العودة الى الصفحة السابقة
سلسلة أعظم الحوادث في الدنيا

سلسلة أعظم الحوادث في الدنيا

الجزء الثامن: سفرة بولس الأخيرة إلى روما

دورا بك


Bibliography

سفرة بولس الأخيرة إلى روما. دورا بك. Copyright © 2005 All rights reserved Call of Hope. الطبعة الأولى . 1989. SPB 9048 ARA. English title: The Last Journey of Paul the Apostle to Rom (Booklet 8). German title: Die Letzte Reise des Apostels Paulus nach Rom (Heft 8). Call of Hope. P.O.Box 10 08 27 70007 Stuttgart Germany http: //www.call-of-hope.com .

أعظم الحوادث في الدنيا

بعد طول غياب عن وطنه بسبب خدمة المسيح، عاد بولس ثانية إلى القدس، حيث استقبله إخوته في الإيمان بسرور مسبّحين الله، لأن افواج الوثنيين آمنوا بيسوع نتيجة تبشير بولس. وكان البرهان الأكبر على ذلك قبول الكافر الأفسسي «تروفيموس» الإيمان بيسوع المسيح، الذي رافق بولس إلى القدس ليتعرف بأعضاء الكنيسة هناك. وكان يعقوب مقدام الكنيسة، يولي بولس اهتماماً كبيراً، وقال له: «لقد سمعت أن الرجال الذين جاءوا من آسيا الصغرى إلى القدس قالوا أنك لم تحفظ الشريعة وقد شجعت الأمميين على عدم السلوك حسب ناموس العهد القديم».

وقدّم يعقوب لبولس هذه النصيحة: «اذهب إلى الهيكل، أعلن حفظك لطقوس الناموس، فيعرف الشعب أنك لا تزال متمسكاً بالشريعة، وأنه لا صحة لكل النميمة التي قيلت عنك». ففعل بولس حسب هذه النصحية.

وكان أهل القدس قد رأوا تروفيموس الأفسسي مع الرسول بولس في المدينة. وبعد بضعة أيام ذهب الرسول بولس ليزور الهيكل. فرآه نفر من المتدينين من مقاطعة آسيا، وظنوا أنه أحضر الرجل الأفسسي معه إلى الهيكل - مخالفاً شريعة موسى - فصرخوا بأعلى صوتهم: «النجدة يا رجال الله! النجدة! ها هو الذي يتكلم في كل مكان ضد شريعة موسى والهيكل قد أحضر معه كافراً إلى الحرم المقدس، ودنّسه!».

هاجت المدينة وتراكض الناس. ثم جرّوا بولس إلى خارج الهيكل صارخين: «إن كان قد قال كلاماً رديئاً على الهيكل فيجب أن يُقتل حالاً». ولكن أحد المشاهدين كان قد أخبر رئيس الكتيبة الروماني عن الهيجان، فأسرع الرئيس مع جنوده، وشق طريقه وسط الجمهور وقبض على بولس.

سأل رئيس الكتيبة الجمع الهائج: «من هو هذا الرجل؟ وما الذي عمله؟». فصرخوا كلهم بهيجان وبلبلة. فلم يفهم شيئاً. وما أن رأى الجمع أن مصدر سخطهم يكاد يفلت من بين أيديهم، هجموا على بولس ثانية، فرفع الجنود السجين فوق رؤوسهم وذهبوا به. أما الجمع فركض خلفهم منادين: «خذوه، واضربوه حتى الموت».

هذه هي أيضاً الكلمة التي صرخوا بها عندما صلبوا يسوع: «خذه، خذه»(لوقا 23: 18). فنرى أن التلميذ يسير في طريق العذاب مثل ربه. وكان يسوع يقول لتلاميذه: «اذكروا الكلام الذي قلته لكم: ليس عبد أعظم من سيده. إن كانوا قد اضطهدوني، فسيضطهدونكم. وإن كانوا قد حفظوا كلامي فسيحفظون كلامكم» (يوحنا 15: 20).

حمل الجنود بولس وصعدوا به الدرج العريض إلى برج المعسكر. فاجتمع الجمهور أمام الدرج ولم يتجاسروا على الصعود. وقبل أن يُدخلوا بولس إلى المعكسر، طلب السجين من رئيس الكتيبة أن يقول بعض الكلمات للشعب. فسمح له الرئيس.

وقف بولس على أعلى الدرج، محاطاً بالجنود وطلب بإشارة من الشعب الهدوء. كانت هذه الفرصة الأخيرة لبولس ليقدم للشعب شهادته الشخصية. فقال: «لقد وُلدت في طرسوس وترعرعت في القدس، وكان معلمي غمالائيل المشهور. وكنب غيوراً لشريعة الله مثلكم. ولكن أمام أبواب دمشق قابلني الرب يسوع الحي، وأمرني أن أذهب إلى بلدان بعيدة لأبشرهم بالخلاص الذي لهم في المسيح» (أعمال الرسل 22:21).

وعندما سمع الجمع هذا الكلام هاجوا ثانية لأنه طعن كبرياءهم. قد أرسل الله الخلاص إلى الأمم أيضاً وليس لأولاد إبراهيم فقط.

حدث صخب وثار الشعب ومزقوا ثيابهم، وقذفوا بالتراب صارخين: «خذوه، لانه لا يجوز أن يعيش بعد!». فأمر رئيس الكتيبة جنوده أن يدخلوا بولس إلى المعسكر قائلاً: «سأصغي إليه وأبحث عن سبب سخط الشعب عليه».

أدرك رئيس الكتيبة في اليوم التالي بعد حواره مع القادة والكهنة أن بولس مسجون بدون سبب. فماذا يفعل به؟ وكان هذا السؤال يشغل فكر بولس «ماذا سيحدث معي بعد الآن؟».

وظهر له الرب في الليل وقال: «ثق يا بولس، لأنك كما شهدت لي في مدينة أورشليم، هكذا ينبغي أن تشهد لي في مدينة روما أيضاً».

واتفق أكثر من أربعين يهودياً أن لا يأكلوا ولا يشربوا حتى يقتلوا بولس. فعلم ابن أخت بولس بهذه المؤامرة، وأخبر خاله ورئيس الكتيبة بها.

فنقل الضابط بولس سراً في الليل من أروشليم، وكلف لحمايته مئتي جندي وسبعين فارساً ومئتي رامح. فأتوا به إلى مدينة قيصرية التي تقع على البحر، حيث كان الوالي الروماني يعيش في قصر عظيم فيه سجن. هناك سجن بولس وقضى سنين طويلة في المعتقل. واثناء هذه الفترة استجوب مراراً عديدة، وكان رسول المسيح ينتهز هذه الفرصة ليعطي الحاضرين شهادة عن ربه يسوع.

وأخيراً أصدر الوالي فستوس أمر السفر إلى إيطاليا فسلموا بولس ومساجين آخرين إلى قائد المئة يوليوس. لكن يوليوس لاحظ بعد فترة قصيرة أن بولس يختلف عن بقية المساجين، فأعطاه حرية التنقل على متن السفنية. لم يسافر بولس هذه الرحلة الخطرة بمفرده، بل رافقه لوقا الطبيب وأرسترخس التسالونيكي. فأرادا مشاطرة آلام بولس وسجنه كما كانا زميلين له في الأيام الحسنة والمثمرة بالحب. ورست السفينة في اليوم التالي في مرفأ صيداء. وسمح يوليوس لبولس بزيارة إخوته المؤمنين في هذه المدينة. وشددت هذه الشركة الروحية قلب بولس وزميليه.

وأثناء متابعتهم السفر واجهوا صعوبات كثيرة. وإذ كانت الريح معاسكة اضطرت السفينة أن تبحر بموازاة الساحل الشرقي لجزيرة قبرص، تجنباً من الرياح الغربية، ثم عادوا ثانية إلى عرض البحر. واستطاعوا الوصول إلى ميرا، حيث كان عليهم أن يغيروا السفينة. ووجد قائد المئة سفينة قمح مصرية متجهة نحو إيطاليا. وبالإضافة إلى حمولة القمح كان 276 شخصاً على متنها.

فنقل يوليوس كل المساجين إلى هذه السفينة. وكانت هذه السفينة تبحر ببطء. ولم يستطيعوا أن يتجهوا نحو جزيرة كنيدس كما أرادوا وأرغمت السفينة على الاتجاه نحو جزيرة كريت.

ومن ثم رست السفينة في موقع يُدعى «الموانئ الحسنة». وأضاعوا الكثير من الوقت بسبب بطء السفر. وإذ كانت متابعة السفر خطراً في مثل هذا الوقت من السنة، لوقوعه في شهر تشرين الأول (أكتوبر) حيث يكون البحر هائجاً، سأل يوليوس: «ماذا نفعل؟ لا نستطيع أن نمضي الشتاء هنا». فقال ربّان السفينة: «نكمل سفرنا إلى فينكس في قبرص، وهناك يمكننا أن نمضي الشتاء براحة». لكن بولس حذرهم قائلاً: «يا رجال، من الأفضل أن نبقى هنا وإلا ستواجهنا مخاطر كبيرة. ليست حمولة السفينة في خطر فقط، إنما حياة الذين على متنها أيضاً». لكنهم لم يصغوا إليه.

وما أن هبت الرياح الجنوبية قرر ربّان السفينة الإبحار.

أبحرت السفينة في البداية بهدوء. ولكن بعد قليل هبت رياح زوبعية عنيفة وأخذت الأمواج تقذف بالسفينة إلى هنا وهناك. فنادى الربّان قائلاً: «سيّروا السفينة ضد الريح».

فصاح البحارة: «هذا مستحيل لا نستطيع أن نضبط اتجاه السفينة» فقال الربان: «إذن دعوا السفينة تُحمل». وبسرعة حزموا السفينة بحبال محكمة لكي لا تتحطم، ثم أنزلوا الأشرعة. وهاجت العاصفة. وخاف طاقم السفينة ورجالها خوفاً عظيماً، ولم يجرؤ أحد على الأكل أو النوم، لأن الجميع فقدوا الأمل بالحياة.

واستمرت العاصفة أياماً. فقال الربان في تشاؤم: «لا تظهر لنا الشمس ولا النجوم لنعلم أين نحن».

واتجه بولس نحو الرجال الخائفين وقال: «لا تفقدوا الأمل، فلن يهلك أحد منكم. إلا أن السفينة ستتحطم. لقد ظهر لي في الليل ملاك الله الذي أخدمه، وقال لي: لا تخف يا بولس. عليك أن تذهب إلى روما وتقف أمام القيصر. والله سوف يخلص كل الذين معك على متن هذه السفينة. وأنا أؤمن بالله وبأنه سيفعل كما قال لي الملاك. ولكن لا بد أن نقع على جزيرة».

وبعد مضي أربعة عشر يوماً وهم في وسط العاصفة صرخ أحد البحارة في منتصف الليل: «لقد ظهرت اليابسة».

وإذ كانوا يخافون أن يقعوا على مواضع صعبة، رموا أربع مراس، وانتظروا طلوع النهار.

طلب بولس من كل الذين كانوا في السفينة أن يتناولوا شيئاً من الطعام ليتقووا. ثم أخذ الخبز وشكر الله وأكل. عندئذ تشجع الآخرون وأكلوا أيضاً. ثم رموا كل أكياس القمح إلى البحر ليخف حمل السفينة، فاتجهت إلى شاطئ رملي، وارتكز مقدم السفينة بعمق ولبثت لا تتحرك. وبعد قليل تحطم مؤخر السفينة من عنف الأمواج.

كان على الجنود أن يقتلوا الأسرى لكي لا يهرب أحد. ولكن القائد يوليوس قال: «دعوا الذين يعرفون السباحة يقفزون إلى المياه ويسبحون نحو اليابسة. والذين لا يجيدون السباحة يتمسكون بألواح خشب». أمر يوليوس بهذا ليخلص بولس. ووصل الجميع بسلامة إلى اليابسة.

أسرع سكان الجزيرة لمساعدة الرجال المبللين. فأوقدوا ناراً عظيمة. وبينما كان بولس يساعد في إشعال النار شبت أفعى سامة من بين القضبان ولدغته بيده، فتساءل المتفرجون: هل سيموت بولس؟ ولكن الله حفظ عبده بولس من سم الافعى فلم يصبه مكروه.

ومكثوا ثلاثة أشهر في تلك الجزيرة. وشفى بولس المرضى باسم المسيح، وبشرهم بيسوع. ثم أبحروا ثانية على متن سفينة مصرية أخرى إلى إيطاليا. فوصلوا أخيراً إلى روما، حيث استقبل المؤمنون بولس واعتنوا به في السجن لمدة سنتين. وتكلم عن المسيح بكل مجاهرة.

عزيزي القارئ هل فهمت مغزى هذه القصة؟ وسط هموم وصعوبات الحياة، الرب دائماً قربنا، ليحفظنا ويقودنا إلى الهدف والمكان حيث يريد أن نكون، نحن وإنجيله. لقد أراد الشيطان أن يمنع انتشار الإنجيل، لكن الله قاد عمله إلى الهدف كما اختبره بولس. وكذلك أنت أيها القارئ ستختبر قيادة الرب وحفظه لحياتك، إذا سلمت حياتك للرب يسوع كاملة.

المسابقة

نقدم إليك الآن بعض الأسئلة لتجيب عليها. أرسل لنا الإجابة لنرسل لك كتيباً آخر جائزة على اجتهادك.

  1. لماذا زُجّ ببولس في السجن؟

  2. ما هي كلمات الرب التي اختبرها بولس حرفيا؟

  3. ما هي المهمة التي أوكلها الله إلى بولس واستنكرها شعب مدينة القدس؟

  4. لماذا رافق لوقا الطبيب وأرسترخس بولس؟

  5. في أي مدينة زار بولس المؤمنين أثناء سفره؟

  6. لماذا كان على ركاب السفينة ألا ييأسوا، بالرغم من الخطر المحيط بهم؟

  7. كيف أدرك سكان مالطة أن بولس رسول الله؟

  8. من هو الذي يعطي قلبك سلاماً حتى في الأحوال الخطرة؟

أرسل لنا الإجابة واكتب لنا عنوانك كاملاً وبخط واضح إلى عنواننا التالي:


Call of Hope
P.O.Box 100827
D-70007
Stuttgart
Germany