العودة الى الصفحة السابقة

من نحن؟! في نظر الله.. والكتاب المقدس

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو من نحن؟! في نظر الله.. والكتاب المقدس.

«مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ.. الَّذِي فِيهِ أَيْضًا نِلْنَا نَصِيبًا، مُعَيَّنِينَ سَابِقًا حَسَبَ قَصْدِ الَّذِي يَعْمَلُ كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ رَأْيِ مَشِيئَتِهِ.. لِنَكُونَ لِمَدْحِ مَجْدِهِ، نَحْنُ الَّذِينَ قَدْ سَبَقَ رَجَاؤُنَا فِي الْمَسِيحِ» (أفسس 3:1، 11، 12)

يقول الرسول بولس هنا إن الله «بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ»، وإننا معيّنون سابقاً لكي نكون لمدح مجده.

فمن خلال السيرة والسلوك فقط،.. يستطيع الإنسان أن يمجّد الله.

قبل تأسيس العالم – اختار الله البعض، لكي يكونوا أولاده. ويكشف لنا مزمور 139: 13 – 17 عن عمق اهتمام الله بكل إنسان بأدق تفاصيله: شعره.. لون عينيه.. ملامح الجمال فيه.. قدراته وذكائه.. مواهبه، بل وأيضاً ضعفاته (خروج 11:4).

لقد خُلقنا؛ لكي نمجّده. ونستطيع أن نجد في نفس المزمور (17، 18) ما يكشف لنا عن حب الله واهتمامه. حتى وهو يخلقنا.

إن حب الله يفوق إدراك عقولنا.. وبنفس هذا القدر من الحب، كانت مشيئة الله أن يخلق كل إنسان فينا.

إن مسؤوليتنا نحن كمؤمنين بإسمه، هي أن نقبل هباته لنا أو تلك العطايا التي تشمل: شكلنا.. قدراتنا العقلية.. مواهبنا.. الخلفية البيئية التي يحيا كل منا فيها.. كما أن مسؤوليتنا تكمن في كيفية استخدام كل هذه لإكرام اسمه.

إننا كأولاد لله نحتاج أن نفهم أن الله اختارنا وخلقنا بصورة يمكن بها أن نمجده (1يوحنا 3:1). فكل جانب من حياتنا قد صممه الله.. بينما يعتمد مجد الله في حياتنا على كيفية استخدام كل واحد منا لهذه الحياة.

يقدم لنا إنجيل متّى 14:25 – 30 مثالاً واضحاً على ذلك. عندما يحكي المسيح في قصته عن ثلاثة خدام. كل واحد منهم ائتمنه على مبلغ معين من المال، وتركهم لكي يستثمر كل منهم هذا المبلغ خلال فترة غيابه. وبعد عودته، وجد اثنين قد ربحا ضعف ما كان معهما. أما الثالث فقد دفن المال تحت الأرض! وعندما جاء السيد، كافأ الخادمين اللذين استثمرا المال، وأما الأخير فقد عاقبه هذا السيد.

إن العبدين الإثنين قد أدركا قيمة ما امتلكاه من مال، وعرفا كيف يستثمرانه، محققين بذلك أعظم ربح. أما الثالث، فقد خاف من المسؤولية، وفشل في أن يحقق أي نجاح بما أعطاه سيده من مال.

لقد أعطانا الله وزنات كثيرة يمكننا أن نمجده بها. أما إذا فشلنا في أن نرى هذه الوزنات؛ فلن نستطيع أبداً أن نستثمرها، وسنخسر إمكانية تمجيد الله في حياتنا.

وإذا بقينا نرّكز فقط على ضعفاتنا، غير مبالين بتطوير الخصائص القيمة التي أعطاها الله لنا، سوف نمنع عن الله ما يريد أن يصنعه معنا.

من المهم ألا ننسى أبداً أننا مخلوقون «لِمَدْحِ مَجْدِ نِعْمَتِهِ» (أفسس 6:1، 11، 12). وفي نفس الرسالة أصحاح 1 يصف الرسول بولس المؤمنين أنهم أولاد الله، وفي العدد الخامس يستخدم تعبير «لِلتَّبَنِّي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ»، كأعضاء في عائلة الرب. ونحن كأولاد بالتبني لنا المواعيد بالحقوق والواجبات في عائلة الرب.

والله قد أعطى الإنسان امتياز العلاقة الشخصية معه، من خلال الابن يسوع، وأقامه في موضع المسؤولية على الأرض.

كأولاد لله، علينا نحن واجبات. هذه الواجبات تختلف من فرد لآخر، «أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِينَ يَرْكُضُونَ فِي الْمَيْدَانِ جَمِيعُهُمْ يَرْكُضُونَ، وَلكِنَّ وَاحِدًا يَأْخُذُ الْجَعَالَةَ؟ هكَذَا ارْكُضُوا لِكَيْ تَنَالُوا. وَكُلُّ مَنْ يُجَاهِدُ يَضْبُطُ نَفْسَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. أَمَّا أُولئِكَ فَلِكَيْ يَأْخُذُوا إِكْلِيلاً يَفْنَى، وَأَمَّا نَحْنُ فَإِكْلِيلاً لاَ يَفْنَى. إِذًا، أَنَا أَرْكُضُ هكَذَا كَأَنَّهُ لَيْسَ عَنْ غَيْرِ يَقِينٍ. هكَذَا أُضَارِبُ كَأَنِّي لاَ أَضْرِبُ الْهَوَاءَ. بَلْ أَقْمَعُ جَسَدِي وَأَسْتَعْبِدُهُ، حَتَّى بَعْدَ مَا كَرَزْتُ لِلآخَرِينَ لاَ أَصِيرُ أَنَا نَفْسِي مَرْفُوضًا» (1كورنثوس 9: 24 - 27).

وهنا، لا يكتفي الرسول بولس بالمركز الثاني، بل يسعى نحو الجعالة التي هي أقصى نجاح. فكان يجاهد، ويطوّر من كفاءاته وقدراته. ونحن أيضاً، كأولاد لله، علينا أن نتطور في كل جانب من جوانب حياتنا، لكي يتمجّد الله من خلال حياتنا، ولا يتم ذلك إلا بالالتزام والعمل الجاد.

إن مسؤوليتنا، كأولاد لله، وأعضاء في عائلة الرب، أن نعمل باستمرار وبجد في تطوير مواهبنا. وعملية التطوير هذه ليست بالأمر الهيّن، إنما تأتي بضبط النفس وتدريبها، وبتطوير الشخصية من أجل تمجيد الرب.

إن مسؤوليتنا كأولاد لله في الأعمال الصالحة يجب ألا تكون من أجل كسب حب الله لنا. فالله قد أحبنا أولاً، ووجودنا كأولاد في عائلته يثبت لنا ذلك. وكل ما نعمله يجب أن يكون برهاناً على مدى حبنا له، وليس رغبة منا في المزيد من حبه لنا! فحب الله لنا كامل غير ناقص وغير متوقف على سلوكنا أو قدراتنا، وليس لأعمالنا أية قدرة على زيادة حبه ولو درجة واحدة! إن الله يحبنا، فقط، لأننا أولاده! ولهذا السبب، علينا أن نفرح وأن نبذل كل ما لدينا من طاقة، حتى نمجّده بكل ما وهبنا من قدرة.