العودة الى الصفحة السابقة
مجلة لقاء الشبيبة

مجلة لقاء الشبيبة

الناموس والكهنة


الناموس:

وردت كلمة ناموس مرات عديدة في العهد القديم والعهد الجديد على السواء. وهذه الكلمة اسم يوناني تعني شريعة أو قانون. وتأتي في الكتاب المقدس بمعنى وحي الله وشريعته المقدسة وأنظمة الحياة الدنيوية والروحية. وهدفها واضح في الوحي المقدس: «فَتَكُونُونَ قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ» (لاويين 11: 45) كما أننا نجد مقاطع كثيرة تتحدث عن «ناموس موسى» ويقصد من هذه العبارة شريعة موسى أو دستور الله الذي سلمه للشعب في العهد القديم على يد موسى، وهو نظام إلهي للعبادة وللحياة اليومية، ولب هذه الشريعة الوصايا العشر.

وعلى ضوء الإنجيل تقسم الشريعة الموسوية إلى قسمين:

1 - الناموس الأدبي الأخلاقي الذي بدونه تنحل الشعوب ولا تبقى للأخلاق والحياة الدنيوية قيمة فيما بعد.

2 - الناموس الطقسي الذي تدخل فيه كل نظم العبادة ومراسمها وفروضها من صوم وتقديم الذبائح والحج والزكاة.

أما في الإنجيل المقدس فنجد أنّ هناك أنواع أخرى من النواميس والأنظمة التي يتقيد بها الإنسان في جسده ويكون أسيراً لها، أو يتمتع بها في حياته الجديدة بالروح القدس، وبكلمة أخرى هناك ناموس العبودية وناموس الحرية. ناموس الحرية أتى بواسطة الروح القدس ويجعل المؤمن يعيش في انسجام ووحدة مع الله. فالإنسان إما أن يعيش تحت ناموس الخطية أي الناموس الطبيعي أو في ناموس روح الله ناموس الحرية (رومية 7: 8).

إن العادل سيدين كل البشر حسب ناموسه الخالد، وسوف لا يقدر أي إنسان أ ن يقف أمام قداسة الله وعدله لأنّ «الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ» (رومية 3: 23) فناموس القدوس سيهلكنا، لأنّ ناموس الخطية سيطر علينا حتى أننا نعمل ما لا نريده.

أما الناموسيون فهم جماعة من رجال أتقياء متضلعون ومتفقهون في شريعة الله. وهم مجتهدون ومدققون في الفرائض الدينية وفروعها. لكنهم يطالبون غيرهم بتطبيقها بحذافيرها، فاقدين البصيرة لحقيقة أنفسهم. لأنّ الإنسان لا يقدر أن يتمم مطالب الناموس من ذاته، وفي هذه الحالة يصبح الناموس دينونة على الإنسان.

المسيح هو الوسيط الوحيد بيننا وبين الله، وقد حررنا من ثقل الناموس كتقديم الذبائح وممارسة بعض الفروض الدينية التي يبتغي منها إرضاء الله والتقرب إليه، ونوال غفرانه تعالى بواسطة اجتهادات بشرية فاشلة. أما المسيح قد أتمّ كل مطالب الناموس لأجلنا بموته على خشبة الصليب وخلصنا بناموس الله من الناموس. وبموته الكفاري حلّ الروح القدس على المؤمنين وأصبح هو الناموس فينا، وبذات الوقت القوة التي تتمم مطالب الناموس في حياتنا اليومية.

الكهنة:

الكهنة هم خدام الدين. أشخاص مختارون للقيام ببعض المهام الدينية في الهيكل حسب ترتيب العهد القديم. وقد كان الكاهن يقوم بدور الوسيط بين الله والشعب بتقديم الذبائح نيابة عن الأمة، لأجل مصالحتهم مع الله حسب الشريعة ولكي ينالوا غفرانه. فبدون الخدمة الكهنوتية لا يقدر شعب العهد القديم أن يثبت في العهد مع الله بسبب خطاياهم. فلذا كان من الضروري أن يكون هناك كهنة وذبائح تقدم من أجل الإنسان الخاطئ.

الإنجيل المقدس يعلمنا أنّ المسيح هو كاهننا الأعظم، حيث هو الشخص الذي تتوفر فيه كل شروط الكاهن لكي يقوم بدور الوسيط والمصالح بيننا وبين الخالق سبحانه. كما أنه هو خروف الذبيحة لأجل معاصينا، وقد أتمّ عمل المصالحة بتقديم جسده الطاهر على الصليب كفارة لخطايانا. وبصفته كاهناً وخروف الذبح في آن واحد، أصبح يحق لنا الدخول إلى قدس الأقداس، أي المثول في محضر الله. وبواسطة الإيمان بالمسيح يسوع وما عمله لأجلنا ننال غفران الله. لأنه بالمسيح فقط نحصل على رضى الله علينا. فالمسيح وحده هو الصراط المستقيم المؤدي للحياة الأبدية.