العودة الى الصفحة السابقة
مجلة لقاء الشبيبة

مجلة لقاء الشبيبة

الخطيئة والبر


في السطور القليلة التالية سنتناول بشرح بسيط مخترص للكلمتين المهمتين: الخطيئة والبر.

الخطيئة:

تعني هذه الكلمة عدم إصابة الهدف، أي الحياة الأبدية التي أعدها الله للإنسان. وهي تعني الاتجاه في طريق معاكس ل لخالق، وبهذا فالخطية تمرد على الله «فَإِنَّهُ لَنْ يَتَبَرَّرَ قُدَّامَكَ حَيٌّ»(مزمور 143: 2). «وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَا يَقُولُهُ ٱلنَّامُوسُ فَهُوَ يُكَلِّمُ بِهِ ٱلَّذِينَ فِي ٱلنَّامُوسِ، لِكَيْ يَسْتَدَّ كُلُّ فَمٍ، وَيَصِيرَ كُلُّ ٱلْعَالَمِ تَحْتَ قِصَاصٍ مِنَ ٱللّٰهِ. وَأَمَّا ٱلآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ ٱللّٰهِ بِدُونِ ٱلنَّامُوسِ، مَشْهُوداً لَهُ مِنَ ٱلنَّامُوسِ وَٱلأَنْبِيَاءِ، بِرُّ ٱللّٰهِ بِٱلإِيمَانِ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ» (رومية 3: 19 و21 و22) «لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ ٱلسَّيِّآتِ يُبْغِضُ ٱلنُّورَ» (يوحنا 3: 20).

الخطية في أساسها ضد الإنسان لأنها تؤدي به إلى الهلاك وضد الله. لأن الله «يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ» (1تيموثاوس 2: 4) فهي ضد إرادته ومشيئته وأساس العداوة بين الله والناس، وبوجودها في حياة الإنسان أصبحت بين الله والإنسان هوّة سحيقة. والعبور إلى الله من قبل الإنسان مستحيل لأنه لابد من جسر العبور، وهذا الجسر لا يتم بأعمال بشر بل لا بد من الله نفسه أن يمد يده لينشلنا ويجذبنا إلى جانبه.

وقد تمّ هذا الجسر، جسر المصالحة مع الله بالمسيح يسوع الذي قدم نفسه ذبيحة حية عن جميع البشر لأنه (أ) لم يتدنس بالخطية ويمتاز عنا بخلوه منها «وَتَعْلَمُونَ أَنَّ ذَاكَ أُظْهِرَ لِكَيْ يَرْفَعَ خَطَايَانَا، وَلَيْسَ فِيهِ خَطِيَّةٌ» (1يوحنا 3: 5) ولأننا (ب) معشر البشر واقعين تحت تأثيرها: «إِنْ قُلْنَا إِنَّهُ لَيْسَ لَنَا خَطِيَّةٌ نُضِلُّ أَنْفُسَنَا وَلَيْسَ ٱلْحَقُّ فِينَا. إِنْ قُلْنَا إِنَّنَا لَمْ نُخْطِئْ نَجْعَلْهُ كَاذِباً، وَكَلِمَتُهُ لَيْسَتْ فِينَا» (1يوحنا 1: 8 و10) فالجميع بحاجة لغفران خطاياهم، وهذا الغفران يناله الإنسان متى آمن بعمل المسيح الفدائي واعترف بتقصيره وضعفه في نجاة نفسه وبعده عن الله. وفي هذه الحال ينال من الله قوة الغلبة على الخطية في ذاته، وينتصر بقوة الله عليها «إِنِ ٱعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ» (1يوحنا 1: 9) وينال الحياة الأبدية، ومن لا يقبل إلى المسيح ويطلب الغفران لخطاياه بل يظل مصراً عليها، فإن نتيجة الخطية هي الموت، موت روحي وموت أدبي أخلاقي وموت جسدي وأخيراً موت أبدي، لأن «ٱلشَّهْوَةُ إِذَا حَبِلَتْ تَلِدُ خَطِيَّةً، وَٱلْخَطِيَّةُ إِذَا كَمَلَتْ تُنْتِجُ مَوْتاً» (يعقوب 1: 15).

البر:

قد فهم البعض أن البر هو نتيجة حفظ الشريعة والتمسك بها، والتفاني في ممارتسها يجعلهم أبراراً. إن البر - ومعناه الصلاح - صفة من صفات الله تعالى لأنه الصالح على الإطلاق، ولا يوجد بار سواه. أما التبرير - وهو المقصود هنا - فهو فعل نعمة الله المجانية الذي به يغفر خطايانا جميعها ويقبلنا كأبرار أمامه وذلك لأجل مجرد «بر» المسيح الذي يحسب لنا أن قبلناه بواسطة الإيمان. تلك هي هبة الله للخاطئ التائب، الذي قبل عمل المسيح الكفاري على خشبة الصليب. فنحن لا نقدر أن نبرر أنفسنا من عدالة الله، لأن عدالته تقتضي قصاصنا، لأن كل نفس تخطئ موتاً تموت. أما عمل المسيح على صليب العار قد رفع عنا الدينونة العتيدة ووهبنا بر الله، فالله هو الذي يقدر أن يبررنا من أثامنا، ويجعلنا أبراراً أمامه. «وَأَمَّا ٱلآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ ٱللّٰهِ ... بِٱلإِيمَانِ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. لأَنَّهُ لَا فَرْقَ. إِذِ ٱلْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ ٱللّٰهِ، مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِٱلْفِدَاءِ ٱلَّذِي بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، ٱلَّذِي قَدَّمَهُ ٱللّٰهُ كَفَّارَةً بِٱلإِيمَانِ بِدَمِهِ، لإِظْهَارِ بِرِّهِ، مِنْ أَجْلِ ٱلصَّفْحِ عَنِ ٱلْخَطَايَا ٱلسَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ ٱللّٰهِ. لإِظْهَارِ بِرِّهِ فِي ٱلزَّمَانِ ٱلْحَاضِرِ، لِيَكُونَ بَارّاً وَيُبَرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ ٱلإِيمَانِ بِيَسُوعَ» (رومية 3: 21-26).

فمن هذه الآيات الجلية يتضح أمامنا أنه لا يوجد أي نوع من البر في الإنسان، بل أن الله وحده هو البار، وعمل التبرير يأتي منه، بموجب محبته للبشر، وثمار البر تصبح ظاهرة في حياتنا، كنتيجة لبره في حياتنا، بقبولنا عمل بر الله لنا على الصليب، كفارة لكل خطايانا.