العودة الى الصفحة السابقة

حقيقة قيامة المسيح بالجسد

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو حقيقة قيامة المسيح بالجسد.

كانت ظهورات المسيح الشخصية للتلاميذ بعد قيامته هي وحدها التي أقنعتهم بحقيقة القيامة. وقد كان ظهوره المتكرر وفي مناسبات عديدة خلال الأربعين يوماً بعد القيامة معلماً إياهم فيما يختص بملكوت الله، هو الذي أعطى التلاميذ برهاناً قوياً على أنه قد انتصر بالحق على الموت. وقد أعطت هذه الحقيقة المجيدة للتلاميذ تلك الثقة التي مكنتهم أن يقفوا ضد كل الذين انكروا القيامة ليعلنوا لكل إنسان أن الله أقام المسيح من الموت وأنهم قد أبصروه وهو يرتفع عنهم إلى السماء بنفس الجسد، وبعد أن أخذوا موعد الروح يوم الخمسين ذهبوا ينادون بقوة عظيمة عن قيامة الرب.

وهذه هي رسالة الكنيسة التي لا غنى عنها أن ذاك الذي مات لأجل خطايانا يحيا الآن لأجل تبريرنا، وإن قيامة الجسد المكون من لحم وعظام هي الدليل على أن الله قد شبع بعمل الفداء الذي قام به ابنه، وفي ذلك إعلان عن أن الله بار ويبرر كل من يؤمن بيسوع المسيح.

معاني قيامة المسيح

ليتنا نلاحظ جيداً ما تخبرنا به كلمة الله عن هذه الحقيقة المباركة:

أولاً - إن قيامة المسيح تشهد عن صدق ما قاله هو عن نفسه بخصوص إرسالية وألوهيته. لقد قال لأعدائه: «انْقُضُوا هذَا الْهَيْكَلَ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ» (يوحنا 2: 19) وقد كان يتكلم عن هيكل جسده. وقد قال لتلاميذه: «لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضًا. هذِهِ الْوَصِيَّةُ قَبِلْتُهَا مِنْ أَبِي» (يوحنا 10: 18). ولقد قال بصورة قاطعة إن ابن الإنسان سيسلم إلى أيدي أناس خطاة، ثم أضاف قوله: «ويجلدونه ويقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم» (لوقا 24: 7).

وقد اثبت صدق أقواله عندما قام من الأموات في اليوم الثالث.

ثانياً - تشهد قيامته بصدق النبوات، وقد وردت في العهد القديم نبوات كثيرة عن موت المسيح وقيامته. قال داود في مزمور 16: 10 «لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ. لَنْ تَدَعَ تَقِيَّكَ يَرَى فَسَادًا». ويعلن بطرس وبولس كلاهما أن هذه الكلمات قد تمت بقيامة المسيح من الأموات.

ثالثاً - كشفت قيامة المسيح عن قدرة الله الفائقة التي تعمل لأجلنا ونفس هذه القدرة الفائقة التي عملت لأجل إقامة المسيح من الموت هي نفسها التي تحيي النفوس المائتة وتنقلها إلى جدة الحياة، والتي تعطيهم القوة لكي يحيوا هنا على الأرض حياة سماوية منتصرة على الخطية إذ يسيرون في شركة معه تحت قيادة روحه القدوس.

رابعاً - إن قيامة المسيح هي البرهان العملي على أن مشكلة الخطية قد حسمت بما يرضي الله. لقد وضعت خطايانا على جسده على الخشبة، وقد قبل أن يحملها باختياره: «الَّذِي أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَأُقِيمَ لأَجْلِ تَبْرِيرِنَا» (رومية 4: 25) وبعد أن دفع الفلس الأخير لأجلنا لم يعد للموت سلطان عليه أو مطلب منه، وإذ أقامه الله أعلن لكل الخليقة موافقته الكاملة ورضاه عن عمل الابن المبارك.

خامساً - قيامة المسيح تعطي الخاطئ ثابت اليقين بأن دينه قد سدد وأن عدل الله لم تعد له شكاية ضد من يثق في يسوع. وهكذا نقرأ في رومية 32:8 - 34: «اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ، بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ، كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضًا مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟ مَنْ سَيَشْتَكِي عَلَى مُخْتَارِي اللهِ؟ اَللهُ هُوَ الَّذِي يُبَرِّرُ. مَنْ هُوَ الَّذِي يَدِينُ؟ اَلْمَسِيحُ هُوَ الَّذِي مَاتَ، بَلْ بِالْحَرِيِّ قَامَ أَيْضًا، الَّذِي هُوَ أَيْضًا عَنْ يَمِينِ اللهِ، الَّذِي أَيْضًا يَشْفَعُ فِينَا». فالقيامة هي الدليل على أن الدين قد سدد تماماً وأن الله ليس له شيء ضد المؤمن.

سادساً - إن قيامة المسيح هي الدليل على أن الابن سيدين العالم، وهذه الدينونة مؤسسة على موقف الناس إزاء من قد سر الآب أن يكرمه، فإن كان الناس يقبلونه مخلصاً ورباً فلن يأتوا إلى دينونة بسبب خطاياهم لأن المخلص قد دين بدلاً منهم ونيابة عنهم، لكن إن كان الناس يرفضونه ويحتقرون نعمته فلن يكونوا فقط مطالبين أن يقدموا أمامه حساباً عن خطاياهم لكنهم سيدانون أيضاً لرفضهم المخلص الذي مات لكي يخلصهم.

سابعاً وأخيراً: - قيامة المسيح هي وحدها التي تعطي رسالة الإنجيل قوتها والتي تحرر المؤمن من الخوف من الموت.

وإنني أتوسل إليك عزيزي المستمع ألا تمر على هذه الكلمات مروراً عابراً، لكن أرجو أن تطالعها باهتمام مرة تلو الأخرى لتصل بقوتها وتأثيرها إلى قلبك فخلاصنا كله يتعلق بهذا الحق أن مخلصنا يسوع المسيح قد «أَبْطَلَ الْمَوْتَ وَأَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيلِ» (2تميوثاوس 1: 10). لقد نزل يسوع الى الهاوية المظلمة فابطل الموت وطمت كل لججه وتياراته فوق رأسه. لكنه قام ولن يسود عليه الموت بعد. ومن جهتنا نحن الذين نؤمن به انحسرت عنا مياه الأردن وصار أمامنا طريق ممهد نعبر به الموت. أصغ إلى كلماته الإنتصارية: «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ» (يوحنا 11: 25 و26). ثم يقول لك: أتؤمن بهذا» . فهل يكون جواب قلبك: «نعم يا رب أؤمن، وأسند نفسي إلى الأبد على كلماتك الأكيدة، واعترف بك رباً ومخلصاً»؟!