العودة الى الصفحة السابقة
الصليب الشافي

الصليب الشافي

جون نور


ولما صار المساء قدموا إليه مجانين كثيرين فأخرج الأرواح بكلمة وجميع المرضى شفاهم (مت 16:8).

هذه واحدة من الآيات التي ذكرت مراراً كثيرة في العهد الجديد لتوضح لنا فاعلية وعد يسوع، «لأن كل من يسأل يأخذ «فأخرج الأرواح بكلمة» كَلِمَة سلطان، فشفى كل المرضى الذين أتوا إليه.

تعد الآية التالية مهمة للغاية حتى نفهم لماذا يلعب الشفاء دوراً أساسياً في خدمة يسوع، ولماذا شفى كل الذين أتوا إليه، أو الذين قدموا له، ولماذا سيشفى في هذا اليوم أي إنسانٍ عندما يأتي إليه.

«لكي يتم ما قيل بإشعياء النبي القائل هو أخذ أسقامنا وحمل أمراضنا»(مت 17:8).

يجب أن نعود إلى الصليب حتى نفهم شفاء يسوع، فنقرأ في إشعياء 53 والذي يعد نبوة عن الصليب:

«لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها ونحن حسبناه مصاباً مضروباً من الله ومذلولاً. وهو مجروح لأحل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامناً عليه وبحبره شفينا». (إش 4:53 – 5).

لقد كتبت هذه الكلمات منذ مئات السنوات قبل الصليب، وإننا ننظر لها الآن بعد مضي مئات السنوات من الصليب، عندما كتبت هذه الكلمات لأول مرة كنا نتطلع لها لكي تحدث، ولكن عندما نقرأها ننظر إلى الوراء مرة أخرى لنتأمل فيما حدث بالفعل.

حمل يسوع أحزاننا وتحمل أوجاعنا، فقد أخذها إلى الصليب وصلبها معه حتى يتحرر منها كل من يأتي إليه.

يتمسك كثيرون بأحزانهم خاصة عندما يموت شخص عزيز عليهم، ومن الطبيعي أن نحزن، ولكن الحزن أمر سلبي ويدمر النفس، فهو أحد أشكال الشفقة على الذات، فنحن كمؤمنين نؤمن بأن أولاد الله يتحررون من الموت الجسدي حتى ينعموا بالمجد الأبدي مع يسوع، فالقيامة هي وقت للفرح، وليس للحزن، ومن الطبيعي أن يشعر هؤلاء الذين كانوا يحبون هذا الشخص بالخسارة الشديدة، ولكن الله لا يريد لهذا الشعور أن يسيطر على كل حياتهم ويدمرهم بالشعور بالشفقة على الذات.

يسوع أخذ أسقامنا وحمل أمراضنا على الصليب، والكلمات الأصلية التي استخدمت في كتابة هذه الآيات يمكن أن تترجم إما «أحزاننا» أو «أمراضنا» فالأحزان والأوجاع ما هي إلا نوع من أنواع المعاناة الذهنية، أما الأمراض والآلام ما هي إلا معاناة جسدية، والواقع أن يسوع أخذ على نفسه معاناة الإنسان النفسية والجسدية، حتى يشفينا منها من خلال الصليب.

ينظر كثيرون إلى الصليب على أساس أنه انتصار على أعداء الله، ويفكرون في منظر ابن الإنسان وهو مصلوب عليه «فهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا» ولا جدال حول أن الآب هو الذي قاده إلى الصليب لأنه كان معداً ليدفع الثمن بحياته الغالية من أجل أن نحصل على الشفاء الكامل والخلاص، فهو يريدنا أن نحصل على الشفاء في أجسادنا وأذهاننا وأرواحنا ومشاعرنا وعلاقاتنا ومشكلاتنا واحتياجاتنا.

كان يسوع «مضروباً من الله» لكي نحصل على الشفاء، وقد تم هذا الشفاء بالفعل، فيستعير متى كلمات إشعياء 4:53 «هو أخذ أسقامنا وحمل أمراضنا» عندما علق يسوع على الصليب قال: «قد أكمل» أو قد تم. لقد تم ما كان مطلوباً من أجل شفاء شعب الله، فتراجع كل إعلان للشيطان وأصبح انتصار يسوع متاحاً لكل أولاده، وكانت قيامة يسوع دليلاً على هذه النصرة، حتى الموت هزم.

لقد جرح يسوع بسبب خطيتنا، وسحق لأجل معاصينا. من السهل أن نفهم أن الله غفر خطايا الإنسان بسبب أن عمله تم واكتمل على الصليب، وعندما ندخل في علاقة مع الآب السماوي فإننا ندخل من خلال الصليب، معترفين بخطايانا عالمين أنه أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا.

غفران الله ينتظر هؤلاء الذين يأتون له، بسبب تضحية يسوع، عندما يرجع الخاطئ إلى الله ليس على يسوع أن يموت مرة أخرى حتى يقبل الله هذا الإنسان ويغفر له، فقد تم خلاص الله بالفعل ولكنه ينتظر منا أن نرجع إليه ونتوب.

لقد أتاح الله لنا كل احتياجاتنا الخاصِة بالشفاء إلى جانب كل احتياجات الخلاص الأخرى، فنستطيع أن نأتي إلى الصليب إلى المكان الذي انهزم فيه الحزن والأوجاع والمرض والألم والخطية.

يعلم هؤلاء الذين ينادون بالخلاص دون أن يعظوا عن الشفاء إنهم يغطون بجزء من الصليب، وبإنجيل غير كامل، وسيكون هناك دليل أكبر على الشفاء في حياة أولاد الله إذا كانوا يؤمنون بالشفاء من خلال الصليب كما يؤمنون بالغفران، يعلم كثير من المؤمنين أولادهم عن الغفران منذ الطفولة ولكننا أحياناً لا نذكر شيئاً عن الشفاء.

هناك من ينادون بأن الغفران هو الآن ولكن الشفاء هو في القيامة في الحياة التي هي بعد الموت، ولكن هذا ببساطة غير صحيح، فإذا كان غفران الصليب هو للآن فإن الشفاء من الحزن والوجع والألم والمرض والضعف والمرض هو لنا الآن أيضاً.