العودة الى الصفحة السابقة
من هو المؤمن؟

من هو المؤمن؟

جون نور


«وَسَمِعَا صَوْتَ الرَّبِّ الإِلهِ مَاشِيًا فِي الْجَنَّةِ عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ النَّهَارِ، فَاخْتَبَأَ آدَمُ وَامْرَأَتُهُ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ الإِلهِ فِي وَسَطِ شَجَرِ الْجَنَّةِ» (تكوين 8:3).

منذ مدة قريبة، مرضت الابنة الوحيدة لأحد الأغنياء. وكان والدها بجوار فراش مرضها وهي في النزع الأخير. لقد كرّس ذلك الوالد كل أوقاته لجمع الثروة، وتيسير أسباب الرفاهية لها، ولكنه من الجانب الآخر لم يعلمها شيئاً عن المسيح، وها هي توشك أن تعبر الموت بدون رجاء. قالت لوالديها في حشرجة الموت: «ألا يمكنكما أن تساعداني! الجو مظلم جداً... والنهر قارص البرودة!!» فماذا أجاب الوالدان؟ ضما أيديهما في حسرة، ولم يقدرا أن يعملا شيئاً، لأن الفرصة أفلتت منهما. وماتت الابنة البائسة في ظلام وبأس. ماذا أفادت الثروة؟ لا شيء.

هذه المأساة تتكرر كل يوم، لأن الآباء والأمهات يهملون عمل الله في حياة أولادهم، ويهتمون بأجسادهم فقط.

نقرأ في الكتاب المقدس وفي سفر التكوين الأصحاح الثالث والعدد التاسع: «فَنَادَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيْنَ أَنْتَ؟؟» لأن آدم قد اخطأ واختبأ من وجه الله. وأنا أسألك أيها الإنسان أين أنت؟ وهذا هو السؤال الأول، الذي وجهه الخالق إلى الإنسان الأول، والذي يوجهه الله إلى كل الناس في كل أركان الأرض.

«نعم، أين أنا؟ ومن أنا؟ وإلى أين أنا ذاهب، وما هي نهاية هذه الحياة؟».

أسألكم أين أنتم في نظر الله، هل أنت في شركة مع خالقك؟ أم أنت بعيد عنه؟ إن كنت بعيداً عن دائرة النعمة فلا سلام لك، ولا سرور، ولا سعادة لأنه لا يوجد إنسان على الأرض انحرف عن الله وعرف طريقه إلى السلام، أو الفرح أو الراحة الحقيقية.

كم من الآباء والأمهات المؤمنين اليوم نائمون، بينما أولادهم يرقصون على البارود، ويلعبون على شفا هاوية سحيقة تزمع أن تبتلعهم أو يتردون فيها إلى الأبد!

ترى هل فكرت يوماً في مصيرك؟ عزيزي إذا أخذت من العالم فجأة، بواسطة مرض أو حادث، أين ستكون في الأبدية؟ ألا تعلم أنه قد وضع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة؟

نحن نعرف من كلمة الله أن الخاطئ بدون إله، وبدون رجاء، وبلا عذر أيضاً. فأي عذر يقدر أن يقدمه إن مات في خطاياه؟ هل هي أخطاء الله؟ حاشا، لأنه يرغب بشدة في خلاصك فإذا كنت تريد بحق أن تنتقل من الموت إلى الحياة، فهو على استعداد لأن يصنع معك هذا ويخلصك. وإذا رغبت أن تصبح وارثاً للحياة الأبدية ففي إمكانه أن يحولك إلى ابن الله، ومن ثم تصبح وارثاً للحياة الأبدية.

إنني أقول لك، بسلطان كلمة الله، أنك إذا طلبت ملكوت الله فستجده. إنني أحدثك الآن بلغة اليقين، وأحدث معك الكثيرين ممن لا زالوا في ربيع العمر وزهرة الحياة، وأحدث كل شيخ متقدم في الأيام، أحدث كل خاطئ من أي سن وأي جنس، وأي لون. أُخل إلى نفسك يا أخي دقائق قليلة، ثم تساءل: «أين أنا الآن؟ وما هو مصيري الأبدي؟». إنني أتخيلك في رحلة حياتك تصعد جبلاً تناثرت فيه قبور الموتى، الذين أنهوا رحلتهم على سفحه، ورقدوا في قبورهم هنا وهناك، والبعض منهم يمت لك بصلة القرابة.

هل لا زلت تعادي الله؟ ألا زال قلبك متقسياً؟ كلمات الله التي كانت تهز كيانك أخشى أنها قد فقدت تأثيرها عليك، فما عادت تؤثر فيك كما كانت تفعل في الماضي! لماذا لا تفتح له قلبك؟ لماذا لا تدخله إلى حياتك؟

هل تنتظر فرصة أفضل؟ لا توجد فرصة أفضل من هذه اللحظة.

يكفي أن يهمل الإنسان أمر خلاصه، فيكون إهماله كافياً لإهلاكه. تصور أنني أنام في قاربي الصغير وهو يتهادى على صفحة الماء، وعلى بعد عشرة أميال مني يوجد شلال رهيب تندفع إليه المياه بشدة، ويندفع معها القارب بقوة، وكل من يصل إلى منطقة ذلك الشلال لا بد أن يهلك. وأنا لا احتاج إلى أن أجدف بالمجداف نحو الشلال حتى أهلك، بل يكفي أني أهمل وأنام في قاع القارب، والمياه تدفعني إلى الخطر. هكذا الحال مع كل شخص يهمل أمر خلاصه.

وهذه هي أسوأ حالة يصل إليها إنسان ما في حياته، أن يحتقر خلاص الله، هكذا وصل البعض في انحدارهم وتدهورهم، فصاروا يكرهون الرب يسوع، والإيمان به، وكل من ينتمي إلى جماعة المؤمنين باسمه، وإذا قدمت لهم الكتاب المقدس قد يمزقونه، أو يطئونه بأقدامهم.

إلى أي خطوة وصلت؟ هل أنت في حالة الإهمال، أم انحدرت منها إلى حالة الرفض؟ أم وصلت إلى بالوعة الاحتقار والازدراء بالإيمان والمؤمنين وخلاص الله؟ لقد مات البعض بسبب إهمالهم، والبعض الآخر ماتوا وهم رافضون، وآخرون ماتوا وهم يحتقرون ويستهزئون.

وسواء كنت من الجماعة الأولى، أو الثانية، أو الثالثة، فهاأنذا أضع أمامك الحياة والموت، فأيهما تختار الآن؟!

لما وقف الرب يسوع بين يدي بيلاطس للمحاكمة، قال بيلاطس لليهود: «مَاذَا أَفْعَلُ بِيَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟. فصرخ الجميع: «لِيُصْلَبْ!».

هل هذه هي لغتك أيها الشاب؟ هل تقول: «ابعدوا عني يسوع، وابعدوا عني الكتاب المقدس»؟ أم هل تتعقل الآن، وتأخذ جانب الحكمة، وتخاطب سيدك وإلهك قائلاً: «أيها الرب يسوع، إنني أحبك وأقبل خلاصك».

ليت إلهي يقنعك أن تقرر هذا القرار الخطير، الآن.