العودة الى الصفحة السابقة
مجلة لقاء الشبيبة

مجلة لقاء الشبيبة

هل يستحق الأثيم الفداء؟


كتب باسكال الفيلسوف عن الإنسان قائلاً: «ما هو هذا الغول الذي سميّ الإنسان؟ ما هذه البدعة؟ ما هذا الخليط المشوش؟ ما هذا التناقض العظيم؟ ما هذه الفلتة من فلتات الطبيعة؟ هو حاكم على كل الأشياء لكنه دودة بلهاء مستودع الحقيقة لكنه غارق في الجهل والغموض».

أما السيد المسيح له المجد فقد أدرك ما كان في الإنسان، عرف أنه ليس فلتة من فلتات الطبيعة، أو بدعة من البدع، بل هو تاج خليقة الله تعالى. وضع نسمته فيه، وأعطاه حرية الإرادة ومسوؤلية الاختيار. أما هذا الإنسان فتمرّد وطغى على الله وتمرّغ في وحل العصيان والخطيئة. ورغم إثم الإنسان وعصيانه، فقد أحبه الله حباً عظيماً، إذ أرسل مسيحه يسوع لينقذه من سلطان الشر، وهو عالم أنّ هذا الإنسان الغول المتمرد قابل للتوبة والتجديد، عرف بإمكانية رجوعه إلى الهداية والرشاد ليصير خاصة الله.

باسكال الفيلسوف، أعطى وجهة نظره في الإنسان مظهراً ضعفه، وحسناته وسيئاته، لكنه لم يقدر أن يقدم أي حل لمشكلة هذا المخلوق المسكين. فلا عجب لأنه هذا هو حال الفلاسفة، فهم مثل بعض الأطباء الذين يشخصون المرض ويعرّفونه للمريض لكنهم لا يعطونه الدواء ليضعوا حداً للداء.

لكن السيد المسيح عرف وضعية الإنسان، مدركاً أصل مرض الإنسانية، فقدّم الدواء الذي هو كفارة الفداء وأعطى القوة للمؤمنين به أن يتمموا وصاياه.

المسيح لم يكن مثل الفلاسفة الذين يقدمون آرائهم في الإنسان وفي مشاكله فحسب، بل هو مختبر الحياة وعارف بكل خباياه وسبب مشاكله التي يئن منها ويرزح تحتها. فقدّم له الحل، قدم له طريق المحبة العاملة والقوة لتطبيقها. لقد كان المسيح ذلك الرجل الذي تشهد أقواله لأعماله لا رجل أقوال كما يقول المثل.

إن موت المسيح على الصليب لم يكن رخيصاً. فقبل أن عُلق على خشبة العار كان عليه أن يجيب على هذا السؤال: هل يستحق الإنسان الأثيم الفداء والموت من أجل خلاصه؟

كان للسيد المسيح له المجد المعرفة الكاملة بحالة الإنسان، ومع ذلك أحبه وأنقذه من انحطاطه بواسطة موته النيابي عنه.

قال أحدهم وهو يصف اهتمام المسيح بالإنسان: علّم بأعماله وعمل بأقواله. فكم من فقير أنجد، وكم من جائع أشبع، وكم من مريض أبرأ، وكم من ميت أقام، وكم من خاطئ برّر. خلّص الكبار والصغار، الرجال والنساء، الفقراء والأغنياء، المتعلمين والأميين، وأنت صديقي العزيز سواء كنت فقيراً أو غنياً متعلماً أو أميّاً، مريضاً أو معافاً، أنت بحاجة للمسيح لأنك إنسان أثيم.

أنت ابن آدم وحواء، خلقك الله تعالى، وأغدق عليك بحبه السامي وأرسل ابنه الوحيد يسوع المسيح كي ينقذك من عذاب يوم الدينونة والحساب، حيث في ذلك اليوم العسير لا ينفع فيه مال ولا بنون.

في ذلك اليوم لا ينفعك إلا الإيمان بالمسيح واتباع الدين الصحيح. المسيح يحبك ولا يهمه من أي أمة أنت أو أي دين أو عقيدة أو فلسفة تتنمي إليها. فالله لا تهمه المذاهب والأديان والفلسفات، بقدر ما يهمه أنت شخصياً. فالله يهتم بالأفراد كما يهتم بالجماعات، لأن مسرة الله أنّ «جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ» (1تيموثاوس 2: 4).