العودة الى الصفحة السابقة
الاستجابة لإرادة الله

الاستجابة لإرادة الله

جون نور


سوف نتأمل في موضوع عملي فيما يتعلق بالاستجابة لإرادة الله في حياتنا. إنّ الله يريد أن يبدأ مع كل واحد منا شخصياً حيث نحن، وأن يرشدنا إلى حيث يريدنا أن نسير. فهل تسمح لله بأن يبدأ معك حيث أنت؟ وهل تطلب أن تعرف إرادته بكل طريقة ممكنة؟ هل تجعل قلبك وعقلك يظلان مفتوحين لقيادة الروح القدس؟ هل تسمع هذا البرنامج بعناية وبروح الصلاة، طالباً من أبينا السماوي، أن يعلن لك إرادته وغرضه، في كل ناحية من نواحي حياتك؟

إن دعوة يسوع الأساسية كانت ولا تزال: {اتبعني}. وجه يسوع هذه الدعوة لتلميذه بطرس في بدء حياته مع يسوع (مرقس 17:1)، ووجهها أيضاً له في ختام حياته معه، (يوحنا 22:21). وهذه الدعوة التي وجهها المسيح للرسول بطرس وسائر التلاميذ ما تزال هي دعوة السيد لكل تلميذ في كل عصر. هي دعوته لك ولي. تأتينا أولاً في اختبار الخلاص. ويلازم هذا الاختبار دعوة لإتباع المسيح إتباعاً معه نجعل إرادته وطريقه في المكان الأول في حياتنا.

عندما نقبل دعوة يسوع، نجد أنها قد أصبحت أمراً بل مهمة تفويض من الله . كانت دعوة يسوع الأساسية {تعال اتبعني} فأضحت دعوته الختامية {اذهب}. ولا عجب فقد كان الإتيان إلى يسوع تمهيداً للذهاب.

وقف يسوع بعد قيامته، في إحدى ظهوراته، وسط دائرة تلاميذه الداخلية الخاصة وهم خائفون ومتحيرون، وقال لهم {سلام لكم. كما أرسلني الآب أرسلكم أنا} (يوحنا 21:20).

هو أرسل ونحن أيضاً نرسل. هو أرسل إلى العالم ليفعل إرادة أبيه، ونحن نرسل لنفعل إرادته هو. هو أرسل ليعلن الآب، ونحن نرسل لنعلنه هو. هو أرسل ليفتدي الإنسان، ونحن نرسل ليكون لنا تأثيرنا الفادي بين الناس. ونحن إنما نقدر أن نعلنه على قدر ما نتبعه فقط، وعلى قدر ما نسمح له أن يحيا فينا وأن يعلن ذاته بواسطتنا.

إن دعوة المسيح تطالباننا بأن نقدم أفضل ما لدينا، ونكون أفضل ما يمكننا أن نكون لأجله. إنه لا يريد أتباعاً فاتري الهمة، ضعفاء الرغبة. لقد كانت نصيحته: {قف وأعمل حساب النفقة، فما لم تكن راغباً أن تدفع الثمن فخير لك أن لا تبدأ في أتباعي}. هل ترى ان مامن زعيم شعبي قدم لشعبه تحدياً مماثلاً لهذا.

هل شعرنا بتحدي دعوته؟ وأهم من ذلك، هل لبينا دعوته؟ إن المسيح لا يأمر بتجنيد أتباع غير راغبين. إنّ ضعف كثيرين ممن يدعون أنهم أتباعه وترددهم يلحقان أضراراً كثيرة برسالة المسيح. نحتاج أن ندرك بأشد وضوح أننا مدعوون، ليس فقط إلى قبول المسيح مخلصاً لنا، بل إلى قبوله رباً لحياتنا.

إن كان المسيح رباً لنا، وهو ربنا طبعاً إن كنا من أتباعه، فنحن إذاً خدامه أو عبيده، ندين له بولاء تام فوق كل ولاء. وهذا يعني أن كل دائرة في حياتنا ينبغي أن تكون تحت تصرفه، وأن توضع تحت إمرته. إن أجسادنا هي له. هذا هو التحدي! فما هو جوابنا عليه؟ إن اتخذنا هذا التحدي بطريقة جدية، وصممنا أن نفعل إرادة الله، وأن نطلب ملكوته أولاً، وأن نجعل المسيح رباً لحياتنا، فسنكتشف، حتى في أيامنا هذه، إن الثمن أغلى بكثير مما تصوره بعضنا. ولا يدهشنا هذا الأمر. فإن المسيح الذي جاء ليتمم إرادة الآب، كان عليه أن يسير إلى الصليب، في طريق جثسيماني.

إن جعلنا إرادة الله إرادتنا، وسلكنا الطريق الذي سلكه يسوع، فسيقودنا هذا الطريق إلى الصليب، إذ أن الصليب هو العلامة الدائمة للتضحية.

كثيرون منا لا يفكرون في معنى التتلمذ للمسيح إلا تفكيراً محدوداً جداً. فالتلميذ عندهم هو طالب يتعلم من معلمه. أما بخصوص معلمنا أو سيدنا. فأفضل سبيل للتعلم هو أن نسلك الطريق التي سلكها، طريق إنكار النفس والتضحية. وكم من مرة ذكر المسيح أنه لم يأت ليفعل إرادته بل إرادة الذي أرسله.

قد يقول بعضكم {إني لا أعرف عدداً يذكر من المسيحيين، الذين يأخذون الدعوة لأتباع المسيح مأخذاً جدياً. إني لا أعرف كثيرين ممن ينكرون نفوسهم، ويحملون صليبهم، ويتبعون المسيح}. وهذا صحيح للأسف الشديد، وهو يعطل عمل المسيح أكثر من أي شيء آخر.

أين نحن في سيرنا مع المسيح؟ بل ليكن السؤال شخصياً بصورة أدق: إلى أي حد تطلب أن تعرف إرادة الله وأن تتممها بأمانة؟ هل أنت تطلب إرادته في كل دائرة في حياتك، بغض النظر عما يقوله الآخرون أو يفعلوه؟

إن الدخول إلى ملكوت الله مشروط بعمل إرادته (متى 21:7). والقرابة ليسوع مؤسسة على عمل إرادة أبيه، {لأن من يصنع مشيئة أبي الذي في السماوات هو أخي وأختي وأمي} (متى 50:12). ثم هناك نتيجة مجيدة أخرى. وهي أنه كلما كنا أكثر طاعة له، صرنا أكثر شبهاً له. إن من مقاصد الله لحياتنا، أن صورته داخلنا، تلك الصورة التي افسدت بسبب الخطية، ينبغي ان تستعاد إلى حقيقتها، وذلك يتم عن طريق اتحادنا بالمسيح. وإعادة هذه الصورة لا تتم بالكمال والتمام إلا عند نهاية سفرة الحياة. عندما نستيقظ بشبهه. وننموا في مشابهتنا له، عندما نسير معه في طاعة متواضعة.

إن الله يحترم الإنسان الذي خلقه. لقد أعطاه إرادة، وهو لا يرغمه، ولا يذل إراداته قسراً، لا في الاختبار الأساسي عندما يصبح ابناً لله، ولا في التحدي المستمر الذي تقدمه دعوته على الدوام.

ما أعجب، وما أمجد أن يستطيع كل منا أن يقول مع المرنم {أن أفعل مشيئتك يا إلهي سررت} (مزمور 8:40)! في نهاية هذه الحلقة ادعوك الى ان تفتح ابواب قلبك وعقلك لكي ما تستجيب لإرادة الله في حياتك وذلك بتسليم كل ذاتك وحياتك لشخص الرب يسوع المسيح.