العودة الى الصفحة السابقة
مجلة لقاء الشبيبة

مجلة لقاء الشبيبة

رسالة إلى الملحدين والشيوعيين


قال المرنم في المزمور الرابع عشر والعدد الأول ما يلي: «قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلٰهٌ».

إن نكران الله غباوة وجهالة، ورأس الحكمة مخافة الله القائمة على معرفة الخالق. وعلينا أولاً أن نتذكر أن هناك فئة كبيرة تنكر وجود الله لا بالأقوال فقط بل بالإهمال. توجد نبذة باللغة الانكليزية عنوانها:

قد يكون الملحد النظري رأسمالياً. عنده الكثير من المال، لان حب المال كما أخبر عنه الوحي المقدس هو أصل لكل الشرور، فبه ينسى الإنسان خالقه. أو يكون الملحد شهوانياً، تدور أفكاره حول الملاهي والشهوات والجنس ويخشى أن يفكر في مصيره الأبدي، لئلا يقلق ويضطر أن يتخلى عن توهّماته، لأن الملذات لا نهاية لها. فالشاب الذي يلهو يعتقد أنّ الملاهي لا تنتهي أبداً، ولكن عندما يصل إلى سن الشيخوخة يدرك أنها تنتهي. قد يكون ملحداً وليس شيوعياً، فليس كل ملحد شيوعياً ولكن كل شيوعي ملحد.

فالله يريد ويستطيع أن يخلّص الشيوعيين وغير الشيوعيين. لقد خلّص من بنيهم الكاتب الشهير «بوريس باسترناك» الذي حصل على جائزة نوبل في الآداب. وخلّص ابنة الطاغية ستالين - الذي قتل الملايين - ومن ثم صارت ابنته «سبتلانا» مؤمنة. إذا الله يريد يستطيع أن يخلص الشيوعيين.

ما هي الشيوعية؟

الشيوعية فلسفة ملحدة تنكر وجود الله وتستبدله بنظرية تسمى المادية الجدلية. فالشيوعية إذا هي إيديولوجية أكثر منها فلسفة، تستهدف تغيير الوضع. الفيلسوف لا يستهدف تغيير الوضع بل يتفلسف، أما الشيوعي فيستهدف تغيير الوضع الراهن بالانقلاب والثورة. فالشيوعية هي جدلية وتعتبر الحاجة المادية أهم عنصر في حياة البشر. نحن نقول إن أهم شيء في حياة البشر هو الله. وهم يقولون المادة. فإذا هم يؤلهون المادة.

لقب آخر للشيوعية وهو الماركسية. لأن مؤسس الشيوعية هو «كارل ماركس» وهي شيوعية لأنها تنادي بإلغاء ملكية الأراضي الخاصة وحقوق الوراثة وبمصادرة ممتلكات الأغنياء وبتوزيع متساو لسكان الدولة.

علينا أن نفسر الفكرة الجدلية الماركسية، وهي صعبة جداً ولكن سنحاول أن نبسطها. تبنّى «ماركس» مبدأ الجدل من «هيجل»، الفيلسوف الألماني، الذي قال أن الفكرة هي المحرك الأول. إذا سألنا ما هو المحرك الأول أو من هو المحرك الأول؟ فالجواب الإسلامي أو المسيحي سيكون: الله هو المحرك الأول. ولكن «هيجل» قال: «كانت هناك فكرة في البدء، وهذا الفكرة هي التي حركت الكون». وربما يوازي قول هيجل هذا عقيدة الكلمة عندنا الكلمة الأزلي «فِي ٱلْبَدْءِ كَانَ ٱلْكَلِمَةُ، وَٱلْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ ٱللّٰهِ، وَكَانَ ٱلْكَلِمَةُ ٱللّٰهَ» ﴿يوحنا 1: 1﴾.أي أن الكلمة هي المحرك الأول.

كيف تتطوّر الأحداث؟

يقول البعض إن الأحداث تتطوّر بالصدفة والحظ. ويقول آخرون بالقضاء والقدر. والمؤمن يقر أن التطور هو بكلمة الله. نقرأ في مزمور 33: 6: «بِكَلِمَةِ ٱلرَّبِّ صُنِعَتِ ٱلسَّمَاوَاتُ وَبِنَسَمَةِ فَمِهِ كُلُّ جُنُودِهَا». فماذا يقول «ماركس» بهذا الصدد؟ يقول: «نجد في الحياة والتاريخ سلسلة مستمرة من الصعود والهبوط. كل نزعة تولّد نقيضها. وعندما تبدو النزعة وكأنها على وشك الانتصار، يبدأ النقيض بالتقدم عليها». نقول مثلاً: إن الرجل أفضل من المرأة. هذه الفكرة هي أولاً القضية. بعدها تقوم امرأة وتقول: كلا، المرأة أفضل من الرجل. فهذا يكون النقيض وعلينا أن نصل إلى مركب ﴿نتيجة﴾: فالرجل ليس أفضل من المرأة والمرأة ليست أفضل من الرجل، ولكن الرجل يختلف عن المرأة. هكذا تتطور الفكرة إلى جدل. ولكن «ماركس» يحوّل الجدل الفكري إلى الجدل المادي.

وننتهي إلى الفردوس الشيوعي بتطوّر الأحداث. ولكن علينا أن نسأل: إذا كان التسلسل مستمراً والجدل المادي مستمراً، فلماذا الافتراض أنه ينتهي بظهور الفردوس الشيوعي؟ يتحوّل المركب إلى قضية وبعد ذلك يقاومه شيء آخر نسميه النقيض الجديد. إذا لا برهان ولا دليل، فحالما نحصل على فردوس شيوعي، ينتهي الأمر، وقد يكون انقلاباً جديداً. إذا لا نستطيع أن نركز ثقتنا على الأمل بأن هناك الفردوس الجديد الآخر.

والشيء الثاني أن الشيوعية وإن كانت تشبع الرغبة للأكل والشرب والمسكن، إلا أنها لا تشبع الرغبات الروحية، لأن أغسطينوس قال: «اللهم، لقد خلقتنا لذاتك، ولن تجد نفوسنا راحة إلا إذا استراحت فيك». ونقول أيضاً مع الشاعر العربي:

Table 1. 

ما كل ما يتمنى المرء يدركهتجري الرياح بما لا تشتهي السفن    

سأل بيلاطس البنطي: ما هو الحق؟ فرد المسيح: أنا هو الحق. وكتب «لينين» الزعيم الروسي: «تعاليم الماركسية قوية لأنه على حق». ولكن ليس كل دعاية قوية هي على حق. فد تكون قوية لأنها مزيج من الحق والباطل، أو لأنها مدعمة بالسلاح، ووسائل الإعلام الفعالة. ولكن الحق الذي يتكلم عنه المسيح أحق وأقوى لأنه صاف، أكيد، لا يتحول بمجرى الزمن، ومصدره الخالق الذي هو نور العالم وليس فيه ظلمة البتة. وهو الحق الكافي الباقي الذي لا يحتاج إلى أسلحة ولا إلى تكتيك إذاعي. ألم يذكر المسيح لبطرس: «أَتَظُنُّ أَنِّي لا أَسْتَطِيعُ ٱلآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِي فَيُقَدِّمَ لِي أَكْثَرَ مِنِ ٱثْنَيْ عَشَرَ جَيْشاً مِنَ ٱلْمَلائِكَةِ؟» ﴿متى 26: 53﴾. ولكن يسوع رفض أن يفعل ذلك.

اصغ إلى شهادة نابليون: ﴿وهو بلا شك أمهر قائد حربي عرفه التاريخ) : «أنا والاسكندر والقيصر وفريدريك ملك روسيا حاربنا وفتحنا البلدان وتسلطنا بعدل أو طغيان. ولكنهم ماتوا وأنا اليوم منفي ليس لي أي نفوذ والعالم ينسانا. أما يسوع فعاش وديعاً وخدم الناس وبشّر بالمحبة والحنان ومات شهيداً على الصليب واليوم هناك الملايين الذين هم على استعداد لأن يموتوا في سبيله». فلا نعلم إن كان نابليون قد قبل الرب يسوع قبل مماته ولكنه أُعجب بحياة المسيح وبموته.

لم يقرأ معظم الشيوعيين كتاب «ماركس» لانه ممل، وعسير الفهم. بينما المؤمن المسيحي البسيط يقدر أن يقرأ الكتاب المقدس ويتغذى بكلمة الله ويتكلم مع ربه وعن ربه ومعلمه.

ونتحول الآن إلى بيان الماركسية وبيان الناصرة. بيان الناصرة أصدره المسيح وهو في الثلاثين من عمره. أما «ماركس» فأصدر بيانه الشهير في عام 1848، وهو أيضاً في الثلاثين من عمره. وقد صار هذا البيان عقيدة الثورة وبرنامجها. يدعو فيه العمال إلى الاتحاد والتحرر من قيودهم، ويحرضهم على النضال الطبقي. فماذا قال يسوع في مستهل خدمته في بيانه الرباني في الناصرة وهو أيضاً في سن الثلاثين من عمره؟ لقد كانت دعوته للجميع على اختلاف طبقاتهم. لا للطبقات والجماهير الكادحة فقط. فتحنّن على الفقراء والمساكين. وقدم لهم الخبز والشفاء. وترأف على الغني زكا وخلّصه وذهب إلى بيته وتعشى معه، فقدم زكا القسم الكبير من أمواله للمحرومين، لأن الرب غيّر حياته. وهذا نص البيان: «رُوحُ ٱلرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي لِأُبَشِّرَ ٱلْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ ٱلْمُنْكَسِرِي ٱلْقُلُوبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِٱلآطْلاقِ ولِلْعُمْيِ بِٱلْبَصَرِ، وَأُرْسِلَ ٱلْمُنْسَحِقِينَ فِي ٱلْحُرِّيَّةِ، وَأَكْرِزَ بِسَنَةِ ٱلرَّبِّ ٱلْمَقْبُولَةِ ﴿أي سنة نعمة الرب﴾» ﴿لوقا 4: 18 و19﴾.

فشتان ما بين هذين البيانين. ماركس يتجاهل كل حاجة سوى الحاجة للخبز. بينما يسوع الناصري يتناول إلى جانب الحاجة المادية الحاجة الروحية والأخلاقية أيضاً. كم مرة شعرنا بأننا مساكين، ضعفاء، عميان، لا حول ولا قوة لنا. وكم كانت قلوبنا منسحقة ومنكسرة. وكم من سجين في بلدان استبدادية يرتجي الإطلاق؟ هذا ما يبشر به يسوع. ونحن المؤمنين وجدنا الرب يسوع منقذاً يسد كل حاجة شرط أن نقبله مخلصاً ونُتوِّجه ملكاً على قلوبنا. لاحظ «رسل» اعتماد الشيوعية على أفكار مستقاة من الكتاب المقدس. ولا غرابة، فماركس يهودي الأصل، متنصر، تعمد لما كان عمره 12 سنة واعترف بالمسيح مدة، وله شهادة شيقة عندما كان عمره 18 سنة. ويقول «رسل»: «أن نموذج التاريخ كما يتصوره الكتاب المقدس يروق إلى المظلومين والمحرومين، فطبق القديس أغسطينوس هذا النموذج على المسيحية وكيّفه ماركس إلى الاشتراكية». ﴿عاموس 6: 2 و6: 4-7 وإشعياء 1: 22﴾. إذا هناك مقارنة بين المسيحية والشيوعية.

Table 2. 

المسيحيةالشيوعية    
إلهنا الله المحرك الأولالمادة الجدلية المبدأ الأول    
موسى المسجل الأول للوحيماركس الكاتب الأول للوحي الشيوعي    
المسيا المنقذ التاريخيلينين المنقذ التاريخي    
المختارونالجماهير الكادحة    
الكنيسةالحزب    
المجيء الثانيالانقلاب الآتي    
الدينونةعقاب الرأسماليين    
المُلك الألفيالفردوس الشيوعي    

ولكن ما الفائدة من الفردوس إن كنا نموت بعد بضعة سنين؟

الاشتراكية

أتكلم قليلاً عن الاشتراكية التي وجدت في القدس بعد يوم الخمسين. اشتراكية القدس والملكية المشاعة. ما علاقة كل هذا مع موضوع الاشتراكية المسيحية؟

«وَجَمِيعُ ٱلَّذِينَ آمَنُوا كَانُوا مَعاً، وَكَانَ عِنْدَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مُشْتَرَكاً. وَٱلآمْلاكُ وَٱلْمُقْتَنَيَاتُ كَانُوا يَبِيعُونَهَا وَيَقْسِمُونَهَا بَيْنَ ٱلْجَمِيعِ، كَمَا يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ ٱحْتِيَاجٌ» ﴿أعمال الرسل 2: 44 و45﴾.

«إِذْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَدٌ مُحْتَاجاً، لِأَنَّ كُلَّ ٱلَّذِينَ كَانُوا أَصْحَابَ حُقُولٍ أَوْ بُيُوتٍ كَانُوا يَبِيعُونَهَا، وَيَأْتُونَ بِأَثْمَانِ ٱلْمَبِيعَاتِ» ﴿أعمال الرسل 4: 34﴾.

هل هذه شيوعية؟ وهل علينا أن نتمثل بها؟ الاشتراكيون المسيحيون يلجأون إلى هذه الفقرة لتبرير موقفهم. إلا أن الكنيسة خرجت من هذه العملية التجريبية، لا لأن العملية خاطئة، بل لأن الإنسان يظل أنانياً في أمر السخاء والتخلي عن المقتنيات.

- اشتراكية أعمال الرسل كانت محدودة ضمن نطاق معقول من الناس.

- كانت تطوعية وليس إجبارية.

- كان الدافع الأصيل إليها هو محبة المسيح ومحبة الآخرين.

لم يتعلم معظم المؤمنين بالمسيح درس العطاء، ومشاركة إخوتهم الفقراء بالخيرات التي منحها الرب لهم، ومعنى قول أحد المفكرين: «المال كالسماد لا يصلح إلا إذا توزع على الأرض». فالبخيل يتمسك بماله وتفوح منه رائحة كريهة، والمبذر يبذر ماله مسبباً الضرر لنفسه وللآخرين. أما المسيحي المتكافل الحكيم فيشارك الآخرين بماله، وهكذا يحرز أرباحاً اجتماعية وروحية كبيرة.

فماذا نقول لمن ينكر وجود الله، إن كان ملحداً أو شيوعياً؟ الزعم أن لا إله إلا المادة والطاقة ما هو سوى مجرد رأي لم يثبت صدقه. وإيماننا بالله الذي يغير حياة كل من يؤمن بالمسيح إلى حياة أفضل فيه دلائل على وجود الله أكثر بكثير. الله غيّر حياتنا ونحن نعلم أنه يعمل العجائب. ومع أن هذا الإيمان لا يقنع من لا يريد أن يقتنع، فمن لا يريد أن يؤمن بالله لا يؤمن، مع أن هذا يمس مصيره الأبدي؟ «إِذْ مَعْرِفَةُ ٱللّٰهِ ظَاهِرَةٌ فِيهِمْ، لِأَنَّ ٱللّٰهَ أَظْهَرَهَا لَهُمْ، لِأَنَّ مُنْذُ خَلْقِ ٱلْعَالَمِ تُرَى أُمُورُهُ غَيْرُ ٱلْمَنْظُورَةِ وَقُدْرَتُهُ ٱلسَّرْمَدِيَّةُ وَلاهُوتُهُ مُدْرَكَةً بِٱلْمَصْنُوعَاتِ، حَتَّى إِنَّهُمْ بِلا عُذْرٍ» ﴿رومية 1: 19 و20﴾. وأشهر العلماء يميلون إلى الاعتقاد بوجود الله. «آينشتاين» ربما أمهر وأبهر العلماء في القرن العشرين. والكونت الفرنسي الذي كان متخصصاً بالنور، ويعلم عن النور أكثر من أي شخص آخر.

وأيضاً «ألكسيس كاريل» الذي حاز على جائزة نوبل، و«ألكسندر فليمنغ». كاريل وفلمينغ كانا مؤمنين وليس فقط يعتقدان بوجود الله. فهؤلاء العلماء يقبلون وجود الله ولا يرتاحون إلى نظرية الصدفة العمياء.

ثانياً: كل من يعتنق نظرية اللاإله، يفعل ذلك لا عن اقتناع بل عن تهرب. أسهل عليه أن يعيش بمعزل عن الله ونواميسه وأن يعتبر نفسه غير مسؤول عن أي شخص آخر أو إله، وشعاره «أعمل ما أريد لأن الله غير موجود، ولا توجد نواميس إلهية». فإذا سألته: «لماذا لا تؤمن؟» ربما يجيبك: «ولماذا يسمح الله بالحروب والكوارث؟» فهكذا يعترف ضمناً بوجود الله. هذه الأسئلة يصعب إيجاد جواب لها، ولكن يجب أن نطالع الكتاب المقدس لنجد الجواب. غير أن هناك أموراً عديدة لا يمكن تفسيرها تفسيراً وافياً، ولكن علينا أن نقبلها كالواقع. قال العالم الشهير الكونت الفرنسي المتخصص في النور: «لست أعلم بعد ما هو النور. أحلل النور وأتكلم عنه ولكن لست أعلم ما هو»؟ وكثيرون لا يعلمون معنى الحياة. إذا لماذا نقول: عليّ أن أفهم الله قبل أن أؤمن به؟ ونقبل الحياة بدون أن نفهمها وقبل النور بدون أن نفهمه.

فلا يجرؤ أحد أن يجزم أن لا إله هناك، لأن من يزعم هذا الزعم يفترض أنه كلي المعرفة. يعرف كل شيء ويعرف عن كل طاقة وكل قوة في الكون، ويعرف أيضاً أن الله غير موجود في الكون. وحالما يعترف أن علمه محدود يرى أن الله ممكن الوجود وراء حدود إدراكه الحسي.

سأل مسيحي ملحداً خلال مرورهما بمرج: «من صنع هذه الزهرة الجميلة؟» فأجاب الملحد: «انسها يا صاحبي، هذا الكلام كلام فارغ. لأنك تريد أن تبرهن لي وجود الله. إن هذه الزهور وجدت تلقائياً، وهي أوجدت نفسها بنفسها». فلم يتابع المؤمن هذا الموضوع. وبعد أيام زاره الملحد في بيته، وكان في الدار صورة جميلة للزهور. فسأله الملحد: «من رسم هذه الصورة البديعة؟» فأجابه المسيحي: «لم يرسمها احد. فإن الزهور دخلت الصورة تلقائياً، والطبيعة صنعت البرواز وقفزت الصورة على الحائط وسمرت نفسها». فالملحد يعتقد أن هذه الزهور المصورة بلا رائحة وبلا حياة يجب أن يكون لها مصور مبدع، أما الزهرة الطبيعية التي لها رائحة فقد خلقت تلقائياً.

فلو افترضنا أن الملحد على حق. فالمؤمن المسيحي لا يخسر شيئاً لأنه عاش في سلام مع الرب وفي شركة مع الآخرين. أما إن كان المسيحي على حق. فويل للملحد، إذ «كيف ينجو إن أهمل خلاصاً هذا مقداره؟» لن تبقى للملحد إلا الخسارة والدينونة. وإليكم شهادة شيوعي فرنسي، شهادة محزنة للغاية يقول لنا: نرجوكم أن تفهموا أيها المسيحيون أن حالتنا مأساوية أكثر بكثير من حالتكم. لا ندري شيئاً سوى التاريخ. إذا فشلتم أنتم هنا، فلكم رجاء في عالم آخر، ولكن إن فشلنا نحن فسنمشي هنا بأيادي فارغة وأخيراً سنكون بدون أي أمل.