العودة الى الصفحة السابقة
الزرع والحصاد

الزرع والحصاد

جون نور


«لاَ تَضِلُّوا! اَللهُ لاَ يُشْمَخُ عَلَيْهِ. فَإِنَّ الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضًا» (غلاطية 7:6).

زرع رجل أمريكي حبة قمح واحدة وفي السنة الثانية زرع ما أنتجته القمحة وكرر الأمر سنة ثالثة ورابعة وفي نهاية السنة الخامسة كان حصاد هذه الحبة الواحدة 2800 حزمة قمح وما أريد أن أتكلم عنه في هذه الحلقة هو الحصاد الروحي.

تسير الحياة النباتية حسب قانون الطبيعة زرع ثم حصاد من نوع الزرع هكذا تسير الحياة كما الزرع تزرع عنباً تجني عنباً تزرع قمحاً تجني قمحاً، فكما تسير حياة النبات على هذا القانون الطبيعي ما تزرعه إياه تحصد هكذا أيضاً في دائرة الحياة الروحية نسير على حسب القانون الإلهي عمل ثم جزاء ما عملنا خيراً كان أم شراً فنحن بأعمالنا نزرع لأنفسنا إما بذار الحياة أو بذار الموت بذار النجاح أو بذار الفشل بذار الصحة أو بذار المرض.

أدرس تزرع بذار النجاح وستحصد بالابتهاج ثمار ما زرعت حينما تنجح وإن لم تدرس فستجني بذار فشل ما زرعت حافظ على نفسك وجسدك نقية للرب وستحصد الصحة والنجاح الجسدي والروحي.

كل إنسان يتمنى أن يحصد في حياته الصحة والنجاح الروحي والجسدي ولكن لا يمكننا أن نحصد ما نريده إلا إذا زرعناه أولاً إذاً لا بد أن نحصد في الشيخوخة ما زرعناه في الشباب، ونحصد في الحياة الأبدية ما زرعناه في هذه الحياة لهذا دعونا من خلال كلمة الله نتأمل في بعض الحقائق عن الزرع والحصاد.

1 - الحصاد سيكون من نوع الزرع:

وهذه حقيقة أكيدة يتعلمها الطالب في مدرسته ويشاهدها الفلاح والزارع في حقله، لأنها ناموس الله الذي وضعه يوم أن خلق السماوات والأرض نادى بها السيد المسيح قائلاً: «لإن كل بذر يبذر بذراً كجنسه» حقيقة نادى بها السيد المسيح قائلاً إنهم «لا يجنون من الشوك عنباً أو من الحسك تيناً». «إن كل بذر يبذر بذراً كجنسه».

وحقيقة صرح بها بولس الرسول قائلاً: «الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُأأَيْضًا».

فما الذي ننتظر أن يحصده شخص بذر بذور المخدرات والمكيفات والمسكرات على أنواعها إلا أن يحصد جسماً معتلاً مختلاً وصدراً ضعيفاً وظهراً محنياً.

فماذا ينتظر أن يحصد أولئك الخاطئون العصاة الذين يدعوهم الله فلا يبالون بدعوته إلا أن تأتي عليهم شدة وضيق فيدعون الله ولا يستجيب ولا يسمع لهم.

تقول كلمة عن هؤلاء على لسان الرب: «لأَنِّي دَعَوْتُ فَأَبَيْتُمْ، وَمَدَدْتُ يَدِي وَلَيْسَ مَنْ يُبَالِي، فَأَنَا أَيْضًا أَضْحَكُ عِنْدَ بَلِيَّتِكُمْ... إِذَا جَاءَتْ عَلَيْكُمْ شِدَّةٌ وَضِيقٌ. حِينَئِذٍ يَدْعُونَنِي فَلاَ أَسْتَجِيبُ» (الأمثال 1: 24 - 28).

على هذا المبدأ الإلهي الثابت ماذا ننتظر من شاب أو شابة رجل أو امرأة بذر بذور الطهارة والقداسة كيوسف إلا أن يحصد الصحة والجمال والنجاح ويتبوأ أعظم عرش في جيله.

ومن حقائق الزرع والحصاد أيضاً:

2 - الزرع قليل لكن الحصاد كثير ووفير:

يحمل الزارع بعض البذور القليلة ويبذرها في أرضه ولكن في وقت الحصاد يرجع محملاً بأغمار وأغمار كثير وفيرة.

فمن يزرع بذرة واحدة من بذور الخطية يجب أن يخاف لأن حصادها سيكون كثيراً ووفيراً ثقب صغير في سفينة كاف أن يصل بها إلى قاع البحر. وخطية صغيرة في سفينة حياتنا كافية أن تحطمها وتصل بها إلى مهاوي الجحيم والهلاك.

وعلى نفس هذا المبدأ الثابت يا من تزرع ولو بذرة واحدة من بذور الخير والصلاح ثق أن حصادها سيكون أيضاً وفيراً، فكأس ماء بارد لا يضيع أجره وأي أجر سنأخذ.

«كَيْلاً مُلَبَّدًا مَهْزُوزًا فَائِضًا يُعْطُونَ فِي أَحْضَانِكُمْ» (لوقا 6: 38).

إن السيد وعد بمائة ضعف في هذه الحياة وبالمجد في الحياة الآتية مئة ضعف هل فكرت أن ما يعطيك إياه الرب بدون الإيمان مع أنه كثير سيعطيك مئة ضعف إن تركت كل شيء وتبعته.

من حقائق الزرع والحصاد أيضاً:

3 - الزرع مخفي ولكن الحصاد ظاهر للعيان:

يحفر الزارع الأرض ويضع الحبوب ويغطيها بالتراب ولكن متى جاء وقت الحصاد يرى الزرع ظاهر للعيان فمن يزرع بذور الشر في الخفاء ويظن أنه لا توجد عين تراه لنثق أن عيناه تخترقان أستار الظلام، وليس شيء غير مكشوف أمامه وسيجازي كل واحد علانية لأنه ليس خفي إلا وسيعلن.

من حقائق الزرع والحصاد أيضاً:

4 - للزرع وقت وللحصاد وقت:

نحن لا نحصد اليوم ما زرعناه بالأمس أو من أسبوع أو شهر بل ننتظر حتى يجيء موعد الحصاد.

فيا أيها الذين يزرعون بذور الشر والخطية ولا يحصدون لا تطمئنوا ولا تظنوا أن الله ينسى، أنت تنسي وأنا أنسى، ولكن الله لا ينسى بل في حينه وفي وقته يجازي.

إن كان الله يتأنى على الخاطئ فذلك لكي يقوده إلى التوبة.

انتظر الرب وأصبر له وسوف تحصد في حينه. وأخيراً:

5 - من يزرع بالدموع يحصد بالابتهاج:

قد نزرع الشر بالابتهاج ولكن سنحصده بالدموع فداود التذ وقتياً بالخطية ولكن بعد ذلك صار يعوم سريره بدموعه وبطرس لا شك فرح بنجاته أنكر المسيح ولكن بعد ذلك خرج وبكى بكاءاً مراً.

والأشرار الذين لا يتوبون ويتلذذون وقتياً بالخطية سيطرحون في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت حيث البكاء وصرير الأسنان.

ازرع الخير والبر ربما تزرعه بالدموع ولكن ستحصده بالابتهاج بالتأكيد، يوسف بكى وتألم حين طُرح في البئر والسجن ولكن ما قيمة هذا الألم والبكاء إزاء ما وصل إليه من مجد في مصر.

ما هي آلامنا الوقتية إزاء ثقل المجد الأبدي.

حين يمسح الرب كل دمعة من عيوننا.

«كُنْ أَمِينًا إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ» (رؤيا 2: 10) كن «كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِي الْمِيَاهِ، الَّتِي تُعْطِي ثَمَرَهَا فِي أَوَانِهِ، وَوَرَقُهَا لاَ يَذْبُلُ» (مزمور 1: 3).