العودة الى الصفحة السابقة
سؤال: لماذا يسمح الله بحوادث القطارات والطائرات التي يموت بها المئات؟ لماذا يسمح الرب بهذه الآلام؟

سؤال: لماذا يسمح الله بحوادث القطارات والطائرات التي يموت بها المئات؟ لماذا يسمح الرب بهذه الآلام؟

سلسلة لكل سؤال جواب


قال يسوع: «طُوبَى لِمَنْ لاَ يَعْثُرُ فِيَّ» (لوقا 7: 23)

هذه الجملة قالها المسيح لتلامذة يوحنا المعمدان عندما أتوا إليه حاملين شكوك معلّمهم يوحنا إلى يسوع: «أَنْتَ هُوَ الآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟» (متّى 11: 3). كان يوحنا المعمدان وقتئذ في السجن وكانت الشكوك عن كيفية مجيء المسيح تؤلمه، لأنه توقع من أنّ المسيح بتجسده سوف يقوم بأعمال أخرى عما يقوم بها. لقد توقعوا أن يعلن نفسه ملكاً أرضياً ويملك وينقذ الشعب اليهودي من ظلم أعدائهم ويعاقبهم كما أنبأ يوحنا به. فلا عجب من أنّ الشك دخل في نفس يوحنا المعمدان وأيضاً تلامذة المسيح مثل بطرس وسائر الرسل الذين شكّوا به مع وفرة الوسائط التي كانت لهم لتحقيق دعواه.

مع أنّ الشكوك بما يحدث على أرضنا هذه لا تضرّنا إذا قادتنا إلى المسيح لإزالتها. فهدف يسوع من جوابه هذا: تقوية إيمان يوحنا المعمدان (وإيماننا) وإزالة شكّه من عدم ممارسة ما توقّعه من تفكيره الإنساني (وما نتوقعه نحن البشر).

ألا تقول كلمته: أن «الله محبة»... ألا نرنم مع كاتب المزامير: «اِحْمَدُوا الرَّبَّ لأَنَّهُ صَالِحٌ» (مزمور 106: 1)، الا تقول كلمة الوحي أن «أفكار الله تجاهنا هي أفكار سلام لا شر»؟؟؟ إذا لماذا؟؟؟ ولكن ماذا لماذا؟ ما هو سؤالنا وإلى أين نريد أن نصل بسؤالنا هذا؟ هل نريد أن نقول أن الله غير عادل وقاس ويهلك من يشاء ويحيي من يشاء؟ هل هذا هو إلهنا الذي خلقنا؟ فهل يعقل أنه تركنا للقضاء والقدر؟ كلا يا أختي. إننا نخطئ عندما نضع اللوم على الله عندما تحدث حادثة صغيرة كانت أم كبيرة. إننا نسهى عن تقديم الحمد والتسبيح للرب المعطي بركاته وعطاياه الكثيرة لكل إنسان، والذي يشرق شمسه على الأشرار والأبرار كل يوم، ونبدأ باتهامه بعدم ممارسته واجبه على الأرض. «أَنْتَ هُوَ الآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟» يوجد منه جواب واحد: «طُوبَى لِمَنْ لاَ يَعْثُرُ فِيَّ».

تأمل معي في بدء الخليقة. لقد خلق الله السّموات والأرض ووجد أن كل شيء حسنا... وفي النهاية خلق آدم وحواء وباركهم وأعطاهم كل شيء، وسلّطهم على كل شيء... كل ما يشتهون... وكل ما يسهّل ويغني عيشهم... إلا شيئا واحدا منعهم منه: من هذه الشجرة لا تأكلون... وماذا فعلوا؟ أكلوا... لقد سمحوا بإرادتهم الحرة أن يتدخل ويقرر الشرير في حياتهم... بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم... ولكن ماذا فعل هنا إلهنا المحب؟ «وَصَنَعَ الرَّبُّ الإِلهُ لآدَمَ وَامْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَأَلْبَسَهُمَا» (تكوين 3: 21) من هنا ابتدأت قصة الفداء وعملية الفداء...لقد ذبح ذبيحة سترت عيوبهم... ألم يترك هذا الإله عرشه، وتجسّد وعاش على أرضنا هذه وصار الذبيحة عنا ليستر خطايانا ومات عن هذه الخطية التي سببت ولا زالت تسبب للكثيرن الآلام المبرحة؟؟ «الله محبة». لقد خلقنا بإرادة حرة مستقلة لنقرر نحن بأنفسنا مصير حياتنا. فهذا امتياز كبير جدا أن نكون أولاد الله وليس عبيد الله.

لقد دخلت الخطية بإرادة الإنسان ولا زالت تعمل بإرادته... الله لا يريد أن الإنسان يتألم، ولكنه يريد أنّ الإنسان يختار الصالح بنفسه. علينا أن نسهر في كل لحظة، لعل اللحظة القادمة تكون نهاية حياتنا. علينا أن نستعد في كل لحظة كما نقرأ في المزامير كلمة الوحي: «إِحْصَاءَ أَيَّامِنَا هكَذَا عَلِّمْنَا فَنُؤْتَى قَلْبَ حِكْمَةٍ» (مزمور 90: 12). علينا أن نسلم حياتنا للذي مات عنا قبل أن يحدث أي حادث ينهي حياتنا على هذه الأرض. لماذا سمح الله بموت كل هذه النفوس بذلك القطار لا نعلم، ولكن نعلم شيء أن كل واحد مات وكان مستعدا للموت ربح الحياة الأبدية.

«لاَ يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ: إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ اللهِ، لأَنَّ اللهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِالشُّرُورِ، وَهُوَ لاَ يُجَرِّبُ أَحَدًا» (يعقوب 1: 13). لقد سمح الله بمرض أيوب القاسي. سمح بأصدقائه الذين بتعزيتهم زادوا عليه الآلام، ولكن ماذا حدث في النهاية بعد كل تلك الآلام؟ لم يتذمر أيوب ولم يسأل لماذا، بل اختبر في النهاية محبة الرب العميقة حين قال للرب: «قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ، وَلاَ يَعْسُرُ عَلَيْكَ أَمْرٌ... بِسَمْعِ الأُذُنِ قَدْ سَمِعْتُ عَنْكَ، وَالآنَ رَأَتْكَ عَيْنِي... وَبَارَكَ الرَّبُّ آخِرَةَ أَيُّوبَ أَكْثَرَ مِنْ أُولاَهُ» (أيوب 42: 2 و5 و12). أراد الشيطان أن يقضي على حياة أيوب وفوقها على إيمانه. نعم استطاع أن يسبب له المرض والقروح المؤلمة، استطاع أن يسيطر على جسده، ولكنه لم يستطع أن يلمس إيمانه بإله قادر على كل شيء ولا يعسر عليه أمر.

إيماننا هو بإله محب تجسد لأجلنا ومات وقام وصعد إلى السماء ليعد لنا مكان. فكل من يؤمن به يعلم أنه حيثما يكون هو يكون معه. آلام هذه الحياة لن تنتهي لأن إله هذا الدهر هو إبليس ومصارعتنا هي مع أجناد الشر في السماويات (أفسس 6).

هذه إرادة الله وقصد الله بهذه الكلمات القليلة: «اللهِ يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ» (1تيموثاوس 2: 4).