العودة الى الصفحة السابقة
كيف نعرف إرادة الله؟ (2)

كيف نعرف إرادة الله؟ (2)

جون نور


شعر أحد الشبان المومنين بعد حصوله على اختبار التجديد أن الله يدعوه للالتحاق بمدرسة معينة في بلدة بعيدة. وقد كان متأكداً من نفسه حتى أنه ذهب في الحال، وكانت كل الظروف مهيأة فيما عدا ما يختص بظروفه العائلية. ولم يمض وقت طويل حتى اصطدم بآية في الكتاب كان قد أغفلها قبلاً، وهي الواردة في (1 تسالونيكي 8:5) {إن كان أحد لا يعتني بخاصته ولا سيما أهل بيته فقد أنكر الإيمان وهو شر من غير المؤمن} فرجع إلى البيت ثانية حتى يهيئ الرب فرصة أخرى.

ولما أرسلت العناية الإلهية يوسف إلى أرض مصر كعبد لم يشك في صلاح إرادة الله بل بالحري انتهز الفرصة في الشهادة للرب عن طريق أمانته في خدمة سيده.

لقد تكلمنا في الحلقة السابقة في الجزء الأول عن كيفية معرفة إرادة الله. هذه الإرادة لا تتم في لحظة او ظرف معين، بل هي عملية مستمرة نقدم من خلالها أجسادنا لله متغيرين عن شكلنا القديم وذلك بتجديد أذهاننا مقدمين أنفسنا كذبيحة لله، ذبيحة مقدسة ممتنعين عن كل خطية معروفة. عالمنا الذي نعيش فيه رفض المسيح، ولذلك يعيش هذا العالم في بعد عن الله. يجب أن ندرك وان نعلم أن كل الظروف المحيطة تخالف ما نظن انه إرادة الله. لنكمل موضوعنا الذي توقفنا في الحلقة السابقة عنده: قلنا في الحلقة السابقة أولاً: أنه ينبغي أن تكون هنالك رغبة مخلصة لعمل إرادة الله وثانياً: أن إرادة الله تتفق دائماً مع كلمة الله.

وفي هذا اليوم نقول:

أن الظروف التي ترتبها العناية الإلهية لنا قد تبين إرادة الله:

حين يتضح لنا أن كل الظروف المحيطة تخالف ما نظن أنه إرادة الله لنا، ينبغي أن ننتبه لئلا نكون مصممين على اتخاذ طريقنا نحن وليس طريقه هو. إنه إله الظروف، وهو يستطيع أن يغير كل الاتجاهات المتعلقة بالموقف الراهن إن كانت هذه هي إرادته.

ينبغي أن نبدأ من الآن لنتمم قصد الله من جهتنا، إن انتقالنا إلى بيئة أخرى لن يجعلنا أكثر أمانة للرب إن كنا غير أمناء حيث نحن الآن. قال المسيح {وتكونون لي شهوداً في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض} (أع 8:1). إن كنا لا نبدأ من البيت، في أورشليم، فلا ننتظر أن الرب يوسع تخومنا، أو أنه يفعل معنا تغييراً معجزياً في ظروفنا التي وضعتنا فيها عنايته الإلهية. دعونا نتكل على الرب حيث نحن، وننتظر بصبر ولا بد أنه سيوافينا في الوقت المعين.

وايضا نستطيع أن نعرف إرادة الله من خلال الصلاة:

بعد أن تجدد الرسول بولس وهو في طريقه إلى دمشق لكي يواصل تنكيله وتعذيبه للمسيحين {قال وهو مرتعد ومتحير يا رب ماذا تريد أن أفعل} (أعمال6:9). إن رغبتنا في معرفة قصد الله لا تساوي شيئاً بالنسبة لرغبة الله الأكيدة في إعلان إرادته لنا. ليتنا نصلي قائلين كما جاء في المزامير {صخرتي ومعقلي أنت. من أجل إسمك تهديني وتقودني} (مزامير 3:31). {سهل قدامي طريقك} (مزامير 8:5). {علمني يا رب طريقك أسلك في حقك} (مزامير 11:86).

إن أولئك الذين لهم الشركة المستمرة بالرب هم أقل الناس ارتباكاً من جهة معرفة إرادته، إن كنا نصرف فرصة في الصباح الباكر في خلوة مع الله فإن آذاننا سوف تتدرب على سماع صوته طوال اليوم. وإذ كنا نواجه مواقف صعبة ، من السهل أن نرفع قلوبنا إليه طالبين معونته. ينبغي ألا تطأ أقدامنا على أرض لم تطأها ركبنا المنحنية في الصلاة.

وايضا إرادة الله يصحبها سلام في القلب:

ينبغي ألا يكون هناك ما يثير شكوكنا في أننا عاملون إرادة الله. من حقنا أن نتمتع {بسلام الله الذي يفوق كل عقل} ( فيليبي 7:4). إن لم يوجد هذا السلام فلا بد أن هناك خطأ، وعلينا أن نرجع ثانية لكلمة الله، والصلاة، ونراجع الظروف المحيطة مرة أخرى.

ينبغي أن تتفق جميع الوسائط التي بها نعرف إرادة الله، بعضها مع بعض، فالله لن ينكر نفسه، ولا يمكن أن يناقض نفسه بنفسه، ولذلك فإن تعاليم الكتاب، واستجابة صلواتنا، وظروف العناية الإلهية التي تحيط بنا، وسلام الذهن والقلب، كل هذه ينبغي أن تتمشى معاً في انسجام تام.

إن اعتمادنا على إرشاد الله، واليقين بأن إرادته صالحة ومرضية وكاملة هذا الأمر سوف يهبنا السلام من جهة المستقبل. إن العالم مليء بالأرواح الشريرة التي تحاول أن تخدع الغافلين فعلينا أن نحافظ على سلامة هذه البصيرة الروحية {أيها الأحباء لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله} (1 يوحنا 1:4).

أبحث عن إرادة الله في كلمته في نور وإرشاد الروح القدس. إذا نظرت للروح القدس وحده دون الكلمة فإنني حتماً سأرتبك. لا يمكن للروح القدس أن يرشدنا إلا في نطاق المكتوب في كلمة الله ولن يتعارض مع الكلمة.

بعد ذلك أعطي اعتباراً للظروف المحيطة ومتى اتفقت هذه الظروف مع إرشاد الروح القدس والكلمة أصبح من السهل تحديد إرادة الله. صلي طالباً من الله أن يعلن إرادته.

فعن طريق الصلاة لله، ودرس الكلمة، وإرشاد الروح القدس تكون قد اختبرت صحة ارادة لحياتك سواء في الأشياء التافهة أو في المواقف الخطيرة والتطورات الهامة.