العودة الى الصفحة السابقة
لماذا تومن بالمسيحية؟

لماذا تومن بالمسيحية؟

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو لماذا تؤمن بالمسيحية؟

معظم الناس يتبعون ديناً - أو يرفضون اتباع دين - دون أن يبالوا مطلقاً بما يقول الله عن هذا الموضوع. مع ذلك فإن الله هو الحجة الوحيدة بكل يقين. فالأمر المنطقي المعقول هو أن نحاول أن نكتشف ما يقوله الله.

لكننا عوضاً عن ذلك نجد كثيرين يتبعون ديناً ما بطريقة عمياء، لأن له جاذبيات خاصة، أو لأنه يتفق إتفاقاً تاماً مع رغائبهم وأهوائهم، أو لأنه يقدم لهم حياة أسهل وأيسر، أو لأن كل أفراد أسرتهم وكل أقرانهم يتبعونه، أو لأسباب أخرى عديدة. هؤلاء لا يختارون فقط ديناً يتفق مع رغباتهم، بل ينتحلون أسباباً منطقية يقنعون بها أنفسهم بأن دينهم صائب ومعقول. وهم بذلك الموقف يقفلون عقولهم تماماً عن كل منطق معقول يتنافى مع موقفهم.

على أن هنالك أناساً يدركون أهمية علاقة الإنسان بالله، وهم مخلصون ومعقولون بدرجة تكفي أن ترشدهم للبحث في طريق الصواب. وقد سجل الكتاب المقدس أن الله يستجيب لهؤلاء الباحثين، كما جاء في هذا الوعد: «وَتَطْلُبُونَنِي فَتَجِدُونَنِي إِذْ تَطْلُبُونَنِي بِكُلِّ قَلْبِكُمْ» (إرميا 13:29).

لكن ربما يعترض أحدهم قائلاً: كيف يستطيع أي إنسان أن يعرف الحق؟ إن كل دين يدّعي أنه الدين الحق. بل تذهب بعض الأديان فتدّعي أن الله أنزل كتباً خاصة تعلن الطريق الصواب. والغريب أن هذه الكتب تناقض بعضها بعضاً. فكيف يستطيع الإنسان أن يعرف الصحيح منها؟

إننا نعيش في عصر تقدم علمي، ونحكم عقولنا وقوانا المفكرة في كل شيء. وصار الناس يدركون إدراكاً متزايداً بأن التقاليد، والخرافات، والتعصب، ومجرد المشاعر، لا تستطيع أن تثبت أمام محك الحقيقة. وهذا ينطبق على دائرة الدين، كما ينطبق على كل دائرة أخرى في الحياة. والدين الحقيقي يجب أن يحتمل فحصاً دقيقاً، ويجب أن يخرج ظافراً منتصراً تحت محك الحقيقة.

يقبل العالم حقيقة ويعتبرها صحيحة وصائبة، إذا كانت تنسجم مع ذاتها، وتتفق مع كل المعلومات التي تقع في دائرة إختباره - أي مع حياة الإنسان كلها في نواحيها العقلية، والإرادية، والعاطفية، داخلياً وخارجياً. فإن قال أحدهم أنه كان في مكان ما طوال يوم أمس، وفي اللحظة ذاتها أدعى أنه كان يصطاد على ساحل إحدى المدن والتي في مكان بعيد عن المكان الأول الذي ادعاه طوال يوم أمس، أدرك السامع أن إحدى العبارتين على الأقل، لا بد أن تكون غير صحيحة، فإن الشخص لا يستطيع أن يكون في مكانين في وقت واحد.

أعزائي المستمعين المسيحية لا تخشى أن تضع معتقداتها تحت أدق الفحوص التي يريدها المرتابون، بل هي بالأحرى تسعى جاهدة طالبة مثل هذه الفحوص، كذلك لا تخشى المسيحية أن يدرس أتباعها كل ما تدعيه الديانات الأخرى. فإن الحق لا يمكن أن ينكسر ولا أن ينحني تحت أي هجوم.

لا عجب أن يعرف الطلاب المسيحيين عن البوذية والهندوسية، أكثر من كثيرين من البوذيين والهندوس. ولقد درس كثيرون من المسيحيين إدعاءات الإلحاد بدقة عميقة، تمكنهم أن يدافعوا عن الإلحاد بشكل مقنع يخجل كثيرين من الملحدين الغيورين مع ذلك نجد هؤلاء الباحثين المتعمقين يظلون ثابتين راسخين في إيمانهم بالمسيح.

هناك ديانات أخرى يهتدي إليها عدد كبير من الناس كل عام. مع ذلك فإن معظم هؤلاء المهتدين ينجذبون إلى تلك الأديان، لا بسبب مناقبها وأفضالها الجذابة، ولا لأنهم درسوا تلك الأديان فوجدوها مؤسسة على أسس معقولة سليمة. نعم هناك عدد كبير من الناس يأتون إلى المسيحية بسبب خصائصها ومزاياها الجذابة، لكن المسيحية أيضاً تجتذب عدداً هائلاً من الناس، الذين لا يقبلون سوى ما تلزمهم قواهم العقلية أن يقبلوه وأن يسلموا به لأنه صواب ومعقول.

لهذا السبب نرى كثيرين من المهتدين إلى المسيحية، يقبلون إليها من صفوف ألد أعدائها. وكثيرون منهم قد بدأوا بدرس المسيحية لإثبات بطلانها، لكن الدليل على صحتها كان قوياً كاسحاً أضطرهم لتغيير موقفهم وإلى إعتناق المسيحية. ترى أي دين آخر يستطيع أن يفخر بإهتداء عدد كبير من ألد أعدائه إليه، إلا نتيجة للقوة أو رغبة ملحة في الحصول على كسب إجتماعي أو مادي؟

إن معظم الأديان مؤسسة على إختبار شخص واحد، ربما يسنده جماعة من أتباعه المعاصرين له. وقد تؤيده رؤيا أو معجرة تنسب إليه لتقدم الدليل على صحة دعواه. أما الأدلة على صدق المسيحية فهي أشبه بحبل مكون من طاقات أو أوتار كثيرة، مرتبطة معاً ومفتولة معاً بقوة دقيقة تجعل الحبل لا ينقطع. أجل، إن أسس المسيحية مربوطة معاً بعدد كبير من الأنبياء، تغطي نبوءاتهم مئات السنين. والعهد القديم وهو يغطي تلك الفترة الطويلة من الزمن مملوء بنبوءات عن المسيح. والآن بعد قرون عديدة، نجد ألوفاً من الناس في كل أنحاء العالم يشهدون من إختبارهم، بأن المسيح حقيقة حية.

ختاما أريد ان أقول بإن المسيحية ليست ديانة بل هي حياة يحياها الإنسان عند قبوله المسيح ويعيش هذا الإنسان في شركة وعلاقة شخصية مع الله لان المسيحية مؤسسة على تعاليم الكتاب المقدس، الذي يصرّح بأنه الإعلان الوحيد المكتوب من الله. ويؤمن المسيحيون أيضاً بتعليم الكتاب المقدس، بأنه يوجد طريق واحد للإقتراب إلى الله وهو قبول المسيح رباً ومخلصا لحياته.