العودة الى الصفحة السابقة
المتمرد يعود للبيت

المتمرد يعود للبيت

القس. جون نور


(الإنجيل بحسب البشير لوقا 11:15-32).

كانت لحظة مشحونة بالمشاعر، في البيت في ذلك اليوم، الابن الأصغر يقرر أنه لم يعد يحتمل. كان سيترك البيت – للأبد. مشكلة واحدة كانت تواجهه؛ لم يكن لديه أي مال. كان كل المال بيد الأب. أكيد أنه سيحصل على ثلث المال عند وفاة الوالد، ولكن هذا لا يساعده ألان.

سأل أباه ببرودة «ألا يمكنك أن تعطيني نصيبي من ميراث العائلة – الآن؟».

فرمقه أبوه بنظرة كسيرة – وكأنه تلقى طعنة – ولكنه رغم غرابة الطلب أعطاه كل ما طلب. وحالما حصل الابن على المال، رحل إلى المدينة وخطاياها.

يا للروعة! لا إلحاح بعد الآن. لا فارق بالجيل. الحرية أخيراً، من تسلط الرجل الكبير. حفلات كثيرة، أكل وشرب، مخدرات وقمار. اصبح الكل أصدقاء له وخصوصاً الفتيات اللواتي رأين فيه ذلك الشاب السهل المنال. لقد صرف كل ذلك المال بسرعة وكان ماله نبع لا ينضب. (ولهذا سمي الابن «المسرف» المسرف تعني مبذر). ليلة بعد أخرى كان يرتب لأصدقائه حفلة ليليه مكلفة.

أخيراً انهار كل شيء على رأسه – حين نفد كُلُ ماله الذي كان بحوزته، أتت البطالة والأسعار المرتفعة، النقص في الأغذية، وتراكم الديون.

أصدقاؤه تفرّقوا عنه عندما لم يعد لديه خبز. عندما عطش، لم يعط ليشرب، لم يعد قادراً على دفع أجرة البيت. فأصبح الشارع مصيره.

أخيراً كان لديه عرض لعمل ما، فرصة عظيمة، رعاية خنازير! إطعام خنازير وسخة ونجسة ! لكنه كان يحسد الخنازير. معدتها تمتلئ، بينما هو يجوع.

بينما كان يجلس بجانب جرن أكل الخنازير، كثيراً ما كان يتفكر في البيت – العائلة جالسة حول المائدة المليئة – رائحة الخبز الخارج من الفرن الآن – والخدم – لماذا، حالهم أفضل من حاله هو! أنه يتضور جوعاً!

وأخيراً، ينهار. سوف يرجع إلى أبيه، يعتذر لكونه ابناً ردياً، ويطلب منه الغفران.

لا بد أن الأب كان ينتظره، لأنه رآه في الشارع من بعيد. قفز عن مقعده في الشرفة، ونزل لملاقاة ابنه. بدأ الابن الضال المسرف يهيئ اعترافه، ولكن ضَمُ الآب له وتقبيله لم يعطه الفرصة. يا له من لقاء! لا تحقير ولا تذكير بالنصائح «ألم أقل لك». كان لقاء محبة فقط، ياه، فقط محبة!.

حالما دخلا البيت، جعل الأب الخدم يركضون بكل اتجاه – احضروا الحلة، احضروا الخاتَمَ والحذاء الجديد. وبعد ذلك بدءوا يهيئون للوليمة – عجل محمر وكل اللوازم.

كان فرح الأب غامراً. قال: «انظروا، ابني هذا كان ميتاً والآن هو حي. كان ضالاً فوجد». واستمر الاحتفال به إلى ساعة متأخرة.

إن ترحيب الأب يعطينا صورة عظيمة عن قلب الله. هذا المكان الوحيد في الكتاب المقدس الذي استعملت به كلمة مسرعاً بما يختص بالله من ناحية صلاحه – عندما يرحب بالخاطئ العائد.

الحلة الأولى تصور لنا حلة البر التي يلبسها الله للخاطئ عندما يتوب ويضع إيمانه بالمسيح (أنظر كورونثوس الثانية 21:5). الحذاء يرينا أن المؤمنين أحضروا إلى الله ليس كعبيد بل كورثة. لأن العبيد لم يلبسوا أحذية.

بوصفه وليمة الترحيب للبيت، يقول الكتاب المقدس إنهم ابتدءوا يفرحون. لا يقول أنهم توقفوا عن الفرح! عندما يعود الخاطئ إلى الأب، الفرح لا يتوقف.

قبل عدة سنوات ترك شاب بيته في أحد البلدان واتجه إلى بلد آخر ليعيش حياته متمرغا في الخطية فجلب العار والخزي لوالديه مدة عشر سنوات. بعد ذلك مثل الابن الضال قرر أن يعود إلى البيت ويصلح الأمور. ولكن هل سيستقبله والداه؟ لم يكن متأكداً.

كتب رسالة إلى أهله يخبرهم فيها بخطته، وطلب من أمه أن تربط قطعة من القماش الأبيض على مدخل البيت أن كانت عودته مرغوبٌ بها. فعندما تمر حافلة الركاب من أمام البيت سيعرف الجواب. أن لم تكن قطعة قماش أبيض فسيستمر بالسفر.

أخيراً عندما وصلت الحافلة إلى المدينة حيث البيت، توتر الشاب. وأخيراً، استطاع رؤية البيت من بعيد. كانت واجهة البيت كُلُهَا مغطاة كلياً بمئات من قطع الشراشف البيض، ترفرف برقة مع النسيم. عندها نهض من مقعده وحث الخطى نحو مدخل البيت لأنه عرف أنه مرحب فيه.

وهكذا الحال أيضاً مع الله. لديه شجرة في المدخل – خشبة صليب الجلجثة. ذراعية مفتوحتان للخطاة الشاردين في كل مكان، يرجوهم أن يتوبوا ويرجعوا عن خطاياهم ويقبلوا مخلص الخطاة.