العودة الى الصفحة السابقة

بدون المسيح

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو بدون المسيح.

أيها الأحباء إذا اقتربنا إلى الآب بدون المسيح نجده ناراً آكلة، نجده إلهاً غاضباً يطالب بالقصاص للجنس البشري. لو أن أقدس شخص عاش على أرضنا تقدم إلى الآب بأفضل أعماله وبدون المسيح فلا شك أن نصيبه سيكون الرفض، لأنه بدون المسيح لا يُسر به الله بل تعتبر أقدس أعماله قذارة أمام الله.

وبالعكس إذا جاء أشر الخطاة إلى الله الآب في شخص المسيح وبالرغم من شروره الماضية سوف يجد قلباً مرحباً وابتسامة راضية، ويمكنه أن يرفع وجهه في محضر الآب ويخاطبه بهذه العبارة: «يَا أَبَا الآبُ» (رومية 8: 15). هذه حقيقة ينبغي أن ندركها جيداً وهي أن الله العادل القدوس لا يرضى على الإنسان المذنب ولكنه يقبله في استحقاق الابن المبارك.

قد يبدو أمراً غاية في الصعوبة أن تجعل الناس يؤمنون بأن خلاصهم قد تم وانتهى تماماً في عمل المسيح على الصليب، ومع أنهم قد يقبلون بعض الحقائق الخاصة مثل «عطية الله العظمى والثمينة» والسلام الذي يقدر الرب أن يمنحهم إياه، وضرورة المصالحة مع الله، لكن عندما تحدثهم عن الخلاص الذي تم، أو عن علاج الله الكامل لمرض الخطية، وأنه لم يعد هناك أمر ليعملوه لأن كل شيء قد تم، حينئذ ينظرون إليك كأنك تهذي.

لا شك أن السبب الذي يدفع الإنسان للتفكير فيما يجب أن يعمله، والذي يجعله لا يقنع بعمل المسيح الكامل على الصليب هو البر الذاتي. وهو الخطية الشائعة بين البشر في صورة أو أخرى، فحيثما يوجد الإنسان تسيطر هذه الخطية على قلبه غير المجدد وبمجرد أن يفكر في أمر الخلاص تظهر هذه الخطية معترضة على تدبير الله للخلاص، وبالرغم من أضواء كلمة الله ومناظر الصليب التي تنادي بكفاية دم المسيح تجده يظن أن قبوله أمام الله هو على أساس صلواته الحارة ومشاعره الطيبة أو بسبب بعض الأعمال الصالحة التي أداها.

ولو كان الله يقبل البشر على أساس طاعتهم وهم ما زالوا في شرهم وبعدهم وأعني عن طريق إتمامهم لبعض الأمور التي يظنون أنها تقربهم إلى الله، يكون قد بيّن أن ناموسه غير كامل وبذلك تفقد شريعته قوتها في الخليقة العاقلة وتأثيرها على البشر.

لو كان الله يقبل الخاطئ على أساس بره الذاتي فكأنه يعلن أن موت ابنه لم يكن تدبيراً حكيماً ولازماً، وأن الدم المسفوك قد أهرق باطلاً، وأن آلام المخلص كانت ضرباً من ضروب الغباء والجنون.

إن حقيقة لزوم موت ابن الله تعلن لنا أنه لا بد من بر كامل لحل مشكلة الإنسان وقبوله أمام الله، بر لا يوجد به عيب في عين الله، هذا البر هو البر الإلهي الذي يمكننا أن نحصل عليه في المسيح المصلوب بالإيمان.

أيها الخاطئ، أترك محاولاتك اليائسة الفاشلة لإيجاد كساء لنفسك العارية عن طريق ورق التين من أعمال برك الباطلة، ثم تعال لأن لك في اسم إلهنا العظيم المعلن في البشارة براً كاملاً «بِرُّ اللهِ بِالإِيمَانِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ» (رومية 22:3).

إذن عزيزي المستمع إن أردت أن تتمتع بالخلاص وتصبح مقبولاً أمام الله فليكن ذلك عن طريق الإيمان البسيط بعمل المسيح.

لنفرض أننا كنا في مدينة فيلبي في تلك الليلة التي تجدد فيها السجان. الظلام حالك لأنها الساعة الثانية عشرة مساءً والمدينة كلها يسودها السكون والهدوء. نحن الآن أمام مبنى كبير. دعونا ننظر إليه من خلال الظلام الحالك لنتأكد أنه مبنى سجن المدينة الكبير.

انظروا لأن المبنى يتحرك إلى الأمام وإلى الخلف كما لو كان تحت تأثير زلزال عنيف. وأصغوا! إنه صوت شخص متألم يمزق سكون الليل، إنه صوت حافظ السجن معبراً عن خوفه ورعبه لما انفتحت أبواب السجن، وفجأة وللمرة الثانية نسمعه وهو يسأل الرسولين: «مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ أَفْعَلَ لِكَيْ أَخْلُصَ؟» (أعمال 30:16).

ترى ما هو الطريق الذي رسمه له الرسولان للخلاص؟ هل قالا له إنه يجب أن يصلي، أو يجب أن يشعر بتبكيت أعمق على حالته في خطاياه؟ هل طلبا منه أن يفعل شيئاً يرشحه للمجيء ليسوع؟ إننا لا نجد مثل هذه التوجيهات من هذين الرجلين الممتلئين من الروح القدس، بل قالا له: «آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ» (أعمال 31:16).

إننا نحتاج اليوم إلى مبشرين من عيّنة هذين الرسولين أكثر من حاجتنا إلى خدام متعلمين ولا يدركون أهمية الإيمان بالمسيح للخلاص والتجديد.

وماذا فعل السجان؟ هل اعترض مثلاً بقوله: «هذا أمر في غاية السهولة وليس معقولاً أن رجلاً شريراً مثلي يخلص بهذه الوسيلة السهلة؟» كلا لكنه آمن في الحال فامتلأ قلبه سروراً. هذه هي طريق الخلاص عزيزي المستمع بأبسط معانيها آمن فقط بما صنعه الرب يسوع من أجلك على الصليب فتخلص. فهل آمنت؟