العودة الى الصفحة السابقة
رحمة الله لا تنتهي

رحمة الله لا تنتهي

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو رحمة الله لا تنتهي.

ما هو الطريق الأفضل عزيزي المستمع؟ طاعة الله أم عصيانه؟ كان هذا هو السؤال الذي واجه شعب إسرائيل في تاريخه الطويل.

قال الرب لهم: «وَمِنْ أَجْلِ أَنَّكُمْ تَسْمَعُونَ هذِهِ الأَحْكَامَ وَتَحْفَظُونَ وَتَعْمَلُونَهَا، يَحْفَظُ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ الْعَهْدَ وَالإِحْسَانَ اللَّذَيْنِ أَقْسَمَ لآبَائِكَ، وَيُحِبُّكَ وَيُبَارِكُكَ وَيُكَثِّرُكَ وَيُبَارِكُ ثَمَرَةَ بَطْنِكَ وَثَمَرَةَ أَرْضِكَ: قَمْحَكَ وَخَمْرَكَ وَزَيْتَكَ وَنِتَاجَ بَقَرِكَ وَإِنَاثَ غَنَمِكَ، عَلَى الأَرْضِ الَّتِي أَقْسَمَ لآبَائِكَ أَنَّهُ يُعْطِيكَ إِيَّاهَا» (تثنية 12:7 – 13).

ولكن شعب إسرائيل استمر في عدم حفظه للعهد على الرغم من أن الله ظل أميناً في القيام بدوره في هذا الاتفاق، وعندما كان الشعب أميناً كانت الأمة تزدهر مادياً وروحياً ولكن عندما كانوا يعصون الله كان الرب يؤدبهم، وإن لم يتوبوا كان عليه أن يلجأ إلى أسلوب أقوى حتى يطيعوه.

عصيان متكرر

في الأصحاح التاسع من سفر نحميا يلخص عزرا فترة كاملة من التاريخ تحت العهد مع الرب: «أَنْتَ هُوَ الرَّبُّ الإِلهُ الَّذِي اخْتَرْتَ أَبْرَامَ وَأَخْرَجْتَهُ مِنْ أُورِ الْكَلْدَانِيِّينَ وَجَعَلْتَ اسْمَهُ إِبْرَاهِيمَ. وَوَجَدْتَ قَلْبَهُ أَمِينًا أَمَامَكَ، وَقَطَعْتَ مَعَهُ الْعَهْدَ أَنْ تُعْطِيَهُ أَرْضَ الْكَنْعَانِيِّينَ وَالْحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالْفَرِزِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ وَالْجِرْجَاشِيِّينَ وَتُعْطِيَهَا لِنَسْلِهِ. وَقَدْ أَنْجَزْتَ وَعْدَكَ لأَنَّكَ صَادِقٌ».

ثم تعرض عزرا باختصار لتحرير الله لشعبه من أرض مصر وعبور البحر الأحمر، وكيف قاد الرب شعبه في البرية وأعطاهم وصايا وفرائض وشرائع (نحميا 14:9).

ثم بدأ عزرا في سرد خطايا عصيان شعب إسرائيل الكثيرة. وَلكِنَّهُمْ بَغَوْا هُمْ وَآبَاؤُنَا، وَصَلَّبُوا رِقَابَهُمْ وَلَمْ يَسْمَعُوا لِوَصَايَاكَ، وَأَبَوْا الاسْتِمَاعَ، وَلَمْ يَذْكُرُوا عَجَائِبَكَ الَّتِي صَنَعْتَ مَعَهُمْ، وَصَلَّبُوا رِقَابَهُمْ. وَعِنْدَ تَمَرُّدِهِمْ أَقَامُوا رَئِيسًا لِيَرْجِعُوا إِلَى عُبُودِيَّتِهِمْ. وَأَنْتَ إِلهٌ غَفُورٌ وَحَنَّانٌ وَرَحِيمٌ، طَوِيلُ الرُّوحِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ، فَلَمْ تَتْرُكْهُمْ».

عزيزي المستمع لقد كان الله أميناً حتى في وقت عصيانهم، أنت برحمتك الكثيرة لم تتركهم في البرية (آية 19) وأعطيتهم روحك الصالح لتعليمهم (آية 20) فلم يحتاجوا (آية 21) وقادهم الله إلى الأرض التي وعدهم بها.

ولكن هل أدى هذا إلى أن يشكر شعب إسرائيل الرب بأن يطيعه؟ لا على الإطلاق!

«عَصَوْا وَتَمَرَّدُوا عَلَيْكَ، وَطَرَحُوا شَرِيعَتَكَ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ، وَقَتَلُوا أَنْبِيَاءَكَ الَّذِينَ أَشْهَدُوا عَلَيْهِمْ لِيَرُدُّوهُمْ إِلَيْكَ، وَعَمِلُوا إِهَانَةً عَظِيمَةً» (آية 26).

لذلك كانت هناك ضرورة لتأديب آخر «فَدَفَعْتَهُمْ لِيَدِ مُضَايِقِيهِمْ فَضَايَقُوهُمْ. وَفِي وَقْتِ ضِيقِهِمْ صَرَخُوا إِلَيْكَ، وَأَنْتَ مِنَ السَّمَاءِ سَمِعْتَ، وَحَسَبَ مَرَاحِمِكَ الْكَثِيرَةِ أَعْطَيْتَهُمْ مُخَلِّصِينَ خَلَّصُوهُمْ مِنْ يَدِ مُضَايِقِيهِمْ» (آية 27).

أعزائي المستمعين رحمة الله لا تنتهيإن رحمة الله كثيرة جداً، وصبره لا ينتهي. إذا تعامل معنا وفقاً لما نستحقه فسيحكم علينا ويديننا، ولكنه لا يريد ذلك، إذ أنه يريد أن يغفر، يريد أن يشفي شعبه ويعيده إلى حضنه.

ولكن من المحزن أن كثيرين لا يختبرون رحمة الله إلا عندما تتعرض حياتهم للخراب الشديد الذي يجعلهم يصرخون إلى الله في يأس شديد، ولكنه في محبته يسمع لهم ويستجيب، فهو ينتظر أن يلجأوا إليه، حتى لو كان هو الملجأ الأخير.

لقد أخطأوا وتمردوا وعصوا كما نفعل نحن مرات كثيرة، وفي أوقات كثيرة صرخوا إلى الله في يأس، وفي أوقات كثيرة ترأف الله عليهم وغفر لهم وردهم إلى حضنه. ولكنهم عادوا وأخطأوا مرة أخرى!

هذا هو الفرق الكبير بين الله والإنسان، فهو دائماً أمين، وهم عادة خطاة وعصاة وغير أمناء. صلى عزرا في أوقات الأزمات، وكان الناس مستعدين في هذا الوقت للرجوع إلى العهد الذي تركوه.

ولكن لم يكن هذا هو نهاية عصيان الأمة وتمردها، فقد كانوا سيتعدون على عهدهم مع الله مرة أخرى، وأخرى وأخرى.

عندما تنظر إلى الوراء في حياتك، قد يبدو لك إنها مثل تاريخ شعب إسرائيل، أي أنها قصة متكررة للعصيان، ولكن الله ما زال هو إله الرحمة، قد تعتقد أن عصيانك معناه ألا تتوقع أن تأخذ أي شيء من الله.

ولكن الله لا يريد أن يرفضك، فهو لا يهدف إلى إدانتك، بل يريدك أن تختبر غفرانه لكل خطاياك وفشلك وعصيانك، فهو ما زال الإله الكريم الأمين والرحيم الذي أرسل ابنه ليؤسس عهداً أفضل بوعود أفضل، وهو يريدك أن تكون جزءاً من هذا العهد، ولا يهم مقدار عصيانك وخطيتك، ولا يهم ما إذا كنت تشعر بفشل تام أو إذا كانت حياتك ضائعة، فالله لن يرفضك عندما ترجع إليه ولكنه سيرحب بخاطئ تائب وسيأمر السماء أن تفرح به.

تقول كلمة الرب: «وَأَنْتَ إِلهٌ غَفُورٌ وَحَنَّانٌ وَرَحِيمٌ، طَوِيلُ الرُّوحِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ، فَلَمْ تَتْرُكْهُمْ» (نحميا 9: 17).