العودة الى الصفحة السابقة
من هم شعب الله؟

من هم شعب الله؟

القس. جون نور


يريد الله شعباً لنفسه، شعباً ينتمي له لا لأنه محب للامتلاك ولكن لأنه يريد أن يعطيهم، فهو يريد شعباً يكون محبوباً له.

ولكن تمرد الإنسان وطبيَعَتهُ الخاطئة غير المطيعة جعلت من المستحيل أن يتمتع بنوع العلاقة التي رسمها الله بينه وبين الإنسان، لم يستطع الإنسان أن يحصل على كل ما أراده الله أن يحصل عليه، وهذا أحزن الله.

جاء في سفر التكوين: «ورأى الرب أن شر الإنسان قد كثر في الأرض. وأن كل تَصُورٍ أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم. فحزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض. وتأسف في قلبه»(تكوين 6: 5-6).

فقرر الله: «أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته»، ولكن رجلاً واحداً وهو نوع «وجد نعمة في عيني الرب» وقد وصفه الكتاب المقدس: «رجلاً باراً كاملاً في أجياله» فهو الرجل الوحيد الذي كان على علاقة حسنة بالرب في ذلك الوقت.

وعلى الرغم من أن «الأرض فسدت وامتلأت ظلماً»، إلا أن الله لن يحكم على إنسان بار بالموت، فقد كان نوع الوحيد المهتم بأن يكون رجل الله، لهذا جازى الله أمانته. أراد الله أن يخلص شعبه، إلا أن الجميع ما عدا نوح كانوا مشغولين بأمورهم ولم يهتموا بالله أو بخلاصه.

وسمع نوح صوت الله له بأن يبني فلكاً نتيجة لعلاقته مع الله، لأن الله قال: «آت بطوفان الماء على الأرض لأهلك كل جسد فيه روح حياة من تحت السماء، كل ما في الأرض يموت».(تكوين 17:6).

وبالطبع لا يبدو أن هذا هو إله الحب الذي يتكلم ولكنه إله الدمار، ولكن في وسط هذا الدمار يود الله أن يظهر رغبته في أن يحب ويخلص، فلا يَهدِفُ الله إلى التدمير ولكن إلى إعطاء حياة، فالله يريد أن يرى نهاية لكل الشر والكره الذي امتلأت به خليقته، فهو إله العدل كما كتب بولس الرسول بعد آلاف السنوات من قصة نوع «أجرة الخطية موت». أظهر الله للإنسان العواقب الوخيمة المترتبة على تمرده وخطيته وعدم طاعته وأنانيته، وبالطبع انتهى الأمر بالجنس البشري في زمن نوح بالدمار، بدلاً من الحب والفرح والسلام الذي أراد الله أن يعطيه لشعبه.

قال الله لنوح خادمه الأمين:

«ولكن أقيم عهدي معك. فتدخل الفلك أنت وبنوك وامرأتك ونساء بنيك معك. ومن كل حي من كل ذي جسد اثنين من كلٍ تدخل إلى الفلك لاستبقائها معك. تكون ذكراً وأنثى»(تكوين 6: 18-19).

وهنا يقدم الله فكرة الدخول في عهد مع نوح، والعهد هو اتفاقية أي عقد قانوني، ولم يكن على الله أن يدخل في مثل هذا النوع من الاتفاقيات، لكنه اختار بإرادته أن يفعل هذا.

أولاً يجب أن يكون نوح مطيعاً لما يقوله الله له:«ففعل نوح حسب كل ما أمره به الرب»(تكوين 5:7).

وخلص الله نوحاً وعائلته من الطوفان ثم دخل مع خادمه نوح في العهد الذي وعده به: «أقيم ميثاقي معكم فلا ينقرض كل ذي جسد أيضاً بمياه الطوفان. ولا يكون أيضاً طوفان ليخرب الأرض»(تكوين 11:9).

ما زال الله اليوم يرغب في أن يكون له شعب، شعب خاص له، وهو يريدك أن تكون من بين هؤلاء الذين يعرفون أنهم ينتمون إليه، فهو يريدك أن تكون له، لهذا فإنه من نبع حبه لك يستطيع أن يعطيك حتى تسدد كل احتياجات حياتك.

وأنت محاط بالكثير من الدمار والعنف مثل نوح من الممكن ألا تفهم أن الرب يحب خليقته أو لماذا لا يتدخل الله أكثر من ذلك حتى يحل مشكلات العالم.

ربما تشعر بالغضب والتمرد في قلبك نحو الله لأنك تؤمن بأنه أعطاك أمراً يصعب عليك أن تتعامل مَعهُ وتعالجه، وربما تشعر بأنك مملوء بالذنب لدرجة أنك لا تستطيع أن تكون على علاقة طيبة مع الله ولا تفهم لماذا يريد الله أن يعطيك.

يريد الله أن يظهر لك أنه يحبك وأنه يهتم بك لدرجة أنه يريد أن يسدد كل احتياجاتك، فهو يريدك أن تتحرر من الغضب والشعور بالذنب والشك، ويريدك أن تشعر بالحرية لتحبه وتصلي بإيمان عالماً أنه سيستجيب لصلواتك.

لقد كان نوح رجل إيمان عظيم، فقد سمع الرب وآمن بكلمته التي تحدث بها إليه نتيجة لعلاقته الشخصية مع الرب.

ومعنى الإيمان بالله هو أن تفعل ما يتوافق مع ما وعدك به، وهذا لا يعني أن تسمع وتوافق على ما يقوله الله لك، ولكن معناه أن تفعل ما يقوله الله لك، وأن تجعل هذه الكلمات حية في حياتك.

«بالإيمان نوح لما أوحى إليه عن أمور لم تر بعد خاف فبني فلكاً لخلاص بيته» (عبرانيين 7:11).

نحن ننعم بالكتاب المقدس الذي هو كلمة الله التي يتحدث بها إلى شعبه عبر آلاف السنين، وهو إعلان عمن هو وما هي أهدافه.

فمتى شئنا أن نستمع إلى صوت الله ما علينا إلا أن نلتجئ إلى صفحات الكتاب المقدس، وهناك سنجد أن هذه الكلمات واضحة وذات مغزى أكثر من الكلمات التي تحدث بها الله إلى نوح لأن هذا هو وعد الله إلى كل شعبه في العهد الجديد:«إن طلبتم شيئاً باسمي يكون لكم».

وما هذا الوعد إلا جزء صغير من وعود الله في محبته وكرمه العظيم.