العودة الى الصفحة السابقة
مجلة لقاء الشبيبة

مجلة لقاء الشبيبة

المستقبل بين الرجاء واليأس


تسأل الناس المجتهدين في أعمالهم، والطلاب المجتهدين في دراساتهم: لماذا كل هذه الاهتمام؟ فيقولون لك إنه لأجل مستقبل أفضل.

علماء الاقتصاد والاجتماع يرتبون الأمور لأجل المستقبل. ولا يمكن لنا التمتع بالسعادة الحقيقية وسلام العقل وراحة الضمير دون أن نفهم ماذا يخبئ لنا المستقبل.

فالجرائد والإذاعات والعرافون يسألون ماذا في المستقبل؟ العلماء وقادة الشعوب ينتظرون ويتوقعون وقوع حوادث رهيبة محل زيادة عدد السكان، والمجاعة التي ستنتج عنه. زيادة على مشكلة التلوث، تلوث الهواء بدخان المصانع والطائرات والسيارات الخ... وعدم كفاية مخزون الأرض من مياه الشرب والمعادن السائرة في طريق الانقراض.

الناس لا يعلمون مذا سيكون الغد؟ وماذا بعد الموت أيضاً. قد تجد أناساً يفكرون فقط في الغد والحياة على هذه الأرض، لكن هناك أناس آخرين يهتمون بالحياة بعد الموت، فيتساءلون عن ماذا سيكون مصيرهم؟

عالمنا اليوم عالم يعيش بين اليأس والرجاء بين اليقين والشك. وهم يتخبطون في شؤون حياتهم، وقلوبهم متعلقة بالمال وحب المادة. لأنّ الخوف من المستقبل هو الذي يدفعهم لجمع المال. وآخرون أضلتهم الفلسفات وتاهوا وسط الأفكار والمقاييس المتضاربة المتناقضة، يبحثون لعلهم يجدون الجواب على السؤال ماذا يخبئ لنا المستقبل؟ ماذا بعد الموت؟

أناس آخرون تسيطر عليهم الشعوذات والخرافات فيلتجئون للمشعوذين والسحرة، لعلهم يرشدونهم للمستقبل ويولدوا فيهم رجاء ويبيبدوا يأسهم. الإنسان حائر وهذا يعرفه كل إنسان ولا أحد يقدر أن ينكره. لأننا نشاهد هذا كل يوم، بل ونعيش هذا الواقع سواء أكان في الدول الغربية أو الدول العربية. كل الناس يريدون مستقبلاً أفضل ويتساءلون ماذا يخبئ لنا المستقبل؟

وهذا شيء جميل أن يهتم الإنسام بمستقبله ومستقبل أولاده بل مستقبل أمته. لكن المشكة عند جيلنا الحاضر هي اليأس وسبب اليأس والقلق على المستقبل هو عدم الإيمان. نعم عدم الإيمان والرجاء هو سبب القلق والحيرة والشكوك. والناس يعقدون آمالهم على مجهوداتهم الذاتية والعلم والتقدم... لكن سرعان من يرجعون للواقع ويجدون أنفسهم عاجزين يائسين بسب فشل أحلامهم وآمالهم التي علقوها على المستقبل.

فالاهتمام بالمستقبل في الحاضر شيء لا بد منه. لأن الحاضر هو أساس المستقبل، فكل ما نعمله في حاضرنا هو الذي ينفعنا في مستسقبلنا.

فالعلم جيد و لا بد منه لتقدم وازدهار الشعوب.لكن يجب ألا يكون هو موضوع ثقتنا وإيماننا، وننسى الله تعالى الذي خلق العلماء و المادة التي يعتمد عليها العلماء.

علينا ألا نستسلم لليأس من جهة المستقبل، لأن الإنسان الناجح في حياته هو المتفائل. لكن من أين يأتينا التفاؤل؟ الفرح؟ والسعادة؟

يأتنيا التفاؤل من الإيمان. السعادة من الإيمان. الفرح من الإيمان والرجاء الحي. وهذا الرجاء هو في المسيح يسوع.

فالمؤمن المسيحي عنده سلام في الحاضر ورجاء في المستقبل. فهو في حاضره يعيش لمستقبله على أساس احتباراته في الماضي بأن إيمانه بالمسيح هو مصدر سعادته وفرحه.

والذي نزع الفرح والإيمان من قلوب الناس اليوم هو الذنب والمعصية والشر الذي يملأ قلوبهم وأفكارهم، لأن روح الله القدوس لا يستطيع أن يسكن في قلوب غير طاهرة. والذي لا يؤمن بالمسيح إنه هو الشفيع يوم الدين بعد الموت، لا يجد سلاماً في حياته. والمستقبل آت، والحاضر يمضي. فلماذا أنت أيها القارئ العزيز لا تبني مستقبلك الأبدي في الحاضر؟ لماذا لا تؤمن اليوم بالمسيح المنجي والمنقذ والذي هو رجاء الإنسانية؟ آمن به اليوم وسيغفر لك الله كل ما سلف من ذنبك. آمن الآن، لأنك لا تعلم ماذا يخبئ لك المستقبل. لا أحد يعلم مصيره بعد ساعات - سوى الله تعالى؟ لكن مصيرك يوم الدين معروف ومضمون، لأن الإنجيل المقدس يقول: «آمِنْ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ» (أعمال 16: 31).

فالرب وعدنا ووعد كل من يؤمن به بالحياة الخالدة بعد الموت. ويقول في سفر الروياء: «كُنْ أَمِيناً إِلَى ٱلْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ ٱلْحَيَاةِ» (رؤيا 2: 10).

وهذه الأمانة يجب أن تستمر طول الحياة، فلا يمكن للإنسان أن يكون مسيحياً وهو غير أمين للرب، ولا يمكن أن يعيش يوماً لله ويوماً لنفسه، لأن الرب يطلب حياة القداسة والطهارة.

والمؤمن الحقيقي ينظر للمستقبل نظرة التفاؤل والإيمان والاتكال على الله.

والكتاب المقدس الذي هو دستور المسيحية مليء بالآيات عن الرجاء للمستقبل. فيقول السيد المسيح له المجد: «اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ ٱلسَّمَاءِ: إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ، وَأَبُوكُمُ ٱلسَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا. أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ بِٱلْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟ وَمَنْ مِنْكُمْ إِذَا ٱهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَامَتِهِ ذِرَاعاً وَاحِدَةً؟» (متى 6: 16 و27). والرب يسوع المسيح لا يقصد هنا ألا نهتم بتدبير أمورنا ونشتغل بجد ونشاط، بل وقصد أن لا نهتم أكثر من اللازم ونكون في قلق من جهة المستقبل، بل علينا أن نعمل بجد ونشاط وأن نتكل على الله وإذا كنا فعلاً مؤمنين بالمسيح فالله تعالى سيباركنا.

إذاً يا أخي العزيز لا تدع القلق من جهة المستقبل يعكر صفو حياتك واليأس يسيطر عليك. آمن بالرب يسوع المسيح واتكل على مشيئة الله وإرادته لحياتك، واعلم أن المستقبل الذي يجب عليك أن تهتم به هو، ما بعد الموت. واعلم أنك ستموت في يوم من الأيام وعليك أن تعمل لمستقبلك في حاضرك. وقد قال الشاعر العربي:

Table 1. 

رأيت الدهر مختلفاً يدورفلا حزن يدوم ولا سرور    
وشيّدت الملوك قصوراًفما بقي الملوك ولا القصور    

إذن يا صديقي العزيز تب عن خطاياك وآمن بالمسيح رجاء الإنسانية واعلم أن الدنيا هي للزوال وأن الخلود مع المسيح هو للأبد.