العودة الى الصفحة السابقة
لماذا نصلي؟

لماذا نصلي؟

جون نور


نقرأ في إرميا 12:29 - 13 «فَتَدْعُونَنِي وَتَذْهَبُونَ وَتُصَلُّونَ إِلَيَّ فَأَسْمَعُ لَكُمْ. وَتَطْلُبُونَنِي فَتَجِدُونَنِي إِذْ تَطْلُبُونَنِي بِكُلِّ قَلْبِكُمْ».

ليس هذا سوى شاهد من بين عدة شواهد كتابية يوجه الله فيها دعوة محددة لشعبه أن يصلوا له؛ ونحن نرى أن الصلاة قيّمة ومفيدة لأن الله يتحدث عنها. ويوصينا الكتاب المقدس مرات ومرات أن نطلب وجه الرب. وما من شك أن الصلاة جانب مهم من حياة الإيمان المنتصر.

الصلاة ببساطة هي الوسيلة التي نأتي بها كبشر إلى الله في شركة معه لكي تتحقق مشيئته على الأرض. الصلاة هي إعلان مشيئة الله على الأرض.

للأسف كثيراً ما يأتي البشر إلى الله ليقدموا له المشورة في صلاتهم ويسمون هذا صلاة، وهم لا يفعلون سوى أنهم ينصحون الله بشأن ما يفعله إزاء المواقف التي يجتازون فيها. إنهم يأتون إلى الله كما لو أنه لا يعلم شيئاً عما يقولون ولهذا فهم يخبرونه بما يحدث، ويملون عليه الحلول وبعد أن ينتهوا من «تقديم المشورة له» يغادرون حتى بدون أن ينتظروا سماع ما سيقوله الله.

نقرأ في متّى 32:6 «لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ كُلِّهَا».

إن الله يعلم بالفعل كل ما لدينا من أمور حتى قبل أن نبدأ في إطلاعه عليها. لسنا نخبر الله بشيء جديد في الصلاة ولهذا فلسنا مضطرين أن نكتفي بإطلاعه على الأمور ثم نفر هاربين.

قد يسأل أحدهم إذا كان الله عالماً بكل شيء قبل حتى أن نفتح أفواهنا لنتحدث إليه فلم إذاً نرهق أنفسنا بالصلاة؟ لماذا لأن الله يحتاج إلى الشركة معنا وتعاوننا إذ أنه يريد أن يحقق مشيئته وقصده على الأرض وكذلك في حياة كل واحد منا.

أعزائي المستمعين نحن بشر ساقطون.

لا شك أننا بشر ساقطون طبيعتنا خاطئة وساقطة؛ ولذا فإن كل ما في داخلنا يتجاوب مع إبليس بسهولة تفوق تجاوبه مع الله وحتى بعد أن نسلم حياتنا للرب تظل أمور معينة في حياتنا تجذبنا إلى الوراء، حيث الظلام.

الصلاة هي الوسيلة التي بها ننكر ذواتنا ونفصلها عن تلك الأمور التي تميل إلى الظلام. في الصلاة نسلم ذواتنا أكثر لله وبهذا تبتعد أنفسنا عن ميولنا الخاطئة والساقطة وننجذب نحو تحقيق قصد الله وأهدافه.

فالصلاة تعطي المبرر القانوني لله لكي يتصرف بالنيابة عنا.

إن انعدام حياة الصلاة في حياة الفرد أمر يفسد الشركة مع الإله القدير، وهو في غاية الخطورة.

الصلاة هي التواصل مع الله وكما نعرف جميعاً فإن التواصل هو ما يحفظ للعلاقات قوتها. فمثلاً لا يمكن أن ينجح الزواج بدون تواصل جيد. لا يستطيع الزوج والزوجة أن يقيما معاً على أمل أن يحققا هذا التواصل لأنهما يجب أن ينفتح كل منهما على الآخر.

إبليس يبغض الصلاة

في أفسس 10:6 – 12 يأمرنا الكتاب المقدس أن نتقوى في الرب وفي شدة قوته لأن: «مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ».

الصلاة تدمر إبليس ولهذا فهو يبغضها، وهو لا يريد أن يرى كنيسة أو شخصاً ينشغل في صلاة فعالة. ولهذا تعمل حشود كبيرة من الأرواح الشريرة لإضعاف حياة الصلاة لدى شعب الله ولتغطيهم بغطاء الخمول وعدم الصلاة.

يعلم الشيطان أنه إذا أفلح في أن يجعل شعب الله يبتعدون عن الصلاة فسيكون له مطلق الحرية ليصنع شره وسط الأمم والعائلات والكنائس المحلية وكذلك حياة الأفراد.

وفي كل مرة نصلي يخسر إبليس ويُصاب بنوبات قلبية وعلينا أن نصيبه بتلك النوبات باستمرار.

الله يدعونا إلى أن نصلي لأنه يعرفنا تماماً، ويدرك تماماً أعمق أشواقنا، ويريدنا أن نطلب نعمته ومعونته لأنه يعلم أننا نحتاج إلى تحقيقها في حياتنا.

ينبغي أن نولي قدراً من الاهتمام بالصلاة لأنها تساعدنا لكي نكون متوافقين مع مشيئة الله وقصده لحياتنا. وقد وعدنا الله أننا إذا صلينا فإنه سوف يصغي ويتمم ما في قلبه من نحونا.

ينبغي ألا تكون الصلاة سبباً للتذمر بل أن تكون موضع اشتياق لنا فهي لخيرنا ولخير من نحبهم ونهتم بهم. يوصي الرب يسوع تلاميذه في لوقا 40:22 «صَلُّوا لِكَيْ لاَ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ». طالما ظلت الصلاة فقيرة في حياتنا فلن تكون الهزيمة بعيداً عنا. الله يحبنا ويريد الأفضل لحياتنا ولكن مشيئته لا تتحقق على نحو تلقائي. لم ينتبه التلاميذ لوصية الرب يسوع. ولم يمض وقت طويل إلا ونجدهم يختبرون هزيمة مريرة. وبلغت شدة ارتدادهم لدرجة أنه عندما ظهر لهم الرب بعد قيامته لم يستطع بطرس حتى أن يميزه في البداية. وهذا هو بطرس الذي أقسم ألا ينكر السيد نجده عاد إلى مهنة الصيد القديمة لدرجة أنه لم يستطع أن يميز الرب يسوع حينما وقف عند الشاطئ حتى قال له يوحنا: «إنه السيد». إذا واصل بطرس والآخرون الصلاة حينما طلب منهم الرب ذلك، لما اختبروا هذه الهزيمة والشعور بالخجل.

علينا أن نصلي. إذاً احتاج التلاميذ، الآباء الأوائل للمسيحيين إلى أن يسهروا الليل كله لكي يحيوا حياة النصرة، فلسنا إذن في حاجة إلى شيء أكثر من الصلاة.