العودة الى الصفحة السابقة

حقيقة قيامة المسيح من بين الأموات

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو حقيقة قيامة المسيح من بين الأموات.

كانت ظهورات المسيح الشخصية للتلاميذ بعد قيامته هي وحدها التي أقنعتهم بحقيقة القيامة. وقد كان ظهوره المتكرر وفي مناسبات عديدة خلال الأربعين يوماً بعد القيامة معلماً إياهم فيما يختص بملكوت الله هو الذي أعطى التلاميذ برهاناً قوياً على أنه قد انتصر بالحق على الموت. وقد أعطت هذه الحقيقة المجيدة للتلاميذ تلك الثقة التي مكنتهم أن يقفوا ضد كل المعاندين ليعلنوا لكل إنسان أن الله أقام المسيح من الموت وأنهم قد أبصروه وهو يرتفع عنهم إلى السماء بنفس الجسد، وبعد أن أخذوا موعد الروح يوم الخمسين ذهبوا ينادون بقوة عظيمة عن قيامة الرب.

كان في كنيسة كورنثوس بعض من أنكروا حقيقة القيامة الحرفية، لكن بولس وبخهم مقدماً لهم هذه الكلمات الشهيرة: «وَلكِنْ إِنْ كَانَ الْمَسِيحُ يُكْرَزُ بِهِ أَنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، فَكَيْفَ يَقُولُ قَوْمٌ بَيْنَكُمْ إِنْ لَيْسَ قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ؟ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ! وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضًا إِيمَانُكُمْ، وَنُوجَدُ نَحْنُ أَيْضًا شُهُودَ زُورٍ للهِ، لأَنَّنَا شَهِدْنَا مِنْ جِهَةِ اللهِ أَنَّهُ أَقَامَ الْمَسِيحَ وَهُوَ لَمْ يُقِمْهُ، إِنْ كَانَ الْمَوْتى لاَ يَقُومُونَ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمَوْتى لاَ يَقُومُونَ، فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ. وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلٌ إِيمَانُكُمْ. أَنْتُمْ بَعْدُ فِي خَطَايَاكُمْ! إِذًا الَّذِينَ رَقَدُوا فِي الْمَسِيحِ أَيْضًا هَلَكُوا! إِنْ كَانَ لَنَا فِي هذِهِ الْحَيَاةِ فَقَطْ رَجَاءٌ فِي الْمَسِيحِ، فَإِنَّنَا أَشْقَى جَمِيعِ النَّاسِ» (1كورنثوس 12:15 - 19).

أعزائي المستمعين ليتنا نتعلم معاني قيامة المسيح.

ليتنا نلاحظ جيداً ما تخبرنا به كلمة الله عن هذه الحقيقة المباركة:

أولاً - إن قيامة المسيح تشهد عن صدق ما قاله هو عن نفسه بخصوص إرساليتة وألوهيته. لقد قال لأعدائه: «انْقُضُوا هذَا الْهَيْكَلَ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ» (يوحنا 2: 19) وقد كان يتكلم عن هيكل جسده. وقد قال لتلاميذه: «لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضًا. هذِهِ الْوَصِيَّةُ قَبِلْتُهَا مِنْ أَبِي» (يوحنا 10: 18). ولقد قال بصورة قاطعة إن ابن الإنسان سيEسلم إلى أيدي أناس خطاة، ثم أضاف قوله: «وَيَجْلِدُونَهُ، وَيَقْتُلُونَهُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ» (لوقا 33:18).

ثانياً - تشهد قيامته بصدق النبوات، وقد وردت في العهد القديم نبوات كثيرة عن موت المسيح وقيامته. قال داود في مزمور 16: 10 «لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ. لَنْ تَدَعَ تَقِيَّكَ يَرَى فَسَادًا». ويعلن بطرس وبولس كلاهما أن هذه الكلمات قد تمت بقيامة المسيح من الأموات.

ثالثاً - كشفت قيامة المسيح عن قدرة الله الفائقة التي تعمل لأجلنا ونجد في أفسس 17:1 - 23 صلاة بولس لأجل كل المؤمنين لكي تنفتح عيون إيمانهم لكي يعلموا ما هو رجاء دعوة الله وما هو غنى مجد ميراثه في القديسين، «وَمَا هِيَ عَظَمَةُ قُدْرَتِهِ الْفَائِقَةُ نَحْوَنَا نَحْنُ الْمُؤْمِنِينَ، حَسَبَ عَمَلِ شِدَّةِ قُوَّتِهِ الَّذِي عَمِلَهُ فِي الْمَسِيحِ، إِذْ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَأَجْلَسَهُ عَنْ يَمِينِهِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ».

رابعاً - إن قيامة المسيح هي البرهان العملي على أن مشكلة الخطية قد حسمت بما يرضي الله. لقد وضعت خطايانا على جسده على الخشبة، وقد قبل أن يحملها باختياره: «الَّذِي أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَأُقِيمَ لأَجْلِ تَبْرِيرِنَا» (رومية 25:4). وعندما أقام الله ابنه من الموت كان ذلك إعلاناً منه عن اعترافه بكمال عمله، فلو لم يكن المسيح قد أبطل الخطية إلى الأبد ما كان قد خرج من ذلك القبر، لكنه بعد أن دفع الفلس الأخير لأجلنا لم يعد للموت سلطان عليه أو مطلب منه، وإذ أقامه الله أعلن لكل الخليقة موافقته الكاملة ورضاه عن عمل الابن المبارك.

خامساً - قيامة المسيح تعطي الخاطئ ثابت اليقين بأن دينه قد سُدد وأن عدل الله لم تعد له شكاية ضد من يثق في يسوع. وهكذا نقرأ في رومية 32:8 - 34: «اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ، بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ، كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضًا مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟ مَنْ سَيَشْتَكِي عَلَى مُخْتَارِي اللهِ؟ اَللهُ هُوَ الَّذِي يُبَرِّرُ. مَنْ هُوَ الَّذِي يَدِينُ؟ اَلْمَسِيحُ هُوَ الَّذِي مَاتَ، بَلْ بِالْحَرِيِّ قَامَ أَيْضًا، الَّذِي هُوَ أَيْضًا عَنْ يَمِينِ اللهِ، الَّذِي أَيْضًا يَشْفَعُ فِينَا».

وإنني أتوسل إليك ألا تمر على هذه الكلمات مروراً عابراً، لكن أرجو أن تطالعها باهتمام مرة تلو الأخرى لتصل بقوتها وتأثيرها إلى قلبك فخلاصنا كله يتعلق بهذا الحق أن «مُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي أَبْطَلَ الْمَوْتَ وَأَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيلِ» (2تيموثاوس 1: 10). لقد نزل إلى خدور الموت المظلمة وطمت كل تياراته ولججه فوق رأسه، لكنه قام ولن يسود عليه الموت بعد. ومن جهتنا نحن الذين نؤمن به انحسرت عنا مياه الأردن وصار أمامنا طريق ممهد نعبر به الموت. أصغ إلى كلماته الإنتصارية: «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ» (يوحنا 11: 25 و26). ثم يقول لك: «أتؤمن بهذا». فهل يكون جواب قلبك: «نعم يا رب أؤمن، وأسند نفسي إلى الأبد على كلماتك الأكيدة، واعترف بك رباً ومخلصاً؟!».