العودة الى الصفحة السابقة
الخوف يتعارض مع الإيمان

الخوف يتعارض مع الإيمان

القس. جون نور


يتعارض الخوف مع الإيمان، فعندما تكون خائفاً فأنت بهذا لا تثق في الله.

نختبر جميعاً الشعور بالخوف والقلق في حياتنا اليومية، فتراودنا مخاوف في مجال العمل أو العائلة أو الأمور المالية أو المستقبل. ولكن الله يعطينا وصية بسيطة ألا وهي «لا تخافوا» وهي وصية تتكرر مئات المرات في الكتاب المقدس، إذ إنها العبارة التي كثيراً ما ترددت على لسان يسوع، فقد كان يسوع يؤكد لسامعيه أن الآب يعلم احتياجاتهم وأنه يريد أن يسددها، لهذا لا توجد ضرورة للشعور بالخوف أو القلق. تقول كلمة الله في الكتاب المقدس على لسان الرب يسوع :

«وحينما تصلون لا تكرروا الكلام باطلاً كالأمم، فإنهم يظنون أنه بكثرة كلامهم يستجاب لهم».(متّى 7:6).

«لذلك أقول لكم: لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون. ولا لأجسادكم بما تلبسون. أليست الحياة أفضل من الطعام، والجسد أفضل من اللباس»(متّى 25:6).

«من منكم إذا اهتم يقدر أن يزيد على قامته ذراعاً واحدة»(آية 27). ما النفع الذي سيعود به القلق عليك؟ لا شيء، ولكن بدلاً من القلق ليكن لك إيمان في وعود الآب.

«فإذا كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم ويطرح غداً في التنور، يلبسه الله هكذا أفليس بالحري جداً يلبسكم أنتم يا قليلي الإيمان؟ فلا تهتموا قائلين: ماذا نأكل؟ أو ماذا نشرب؟ أو ماذا نلبس؟ فإن هذه كلها تطلبها الأمم. لأن أباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها»(آية 30 – 32).

فالله هو أبوك، وأنت إبنه .. وكل وعود الله الآب هي لك، فهو يحبك، ويهتم بك، ويريد أن يسدد كل احتياجاتك. فهو يعلم هذه الاحتياجات حتى قبل أن تسأله.

ولهذا يخبرنا يسوع: «ولكن أطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم»(متّى 33:6).

وهذا وعد عظيم بعد وصية مهمة، فإذا طلبت أولاً ملكوت الله وكنت في علاقة سليمة معه فكل احتياج في حياتك سيتم تسديده، ولهذا فأنت بحاجة إلى أن تعطي نفسك بالكامل إلى الرب حتى تصبح باراً بدم يسوع وتصبح في علاقة سليمة معه وتعرفه كأب وتمتلئ بالروح القدس، وتخضع كل شيء له حتى يصبح «ملكاً» و «سيداً» على حياتك، فيجب أن يملك بالكامل عليك، ويجب أن تسلم له حياتك ليس من أجل أغراضك الأنانية ولكن من أجله، ومن أجل أن تكرمه، وأن تعطيه المجد.

إذا كنت ستحيا لله، فهو يعدك بأن كما قال «هذه كلها تزاد لكم» ويخبرنا يسوع أن نصلي: «أبانا الذي في السماوات». وهذا امتياز رائع لأولاده، ليس فقط أن يعرفوه كأب وأن يكونوا على هذه العلاقة معه، ولكن أن يدعوه حتى يستخدم كل الموارد السماوية ليسدد احتياجاتنا وفقاً لوعوده، فإذا كنا نؤمن بوعوده فهو سيعطينا.

إن كلمة «أب» هي أثمن كلمة بالنسبة للمؤمن، فهي تتحدث عن حب الله واهتمامه ورعايته ورغبته في أن يعطي.

فلا يريد الأب أن يرى إيمان يسوع فقط في أولاده ولكنه يتطلع لكي يرى حبه فيهم، وليرى حياته فيهم واضحة في رعايتهم لبعضهم البعض، ورغبتهم في الحصول على المصادر السماوية حتى يسددوا احتياجات الآخرين.

هذا وعد مؤكد من يسوع. «كل من يسأل يأخذ» وهذا يشتمل عليك أنت أيضاً. كل من يطلب من القلب، مؤمناً بالوعد أن الله سيعطيه من خلال ابنه، ولذلك عندما تطلب تذكر أي أب سماوي هذا الذي تطلب منه:

«أم أي إنسان منكم إذا سأله ابنه خبزاً يعطيه حجراً. وإن سأله سمكة يعطيه حية. فإن كنتم وأنتم أشرار تعرفون أن تعطوا أولادكم عطايا جيدة، فكم بالحري أبوكم الذي في السماوات يهب خيرات للذين يسألونه»(متّى 9:7 – 11).

هذه هي مسرة أبيك أن يعطيك عطايا جيدة، فقد أرسل ابنه ليحررك من كل ما هو شرير حتى يستطيع أن يعطيك من خلال حبه الأبوي حياة أفضل، ونجاحاً وشفاءً فهذا هو هدفه في حياتك.قال يسوع: «السارق لا يأتي إلا ليسرق ويذبح ويهلك، وأما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكن لهم أفضل»(يوحنا 10:10).

إبليس هو السارق، وهدفه أن يسرقك فهو يريد أن يسلب فرحك ويملأ حياتك بالاضطراب والقلق والخوف، ويريد أن يأخذ منك حب الآخرين وأن يملأك بالخوف والشك والكره، ويريد أن يدمر إيمانك في الله ويملأك بالشك، فهو يكرس حياته حتى يدمر الصحة التي في جسدك وذهنك وروحك، ويريد أن يزعزع سلامك ويأتي إليك بالمرض والألم.

ليس عليك أن تسأل إذا كان الله يريد أن يحدث أي من هذه الأمور الشريرة في حياتك، فالآب يعلم أن البشر غير الكاملين يعرفون كيف يعطون عطايا صالحة لأولادهم، فكم بالحري أبوك الذي يحبك حباً كاملاً يريد أن يملأ حياتك بالعطايا الصالحة وأن يحررك من أي أعمال للشيطان في حياتك، فكل هذا كلفه حياة ابنه العزيز لكي يتاح لك كل هذا، وهو لا يريد أن يذهب هذا الثمن الغالي هباءً.

ولا يريدك أن تؤمن بأقل من الصلاح التام لحياتك: صحة لجسدك ولنفسك وروحك، فهو يريد أن يسدد كل احتياجاتك مهما كانت طبيعة هذه الاحتياجات.

لتكن كلمات إيمانك ما قاله:

«فأبوكم يعلم كل ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه».-