العودة الى الصفحة السابقة
24 شباط - فبراير

24 شباط - فبراير

جون نور

2024


قال الكتاب: «أَمِيتُوا أَعْضَاءَكُمُ الَّتِي عَلَى الأَرْضِ»، ولم يقل أميتوا ذواتكم، لأن الذات هي الشخصية، وقتل الشخصية جريمة، ولقد ذكر الوحي أن الأعضاء التي يجب أن نميتها هي: «الزِّنَا، النَّجَاسَةَ، الْهَوَى، الشَّهْوَةَ الرَّدِيَّةَ، الطَّمَعَ الَّذِي هُوَ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ» (كولوسي 5:3).

إذاً ليس المقصود هو إماتة الشخصية، بل قتل الخطية، لأنه مكتوب: «قَدِّمُوا ذَوَاتِكُمْ للهِ كَأَحْيَاءٍ مِنَ الأَمْوَاتِ» (رومية 6: 13). فبعد موت الخطية تحيا الذات كشخصية مطهرة، متكاملة، لها دوافعها وعواطفها الشريفة، تنشغل بالله، وتعمل لمجده، لأن الله لا يعمل بأناس لا شخصية لهم. أما عن قول الرسول بولس: «مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ» (غلاطية 2: 20).

فيعني صلب الأنانية وحب الذات، فيحيا المسيح في شخصيتي التي بالصلب معه ماتت فيها الأنانية.

ويوجد فرق كبير بين «إنكار الذات» و«إماتة الذات» فالإنكار يرفع راية المحبة التي لا تطلب ما لنفسها، فأنكر على ذاتي حقوقها وأسمح لغيري أن يتمتع بها. يقول الرسول: «لاَ تَنْظُرُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لِنَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لآخَرِينَ أَيْضًا» (فيلبي 2: 4). وأبلغ تعبير عن إنكار الذات هو ما ذكره الوحي عن سيدنا في (فيلبي 5:2 - 8).

إما إماتة الذات فمخالفة صريحة للقاعدة الأدبية التي وضعها الرب: «تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ» (متّى 22: 39)، لأن هذه العبارة تقتضي بالدرجة الأولى محبة النفس لتكون مقياساً لمحبة الآخرين، فاعمل على إخصابها، وتنمية مواهبها، وتقوية شخصيتها، ليكون لدى ما أقدمه للآخرين، لأن فاقد الشيء لا يعطيه.