العودة الى الصفحة السابقة
أتضع ليرفعنا

أتضع ليرفعنا

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو إتضع ليرفعنا.

كان الرب يسوع المسيح مع الله الآب قبل تأسيس العالم حيث كان يسوع يصلي في الليلة التي سبقت صلبه، وفي صلاته قال: «وَالآنَ مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِالْمَجْدِ الَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ الْعَالَمِ» (إنجيل يوحنا 17: 5) ويقول النبي ميخا في معرض حديثه عن يسوع كإنسان يقول: «مَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ، مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ» (ميخا 2:5) وأخبرنا الرسول بولس أيضاً في رسالته إلى كولوسي 16:1 و17 أن يسوع المسيح هو خالق كل الأشياء وكل الأشياء به تقوم.

فالإنسان الذي كان قد اخطأ وصار عدواً لله، لم يكن بإمكانه أن يدخل السماء، إلى أن دبر الله طريقة لذلك. وقد تم هذا الأمر بصيرورة يسوع المسيح إنساناً وموته من أجلنا. حل في أرضنا بهيئة طفل صغير وكبر حتى صار رجلاً واخذ على عاتقه مسؤولية خلاص الإنسان.

وفيما يلي بعض ما ورد عن يسوع في إنجيل لوقا 1: 30 - 35 «فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ:أي لمريم العذراء «لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ».

«فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟ فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ»

لقد تم هذا منذ ألفي سنة تقريباً لأن «اللهُ أَرْسَلَ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ، لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ»

«فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضًا الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلًا للهِ. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ» (فيلبي 2: 5 - 8).

فبصيرورة المسيح إنساناً وبموته النيابي عنا صار بمقدورنا أن نولد ولادة روحية ثانية. ولادتنا الأولى جعلت منا بشراً مثل سائر الناس وهذا ما ينطبق مع العرف العام بأن كلا ينجب على شبهه: البهائم تنجب بهائما والطيور طيوراً والأسماك أسماكاً والبشر بشراً. فالبشر خلائق شريرة ولا يستطيعون أن يرثوا الأمور الروحية إنما بموت وقيامة يسوع المسيح أصبحت الإمكانية في حوزة كل كائن بشري خاطئ ليولد الولادة الثانية ويصير كائناً روحياً. قال يسوع: «إن كان احد لا يولد ثانية لا يقدر أن يرى ملكوت الله» أنت ولدت من أبويك حتى صرت إنساناً. هكذا هو الحال في الحياة الروحية. كل البشر المولودين بكلمة الله الحية ومن روح الله القدوس هم خلائق روحية. قال يسوع: «اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ» (يوحنا 6:3) أي أن الروح القدس يسكن في داخل الإنسان هنا على هذه الأرض.

أعزائي مع انه هو الذي خلق العالم نجده يأتي إلى عالمنا كطفل فقير. وُلد من عذرا فقيرة ووضع في مذود لأن هذا هو أفضل ما استطاع يوسف ومريم أن يعملاه لأجله في ذلك الوقت.

عندما كان يسوع في الثلاثين من عمره ابتدأ في خدمة الوعظ والتعليم والشفاء، وكثيرون من الذين سمعوه ورأوا آياته آمنوا به وقبلوه في قلوبهم. ولكن بعد مضي ثلاث سنين ونصف اهتاج رؤساء الكهنة والصدوقيون والفريسيون جداً حتى أخذوا يحرضون الكثيرين من أتباعهم للانضمام إليهم والمطالبة بصلب يسوع. من ثم أخذوه ليحاكم أمام قيافا رئيس الكهنة، وهيرودوس الجليلي، وبيلاطس الوالي الروماني ولكنهم لم يجدوا فيه علة. وهذا ما صرّح به بيلاطس ثلاث مرات إذ قال: «إني لا أجد علة في هذا الإنسان» ولكن الجماهير كانت تصرخ قائلة: «اصلبه اصلبه» ولما سألهم بيلاطس «وأي شر عمل ؟» كانوا يزدادون صراخاً قائلين: «اصلبه» واليك القصة كما يخبرنا إياها متّى البشير ص 27: 27 - 31 «فَأَخَذَ عَسْكَرُ الْوَالِي يَسُوعَ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَجَمَعُوا عَلَيْهِ كُلَّ الْكَتِيبَةِ، فَعَرَّوْهُ وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيًّا، وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَصَبَةً فِي يَمِينِهِ. وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ قَائِلِينَ: السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ! وَبَصَقُوا عَلَيْهِ، وَأَخَذُوا الْقَصَبَةَ وَضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ. وَبَعْدَ مَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ، نَزَعُوا عَنْهُ الرِّدَاءَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ، وَمَضَوْا بِهِ لِلصَّلْبِ».

كان يسوع بريئاً من كل ما أسند إليه إنما نحن من أذنب وأجرم. هو تألم عوضاً عنا واخذ قصاص خطايانا حتى كل من اتخذه مخلصاً شخصياً وكرس نفسه له ينال – بعد رحيله عن هذه الدنيا الفانية إكليل الحياة. قال الرسول بولس: «قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا» (2تيموثاوس 7:4 و8) وبعد صعود يسوع إلى السماء خاطب كل مضطهد ومطرود من أجل البر بقوله: «كُنْ أَمِينًا إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ» (رؤيا 10:2).