العودة الى الصفحة السابقة
مجلة لقاء الشبيبة

مجلة لقاء الشبيبة

ما هي الصلاة؟


الصلاة هي مناجاة الله، مخاطبته شخصياً بكلمات واضحة مفهومة لدى المصلي كالابن مع أبيه.

فالصلاة هي جزء من حياتنا مع الله وهي التي تربطنا به كل يوم، ويواسطتها نحصل على القوة والعون اليومي من السماء، إن كنا نصلي بلا انقطاع كما علمنا الرسول بولس (1تسالونيكي 5: 17).

هل نحن في حالة صلاة مستمرة؟ أم إننا رتبنا لأنفسنا أوقاتاً معينة للصلاة مرتين أو ثلاثة في اليوم. إنّ سر قوتنا ونصرتنا يتوقف على مقدار الوقت الذي نقضيه في الصلاة والشركة مع الله. فلو تأملنا في سيرة جميع رجال الله في الكتاب المقدس، لوجدنا أنّ سر قوتهم وانتصارهم لم يكن تقواهم أو ذكائهم بل نجد السر في حياة الصلاة المستمرة وبدون انقطاع مع الله.

إنّ الصلاة ليست مجرد كلمات نتفوه بها أمام الله أو عبارات معينة نحفظها غيباً ونرددها بين الحين الآخر دون أن تكون لها معنى في حياتنا.

الصلاة هي أن نختلي مع الرب وأن نرفع له ذبائح الحمد والشكر والتسبيح. وأن نفرغ له قلوبنا ونحادثه حديث الابن لأبيه، بشرط أن نحيا حياة القداسة. وكما قال الرسول بولس: «فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ ٱللّٰهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ ٱللّٰهِ، عِبَادَتَكُمُ ٱلْعَقْلِيَّةَ. وَلاَ تُشَاكِلُوا هٰذَا ٱلدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ...» (رومية 12: 1 و2) الرسول لم يطلب منا تقديم عبارات جميلة منمقة أثناء الصلاة بل طلب أن نقدم أجسادنا «ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ، عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِية» (رومية 12: 1).

لنتأمل في داود رجل الصلاة والحمد والتسبيح للرب والذي ترك ثروة لا تثمن من المزامير يعلمنا فيها كيفية الشكر للرب وليس ذلك فقط بل يعلمنا كيف ننكسر ونتذلل أمامه أيضاً. ونجد ذلك في مزمور 51: 15-17: « يَا رَبُّ ٱفْتَحْ شَفَتَيَّ فَيُخْبِرَ فَمِي بِتَسْبِيحِكَ. لأَنَّكَ لاَ تُسَرُّ بِذَبِيحَةٍ وَإِلاَّ فَكُنْتُ أُقَدِّمُهَا. بِمُحْرَقَةٍ لاَ تَرْضَى. ذَبَائِحُ ٱللّٰهِ هِيَ رُوحٌ مُنْكَسِرَةٌ. ٱلْقَلْبُ ٱلْمُنْكَسِرُ وَٱلْمُنْسَحِقُ يَا اَللّٰهُ لاَ تَحْتَقِرُهُ».

يعتقد البعض أنّ الله حدد وقتاً معيناً ومخصصاً لسماع صلواتنا وكأنه يكون مشغولاً عنا فيما عدا تلك الأوقات. فلذلك حددوا أوقاتاً للصلاة، وهذا خطأ لا شك فيه، إذ أن الله مستعد دائماً لسماع صلواتنا وأنات قلوبنا ولقبول ذبائح الشكر والحمد التي نقدمها له في أي وقت شئنا ليلاً كان أو نهاراً، وفي أي مكان كنا فيه. يمكننا أن نصلي ونحن في العمل أو في الشارع، في البيت أو في الكنيسة وبهذا يتم الكتاب القائل «أَمَّا أَنَا فَصَلاَةً» (مزمور 109: 4). أخي هل تستطيع أن تقول أن حياتك صلاة؟ أم أنك تردد صلوات فرضية في أوقات محددة.

انتبه يا أخي، وقم تحادث مع إلهك الذي أحبك وسمح لك بأن تتكلم معه في أي وقت تشاء. إنّ باب سمائه مفتوحاً لك لتدخل وتسجد له وتكلمه بكل ما يدور في قلبك وفكرك. اسمع ما يقوله الرسول: «فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ ٱلنِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْناً فِي حِينِهِ» (عبرانيين 4: 16).

هل ستبدأ الآن في الصلاة للرب شاكراً إياه على كل ما صنعه لك وعلى إعطائه لك حق البنوة لتحادثه كما يحادث الابن أباه وتسكب قلبك أمامه دائماً. أرجو ذلك.