العودة الى الصفحة السابقة
الصلاة

الصلاة

جون نور


الكتاب الوحيد الكافى الذى عالج موضوع الصلاة في أي عصر من العصور هو الكتاب المقدس. أما كل ما كُتب عنها في غير الكتاب المقدس فيشعرنا بأن هناك أعماقاً لا يمكن الوصول إليها، وأعال لا سبيل لبلوغها. ولا ننوي هنا أن نحسّن أو نزيد على ما كتبه الآخرون. بل كل ما نستطيعه هو أن نلخص بعض المبادئ الهامة للصلاة، لا سيما تلك المبادئ التى تتصل بالتلمذة الحقة.

  1. ان أفضل الصلوات هي التى تصدر عن حاجة داخلية قوية ملحة، وكم اختبرنا جميعاً صدق هذا في حياتنا. فعندما تكون حياتنا هادئة ساكنة، تكون صلاتنا ضعيفة فاترة. ولكن عندما نجوز بأزمة، أو نواجه خطراً، أو نقاسي مرضاً بالغ الخطورة، أو نجتاز في حزن مرير، تصبح صلواتنا حارة وحيوية ونشيطة. قال أحدهم «من أراد أن يُدخل سهمه في كبد السماء، عليه أن يطلقه من قوس منحن تمام الانحناء». وكذلك فالقلب المنحنى المنكسر والشعور بالضعف والحاجة تغمر الصلوات المؤثرة الصادقة التي تصل إلى أذن الله. ونحن، مع الأسف، ننفق أفضل أيام حياتنا في الجهاد لتأمين المستقبل والحصول على جميع ضروريات الحياة وكمالياتها، وبالوسائل المتعددة البشرية نحصل على ثروة، ونكدس الأموال، حتى لا نشعر بحاجة لشيء. ثم نسائل أنفسنا بعد ذلك : لم يا ترى صلواتنا منحلة فاترة؟ ولماذا لا تنزل نار من السماء؟ لو كنا نسلك حقاً بالإيمان لا بالعيان، لتفجرت صلواتنا وتأثرت بها حياتنا.

  2. من شروط الصلاة الناجحة أن «نتقدم بقلب صادق»(عبرانيين 22:10). وهذا يرينا وجوب الإخلاص والصدق أمام الرب. فنطرد الرياء، ولا نسأل الله أبداً شيئاً في مقدورنا نحن أن نفعله، مثلاً لا نسأل الله أن يدبر مبلغاً معيناً من المال لمشروع مسيحي إن كان عندنا نحن أنفسنا فائض من المال يمكن استخدامه في هذا المشروع. فإن الله لا يخدع ولا يؤخذ على حين غرة. وهو لا يجيب صلاة سبق أن أجابه

  3. إن أردت أن تحصل على قوة في الصلاة فلا تحجز شيئاً ولا تمنع شيئاً، بل سلم الكل تمام التسليم للمسيح، كن له بجملتك، اترك كل شئ واتبع المخلص. الصلاة المشفوعة بالتكريس التام المعترفة بسيادة المسيح وملكه الشامل، هى الصلاة التى يستجيبها الله.

  4. تجنب الصلاة الأنانية . قال يعقوب في رسالته: تطلبون ولستم تأخذون لأنكم تطلبون ردياً لكي تنفقوا في لذاتكم(يع 3:4). إن الثقل الرئيسي في صلاتنا يجب أن يكون الاهتمام بما للرب. يجب أن نصلي أولاً«لتكن مشيئتك كما فى السماء كذلك على الأرض». ثم نصلي بعد ذلك قائلين «خبزنا كفافنا أعطنا اليوم»

  5. علينا أن نصلي حسب مشيئة الله ، عندئذ نثق أنه يسمعنا ويجيبنا «وهذه هي الثقة التى لنا عنده أنه إن طلبنا شيئاً حسب مشيئته يسمع لنا. وإن كنا نعلم أنه مهما طلبنا يسمع لنا، نعلم أن لنا الطلبات التي طلبناها منه»(1يو 14:5و15).

    الصلاة باسم الرب يسوع معناها أن نصلي حسب إرادته. فعندما نصلي باسمه فكأنه هو يصلي ويقدم الطلبة إلى الله أبيه «مهما سألتم باسمي فذلك أفعله ليتمجد الآب بالابن. إن سألتم شيئاً باسمي فإني أفعله»(يوحنا 13:14و14)، "وفي ذلك اليوم لا تسألونني شيئاً. الحق الحق اقول لكم إن كل ما طلبتم من الآب باسمي يعطيكم. إلى الآن لم تطلبوا شيئاً باسمي. اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملاً»(يوحنا 23:16،24). «واقول لكم أيضاً إن اتفق اثنان منكم على الأرض فى أي شيء يطلبانه فإنه يكون لهما من قبل أبي الذي في السموات. لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم»وبالتالي فالصلاة باسم المسيح معناها أننا نصلي حسب إرادته المباركة. هل يمكن أن أطلب شراَ باسم ابن الله؟ إذاً صلاتي يجب أن تكون تعبيراً صادقاً عن طبيعته. هل أستطيع أن أفعل ذلك في الصلاة؟ يجب أن تظهر في صلواتنا نفخة قوة الروح القدس، وفكر المسيح، ورغبات المسيح فينا ولأجلنا. ليت الرب يعلمنا أن نصلي باسمه وحسب مشيئته، وليس فقط أن نختم الصلاة بهذه العبارة: "نطلب هذا باسم المسيح ربنا المبارك". فهذا لا يكفي فإن الصلاة كلها يجب أن تتشبع وتتشرب باسم المسيح المبارك، وان تكون حسب ما تقتضيه طبيعة هذا الإسم.

  6. إذا أردنا أن ننال نتيجة صلوتنا، فعلينا أن نتحاسب مع الله يوماً بعد يوم أى يجب أن نعترف بخطايانا ونتركها حالما نشعر أنها دخلت إلى حياتنا. «إن راعيت إثماً في قلبي لا يستمع لى الرب»(مزمور 18:66) ، يجب أن نثبت في المسيح «إن ثبتم فيّ وثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم»(يوحنا 7:15)، فان أردنا أن تُسمع صلواتنا وتستجاب فعلينا أن نضع أنفسنا بين يديه لتكون مرضية امامه.

  7. لا يجوز أن نكتفي بالصلاة في أوقات معينة محدودة أثناء اليوم، بل علينا أن ننمي في أنفسنا روح الصلاة، فننظر إلى الرب بلا انقطاع ونحن نمشي في الشارع أو نسوق السيارة أو نشتغل في المكتب أو نخدم في البيت.

  8. أخيراً نصلي لأمور معينة محددة وإلا كيف ننتظر الإجابة إن لم يكن الطلب محدداً ومعيناً. إن في الصلاة امتيازاً عجيباً إذ بها نستطيع أن نحرك الإنسان بواسطة الله. ما أعظم القوى التي تضعها الصلاة بين أيدينا. وبواسطتها نقوم بمعجزات عظيمة. فإننا نستطيع أن نحمل نور الشمس إلى الأماكن المظلمة الباردة ، وأن نضيء مصباح الرجاء في سجن اليأس وأن نحل سلاسل السجناء وقيودهم، وأن نحمل لمحات وومضات وخواطر عن بيتنا السماوي إلى من يجهلونه وأن ننعش الفاترين الضعفاء بنسمات سماوية منعشة ولو كانوا يعملون عبر البحار. هذه بعض معجزات الصلاة.