العودة الى الصفحة السابقة

الحياة الأفضل

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو الحياة الأفضل.

الحياة الأفضل هي الضالة المنشودة لكل إنسان، وهي الحاجة الماسة لكل مؤمن حقيقي. وكل إبن لله يسعى باجتهاد كي يصل إلى هذه الحياة المباركة. والمسيح له المجد قد جاء من علاه كي يهبنا هذه الحياة الأفضل.

إنها حياة السعادة الحقيقية، والمحبة الإلهية، والسلام الدائم. إنها حياة بلا قلق ولا هم، لأن الله متكلها والرب حافظها. وهي حياة الإطمئنان الكامل، فلا خوف فيها من جهة أي أمر من الأمور، لأن المحبة الكاملة تطرح الخوف خارجاً. إنها حياة القداسة العملية والحكمة الإلهية، والنور السماوي، والأمجاد السماوية. وهي حياة القوة والاحتمال، فهي تتحمل التجارب وتتخطى الصعوبات وتهزم المضايقات.

إنها حياة خالية من التذمر أو الأنين أو التشاؤم. إنها حياة الرضى والقناعة والإكتفاء وعدم الطمع. إنها حياة الرجولة والبطولة، فلا تتهاون مع الخطية، ولا تتسامح مع الشيطان، ولا تتصافح مع العالم. لكنها تسير وراء المسيح حاملة الصليب، فخورة به، مبتهجة بالرب، ممجدة لاسمه.

عزيزي المستمع هذه الحياة الأفضل هي في متناول يد كل إنسان. فكل من يقبل إلى المسيح له المجد تائباً عن خطاياه، مكرساً كيانه بالتمام لشخص الفادي، ينال هذه الحياة بفعل الروح القدس، الذي يطهر الكيان ويقدسه ويستخدمه لمجد الرب.

حياة القمة الروحية أو الحياة الافضل ليست ضرباً من ضروب المستحيلات، وليست مجرد خيال كاذب أو آمال وهمية، أو سراب خادع. ولكنها حقيقة مؤكدة واختبار سهل في متناول كل من يريد أن يتمتع به. حقاً إن الشيطان يحاول بكل قواه أن يبعد كل مؤمن عن هذا الاختبار السامي، ويضل كل شخص ليظل بعيداً عن هذه الحياة المباركة. إنه يستخدم سهامه الملتهبة وسمومه الرهيبة، كي يفشل كل مؤمن يبغى الوصول إلى قمة الاختبار الروحية. إنه يجند كل أتباعه، ويستخدم كل الظروف والحيل حتى يصعب هذا الاختبار أمام الجميع، وخاصة الذين يشتاقون إلى التمتع به. لكن ما أعظم نعمة الله وما أمجد قوته التي تمكن الإنسان المخلص من الحصول على هذه الحياة المجيدة السامية! حقاً إنها سهلة وممكنة للغاية وفي متناول كل إنسان، لأن إرادة الله هي قداساتنا، والرب قد جاء لكي يعطينا هذه الحياة الأفضل.

إن أول سؤال يشغل بال المؤمن الحديث هو هذا: «ماذا أفعل لكي أنمو في النعمة، وأصبح مسيحياً مثمراً؟» «وما هو البرنامج الذي أتبعه حتى أصير مؤمناً منتصراً؟»، لكن الحقيقة المؤسفة هي أن المؤمن الحديث غالباً ما يفشل في الوصول إلى قمة الإختبار الروحي، فيكتفي بالحياة الهزيلة الفقيرة، التي تقف على شاطئ الإختبار المسيحي. وهذا ما يحدث مع الكثير من المؤمنين الراغبين في الحصول على قمة الإختبار الروحي. إن الفشل يرجع إلى أسباب عديدة نذكر منها ما يأتي:

– إهمال تعاليم المسيح في حياتنا اليومية: حقاً إن تعاليم المسيح وكلامه المبارك هما أساس نمونا في النعمة وتقدمنا في حياة الإيمان، وما لم نحرص على إتمام تعاليم السيد له كل المجد بكل تدقيق في حياتنا اليومية، فإننا لن نصل إلى قمة الحياة الروحية والبركات الإختبارية.

لقد قال المسيح له المجد للذين آمنوا له: «إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلاَمِيذِي، وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ» (يوحنا 31:8 – 32). لكن عندما نهمل في تطبيق هذه التعاليم في حياتنا العملية نفشل في الوصول إلى الحياة الأفضل، وعندما نفشل نخدع أنفسنا بطرق متنوعة، حتى لا نصدم بحقيقة فشلنا. هذا ما يفعله الكثيرون حين يفشلون في الوصول إلى قمة الحياة الروحية، فإنهم يخدعون أنفسهم بأساليب ملتوية، وطرق معوجة. والفشل يأتي أيضاً في:

– عدم الرغبة في دفع الثمن:

إن حياة القمة مكلفة وليست رخيصة، لكنها تتطلب دفع الثمن. فلكي نحصل على قوة الله ينبغي أن نحبه ونطيعه، ولكي نمتلك الله يجب علينا أن نملكه على حياتنا.

إن حياة القمة الروحية لا تتحقق ما لم تكن هناك محبة حقيقية للرب يسوع المسيح. ويجب على كل مؤمن أن يمارس وسائط النعمة، فيدرس كلمة الله بانتظام، ويواظب على الصلاة، والخدمة المضحية والتكريس المستمر. والفشل يأتي أيضاً في:

– إتباع المسيح من بعيد:

البعض يتبعون الرب يسوع من بعيد، ويكتفون بمعرفته له المجد معرفة سطحية. إنهم لا يتوقون لمعرفته عن قرب، بل يكتفون بسطحية الاختبار المسيحي، من أجل هذا لا يختبرون بركة التمسك بالمسيح والثبات فيه.

إن المسيحي الحقيقي ليس هو الذي تعرف فقط بالمسيح، لكنه هو الذي يتمسك به ويكون قريباً منه. هو الذي يتبع الرب عن قريب، ويتوق من كل قلبه إلى حياة القمة والسمو الروحي، حتى يتمتع بأمجاد الإختبارات المسيحية، ويصل إلى قياس قامة ملء المسيح إتماماً لقول الكتاب: «إِلَى أَنْ نَنْتَهِيَ جَمِيعُنَا إِلَى وَحْدَانِيَّةِ الإِيمَانِ وَمَعْرِفَةِ ابْنِ اللهِ. إِلَى إِنْسَانٍ كَامِل. إِلَى قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ» (أفسس 4: 13).

هذه الحقيقة توضح لنا سبب الخلل الذي يحدث في حياة المؤمنين الذين لم يختبروا حياة القمة الروحية. فإن فشلت أيها العزيز في ممارسة حياة القداسة، فالعيب ليس في يدك أو عينيك أو لسانك أو عقلك أو في أي عضو من أعضاء جسدك، لكن العيب هو في الداخل، في قلبك، وعليك أن تصلح الداخل أولاً وذلك بتسليم القلب بالكامل للمسيح المبارك، عندئذ تتقدس أعضاؤك، ويتطهر كيانك.