العودة الى الصفحة السابقة
يسوع خبز الحياة

يسوع خبز الحياة

القس. جون نور


قال يسوع : {أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء. إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد}.والخبز الذي أنا أعطي هو جسدي الذي أبذله من أجل العالم (يو 51:6).

إن المسيح لم يقدم لنا طعاماً مادياً كالذي قدمه للجموع الذين اجتمعوا حوله والذي كان مكوناً من أرغفة وسمك، لكنه قدم لنا جسده هو حيث قال: الخبز الذي أنا أعطي هو جسدي باعتباره (الخبز الحي الذي نزل من السماء)، الخبز الذي يهب حياة أبدية لكل من يأكله، إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد..

ومع أن الخبز طعام أساسي وضروري لا يستغني عنه إنسان، إلا أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله,والمسيح هو كلمة الله المتجسد، المن السماوي الواهب حياة للعالم.

إن المسيح بالنسبة لنا ليس مجرد إله نتعبد له، أو سيد نخضع له، أو معلم صالح نقتفي أثره، لكنه خبز حياتنا، وطعامنا اليومي، الطعام الذي به نحيا.

لقد قدم المسيح جسده لأجلنا، واجتاز هذا الجسد في جميع المراحل التي تجتاز فيها حبة الحنطة حتى تصبح خبزاً. فكما ينبغي أن تدفن حبة الحنطة وتتحلل أجزاؤها في التربة وتموت تماماً حتى يمكن أن تأتي بثمر كثير، هكذا فعل المسيح. لقد مات لكي يأتي بأولاد كثيرين إلى الملكوت. وكما ينبغي أن تطحن حبة الحنطة بين حجري الرحى، وتسحق سحقاً كاملاً، وتتحول إلى دقيق، هكذا سحق المسيح بين حجري الغضب، غضب الله من فوق وغضب الإنسان من تحت، (وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا}، وكما ينبغي أن يمزج العجين ويضرب، هكذا إمتزج المسيح بالألم وضرب بعصا الناموس لأجلنا. وكما يوضع الخبز في النار حتى ينضج، هكذا الرب يسوع المسيح إجتاز نيران عدل الله فوق الصليب حتى يصبح جسده (مأكل حق) يهب حياة لكل من يأكله.

وما أعظم البركات التي يمتعنا بها هذا الخبز

نحن الأموات بالذنوب والخطايا، متى تناولنا هذا الخبز الحي، تدب فينا الحياة ونصبح أحياء روحياً، وهذه الحياة لا تنتهي بانتهاء الجسد بل تستمر إلى الأبد، لإنه إن أكل أحد من هذا الخبز فإنه يحيا إلى الأبد. فالمسيح يهبنا الحياة بطريقتين.

بموته لأجلنا: باعتباره حبة الحنطة التي ماتت ودفنت وسحقت لأجلنا.

وبحياته فينا: لأنه لا يقيمنا من قبور خطايانا فحسب، ولا يشبع جوعنا فقط، لكنه يمدنا بحياة مستمرة. إن الأكل منه يعطي حياة أبدية، وإذ نثبت فيه، ويثبت هو فينا، نتقوى وتتشدد حياتنا الروحية.

إن المسيح يقدم نفسه للجميع، سواء كان غنياً أم فقيراً، متعلماً أم جاهلاً، رجلاً أم امرأة، خاطئاً أم متديناً. يستطيع رغيف الخبز أن يشبع جسد الجائع لساعات قليلة يشعر بعدها بالجوع مرة أخرى لكن يسوع خبز الحياة يشبع النفس إلى الأبد. فلا تعود تشعر بالجوع والحرمان.

لا تحاول أن تشبع نفسك بأطعمة الجسد وملذات العالم، فهذه كلها وإن كانت تشبع جسدك لكن هيهات لها أن تشبع نفسك.

علينا أن نثق في قوته وقدرته، وصدق مواعيده، وأنه يهبنا الحياة الأبدية، وأنه قادر أن يحفظنا، ويشبعنا، ويسدد كل إحتياجاتنا. إن الذي اشبع الآلاف بخبزات الشعير يستطيع أن يشبعنا نحن أيضاً، وفتاتة واحدة من مائدة يسوع أنفع لنا من كل كنوز العالم.

ما أعظم الفرق بين أطعمة العالم وبين خبز الحياة!!.. نقرأ في الكتاب المقدس عن الإبن الضال أنه ترك بيت الآب وذهب إلى الكورة البعيدة وهناك بذر ماله بعيش مسرف، فابتدأ يحتاج وكان يشتهي أن يملأ بطنه من الخرنوب الذي كانت الخنازير تأكله، فلم يعطه أحد). هذه هي النتيجة الحتمية للإرتداد والضلال بعيداً عن بيت الآب.

لكن لما رجع إلى نفسه، وتذكر حالته الأولى في بيت أبيه والأطعمة الفاخرة التي كان يتمتع بها، وعندما أيقن خطورة مصيره إذا استمر في الكورة البعيدة وأنه سوف يهلك جوعاً، حينئذ قام وذهب راجعاً معترفاً بخطئه وعدم إستحقاقه، فقبله أبوه فرحاً مسروراً وقال لعبيده: {قدموا العجل المسمن). ما أعظم الفرق بين خرنوب الخنازير والعجل المسمن!!. ليتنا نحذر طريق الكورة البعيدة. ليتنا نقنع ببركة الوجود الدائم في بيت الآب السماوي حيث الرعاية والشبع الكامل.

فإن كان المسيح قد قدم جسده لأجلنا، ألا ينبغي أن نقدم نحن أجسادنا ذبيحة حية مقدسة مرضية لله؟. ألا ينبغي أن نشكره على خبز الحياة، العطية التي لا يعبر عنها؟. ألا ينبغي أن نأكل من هذا الجسد ونتمم الوصية التي تقول: إن لم تأكلوا جسد إبن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم؟ ألا ينبغي أن نخبر كلما أكلنا من هذا الخبز بموت الرب إلى أن يجيء؟. صلي الى الآب السماوي لكي تفهم ماقلته لك روحيا لكي تدرك المعاني الروحية من وراء ذلك والرب معك.