العودة الى الصفحة السابقة
دنس العالم

دنس العالم

جون نور


«اَلدِّيَانَةُ الطَّاهِرَةُ النَّقِيَّةُ عِنْدَ اللهِ الآبِ هِيَ هذِهِ: افْتِقَادُ الْيَتَامَى وَالأَرَامِلِ فِي ضِيقَتِهِمْ، وَحِفْظُ الإِنْسَانِ نَفْسَهُ بِلاَ دَنَسٍ مِنَ الْعَالَمِ» (يعقوب 1: 27).

أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو دنس العالم.

أعزائي المستمعين الكرام اتفق الناس ان العالم مكان قذر جداً. ونحن لا يمكن أن نسير في طرقه دون أن نعرض أنفسنا للاتساخ من الرأس إلى القدم، وقليلون هم الذين يستطيعون أن يحفظوا أنفسهم بلا دنس من العالم. ومع ذلك فهذا ميسور. لقد كان الرب يسوع حملاً «بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ» (1بطرس 19:1). وهو «بِرُوحٍ أَزَلِيٍّ قَدَّمَ نَفْسَهُ للهِ بِلاَ عَيْبٍ» (عبرانيين 14:9). وهو قادر أن يحفظنا غير عاثرين ويوقفنا أمام مجده بلا عيب في الابتهاج (يهوذا 24).

هنالك أوصاف كثيرة لتعريف الديانة. يقول البعض إنها هي التفكير السليم، ويقول آخرون إنها هي الشعور السليم. أما يعقوب فإنه يتغاضى عن ذلك ويقول إن لب الديانة الحقيقية هو أن يعيش المرء بلا دنس (يعقوب 17:1).

لعله لا توجد قصة في العهد القديم أكثر جاذبية من تلك التي تحدثنا كيف أن جسد نعمان الأبرص شفي من البرص وطهر «فَنَزَلَ وَغَطَسَ فِي الأُرْدُنِّ سَبْعَ مَرَّاتٍ، حَسَبَ قَوْلِ رَجُلِ اللهِ، فَرَجَعَ لَحْمُهُ كَلَحْمِ صَبِيٍّ صَغِيرٍ وَطَهُرَ» (2ملوك 5: 14). ولا توجد آية في العهد القديم أثمن بسبب ما توحيه من الطهارة التي بلا دنس من تلك التي تعلن بأنه «إِنْ كَانَتْ خَطَايَاكُمْ كَالْقِرْمِزِ تَبْيَضُّ كَالثَّلْجِ. إِنْ كَانَتْ حَمْرَاءَ كَالدُّودِيِّ تَصِيرُ كَالصُّوفِ» (إشعياء 18:1).

في كل واحد منا حنين إلى أن يكون بلا دنس. نحن نذكر أصلنا السامي، ونحزن بسبب فقدنا لطابع الطهارة الذي طبعه الله فينا عندما خرج آدم من يد الله ووضع في الجنة. إننا ننجذب إلى تلك الصورة التي خلقنا عليها ثم فقدناها. إن تلك الصورة تجذب القلوب التي ثقلتها الخطية.

يستحيل أن تعطي حياة السماء هنا على الأرض إلا للذين يحاولون - على قدر ما تصل إليهم قدرتهم - أن يحفظوا أنفسهم بلا دنس. «فَإِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ هذَا أَنَّ كُلَّ زَانٍ أَوْ نَجِسٍ أَوْ طَمَّاعٍ الَّذِي هُوَ عَابِدٌ لِلأَوْثَانِ لَيْسَ لَهُ مِيرَاثٌ فِي مَلَكُوتِ الْمَسِيحِ وَاللهِ» (أفسس 5: 5). إن أردت أن يأتي الله ويتخذ له مسكناً في داخلك فعليك أن تطهر ذاتك من كل دنس الجسد والروح (2كورنثوس 1:7). وإن أردت أن تذهب أخيراً لتتخذ لك مسكناً مع الله فعليك أن تغسل ثوبك وتبيضه في دم الخروف (رؤيا 14:7). إن الذين يغسلون ثيابهم هم فقط الذين لهم الحق في شجرة الحياة ولهم الحق أن يدخلوا من الأبواب إلى المدينة (رؤيا 14:22).

لكن هذا قد يبدو أمراً مستحيلاً وحلماً غير عملي، فإن حياة أعظم القديسين لا تخلو من الضعفات. كل واحد لا بد أن يعترف بنقائصه. لم يولد من النساء سوى واحد فقط كانت حياته خالية من الخطية وبلا دنس. وكل من عداه يجب أن يقدم هذا الاعتراف: «قَدْ أَخْطَأْتُ، وَعَوَّجْتُ الْمُسْتَقِيمَ» (أيوب 27:33). فأيوب قال: «هَا أَنَا حَقِيرٌ» (أيوب 4:40)، وإشعياء قال أنه: «نَجِسُ الشَّفَتَيْنِ» (إشعياء 5:6)، وبطرس قال أنه: «رَجُلٌ خَاطِئٌ!» (لوقا 8:5) ويوحنا قال: «إِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ لَيْسَ لَنَا خَطِيَّةٌ نُضِلُّ أَنْفُسَنَا وَلَيْسَ الْحَقُّ فِينَا» (1يوحنا 8:1). كيف نرجو أن نكون بلا دنس في عالم مثل هذا؟ وحتى إن كنا بلا دنس أمام الناس فماذا نكون أمام الله الذي يرى أن السماوات غير طاهرة؟ (أيوب 15:15).

عزيزي المستمع ان دم يسوع يطهر من كل خطية (1يوحنا 7:1). «إِنْ كَانَ دَمُ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ وَرَمَادُ عِجْلَةٍ مَرْشُوشٌ عَلَى الْمُنَجَّسِينَ، يُقَدِّسُ إِلَى طَهَارَةِ الْجَسَدِ فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يَكُونُ دَمُ الْمَسِيحِ... يُطَهِّرُ ضَمَائِرَكُمْ ويجعلنا بِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ» (عبرانيين 13:9 و14، أفسس 4:1). حالما نعترف بخطايانا ونتناول من جسده ودمه الطاهرين يتلاشى نهائياً كل دنس لصق بنا. يمكن للميكروسكوب أن يتبين آثار الدماء على القماش بعد غسله، لكن لا يمكن لأية قوة معظمة أن تكتشف آثار الخطية التي اعترفنا بها وتركناها. إن طلبت فإنها لا توجد، الله لا يذكرها فيما بعد (إرميا 34:31).

إن يسوع يطهر كنيسته بالكلمة. ليست هنالك وسيلة للشاب لكي يزكي طريقه.

«بِمَ يُزَكِّي الشَّابُّ طَرِيقَهُ؟ بِحِفْظِهِ إِيَّاهُ حَسَبَ كَلاَمِكَ» (مزمور 9:119).

ان نار الروح القدس. تستطيع ان تطهرك من كل خطية. إن سلمت إليه أفكارك أجازها في مصفاة النار، فيحرق جراثيم الشر، ولا يبقى إلا الطاهر الطبيعي الذي بلا دنس. لا يطهر من جراثيم المرض شيء مثل النار فاطلب من الروح القدس أن يكون حلوله فيك مثل النار ليحرق الشر. أطلب بأن تحيا في تلك النار المطهرة. لا تغادر مخدعك في الصباح دون أن تلبس أسلحة النور المنسوجة من النار. وثق بأنه إن لصق بك أي دنس فإنه لا يمكن أن يبقى أمام هذه النار الملتهبة.

إن الذين بلا دنس يكونون رقيقين ورحماء بالدنسين. إنهم يعرفون جيداً الأخطار التي أنقذوا منها، ويعرفون ضعفاتهم هم أنفسهم، ولذلك فإنهم يترففون بهؤلاء الدنسين.