العودة الى الصفحة السابقة
هل يموت الإنسان الشاب بسبب غضب من الله، أم برضى الله عليه؟

هل يموت الإنسان الشاب بسبب غضب من الله، أم برضى الله عليه؟

سلسلة لكل سؤال جواب


أول مرة نقرأ في الكتاب المقدس عن «الموت» هو في الأصحاح الثاني من سفر التكوين. «قال الله: وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ» (تكوين 2: 17). وهنا بدأ الله بامتحان طاعة الإنسان تجاه خالقه الذي لا يريد سوى الخير له. دُعي الإنسان هنا إلى استخدام حرية رأيه التي منحه إياه الرب: «وَقَالَ اللهُ: نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ» (تكوين 1: 26) ولكنّ الله أوصى الإنسان: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً، وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ» (تكوين 2: 16 و17). قيل إنّ سلطة الله منعمة ولكن نعمته متسلطة. فالنعمة لها عرش والله جالس عليه وليس الإنسان. دُعي الإنسان هنا إلى تسليم رأيه وإرادته إلى إرادة الله أبيه. لقد سلطه الله على خليقته ولكنه وضعه بعده وليس معه. ولكن الإنسان أراد أن يكون مثل الله وعصى وصيته فحكم على نفسه بالموت. أولا الموت الجسدي الذي لا بد منه، والموت الروحي الذي مات المسيح لأجله. (فكل من يقبل إبن الله ويؤمن به يحصل على غفران خطاياه وعلى الحياة الأبدية). فلم يمت آدم موتاً جسدياً حال عصيانه بل موتاً روحياً بانفصاله عن حياة الله وهذا أدّى به إلى الموت الجسدي لأن التعلّق بين النفس والجسد يستحيل بقاؤه مع الانفصال عن الله «لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا» (رومية 6: 23).

عصيان الإنسان نقله من الحال الفردوسية التي كان يمكنه فيها أن يحيا أبدا، إلى حال الموت وأن لا بد منه في المستقبل. ولم يكن هذا الناموس الجديد على آدم فقط بل على نسله أيضا في كل عصر. فالموت هو من عواقب المعصية. فتلك الشجرة كانت شجرة موت كما كانت الأخرى شجرة حياة ولا يتمتّع الإنسان بشجرة الحياة إلا بالإمتناع عن شجرة الموت.

فالموت في عمر الشباب أم عمر العجز أمر لا بد منه، إذ تقول كلمة الله: «كَمَا وُضِعَ لِلنَّاسِ أَنْ يَمُوتُوا مَرَّةً» (عبرانيين 9: 27). وخير للإنسان الذي يذكر خالقه في أيام شبابه (جامعة 12: 1). فكلمة الله هي للجميع وغفران الله تمّ على الصليب من أجل جميع البشر، فمن يقبل إبن الله يحصل على حياة أبدية ومن يرفضه يموت في خطاياه لأنه رفض ابن الله. «مَنْ يُؤْمِنُ بِابْنِ اللهِ فَعِنْدَهُ الشَّهَادَةُ فِي نَفْسِهِ... وَهذِهِ هِيَ الشَّهَادَةُ: أَنَّ اللهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَهذِهِ الْحَيَاةُ هِيَ فِي ابْنِهِ. مَنْ لَهُ الابْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ابْنُ اللهِ فَلَيْسَتْ لَهُ الْحَيَاةُ» (1يوحنا 5: 10-12).

هذا عن الموت، أما المرض فدخل على عالمنا هذا عند دخول الخطية، وهو ليس للعقاب. فهو أيضا أمر لا بد منه. والرب يسمح به لأسباب كثيرة منها لاختبار محبته وللتقرب من شخصه أكثر فأكثر. إنّ محبة الله معصومة عن الخطأ وقصده في حياتنا هو أن يأتي كل من يؤمن به إلى الحياة معه إلى الأبد.

ولنا وعد ثابت منه في سفر الرؤيا: «هَا أَنَا آتِي سَرِيعًا وَأُجْرَتِي مَعِي لأُجَازِيَ كُلَّ وَاحِدٍ كَمَا يَكُونُ عَمَلُهُ. أَنَا الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، الأَوَّلُ وَالآخِرُ. طُوبَى لِلَّذِينَ يَصْنَعُونَ وَصَايَاهُ لِكَيْ يَكُونَ سُلْطَانُهُمْ عَلَى شَجَرَةِ الْحَيَاةِ، وَيَدْخُلُوا مِنَ الأَبْوَابِ إِلَى الْمَدِينَةِ (إلى الحياة الأبدية)» (رؤيا 22: 12-14). «مَنْ لَهُ الابْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ» (اقرأ أيضاً الأصحاح 21 من سفر الرؤيا). إنّ وعود الله تملأ الكتاب المقدس وهي كلها ثابتة إلى الأبد.