفَهْمِ. 20 بِعِلْمِهِ ٱنْشَقَّتِ ٱللُّجَجُ وَتَقْطُرُ ٱلسَّحَابُ نَدىً».

الحكمة لا تتركنا في رجاء بهي فقط، بل تمنحنا أيضاً معرفة مصدر الكون مبدئياً. إن الله قد خلق العالم. هذه الجملة هي قاعدة القواعد. فالعلماء لا يخترعون قوى وحكماً وقوانين جديدة، بل يكتشفون النذر الضئيل من حكمة الله وطرقه العليا الموجودة من قبل. إن كل دارس للفيزياء والكيمياء وعلم الأحياء وعلم النفس بدقة، ليتعجبن من جمال نظام الله وعظمة حكمته الخالدة. فكل العلوم الطبيعية ما هي إلا تفسير لقدرة الخالق. اسجد له. وادرك سمو وعمق وعرض حكمته الفائقة. لأن معرفتنا الخاصة ليست شيئاً مذكورا إلا جزءاً صغيراً. فإن ربنا ليس له حدود. وكل من ينظر إليه، يحصل على قلب واسع فيتضع لجلاله. عندئذ تنحل العقد النفسية، لأننا نصغر ونتضائل في عظمئته.

الصلاة: أيها الله القدوس الثالوث الواحد الآب والابن والروح القدس. ما أعظمك لأنك خلقت العالم وفديته وتقدسه وستكمله. فاحفظنا من الكبرياء السطحية، وارشدنا إلى التواضع الطوعي. وافتح أعيننا لنرى مجدك في خلقك ووحيك، لنشترك في حياتك الأبدية. متقدمين بجرأة إلى المجد المعد لنا. لأن المسيح غفر خطايانا. والروح القدس حل فينا عربوناً لمجدك الأزلي.

السؤال:

10 - لم يضربنا الله؟

3: 24 «24 إِذَا ٱضْطَجَعْتَ فَلا تَخَافُ بَلْ تَضْطَجِعُ وَيَلُذُّ نَوْمُكَ».

كل من يعيش مع الله يستطيع النوم العميق. فكثير من الناس يبتلعون في أيامنا حبات التنويم والمخدرات العديدة، لأن قلوبهم لا يسكنها الله. فليسوا مسرورين، لأنهم لا يعرفون مستقبلهم. أما ماضيهم فغير منظم. ولكن من يعش في المسيح ويلتصق بحكمة الله المتجسدة، ينل كل شيء ضميراً مرتاحاً وقلباً منشرحاً وينظر مطمئناً إلى المستقبل. ومما لا بد منه أن الأيام شريرة. ولكن ربنا حي. فهو يكفينا.

3: 31-35 «31 لا تَحْسِدِ ٱلظَّالِمَ وَلا تَخْتَرْ شَيْئاً مِنْ طُرُقِهِ، 32 لأَنَّ ٱلْمُلْتَوِيَ رِجْسٌ عِنْدَ ٱلرَّبِّ. أَمَّا سِرُّهُ فَعِنْدَ ٱلْمُسْتَقِيمِينَ. 33 لَعْنَةُ ٱلرَّبِّ فِي بَيْتِ ٱلشِّرِّيرِ لٰكِنَّهُ يُبَارِكُ مَسْكَنَ ٱلصِّدِّيقِينَ. 34 كَمَا أَنَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِٱلْمُسْتَهْزِئِينَ هٰكَذَا يُعْطِي نِعْمَةً لِلْمُتَوَاضِعِينَ. 35 ٱلْحُكَمَاءُ يَرِثُونَ مَجْداً وَٱلْحَمْقَى يَحْمِلُونَ هَوَاناً».

إن الذي يعيش أمام الله، يصبح أميناً في شغله ومستقيماً في أقواله. لأن ليس في الروح القدس ظلم. وليس الله بخادع أحداً. إنه أمين وبار وقدوس. وصفاته تسبغ أتباعه. وكل حياة مضادة لأشعة مجد الله هي رجس أمامه. وكل أفكار معوجة وأساليب ماكرة تسبب غضب الله. ومن يجدف عليه أو يستهزئ بأتباعه، فسيختبر جزاء تجديفه. لأن جميع الاستهزاءات المنصبة على المؤمنين البسطاء ترجع على مطلقيها. والعصاة الثائرون ضد روح الله، لا يدينون سوى أنفسهم، لأنهم ينفصلون عن الحكمة والحق والبر. ما أعظم الغباوة أن ينفصل الإنسان عن الله.

4: 23 و24 «23 فَوْقَ كُلِّ تَحَفُّظٍ ٱحْفَظْ قَلْبَكَ لأَنَّ مِنْهُ مَخَارِجَ ٱلْحَيَاةِ. 24 ٱنْزِعْ عَنْكَ ٱلْتِوَاءَ ٱلْفَمِ وَأَبْعِدْ عَنْكَ ٱنْحِرَافَ ٱلشَّفَتَيْنِ».

الحكيم يعلم أن أعظم خطر وأعظم بركة للإنسان في لسانه. به نمجد الله، وننقل خلاصه إلى المستعدين. ولكن الذي لا يضبط لسانه في قوة الروح القدس، يصبح بئراً مراً ممتلئ السم والدعارة والبغضة.

وليس اللسان هو المتسبب للكذب والالتواء والتكبر. إنما القلب هو الشرير منذ حداثته. وهذه هي أساس الحكمة، إدراكنا في نور مجد الله، ألا إنسان صالح. كلنا أشرار، ومن قلوبنا تخرج أفكار رديئة. وقد أضللنا كثيرين إلى طريق الخطيئة، لأن أقوالنا وأعمالنا الغير المضبوطة من روح الرب تذيع الكبرياء والجبن والخداع.

فليس لنا رجاء إلا خلق جديد يحدث في قلوبنا بروح المسيح. عندئذ تتقدس نوايانا، وتتطهر شفاهنا. ومحبة الله تحررك من التوائك المحتال، وتغير حساسيتك الأنانية، إلى صبر واحتمال حكيم. وانتبه على الخصوص لقلبك الجديد، ليثبت في صفات الروح المبارك، لكيلا ترتد إلى شرّك السابق واطلب من ربك الكلمة الإلهية ليملأ فمك بكلماته المقدسة.

الصلاة: أيها الرب إن نظرنا إليك، نر محبة الله وصبره والحكمة التي تفوق كل العقل. وإن نظرنا في أنفسنا نجد التواءنا واستكبارنا وقلبنا الشرير. سامحنا لكياننا الفاسد واخلقنا جديداً. وطهرني يا رب تماماً، ليغيرني روحك إلى تواضعك. فأنام عندئذ هادئاً في حفظك، ومدح محبتك يرتفع من خضوعي الطوعي لحكمتك.

السؤال:

11 - كيف ترتبط العبارات الثلاث معا. النوم المرير والتواضع وقلوبنا؟

لا يكسل المؤمن بتاتاً، لأن الله يعمل ولا ينام. فقد خلق العوالم. وجعلنا أولياءه فيها. وإنه يخلص اليوم العصاة الفاسدين. ويدعونا لنقل خلاصه إلى الضالين. وهو مقدسنا بروحه القدوس، لنسبحه من أعماق قلوبنا، خادمين المساكين. فأعمدة الأخلاق المسيحية هي الاجتهاد والحركة والخدمة والتضحية. لأن ربنا ليس صنماً متجمداً مملاً. بل إنه المحبة العاملة. وكل من يثق بالله ذي الحنان الأبوي، يحرره من الروح الاتكالي لآخر درجة من النشاط.

لقد منحك العقل لتستنتج من نظام الطبيعة ترتيب العمل والجهد. فبدون اجتهاد وبذل، لا جعالة ولا نجاح ولا أجر. فمن الطبيعي أن النملة تعمل وتجاهد في سبيل طعامها، وإلا تموت جوعاً في الشتاء. لذلك ينبغي على التلاميذ في المدرسة أن يتعمقوا بدروسهم بدقة وتركيز. وإن على العامل أن يقوم بواجباته بكل أمانة وضمير. وإلا يفقد عمله. ولا تنس أن القاعدة الرسولية تقول: «إِنْ كَانَ أَحَدٌ لا يُرِيدُ أَنْ يَشْتَغِلَ فَلا يَأكُلْ أَيْضاً»(2تسالونيكي 3: 10). فكل استعطاء وإعطاء عيب، إلا في حالة المرض أو الشيخوخة. إنما الشباب وذوو الصحة، فليحمدوا الله بأعمالهم ومخافتهم له. وإنه لشرف كبير، أن تتسخ أثناء شغلك اليدوي في مهنتك. وفخر لك عند الله أن تنزع الزبل من وراء البقر في المزارع. ولا تقدر على بنيان أرضك وفداء صحرائك إلا بعرق جبينك، وجهد مستمر وتضحية في الأجيال. فما السادة ولا الموظفون هم أسس الشعب، بل الفلاح العامل بيديه. فهو ركن الامة الركين. والروح القدس يشاء تغيير فهمك الأدبي لعملك. وقد غسل يسوع أرجل تلاميذه المتسخة. فلماذا تترفع عن عمل دنس؟ إن المزارع الأمين يفضله الله على مدير المكتب، الجالس كسولاً وراء مكتبه. ويشرب قهوة، تاركاً الآخرين يشتغلون عوضاً عنه. فإن محبة الله تحررنا إلى العمل وتخلصنا من الكسل المنتن.

انظر إلى الأشخاص والبلدان والحضارات، حيث حل روح المسيح في القلوب. هناك تعم النظافة والنظام والاجتهاد. وكل من يشتغل هو محترم. وانظر إلى البلدان، حيث لم يحل روح المسيح بعد. فهناك تعم الاتكالية والكسل واستغلال المساكين. فالمؤمن لا يستخدم أخاه الإنسان عبداً لأمنيته. لأن محبة الله تجعلنا عبيداً لمسرة جيراننا وخيرهم. ومن هذا الروح، ينبع السلام والتقدم والفرح. إن المسيح هو الرجاء الوحيد لعالمنا الكسلان.

الصلاة: أيها الرب يسوع، نشكرك لأنك نزلت من علو مجدك وأصبحت خادماً للمساكين ومخلصاً للضالين. وقد علمنا رسولك بولس التبشير المبني على الشغل اليدوي. فاغفر لنا بطء وكسل وعدم إرادة العمل. اجعلنا مجتهدين واغلب تعبنا لكي نتنشط وننجح في قوتك. ووجه أنظارنا لأعمال مستقيمة. واملأ أذهاننا بحكمة، والهم قلوبنا النظام، لكيلا نخدم بالحيلة، بل نعمل بأمانة.

السؤال:

12 - لم الكسل عند الله رجس كبير؟

6: 16-25 «16 هٰذِهِ ٱلسِّتَّةُ يُبْغِضُهَا ٱلرَّبُّ، وَسَبْعَةٌ هِيَ مَكْرُهَةُ نَفْسِهِ: 17 عُيُونٌ مُتَعَالِيَةٌ، لِسَانٌ كَاذِبٌ، أَيْدٍ سَافِكَةٌ دَماً بَرِيئاً، 18 قَلْبٌ يُنْشِئُ أَفْكَاراً رَدِيئَةً، أَرْجُلٌ سَرِيعَةُ ٱلْجَرَيَانِ إِلَى ٱلسُّوءِ، 19 شَاهِدُ زُورٍ يَفُوهُ بِٱلأَكَاذِيبِ، وَزَارِعُ خُصُومَاتٍ بَيْنَ إِخْوَةٍ».

أي صفة من تلك المذكورة آنفاً، تعتبرها الأنجس؟ تعمق في كلمات الحكمة الواضحة، وقارن مقاصد قلبك السرّية بها.

الإنسان المستعلي يفكر متعجرفاً بنفسه. ويتكلم ويكتب كثيراً، ويكذب أكثر مما يعلم، مريداً إفناء أعدائه. ويرعى قلبه في أفكار شريرة. حتى ليشبه مصنعاً للشر والحقد. وفي احتياله يولي الحق قليلاً. ويفسد صيت الإخوة. فهو بكبريائه يكون سبباً لانشقاقات متعددة، منشئاً خلافاً بين المؤمنين. وأنانيته الظاهرة في حسده وعقده المتنوعة تقلل وتفسد فرح عائلته الخاصة وتقود الجميع إلى البغضة والضيق.

إن الله بذاته يقاوم المستكبرين. وناموسه المحبة المبنية على التواضع. فكل من يسبب انفصالاً بين الإخوة، هو رجس عند الله. وأما الروح القدس، فيدفعنا إلى مصالحة المنفصلين، ولتوحيد الخصماء. فلقد جاء المسيح منشئاً سلام السماء على الأرض. وهو يكره الخلاف والخصام.

امتحن نفسك بدقة في هذه الخطايا السبع المسببة غضب الله، لكيلا يبغضك أيضاً. ولربما تصير أكثر إدراكاً لدوافع تاريخ البشر المخفية، إن عرفت أن الجماهير تعمل ما يكرهه الله. فحق ما قال بولس بكل وضوح: «إِنَّ غَضَبَ ٱللّٰهِ مُعْلَنٌ مِنَ ٱلسَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ ٱلنَّاسِ وَإِثْمِهِمِ، ٱلَّذِينَ يَحْجِزُونَ ٱلْحَقَّ بِٱلإِثْمِ»(رومية 1: 18).

كيف يمكننا التحرر من النوايا السبع الشريرة ونتائجها الرديئة؟ ادرك أولاً من أنت بالحقيقة أمام الله. واطلب من ربك تغيير ذهنك جذرياً. وابغض صميمك حقاً.ولا تترك الله حتى يمنحك قلباً جديداً، ويجدد روحاً مستقيماً في داخلك. التمس منه تنقية ضميرك، وأن يمحو ماضيك الملوث. والله يستجيب صلاتك لأجل المسيح. ويهبك روحه القدوس، الذي يرشدك لكل الحق، ويؤكد لك تطهير ضميرك بانفراج. لا تبق في عاداتك السيئة بل اتكل على رحمة الله فيملأك بمحبة المسيح الأبدية.

الصلاة: أيها الرب العليم. أنت تعرف حيث تكلمت في حياتي كلمات خاطئة بسبب كبريائي واستكباري. اغفر لي إن شوهت صيت اسم إنسان آخر. وامح كل كذب لساني. وغيّر ذهني لكي أصبح إنساناً مستقيماً وصادقاً كما أنك أنت صادق ومستقيم. امنحني قلباً نقياً ولساناً يكرمك. لا أستطيع الحياة المقبولة المرضية عندك من تلقاء نفسي. خلصني من ذاتي وقدسني حقاً، لأحب قربك وأود شركة الناس، وأعزيهم وأخدمهم بالتواضع، وأصالحهم إن تقاطعوا.

السؤال:

13 - أي صفة من الصفات السبع يكرهها الله أكثر ولماذا؟

6: 20-35 «20 يَا ٱبْنِي، ٱحْفَظْ وَصَايَا أَبِيكَ وَلا تَتْرُكْ شَرِيعَةَ أُمِّكَ. 21 اُرْبُطْهَا عَلَى قَلْبِكَ دَائِماً. قَلِّدْ بِهَا عُنُقَكَ. 22 إِذَا ذَهَبْتَ تَهْدِيكَ. إِذَا نِمْتَ تَحْرُسُكَ، وَإِذَا ٱسْتَيْقَظْتَ فَهِيَ تُحَدِّثُكَ. 23 لأنَّ ٱلْوَصِيَّةَ مِصْبَاحٌ وَٱلشَّرِيعَةَ نُورٌ، وَتَوْبِيخَاتِ ٱلأَدَبِ طَرِيقُ ٱلْحَيَاةِ. 24 لِحِفْظِكَ مِنَ ٱلْمَرْأَةِ ٱلشِّرِّيرَةِ، مِنْ مَلَقِ لِسَانِ ٱلأَجْنَبِيَّةِ. 25 لا تَشْتَهِيَنَّ جَمَالَهَا بِقَلْبِكَ، وَلا تَأْخُذْكَ بِهُدُبِهَا. 26 لأَنَّهُ بِسَبَبِ ٱمْرَأَةٍ زَانِيَةٍ يَفْتَقِرُ ٱلْمَرْءُ إِلَى رَغِيفِ خُبْزٍ، وَٱمْرَأَةُ رَجُلٍ آخَرَ تَقْتَنِصُ ٱلنَّفْسَ ٱلْكَرِيمَةَ. 27 أَيَأْخُذُ إِنْسَانٌ نَاراً فِي حِضْنِهِ وَلا تَحْتَرِقُ ثِيَابُهُ؟ 28 أَوَ يَمْشِي إِنْسَانٌ عَلَى ٱلْجَمْرِ وَلا تَكْتَوِي رِجْلاهُ؟ 29 هٰكَذَا مَنْ يَدْخُلُ عَلَى ٱمْرَأَةِ صَاحِبِهِ. كُلُّ مَنْ يَمَسُّهَا لا يَكُونُ بَرِيئاً. 30 لا يَسْتَخِفُّونَ بِٱلسَّارِقِ وَلَوْ سَرِقَ لِيُشْبِعَ نَفْسَهُ وَهُوَ جَوْعَانٌ. 31 إِنْ وُجِدَ يَرُدُّ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ، وَيُعْطِي كُلَّ قِنْيَةِ بَيْتِهِ. 32 أَمَّا ٱلزَّانِي بِٱمْرَأَةٍ فَعَدِيمُ ٱلْعَقْلِ. ٱلْمُهْلِكُ نَفْسَهُ هُوَ يَفْعَلُهُ. 33 ضَرْباً وَخِزْياً يَجِدُ، وَعَارُهُ لا يُمْحَى. 34 لأنَّ ٱلْغَيْرَةَ هِيَ حَمِيَّةُ ٱلرَّجُلِ، فَلا يُشْفِقُ فِي يَوْمِ ٱلِانْتِقَامِ. 35 لا يَنْظُرُ إِلَى فِدْيَةٍ مَا، وَلا يَرْضَى وَلَوْ أَكْثَرْتَ ٱلرَّشْوَةَ».

يظن الناس في أيامنا، إن الجهالة هي الخطية. ولكن بالحقيقة الخطية هي أكبر جهالة. ومن يصنع السوء يهلك نفسه. ومن يضاد وصايا ربنا يتعقد في ضميره المبكت.

طوبى لك، إن سلك والداك أمام الله قديسين. فأصبح سلوكهم شهادة حية لقوة الفادي. وإن أخطأا لا تغضب منهما، بل سامحهما ناظراً إلى يسوع، الذي فكر فيهما، عندما نطق بصلاته الشفاعية: «يَا أَبَتَاهُ، ٱغْفِرْ لَهُمْ، لأنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ»(لوقا 23: 34).

إن أباك أوجدك من أمك، وأطاع بخلقك أمر الله. فالزواج المفرد هو نظام أساسي للخلق المقدس. والرب يدعوك، أن تنقل الحياة الموضوعة في جسدك إلى الأجيال وراءك، بواسطة المرأة المختارة لك من الله. لا تطلب بنتاً حسب ذوقك وبالمقاييس البشرية، بل اطلب من ربك أن يحفظك طاهراً للفريضة التي عيّنها لك.

ولا تسمح لنفسك أن تصطادك امرأة زانية أو بنت جذابة في شبكة حيلها، لكيلا تصبح عصفوراً واقعاً في فخ أنت خاصة لله. فلا تكونن عبداً للزانية واللوطيين.

وإن تسمع لكلمات رجل أو امرأة دنسة، وتنزل لمستواها عاملاً الشر، فإنك عندئذ تصبح زانياً، وتستقدر قلبك. لا تخدع نفسك. فليست التجربة صالحة، إنما تهدم شرفك.

التجئ إلى الله، لأن قوتك ضئيلة. اهرب من تجربة الزنا، لأن ملايين أصبحوا عبيداً مقيدين بشهواتهم، حسب قول المسيح: من يعمل الخطية فهو عبد للخطية. والنفس المقيدة تنوح في السلاسل.

إنما المسيح يستطيع تحريرك من تبكيت ضميرك ومن نجاسة جسدك. إن أردت من كل قلبك خلاصك. فهل تريد أن تخلص؟ فاصرخ إلى يسوع: «ارحمني أنا النجس». ولا بد أنك تحتاج لصلاة التوبة ككل الناس. فلا تخدع نفسك.

والرب مستعد أن يغفر جميع ذنوبك، ويكسر سلاسل تجاربك. ويحررك من عاداتك السيئة. لكيلا تخطئ فيما بعد كسائر الناس. افرأ العهد الجديد بدقة ويومياً، فتكسب نفسك قوة عظيمة.

وكل من يلعب بالخطايا الجنسية يشرف على الخطر أن يفسد نفسه وجسده. لأن الميكروب المسبب أمراضاً جنسية، صارت له مناعة قوية ضد كل الأدوية المكافحة له. فلا يعطي الدواء حماية للفاجر. والأمراض المهدمة للجسد والنفس تتكاثر. فعبيد شهواتهم كثر. ويشبهون المشاة حفاة على جمر النار، لأن جسدهم يلتهب، ويخربون أنفسهم بأنفسهم ولا يشبعون.

أما المسيح فيقول لك: كل من يقبل إلي فلا يجوع. وكل من يسمع كلمتي فلا يعطش إلى الأبد. تعالى إلى المسيح المخلص، لكيلا تكون زانياً، بل تخلص من كل نجاساتك. إنه لا رجاء لك إلا بتسليمك الكلي إلى يسوع. هو مخلصك.

الصلاة: أيها الرب المسيح، أنت تعرفني وشهواتي. وأخجل أن أرفع عيني إلى قداستك. اغفر نجاستي. وطهرني من خطيتي. كسر قيود ارتباطاتي، واغلب تجربتي في بدايتها. امنحني العزم لمقاومة الشر. واحفظني في سلطتك، لأتفوق على الدوام. ارشد الناس الذين أخطأت معهم إلى التوبة والطهارة. واجعلني رمزاً لقوتك الطاهرة لكي أسلك قديساً في الفكر والقول والعمل. أنت مخلصي. بين يديك أستودع جسدي ونفسي إلى الأبد. آمين.

السؤال:

14 - لم يكون الزنا غباوة؟

8: 22-36 «22 اَلرَّبُّ قَنَانِي أَوَّلَ طَرِيقِهِ، مِنْ قَبْلِ أَعْمَالِهِ، مُنْذُ ٱلْقِدَمِ. 23 مُنْذُ ٱلأَزَلِ مُسِحْتُ، مُنْذُ ٱلْبَدْءِ، مُنْذُ أَوَائِلِ ٱلأَرْضِ. 24 إِذْ لَمْ يَكُنْ غَمْرٌ أُبْدِئْتُ. إِذْ لَمْ تَكُنْ يَنَابِيعُ كَثِيرَةُ ٱلْمِيَاهِ. 25 مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقَرَّرَتِ ٱلْجِبَالُ، قَبْلَ ٱلتِّلالِ أُبْدِئْتُ. 26 إِذْ لَمْ يَكُنْ قَدْ صَنَعَ ٱلأَرْضَ بَعْدُ وَلا ٱلْبَرَارِيَّ وَلا أَوَّلَ أَعْفَارِ ٱلْمَسْكُونَةِ. 27 لَمَّا ثَبَّتَ ٱلسَّمَاوَاتِ كُنْتُ هُنَاكَ أَنَا. لَمَّا رَسَمَ دَائِرَةً عَلَى وَجْهِ ٱلْغَمْرِ. 28 لَمَّا أَثْبَتَ ٱلسُّحُبَ مِنْ فَوْقُ. لَمَّا تَشَدَّدَتْ يَنَابِيعُ ٱلْغَمْرِ. 29 لَمَّا وَضَعَ لِلْبَحْرِ حَدَّهُ فَلا تَتَعَدَّى ٱلْمِيَاهُ تُخُمَهُ، لَمَّا رَسَمَ أُسُسَ ٱلأَرْضِ، 30 كُنْتُ عِنْدَهُ صَانِعاً، وَكُنْتُ كُلَّ يَوْمٍ لَذَّتَهُ، فَرِحَةً دَائِماً قُدَّامَهُ. 31 فَرِحَةً فِي مَسْكُونَةِ أَرْضِهِ، وَلَذَّاتِي مَعَ بَنِي آدَمٍ. 32 فَٱلآنَ أَيُّهَا ٱلْبَنُونَ ٱسْمَعُوا لِي فَطُوبَى لِلَّذِينَ يَحْفَظُونَ طُرُقِي. 33 ٱسْمَعُوا ٱلتَّعْلِيمَ وَكُونُوا حُكَمَاءَ وَلا تَرْفُضُوهُ. 34 طُوبَى لِلإِنْسَانِ ٱلَّذِي يَسْمَعُ لِي سَاهِراً كُلَّ يَوْمٍ عِنْدَ مَصَارِيعِي، حَافِظاً قَوَائِمَ أَبْوَابِي. 35 لأنَّ مَنْ يَجِدُنِي يَجِدُ ٱلْحَيَاةَ وَيَنَالُ رِضًى مِنَ ٱلرَّبِّ، 36 وَمَنْ يُخْطِئُ عَنِّي يَضُرُّ نَفْسَهُ. كُلُّ مُبْغِضِيَّ يُحِبُّونَ ٱلْمَوْتَ».

إلهنا إله النظام والحكمة. وقبل أن بدأ خلقه كانت له خطة منظمة. ومن مسرته نشأ مشروع خلق العالمين، وفكرة تكوين الإنسان حسب صورته. ولم يكن الخالق منفرداً في البداية، بل كلمته كانت فيه، وحكمته نابعة من قلبه. فلم يخلق الله الكون بلا تخطيط. بل حسب أنظمة وتطورات حكيمة. فالقوى الهائلة المذخرة في الخلق لا تخرب بعضها بعضاً كما في جهنم، بل تبني بعضها بعضاً، خالقة حياة ومعطية رجاء.

فنجد حكمة الله في الذرات كما في بحور الشموس. وعجائبه تعمل في خلايا الكائنات كما في تحركات السحب. فكل مؤمن يسجد للخالق ويحمد حكمته. اشكر ربك لأنك تكون، واستسلم لحكمته شكراً لوجودك.

وإنها لخطية كبرى، إن كان بعض علماء الطبيعة يتصرفون بلا احترام للخلق. ويعملون بها ما يشاؤون. فمن يؤذي نظام الخلق يسلب الناس أساس حياتهم. منذ مائة سنة فقط، ظن البشر بواسطة علومهم وتكنيكهم، أنهم آلهة صغرى. وأن ليس لقدرتهم نهاية. واليوم ها نحن أولاء نخاف، ونتألم أكثر فأكثر، من توسيخ محيطنا. فلا يوجد نهر صاف بعد الآن. والغيوم تمطر غباراً ذرياً مضراً. فمن يتدخل في اتزان الطبيعة يسببب خطراً على بقاء البشر. فيجب على علماء الطبيعة أن يرجعوا إلى الله وحكمته. وألا يخربوا كوننا.

وأعظم عجائب الله، ذلك هو الإنسان. فنفسنا وعقلنا وذهننا وجسدنا، عظة مدهشة عن حكمة الله. كلنا مديونون للخالق لأنه خلقنا حسب صورته بكل حكمة ولطف. فلغتنا وعواطفنا وصلواتنا عبارة عن حكمة الله. ومن انسجم بمسرته فهو إنسان مغبوط مشكور.

ويل للذين يفكرون بأن ينشئوا بدون الله فلسفة جديدة، أي علم حكمة بدونه. فبأفكارهم الملحدة يسيئون إلى مبادئ الروح القدس، مسببين دموعاً واضطهاداً وقتلاً. إن المحبة المبنية على حق المسيح هي الطريقة الوحيدة للحياة. فكل من يظن إنه يجد حكمة أفضل لتوزيع أموال وكنوز العالم، يخدع نفسه. فالمسيح هو الحكمة المتجسدة. ولا يعلمنا مثلاً علياً غير قابلة للتحقيق، بل مثل أمام أعيننا حكمة الله. ادرس سلوكه فتتزكى وتفرح.

الصلاة: أيها الله القدوس الحكيم. لقد خلقت العوالم حسب خطتك الزكية. ولم تكن بلا حكمة في إنشائها. ومحبتك وعلمك المسبق أوجد في الكون والذرة انسجاماً مجيداً. كل النباتات والحيوانات التي خلقتها هي عجائبك المذهلة للعقول. فقد جلبتنا حسب صورتك. وفي المسيح نرى حكمتك متمثلة أمام أم أبصارنا. اغفر لنا كل تعليم بعيد عنك. وخلصنا من تفلسفنا الخاص.

السؤال:

15 - متى وكيف ظهرت حكمة الله؟

في الأصحاح الأول والعدد السابع رأينا، أن المخافة من كيان الله القدوس، هي بدء معرفة الحقيقة. أما الآن في نهاية الجزء الأول من الأمثال نقرأ إن مخافة الرب ليس بدء المعرفة فقط، بل بدء كل الحكمة أيضاً، فماذا تعلمت من التأملات في الأمثال إلى الآن؟ هل أدركت الفرق بين المعرفة والحكمة؟ فالمعرفة الحقة هي إدراك الله كما هو، والارتعاب من قداسته. وأما الحكمة فهي سيرة الحياة والسلوك المقدس، حسب المعرفة الجديدة.

وقد ابتدأ الله الوصايا العشر بالجملة القاطعة: «أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ»(خروج 20: 2). فعلى هذه الكلمات الثلاث تتوقف كل الوصايا التالية وتسببها؟ كأن الله يقول: أنا هو، الشخص المتكلم الحي، الرب القدير، وقد اقتربت منك وارتبطت بك، وجعلت نفسي خاصة لك في العهد المتين. فمستحيل أن تقتل وتسرق وتزني وتكذب ولا تكرم والديك. فمعرفة الله الحقة تقودك إلى حياة مقدسة. ومخافة العلي، تعلمك التصرف الحكيم. فبدون إيمان، لا تستطيع إرضاء الله. وبدون محبة تنفصل من جوهره.

فحياتك لسيت غايتها الكسب في التجارة، ولا تفوقك على عدوك. بل إطاعتك لصوت الله في ضميرك. فهل كان طريقك وقرارك اليوم صحيحاً. هل أخطأت بأعمالك؟ هل يوجد فاصل بينك وبين الله؟ هل يخيم عليك غضب العلي أو مسرته؟ فأنت مسوؤل أمام خالقك. ولست مستقلاً البتة. فكل إنسان بدون إيمان بربه، ليس كافراً فقط، بل عاصياً ثائراً متعدياً.

فتوجد لك إمكانيتان: الخضوع المطلق لله أو العيش معادياً له. فهل الله معك؟

كل من يعيش مع ربه مصغياً إلى كلامه، يدرس وصاياه ويعرف محبته ويتعمق في مبادئه، ويحاول السلوك المستقيم حسب روحه. القدوس قبلتك. وبدون معرفته تكون غبياً. وتقترب لدرجة الحيوانات. ولكن من يثبت في أحشاء محبة الله، ويرتعب من قداسته الساطعة. فهذا الإنسان يعيش حكيماً. وقد أعلن بولس الرسول لنا هذا السر بالوضوح إذ قال: «تَمِّمُوا خَلاصَكُمْ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ، لأنَّ ٱللّٰهَ هُوَ ٱلْعَامِلُ فِيكُمْ أَنْ تُرِيدُوا وَأَنْ تَعْمَلُوا مِنْ أَجْلِ ٱلْمَسَرَّةِ. اِفْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ بِلا دَمْدَمَةٍ وَلا مُجَادَلَة»(فيلبي 2: 12-14). فمن يقترب من المسيح يستنر، ويحصل على غفران خطاياه، وينل القوة للحياة الجديدة مجاناً.

وكل الذين يعيشون بلا الله، كأنهم بلا عقل، لأنهم ينفصلون من خالقهم وفاديهم وقاضيهم. ويشأؤون أن يحيوا بدون مديمهم ومعزيهم. فيخطئون هدف حياتهم نهائياً. وكل من لا يقبل قداسة الله مقياساً للبشر، فهو أعمى ومتأخر. لأن القدوس يدعونا: «كُونُوا قِدِّيسِينَ، لأنِّي أَنَا قُدُّوسٌ» (لاويين 11: 45). والمسيح يأمرنا: «كُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ»(متى 5: 48) فهذه الجمل هي الأسس لحياتنا وإيماننا وتوبتنا. وكل من يسمعها ولا ينسحق ويبقى في عداوة الله يشبه حجراً بلا قلب حي.

الصلاة: أيها الله العظيم أنت موجود حقاً. ونحن أمامك غبار. لا تطرحنا من وجهك ولا تنزع روحك القدوس منا. طهرنا في صميم نوايانا. واخلق فينا قلباً جديداً، لكي نريد السلوك في المحبة والطهارة والحق. فأنت إلهنا لا تتركنا لأن ليس فينا القوة للحياة الحكيمة والطاهرة. ارحمنا أنت خلقتنا فستديمنا وستكملنا بنعمتك المجيدة.

السؤال:

16 - ما الفرق بين بدء معرفة الله وبدء حكمته؟

2 - أبيات منفردة أكثرها موجه للأحداث (10: 1-22: 16)

الأصحاح العاشر 12 «12 اَلْبُغْضَةُ تُهَيِّجُ خُصُومَاتٍ، وَٱلْمَحَبَّةُ تَسْتُرُ كُلَّ ٱلذُّنُوبِ».

الله محبة. فمن يبغض يضاد جوهره. وحيث تحل المحبة، فلا تفريق بل وحدة. ولكن إذا دخل الحسد والرفض والكراهية، تنفصل الناس إلى طوائف وأحزاب. فليست وحدة بدون محبة. فكل تكلم عن الاتحاد وهم، إن لم نتمرن على الغفران والصبر والتواضع والصلح والتسامح. فالمحبة وحدها تستطيع ستر أخطاء كثيرة (1بطرس 4: 8). وقد أوجد الله في المسيح طريقاً ليتم كل البر، ويبررنا بنفس الوقت. فيستطيع المسيحي أن يحب بلا شرط. كما أن الرحمان غفر لنا كثيراً،. وعلمنا يسوع القول القادح: «واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضاً للمذنبين إلينا». فمحبة الله الظاهرة في المسيح الغافر هي المسببة لتتابع وتسلسل أفعال المحبة للأبد. حتى تصبح محبته فينا محبة جديدة، وغفرانه غفراننا للكثيرين. وحيث يحل روح محبة الله فينا، تنتهي البغضة، ويثبت الصبر والاحتمال في الفرح والسرور.

10: «22 بَرَكَةُ ٱلرَّبِّ هِيَ تُغْنِي، وَلا يَزِيدُ ٱلرَّبُّ مَعَهَا تَعَباً».

إن بركة الله لهي قوة عظيمة في الحياة. وإن يقل يكن وإن شاء فعل وغير الأوضاع. فمن يعش بروح الله في انسجام، ويغفر كما غفر له، فهناك يمطر القدير ببركاته على المؤمنين. ولكننا حيث نمتنع عن المحبة فإننا نمتنع عن البركة. ولو غفر الناس لبعضهم ويحبون بعضهم بعضاً، لحل الفردوس على الأرض، وملء البركة تتمركز في مطيعي روح الله. ولكن للأسف. فإننا نعيش في الحروب والبغضاء والأتعاب الساحقة. فلأجل انفصالنا عن الله ومحبته، أصبحت مهننا تعباً وصعوبة. والعمل مبدئياً هو هبة من الفردوس. ولكن بدخول الخطية إلى البشر صارت كل الحياة والأعمال مرة وعذاباً إليماً.

أما إذا رجعنا إلى الله مصدرنا، فننال بركاته التي تخفف حمل مهننا. والفلاحون يعرفون بركة الرب في الحصاد. وبعض سائقي السيارات يشكرونه لحفظهم في الطرقات. وبعض التلاميذ حلوا مسائلهم بطلباتهم إلى الرب، ليمنحهم حكمة وإنارة. فالله حي، ويتدخل إلى سير دنيانا، إن طلبنا إليه باستمرار، عشنا في روحه. وهو يسند أثقالك، كما الآب يحمل ابنه مع أثقاله. ويعينك معتنياً بك. ثق بربك، وأطع جذب روحه القدوس، فلا تبرح بركته عنك.

10: «25 كَعُبُورِ ٱلزَّوْبَعَةِ فَلا يَكُونُ ٱلشِّرِّيرُ، أَمَّا ٱلصِّدِّيقُ فَأَسَاسٌ مُؤَبَّدٌ».

وكل من عاش بدون الله يشر في كل حياته، وغضب العلي يسطو عليه. فأبناء المعصية يبرزون أنفسهم بضجيج وتعجرف ودوران حول ذواتهم كزوبعة، كأنما هم شيء، طالبين من الجميع، أن يدوروا أيضاً حولهم ويؤلهوهم. ولكنهم لا شيء وسيزولون سريعاً كعصافة. والموت قد فتح فاه لأجلهم.

وأما أتقياء الرب، فيعيشون من بركات أبيهم السماوي. فروحه ساكن فيهم وبره يلبسهم. يحفظون الحياة الأبدية في أنفسهم، لأنهم أنكروا ذواتهم نهائياً، فيعيشون من بركة الله ونعمته. فلا شيء يستطيع إرعاب هؤلاء المؤسسين في المسيح. كما قال ربهم في مثله المشهور: «فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هٰذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا، أُشَبِّهُهُ بِرَجُلٍ عَاقِلٍ، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى ٱلصَّخْرِ. فَنَزَلَ ٱلْمَطَرُ، وَجَاءَتِ ٱلأَنْهَارُ، وَهَبَّتِ ٱلرِّيَاحُ، وَوَقَعَتْ عَلَى ذٰلِكَ ٱلْبَيْتِ فَلَمْ يَسْقُطْ، لأنَّهُ كَانَ مُؤَسَّساً عَلَى ٱلصَّخْرِ. وَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هٰذِهِ وَلا يَعْمَلُ بِهَا، يُشَبَّهُ بِرَجُلٍ جَاهِلٍ، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى ٱلرَّمْلِ. فَنَزَلَ ٱلْمَطَرُ، وَجَاءَتِ ٱلأَنْهَارُ، وَهَبَّتِ ٱلرِّيَاحُ، وَصَدَمَتْ ذٰلِكَ ٱلْبَيْتَ فَسَقَطَ، وَكَانَ سُقُوطُهُ عَظِيماً!»(متى 7: 24-27).

الصلاة: يا رب محبتك أساس حياتي، وبركتك قوة رجائي. فبدونك لا أستطيع أن أفعل شيئاً. وأشكرك لأنك غفرت لي في المسيح جميع خطاياي، وشفيت جروحي. علمني رحمتك أن أطبقها، برك أن أثبت فيه، لكيلا أمنع حلول بركاتك علي. قوني لفعل حقك، وامنحني الامتياز لأمجدك بكل أعمالي.

السؤال:

17 - كيف تتعلق المحبة ببركة الله؟

الأصحاح الثاني عشر 10 «ٱلصِّدِّيقُ يُرَاعِي نَفْسَ بَهِيمَتِهِ، أَمَّا مَرَاحِمُ ٱلأَشْرَارِ فَقَاسِيَةٌ».

انطلقنا بسيارتنا وسط قرية، يخيم عليها جو مظلم غريب. وفي بيدرها ، كان فلاح ينهال على حصانه ضرباً بالسياط، ليركض بسرعة فيدرس القمح بحوافره وبالمدرس المجرور وراءه. ولقد كانت عينا الحيوان جاحظتين فزعاً، ورأسه مرتفعاً ومنخراه مفتوحين خوفاً. فذلك المنظر فاح بصورة الحقد والغضب والبغضة فوحاً.

وفي قرية أخرى منظمة نظيفة كان فلاح يفلح حقله. وعندما انحرف الثوران، لم يجلدهما ويلعنهما الحارث، بل أصلح الخط لما مرا ثاني مرة. لأنه لم يسمح لنفسه أن ينزل إلى درجة الحيوانات ويعاملها، كأنه بلا عقل مثلها.

وفي مدينة أخرى سمعنا أن رجلاً سكيراً، كثيراً ما كان يرجع إلى بيته مترنحاً هائجا. حتى أن أولاده وكلبه يختفون من وجهه، لكيلا ينهال عليهم ضرباً لتضعضعه. ولكن عندما التقى هذا المسكين بالمسيح، وآمن بمخلصه تغير الجو في البيت. وفرح الأولاد عند رجوع أبيهم. وحتى الكلب فقد تقدم إليه وهو يهز بذنبه مسروراً. لأن الحيوان أيضاً، يلاحظ ما إذا عاش الإنسان مرتباً وموزوناً وقديساً.

فالإنسان بدون يسوع قاس على الآخرين، ولين على نفسه. وأما المؤمن فبالعكس هو قاس ضد نفسه، ورحيم لمحيطه. فالمحبة تدين نفسها، وتضبطها وتنكرها وتعذبها. وترثي وتشفق بالآخرين. وأما الأناني الشرير، فيرمي بالحجارة القطط، ويقتل العصافير طيشاً، ويكون في جوهره مهلكاً. ولكن من يعش في هدى روح الله، يكرم كل المخلوقات ويمجد الله باعتناء عادل لبهائمه.

وقد كتب بولس أن الخلق كله يترقب ظهور المولودين من روح الله. لأن الإنسان هو الوالي على كل الخلق، وبسقوطه إلى الخطية سقطت أيضاً الحيوانات والنباتات إلى الكفاح لأجل البقاء وعمل الفناء. ولكن حيث تدخل محبة المسيح إلى قرية تشعر حتى الحيوانات بهذا الروح الجديد، وليس فقط العجائز والمرضى الذين في البيوت. فالله العظيم يريد تجديد خلقه برحمة عباده. ابتدئ اليوم بهذا التجديد، بمراعاة الحيوانات في محيطك وخدمة كل الناس المحتاجين إلى عنايتك.

الصلاة: أيها الرب يسوع، قد وهبت لي محبتك وجعلتني مسؤولاً لأحب الناس ومخلوقاتك. اغفر لي كل كلمة قاسية ومعاملة ظالمة للناس والحيوانات. وعلمني الحكمة وغير قلبي لأصبح ينبوع رحمة. ونطلب إليك أن تمنح رونق محبتك لعائلاتنا وقرانا ومدارسنا، ومحلات العمل والاسطبلات وجميع المراعي، لكي يأتي ملكوتك، ولتكن مشيئتك في كل نواحي الحياة كما في السماء.

السؤال:

18 - لم يجب علينا أن نحب الحيوانات ونعاملها بلطف؟

إن خوف الله ومحبته تتحقق في الإيمان والرحمة والعفة. وتظهر في احترام الوالدين والاجتهاد في العمل، وحفظ الحياة الزوجية طاهرة وتربية الأولاد، وحتى في علاقتنا بالمال والملك. فعادة تعرف توعية الإنسان بموقفه تجاه الأمور الجنسية والمالية.

فأكثر الناس عبيد شهواتهم وسجداً لأملاكهم. ما أفقر في دنيانا الغني، الذي يفكر ليلاً نهاراً بكنوزه كيف يحفظها من اللصوص، ويزيدها رغم الكوارث. فالمال يستعبد صاحبه. ولما سئل مليونير إن كان يعيش سعيداً. فجاوب بمرارة: هل تعتبر سعادة إن كنت أنام كل ليلة وتحت مخدتي المسدس المستعد للانطلاق؟

وأحد أكثر أغنياء الدنيا مرض لأجل اهتمامه بمشاكل أمواله، حتى فقد شعره وصار أقرع. ولكن عندما تاب وابتدأ بتوزيع منح مدرسية وتغير من همومه للاهتمام بضيقات المساكين، رجع شعره فنما. وأصبح إنساناً منفرجاً، لأن المحبة هي الحياة والمال يقتل.

ونعرف أعمى فقيراً من اللاجئين إلى غير بلاده. وقد أصيب نصف جسده بالشلل. لكنه حمد الله بقلب بسيط، واتكل على عنايته، وأبصر رغم عينيه المكفوفتين مجد الله أوضح من المبصرين، الذين يسرعون باضطراب في أيام حياتهم. وللعجب فكثير من المتعبين والمذنبين، تراكضوا إلى هذا المضروب ليصلي معهم، لأن قوة الله جرت من ضعفه. فكان غنياً رغم فقره، مهدياً للكثيرين بركات صلواته.

ونعرف أرملة كانت تتعب هي وابنها طيلة النهار وحتى الليل. ولكن من المطبخ كانت تصدر ترانيم الإيمان والحمد، إن حضرت طعاماً بسيطاً أو جلت الأواني. فغبطة الله تحل بطريقة أسهل عند الفقراء ممنا عند الأغنياء. لأن الفقير يحتاج إلى ربه، ويشكره على القليل. بينما الغني يظن أنه شبعان وغير محتاج، ويطمع أكثر فأكثر.

إنما إذا لم يعرف الفقير ربه، فيشتم ويحسد ويكره المالكين. فليس هو لأجل فقره أفضل من الغني البخيل. فلا رجاء للأغنياء والمساكين، إلا بيسوع المتحرر من سلطة المال، والواثق بعناية أبيه السماوي المطلقة. وهو يرشدنا إلى اشتراكية غير مبنية على عنف وقتل. ويعلمنا التضحية لأنه بالذات التضيحة العظمى. وللعجب من ينظر إلى تبرعات الفقراء، يجد سريعاً أن المؤمنين البسطاء يصحون باستمرار أكثر من الأغنياء المحترمين. لأن شكر المسكين يصدر من قلب قنوع، وفرحه لمحبة الله كبير. فقد اختبر معنى الصلاة الربانية إذ يقول: خبزنا كفافنا أعطنا اليوم. فلم يصل هذه الطلبة لأجل نفسه فقط، بل لأجل كل محتاجين على كرة أرضنا أيضاً. فرحمة أبيهم السماوي، جعلت المؤمنين رحماء حتى يشتركوا بود بما استودعوه بين أيديهم.

الصلاة: أيها الآب السماوي، نحمدك لأنك تهتم بنا، وتمنحنا الخبز الكافي لكل يوم. ولا تدعنا جائعين. اغفر لنا طموحنا للغنم الدنيوي الفاني. فأنت كنزنا. نشكرك لأنك تحبنا. ونطلبك لتصل ملء محبتك إلى الكافرين أيضاً. وتغير قلوب الأغنياء وتطفئ شتائم الفقراء. ليأتي ملكوت محبتك، وتعم الاشتراكية الودية والاعتناء من الكل بالكل. آمين.

السؤال:

19 - كيف يمكن أن يكون الفقير بنفس الوقت غنياً والغني فقيرا؟

إن اللغة العربية معلمة حكيمة. فإن أردت تستطيع القول: البِر يشبه البَرّ الذي ينمو عليه البُرّ. فكلمة بِر تشبه بتقواها أساساً متيناً لحياة مفلحة. ففي أيامنا تركض الشعوب المسيحية في سباق العالم متقدمة في العلوم والتربية والمحبة. وليس هذا نتيجة أنفسهم، لأنه ليس عنصر أفضل من الآخر. ولكن حيث يحل روح المسيح في أمة. وينفتح عدد وافر من أهل البلاد للإنجيل، فهناك يعم الاجتهاد والنظام والصدق والنظافة والتضحية والرحمة. إن بر الله يخلق السلام والثقة المتبادلة والتواضع. ومحور الحضارة المسيحية هو صورة الله المعلنة في شخصية المسيح، الممتلئ بمحبة أبوية وقداسة سرمدية. والمسيح ضحى بذاته ليبررنا. فيحل روحه في التائبين المؤمنين. إن بر الله في المسيح هو البر الأمين، الذي تنمو عليه ثمار الروح القدس.

ولكن حيث تترك شعوب الغرب والشرق المسيح المخلص، تسيطر الخطية عليها. وممكن أن الأبناء يتمعون لمدة من بركة الآباء. ولكن الإلحاد يخنق تدريجياً الجماهير، لأن بدون الله يصبح الأفراد والشعوب أشراراً فاسدين ومضلين لكثيرين خاصة في الناحية الجنسية يظهر انحدار البر. لأن كل أنواع النجاسة تنشب في الذين لا يحبون الله. وأهل سدوم وعمورة غرقوا في اللوطية قبيل الدينونة. فالارتداد في أيامنا مع فجوره غير المضبوط علامة واضحة للزوال القريب. فكل الحضارات الشهيرة في تاريح البشر، كاليونان والرومان وغيرهم تلاشوا لأنه بعد الوصول إلى القمة، استسلموا للفجور الجنسي. ففقدوا كل قوة مانعة للهجومات، واستلانوا بضعفهم. وأجبروا العبيد أن يتعبوا ويشتغلوا لأجلهم واستغلوهم. أما الأسياد فوهنوا في الرفاهية والفساد.

فالانجيل يدعو كل فرد ومسؤول والآباء في المجتمع، أن يرجعوا إلى المسيح، لكي يخلق بره في شعوبنا روح الطهارة. لا تنس القاعدة الذهبية للشعوب الصاعدة والساقطة: البر يرفع شأن الأمة وعار الشعوب الخطية.

الصلاة: أيها الرب السماوي، نخجل لأجل الأفلام والدعاية النجسة المسموحة في شعبنا. ونخجل لفقدان الحس في كثيرين. علمنا ضبط أعيننا ونقاهة شفتينا، وطهارة يدينا لكيلا نوافق على خطية ما. امنحنا نهضة روحية في أمتنا، لكي يرجع أفواج ويتوبوا، ويحبوك ويتقدسوا بروحك العفيف.

السؤال:

20 - ماذا تعلمنا القاعدة الذهبية عن صعود وسقوط الشعوب؟

مسكين هو الذي يفور الدم فيه، ولا يجد ضبطاً لنفسه في الله. وعادة لا يكون هذا الإنسان قد مات لنفسه، بل سرعان ما يشعر أن أحداً جرح شرفه وأهمل مقاصده. ولكن كل الذين أنكروا في المسيح أنفسهم، وضبطوا أعصابهم في قوة الروح القدس، فإنهم يحبون أعداءهم ويحاولون أن يفهموهم فهماً ويجاوبوهم بلطف وديع.

ومن يدرك أن كل إنسان صغير ولا شيء إلا خاطئ. ومن يعتبر نفسه أول الخطاة، فإنه لا يستطيع العناد، ولا يتنرفز على الآخرين. بل يبكي على نفسه، ويتألم من خطاياه. فكل الأخطاء التي ارتكبها أقرباؤك وجيرانك وخصومك صغيرة بنسبة خطيتك النجسة. ولماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك، وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها؟ أم كيف تقول لأخيك: «دَعْنِي أُخْرِجِ ٱلْقَذَى مِنْ عَيْنِكَ، وَهَا ٱلْخَشَبَةُ فِي عَيْنِكَ. يَا مُرَائِي، أَخْرِجْ أَوَّلاً ٱلْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّداً أَنْ تُخْرِجَ ٱلْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ!»(متى 7: 4 و5).

15: 28 و29 «28 ذَبِيحَةُ ٱلأَشْرَارِ مَكْرَهَةُ ٱلرَّبِّ، وَصَلاةُ ٱلْمُسْتَقِيمِينَ مَرْضَاتُهُ. 29 اَلرَّبُّ بَعِيدٌ عَنِ ٱلأَشْرَارِ، وَيَسْمَعُ صَلاةَ ٱلصِّدِّيقِينَ».

كشف يسوع رياء الأتقياء في زمنه، وأبرز استقامة التائبين بمثله الصواب عن الفريسي العشار (لوقا 18: 9-14) فكل قرابين وصلوات باطلة أمام الله، إن لم ينكسر القلب في خوف الرب. والوثنيون يصلون، ويذبحون لآلهتهم أيضاً. ولكن المسيحيين يعيشون من غفران ربهم. فلا يستكبرون بل يعترفون بحقيقة قلوبهم، متمسكين بنعمة الله الظاهرة في المسيح. فيشترك كل مؤمن بصلاة العشار متمتماً داعياً: اللهم ارحمني أنا الخاطئ. ولأجل هذا الاعتراف والانكسار الدائم، يستجيب لهم الأزلي، ويقترب منهم ويسكن فيهم. ولكن كل من يظن أنه صالح في ذاته، فهو رجس أمام الله. وبدون توبة قلبية لا ترضي ربك. والصلاة المتكبرة لا تجد استجابة بتاتاً.

15: 16 و17 « 16 اَلْقَلِيلُ مَعَ مَخَافَةِ ٱلرَّبِّ خَيْرٌ مِنْ كَنْزٍ عَظِيمٍ مَعَ هَمٍّ. 17 أَكْلَةٌ مِنَ ٱلْبُقُولِ حَيْثُ تَكُونُ ٱلْمَحَبَّةُ خَيْرٌ مِنْ ثَوْرٍ مَعْلُوفٍ وَمَعَهُ بُغْضَةٌ».

عاش المسيح وديعاً ومتواضع القلب. وفوق ذلك كان قنوعاً مثاليا. وهذه الصفات الثلاث، هي أساس التربية الأخلاقية في المسيحية. فالشركة مع الله هي غنانا، فهو يكفينا. فلا نطلب شرفاً عند الناس، بل نستغفر ربنا ونتمتع برحمته. وكل الذين يستغنون، يسقطون في حبائل التجارب ويكسبون اضطراباً واضطراراً وفزعاً من الأموال.

أما الله فيعتني بالبسطاء المجتهدين كالأب لأولاده. وهو يمنحنا الخبز الكافي ليس فيضاناً، بل كفاية لنستطيع مساعدة الفقراء. وكل من يأكل كثيراً من اللحوم، يصاب بالروماتزم والنقرس. ولكن من يفضل الحبوب والخضار واللبنة يتغذى أكثر من زلال اللحم. فإن منعك الله من كثرة اللحم، فاشكره لأنه يمنحك عوناً لصحتك.

أيها الأخ مرّن نفسك في أساليب التقوى، التواضع، والوداعة والقناعة المبنية على الصبر والسماح وبساطة القلب. صل منسحقاً إلى ربك ملتمساً منه طهارة فؤادك وجسدك. فتسلك حكيماً في الحمد والإيمان. وبركة الرب تثمر في الذين يخافونه ويحبونه، لأنه يقدسهم ويرافقهم في حياتهم العملية.

الصلاة: أيها الله القدوس. أنت تريد أن نعيش كما عاش المسيح متواضعين قنوعين. كلنا حسب طبيعتنا مستكبرون عنيدون طامعون. اغفر لنا رياءنا. وحررنا من طلب شرف الإنسان وامنحنا ذهنك الإلهي. اعمل أعجوبة فينا مانحاً لنا قلباً جديداً. لنطلبك ونحمدك بترانيمك إلى الأبد. آمين.

السؤال:

21 - ما هي أسس الحكمة والتقوى؟

الأصحاح السادس عشر : 2-16 «2 كُلُّ طُرُقِ ٱلإِنْسَانِ نَقِيَّةٌ فِي عَيْنَيْ نَفْسِهِ، وَٱلرَّبُّ وَازِنُ ٱلأَرْوَاحِ. 3 أَلْقِ عَلَى ٱلرَّبِّ أَعْمَالَكَ فَتُثَبَّتَ أَفْكَارُكَ. 9 قَلْبُ ٱلإِنْسَانِ يُفَكِّرُ فِي طَرِيقِهِ، وَٱلرَّبُّ يَهْدِي خَطْوَتَهُ. 16 قِنْيَةُ ٱلْحِكْمَةِ كَمْ هِيَ خَيْرٌ مِنَ ٱلذَّهَبِ، وَقِنْيَةُ ٱلْفَهْمِ تُخْتَارُ عَلَى ٱلْفِضَّةِ»!

أكثر الناس يعجبون من أفكارهم الخاصة، ولا يلاحظون أن كلماتهم فارغة. فيشبهون الطبل الطان وهو فاض. ما أغنى الإنسان المتجول، وصدره منتفخ ورأسه متعال. ولكنه في نظر الرب جاهل، لأن قدامه كل إنسان عدم، وكل كتب البشر ليست إلا طريقاً مؤدياً إلى الموت والدينونة. فوحي الله في المسيح وحده، يخلق الحياة. وبشرى الخلاص يمنحك البر. فلا حياة أبدية إلا بالإنجيل. فليس أحد على شيء إن لم يقم التوراة والإنجيل. فتعمق في العهد الجديد وفسره، فتسلك في أفكار الله وتكسب قوة عظيمة لغلبة الجهل والخطية.

وإن لم تعرف ما هو الصح أو الغلط في أفكارك فالتمس من ربك الحكمة الفائقة قيمة الذهب. ولا تتمسك بمخطوطاتك السابقة وشك في أمنياتك، وسلّم لربك أعمالك، لأنه يقود الذين يتكلون عليه يقيناً. فلا تتمسك أيها الأخ بعناد بمشاريعك، بل سلم أمرك لعناية ربك، وتنازل عن امتيازاتك، فيلهمك أفكاراً فاضلة جديدة. عندئذ تستطيع غلبة آرائك القديمة وتعرف طرقه الحكيمة. فالروح المتواضع يزن في ميزان الله أكثر من مدبر قدير. فتحرر من أمنياتك المهنية وقراراتك المدرسية، وتخطيطاتك لإجازاتك، وحتى رجائك المتكل على أفراد عائلتك. ادفن إرادتك في إرادة الله فتفكر فكره. وتحب كما يحب هو. وتستلك يقيناً في هدى ربك. صل واصغ إلى صوت الله. فهو يرشدك بدون خطأ. والمسيح يقدمك لتمشي في خطواته. إنه يوصلك إلى الهدف فلا تخجل.

16: 18 «18 قَبْلَ ٱلْكَسْرِ ٱلْكِبْرِيَاءُ، وَقَبْلَ ٱلسُّقُوطِ تَشَامُخُ ٱلرُّوحِ».

فكل من لا يقبل مشورة حكيمة مفكراً أنه يعرف ويستطيع كل شيء يكون مختوماً بختم الزوال. ومن ينتفخ ينفجر كبالون. إن الله يبغض المتكبرين لأن المسيح كان متواضعاً. وأما الشيطان فمستكبر كذاب. ادرك الفرق الصميمي بين الله وأتباعه من جهة، والشيطان ونسله من جهة أخرى. ليس إلهنا متكبراً ماكراً خداعاً، بل اعلن تواضعه واستقامته وطيبته في المسيح. أما إبليس فأراد إسقاط الله من عرشه، كارهاً العلي وطالباً التأله. فكل الأمراء والزعماء الذين يبرزون أنفسهم كمخلصي شعوبهم، ويتشمسون في تأليه الجماهير لهم. ولا يردون كل المجد لله، فهم مجرمون. لأنهم يسببون في الشعب الارتداد، ويقللون الثقة بالله. فلا دولة ولا أمير يعيش طويلاً إن ثبت في كبريائه. انظر إلى نابليون وهتلر وستالين وسائر المنتفخين، قد لمعوا كالشهاب ثم سقطوا إلى أسوأ النتائج. وتركوا الخراب في العالم والدموع الكثيرة.

ولكن كل من ينكسر أمام الله، ويعش في التواضع والقناعة كأثناسيوس، وأوغسطين ولوثر. فاسمه مكرم إلى الأبد ومسجل في السماء. اطلب من ربك روحاً متواضعاً، وإلا لا تجد راحة لنفسك. كل المستكبرين يسقطون إلى حبائل الخطية. فابق صغيراً فلا تصبح شيطاناً، بل تمتلئ من الروح القدس.

الصلاة: أيها الله القدوس، نشكرك لأنك منحتنا المسيح الحقيقي، الذي لم يعمل إلا مشيئتك وسلك متواضعاً في كل مقاصده. علمنا الإصغاء إلى إدلالاتك، فلا نسلك في طرق بشرية. وساعدنا لكيلا نفكر أن أفكارنا وأعمالنا شيء ما. بل اشركنا في أفكارك وأعمالك الأبدية.

السؤال:

22 - لم كل أفكارنا غبية. ووحي الله وحده هو الذكي؟

الأصحاح التاسع عشر 17 «مَنْ يَرْحَمُ ٱلْفَقِيرَ يُقْرِضُ ٱلرَّبَّ وَعَنْ مَعْرُوفِهِ يُجَازِيهِ».

هذه الحكمة سببت صدى عظيماً إلى الأبد. لأن يسوع جعل هذه الآية أساساً لدينونته الأخيرة. فتعمق في كلمات المسيح لكي تتزكى. إذ قال في متى 25: 34-40 «ثُمَّ يَقُولُ ٱلْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا ٱلْمَلَكُوتَ ٱلْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ ٱلْعَالَمِ. لأنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيباً فَآوَيْتُمُونِي. عُرْيَاناً فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضاً فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوساً فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ. فَيُجِيبُهُ ٱلأَبْرَارُ حِينَئِذٍ: يَارَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعاً فَأَطْعَمْنَاكَ، أَوْ عَطْشَاناً فَسَقَيْنَاكَ؟ وَمَتَى رَأَيْنَاكَ غَرِيباً فَآوَيْنَاكَ، أَوْ عُرْيَاناً فَكَسَوْنَاكَ؟ وَمَتَى رَأَيْنَاكَ مَرِيضاً أَوْ مَحْبُوساً فَأَتَيْنَا إِلَيْكَ؟ فَيُجِيبُ ٱلْمَلِكُ: ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هٰؤُلاءِ ٱلأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ».

ومما لا ريب فيه أن الله ليس تاجراً، يزن الأعمال الصالحة مع السيئة. لأن كل الناس أشرار. ولكن كل من قبل غفران يسوع، ففيه يخلق الروح القدس ثمار بره. وعندئذ يصبح عمل الخير عادة. لأن الله أحل الرحمة كجوهر فينا. ومحبته جعلتنا محبين. فالله محبة ومن يثبت في المحبة يثبت في الله والله فيه.

الصلاة: أيها الرب، محبتي صغيرة ورحمتي ضئيلة. افغر لقلبي القاسي ولساني الحاد وذهني الغليظ. تعال بمحبتك وحل فيّ. افتح عيني قلبي لألاحظ الناس المحتاجين والغارقين في الضيق جسدياً ونفسانياً. واخلق فيّ الإرادة لأساعدهم وأرشدهم وأخدمهم للتواضع. واملأني بحكمتك لأدرك أفضل طريقة لإتمام مشيئتك في حياتي. وامنحني القوة والعزم لأحقق رثائي في أفعال عملية. وثبتني في صبرك مع المتمردين، اجعلني أميناً في المحبة كما أنت أمين.

السؤال:

23 - ما المعنى العميق للعدد 17: 19؟

الأصحاح العشرون 12 «اَلأُذُنُ ٱلسَّامِعَةُ وَٱلْعَيْنُ ٱلْبَاصِرَةُ، ٱلرَّبُّ صَنَعَهُمَا كِلْتَيْهِمَا».

كثيرون من الناس يتباحثون ولا يفهم بعضهم بعضاً. ويكمن في الإنسان الحزن واليأس ولكن المارين لا يرون سره الحزين من عينيه، ولا يسمعون صرخة قلبه. وفي إنجيل النعمة يتكلم الله ليلاً نهاراً، فمن يسمع صوته؟ وفي المسيح تجسدت محبة الله وحقه فمن يدركه؟ القليلون يستطيعون السمع الصحيح وإبصار الحقيقة. لأن قلب الإنسان عادة يكون ممتلئاً بأمنياته الخاصة. وأفكاره تدور حول الأنا. فهم لا يطلبون من الله آذاناً مفتوحة وأعيناً مبصرة، لأنهم يفكرون بصلاح أنفسهم. فالنعمة عظيمة، إن خبأ إنسان كلمة الله في قلبه، فيحصل على بصيرة روحية. اطلب من ربك الامتياز لاذنين مفتوحتين لكلمته المباركة. والتمس منه ليرحم عينيك المغشاتين، ويدهنهما بمرهم البصيرة الإلهية. فترى الإنسان في ضيقه، وتفهم أفضل طريقة لعونه. ليت قلوبنا لا تكون غليظة في المحبة، وأذهاننا غير قاسية في الإطاعة الروحية. ويقول الروح القدس «ٱلْيَوْمَ إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلا تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ»(عبرانيين 3: 7 و8).

22 «لا تَقُلْ: إِنِّي أُجَازِي شَرّاً. ٱنْتَظِرِ ٱلرَّبَّ فَيُخَلِّصَكَ».

الإنسان بطيء بعمل الخير والتضحية. ولكنه سريع للانتقام والدفاع عن نفسه. فأنفسنا الفخورة سرعان ما تكون مجروحة. كما أن استهزاءنا المكتوم يثير الآخرين إلى درجة الجنون. هل تعرف في مشكلتك أن الحق كله معك؟ وهل تعرف الدوافع في عدوك إلى آخر مصادرها؟ ربما وقع في تجربة لما آذاك، وأصبح عبداً لإرث شرير في خلاياه. فمن أنت، حتى تحكم على إنسان آخر، وتسميه ثقيلاً أو مؤدباً؟ إن الله يحب الخطاة، فكيف تقاصصهم، وتريد إبادتهم؟

وقد حفظ بولس هذه الآية غيباً. واستخدم معناها في رسالته إلى أهل رومية (12: 17-19).

والمسيح صرّح: «أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأجْلِ ٱلَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ»(متى 5: 44). لعلهم يتوبوا ويتغيروا بالإيمان في المسيح. وإن لم يقبلوا نعمة المغفرة في المسيح، يدينوا أنفسهم ويختاروا الدينونة. دع الله يدين الناس، ولست أنت. وسلم أمرك للقاضي العالي، فتجد القوة لتحب أعداءك كما يحبهم هو. وتشترك في إنقاذ أنفسهم. وإن تمردوا على الدوام يحكم الله عليهم بالحق في الحين المناسب.

27 «نَفْسُ ٱلإِنْسَانِ سِرَاجُ ٱلرَّبِّ، يُفَتِّشُ كُلَّ مَخَادِعِ ٱلْبَطْنِ».

قال يسوع: »سِرَاجُ ٱلْجَسَدِ هُوَ ٱلْعَيْنُ»(لوقا 11: 34). فكثيراً ما تظهر الحركات النفسانية التي في باطن الإنسان، على وجهه. وإن لمعت عينه فيكون سعيداً. وإن أظلمت فتكون قد دخلت إلى قلبه أفكار ظالمة وهموم كئيبة. فكيف حالة قلبك؟ هل يسكن فيه غضب وبغضة وحقد؟ أو يمتلئ محبة وحقاً وعفة؟ هل تخبئ كذباً ونجاسة في صميمك، أو قد طهر يسوع فؤادك حتى يسكن الروح القدس فيك. هل أنت مصباح في يد الله. أو ظلم داخل الظالم؟ إن قوة الله النابعة من الإنجيل تستطيع تطهيرك كاملاً. فتحب أعداءك وتباركهم، ليتغيروا مثلك، ويكونون مصابيح الله. وهكذا قال المسيح: «أَنْتُمْ نُورُ ٱلْعَالَمِ»(متى 5: 14). فهل أنت نور في الرب، أو ظلمة في الظالم؟

الصلاة: أيها الرب، أشكرك لأنك تكلمني وأخجل لأني أسمع كلمتك قليلاً، وأنفذها أقل اغفر لي غضبي. وامح مني الميل للانتقام. وقدس نواياي للشكر وعمل الخير. اجعل فوادي مطمئناً طاهراً، لكي تستبشر عيناي بمجدك، ويفيص لساني بحمدك.

السؤال:

24 - لم يسمع الإنسان قليلاً لكلمة الله؟

3 - آيات من حكماء مختلفين (22: 17-24: 34)

الأصحاح الثالث والعشرون 4 و5 «لا تَتْعَبْ لِكَيْ تَصِيرَ غَنِيّاً. كُفَّ عَنْ فِطْنَتِكَ. 5 هَلْ تُطَيِّرُ عَيْنَيْكَ نَحْوَهُ وَلَيْسَ هُوَ؟ لأنَّهُ إِنَّمَا يَصْنَعُ لِنَفْسِهِ أَجْنِحَةً. كَٱلنَّسْرِ يَطِيرُ نَحْوَ ٱلسَّمَاءِ».

يفكر أكثر الناس طيلة النهار بالمال، ويتعبون لأجل الأجرة. ويطمحون لفكر واحد: كيف نغنى سريعاً؟ فيعبدون الذهب ويحبون الملك، ويتكلمون على المال أكثر مما على الله. فطعن يسوع في قلوبهم قائلاً: «لا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ ٱلْوَاحِدَ وَيُحِبَّ ٱلآخَرَ، أَوْ يُلازِمَ ٱلْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ ٱلآخَرَ. لا تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا ٱللّٰهَ وَٱلْمَالَ»(متى 6: 24). فكل من يحب المال يحتقر الله. ومن يستخدم عقله وقدرته ليصبح غنياً سريعاً، فهو من عبدة صنم معدني ميت. والحكمة تأمرك ألا تشغل بالك لكسب ممتلكات دنيوية كثيراً. فكر بالله وبركاته أولاً، واجتهد لكسب القوت والكسوة. واكتف بالقليل الذي يمنحكه الله. وإنها لخطايا ثلاث مستعبدة للإنسان. الزنا والانتقام وحب المال. فالحكيم يختار من نعمة الرب العفة والمحبة والقناعة. اترك كبرياءك وعش في خوف الله فيهتم ربك بك.

هل سمعت صوت الله؟ إن حكمته تدعوك لتسليم نفسك وذهنك وقلبك إلى الخالق. والله يسميك ابنه إن فتحت نفسك لروحه. علماً أنك خاطئ وجاهل. ولكن إن سلمت لربك قلبك كمركز الحياة والإرادة، فإنه يسكنه.

لا يوجد حادثة أعظم في حياة الإنسان، من حلول الرب في قلبه. فطوبى لك إن تتعقل، وترجع إلى الله! ولا تفرح بسطحية عابرة. بل استودع عقلك وإرادتك وحياتك، وذهنك وفؤادك تماماً وللأبد بين يدي أبيك السماوي. لقد أوجدك. فإن تعد بنفسك إليه يلدك ثانية من روحه. ولا يجبرك كعبد، بل يريد تسليمك عمداً وطوعاً كابن مطيع. إنه ينتظر تجاوب محبتك بمحبته الأزلية. عندئذ ترى طرقه، وتسر بكلماته. فتريد تنفيذ وصاياه. وتفرح في حضوره. وهكذا لا يزني روحك فيما بعد بأفكار غريبة، بل يحفظ لله.

إن الله يدعوك للقرار والتسليم. هل تسمع صوته؟ هل تسلم نفسك له كاملاً ونهائياً؟ إن جوهره المحبة، وكلماته حكمة. استودع نفسك له، وسلم مقود حياتك بين يديه. فتعيش سعيداً وباراً، وتحفظ في الدينونة المجيدة.

الصلاة: أيها الرب، من أنا لتكلمني؟ لست مستحقاً أن أدعى لك ابناً. أنت تريد امتلاك قلبي. وهذا القلب ممتلئ بالشهوات والتخيلات والخطايا. طهر ذهني. واطفئ تبكيت ضميري. واقبل قلبي خاصة لك إلى الأبد. واسكن بروحك في صميمي. وأشكرك لأنك قبلتني أنا الإنسان النجس الغير المستحق أن أرفع عيني نحوك. وقد جعلتني ابناً لحكمتك.

السؤال:

25 - ماذا تعني دعوة حكمة الله، لنسلم قلوبنا له؟

الأصحاح الرابع والعشرون 20 و21 « 20 لأنَّهُ لا يَكُونُ ثَوَابٌ لِلأَشْرَارِ. سِرَاجُ ٱلأَثَمَةِ يَنْطَفِئُ. 21 يَا ٱبْنِي، ٱخْشَ ٱلرَّبَّ وَٱلْمَلِكَ. لا تُخَالِطِ ٱلْمُتَقَلِّبِينَ».

إن الله هو الضابط الكل. هل تؤمن بهذه الجملة؟ فعندئذ لا تتذمر ضد حكومته، بل تدرك أن كل أمة تنال السلطة التي تستحقها. وإن رجع الجماهير إلى ربهم وتابوا قلبياً، فيرحمهم ويمنحهم حاكماً حكيماً. ولكن حيث تسيطر اللامبالات على القلوب، أو تفرق الانشقاقات المؤمنين، أو يبعد التمسك بالتقاليد المحبة. فهناك يرسل الرب ملكاً صعباً وأرباباً عتاة. وحيث تستسلم الجماهير للإلحاد، فلا يستطيع أحد ولا الدكتاتور أن يخلص الشعب من غضب العلي. كما أن الديموقراطية ليست هي الطريق إلى الفردوس. لأن صوت الشعب ليس صوت الله، بسبب أن الجماهير غارقة بالشهوات الدنيوية والسكر بأمنيات الرفاهية.

ورغم أخطاء السلطة، فإن المسيحيين لا يكونون عصاة ولا ثواراً ولا معارضين، بل يصلون لأجل المسؤولين، ويحتملونهم بصبر، ويؤمنون بإرشاد الرب. لقد دعا بولس وبطرس المؤمنين، للخضوع للملك والحاكم الحالي. والصلاة من أجله باستمرار (رومية 13: 2 و1بطرس 2: 17). فالإنسان ليس حراً مطلقاً في هذه الدنيا بل حلقة في سلسلة المجتمعات. فالرب دعانا أن نكون ملح الأرض، وليس مدافع ضد الملك. وروحه يعلمنا الخضوع لا الفتنة، لأن قاعدة إيماننا التواضع، لا الثورة.

25: 6 و7 « 6 لا تَتَفَاخَرْ أَمَامَ ٱلْمَلِكِ، وَلا تَقِفْ فِي مَكَانِ ٱلْعُظَمَاءِ، 7 لأنَّهُ خَيْرٌ أَنْ يُقَالَ لَكَ ٱرْتَفِعْ إِلَى هُنَا مِنْ أَنْ تُحَطَّ فِي حَضْرَةِ ٱلرَّئِيسِ ٱلَّذِي رَأَتْهُ عَيْنَاكَ».

من يعرف الله ويخف منه، يعلم أن الناس صغار أمامه، فلا ننتفخ، ولا نتفاخر أمام رؤسائنا، ولا نتراكض إلى حفلات الكبار، بل نبقى متواضعين بسطاء، ماكثين في المحل الذي وضعنا الله فيه. إن الاستكرام في دم الإنسان. ولكن التواضع من ثمر الروح القدس. ويسوع ذكر بوضوح لأتقياء زمنه، معنى هذه الآية، ألا يتقدموا أثناء الوليمة إلى جانب الرئيس، بل يكتفوا بالجلوس عند الأطراف، لكيلا يخجلوا إن أتى ضيف مهم وكان عليهم التنازل له عن أمكنة الصدارة فالإنسان مسكين، الذي يظن: الآن يراني الآخرون، ويتكلمون معي، ويهتمون بي. فهذا المعقد لم يلاحظ بعد أنه لا شيء إلا خاطئ ضال. ولكن رغم ذنبه، اختار الله، أن يكون في قربه وتبناه. وهكذا يدعوك الرب إلى البنوة. فأنت العبد الباطل قد أصبحت مكرماً عند الله، ومقبولاً في قربه. فإيمانك بالمسيح خلصك. ولهذا لسبب لا تحتاج إلى إكرام من البشر فيما بعد لأن اسمك مكتوب في السماء. إن الله هو الذي يعرفك، ويحبك ولا ينساك.

الصلاة: أيها الله العظيم القدوس، نسجد لك، لأنك نتهم بنا، ونحن صغار نجسون. أنت تعرف الملوك والأرباب ولا تهملني، أنا عبدك الفقير، ولا تحتقرني لأجل آثامي. أشكرك لمحبتك. حررني من الاستكبار وشبه الاستكبار. لأرفض نوايا العالم وأفضل البساطة في روحك القدوس. وأشكرك لأنك سجلت اسمي في السماء بدم المسيح المسفوك لأجلنا.

السؤال:

26 - ما هو موقف المسيحي تجاه الملك والحكومة؟

4 - أبيات مستقلة موجهة لكل الشعب (25: 1-29: 27)

الأصحاح الخامس والعشرون 21 و22 «21 إِنْ جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ خُبْزاً، وَإِنْ عَطِشَ فَٱسْقِهِ مَاءً، 22 فَإِنَّكَ تَجْمَعُ جَمْراً عَلَى رَأْسِهِ، وَٱلرَّبُّ يُجَازِيكَ».

فلندرك نحن مؤمنو العهد الجديد، أن عهدنا يستند على العهد القديم. لأن يسوع ورسله درسوا أسفاره بدقة. وشعورهم الباطني كان ممتلئاً بالآيات والأبيات التي تضمنتها. وخاصة الاقتراحات العملية في الأمثال تأثر الرسل بها كثيراً. واقتبسوا منها حرفياً أو معنوياً. برهاناً أنهم حفظوا هذه الأبيات في صغرهم غيباً. لأن والديهم ومعلميهم دربوهم على هذه المبادئ.

فلا نجد في العهد القديم فقط الآية: عين بعين وسن بسن، بل نجد أيضاً الوصية لمحبة العدو، التي كتبها بولس بتغيير تطوري أكثر في رسالته إلى أهل رومية 12: 20 و21 «فَإِنْ جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ. وَإِنْ عَطِشَ فَٱسْقِهِ. لأنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ هٰذَا تَجْمَعْ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ. لا يَغْلِبَنَّكَ ٱلشَّرُّ بَلِ ٱغْلِبِ ٱلشَّرَّ بِٱلْخَيْرِ». فقارن هذه الأبيات مع النص الذي في الأمثال، فتعرف، الفرق بين العهد القديم والعهد الجديد.

فكلاهما يشتركان في اقتراح المساعدة العملية للعدو، لكيلا يجوع فيما بعد، بل يشبع. عندئذ يترك المقاتلة والعدوان. وإن أشرف على الموت بسبب عطشه، وهو ضائع في الصحراء ففتش عنه. ولا تستتهزئ به ولا تقتله. ولا تتكلم كثيراً، بل أشركه ببقية الماء الذي في حوزتك لبقائه حياً. ساعده سريعاً عملياً بود، وتماماً وبكل قلب. فأحب أعداءك ولا تبغضهم. فتغلب أكبر أعدائك ألا وهي نفسك الشريرة.

وأما بولس فلم يحصر عون العدو بالخبز والماء. بل شمل في مساعدته كل نوع من جوع وعطش. وهذا يتضمن الجوع إلى البر والمعرفة. ولم يقصد الرسول أن يخجل العدو المتضايق، إنما أراد أن يريه المحبة، ليخجل من شره، فيتوب ويرجع من صميم قلبه. وهكذا يعاملنا الله، الذي يرينا قداسة محبته. لندرك أنانيتنا ونجاستنا بعظمته ونشتاق إلى البلوغ في رحمة الله.

وقد ترك بولس من قاعدة محبة العدو في العهد القديم جملة قاطعة. وأضاف جملة مهمة (رومية 12: 20-21). والجملة التي تركها هي، والرب يجازيك. لأن العهد الجديد قد غلب فكر الأجرة والمجازاة. فالله لا يحبنا ويبررنا، لأننا نحب العدو ونعمل أعمالاً خيرية بل هو يحبنا، ونحن أعداؤه، بمحبته العظمى. وبررنا وكل الناس، مجاناً قبل إيماننا. فيسر من كل أعمال محبتنا، المسببة من محبته. ولكن الأجرة لا ننالها لأجل الأعمال الخيرية، بل قد حصلنا على المكافأة سابقاً، إذ أن الله قد وهب لنا مسيحه المتضمن كل البركات في السماويات. ففيه أعطانا الكل والملء. فنستطيع أن نعطي بغزارة من ملئه، بدون أن نفقر.

والجملة التي أضافها بولس، هي نداء نصرته وشعار إنجيله: «لا يَغْلِبَنَّكَ ٱلشَّرُّ بَلِ ٱغْلِبِ ٱلشَّرَّ بِٱلْخَيْرِ»(رومية 12: 21). وهذه العبارة ليست خلاصة فلسفية من قاعدة المحبة العملية. لكنها لب وجوهر العهد الجديد. فالمسيح غلب الشر على الصليب، ولم يقع في التجربة، لأنه أحب أعداءه مصلياً الصلاة الشفاعية: «يَا أَبَتَاهُ، ٱغْفِرْ لَهُمْ، لأنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ»(لوقا 23: 34). إن محبة الله تفوق كل الشر. والإنجيل يمنحك قوة عظيمة للغلبة. المحبة تفوز على الأشرار رغم ضعفنا.

الصلاة: أيها الآب السماوي، نحن فاشلون بمحبة الأعداء. لأننا نكرههم بغير وعي. فاملأ قلوبنا بمحبتك الحكيمة، لكي نريد إنشاء طرق عملية لعونهم ونخدمهم ونبشرهم لتغلب محبتك الشر فيهم. نشكرك لأن ابنك رسم أمامنا انتصار المحبة بتضحية ذاته. فاغلب أولاً كل شر فينا. لكي نضحي بذواتنا لتمجيد محبتك في أعدائنا.

السؤال:

27 - ما هو الشيء المشترك والمفترق في قاعدة محبة العدو. بين الأمثال ورسالة بولس؟

الأصحاح السادس والعشرون 26 «26 مَنْ يُغَطِّي بُغْضَةً بِمَكْرٍ يَكْشِفُ خُبْثَهُ بَيْنَ ٱلْجَمَاعَةِ».

ما أبشع المكر! فالماكر لا يعرف أمانة الله وقداسته. إن إلهنا مستقيم ولا عوج فيه. فهو يبغض كل طرق معوجة. إنه يسقط الماكر الخداع إما في هذه الدنيا أو الآخرة. فلا تبقى كذبة ما غير مكشوفة، ولا يخفى اقتراح محتال على الدوام. فستقف أمام خصومك بكل مقاصدك وأكاذيبك خجلاناً. وأمام العليم كل الناس مكشوفون.

وكثيراً ما يدبر القدوس، أن يوقع قاصد الشر في شره المعد، بينما يحفظ البار من الفخ المفتوح. من حفر حفرة لأخيه وقع فيها. ومن يستعمل أكاذيب كثيرة، لا يعرف بالأخير ماذا قال آنفاً. فأزقة الالتواءات الاحتيالية تصبح عذاباً للمحتال نفسه. والأرواح التي دعاها لا يعود يتخلص منها. فاطلب من ربك الحكمة لسلوك مستقيم، مهماً يكلف الأمر.

الأصحاح السابع والعشرون 1 و2 «1 لا تَفْتَخِرْ بِٱلْغَدِ لأنَّكَ لا تَعْلَمُ مَاذَا يَلِدُهُ يَوْمٌ. 2 لِيَمْدَحْكَ ٱلْغَرِيبُ لا فَمُكَ، ٱلأَجْنَبِيُّ لا شَفَتَاكَ».

وأنه لمرض أصلي في الإنسان، أن يفكر بنفسه أعلى مما يكون. ولكن أقبح من ذلك مدح نفسه وإبراز ذاته. إن مدح الذات نتن، ولكن المدح من الغريب يطن. لا تتكلم عن مواهبك البتة، ولا تؤمن بتفوقك. فأنت أكثر شراً مما تعلم، ولا تستحق مدحاً ما. وإن داهنك الناس حولك ولاطفوك بوجهك، فاشهد بأنك واطئ بسيط. وآمن بقولك. وكسر الصورة القائلة في نفسك، أنك كبير ومهم، باعتراف تواضعك الصافي. ولكن إن حمدك الآخرون بينهم، ولم تك حاضراً بينهم، وقد سمعت أن غريباً تطق بكلمة الاعتبار لخدمتك فافرح. عالماً أن الرب الحي استخدمك أنت العبد الباطل، لبركة الآخرين. ولا تنس أن الثمار الصالحة ليست منك، بل الكل من ربك فقط.

ولا تخططن سطحياً، أو متيقناً بذاتك طرق الغد، بل سلم لربك أمرك. فلا تعلم إن كنت تعيش غداً. أو إن قادك الله إلى واجب آخر، فسيرة حياتك ليست بين يديك. أما أنت فبكف أبيك السماوي. فلا تمجد ذاتك، بل مجد لطف وعناية ربك، فتسلك بحذر متيقناً بهدى ربك.

27: 5 و6 «5 اَلتَّوْبِيخُ ٱلظَّاهِرُ خَيْرٌ مِنَ ٱلْحُبِّ ٱلْمُسْتَتِرِ. 6 أَمِينَةٌ هِيَ جُرُوحُ ٱلْمُحِبِّ وَغَاشَّةٌ هِيَ قُبْلاتُ ٱلْعَدُوِّ».

هل عندك أعز صديق؟ فتعرف إخلاصه، بأنه لم يمدحك فقط، بل يصرح أمامك بأخطائك وذنوبك أيضاً. طوبى لك إن كان لديك أب أو أم أو صديق، يقولون لك الحق عن ذاتك. اشكرهم وربك لخدمة المحبة هذه. لأنك تحتاج يومياً إلى تصليح، فمن السهولة مداهنة الآخرين، ولكن من الصعب إعلان خطاياهم بحكمة، إبراز غضب الله ودينونته. فالمحبة الحقة بعض المرات قاسية كحجر صوان. لكي ينكسر الشر فيها.

طوبى لك إن منحك ربك قرينة أمينة، التي تخبرك عن عاداتك السيئة، وتدلك على تصرفاتك الخاطئة في الاجتماعات والمجتمع، والتي تصلي لأجلك بأمانة. وطوبى للكنيسة التي لها راع لا يزور العائلات بغية حضور أعضاء أكثر لاجتماعاته فقط، ولا يمدح العائلات الشريرة الغنية، ليتبرعوا أكثر لتبرير إثمهم الخاص، بل يقول لرعيته الحق بلطف، ويسمي الخطية خطية، ويقود الضالين إلى البر.

الصلاة: أيها الرب الحنون، قد سمحت ليهوذا أن يقبّلك. ولكن اخترقته بنظرتك. ودنته بكلمة محبتك. اغفر لنا إن لم نقبل نصائح أصدقائنا، وأهملنا تحذيرات الشيوخ. امنحنا الإرادة للرجوع، وكسر مدح ذواتنا نهائياً. حررنا من كل احتيال ومكر. واخلق فينا الذهن المستقيم. واحفظنا من الذين يداهنوننا كذباً.

السؤال:

28 - لم يكون توبيخ المحب بركة؟

الأصحاح الثامن والعشرون 13 «13 مَنْ يَكْتُمُ خَطَايَاهُ لا يَنْجَحُ، وَمَنْ يُقِرُّ بِهَا وَيَتْرُكُهَا يُرْحَمُ».

هذه الآية عن الاعتراف بالخطايا وصلتنا وسط الجو المسر في العهد الجديد. فكل عالم نفساني يعرف أن الذي يكتم ذنوبه يتعقد. ولا ينام مرتاحاً ويضطرب كأنه هارب من الله طيلة حياته. وكثيرون من الناس يتكلمون كثيراً بصوت عال، ليفوقوا صوت ضمائرهم الخفيف. وأنت أيها الأخ تعلم خطاياك بدقة. وكل عمل سيء في ماضيك يقف أمامك فمقاصدك وأفكارك تهجم عليك. وستسمع في يوم الدين كل أقوالك، التي نطقتها في هذه الحياة. أنت هالك في عدل الله. فادرك حالتك ولا تكذب على نفسك.

واعرف طرقاً أربعاً لخلاصك من صوت ضميرك وغضب الله الملتهب:

  1. اعرف خطيتك وأقر بها في نفسك، لكيلا تعتبر ذاتك مقبولاً جميلاً ذكياً أو قوياً. بل دن وانكر نفسك. وآمن بأنك أنت أول الخطاة.

  2. اعترف بخطاياك واضحة أمام الرب، وانطق بأعمالك السيئة أمام القاضي الأزلي. ارتم أمام المستوي على العرش. ولا تحاول تبرير نفسك. انكسر أمامه تماماً ونهائياً ولا تدفع ذنبك على والديك أو محيطك. أنت المذنب في ذاتك وحدك.

  3. اتكل على رحمة الله ونعمته، لأنه لا يقصد هلاكك. هو أمين وعادل، ويغفر لك ذنوبك، إن اعترفت بها. المسيح مات لآثامك وهو حمل الله، الذي يرفع خطية العالم كلها. ولا تجد راحة لضميرك إلا في صليب ابن الله، الذي محا آثامك نهائياً بدمه الثمين. وبدون إيمان بمصالحته، لا يجد إنسان ما سلاماً مع الله.

  4. إن الاعتراف بخطاياك والإيمان برحمة الله الظاهرة في المسيح، لهي أساس حياتك الجديدة في التواضع والفرح. ولكن هذا الانكسار لا يكفي. أنت تحتاج إلى خلق جديد، وإلى القوة الإلهية لتغلب الخطايا. فالاعتراف بالخطايا شيء، وتركها شيء آخر. فالروح القدس يكافح ضد جسدك ومشاعر نفسك، حتى ترفض عمداً الخطية وتلاعبها، وترجع الشيء الذي سرقته إلى صاحبه، وتعترف بأكاذيبك أمام من كذبت عليه. مت لكبريائك، واعترف بخطاياك أمام الناس، إذا قادك الروح القدس لهذه الدرجة من الانكسار، لكي يجذبك الرب إلى الكمال والحرية من سلاسل سيئاتك.

المسيح هو مخلصك. فلا يغفر لك خطاياك لكي تستمر فيها، بل يحررك منها، إن استسلمت للطفه نهائياً. تجاسر وضع حياتك بين يديه، ولا تحاول خلاص نفسك بنفسك. أنت الفاشل وهو القدير. وبمقدار ثقتك فيه، تعظم انتصاره، وهو مستعد لتطهيرك وتقديسك. فواظب على الصلاة، واقرأ الكتاب المقدس بشوق غارق. فتكمل قوته في ضعفك.

الصلاة: اللهم ارحمني أنا الخاطئ. أنا مكشوف أمامك، وتعرف ماضي. كل أقوالي وأعمالي عريانة أمامك. لا تبدني حسب استحقاقي. بل سامحني وحررني من عبودية خطيتي. لا أريد أن اخطئ فيما بعد. خلصني من نفسي وقدسني في قدرتك. أنا أؤمن بسلطان مسيحك. ودمه يطهرني من كل إثم.

السؤال:

29 - ما هي الدرجات الأربع للتحرير من سلطة الخطية؟

28: 14 و15 « 14 طُوبَى لِلإِنْسَانِ ٱلْمُتَّقِي دَائِماً، أَمَّا ٱلْمُقَسِّي قَلْبَهُ فَيَسْقُطُ فِي ٱلشَّرِّ. 15 أَسَدٌ زَائِرٌ وَدُبٌّ ثَائِرٌ ٱلْمُتَسَلِّطُ ٱلشِّرِّيرُ عَلَى شَعْبٍ فَقِيرٍ».

تطوّب الحكمة المتقي، لأنه لا يعيش منفرداً. الله معه. فالبار اعترف بخطاياه، ونال الغفران بدم المسيح. ومسرة الله تخيم عليه. فهو أسعد إنسان في الدنيا.

ولكن كل الذين يقسون قلوبهم ضد نعمة المسيح، ويسدون آذانهم لصوت الروح القدس، ويرفضون الإنجيل المخلص، يمكثون في شرهم، ويسقطون من درجة إلى درجة، إلى أسفل الخطايا، كما تزحلط رجل من أعلى السلم إلى أدناه، لأنه لم يتمسك بالدرابزين الذي بجانبه. فكل من لا يتمسك بالمسيح، يسقط سقوطاً عظيماً.

والأمير أو الزعيم يشرف على تجارب أكثر من الإنسان البسيط. وخاصة يجربه المجرب إلى الاستكبار، لأن الله منح المسؤول سلطة، وحاشيته تداهنه باستمرار. فكل زعيم لا يتوب يومياً إلى ربه، ولا يعتبر نفسه أول خادم لأمته، ولا يعترف أنه عائش من غفران ربه، فيصبح أول الخطاة ويتشامخ، ويثقل على شعبه، ويصرخ في غضبه، ويتخابط بلا حكمة لأنه لم يخف من ربه طالباً منه الهدى والحكمة. فكل من يحمل مسؤولية عليه أن يصلي وينكسر أكثر من باقي الناس، لكيلا تدفعه قدرته الفاشلة، إلى هلاك الكثيرين.

28: 17 «17 اَلرَّجُلُ ٱلْمُثَقَّلُ بِدَمِ نَفْسٍ يَهْرُبُ إِلَى ٱلْجُبِّ. لا يُمْسِكَنَّهُ أَحَدٌ».

كل زعيم يسبب حروباً أو قتالاً، وكل فرد يسوق السيارة بلا مهارة ويقتل المارين بطيشه، أو يسفك دماً في سبيل الانتقام أو الغيظ، فإنه يشعر بشوكة عميقة في قلبه تبرم ليلاً نهاراً بصميمه. ولا يجدن هذا المسكين راحة ولا في القبر، إن لم يجد بموت المسيح الكفارة النيابية عن قتله. المسيح هو الرجاء لأجل كل القتلة وشبه القتلة. لأن بدون المخلص الإلهي يسرعون وسط الحياة ولا عون لهم.

28: 19 و20 «19 اَلْمُشْتَغِلُ بِأَرْضِهِ يَشْبَعُ خُبْزاً، وَتَابِعُ ٱلْبَطَّالِينَ يَشْبَعُ فَقْراً. 20 اَلرَّجُلُ ٱلأَمِينُ كَثِيرُ ٱلْبَرَكَاتِ، وَٱلْمُسْتَعْجِلُ إِلَى ٱلْغِنَى لا يُبْرَأُ».

من لا يريد الشغل لا يأكل أيضاً. فالكسول يستحق الجوع وغضب الله. وكل حضارة سالكة بدون خوف الرب، تتكاسل مبطئة متعجرفة. ولكن كل الذي يعيشون بالروح القدس، يثبتون في مهنتهم ويشتغلون بدقة، ولا يجلسون كسولين، لأن العمل أصبح لهم خدمة لله.»كل ما تعملون فاعملوه كما للرب ليس للناس»ومن يقصد الاستغناء بسرعة يخطئ كثيراً. فالعمل الشريف هو قاعدة أساسية للمسيحية. ونعتبر الصلاة بدون عمل وجهد خطية. والتكلم التقي وقراءة الكتاب المقدس بدون تطبيق عملي رجس أمام الله. فإيماننا يظهر في أعمال المحبة، وليس في كلمات فارغة أو أحرف مطبوعة سوداء.

28: 21 و23 «21 مُحَابَاةُ ٱلْوُجُوهِ لَيْسَتْ صَالِحَةً، فَيُذْنِبُ ٱلإِنْسَانُ لأجْلِ كِسْرَةِ خُبْزٍ. 23 مَنْ يُوَبِّخُ إِنْسَاناً يَجِدُ أَخِيراً نِعْمَةً أَكْثَرَ مِنَ ٱلْمُطْرِي بِٱللِّسَانِ».

الرياء سم يتسرب في القصور والمستشفيات والأكواخ. فمن الهين القول: أنت جميل وشاطر وذكي وقديس وعظيم ومحترم وموهوب ومبروك. ولكنك بحاجة إلى محبة عظمى، لتقول للآخرين في سبيل الحكمة، الحق عن غضبهم ونجاساتهم وأكاذيبهم وسرقاتهم وملابسهم القبيحة والنتنة والأرجل الغير المغسولة وتعجرفهم وتصرفاتهم السيئة. طوبى لك إن وبخك إنسان يحبك. اصع إليه لأنه أثمن من ألف كذابين يمدحونك ويفكرون في قلوبهم: يا حمار! وربما يحرض هؤلاء المراؤون شعورك ليستغلوك وليغطوا خطاياهم الخاصة. فشك بكل من قال لك إن صلاتك موزونة أو شهادتك مخترقة وتبرعاتك مقبولة. وأشكر الذي يعلن لك أنك ضعيف المنطق متكبر، لأن ليس أمام الله لك شرف. وكل خطايا الدنيا موجودة في دمك. وتعرف هذا إن قارنت نفسك بقداسة الله الكاملة.

الصلاة: أيها الله القدوس العظيم، أنت كيلي. وأنا لا شيء. كل الناس كذابون ولا يقولون لي حقيقة نفسي. أنت تعلن شروري والتواء الشعوب. ساعدني لأنكسر في فخري وأتبرر في الإيمان بالمسيح. وأجتهد في مهنتي وأعيش لمجدك. احفظني من مداهنة الآخرين. وافن محبة المال فيّ، واحفظ قلبي، لأن أخاف اسمك، وأحب نعمتك بدون انقطاع.

السؤال:

30 - كيف يظهر البر الحق؟

28: 24 «24 ٱلسَّالِبُ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ وَهُوَ يَقُولُ: «لا بَأْس»فَهُوَ رَفِيقٌ لِرَجُلٍ مُخْرِبٍ» .

ويل لمن يسرق والديه أو يسلبهم ممتلكاتهم بحجج منطقية. والذي أصبح أعمى في حرصه على الغنى، ويدوس المحبة التي ربته، فهو شريك إبليس. والطمع وحب الشرف يعمي الإنسان ويدفعه إلى عمل شر، بالمقدار أنه لم يفكر بذاته بقدرته أن يعمله. فكل الذين لا يخافون الله يسقطون من شهوة إلى شهوة ومن رذيلة إلى رذيلة. ومن ستر أنانيته بمدافعات تقية، فقد وصل إلى قمة الخطية (متى 15: 5).

28: 27 « 27 مَنْ يُعْطِي ٱلْفَقِيرَ لا يَحْتَاجُ، وَلِمَنْ يَحْجِبُ عَنْهُ عَيْنَيْهِ لَعَنَاتٌ كَثِيرَةٌ».

قلب الإنسان يتقسى، إن أسرع في سبيل الرفاهية. وعادة لا رثاء في ضمير الأغنياء لحاجات الفقراء. فيتركون المساكين مرميين على الرصيف، ويمرون عليهم كأنهم كلاب ميتة. والمحتاجون يلعنون الذين يلتفتون عن طلبهم. ولا يريدون إلا أن يغيروا الأوضاع، ليحصلوا على غنى وفخر. فليس الفقراء أفضل من الأغنياء. بل الكل يحتاجون لتغيير الفكر. مع العلم أن البخشيش لا يكرم المعطي ولا المستعطي، لأن الفقير يحتاج إلى عمل ثابت وليس إلى هبات. فاخلق إمكانيات للعمل للأفراد، فتنال بركة عظيمة. ولا تكتفي بغناك ومواهبك لكيلا تصبح كالبحر الميت، الذي تصب فيه دائماً مياه الأردن. وهو مع ذلك مر، لا يعيش في مياهه السمك. وأما بحيرة طبريا التي يصب فيها نهر الأردن أيضاً، ويخرج منها نفس المقدار الذي صب فيها من الماء، فتمتلئ أسماكاً وحياة. فهل أنت كالبحر الميت أو كطبريا؟

29: 3 «3 مَنْ يُحِبُّ ٱلْحِكْمَةَ يُفَرِّحُ أَبَاهُ، وَرَفِيقُ ٱلزَّوَانِي يُبَدِّدُ مَالاً».

استخدم يسوع معنى هذه الآية، عندما قال حسب إنجيل لوقا 15: 11-31 المثل الذهبي في الكتاب المقدس، عن شاب نشيط تمنى الاستقلال عن سلطان أبيه، ليختبر الحياة. فتركه بعنف وقساوة. ولكن أصدقاء محتالين وزواني أخرجوا المال من جيوبه. حتى سقط إلى درجة الاحتياج ورعى خنازير، لكيلا يموت جوعاً.

وفي ضيقه تعقل الابن الضال، وأدرك حالته كما هي. وتذكر محبة أبيه. فرجع واعترف بخطيته وتجدد في حضور والده. فعم الفرح في بيت الله قائل: «ٱبْنِي هٰذَا كَانَ مَيِّتاً فَعَاشَ، وَكَانَ ضَالاً فَوُجِدَ»(لوقا 11: 24).

اقرأ هذه القصة مراراً، وعيّن في أي مرحلة من سيرة حياتك أنت واقف عندها. هل رجعت إلى رحمة الله وأصبح فرح شركته شعار حياتك. أو لا تزال قريب اللصوص؟

29: 9 « 9 رَجُلٌ حَكِيمٌ إِنْ حَاكَمَ رَجُلًا أَحْمَقَ، فَإِنْ غَضِبَ وَإِنْ ضَحِكَ فَلا رَاحَةَ».

إن نتكلم بألسنة الناس والملائكة، والإنسان الذي أمامك. لا يريد السمع ويحب المال والفخر أكثر من الله. فلا فائدة من تكلمك معه. فالمسيح تكلم بسلطان الله مع اليهود. إنما الأكثرية ضحكوا عليه ورفضوه وصلبوه أخيراً. قد شفى مرضاهم ووبخ ذنوبهم. ولكنهم لم يسمحوا للمنادي بالمحبة براحة، إلا أبادوه. ولكن نخبة صغيرة تابت وتبعته، وهم رسل البر وحاملو قوة الله في ذواتهم، والمبشرون بالإنجيل الصحيح. وحتى اليوم لا تستطيع أن تخلص العالم كله، لأن كل الناس الذين لا يحبون الله، يبقون أغبياء. إلا نخبة صغيرة سامعة وراجاعة ومؤمنة ومتجددة. وكلمة «الكنيسة»تعني في اللغة اليونانية، نحبة الخطاة الذين قد تقدسوا بالمسيح وروحه. فيعيشون لله ويخدمون الضالين. فهل أنت غبي أو حكيم؟ وهل تخص كنيسة الأحياء أو لا تزال بعيداً عن المسيح ميتاً في ضميرك بكل الخطايا؟

الصلاة: يا ربنا القدوس، أيها المخلص الحنون. اغفر لي ذنوبي، لأني حسب طبيعتي أشبه الابن الفخور، الذي ترك مصدره محباً للمال وعاصياً والديه. تقواي ضئيلة فغيرتني في أخلاقي لكي أرجع إليك. وأستسلم لمحبتك أسيراً لرحمتك، وخادماً لك إلى الأبد. فأعيش معك في المسرة وأركض لخلاص الضالين الكثيرين في محيطي.

السؤال:

31 - ما هي الأخطار في الطموح إلى الغنى؟

29: 20 «20 أَرَأَيْتَ إِنْسَاناً عَجُولاً فِي كَلامِهِ؟ ٱلرَّجَاءُ بِٱلْجَاهِلِ أَكْثَرُ مِنَ ٱلرَّجَاءِ بِهِ».

من يتكلم كثيراً، يكذب كثيراً. ومن يكتب مراراً يظن أنه مهم. وكل ثرثار يدور حول نفسه كطاووس، ولا يدرك أن العالم يضحك مستهزئاً على استكباره. إن كان الكلام من فضة فالصمت ذهب. ولكن الصلاة لؤلؤة. ومن يستكبر ويتكلم عن نفسه يشبه طبلاً ضخماً، وهو فارغ باطل. ولكن الجاهل بقلب بسيط، هو مستعد للسمع. أما الفيلسوف المتكبر، فيتعجب من أفكاره وعبقريته الكاذبة. فلا تستطيع عونه، إلا أن يكسره الله. فيدرك أنه فاشل منفوخ.

وحتى في تربية الله له، فإنه عادة يلصق الذنب والمسؤولية على الأخرين، ويرى نفسه ضحية المتسلطين. ليته يعرف فقر نفسه، ويرتجف من غضب الله على ذنبه، ويتوب توبة نصوحة، ويرمي أفكاره المتلألئة، ويصغي إلى كلمة الله. ويمتلئ من حلاوة الإنجيل. عندئذ يصمت لسانه الغبي. وحكمة الله، تفيض منه كبحر محي منشئ صحراء أمته.

29: 22 «22 اَلرَّجُلُ ٱلْغَضُوبُ يُهَيِّجُ ٱلْخِصَامَ، وَٱلرَّجُلُ ٱلسَّخُوطُ كَثِيرُ ٱلْمَعَاصِي».

بجانب الثرثار يوجد الغضوب. فهو يشبه قنبلة إن لمسها أحد انفجرت. ومزيج أخلاقه مترجرج، حتى أنه لا يستطيع احتمال رد أو نقد. وعادة يكون عقله جامداً. فلا يسمع إن قدم صديقه إليه حقيقة بانية.

وإن الرسل كبولس وبطرس عرفوا هذه الآيات غيباً منذ صغرهم، وجاهدوا بها في رسائلهم. لأن الروح القدس يعارض كل الذين يستسلمون للغضب والكبرياء، ولا يسمعون لنصيحة الإخوة. وكنيسة المحبة لا تستطيع البقاء، إن لم تبد في أفرادها هذه الخطايا الموروثة بلا رحمة. فلا تسمح للغضب مكاناً في قلبك، لأنه غباوة وجهل، ولا يعمل ما يرضي الله. ولا تحب كلماتك الضخمة، لأنها هي ستدينك. ومرّن ذاتك في صبر الرب، حاملاً الضعفاء بقوة صلواتك.

29: 23 «23 كِبْرِيَاءُ ٱلإِنْسَانِ تَضَعُهُ، وَٱلْوَضِيعُ ٱلرُّوحِ يَنَالُ مَجْداً».

من يعرف الله، يثبت صغيراً. ومن لا يعرف الله يستكبر. الشيطان حاول التعالي على الله، فسقط إلى الأسفل. فكل مستكبر يتبع إبليس. وفي هذا المبدأ تجد الحد الفاصل في البشر. المسيح أخلى نفسه وتنازل عن حقوقه، وأصبح إنساناً فقيراً، وعلمنا إنكار النفس. لكيلا نحب أنفسنا بل نبغضها ونكرم الله وحده. فالرسل الصحيحون أعلنوا لمستمعيهم هذه الرسالة، ودعوهم إلى التواضع المستمر كأناس لحياتهم (متى 23: 12 و1بطرس 5: 5).

لا تستطيع أن تكون مسيحياً إن لم تتواضع وتعتبر نفسك جاهلاً فانياً غير مهم أثيماً خاطئاً هالكاً. فالمسيح الذي كان بلا خطية، سمى نفسه متواضع القلب ووديعاً. فكم بالحري ينبغي أن نتصف نحن بهذه الصفات، لأننا نستحق غضب الله لا غيره. فإلى الغبار يا أيها الديك. لا ترفع رأسك وتصيح كأن عندك رسالة المبشر، بل تمتم في قلبك «الله ارحمني أنا الخاطئ» عندئذ يستمع القدوس لك، ويرفعك إلى جانبه. ويملأ قلبك بمحبته لتحب الخطاة وترحمهم. وهو يمسح عقلك الشامخ بأفكاره المقدسة. ويجعل فمك فماً له لتمجده وحده. والله يحب المتواضعين، حتى يمجدهم كما هو مجيد. فالمتواضع المنسحق وحده يدخل السماء. فلا تستسلم للرياء بل ادرس ومرن نفسك بالتواضع. ولا تفكر أن التواضع هو أفضل سبيل للتكبر، بل أعن صميم التواضع واختف ذائباً في محبة المسيح، لكي يكون هو عظيماً وحده، ولا يعرفك أحد.

الصلاة: أبانا الذي في السموات، ليتقدس اسمك. ليأت ملكوتك. لتكن مشيئتك. واغفر لي إذا راعيت فكراً آخر في قلبي وتكلمت بمعان أخرى غير داخلة في الصلاة الربانية، أنت وحدك القدوس والعظيم والمجيد. اغفر لنا ذنوبنا لأنا نحب الغفران لجميع المخطئين إلينا ونسامحهم دائماً. واحفظنا من تجربة الكبرياء والثرثرة. وانزع منا الأكاذيب المتكبرة، لكي لا نساهم في أبي الكذب الأصيل. واملأنا بروحك القدوس تمجيداً لك.

السؤال:

32 - ما هو لب التقوى؟

5 - كلام أجور بن متقية مسا (30: 1-33)

الأصحاح الثلاثون 2-6 «2 إِنِّي أَبْلَدُ مِنْ كُلِّ إِنْسَانٍ، وَلَيْسَ لِي فَهْمُ إِنْسَانٍ، 3 وَلَمْ أَتَعَلَّمِ ٱلْحِكْمَةَ، وَلَمْ أَعْرِفْ مَعْرِفَةَ ٱلْقُدُّوسِ. 4 مَنْ صَعِدَ إِلَى ٱلسَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ؟ مَنْ جَمَعَ ٱلرِّيحَ فِي حُفْنَتَيْهِ؟ مَنْ صَرَّ ٱلْمِيَاهَ فِي ثَوْبٍ؟ مَنْ ثَبَّتَ جَمِيعَ أَطْرَافِ ٱلأَرْضِ؟ مَا ٱسْمُهُ وَمَا ٱسْمُ ٱبْنِهِ إِنْ عَرَفْتَ؟ 5 كُلُّ كَلِمَةٍ مِنَ ٱللّٰهِ نَقِيَّةٌ. تُرْسٌ هُوَ لِلْمُحْتَمِينَ بِهِ. 6 لا تَزِدْ عَلَى كَلِمَاتِهِ لِئَلا يُوَبِّخَكَ فَتُكَذَّبَ».

أجور الحكيم الذي كتب هذه الآيات، حاول إدراك الدنيا والعالم الأخر بعقله الخاص. فتغور كثيراً في المعرفة، حتى أدرك أنه لم يعرف شيئاً. واعترف جهراً أنه أعمى وجاهل وغير حكيم. خاصة هو المتعلم والحكيم، يتكلم بهذه الطريقة. لأنه تقدم بأفكاره إلى حدود المعرفة. ليس إنسان يستطيع إدراك الله من تلقاء نفسه. قداسته تستر مجده، مبيدة المقتربين منه. وحتى اليوم لا يعرف علماء الطبيعة سبب الكون وتطوره، ولا مصدر العواصف وطرقها وأسرار البحور غير معروفة. وبحور الشموس تستهزئ بملعوماتنا الضئيلة.

وفي هذا الاتضاع، شعر أجور الحكيم أن لله القدوس ابناً. واعترف بهذه الحقيقة، رغم أنه علم بأن الاعتراف بالأبوة لله، ربما يسبب موت الشاهد عند شعبه المتمسك بالتوحيد المطلق. فالحكيم يسألك: هل عرفت ابن الله؟ هل أدركت اسمه وأخلاقه وقوته؟ هل تحبه وتعيش معه؟ إن رسل العهد الجديد أعطوا وسط شعبهم الهائج الجواب الجريء على هذه الأسئلة قائلين: إن الابن، الذي أعلن لنا الله العظيم كأب حنون، اسمه المسيح يسوع. وهو المحبة المتجسدة المولود من روح الله، والممتلئ بالرحمة والرأفة.

ففي المسيح وحده، نعرف الله في حقيقته. والمولود من روحه هو كلمته الصريحة الموحاة. فلا نطلب وحيا آخر، بل نتمسك بالإنجيل ترساً لنا. ولا نخاف من رجم أمة التوحيد. ولا نغير حرفاً في وحي الآب والابن، لكيلا نضل ولا نكذب.

هل أنت حكيم؟ وهل تعرف الله حقاً؟ أتعيش حسب إرشاد روحه؟ وهل انكسرت لكبرياء عقلك وللاتكال على ذاتك؟ اقترب من المسيح فيصبح نفسك. آمن به فتخلص.

30: 7-9 «7 اِثْنَتَيْنِ سَأَلْتُ مِنْكَ فَلا تَمْنَعْهُمَا عَنِّي قَبْلَ أَنْ أَمُوتَ: 8 أَبْعِدْ عَنِّي ٱلْبَاطِلَ وَٱلْكَذِبَ. لا تُعْطِنِي فَقْراً وَلا غِنىً. أَطْعِمْنِي خُبْزَ فَرِيضَتِي، 9 لِئَلا أَشْبَعَ وَأَكْفُرَ وَأَقُولَ: «مَنْ هُوَ ٱلرَّبُّ؟»أَوْ لِئَلا أَفْتَقِرَ وَأَسْرِقَ وَأَتَّخِذَ ٱسْمَ إِلٰهِي بَاطِلاً» .

العائش في قرب الله يكره الباطل والكذب، عالماً أن الشرير هو أبو الكذابين. والحكيم المرمي أمام جلالة الله، يشرب من جداول الحق ونيتعش. وهكذا اعترف بولس الرسول المتعلم في أحكام الشريعة والمهذب بحكمة الفلسفة اليونانية قائلاً : «لٰكِنْ مَا كَانَ لِي رِبْحاً فَهٰذَا قَدْ حَسِبْتُهُ مِنْ أَجْلِ ٱلْمَسِيحِ خَسَارَةً. بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضاً خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، ٱلَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ ٱلأَشْيَاءِ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ ٱلْمَسِيحَ»(فيلبي 3: 7 و8).

ومن يعش على هذا النمط مع مخلص العالم يقنع، ولا يكون بطنه إلهه. ولا الذهب تجربته. لأن المسيح قد وجده شخصياً. فالمخلص حياته والموت ربح له. وعلمنا الرب الصلاة: خبزنا كفافنا أعطنا اليوم. فلا سبب للهموم، لأن الله أبونا. هو يعتني بنا. فنشتغل مجتهدين لأنه يحفظنا ويهتم بنا اهتماماً إلهياً. ومحبته هي ضمان حياتنا. فلا نجمع الثروات بل نطلب تحرير عبيد المال. فانتبه لأن المال هو حد فاصل لحكمتك وإيمانك وحياتك. وكل من يستسلم للمال يسرق الله. والغني يظن أنه مستقل عن العلي ولا يحتاج إلى مخلص. أما نحن فنتكل على الآب والابن والروح القدس، عارفين أن كيانه يشملنا إلى الأبد.

الصلاة: أيها الآب والابن والروح القدس، الثالوث الأقدس في الوحدة المؤيدة. أنت عظيم. وخلقت العوالم وكل ما فيها. ليس إنسان يبلغ عظمتك. ونشكرك لأنك أعلنت ذاتك في المسيح الوديع القنوع المتواضع. فاغفر لنا طموحنا إلى الغنم والشرف والضمان. واجعلنا نظير المسيح. فلا نكذب ولا نلعن ولا نسرق. بل نثبت في أبوتك الحنونة.

السؤال:

33 - ماذا تتعلم من كلمات أجور؟

6 - كلام لاموئيل ملك مسا الذي علّمته إياه أمه (31: 1-31)

31: 2-9 «2 مَاذَا يَا ٱبْنِي، ثُمَّ مَاذَا يَا ٱبْنَ رَحِمِي، ثُمَّ مَاذَا يَا ٱبْنَ نُذُورِي؟ 3 لا تُعْطِ حَيْلَكَ لِلنِّسَاءِ وَلا طُرُقَكَ لِمُهْلِكَاتِ ٱلْمُلُوكِ. 4 لَيْسَ لِلْمُلُوكِ يَا لَمُوئِيلُ، لَيْسَ لِلْمُلُوكِ أَنْ يَشْرَبُوا خَمْراً، وَلا لِلْعُظَمَاءِ ٱلْمُسْكِرُ. 5 لِئَلا يَشْرَبُوا وَيَنْسَوْا ٱلْمَفْرُوضَ، وَيُغَيِّرُوا حُجَّةَ كُلِّ بَنِي ٱلْمَذَلَّةِ. 6 أَعْطُوا مُسْكِراً لِهَالِكٍ وَخَمْراً لِمُرِّي ٱلنَّفْسِ. 7 يَشْرَبُ وَيَنْسَى فَقْرَهُ، وَلا يَذْكُرُ تَعَبَهُ بَعْدُ. 8 اِفْتَحْ فَمَكَ لأجْلِ ٱلأَخْرَسِ فِي دَعْوَى كُلِّ يَتِيمٍ. 9 اِفْتَحْ فَمَكَ. ٱقْضِ بِٱلْعَدْلِ وَحَامِ عَنِ ٱلْفَقِيرِ وَٱلْمِسْكِينِ»..

إن أم الملك لموئيل امرأة حكيمة. واختبرت حياة الفقراء والأغنياء؟ فأعطت لابنها نصائح ثلاث. وبما أن المؤمنين بالمسيح هم ملوك وكهنة، فإن هذه النصائح تخصنا أيضاً.

  1. لا تتعلق ببنات ساقطات، بل احتفظ بنفسك لامرأتك. التي عيّنها الله لك. فمن يزني يخرب نفسه. ومن يعش في دعارة يشبه خنزيراً. والأغنياء والسلاطين والأذكياء مجربون لنجاسة أكثر من باقي الناس. لأن الجميع يتراكض إليهم. فاطلب من ربك القوة لضبط جسدك. لكي لا تنازل لدرجة الحيوانات. وإن أخطأت فقم، واستغفر ربك. فيطهرك حقاً. لأن المسيح مات لأجلك أيضاً. وروحه القدوس هو القوة الغالبة حياتك. فإن لك رجاء بالطهارة، ألا وهو إيمانك بالمسيح الحي.

  2. لا تسكر ولا تبطر، لأن الأكل والشرب وسيلة للحياة، وليسا الحياة بالذات. فمن يخضع لشهواته، يصبح جسدياً. أما الله فدعاك إلى حياة في الروح. فاطلب ما فوق، حيث المسيح جالس عن يمين الله. غيّر اتجاه حياتك. فليست المادة، بل الله هو هدفك؟ عش أمامه مسؤولاً في خدمات المحبة.

  3. عندئذ يفتح لك عينيك للمساكين والمظلومين واليتامى. ومحبته تحرضك لتعتني بهم. إن الله في جوهره رحمة. فيربيك إلى رحمة ومحبة وخدمة وحق وبذل الذات. إلى متى تدور حول نفسك وتبذل جهوداً لتمجيد ذاتك؟ وحياتك ليس لها معنى، إلا إذا أصبحت خادماً لكل الناس. فقد ترك المسيح مجده وشفى المرضى وأخرج شياطين، وغفر الخطايا. هل غيّرتك محبة الله إلى عبد محب، أو لا تزال سيداً مستقلاً أنانياً؟

إنما أم الملك لم ترسم لابنها فقط اتجاه الحياة الحكيمة، بل لامرأته في المستقبل ولكل بنات العالم أيضاً. ومما يجدر الاهتمام به، إن جدول الفضائل النسائية، لم يؤلفها رجل، بل أم خبيرة. فنجد كلمات صادرة من امرأة في نصوص الكتاب المقدس كذلك. فيتاح للبنات أن يتعمقن في دستور ربة البيت الصالحة، وسط عصر التلفزيون وتفتت الأخلاق. ليعرفن كيف يبنين في المستقبل عائلاتهن.

إن المحبة للزوج هي الدافع في أم البيت الشريفة المخلصة فتعمل بالحكمة، ولا تخشى من يديها الوسختين وسط العمل. ولا تعد الشغل بالساعات، بل تخطط بالبصيرة، وتنظم نفقات البيت بدقة. ولا تنسى الفقراء، وتستعد لأيام الضيق. وباهتمامها وقناعتها وحكمتها يكسب زوجها كرامة واحتراماً. وهي لا تخلو شخصياً من الفضائل وقمة الحكمة، لأنها عالمة وصايا الله بدقة، وتمرن نفسها فيها. وهكذا تربي أولادها للصلاة والاجتهاد. فلا يستطيع زوجها أخيراً إلا أن يفتح فمه ويمدحها ويكرمها ويشكرها. وإنه يفضلها على كل البنات الجميلات الأخريات، لعلمه أن ليس للجمال والدلع هو أساس الحياة الحكيمة الناجحة. لأن جمال الوجه يزول. ولكن رونق الأعين في النفس المؤمنة يزيد ويتطور إلى الحياة الأبدية. فروح الرب يأتي بثماره في المرأة القديسة.

فختاماً لسفر الأمثال اقرأ تمجيد ربة البيت الصالحة:

31: 10-31 «10 اِمْرَأَةٌ فَاضِلَةٌ مَنْ يَجِدُهَا؟ لأنَّ ثَمَنَهَا يَفُوقُ ٱللآلِئَ. 11 بِهَا يَثِقُ قَلْبُ زَوْجِهَا فَلا يَحْتَاجُ إِلَى غَنِيمَةٍ. 12 تَصْنَعُ لَهُ خَيْراً لا شَرّاً كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهَا. 13 تَطْلُبُ صُوفاً وَكَتَّاناً وَتَشْتَغِلُ بِيَدَيْنِ رَاضِيَتَيْنِ. 14 هِيَ كَسُفُنِ ٱلتَّاجِرِ. تَجْلِبُ طَعَامَهَا مِنْ بَعِيدٍ. 15 وَتَقُومُ إِذِ ٱللَّيْلُ بَعْدُ وَتُعْطِي أَكْلاً لأهْلِ بَيْتِهَا وَفَرِيضَةً لِفَتَيَاتِهَا. 16 تَتَأَمَّلُ حَقْلاً فَتَأْخُذُهُ، وَبِثَمَرِ يَدَيْهَا تَغْرِسُ كَرْماً. 17 تُنَطِّقُ حَقَوَيْهَا بِٱلْقُوَّةِ وَتُشَدِّدُ ذِرَاعَيْهَا. 18 تَشْعُرُ أَنَّ تِجَارَتَهَا جَيِّدَةٌ. سِرَاجُهَا لا يَنْطَفِئُ فِي ٱللَّيْلِ. 19 تَمُدُّ يَدَيْهَا إِلَى ٱلْمِغْزَلِ، وَتُمْسِكُ كَفَّاهَا بِٱلْفَلْكَةِ. 20 تَبْسُطُ كَفَّيْهَا لِلْفَقِيرِ وَتَمُدُّ يَدَيْهَا إِلَى ٱلْمِسْكِينِ. 21 لا تَخْشَى عَلَى بَيْتِهَا مِنَ ٱلثَّلْجِ، لأنَّ كُلَّ أَهْلِ بَيْتِهَا لابِسُونَ حُلَلاً. 22 تَعْمَلُ لِنَفْسِهَا مُوَشَّيَاتٍ. لِبْسُهَا بُوصٌ وَأُرْجُوانٌ. 23 زَوْجُهَا مَعْرُوفٌ فِي ٱلأَبْوَابِ حِينَ يَجْلِسُ بَيْنَ مَشَايِخِ ٱلأَرْضِ. 24 تَصْنَعُ قُمْصَاناً وَتَبِيعُهَا وَتَعْرِضُ مَنَاطِقَ عَلَى ٱلْكَنْعَانِيِّ. 25 اَلْعِزُّ وَٱلْبَهَاءُ لِبَاسُهَا وَتَضْحَكُ عَلَى ٱلزَّمَنِ ٱلآتِي. 26 تَفْتَحُ فَمَهَا بِٱلْحِكْمَةِ، وَفِي لِسَانِهَا سُنَّةُ ٱلْمَعْرُوفِ. 27 تُرَاقِبُ طُرُقَ أَهْلِ بَيْتِهَا وَلا تَأْكُلُ خُبْزَ ٱلْكَسَلِ. 28 يَقُومُ أَوْلادُهَا وَيُطَوِّبُونَهَا. زَوْجُهَا أَيْضاً فَيَمْدَحُهَا. 29 بَنَاتٌ كَثِيرَاتٌ عَمِلْنَ فَضْلاً، أَمَّا أَنْتِ فَفُقْتِ عَلَيْهِنَّ جَمِيعاً. 30 اَلْحُسْنُ غِشٌّ وَٱلْجَمَالُ بَاطِلٌ، أَمَّا ٱلْمَرْأَةُ ٱلْمُتَّقِيَةُ ٱلرَّبَّ فَهِيَ تُمْدَحُ. 31 أَعْطُوهَا مِنْ ثَمَرِ يَدَيْهَا، وَلْتَمْدَحْهَا أَعْمَالُهَا فِي ٱلأَبْوَابِ».

الصلاة: أيها الرب المسيح، نحمدك ونمجدك لأنك علمتنا بالروح القدس الحياة الحقة. ثبتنا في الإيمان بك، واملأنا بمحبتك لكي ترشدنا قوتك للتمثل بتضحيتك. اغلب فينا البطء والكسل، واجعلنا خداماً لمن يعيش حولنا وقدوة لعائلاتنا، فبدونك لا نستطيع أن نفعل شيئاً. أنت غافر ذنوبنا وضامن مستقبلنا ولا تتركنا. بل تجعل حمداً لنعمتك بالمجيدة.

السؤال:

34 - ما هي الصفات الثلاث التي تراها أهم ما قالته الأم الحكيمة لابنها الملك؟

مسابقة سفر الأمثال

أيها الأخ جاوب على هذه الأسئلة من سفر الأمثال للنبي سليمان لتغذيتك في الحكمة الروحية. وإن جاوبت على 25 سؤالاً منها بصواب، نرسل إليك الكتاب الذي تختاره من قائمة كتبنا. فهلم للإجابة.

  1. من هو مؤلف الأمثال؟

  2. كيف تنظمت وتقسمت؟

  3. ما العلاقة بين الأمثال والكتاب المقدس كله؟

  4. لم كان خوف الله بدء كل معرفة حقة؟

  5. لما يجب علينا أن نطيع والدينا؟

  6. كيف نغلب التجربة؟

  7. ما هي الأسباب لدينونة الله؟

  8. ما الذي يهبه الله للذين يطلبون حكمته؟

  9. أي آية تعتبرها هي الأهم من الأصحاح الثالث ومن العدد الأول حتى العاشر؟

  10. لم يضربنا الله؟

  11. كيف ترتبط العبارات الثلاث معا. النوم المرير والتواضع وقلوبنا؟

  12. لم الكسل عند الله رجس كبير؟

  13. أي صفة من الصفات السبع يكرهها الله أكثر ولماذا؟

  14. لم يكون الزنا غباوة؟

  15. متى وكيف ظهرت حكمة الله؟

  16. ما الفرق بين بدء معرفة الله وبدء حكمته؟

  17. كيف تتعلق المحبة ببركة الله؟

  18. لم يجب علينا أن نحب الحيوانات ونعاملها بلطف؟

  19. كيف يمكن أن يكون الفقير بنفس الوقت غنياً والغني فقيرا؟

  20. ماذا تعلمنا القاعدة الذهبية عن صعود وسقوط الشعوب؟

  21. ما هي أسس الحكمة والتقوى؟

  22. لم كل أفكارنا غبية، ووحي الله وحده هو الذكي؟

  23. ما المعنى العميق للعدد 19: 17؟

  24. لم يسمع الإنسان قليلاً لكلمة الله؟

  25. ماذا تعني دعوة حكمة الله، لنسلم قلوبنا له؟

  26. ما هو موقف المسيحي تجاه الملك والحكومة؟

  27. ما هو الشيء المشترك والمفترق في قاعدة محبة العدو، بين الأمثال ورسالة بولس؟

  28. لم يكون توبيخ المحب بركة؟

  29. ما هي الدرجات الأربع للتحرير من سلطة الخطية؟

  30. كيف يظهر البر الحق؟

  31. ما هي الأخطار في الطموح إلى الغنى؟

  32. ما هو لب التقوى؟

  33. ماذا تتعلم من كلمات أجور؟

  34. ما هي الصفات الثلاث التي تراها أهم ما قالته الأم الحكيمة لابنها الملك؟

أرسل إجابتك بخط وعنوان واضح إلى:


Call of Hope
P.O.Box 100827 
D-70007 
Stuttgart 
Germany