العودة الى الصفحة السابقة

إلاخفاق في حياة المؤمنين

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو إلاخفاق في حياة المؤمنين.

كثيرون من المؤمنين غير المدربين يصيبهم الفشل بسبب سقطاتهم المتكررة ويستغل الشيطان هذه الفرصة ليدخل في عقولهم الشكوك من جهة أمر خلاصهم وفي كونهم مسيحيين بالحق، ومن الأهمية بمكان أن نعرف أن الطبيعة العتيقة التي ورثناها لا تنتهي بولادة الإنسان ثانية بل على النقيض تبقى الخطية في المؤمن طالما كان في الجسد، لكن ما يحدث عند الميلاد الجديد أن الإنسان ينال طبيعة إلهية جديدة، وهاتان الطبيعتان تقاوم إحداهما الأخرى.

لكن المؤمن الذي يسلك في الروح لا يتمم شهوات الجسد رغم ظهور هذه الشهوات فيه أحياناً. لكن لكي يسلك الإنسان في الروح يجب أن يقف بجانب الله ضد هذا الشر الذي يصدر عن الطبيعة الآدمية العتيقة التي يعتبرها الله أنها قد صلبت مع المسيح على الصليب، لأن الرب يسوع قد مات ليس فقط لأجل ما قد فعلناه بل أيضاً لأجل ما نحن عليه بالطبيعة. وبالإيمان نقبل هذا الأمر كحقيقة ونستطيع أن نضم صوتنا مع الرسول قائلين: «مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي» (غلاطية 20:2).

تأمل جيداً ما تعلمه لنا هذه الكلمات: إن «أنا» الإنسان العتيق، «أنا» بكل ما كنت عليه كإنسان يحيا في الجسد، «أنا» بطبيعتي الخاطئة الساقطة «مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ»، ومتى كان ذلك. عندما مات المسيح على صليب الجلجثة منذ نحو واحد وعشرين قرناً. لقد ذهب هناك لأجلي وأنا هناك كنت فيه. وقد كان هو نائبي وبديلي لقد مات الموت الذي كنت أستحقه، ومن ثم فإنني قد حسبت في نظر الله أني قد مت معه.

وإنني الآن قد دعيت لأجعل هذا الأمر حقيقة في اختباري الشخصي، وأنا عليَّ أن أحسب نفسي ميتاً عن الخطية بالحق لكن يحياً لله في بالمسيح يسوع ربنا (رومية 11:6). ولم تعد للطبيعة العتيقة شيء ضدي لكن إن كانت تحاول أن تثبت وجودها وأن تقودني إلى العبودية فيجب أن أحتمي في الله ضدها. لقد دان الخطية في الجسد، وأنا يجب أن أدينها أيضاً. وبدلاً من أن أذعن لها يجب أن أخضع نفسي لله بما أني قد قمت من الموت، لأني مع المسيح صلبت لكنني الآن أحيا معه حياة القيامة. لقد حييت مع المسيح الذي يحيا هو نفسه فيَّ، وقد صار هو السيد الجديد الذي يجب أن يتولى أمري ويسيطر على حياتي لأجل مجده، وكلما كنت خاضعاً له استطعت أن أتحرر من الخطية. «فَإِنَّ الْخَطِيَّةَ لَنْ تَسُودَكُمْ، لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ تَحْتَ النَّامُوسِ بَلْ تَحْتَ النِّعْمَةِ» (رومية 14:6). إن النعمة التي تحصرني بمحبتها تقودني إلى أن أقدم جسدي ذبيحة حية مقدسة مقبولة عند الله عبادتي العقلية (رومية 1:12).

نعم عزيزي المستمع أنا في الحقيقة لم أزل في الجسد لكنني أنتمي للخليقة الجديدة التي رأسها المسيح المقام. وكل إخفاق في معرفة هذه الحقيقة والسلوك بموجبها يبقيني بعيداً عن حياة النصرة.

كان الرسول بولس متحمساً أن يعرف المؤمنون في كولوسي ولاودكية مكانتهم ومسؤوليتهم في هذه الخليقة الجديدة، وقد أخبرهم بولس أنه كان يتمخض في الروح لأجلهم لكي يدركوا هذا الحق، ومن ثم فإنهم - بثباتهم في المسيح - ينالون التحرر الكامل من قوة العالم والجسد والشيطان إذ يكون المسيح ذاته هو المحرر لهم وليست الفلسفة البشرية أو الناموس أو الطقوس الأمور التي يلجأ الإنسان إليها وهو يبحث عن التحرر من سلطان الخطية لكن ليس واحد منها يستطيع أن يخلص الإنسان من الخضوع لشهوات الجسد.

إن الثبات في المخلص المقام الممجد، الرأس الذي هو في السماء هو الذي يعطينا النصرة التي ننشدها، وبما أننا قد قمنا معه فإن الرسول يحثنا على طلب الأمور التي فوق حيث المسيح يجلس عن يمين الله. «لأَنَّكُمْ قَدْ مُتُّمْ وَحَيَاتُكُمْ مُسْتَتِرَةٌ مَعَ الْمَسِيحِ فِي اللهِ» (كولوسي 3:3).

«فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ. اهْتَمُّوا بِمَا فَوْقُ لاَ بِمَا عَلَى الأَرْضِ، مَتَى أُظْهِرَ الْمَسِيحُ حَيَاتُنَا، فَحِينَئِذٍ تُظْهَرُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا مَعَهُ فِي الْمَجْدِ» (كولوسي 3: 1 - 4).

والنتيجة العملية لذلك يمكن أن نراها في: كولوسي 5:3 - 17 حيث يحثنا الرسول أن نميت أعضاءنا التي على الأرض وأن نطرح عنا كل فكر نجس غير مقدس حيث لا مكان له في الخليقة الجديدة. كما يخبرنا الرسول بالعادات والأعمال التي يجب أن نخلعها لأنها لا تليق بالإنسان الجديد كما نفعل عندما نتخلص من الثياب القذرة، ثم يوصينا أن نلبس ما يليق بالإنسان الجديد في المسيح.

لقد قال الرب يسوع: «تَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ» (يوحنا 8: 32). وكم يلزمنا نحن مفدييه أن ندرس كلمته معتمدين على روحه القدوس لكي نتحرر من الخوف الذي هو نتيجة الجهل بالحق الإلهي ومن الكبرياء التي هي نتيجة الثقة بالذات، والحق الذي يحرر يكون فقط من نصيب النفس الخاضعة الأمينة التي تطلب بلجاجة أن يسود الرب حياتها لأنه مكتوب: «فَتْحُ كَلاَمِكَ يُنِيرُ، يُعَقِّلُ الْجُهَّالَ؟» (مزمور 119: 130).