العودة الى الصفحة السابقة
الرسائل التي ترسلها للسماء

الرسائل التي ترسلها للسماء

جون نور


هل اكتشفت نفسك ذات يوم وأنت تقايض الله؟ فمثلاً أنت تصلي خمس أو عشرة صلوات في اليوم وتفترض أن الله سوف يباركك. أو ترفع مدة الصلاة وتجعلها نصف ساعة، وعندما تفعل هذا تستطيع أن تتوقع من الله جزاءاً طيباً، بخلاف البركات الأخرى التي ستحصل عليها. ثم تضيف على ذلك الصيام لبعض الأيام.

والآن.. لماذا تعتقد أن الصلاة تضحية نقدمها لله، وأنها عمل روتيني غير مُسّر يكلفنا الكثير من الجهد والوقت، ونتوقع شيئاً ما من الله مقابل هذه الصلاة؟ حسناً.. إذا كنت ترى الصلاة بهذه الطريقة، فإنني لا أستطيع أن ألومك بسبب هذه التوقعات. ولكن كما ترى، فإن هذه ليست فكرة الله عن الصلاة.

إن الدوافع الخاطئة للطريقة التي نقترب بها من الله تكون أساس مشكلة أخرى في موضوع الصلاة وهي اعتقادنا أن الله هو المكلف بخدمتنا.

افحص حياة الصلاة الخاصة بك. إنك عندما تتوقع من الله أن يباركك بمقدار الوقت الذي تقضيه في الصلاة، أو عندما تتوقع أنه سيستجيب صلواتك لأنك كررتها كثيراً، فإن حياة الصلاة الخاصة بك من المحتمل أنها تشتمل أساساً على أعمالك واستحقاقاتك. وإلا، فلماذا تخصص وقتاً في يومك المشحون بالعمل لكي ترسل برقيات أو رسائل للسماء، ما لم تتوقع أن تحصل على شيء يستحق العناء المبذول في سبيله؟.. الصحة، الثروة، والسلام العائلي – وهي كما تعلم أساسيات الأمور التي نطلبها من الله في الصلاة.

إنني لا أقول لك أن تُحجم عن طلب أشياء من الله. ولكن أصغ إليّ بأناة، وسوف ترى أن هناك الكثير لإنضاج حياة الصلاة.

يتحدث الإنجيل كثيراً عن الخدام والسادة. يا تُرى.. من هو الخادم، ومن هو السيد في علاقتنا مع الله؟ نحن نقول أننا الخدام.. ولكن هل نتصرف بحسب هذا القول؟ من الذي يُعطي الأوامر للآخر؟ أنظر إذا كان هذا الذي سوف أقوله مشابهاً لصلواتك أو لصلوات مجموعة الصلاة الخاصة بك في البيت:

  • "يا رب.. أحفظني أثناء قيادتي السيارة لكي لا تحدث أي حادثةٍ لي".

  • "يا رب . أمي في المستشفى. أرجوك أن تساعد الأطباء أثناء إجراء العملية لها".

  • "يا رب.. ابني في الجامعة ، ساعده أن ينجح ويحصل على درجات عالية".

  • "يا رب.. ساعدني لأجد وظيفة أحسن لأنك تعلم كم أنا بحاجة إلى أموال أكثر".

إن الأمر يبدو وكأن الرب يسوع علّمنا أن نصلي قائلين: "لتكن مشيئتي، كما على الأرض كذلك في السماء". ولكنه لم يقل لنا هذا. لقد قال لنا أن نصلي هكذا: "لتكن مشيئتك، كما في السماء كذلك على الأرض". (متى 10:6).

يجب أن يكون هناك توازن في هذا الأمر. علينا أن نتقدم لله بالأمور التي نرجوها، والتي نلتمسها منه. فلا يوجد أي قانون يقول أن السيد لا يستطيع أن يفعل شيئاً يدل على الحنو والشفقة للخادم. ولكن ميلنا الطبيعي هو أن نجعل الميزان يكون في صالحنا، أن نجعل الله مثل سانت كلوز الذي سوف ينفذ بطريقة سحرية كل رغبة لنا، وخاصة إذا كنا نتصرف مثل الأولاد .

إن المشكلة الأساسية هنا هي دوافع الإنسان. فكر في تحذير الرسول يعقوب الموجود في (يعقوب 3:4 – 5):-

"تطلبون ولستم تأخذون، لأنكم تطلبون ردياً (أي بدافع خاطئ)، لكي تُنفقوا في لذاتكم. أما تعلمون أن محبة العالم عداوة لله؟ فمن أراد أن يكون محباً للعالم فقد صار عدواً لله. أم تظنون أن الكتاب يقول باطلاً (أي بدون أي هدف): الروح الذي حل فينا يشتاق إلى الحسد (أي الغيرة)."

فالله وضع روحه فينا، والآن روح الله يغار.. يغار من العالم، فالله أتى لكي يسكن فينا، لذلك فإنه من داخلنا يستطيع أن يستخدم أجسادنا لتحقيق أهداف ملكوته. لذلك فإن أقدامنا ستكون أقدام جميلة على الجبال، وستأتي بأخبار طيبة. وهكذا فإن أفكارنا ستصبح مثل فكر المسيح.

ولكن هناك أمورٌ كثيرة تجعل روح الله يغار منها. إننا نغازل العالم كثيراً. إنني لا أتحدث عن الخطايا الكبيرة الواضحة – مثل الزنى وخلافه. إنني أتحدث عن أمور هذا العالم التافهة، عن انشغالنا بالعالم.

إن أفواهنا تقول "يا رب"، ولكن قلوبنا تنبض متناغمة مع العالم. والله يعرف الفرق بين الرغبتين بوضوح، وهو يغار علينا. إننا نُستنفذ ونُستهلك بواسطة محبتنا للمحبوب الآخر – وهو العالم، وعندئذ سوف لا يتوافر عندنا وقت أو مال لكي نعطيه للرب. ومع ذلك فإننا نتلهف أن يوفر الله لنا الكثير.

إن هذا هو الذي يتحدث عنه الرسول يعقوب عندما يقول: أنتم تطلبون بدوافع خاطئة، وخاصة دافع إنفاق ما تطلبونه على لذاتكم. لذلك فأنتم تتحولون عن محبوبكم الأول وهو الله.

وهذا هو السبب أن كثيراً من صلواتنا تكون مثل ما أُسميه الرسائل التافهة التي نرسلها للسماء. حقاً أنها مطالب شرعية، الله يمكنه استجابة هذه المطالب إذا أراد، ولكنه يعلم – أكثر منا بكثير – أن أهدافه لن تخدمها الخدمة الجيدة عند استجابة طوفان الطلبات التافهة التي تطلبها منه.

قال الرب يسوع أن نكون أمناء في القليل. إن هذا القليل يشمل الصلاة. تقدم إلى الله كخادم أو عبد، أصغ إلى احتياجاته، وكُن أميناً في الأمور الدنيوية مثل: أن تأخذ بعض أصناف البقالة لعائلة ليس لعائلها عمل، أو أن تعطي مالا لجارك الذي حدثت له محنة أو بلية.

وبدلاً من أن تعرض أمام الله قائمة الصلاة المألوفة التي تحوي كل احتياجاتك، اعرض قائمة بما تعتقد أن الله يريد أن يستخدمك فيها. صلِ من أجل أن يستخدم الرب يسوع يديك وقدميك وذهنك، وعواطفك، ومحفظة نقودك، ووقتك. سوف تندهش للمدى الذي يستجيب به الله صلواتك عندما تأتي إليه بدوافع سليمة. وتصلي من أجل أهداف الله العليا.