العودة الى الصفحة السابقة
المرأة مساوية للرجل في الخليقة

المرأة مساوية للرجل في الخليقة

جون نور


عندما خلق الله حواء من ضلع آدم خلقها معيناً نظيره (تك 18:2 و 20)، كلمة نظير تعني الند أو المساوي. وقد قال المفسر العظيم متى هنري بهذا الشأن إن المرأة لم تخلق من رأس آدم لكي لا تتسلط عليه ولا من رجليه حتى لا يدوسها بقدميه وإنما أخذت من جنبه لكي تكون مساوية له، من تحت ذراعه لكي تكون قريبة من قلبه وموضوع حبه وتحت حمايته، فهي نفسه الثانية التي أحضرها الله إليه بنعمته.

ومن المهم أن نفهم جيداً المقصود بالكلمة معين، فالمعين هو الشخص الذي يساعد المحتاج للمعونة. وقد استخدمت هذه الكلمة عن يهوه كمعين في قول الوحي أنفسنا انتظرت الرب. معونتنا وترسنا هو (مز 20:33). والقول طوبى لمن إله يعقوب معينه ورجاءؤه على الرب إلهه (مز 5:146). والقول عن موسى.. لأنه قال إله أبي كان عوني وأنقذني من سيف فرعون.. (خر 4:18). وعلى ضوء هذا يكون الرجل هو المحتاج. وكلمة معين يمكن استخدامها للرجل والمرأة على السواء، وهي لا تدل على درجة أو دور أعلى أو أدنى، فكل الأعضاء في الجسد الواحد تحتاج إلى بعضها البعض.

وبالإضافة إلى ذلك ما يجب أن نعي له ونفهمه جيداً هو أن آدم الأول الذي توفرت له كل مطالب الحياة بل نعيم جنة الله وما ملكه من سلطة وسلطان لنرى أنه من العجب العجاب أن آدم أحس في نفسه بأنه في احتياج إلى وجود أنيس يؤنس وحدته. ودليلنا على ذلك قصة الخلق التي تقول تلك الكلمات الصادقة: (وأما لنفسه فلم يجد معيناً نظيره). ألا ترى معي يا عزيزي المستمع أن كل نعيم جنة الله في عدن لم يغن آدم عن وجود حواء بل نراه يشتاق إلى وجودها؟ بل إن إرادة الله ذاتها هي التي أودعت في قلب آدم تلك الأشواق إلى وجود حواء الزوجة ليطمئن قلبه ويسكن إليها.

لهذا نجد القول العجيب الصادق (فأوقع الرب الإله سباتاً على آدم فنام فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحماً. وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة وأحضرها إلى آدم). ونجد أن آدم قد أجريت له أول عملية جراحية قام بها الطبيب الأعظم جل شأنه وعلت قدرته. فإذا وقفنا قليلاً لنتساءل في عظمة وقدرة وحكمة الخالق فإننا لا يسعنا سوى أن نهتف بكل قلوبنا، ونقول معاً ما أعظم أعمالك يا الله، وما أعمق أفكارك، فكلها بحكمة قد صنعت. فإن آدم حينما استيقظ من سباته تهلل ورقص قلبه طرباً، وقال هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي. هذه تدعى امرأة لأنها من امرئ أخذت. وهذا هو أساس اسمها لأنها من امرئ هو آدم الإنسان الأول، فبعد أن خلق الله آدم من تراب الأرض خلق تلك المرأة بهذه الصورة الرائعة.

في الخليقة الجديدة الجميع واحد في المسيح:

في الخليقة الجديدة بعمل نعمة المسيح في حياة المؤمنين ألغى الرب كل تمايز بين الرجل والمرأة، ولذلك شدد الرسول بولس على أن في المسيح لا فرق إذ يقول: ليس ذكر وأنثى لأنكم جميعاً واحد في المسيح يسوع(غل 28:3). وهنا لا يقول: رجل وامرأة، بل ذكر وأنثى قاصداً في ذلك إلغاء الأسباب التي فرقت بين الرجل والمرأة بسبب الجنس، ويعود بولس في موضع آخر ليؤكد التساوي المطلق والمتبادل في الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة في الحياة المسيحية بقوله: {غير أن الرجل ليس من دون المرأة ولا المرأة من دون الرجل في الرب. وكما أن المرأة من الرجل هكذا الرجل أيضاً هو بالمرأة ولكن جميع الأشياء هي من الله} (1 كو 11:11 و 12).

وبالتالي عندما يصير الله هو مصدر القوة الحقيقية للإنسان عموماً (أف 19:1، أف 7:3 و 16 و 20، أع 8:1)، فهنا تبطل حجة الرجل بامتلاك حقوق تفوق على المرأة عن طريق القوة وتصبح المرأة بالروح القدس في وضعها المسيحي الجديد بعد الولادة الثانية مساوية تماماً للرجل في كل ما يخص بناء الإنسان الكامل الجديد ويكمل العمل لإستعلان ملكوت الله لأجل تكميل القديسين لعمل الخدمة لبنيان جسد المسيح إلى أن ننتهي جميعنا إلى وحدانية الإيمان ومعرفة ابن الله. إلى إنسان كامل. إلى قياس قامة ملء المسيح (أف 12:4 و 13). وبالطبع قامة ملء المسيح لا يوجد فيها حديث عن الذكر والأنثى لكن يوجد إنسان واحد كامل وهو الكنيسة جسد المسيح المتكامل. حلول الروح القدس على الرجال والنساء معاً:

عندما حل الروح القدس يوم الخمسين ومنح مواهب كثيرة للخدمة لم يحل على الرجال فقط لكنه حل على المتعبدين من الرجال والنساء (أع 14:1). وقد اشترك الرجال والنساء معاً في الصلاة والشركة وكسر الخبز (أع 42:2). وعندما منح الروح القدس مواهبه في ذلك اليوم منحها للجميع دون تفرقة كما يتضح من أقوال كل من الرسول بولس والرسول بطرس في الشواهد الكتابية التالية (1 كو 12 و 14، أف 7:4 – 16، 1 بط 7:4 – 11، رو 1:12 – 8).

عقيدة كهنوت جميع المؤمنين تؤيد التساوي المطلق بين الرجل والمرأة:

عقيدة كهنوت جميع المؤمنين هي عقيدة متسعة ويطول الحديث كثيراً عنها، إلا أننا نقول إنها تعرفنا أن جميع المؤمنين هم أعضاء في جسد المسيح وكل المؤمنين صاروا باسمه ملوكاً وكهنة لله أبيه، فهذا الامتياز المرتبط بهذه العقيدة ليس قاصراً على الرجال فقط ولكنه لكل مؤمن رجل كان أو امرأة. تحقيقاً لوعد الله الذي سكب روحه على كل بشر ليتنبأ البنون والبنات والعبيد والإماء (أع 17:2 و 18). والرسول بطرس يوضح ضمن أقواله في رسالته الأولى أن جميع المؤمنين وهم الرجال والنساء معاً يقول لهم: وأما أنتم فجنس مختار وكهنوت ملوكي أمة مقدسة شعب اقتناء لكي تخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب الذين قبلاً لم تكونوا شعباً وأما الآن فأنتم شعب الله الذين كنتم غير مرحومين وأما الآن فمرحومون(1 بط 9:2 و 10). وفي سفر الرؤيا يقول يوحنا الرائي: الذي أحبنا وغسلنا من خطايانا بدمه وجعلنا ملوكاً وكهنة لله أبيه له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين آمين (رؤ 9:5 و 10).

وعقيدة كهنوت جميع المؤمنين تعطي أحقية لكل مؤمن في الاقتراب إلى الله مباشرة (عب 14:4 – 16). وتقديم الذبائح الروحية إلى الله مباشرة (رؤ 1:12، في 17:2، 18:4، 1 بط 5:2). كما أن هذه العقيدة تعطي أحقية الوعظ بالكلمة لجميع المؤمنين (2 بط 9:2). وأيضاً ممارسة الفرائض المقدسة معاً (مت 19:28، لو 19:22). وغير ذلك.