العودة الى الصفحة السابقة
مجلة لقاء الشبيبة

مجلة لقاء الشبيبة

حول الكتاب المقدس


العهد القديم ومحتوياته

إن كل من يسعى إلى الحق، يستطيع أن يهتدي إليه بواسطة النور الإلهي المدون في كتابه المقدس، الذي هو لهدايتنا وإرشادنا وسط هذا العالم المليء بالمخاطر والمسالك الوعرة والعثرات التي تعترض سبلنا. ولقد كان الكتاب المقدس ولم يزل خير هاد، مرشد إلى الصراط والحق والحياة لأنه دون بأيدي رجال الله القديسين المسوقين بالروح القدس والذين عاشوا في أزمنة مختلفة وظروف متباينة.

وقبل أن نتطرق بالحديث عن محتويات العهد القديم، علينا أن نعرف ما معنى كلمة العهد القديم. فالعهد معناه اتفاق. بشكل ميثاق ويُعقد بين طرفين، على أساس رضاهما. وأهم العهود في الكتاب المقدس هو عهد الله للبشر عهده الأبدي «فَيَكُونُ عَهْدِي فِي لَحْمِكُمْ عَهْداً أَبَدِيّاً» (تكوين 17: 13). وفي سفر الخروج نقرأ قول الرب «هَا أَنَا قَاطِعٌ عَهْدًا. قُدَّامَ جَمِيعِ شَعْبِكَ أَفْعَلُ عَجَائِبَ لَمْ تُخْلَقْ فِي كُلِّ ٱلأَرْضِ وَفِي جَمِيعِ ٱلأُمَمِ» (خروج 34: 10).

ويبتدئ العهد القديم بسرد قصة الخليقة وما تابعها من سقوط آدم وحواء بسب عصيانهم وخروجهم عن طاعة الله الخالق سبحانه، ثم حادثة الطوفان العظيم والذي أدى بحياة جميع من لم يسمعوا لأمر الرب عندما أعلن عن غضبه على الشر الذي تصاعد جداً إليه. فأمر الرب نوحاً بأن يصنع فلك النجاة وكل من يدخله ينجو ومن لم يدخله يهلك.

بعد الطوفان العظيم قصة إبراهيم خليل الله، أبي المؤمنين الذي وعد الرب بأن تتبارك فيه جميع قبائل الأرض والذي من نسله يأتي المخلص لإنقاذ البشرية من عبودية إبليس وغضب الله المعلن عليه. بعده تأتي قصة إسحاق ويعقوب ويوسف ثم قصة تاريخ شعب العهد القديم وعبوديته وهو في مصر وخروجه منها بواسطة القائد الكبير موسى النبي الذي هيئه الرب لهذه المهمة. حيث أيده الله بآيات خارقة للطبيعة التي أبهرت فرعون وأتباعه، وتمرد الشعب على نبيه موسى وضد الله الذي حررهم من عبودية مصر وهم في صحراء سيناء القاحلة المميتة، وقصاص الله لهم بسبب عصيانهم المتزايد ثم تأتي على عصر الأنبياء الذين قدموا كلمة لله حتى في أحلك الظروف وأسوأها. وكم واجهوا من صعاب وضيقات من قبل الشعب العنيد الرافض أن يسمع إنذارات الرب لهم، والاضطهاد الذي تحملوه بسبب رسائلهم التي كثيراً ما كانت غير مواتية مع رغبات الشعب ورجال الدين اتخذوا الدين بضاعة لهم احتكروها لأنفسهم، يتاجرون بها حسب هواهم. ورجال الله أولئك الذين اختارهم ليتسلموا رسالته ويبلغوها للناس، قد فعلوا ذلك وهم مترددون. لقد قال موسى أنه غير جدير بمثل هذا العمل عندما كلمه الله من خلال العليقة المتقدة: «لَسْتُ أَنَا صَاحِبَ كَلٱمٍ مُنْذُ أَمْسِ وَلٱ أَوَّلِ مِنْ أَمْسِ... بَلْ أَنَا ثَقِيلُ ٱلْفَمِ وَٱللِّسَانِ» (خروج 4: 10).

أما إرمياء النبي فإنه شغر بثقل المسؤولية وبخوف كبير عندما دعاه الله لتقديم رسالته وكان إرميا أنذاك لا يزال فتى فقال: «آهِ يَا سَيِّدُ ٱلرَّبُّ، إِنِّي لاَ أَعْرِفُ أَنْ أَتَكَلَّمَ لأَنِّي وَلَدٌ». فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِي: «لاَ تَقُلْ إِنِّي وَلَدٌ... لاَ تَخَفْ مِنْ وُجُوهِهِمْ، لأَنِّي أَنَا مَعَكَ لأُنْقِذَكَ يَقُولُ ٱلرَّبّ» (إرميا 1: 6-8). وحياة إرميا ترينا أنه كان على صواب في تخوفه.

إنه بالرغم من تردد رجال الله في بادئ الأمر ومع كل الصعوبات التي اعترضت سبلهم في تبليغ الرسالة فإنهم تمموا عملهم على أكمل وجه. وكل هذا مدون في العهد القديم أي العهد السابق لمجيء المسيح ويتألف من الأسفار التالية: التكوين، الخروج، اللاويين، العدد، التثنية، يشوع، القضاة، راعوث، صموئيل الأول والثاني، الملوك الأول والثاني، أخبار الأيام الأول والثاني، عزرا، نحميا، أستير، أيوب، المزامير، الأمثال، الجامعة، نشيد الأنشاد،، إشعياء، إرميا، مراثي إرميا، حزقيال، دانيال، هوشع، يوئيل، عاموس، عوبديا، يونان، ميخا، ناحوم، حبقوق، صفنيا، حجي، زكريا، ملاخي، وكلها تسعة وثلاثون سفراً.