العودة الى الصفحة السابقة
مجلة لقاء الشبيبة

مجلة لقاء الشبيبة

وليم كاري


ولد وليم كاري في سنة 1761 في قرية «بولسبوري» في بوكنافشير. كان أبوه أستاذاً ولم يكن برجل غني لكنه كان غنياً في التعليم حتى جعل ابنه وليم يحب الكتاب. أحب الشاب وليم قراءة القصص والمغامرات والاكتشافات أكثر الكل. كان يحب المغامرات حتى أصدقائه لقبوه بـ «كولومبوس». كان منضماً لجوقة الكنيسة في قريته، لكن رغم هذا لم يكن يفكر إطلاقاً بالله. قرأ قصة سياحة المسيحي ليوحنا بونيان، وحتى هذا الكتاب لم يجعله سائحاً للمسيح.

ترك وليم المدرسة عندما كان يبلغ من العمر 12 سنة وأصبح يعمل في الحديقة لأنه كان يحب عملية الغرس والنمو، لكن العمل هذا كان شاقاً عليه. فأرسله أبوه ليتعلم صناعة الأحذية لمدة سبع سنوات. وبعدها أصبح وليم يحلم بالذهاب للبلدان في الخارج، وقد قرأ بكل لهفة كتاب لـ «كابتن كوك» الذي يتكلم فيه عن رحلاته في بلدان الشرق.

ومع الزمان أصبح وليم صديقاً لـ «يوحنا وار». فدعاه هذا الصديق مرة لحضور اجتماع في كنيسة، وهناك حصل وليم على الخلاص وسلّم نفسه وروحه للرب. وبعد هذا أصبح يحب أن يحمل رسالة الأخبار السارة إلى كل العالم. وهذه فعلاً أحسن المغامرات. عندما كان ينتهي من عمله الإسكافي كان يجلس هو وصديقه يدرسان اليونانية واللاتينية و العبرانية حتى أصبحا باستطاعتهما أن يقرآ الكتاب المقدس بلغات أخرى وخصوصاً اللغات الأصلية للكتاب المقدس.

رسم وليم مرة خريطة للعالم وألصقها على الحائط، وفي كل يوم كان يضيف في الخريطة مدناً وبلداناً أخرى من خلال قراءته الكتب. وعندما بلغ 21 سنة من العمر أنهى تعليمه وتدريبه وفتح دكان للإسكافية في مدينة نرثهمبتن وكتب على مدخل الدكان وليم كاري الإسكافي وتحتها بيع وشراء أحذية مستعملة، وهناك داخل الدكان كان وليم كاري يجلس بين الجلد والأحذية وأدوات العمل وعلى جانبه رف من الكتب ومن وقت لآخر كان يتصفح الكتب والمسامير بين شفيته وهو يحلم بالمستقبل.

ولأول مرة تكلم وليم في اجتماع الخدام فقال: «ألم يأمرنا الرب يسوع لنبشر بالإنجيل لجميع الأمم؟» فأجابه أحد القواد: «اجلس يا شاب عندما يختار الرب أن يخلص الوثنيين فسيفعل دون مساعدتك أو مساعدتي. أتستطيع أن تعظ الأجانب بلغاتهم الخاصة». وذهب وليم وكتب كتاباً وساعده أحدهم في طبعه وتكلم مرة أخرى في اجتماع وقال قوله الشهير «توقعوا أعمال عظيمة من الله وحاولوا أن تعملوا أعمالاً عظيمة لله».

وفي سنة 1793 دخل إلى الهند، وساعده هناك طبيبب في إيجاد عمل في أحد المعامل. وكانت الحياة قاسية وصعبة هناك. أما زوجته وأولاده فقد وجدوها أصعب وأشد قساوة، حيث أصبحوا كلهم مرضى وظلت زوجته تتألم من المرض. أما ابنه بطرس فقد مات وهو لم يتجاوز سن الخامسة.

وبالرغم من العمل الشاق كان يضيف لعلمه العمل التبشيري بين البنغال بلغتهم الخاصة، وبدأ أول عمله بترجمة العهد الجديد إلى اللغة البنغالية.

أما الحكومة البريطانية لم تحب عمل المرسلين، أما هو فقد ثابر في الخدمة بين الهنود متجولاً من مكان لآخر يبشر بالإنجيل هادياً الناس إلى نور الحق.

واستطاع وليم أن يجاهد ويناضل مثل بطله كولومبوس سائراً بالإيمان والرجاء في كل عمله، وقد قدم خدمة كبيرة للهند بربح النفوس للمسيح وترجم الكتاب المقدس إلى أكثر من 24 لغة ولهجة. وتوفي وليم كاري وترك وراءه بركات كبيرة بسبب خدمته، وباباً واسعاً للعمل التبشيري هناك في الهند.

وفي سنة 1834 انتقل لجوار ربه، وجاء من بعده مرسلون آخرون اتبعوا خطوات الرحالة المسيحي العظيم.