العودة الى الصفحة السابقة
مجلة لقاء الشبيبة

مجلة لقاء الشبيبة

نداء هادر


إلى الوالغين في الشر، الساردين في الغواية، الغارقين في الباطل، إلى الهاربين من الله، التائهين عن بابه، العازفين عن رضاه.

ليعلم كل هؤلاء أنه ليست الحياة حلماً مزعجاً تنهيه إغفاءة الموت، ولا الوجود تناقض محض ولا الحرية هدم وفوضى ليستباح بها كل محرم. وينشر ويرتكب بها كل موبق، يمثل فيها على مسرح الحياة كل جهالات البشر. فليس الإنسان نكرة فارغة يبتلعها الموت ويهضمها العدم. بل الإنسان وجود واقع في العالم مشدود إلى كيان يتعدى حدود العالم. ولسوف ينعتق من روابط التاريخ والعالم. لأنه مشاطرة ومشاركة للكائن المطلق، لله الذي خلقه على صورته ومثاله، ولن يجد ذاته مكتملاً إلا متى خرج من هذه الذات وعاد إليها عبر المطلق.. عبر الله. وكما يقول القديس أغسطينوس: «خلقتنا يا الله لأجلك وقلوبنا لا ترتاح إلا بك».

فالإنسان سر التاريخ. ومدعو لوراثة الأزل في ديار الأبد ولكن... ولكن الأبدية نعيم وجحيم، فيها يفصل بين الناس على حسب مواقفهم في الدنيا كما يفصل بين الحنطة والزوان أو بين الجداء والخراف. فالمؤمنون إلى نعيم، أما غير المؤمنين فيدعون إلى المثول أمام الله الديّان العادل يوم الحساب العظيم. ويا لهوله من يوم، ليدانوا فيه ويعاقبوا في جهنم النار خالدين فيها. «مُخِيفٌ هُوَ ٱلْوُقُوعُ فِي يَدَيِ ٱللّٰهِ ٱلْحَيّ» (عبرانيين 10: 31).

فموقف المؤن من الموت هو موقف الانتصار والغلبة «هُوَذَا سِرٌّ أَقُولُهُ لَكُمْ... فَإِنَّهُ سَيُبَوَّقُ، فَيُقَامُ ٱلأَمْوَاتُ عَدِيمِي فَسَادٍ، وَنَحْنُ نَتَغَيَّرُ... فَحِينَئِذٍ تَصِيرُ ٱلْكَلِمَةُ ٱلْمَكْتُوبَةُ: «ٱبْتُلِعَ ٱلْمَوْتُ إِلَى غَلَبَةٍ». أَيْنَ شَوْكَتُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ غَلَبَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟ أَمَّا شَوْكَةُ ٱلْمَوْتِ فَهِيَ ٱلْخَطِيَّةُ، وَقُوَّةُ ٱلْخَطِيَّةِ هِيَ ٱلنَّامُوسُ. وَلٰكِنْ شُكْراً لِلّٰهِ ٱلَّذِي يُعْطِينَا ٱلْغَلَبَةَ بِرَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ» (1كورنثوس 15: 51-57) من كلام الله في الإنجيل الشريف.

أما غير المؤمنين «فويل لهم من مشهد يوم عظيم». تقشعر له الأبدان ويذهل منه الشيوخ والولدان. يوم - يحاولون - إخفاء أنفسهم في «ٱلْمَغَايِرِ وَفِي صُخُورِ ٱلْجِبَالِ، وَهُمْ يَقُولُونَ لِلْجِبَالِ وَٱلصُّخُورِ: «ٱسْقُطِي عَلَيْنَا وَأَخْفِينَا عَنْ وَجْهِ ٱلْجَالِسِ عَلَى ٱلْعَرْشِ ... لأَنَّهُ قَدْ جَاءَ يَوْمُ غَضَبِهِ ٱلْعَظِيم» (رؤيا 6: 12-17). «لأَنَّ غَضَبَ ٱللّٰهِ مُعْلَنٌ مِنَ ٱلسَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ ٱلنَّاسِ» (رومية 1: 18).

فلنسارع «هنا والآن» إلى الخلاص بقبول المخلص، الذي «ٱلَّذِي أَبْطَلَ ٱلْمَوْتَ وَأَنَارَ ٱلْحَيَاةَ وَٱلْخُلُودَ بِوَاسِطَةِ ٱلإِنْجِيلِ» (2تيموثاوس 1: 10) لامتلاك الحياةالأبدية (يوحنا 5: 24) (1يوحنا 3: 14) حيث السلام والسعادة وما أعده الله للذين يتقونه الذين يقبلوا وآمنوا بعمل المسيح الكفاري. فما من إنسان يخلص بدون عمل المسيح الكفاري، وسيدان الناس فقط على رفضهم نعمة الله في المسيح. فالذين يقبلون الخلاص المقدم في المسيح سينالون حياة أبدية، والذين يرفضونه سيدانون على رفضهم ودينونتهم بنار أبدية لا تُطفأ ودود لا يبلى. فلا يستهينن أحد بذلك اليوم العظيم. فإنه يوم يستمد كيانه وامتداده من الله العلي الساكن الأبد.

ويحضرني هنا قول مؤمن أبكم سُئل عن الأبدية فكتب يقول: «الأبدية هي: دوام بلا ختام ووجود بلا حدود، وحاضر بلا مستقبل، إنها حياة بلا موت ونهار بلا مساء. إنها حلقة أولها وآخرها في ذاتها، ومسألة حسابية لا تنقض أبداً مهما طرحت منها. وأوقيانوس لا قرار له ولا شاطئ. الأبدية مسكن الله وعين العلي».

فمن اتحد بالمسيح نجا ومن رفض خلاصه هلك.