العودة الى الصفحة السابقة
هل من الممكن ان تشرح لي بطريقة مختصرة رأي بدعة شهود يهوه بالنسبة ليسوع المسيح ابن الله؟

هل من الممكن ان تشرح لي بطريقة مختصرة رأي بدعة شهود يهوه بالنسبة ليسوع المسيح ابن الله؟

سلسلة لكل سؤال جواب


لقد جمحت بشهود يهوه النقد والتشكيك فلم يتركوا شيئاً من عقائد الكنيسة الأساسية إلا وتعرضوا له، خاصة تلك المتعلقة بشخصية المسيح فقالوا فيه: إنه مخلوق غير أزلي، ليس من جوهر الله، بل هو أدنى رتبة ومقاماً. وهو رئيس ملائكة الله ميخائيل.

ترتكز دعوى شهود يهوه، بشأن المسيح، على تفسيرهم الخاص لآيات متفرقة من أسفار العهد الجديد أهمها اثنتان:

1 - كولوسي 1: 15 «الذِي هُوَ (أي المسيح) صُورَةُ اللهِ غَيْرِ المَنْظُورِ، بِكْرُ كُلِّ خَلِيقَةٍ».

2 - رؤيا 3: 14 «الشَّاهِدُ الأَمِينُ الصَّادِقُ، بَدَاءَةُ خَلِيقَةِ اللهِ».

فعبارتا «بِكْرُ كُلِّ خَلِيقَةٍ» و«بَدَاءَةُ خَلِيقَةِ اللهِ» تعنيان بحسب تفسير قادة شهود يهوه، (أول خلائق الله) أو المخلوق الأعلى.

وردت الآية الأولى (كولوسي 1: 15) في رسالة بولس الرسول إلى إهل كولوسي. فيها يكشف الرسول عن تعليم زائف تسرب إلى الكنيسة قام به معلمون كذبة كانوا قد نشطوا في كولوسي وجوارها.

أما هوية أولئك المبتدعين فتبدو أنها ليست من تبعية واحدة. فبعض سمات هذه البدع يهودية (أكل - شرب - عيد - هلال - سبت - لا تمس - لا تذق - لا تجس) (الأعداد 16-21) وبعضها الآخر هيلينية (فلسفة - غرور باطل - تقليد الناس). إلا أنه يغلب على هذه البدع الملامح اليهودية مما يؤكد الظن أن المبتدعين هم يهود متأثرون بالثقافة اليونانية.

أما جوهر هذه البدعة، فيصعب تحديده على وجه الدقة، ومع ذلك فإنه من الواضح أن شخصية المسيح فيها قد نيل منها بشكل مباشر أو غير مباشر. وقد اتبع المبتدعون شتى وسائل الخداع والتملق لكسب المريدين والأتباع «وَإِنَّمَا أَقُولُ هَذَا لِئَلا يَخْدَعَكُمْ أَحَدٌ بِكَلامٍ مَلِقٍ... لا يُخَسِّرْكُمْ أَحَدٌ الجِعَالةَ، رَاغِباً فِي التَّوَاضُعِ وَعِبَادَةِ المَلائِكَةِ، مُتَدَاخِلاً فِي مَا لمْ يَنْظُرْهُ، مُنْتَفِخاً بَاطِلاً مِنْ قِبَلِ ذِهْنِهِ الجَسَدِيِّ» (كولوسي 2: 4، 18).

بالنسبة لله الآب:

يعلق شهود يهوه أهمية قصوى على استعمال الاسم «يهوه» باعتباره «اسماً فارقاً ومميزاً» بدونه تضيع شخصية الله بين بقية الآلهة، فيكتبون تعليقاً على عبارات الرسول بولس في (1كورنثوس 8 :5، 6):

ألا يبدو من قول الرسول المتقدم أنه توجد خلائق كثيرة في السماء وعلى الأرض ممن يقال أنهم «آلهة» و«أرباب». فليس إذا من الضرورة أن يتميز إله بولس باسم يجعله «الإله الفريد». إننا نحن المسيحيين نعترف بأنه ليس لنا إلا إله واحد أحد. لكن وحدانيته يتحداها وينكرها الكثيرون. فإنه هناك على وجه الأرض ألف وخمسمائة مليون من الناس الذين يعبدون ما لا يعد ولا يحصى من الآلهة التي يحسبها أولئك الملايين آلهة حقيقية مثل الإله الحقيقي الواحد في نظر المسيحيين المؤمنين بالكتاب المقدس. أإذن من اللائق والواجب أن يكون لإله المسيحيين اسم خاص يميزه عن تلك الآلهة (مجلتهم «برج المراقبة» عدد كانون الثاني 1954 صفحة 37).

ومع أن شهود يهوه يصفون أنفسهم أحياناً أنهم مسيحيون، إلا أنهم من جهة ثانية يؤكدون انتماءهم إلى يهوه وليس إلى يسوع المسيح. فيكتبون تعليقاً على قول يعقوب في أع 15: 13-18:

أو لم يكن لله اسم خاص به، ألم يكن من العبث أن يوحي إلى أحد أنبيائه (يقصدون يعقوب) بأنه سيدعو الأمم الغير المختونة باسمه؟ وإنه سيأخذهم ليكونوا شعباً لاسمه، لا لاسم يسوع؟ لاحظوا، لا لاسم يسوع بل لاسم يهوه. إن الاسم الإلهي العظيم الذي عنه يدافع شهود يهوه وبه يتمسكون وله يشهدون، لا يمكن أن يمحى من الوجود بمجرد حذفه من أية ترجمة حديثة للكتاب المقدس.

بالنسبة للروح القدس:

وحيث أنهم يرفضون سلفاً عقيدة الثالوث الأقدس، فإنهم بالتالي يرفضون اعتبار الروح القدس ذاتاً عاقلة، لأنه إن فعلوا ناقضوا أنفسهم بالنسبة لعقيدة الثالوث. لذلك نظروا إلى الروح القدس كقوة مجردة لا شخصية. ففي كتابهم «الحق الذي يقود إلى الحياة الأبدية» ص 8 يكتبون:

«وكما تستطيع موجة اللاسلكي غير المنظورة أن تحمل لك المعلومات، كذلك وجهت قوة الله الفعالة غير المنظورة كتبة الكتاب المقدس ليسجلوا ما أراد الله أن يعرفه للجنس البشري».

إن الصفات التي تميز الروح القدس، كذات عاقلة، نراها جلية ومثبتة بكل وضوح في الأسفار الإلهية وهي:

صفة الشخصية: بعد العشاء الأخير للمسيح مع تلاميذه يودعهم بكلمات تملأ قلوبهم بالحزن (يوحنا 16: 6). لكنه يؤكد لهم أن انطلاقه إلى الآب سيكون خيراً لهم، لأن حضوره الآن محدود بالزمان والمكان ولكن متى جاء المعزي الآخر (يوحنا 14: 16) فإنه سيمكث معهم إلى الأبد.

إن قوله «معزياً آخر» يؤكد طبيعة هذا المعزي أنه من ذات نوع المعزي الأول، أي المسيح. فالروح القدس إذن ليس قوة عمياء بل شخصية لها حضورها الفاعل والمعزي نظير المعزي الأول يسوع الذي رافق التلاميذ طوال سنين ثلاث، وملأ بحضوره الإلهي قلوبهم بالعزاء والسلام، وبتعليمه السماوي أذهانهم وضمائرهم بالنقاء والطهارة، وبأعماله المجيدة قلوبهم بالشجاعة والإيمان. وهذا تماماً ما فعله، ويفعله المعزي الآخر، أي الروح القدس، بحضوره وسط كنيسة المسيح.

بالنسبة للثالوث القدوس:

شهود يهوه يرفضون عقيدة الثالوث الأقدس ويحملون بشدة على معتنقيها. وحججهم في ذلك:

1. خلو الكتاب المقدس من ذكر كلمة «ثالوث» أو عبارة تقول «إن الله مؤلف من ثلاثة أقانيم متميزة: الآب، الابن، والروح القدس ولكن الثلاثة واحد فقط.

2. حجة التشابه المزعومة بين عقيدة التثليث في المسيحية والقصص المروية عن أرباب العبادات البابلية أو المصرية أو غيرها من الديانات الشرقية القديمة.

يتعامل قادة شهود يهوه مع عقيدة الثالوث الأقدس بعقلية جامدة باردة. فهم يحولون الكلام عن الثالوث الأقدس في الذات الإلهية إلى عمليات حسابية مجردة لا يجدون بنتيجتها ما يتفق مع منطقهم الحسابي. فعندهم 1+1+1 لا يساوي 1. إنّ غياب كلمة ثالوث من الكتاب المقدس لا يعني غياب مضمونها، فإن هيئة شهود يهوه الحاكمة تردد أيضاً في منشوراتها تعابير لا وجود لها في الكتاب المقدس كعبارات «ثيوقراطية»، «صف أرضي»، «صف سماوي»، «هيئة يهوه الحاكمة» .. الخ.

إن عقيدة الثالوث الأقدس لا تتوقف على مفردات مثل «ثالوث» أو «مثلث الأقانيم» بل على مضمون هذه الكلمات. فما تعنيه عبارة «الثالوث الأقدس» هو أنّ: الآب، الابن، والروح القدس ذوات متميزة من جوهر واحد، يتمتعون بصلات سرمدية وهم متساوون في الصفات (مثل القدرة والأزلية والمجد).

يلخص الرسول بولس الإنجيل بهذه الكلمات: «وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِالإِنْجِيلِ الذِي بَشَّرْتُكُمْ بِهِ، وَقَبِلتُمُوهُ، وَتَقُومُونَ فِيهِ، وَبِهِ أَيْضاً تَخْلُصُونَ، إِنْ كُنْتُمْ تَذْكُرُونَ أَيُّ كَلامٍ بَشَّرْتُكُمْ بِهِ. إِلا إِذَا كُنْتُمْ قَدْ آمَنْتُمْ عَبَثاً! فَإِنَّنِي سَلمْتُ إِليْكُمْ فِي الأَّوَلِ مَا قَبِلتُهُ أَنَا أَيْضاً: أَنَّ المَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الكُتُبِ، وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي اليَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الكُتُبِ، وَأَنَّهُ ظَهَرَ لِصَفَا ثُمَّ لِلأثْنَيْ عَشَرَ. وَبَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً لأكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِئَةِ أَخٍ، أَكْثَرُهُمْ بَاقٍ إِلى الآنَ... وَآخِرَ الكُلِّ كَأَنَّهُ لِلسِّقْطِ ظَهَرَ لِي أَنَا. لأنِّي أَصْغَرُ الرُّسُلِ... فَسَوَاءٌ أَنَا أَمْ أُولئِكَ، هَكَذَا نَكْرِزُ وَهَكَذَا آمَنْتُمْ» (1كورنثوس 15: 1-11).

خاتمة:

وغايته أنّ أهم ما يتضمنه الإنجيل من حقائق وخاصة تلك المتعلقة بموت المسيح وقيامته. ففي موته وقيامته صار الخلاص للعالم. وبهاتين الحقيقتين الأساسيتين كرز الرسل الأوائل وآمنت الكنيسة الأولى وعليهما يتعلق المصير الأبدي. «ولا يفوتني في نهاية هذا الخطاب أن أوجه لأتباع شيعة شهود يهوه نداء المحبة فيستفيقوا من سبات الوهم والخيال، ويتنبهوا إلى الهوة التي وقعوا فيها فيجدوا في الرب يسوع المسيح الخلاص والفداء، الأمان والرجاء».

(أُخذت عن كتاب «الرد المسيحي على عقائد شهود يهوه» للقس فريد خوري).