العودة الى الصفحة السابقة
سلسلة هل عرفت قصة حياتي؟

سلسلة هل عرفت قصة حياتي؟

الجزء التاسع: الفتى الناصري ويسوع في الهيكل

دورا بك


Bibliography

الفتى الناصري ويسوع في الهيكل. دورا بك. Copyright © 2005 All rights reserved Call of Hope. الطبعة الأولى . 1988. SPB 9029 ARA. English title: The Young Nazarene and Jesus in the Temple (Booklet 9). German title: Ein junge aus Nazareth und der 12 jährige Jesus im Tempel (Heft 9). Call of Hope. P.O.Box 10 08 27 70007 Stuttgart Germany http: //www.call-of-hope.com .

هل عرفت قصة حياتي؟

أحداث من الكتاب المقدس يخبروننا عن سيرة حياتهم

الفتى الناصري ويسوع في الهيكل

كانت قريتنا غير معروفة، تقع في منطقة الجليل المشهورة بتلالها الكثيرة. وقد انبسط أمامها سهل يزرعيل ﴿مرج ابن عامر﴾ بمنظره الرائع.

وكان طريق تجاري يمرّ بالقرب من قريتنا، تجتازه القوافل التجارية المحملة بالبضائع وهي قادمة من دمشق ومتجهة إ لى مصر. وقد أثارت هذه الحركة التجارية رغبتنا، نحن الفتيان، في التجارة والمغامرات، فلم نشعر بالملل أبداً.

لقد أحببت قريتي وكل من يسكن فيها.

اسم قريتي «الناصرة». وقد بنيت بيوتها البسيطة في الوادي الواسع. وكان ينبوع ماء صاف يتفجر في وسط القرية حيث يلتقي الأهالي عندما يملأون أوانيهم بالماء. وكنا نحن الأولاد نجتمع أيضاً في الساحة لنلعب معاً. وكان صديقي العزيز المفضل هو يسوع. أسعدني أن ألعب معه لأنه لم يتشاجر مع أحد، بل كان لطيفاً ومستعداً دائماً للمساعدة. ومع أنه كان يبدو مثل كل أولاد القرية، لكنه بالحقيقة اختلف عنهم كل الأختلاف. اسم أبيه يوسف واسم أمه مريم.

ذهبت مراراً مع يسوع إلى محل النجارة الخاص بأبيه، حيث كنا نشاهد الآلات اليدوية المتنوعة ونراقب أباه يشتغل بجد.

كنا نجلس في بعض الأحيان تحت أشجار الزيتون المنتشرة على التلال حول قريتنا. ونتحدث عن رحلات أهلنا، الذين كانوا يسافرون إلى القدس مرة كل سنة ولمدة أسبوع ليحتفلوا هناك بعيد الفصح العظيم. لم يكن يحق لنا مرافقتهم إلا بعد بلوغنا الثانية عشرة من العمر. وبما أننا صغار السن لا نقدر أن نحتمل مشقات السفر الطويل، بقينا في القرية. ولكننا كنا ننتظر بفارغ الصبر أن نبلغ الثانية عشرة من عمرنا لنذهب معهم إلى القدس.

كان صديقي يسوع يروي لي قصصاً كثيرة عن أعمال الله، فانفتح قلبي لكلمته، وابتدأت أحبّ الله.

كان شوقي كبيراً لأرى هيكل الرب في القدس. وكلما تكلم يسوع عن الله شعرت أنه يتكلم عن شخص قريب له يعرفه جيداً ويحبه كثيراً.

وغالباً ما كنت أفتكر في السبب الذي جعل يسوع يختلف عنا نحن أبناء القرية. لم يفعل إثماً، وكان يطيع والديه ويسمع كلامهما ويكرمهما دائماً. وقد أحبّه الكبار والصغار أيضاً.

وأخيراً حان الوقت المنتظر. وبلغنا يسوع وأنا الثانية عشرة من العمر. فسافرنا لأول مرة مع أهلنا وأصدقائنا وأقربائنا إلى القدس. نزلنا أولاً إلى وادي الأردن العميق لنتابع سيرنا بمحاذاة النهر إلى أريحا، ونصعد أخيراً إلى جبال اليهودية المرتفعة. أما الذين لم يستطيعوا المشي الطويل على أقدامهم فقد ركبوا حميرهم. والتقينا بحجاج كثيرين، من قرى أخرى، في طريقهم إلى القدس ليحتفلوا معاً بعيد الفصح. وكان علينا أن نسير ثلاثة أيام كي نصل. وكنا نمكث في النزل ليلاً حيث يكتظ المكان بالمسافرين.

في اليوم التالي أكملنا السفر باكراً، وكنا نتمتع بالمسير بعضنا مع البعض. ونسبق، نحن الفتيان، الكبار بضع خطوات. لأننا لم نكن نستطيع الانتظار طويلاً لرؤية المدينة المقدّسة مع هيكلها. وكنا نرنمّ في الطريق ترانيم جميلة، نظمها النبي داود قبل مئات السنين.

وأخيراً وصلنا إلى جبل يشرف على المدينة المقدّسة. وتعرفنا على الهيكل فوراً، إذ كان أكبر وأجمل بناء في المدينة. ولكن بالرغم من عظمته شعرت بأنه صغير بالنسبة لعظمة إلهنا.

مشيت المسافة الأخيرة إلى الهيكل ملتصقاً بصديقي يسوع، الذي كان يرتسم الفرح على وجهه، لأنه اقترب من بيت الله. وقضينا في القدس سبعة ايام. كنا ندخل ساحة الهيكل كل يوم لنسبح الرب ونسجد له، وذبح آباؤنا خروف الفصح وأكلناه معاً ونحن نسبح الرب.

كانت أياماً مملوءة بالفرح أمام الرب، إذ كنا نستمع فيها إلى قراءات من التوراة وتفاسير لها.

وللأسف فقد مرت الأيام بسرعة، وكان علينا أن نودّع الهيكل والمدينة المقدّسة والمعارف الذين التقينا بهم.

بحثت في طريق العودة إلى الناصرة عن صديقي يسوع، ولكنني لم أجده بين بقية الفتيان. لقد كنت أرغب أن أتحدث معه عن اختباراتنا في القدس، وأسأله عن بعض الأمور. وعندما لم أجده ظننت أنه سبقني مع والديه إلى القرية.

وبعد مسيرة يوم كامل وعند حلول المساء، بحثنا عن نزل نبيت فيه. وهناك التقيت بوالدَي يسوع وكانا مضطربين وهما يبحثان عن ابنهما في كل مكان. وسألاني: «هل تعلم أين يسوع؟ لقد ظنَّنا أنه رجع معك؟».

تأسفت كثيراً لأنني لم أعرف شيئاً عن مكان يسوع.

واضطرب يوسف ومريم جداً وسألا: «أين هو؟». وقررا العودة إلى القدس فوراً، رغم طول الطريق ليبحثا عنه هناك.

وكنت أنا أيضاً أفكر كثيراً في طريق عودتنا إلى الناصرة عما حدث لصديقي العزيز.

وبعد رجوعنا إلى البيت كنت أسرع كل يوم إلى بيت يوسف ومريم، لأرى إن كانا قد رجعا مع يسوع.

في الأيام الثلاثة الأولى، طرقت الباب ولكن دون جدوى لأن أحداً لم يكن في البيت. وبعد مرور أسبوع تقريباً، وفي ساعة متأخرة من المساء رأيت يوسف ومريم مع يسوع يقتربون من بيتهم، وكان التعب يبدو على وجوههم.

أسرعت حالاً إلى بيت يوسف. وفرحت جداً عندما رأيتهم معافين، وخاصة أن صديقي يسوع معهما. وردّاً على سؤالي: «اين وجدتما يسوع؟» أجابتني مريم: «لقد بحثنا عنه ثلاثة أيام في كل المدينة. فتشنا عنه في الأزقة والدكاكين، وسألنا الناس في الأسواق، والجالسين أمام بيوتهم، والسائرين في الطريق. ولكنهم لم يكونوا قد رأوه. فازداد اضطرابنا، وتساءلنا كثيراً: أين يمكن أن يكون؟».

ثم أكملت مريم حديثها:

«وصلنا في اليوم الثالث إلى الهيكل حيث هدأت الحركة فيه، لأن معظم الناس كانوا قد سافروا، ولم يبقَ سوى الكهنة وبعض العلماء، الذين كانوا يعلّمون الطلاب عن الرب. ومررنا من قاعة إلى قاعة باحثين عن يسوع. وفجأة التفتّ ورأيت يسوع جالساً بين الشيوخ، يستمع إلى شرحهم، ويطرح عليهم أسئلة غريبة. وتعجب الجميع لأنهم لم يشاهدوا فتى له مثل هذا الفهم وهذه الحكمة، يستطيع أن يجيبهم بالصواب على تفاسيرهم للتوراة».

«ويا لعظم فرحنا عندما وجدنا يسوع أخيراً. فأسرعت إليه وسألته: يا بني، لماذا فعلت بنا هذا؟ لماذا بقيت هنا في الهيكل؟ لقد بحثنا عنك أنا وأبوك أياماً طويلة، وكنا خائفين عليك. فماذا تظن كانت إجابته؟».

أجابني: «لماذا بحثتما عنّي باضطراب؟ ألا تعرفان أنه لا بدَّ من أن أكون في بيت أبي؟». هذا كان جوابه. فاندهشت واضطربت مرة أخرى، لاننا نحن والديه لم نفهم كلماته. ولكن هذه الكلمات رسخت في أعماق قلبي، لأنني عرفت أنه وُلد من الروح القدس.

كم اندهشت عند سماع هذه الأخبار، ولم أفهم جواب يسوع رداً على سؤال والديه. أليس بيت أبيه يوسف هو بيته في الناصرة؟ فماذا قصد بقوله: «يجب أن أكون في بيت أبي؟».

تأملت في ملامح صديقي، وقرأت في تعابير وجهه وكأنه يقول لي: «ألا تفهمني أنت أيضاً؟ الله هو أبي الحقيقي، وحيثما يكون هو، فهناك أمكث أيضاً؟». لم أفهم أفكاره تماماً، لكني شعرت بجوهر يسوع واحترمته برهبة.

وأدركت مريم أمه أيضاً أن يسوع لم يكن عاصياً لها، بل أنه كان يطلب الشركة مع أبيه السماوي، وفرحه الأعظم هو في حضرته.

استيقظ في داخلي الشوق أن أعيش أيضاً في الشركة مع الله. وعندما كبرنا يسوع وأنا، ظهرت فيه حكمة الله ومحبته، وحلّت عليه النعمة والبركة بغنى. كان السر في ذلك النمو الروحي أنه لم يكن يفعل شيئاً بدون إرادة أبيه السماوي، وكان يتكلم معه دائماً في الصلاة والدعاء. لذلك أرشده الله في كل كلامه وأعماله.

أيها القارئ العزيز، تعال معي لنخطو خطوات يسوع، ونتجه إلى الله أبينا الروحي لتحل علينا نعمته وبركته الغزيرة.

المسابقة

أيها القارئ العزيز،

إنَّ الأسئلة التالية تساعدك للتعمق في قصة هذا الكتيب. أرسل لنا الإجابة لنرسل لك كتيباً آخر من هذه السلسلة جائزة على اجتهادك.

  1. أين تقع الناصرة؟

  2. ما كانت مهنة يوسف؟

  3. ما هو الذي انتظره يسوع وصديقه بفارغ الصبر؟

  4. لماذا أحب الصغار والكبار يسوع؟

  5. أية وسيلة للنقل استخدمها الناس في سفرهم إلى القدس؟

  6. من نظم الترانيم التي كان يترنم بها الناس في طريقهم إلى القدس؟

  7. كم يوماً كان الناس يقضون في القدس بمناسبة عيد الفصح؟

  8. كم يوماً بحثت مريم ويوسف عن يسوع؟

  9. لماذا بقي يسوع في الهيكل؟

  10. هل تشتاق أنت أيضاً أن تحيا في شركة مع الله؟ ولماذا؟

  11. لماذا ملأ الله يسوع بالحكمة والنعمة والبركة؟

أرسل لنا الإجابة واكتب لنا عنوانك كاملاً وبخط واضح إلى عنواننا التالي:


Call of Hope
P.O.Box 100827
D-70007
Stuttgart
Germany