العودة الى الصفحة السابقة
حقيقة المحبة

حقيقة المحبة

«لأنه هكذا أحب»

جون نور


تقول كلمة الله في الكتاب المقدس «لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لايهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية»

قال صاحب مزرعة لغلام كان يعمل عنده: إن أنجزت هذا العمل الذي سأكلفك به، سأكافئك بملء كفين من ثمار المزرعة. فأتم الصغير العمل على أكمل وجه، عندئذ قال صاحب المزرعة : «الآن يمكنك أن تملأ كفيك». فقال الصغير: «هذا حسن يا سيدي، ولكن لو أعطيتني بكفيك أنت يكون حسن جداً»، فرحب السيد وأعطاه كما أراد. لقد فهم الصغير أن ما في يد الكبير كثير.

إن القليل هو كثير إن كان الله فيه، فكم بالحري إن كان كثيراً. «هكذا أحب الله العالم »، تعني بهذا المقدار الكبير، فلا الفلاسفة بأفكارهم، أو الجغرافيون بخرائطهم، أو الفلكيون بمراصدهم، يقدرون أن يحصروا محبة الله الفائقة.

كان هناك ابن عاق، ضل سبيل التقوى، وهجر طرق البر؛ فاستدعت أمه خادم الإنجيل ليتكلم إليه عسى أن يتحسن الحال. ولكن الولد لا يؤمن بالله، ولا بأي شيء في الوجود. فجاء خادم الإنجيل وتحدث إليه بأن يترك خطاياه ويعترف بها لله، فرد الشاب: «لكني لا أؤمن به ولا بأي شيء آخر». فقال الخادم: ولكنك تؤمن بمحبة أمك لك. فأجاب: «أنا أعلم أنها تحبني». فقال له إذاً أنت تؤمن بشيء صالح في هذا العالم. سوف أتركك الآن فصل بعد خروجي للمحبة..

احتقر هذا الابن رجل الدين ، وشعر بأنه من الحماقة أن يصلي إلى المحبة، ولكنه كان قد وعده بأنه سيصلي للمحبة، فركع وصلى قائلاً: أيتها المحبة أتوسل إليك: ساعديني .. سامحيني. فللوقت وكأن السماء انشقت ورنت في قلبه أجراس محبة الله، وتذكر آية تعلمها في طفولته «الله محبة». فخرج من غرفته فرحاً، وجرى نحو أمه، وطوقها بذراعيه، وقال لها:

«أماه، لقد وجدت المحبة .. بل وجدت الله».

الإنسان هو غرض محبة الله فهو الإله الذي قال: «لذاتي مع بني آدم» (أم 31:8). لقد أرسل الله يوماً يونان النبي إلى مدينة نينوى (وهي حالياً محافظة في شمال العراق وعاصمتها الموصل» ليحذرها من عواقب عدم التوبة، لم يرغب يونان في الذهاب إليها في بادئ الأمر، لأنها مدينة من غير جنسه أي مدينة أممية ولكنه ذهب أخيراً، وتابت نينوى. إن محبة الله تتعدى حدود اللون والجنس، فلا فرق عند الله بين اليوناني واليهودي، العبد والحر، الذكر والأنثى.

في رسالة كولوسي تقول كلمة الله (كو 15:1) إن المسيح هو صورة الله غير المنظورة بكر كل خليقة (يو 3:1) وهو موضوع محبة الله ولذته، لكنه بذله لأجلنا.

ترى ما هي مشاعر الآب وهو يرى ابنه الوحيد وقد أحاطت به قوى الشر ، وجماعة من الأشرار، كيف كان يراه، وقد عروه، وعلى ظهره جلدوه، الوجه الكريم لكموه ولطموه، إنها مشاهد تتمزق لها الألباب، فيا لمحبة الآب!

رسالة المحبة هي أن الله أحب العالم حتى بذل ابنه الوحيد: «لكي لا يهلك كل من يؤمن به»

هناك من ينكرون العقاب الأبدي وعذاب الأشرار، ونسوا ما قاله الرب الصادق في إنجيل مرقس 9 عن النار التي لا تطفأ والدود الذي لا يموت، لا مرة ولا مرتين بل خمس مرات. تهكم رجل عجوز غير مؤمن على جهنم بالقول: «لقد عشت سبعين سنة فلم أرى جهنم». لكن حفيده الصغير الذي كان يسمعه، قال له: «لكن يا جدي، أنت لم تمت حتى تراها.

سألت مرة بعض الصغار: «من منكم يضمن الحياة الأبدية والدخول إلى السماء؟» فأجاب أحدهم: «أنا». قلت له: «وما دليلك؟» أجاب «ترنيمة ». فضحكنا جميعاً، ثم أسرع الصغير وأحضر كتيب الترنيمات الخاص باجتماع الصلاة ، وقرأ قرار الترنيمة المذكورة:

Table 1. جدول الدوام

على حساب الدم أنا داخلٍداخل وليّ نصـيب
يسوع سدد كل ديــونيعلى عود الصليبً

إن كلمة الله تعلن وبكل وضوح ولا تدع هذه الكلمات مجالا لأي إنسان أن يغير شيئا في معناها أو فحواها حيث تقول هذه الكلمة :

«لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لايهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية»

يا لها من آية ثمينة، بدأت بالله وانتهت بالحياة الأبدية. والحياة الأبدية لا تعني فقط الخلود ودوام الوجود، ولا تعني نهاية الشقاء ودخول السماء، بل إنها الشركة الأبدية مع الله، والتي لنا أن نتمتع بها من الآن. لقد «أعطانا حياة أبدية، وهذه الحياة هي في ابنه» (1 يو 11:5). لا يقول هنا الله وعدنا أو سيعطينا، بل أعطانا. فيا لليقين!