العودة الى الصفحة السابقة
الخلاص هو الميلاد الثاني

الخلاص هو الميلاد الثاني

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال في الكتاب المقدس هو الخلاص هو الميلاد الثاني.

أحبائي في اللحظة التي يقبل فيها الخاطئ التائب الرب يسوع المسيح كمخلصه الشخصي، ينال غفران الخطايا ويولد من الله ميلاداً ثانياً، فالميلاد الثاني هو جزء جوهري من خلاص الله.

وهذا ما يقرره بولس الرسول في رسالته إلى تيطس قائلاً: «لأَنَّنَا كُنَّا نَحْنُ أَيْضًا قَبْلاً أَغْبِيَاءَ، غَيْرَ طَائِعِينَ، ضَالِّينَ، مُسْتَعْبَدِينَ لِشَهَوَاتٍ وَلَذَّاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، عَائِشِينَ فِي الْخُبْثِ وَالْحَسَدِ، مَمْقُوتِينَ، مُبْغِضِينَ بَعْضُنَا بَعْضًا. وَلكِنْ حِينَ ظَهَرَ لُطْفُ مُخَلِّصِنَا اللهِ وَإِحْسَانُهُ لاَ بِأَعْمَال فِي بِرّ عَمِلْنَاهَا نَحْنُ، بَلْ بِمُقْتَضَى رَحْمَتِهِ ­ خَلَّصَنَا بِغُسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ» (تيطس 3:3 – 5).

وفي العهد الجديد نرى عدة حوادث تؤكد أن الشخص حين يقبل الرب يسوع المسيح تُغفر خطاياه، ويولد ميلاداً ثانياً. ونرى هذا الأمر في حادثة شفاء المفلوج.

والحادثة الأولى هي حادثة شفاء المفلوج، وقد ذكرها مرقس البشير في هذه الكلمات: «ثُمَّ دَخَلَ كَفْرَنَاحُومَ أَيْضًا بَعْدَ أَيَّامٍ، فَسُمِعَ أَنَّهُ فِي بَيْتٍ. وَلِلْوَقْتِ اجْتَمَعَ كَثِيرُونَ حَتَّى لَمْ يَعُدْ يَسَعُ وَلاَ مَا حَوْلَ الْبَابِ. فَكَانَ يُخَاطِبُهُمْ بِالْكَلِمةِ. وَجَاءُوا إِلَيْهِ مُقَدِّمِينَ مَفْلُوجًا يَحْمِلُهُ أَرْبَعَةٌ. وَإِذْ لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَقْتَرِبُوا إِلَيْهِ مِنْ أَجْلِ الْجَمْعِ، كَشَفُوا السَّقْفَ حَيْثُ كَانَ. وَبَعْدَ مَا نَقَبُوهُ دَلَّوُا السَّرِيرَ الَّذِي كَانَ الْمَفْلُوجُ مُضْطَجِعًا عَلَيْهِ. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ إِيمَانَهُمْ، قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: «يَا بُنَيَّ، مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ». كَانَ قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ هُنَاكَ جَالِسِينَ يُفَكِّرُونَ فِي قُلُوبِهِمْ: «لِمَاذَا يَتَكَلَّمُ هذَا هكَذَا بِتَجَادِيفَ؟ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَغْفِرَ خَطَايَا إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ؟». فَلِلْوَقْتِ شَعَرَ يَسُوعُ بِرُوحِهِ أَنَّهُمْ يُفَكِّرُونَ هكَذَا فِي أَنْفُسِهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ بِهذَا فِي قُلُوبِكُمْ؟ أَيُّمَا أَيْسَرُ، أَنْ يُقَالَ لِلْمَفْلُوجِ: مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ، أَمْ أَنْ يُقَالَ: قُمْ وَاحْمِلْ سَرِيرَكَ وَامْشِ؟ وَلكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لابْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا». قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: «لَكَ أَقُولُ: قُمْ وَاحْمِلْ سَرِيرَكَ وَاذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ!». فَقَامَ لِلْوَقْتِ وَحَمَلَ السَّرِيرَ وَخَرَجَ قُدَّامَ الْكُلِّ، حَتَّى بُهِتَ الْجَمِيعُ وَمَجَّدُوا اللهَ قَائِلِينَ: «مَا رَأَيْنَا مِثْلَ هذَا قَطُّ!» (مرقس 1:2 – 12).

وفيما عمله الرب يسوع المسيح للمفلوج نستطيع أن نرى الخلاص في وجهيه «غفران الخطايا» و«الميلاد الثاني».

المرأة السامرية:

حادثة مقابلة الرب له المجد للمرأة السامرية تظهر لنا هذا الحق بصورة أكيدة، فالمرأة السامرية كانت امرأة ذات ماض «كَانَ لَكِ خَمْسَةُ أَزْوَاجٍ، وَالَّذِي لَكِ الآنَ لَيْسَ هُوَ زَوْجَكِ» (يوحنا 18:4)، ومع ماضيها الأسود فإن معلوماتها الدينية كانت كثيرة، فهي تعرف أن اليهود لا يعاملون السامريين (يوحنا 9:4)، وهي تعرف يعقوب وبئره (يوحنا 12:4)، وهي تعرف أيضاً الكثير عن السجود، ومع هذا كله فإنها كانت مثقلة الضمير بالأوزار.

وقد قادها الرب بنعمته إلى الاعتراف، وأفهمها معنى السجود الحقيقي، وغفر خطيتها، وولدها ميلاداً ثانياً، حتى أننا نقرأ عنها الكلمات التالية: « فَتَرَكَتِ الْمَرْأَةُ جَرَّتَهَا وَمَضَتْ إِلَى الْمَدِينَةِ وَقَالَتْ لِلنَّاسِ: «هَلُمُّوا انْظُرُوا إِنْسَانًا قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ. أَلَعَلَّ هذَا هُوَ الْمَسِيحُ؟» فَخَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ وَأَتَوْا إِلَيْهِ» (يوحنا 28:4 - 30).

والقصة ترينا في وضوح وجلاء أن الرب يهب النفس التي تتصل به نعمة «غفران الخطايا» وفي ذات الوقت يلدها «ميلاداً ثانياً» لتكون خليقة جديدة في شخصه المبارك المجيد.

هذا يأتي بنا إلى الحادثة الثالثة التي ترسم لنا «الخلاص» في كلا وجهيه، وهي حادثة المرأة التي أمسكت في زنا ونقرأها في إنجيل يوحنا في هذه العبارات: «ثُمَّ حَضَرَ أَيْضًا إِلَى الْهَيْكَلِ فِي الصُّبْحِ، وَجَاءَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الشَّعْبِ فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُمْ. وَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ امْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِي زِنًا. وَلَمَّا أَقَامُوهَا فِي الْوَسْطِ. قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، هذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ، وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟» قَالُوا هذَا لِيُجَرِّبُوهُ، لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَانْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى الأَرْضِ. وَلَمَّا اسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ، انْتَصَبَ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!» ثُمَّ انْحَنَى أَيْضًا إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى الأَرْضِ. وَأَمَّا هُمْ فَلَمَّا سَمِعُوا وَكَانَتْ ضَمَائِرُهُمْ تُبَكِّتُهُمْ، خَرَجُوا وَاحِدًا فَوَاحِدًا، مُبْتَدِئِينَ مِنَ الشُّيُوخِ إِلَى الآخِرِينَ. وَبَقِيَ يَسُوعُ وَحْدَهُ وَالْمَرْأَةُ وَاقِفَةٌ فِي الْوَسْطِ. فَلَمَّا انْتَصَبَ يَسُوعُ وَلَمْ يَنْظُرْ أَحَدًا سِوَى الْمَرْأَةِ، قَالَ لَهَا: «يَاامْرَأَةُ، أَيْنَ هُمْ أُولئِكَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟» فَقَالَتْ: «لاَ أَحَدَ، يَا سَيِّدُ!». فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «وَلاَ أَنَا أَدِينُكِ. اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضًا» (يوحنا 2:8 – 11).

والدارس الفطن يرى كيف يتعامل الناموس العادل مع الخاطئ «مُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هذِهِ تُرْجَمُ» (اقرأ تثنية 20:22 – 24) فالخاطئ الأثيم لا يستطيع أن يجد رحمة على أساس الناموس، ولكن الرب يسوع المسيح قد جاء بالنعمة والحق «لأَنَّ النَّامُوسَ بِمُوسَى أُعْطِيَ، أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَبِيَسُوعَ الْمَسِيحِ صَارَا» (يوحنا 17:1) ونعمة الله هي الأساس الوحيد لغفران الخطايا وتجديد القلب. ونحن نرى العملين الإلهيين واضحين في هذه الحادثة، ففي كلمات الرب له المجد «َوَلاَ أَنَا أَدِينُكِ» نرى «غفران الخطايا»، وفي كلماته الثمينة «اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضًا» نرى «الميلاد الثاني» الذي به يعطي للمؤمن طبيعة جديدة تكره الخطية، وتنفر منها، وتنتصر عليها. فغفران الخطايا والميلاد الثاني عملان يتمان في حياة من يقبل الرب يسوع المسيح في وقت واحد «لحظة نوال خلاص الله».

عزيزي المستمع ليعطيك الرب الخلاص والميلاد الثاني في حياتك لتتمتع بالصحبة الالهية آمين.