العودة الى الصفحة السابقة
السامري الصالح

السامري الصالح

(لوقا 30:10-37)

جون نور


«30 فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «إِنْسَانٌ كَانَ نَازِلاً مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَرِيحَا، فَوَقَعَ بَيْنَ لُصُوصٍ، فَعَرَّوْهُ وَجَرَّحُوهُ، وَمَضَوْا وَتَرَكُوهُ بَيْنَ حَيٍّ وَمَيْتٍ. 31 فَعَرَضَ أَنَّ كَاهِنًا نَزَلَ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ، فَرَآهُ وَجَازَ مُقَابِلَهُ. 32 وَكَذلِكَ لاَوِيٌّ أَيْضًا، إِذْ صَارَ عِنْدَ الْمَكَانِ جَاءَ وَنَظَرَ وَجَازَ مُقَابِلَهُ. 33 وَلكِنَّ سَامِرِيًّا مُسَافِرًا جَاءَ إِلَيْهِ، وَلَمَّا رَآهُ تَحَنَّنَ، 34 فَتَقَدَّمَ وَضَمَدَ جِرَاحَاتِهِ، وَصَبَّ عَلَيْهَا زَيْتًا وَخَمْرًا، وَأَرْكَبَهُ عَلَى دَابَّتِهِ، وَأَتَى بِهِ إِلَى فُنْدُق وَاعْتَنَى بِهِ. 35 وَفِي الْغَدِ لَمَّا مَضَى أَخْرَجَ دِينَارَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا لِصَاحِبِ الْفُنْدُقِ، وَقَالَ لَهُ: اعْتَنِ بِهِ، وَمَهْمَا أَنْفَقْتَ أَكْثَرَ فَعِنْدَ رُجُوعِي أُوفِيكَ. 36 فَأَيَّ هؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ تَرَى صَارَ قَرِيبًا لِلَّذِي وَقَعَ بَيْنَ اللُّصُوصِ؟» 37 فَقَالَ: «الَّذِي صَنَعَ مَعَهُ الرَّحْمَةَ». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ أَنْتَ أَيْضًا وَاصْنَعْ هكَذَا».

كانت الطريق الممتدة بين أورشليم وأريحا وعرة المسلك موحشةً مزدحمة باللصوص. وقلما كنت تجد بيوتاً على امتداد ذلك الطريق. إلا أنه كان الطريق العملي الوحيد بين المدينتين، وما كان على الشخص في ذلك الزمن إلا أن يسلك ذلك الطريق بالرغم من كل المخاطر المحيطة بتلك الطريق.

في أحد الأيام، بينما كان شخص يهودي يسير على هذا الطريق الصحراوي المليء بالهضاب القاحلة التي تصلح مخبأً للصوص، هجمت عليه عصابة من مخبأها فهشموه وسلبوه ما معه من الثياب الثمينة، وتركوه ينزف دماً بين حي وميت.

بعد قليل، عبر من هناك رجل دين ورأى الضحية يتلوى في التراب والغبار (وبحكم منصبه كان لا بد أن يكون واحداً من أعضاء رعيته). عادة نتوقع من رجل الدين تقديم المساعدة، ولكن حياته كانت في خطر عند تلك المنطقة المنعزلة. وكل لحظة تأخير كانت تزيد من الخطر. لذلك فقد أسرع في سيره على الطرف الآخر من الطريق.

أما العابر الثاني الذي مرّ فكان رجلاً لاوي. يهودي أيضاً، كان عمله مساعدة رجل الدين في الهيكل. لقد لاحظ الرجل ضحية أولئك اللصوص، وواضح أنه كان يحتاج لمن يساعده. ولكنه فكر أن هذه مصيدة له! لأنه إذا توقف للمساعدة فسيهجم عليه أحد القتلة الذين هاجموا هذا الرجل. لذلك استمر في سيره.

وأخيراً، اقترب سامري من المكان راكباً على حماره. كان السامري خليطاً من شعوب أخرى ولكنه ليس يهودياً، لذلك كان محتقراً من اليهود، وعادة لم يكن بينهم أي تعامل. ولكن عندما رأى السامري أن اليهودي في ضنك وأزمة، تحرك لمساعدته. ناسياً التحيز العرقي والخطر المحيط به، فانحنى، ونظف جراحه معالجاً إياها. وبعد ذلك رفعه على دابته، وأخذه لأقرب فندق على الطريق، واستمر يعتني بالرجل كل تلك الليلة.

كان على السامري أن يغادر في الصباح التالي. لذا فقد أعطى نقوداً لصاحب الفندق لكي يستمر بالعناية بذلك الرجل الجريح إلى أن يكون باستطاعته السفر مرة أخرى. ووعد إن لم يكن المال كافياً، أن يوفيه الباقي عندما يعود.

لقد كان ما عمله السامري عملاً رائعاً جداً، وخاصة بإظهاره رحمة كهذه لليهودي، بينما كان النفور يسود العلاقة بين شعبيهما.

عندما كان يسوع يروي قصة كهذه، إنما كان يفعل ذلك ليعلمنا درساً معيناً. بأن على الإنسان أن يحب الله من كل قلبه وأن يحب قريبه كنفسه. ونحن نؤمن أن القصة تعطينا أيضاً صورة رائعة عن كيفية إظهار الرب يسوع الرحمة لهؤلاء الذين هم في أمس الحاجة. فلنرجع إلى القصة لنرى كيف تجمع هذه القصة في طياتها الأخبار السارة للخلاص.

أولاً وقبل كل شيء، بدأ هذا الشخص رحلته نزولاً من أورشليم إلى أريحا. وأورشليم تعني «مدينة السلام». أريحا، تقع بجانب نهر الأردن الذي يتدفق باتجاه الجنوب نحو البحر الميت. فهذا الرجل كان يسافر نازلاً من مدينة السلام إلى مكان شبه بالموت. وهذا يذكرنا كما هو مكتوب في سفر الأمثال 12:14: إنه «تُوجَدُ طَرِيقٌ تَظْهَرُ لِلإِنْسَانِ مُسْتَقِيمَةً، وَعَاقِبَتُهَا طُرُقُ الْمَوْتِ».

أثناء رحلته وهو منحدر انحداراً ونزولاً إلى أريحا، وقع بين لصوص. وهذا صحيح بالنسبة لنا أيضاً، عندما ندير ظهرنا لله ونبدأ بالهبوط، نقع في المشاكل. يقول الكتاب المقدس في سفر الأمثال 15:13 «أَمَّا طَرِيقُ الْغَادِرِينَ وَعَرُ»، وفي الخطيئة تكمن نتيجة حتمية، التي من المستحيل الهروب منها.

لقد سلبت العصابة هذا الشخص المسكين ما كان له، وهكذا الخطيئة. إنها تسلب الإنسان طهارته، وبهجته، وحريته وكل شيء له قيمة في الحياة.

لقد جرحه اللصوص أيضاً وتركوه نصف ميت. وهذا تذكير واضح لوجع القلب، والتعاسة، والشعور بالذنب، والجروح، والندم الذي تجلبه الخطيئة لحياة الإنسان. ويوم الحساب آت لا محالة، لأن «أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ» (رومية 23:6).

كما كان السامري، هكذا كان الأمر مع الرب يسوع. إذ أتى إلينا ونحن في أمس الحاجة. لقد أتى كل تلك المسافة من السماء إلى مرتع الخطيئة هنا على الأرض «لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ» (لوقا 19: 10).

لقد ضمّد السامري الصالح جروح الضحية الملقى على الطريق. الرب يسوع عمل أفضل من ذلك. فهو يشفي المنكسري القلوب ويعطي للعمي البصر (لوقا 18:4). الزيت الذي صبه السامري على جروح الرجل هو صورة للروح القدس، المعطى للجميع عندما يحصلون على خلاص الله.

لم يرد السامري الصالح ترك صديقه الجديد ملقى على الطريق العام. بل أحضره إلى الفندق. وهكذا الرب يسوع يأتي بالذين يخلصون إلى دفء الشركة مع مؤمنين آخرين خاصة في شركة المؤمنين في الكنيسة. لأنه إن بقينا وحيدين، فنكون في خطر السقوط المستمر في الخطيئة. ولكن من خلال الشركة مع مؤمنين آخرين، فسنتقوى لنعيش حياة مستقيمة وطاهرة.

وهكذا تعطينا قصة السامري الصالح صورة دقيقة وجميلة عما عمله المخلص لأجلنا في ساعة احتياجنا الشديدة.