العودة الى الصفحة السابقة
السامري الصالح

السامري الصالح

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو السامري الصالح.

كان الطريق الممتد بين أورشليم وأريحا وعر المسلك موحشاً يخال للمسافر فيه أنه مزدحم باللصوص. وقلما كنت تجد بيوتاً على امتداد ذلك الطريق ونادراً ما كنت تشاهد جندياً يسير فيه. إلا أنه كان الطريق العملي الوحيد بين المدينتين، وماذا كان على الشخص أن يفعل إلا أن يسلك ذلك الطريق بالرغم من المخاطر.

في أحد الأيام، بينما كان شخص يهودي يسير على هذا الطريق الصحراوي المليء بالهضاب القاحلة التي تصلح مخبأً للصوص، هجمت عليه عصابة من مخبأها فهشموه وسلبوه ما معه من الثياب الثمينة، وتركوه ينزف دماً بين حي وميت.

بعد قليل، عبر من هناك رجل دين ورأى الضحية يتلوى في التراب والغبار. عادة نتوقع من رجل الدين تقديم المساعدة، ولكن حياته كانت في خطر عند تلك المنطقة المنعزلة. وكل لحظة تأخير كانت تزيد من الخطر. لذلك فقد أسرع في سيره على الطرف الآخر من الطريق.

والعابر الثاني الذي مر كان رجلاً لاوي. يهودي أيضاً، كان عمله مساعدة رجل الدين في الهيكل. لقد لاحظ الرجل ضحية اللصوص، وواضح أنه يحتاج لمن يساعده. ولكن فكر أن هذه مصيدة له! لأنه إذا توقف للمساعدة فسيهجم عليه أحد القتلة. لذلك استمر في سيره.

وأخيراً، اقترب سامري من المكان راكباً على حماره. كان السامري خليطاً من شعوب أخرى ولكنه ليس يهودياً، لذلك كان محتقراً من اليهود، وعادة لم يكن بينهم أي تعامل. ولكن عندما رأى السامري أن اليهودي في ضنك وأزمة، تحرك لمساعدته. ناسياً التحيز العرقي والخطر المحيق به، فانحنى، ونظف جراحه معالجاً إياها وربطها. وبعد ذلك رفعه على دابته، وأخذه لأقرب فندق على الطريق، واستمر يعتني بالرجل كل تلك الليلة.

كان على السامري أن يترك في الصباح التالي. لذا فقد أعطى نقوداً لصاحب الفندق لكي يستمر بالعناية بذلك الرجل الجريح إلى أن يكون باستطاعته السفر مرة أخرى. ووعد إن لم يكن المال كافياً، أن يوفيه الباقي عندما يعود.

قل ما تريد – لقد كان ما عمله السامري عملاً رائعاً جداً، وخاصة بإظهاره رحمة كهذه لليهودي، بينما كان النفور يسود العلاقة بين شعبيهما.

نحن نؤمن أن القصة تعطينا أيضاً صورة رائعة عن كيفية إظهار الرب يسوع الرحمة لهؤلاء الذين هم في أمس الحاجة. فلنرجع إلى القصة لنرى كيف تجمع هذه القصة في طياتها الأخبار السارة للخلاص.

أول كل شيء، بدأ هذا الشخص رحلته نزولاً من أورشليم إلى أريحا. وأورشليم تعني «مدينة السلام». أريحا، تقع بجانب نهر الأردن الذي يتدفق باتجاه الجنوب نحو البحر الميت. فهذا الرجل كان يسافر نازلاً من مدينة السلام إلى مكان الموت. وهذا يذكرنا أنه «تُوجَدُ طَرِيقٌ تَظْهَرُ لِلإِنْسَانِ مُسْتَقِيمَةً، وَعَاقِبَتُهَا طُرُقُ الْمَوْتِ» (أمثال 12:14).

أثناء رحلته وهو منحدر، وقع بين لصوص. وهذا صحيح بالنسبة لنا أيضاً، عندما ندير ظهرنا لله ونبدأ بالهبوط، نقع في مشاكل. يقول الكتاب المقدس: «طَرِيقُ الْغَادِرِينَ وعر» (أمثال 15:13). في الخطيئة تكمن نتيجة حتمية، التي من المستحيل الهروب منها.

لقد سلبت العصابة هذا الشخص المسكين ما كان له، وهكذا الخطيئة. إنها تسلب الإنسان طهارته، وبهجته، وحريته وكل شيء له قيمة في الحياة.

لقد جرّحه اللصوص أيضاً وتركوه نصف ميتاً. وهذا تذكير واضح لوجع القلب، والتعاسة، والشعور بالذنب، والجروح، والندم الذي تجلبه الخطيئة لحياة الإنسان. ويوم الحساب آت لا محالة «لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ» (رومية 23:6).

في المقارنة نرى عدة أمور متشابهة بين الرب يسوع والسامري الصالح، ولكن علينا الإيضاح هنا أن يسوع لم يكن سامرياً بالولادة. على أي حال فإن شعبه احتقروه ورفضوه كما لو كان سامرياً. وفي إحدى المرات، دعوه سامرياً (أنظر يوحنا 48:8)، كنوع من التحقير العرقي.

كما كان السامري، هكذا كان الأمر مع الرب يسوع. إذ أتى إلينا ونحن في أمس الحاجة. لقد أتى كل تلك المسافة من السماء إلى أدغال الخطيئة هنا على الأرض «لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ» (لوقا 19: 10).

لقد عرض السامري الصالح حياته للخطر بتوقفه لمساعدة ضحية اللصوص. لم يعرض يسوع حياته فقط بل هو في الواقع بذل حياته لأجلنا «ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي» (غلاطية 20:2).

لقد ضمّد السامري الصالح جروح الضحية الملقى على الطريق. الرب يسوع عمل أفضل من ذلك. فهو يشفي المنكسري القلوب ويعطي للعمي البصر (لوقا 18:4). الزيت الذي صبه السامري على جروح الرجل هو صورة للروح القدس، المعطى للجميع عندما يحصلون على خلاص الله. الخمر صورة عن الفرح الموجود في المسيحية. لقد صبّ المخلص الزيت والخمر في الحياة التي جرحت بالخطيئة.

لم يرد السامري الصالح ترك صديقه الجديد ملقى على الطريق العام. بل أحضره إلى الفندق. وهكذا تعطينا قصة السامري الصالح صورة دقيقة وجميلة عما عمله المخلص لأجلنا في ساعة احتياجنا الشديدة. الرب يسوع يأتي بالذين يخلصون إلى دفء الشركة مع مؤمنين آخرين. إن بقينا وحيدين، فنكون في خطر السقوط المستمر في الخطيئة. دعونا ننطلب من الرب يسوع أن يعطينا هذه الشركه معه.