العودة الى الصفحة السابقة
لماذا ينبغي على الإنسان أن يتغيّر؟

لماذا ينبغي على الإنسان أن يتغيّر؟

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو لماذا ينبغي على الإنسان أن يتغيّر؟

الله يخبرنا بكل وضوح في كلمته لماذا يأمر الإنسان أن يرجعوا اليه. إنه يتأنى عليهم «وَهُوَ لاَ يَشَاءُ أَنْ يَهْلِكَ أُنَاسٌ، بَلْ أَنْ يُقْبِلَ الْجَمِيعُ إِلَى التَّوْبَةِ» (2بطرس 9:3) وفي أعمال 31:17 يبين لنا السبب في أنه يأمر جميع الناس أن يرجعوا أو أن يتوبوا لأنه «أَقَامَ يَوْمًا هُوَ فِيهِ مُزْمِعٌ أَنْ يَدِينَ الْمَسْكُونَةَ بِالْعَدْلِ».

وسيأتي اليوم الذي سيعطي كل إنسان حساباً عن حياته لخالقه. والله الذي يعرف الإنسان من كل وجه، يعرف أيضاً الحكم الذي سينطق به الديّان العادل « الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ» (رومية 23:3). لذلك يريد الله من الناس أن يرجعوا لأن «مخلصنا الله... يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ» (1تيموثاوس 2: 4)).

عزيزي المستمع الإنسان خاطئ

هذه حقيقة مرعبة والكثيرون لا يفكرون فيها – كما يوجد أيضاً أولئك الذين ينكرونها – ولكن هل يشعر مثل هؤلاء بقناعة تامة بأن ما يقولونه صحيح؟ هل يستطيع شخص صادق وأمين أن ينكر أنه قد عمل أفعالاً خاطئة مراراً عديدة؟

الخاطئ إنسان ارتكب الخطية. وهو لم يصر خاطئاً بعد أن قام بارتكاب خطايا كثيرة. لإن ارتكاب خطية واحدة فقط تجعل الإنسان خاطئاً. ونستطيع أن نتحقق من هذا جيداً في حياتنا اليومية.

لقد أعطى الله كل إنساناً ضميراً (رومية 15:2) يحكم عليه ويحاسبه من جهة أمور معينة خاطئة. لكن الضمير لا يشير إلى كل ما هو خاطئ، فهو يتأثر ويتشكل بالبيئة أو الوسط المحيط وهو دائماً يقدم التحذير إذا ما قام شخص بأي فعل تدينه البيئة التي تربى فيها. لقد اهتم الله أن يوجه الإنذار إلى جميع الناس. حتى أولئك الذين لم يسمعوا إطلاقاً عن الله والذين لم يعرفوا كلمته فإنهم يحذرون حينما يفعلون الخطأ عمداً حتى يمكنهم أن يرجعوا إلى صوابهم ويتحققوا أنهم أشرار ومذنبون.

وإذا ما رجعت بذاكرتك عدة سنوات إلى الوراء لتتأمل حياتك الشخصية الماضية فكم من الخطايا والشرور التي ارتكبتها عمداً؟ ربما تبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً. لنفترض أنك في السنوات الثمانية الأولى من حياتك لم تقم إطلاقاً بأي عمل خاطئ بوعي وإدراك منك – وهذا بالطبع غير صحيح لأنك تدرك جيداً أن ضميرك قد دانك مراراً كثيرة قبل ذلك التاريخ – كم من المرات اشتكى عليك ضميرك منذ ذلك الحين؟ لنفترض إنه اشتكى عليك في المتوسط مرة واحدة في اليوم، أي 365 مرة كل سنة. وبالتالي يصبح عدد المرات التي اشتكى عليك فيها ضميرك في العشر سنوات المكملة لعمرك (18 سنة) 3650 مرة. وللذين يبلغ عمرهم 28 عاماً يصبح ذلك العدد 7300 مرة وللذين يبلغ عمرهم 68 عاماً 21900 مرة.

وهكذا نستطيع أن نقول أن ضميرك قد أعلمك حتى الآن على الأقل 3650 مرة أنك قد أخطأت. أليست الحقيقة أكثر كثيراً من ذلك؟ وهل يمكن لشخص ارتكب مثل هذه الخطايا والشرور الكثيرة أن ينكر أنه خاطئ؟ وهل يستطيع الله البار أن يسامح ويبرئ ساحة مثل هذا الشخص؟

ألا يبرهن هذا على أن كل إنسان يستحق الدينونة، وعليه فيتحتم أن يعترف أمام الله بأنه قد أخطأ وأنه مستحق للهلاك الأبدي؟

لقد خلق الله الإنسان وأمره أن يعبده. لهذا فإن كل ما يفعله الإنسان مناقضاً لهذا. ونحن نجد هذا المبدأ في 1يوحنا 4:3 «الْخَطِيَّةُ هِيَ التَّعَدِّي»، وبكلمات أخرى فإن الخطية هي كل فعل لا يضع في الاعتبار سلطان الله على خليقته. لذا فإنه على سبيل المثال يعتبر الأكل خطية اذا كان الانسان شرهاً ولم يفكر بالمحتاجين والفقراء حوله لذلك تخبرنا كلمة الله «كُلُّ مَا لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ فَهُوَ خَطِيَّةٌ» (رومية 23:14).

وهكذا نستطيع أن نقول إن الرجوع هو: ذهاب الإنسان إلى الله وإدانة ذاته أمامه بالاعتراف أن حياته لم تكن خاضعة له. ولذلك فهو شرير ومذنب ويتضمن ذلك الإحساس بالأسف والحزن.

الله ينظر إلى القلب والضمير. لقد صرخ العشار ببساطة «اللّهُمَّ ارْحَمْنِي، أَنَا الْخَاطِئَ» (لوقا 13:18). والله الذي يختبر القلوب والمميز «أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ» (عبرانيين 12:4) عرف أن هذه الكلمات كانت كافية لمنح هذا الإنسان التبرير فقد عبر بكلماته القليلة عن حالة قلبه الكسير فليست الكلمات التي ننطق بها بل حالة القلب حين نأتي إلى الله هي التي تقرر إذا كان الرجوع حقيقياً.

والآن أريد أن أطرح عليك سؤالاً هاماً: هل رجعت إلى الله؟ هل ذهبت إلى الله بذنوبك وخطاياك معترفاً بضياعك؟

لا تنتظر أكثر من ذلك، افعل هذا اليوم. فربما يكون الغد متأخراً جداً.