العودة الى الصفحة السابقة

لماذا ينبغي على الإنسان أن يتغيّر

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو لماذا ينبغي على الإنسان أن يتغيّر.

أصدقائي الأعزاء

إن أبسط إجابة على هذا التساؤل هو: لأن الله يقول هكذا. وحينما يقول الله شيئاً ما فعند ذلك ينتهي كل جدال أو نقاش. إذاً يجب علينا نحن خلائقه أن نحني رؤوسنا ونطيع «بَلْ مَنْ أَنْتَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الَّذِي تُجَاوِبُ اللهَ؟ أَلَعَلَّ الْجِبْلَةَ تَقُولُ لِجَابِلِهَا: لِمَاذَا صَنَعْتَنِي هكَذَا؟» (رومية 9: 20).

الله يخبرنا بكل وضوح في كلمته لماذا يأمر الإنسان أن يرجع اليه. إنه يتأنى عليك «وَهُوَ لاَ يَشَاءُ أَنْ يَهْلِكَ أُنَاسٌ، بَلْ أَنْ يُقْبِلَ الْجَمِيعُ إِلَى التَّوْبَةِ» (2بطرس 9:3) وفي أعمال الرسل 31:17 يبين لنا السبب في أنه يأمر جميع الناس أن يرجعوا أو أن يتوبوا «لأَنَّهُ أَقَامَ يَوْمًا هُوَ فِيهِ مُزْمِعٌ أَنْ يَدِينَ الْمَسْكُونَةَ بِالْعَدْلِ» (أعمال الرسل 17: 31).

لماذا يأمر الله الإنسان أن يرجع اليه؟ ذلك لأن الإنسان خاطئ ومنفصل عن الله بطبيعته الساقطة. ومن ثم فلا بد له من مواجهة دينونة الله العادلة.

نعم الإنسان خاطئ وهذه حقيقة مرعبة والكثيرون لا يفكرون فيها – كما يوجد أيضاً أولئك الذين ينكرونها – ولكن هل يشعر مثل هؤلاء بقناعة تامة بأن ما يقولونه صحيح؟ هل يستطيع شخص صادق وأمين أن ينكر أنه عمل الشر والخطية مراراً عديدة؟

لقد سألت أكثر من مرة أشخاصاً من أولئك الذين يصرخون بأعلى أصواتهم بأنهم صالحون ولا يسيئون لأحد وأن ضميرهم مستريح أمام انفسهم وأمام الناس وامام الله.

لقد أعطى الله كل إنساناً ضميراً (رومية 15:2) يحكم عليه ويحاسبه من جهة أمور معينة خاطئة. لكن الضمير لا يشير إلى كل ما هو خاطئ، فهو يتأثر ويتشكل بالبيئة أو الوسط المحيط، وهو دائماً يقدم التحذير إذا ما قام شخص بأي فعل تدينه البيئة التي تربى فيها. لقد اهتم الله أن يوجه الإنذار إلى جميع الناس. حتى أولئك الذين لم يسمعوا إطلاقاً عن الله والذين لم يعرفوا كلمته فإنهم يحذرون حينما يفعلون الخطأ عمداً حتى يمكنهم أن يرجعوا إلى صوابهم ويتحققوا أنهم أشرار ومذنبون.

عزيزي المستمع إذا ما رجعت بذاكرتك عدة سنوات إلى الوراء لتتأمل حياتك الشخصية الماضية فكم من الخطايا والشرور التي ارتكبتها عمداً؟ ربما تبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً. لنفترض أنك في السنوات الثمانية الأولى من حياتك لم تقم إطلاقاً بأي عمل خاطئ بوعي وإدراك منك – وهذا بالطبع غير صحيح لأنك تدرك جيداً أن ضميرك قد دانك مراراً كثيرة قبل ذلك التاريخ – كم من المرات اشتكى عليك منذ ذلك الحين؟ لنفترض إنه اشتكى عليك في المتوسط مرة واحدة في اليوم، أي 365 مرة كل سنة. وبالتالي يصبح عدد المرات التي اشتكى عليك فيها ضميرك في العشر سنوات المكملة لعمرك (18 سنة) 3650 مرة. وللذين يبلغ عمرهم 28 عاماً يصبح ذلك العدد 7300 مرة وللذين يبلغ عمرهم 68 عاماً 21900 مرة. فهل تدعي البراءة أمام الله بعد ذالك.

لقد خلق الله الإنسان وأمره أن يعبده. لهذا فإن كل ما يفعله الإنسان مناقضاً لهذا المركز كمخلوق هو خطية. ونحن نجد هذا المبدأ في رسالة يوحنا الأولى 4:3 بأن «الْخَطِيَّةُ هِيَ التَّعَدِّي»، وبكلمات أخرى فإن الخطية هي كل فعل لا يضع في الاعتبار سلطان الله على خليقته. لذا فإنه على سبيل المثال يعتبر الأكل خطية اذا كان الانسان شرهاً إذا لم يتم بالاستناد على كلمة الله. كان الرب يسوع كإنسان يأكل طاعة لله (متّى 4:4، يوحنا 34:4). لذلك تخبرنا كلمة الله «كُلُّ مَا لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ فَهُوَ خَطِيَّةٌ» (رومية 23:14).

والآن نصل إلى التساؤل الثاني (ما هو الرجوع الحقيقي؟).

وهكذا نستطيع أن نقول إن الرجوع هو: ذهاب الإنسان إلى الله وإدانة ذاته أمامه بالاعتراف أن حياته لم تكن خاضعة له. ولذلك فهو شرير ومذنب ويتضمن ذلك الإحساس بالأسف والحزن.

وعلى الرغم من ذلك كله فليس من السهل أن نعطي تعريفاً لغوياً متقناً عن التغيير أو الرجوع لكنه إذا ما أتى الإنسان إلى نور الله ورأى ذاته أمامه وحكم الله عليها لا يجد صعوبة من جهة هذا الأمر. فالله ينظر إلى القلب والضمير وليس إلى الإدراك لقد صرخ العشار ببساطة «اللّهُمَّ ارْحَمْنِي، أَنَا الْخَاطِئَ» (لوقا 13:18). والله الذي يختبر القلوب والمميز «أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ» (عبرانيين 12:4) عرف أن هذه الكلمات كانت كافية لمنح هذا الإنسان التبرير فقد عبر بكلماته القليلة عن حالة قلبه الكسير فليست الكلمات التي ننطق بها بل حالة القلب حين نأتي إلى الله هي التي تقرر إذا كان الرجوع حقيقياً.

والآن أريد أن أطرح عليك سؤالاً هاماً: هل رجعت إلى الله؟ هل ذهبت إلى الله بذنوبك وخطاياك معترفاً بضياعك؟

آه، لا تنتظر أكثر من ذلك، افعل هذا اليوم. فربما يكون الغد متأخراً جداً.