العودة الى الصفحة السابقة
مجلة لقاء الشبيبة

مجلة لقاء الشبيبة

عشاء عظيم


أريد أن آخذك معي يا صديقي لبيت أحد رؤساء الدين اليهودي، من جماعة الفريسيين - والفريسيون هم فئة دينينة غيورة على حفظ الشريعة الموسوية - وقد دعي يسوع إلى هذا البيت، هو وجماعة من الناس الذين يتظاهرون أمام الناس بالتدّين.

أعتقد أنك ترغب في حضور مثل هذه المجالس... هيا بنا فالموعد قد حان، وعلينا أن لا نضيع الوقت،فلنسرع كي نأخذ مكاننا بين الحضور.

آه... انظر. ها هو يسوع يتقدم ليأخذ مكانه في وسط الجمع الغفير. أَوَلا ترى كيف يتطلعون فيه، نظرات كلها استفسارات، وألف سؤال على كل وجه؟ دعنا نقترب منه كي نسمع أقواله بوضوح، فأنا سمعي ضعيف. اسرع، هناك عند المدخل... إنه بالفعل مكان رائع ومناسب جداً لمشاهدة يسوع والمدعويين معاً.

إنها فرصة العمر يا صديقي أن تسمع أقوال يسوع وتعاليمه... فأنا منذ اليوم الذي سمعته يخاطب الجماهير شعرت بكلماته تخترق فكري وروحي، وكأنه يخاطبني شخصياً، فكانت كلماته تشدني إليه وإلى تعاليمه العجيبة الفريدة، حتى أصبحت أسير حبه.

تطلع هناك... على الجانب الأيسر من يسوع... جماعة الفريسيين... وجوههم توحي لك بقسوة قلوبهم، نظراتهم ليسوع كلها شرارات شر تتطاير من عيونهم.

يسوع يروي قصة فلنصغ له:

«إِنْسَانٌ صَنَعَ عَشَاءً عَظِيماً وَدَعَا كَثِيرِينَ، وَأَرْسَلَ عَبْدَهُ فِي سَاعَةِ ٱلْعَشَاءِ لِيَقُولَ لِلْمَدْعُوِّينَ: تَعَالَوْا لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ أُعِدَّ. فَٱبْتَدَأَ ٱلْجَمِيعُ بِرَأْيٍ وَاحِدٍ يَسْتَعْفُونَ. قَالَ لَهُ ٱلأَوَّلُ: إِنِّي ٱشْتَرَيْتُ حَقْلاً، وَأَنَا مُضْطَرٌّ أَنْ أَخْرُجَ وَأَنْظُرَهُ. أَسْأَلُكَ أَنْ تُعْفِيَنِي. وَقَالَ آخَرُ: إِنِّي ٱشْتَرَيْتُ خَمْسَةَ أَزْوَاجِ بَقَرٍ، وَأَنَا مَاضٍ لأَمْتَحِنَهَا. أَسْأَلُكَ أَنْ تُعْفِيَنِي. وَقَالَ آخَرُ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ بِٱمْرَأَةٍ، فَلِذٰلِكَ لا أَقْدِرُ أَنْ أَجِيءَ. فَأَتَى ذٰلِكَ ٱلْعَبْدُ وَأَخْبَرَ سَيِّدَهُ بِذَلِكَ. حِينَئِذٍ غَضِبَ رَبُّ ٱلْبَيْتِ، وَقَالَ لِعَبْدِهِ: ٱخْرُجْ عَاجِلاً إِلَى شَوَارِعِ ٱلْمَدِينَةِ وَأَزِقَّتِهَا، وَأَدْخِلْ إِلَى هُنَا ٱلْمَسَاكِينَ وَٱلْجُدْعَ وَٱلْعُرْجَ وَٱلْعُمْيَ. فَقَالَ ٱلْعَبْدُ: يَا سَيِّدُ، قَدْ صَارَ كَمَا أَمَرْتَ، وَيُوجَدُ أَيْضاً مَكَانٌ. فَقَالَ ٱلسَّيِّدُ لِلْعَبْدِ: ٱخْرُجْ إِلَى ٱلطُّرُقِ وَٱلسِّيَاجَاتِ وَأَلْزِمْهُمْ بِٱلدُّخُولِ حَتَّى يَمْتَلِئَ بَيْتِي، لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لَيْسَ وَاحِدٌ مِنْ أُولَئِكَ ٱلرِّجَالِ ٱلْمَدْعُوِّينَ يَذُوقُ عَشَائِي» (لوقا 14: 17-24).

إنها فعلاً قصة مشوقة. قصة تمسّ حياتنا اليومية، فهل فهمت ما كان يقصده يسوع من وراء هذه القصة؟... أعتقد أنها واضحة ولا تحتاج لتفسير مطول، إنها بالفعل حقيقة حالتنا الراهنة تجاه دعوة الله لنا، فكلما جاءتنا دعوة الله لنا ابتدأنا في نسج الأعذار والتأجيل من وقت لآخر.

فالشباب اليوم يقول، يجب أن نتمتع بملذات هذه الدنيا، ومتى نصبح رجالاً كباراً بعدئذ نهتم بالأمور الروحية. فيجدوا لذة في معاشرة الأشرار، وفي ممارسة الأعمال الرديئة. والرجال يقولون، ليس لنا وقت كاف للدين. وظروف الحياة لا تسمح لنا بأن نهتم بما يخصنا نحو الخالق، فيكتفوا بالقول الله غفور، رحيم، وهكذا إلى أن يفوت الوقت، ويخسروا تلك الدعوة السماوية ولا يكون لهم نصيب مع المدعوين.

إن دعوة المسيح هي موجهة لكل إنسان، فكل من يقبل الدعوة هو مدعو. المسيح له المجد يدعو اليوم كل من أثقلت الخطية كاهله قائلاً: «تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ ٱلْمُتْعَبِينَ وَٱلثَّقِيلِي ٱلأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ» (متى 11: 28). لا تؤجل هذه الدعوة لأنه هوذا يوم مقبول هوذا يوم خلاص.

قد تحرم نفسك من الخلاص إذا ما أجلت دعوة المسيح لك هذه. ولكن أن انشغلت بما في هذه الدنيا، فلن يكون لك مكان، مثل أولئك المدعوين الذين فضلوا المهم على الأهم، وحرموا أنفسهم من أطايب السماء.

إن أبواب السماء مفتوحة لاستقبالك، ولمنحك الغفران إذا ما طلبته من الفادي يسوع له المجد.