العودة الى الصفحة السابقة
قداسة الله

قداسة الله

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو قداسة الله.

أعزائي إنني أؤمن أن أهم ما في شخصية الله هو قداسته. ونحن كبشر لن نفهم رحمة الله، حتى نفهم قداسته. ولن نفهم عقاب الله للخطية في حكمه عليها حتى نفهم قداسته. إننا لن نفهم الأعماق الغير محدودة لمحبة الله حتى إنه ترك مجد السماء حيث يسكن في شركة صافية مع الآب منذ الأزل. ونزل ليعيش على هذه الأرض في بيئة الخطية. وحمل على عاتقه دنس خطية العالم المتراكم، فوق الصليب.

إلا لو فهمنا قداسة الله «لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ» (2 كورنثوس 21:5).

إننا لن نفهم عمق الفداء... وما تكلفه الله القدوس حتى يُظهر تلك المحبة الفريدة في نوعها... إلا عندما نفهم قداسة الله.

لأن أول سبب يجعل قداسة الله هي الأهم في شخصية الله، هو ما يحدث في السماء.

عندما رأى إشعياء الرب، في تلك الرؤيا التي أعطاه الله، بماذا كان السرافيم الذين يحيطون بعرش الله يهتفون؟ «قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ رَبُّ الْجُنُودِ. مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ الأَرْضِ» (إشعياء 3:6).

وماذا جاء في سفر الرؤيا 8:4 عن الأربعة الحيوانات (المخلوقات) الحية التي لم تكف عن أن تنشد؟ لم تقل؛ «عظيم، عظيم، عظيم، هو الله»، لم تقل «عادل، عادل، عادل، هو الله»، لم تقل «محب، محب، محب، هو الله». وهي صفات رائعة لله وهامة جداً! ومع ذلك اختار الله، في سلطانه، أن تنشد الحيوانات (المخلوقات) الحية نهاراً وليلاً بدون توقف: «قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، الرَّبُّ الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي كَانَ وَالْكَائِنُ وَالَّذِي يَأْتِي!».

وبالتالي فمن الأهمية بمكان أن نفهم سبب ذلك. لا بد أن الله في حكمته ومعرفته اللانهائية، يرى أن القداسة هي الصفة الأعلى من كل صفاته الأخرى التي تحتاج السماء والأرض إلى أن تتذكرها دائماً.

أعزائي المستمعين كم يجب أن تكون القداسة مهمة! هل قضينا وقتاً لندرس هذا الجزء من شخصية الله؟ هل قضينا ساعة أو صباحاً أو بعد الظهر أو مساء أو يوماً من حياتنا، دون أي مقاطعة، حيث نقول «يا الله، سأبدأ في دراسة قداستك من خلال كلمتك. أريد أن أعرفك».

أن قداسة الله هي أساس احترامنا له، وبذلك فهي السبب الرئيسي الذي يمكننا من تكريس نفوسنا بالكامل له بمحبة وثقة. إننا نصبح أغبياء، عندما نسلم نفوسنا لشخص ما، لا نعرف شيئاً عن صلاح شخصيته، بصرف النظر عما أنجزه من أعمال أو شخصيته القوية. إن درجة فهمنا لقداسة الله تُحدد أيضاً مدى ارتفاع وعمق عبادتنا له.

إن أعظم أوقات التعبد التي اختبرتها كشخص، تحدث دائماً عندما أُركّز انتباهي في رهبة قداسته. إن إظهار جمال الرب يسوع البارع، في أغلب الأحيان، يأتي لأولئك الذين لديهم رغبة قوية في رؤية قداسته. «اِتْبَعُوا... الْقَدَاسَةَ الَّتِي بِدُونِهَا لَنْ يَرَى أَحَدٌ الرَّبَّ» (عبرانيين 14:12) – «لأَنَّ الرَّبَّ عَادِلٌ وَيُحِبُّ الْعَدْلَ. الْمُسْتَقِيمُ يُبْصِرُ وَجْهَهُ» (مزمور 7:11).

إن جمال الرب يسوع، يأتي من قداسته عندما نتفرس في عيني ابن الله، نرى عينيه تحترقان بلهيب نار قداسته ونار محبته... ولكن ذلك الإعلان لا يُعطى للسائلين بصفة عرضية، ولكن يُعطى فقط للذين يطلبون باجتهاد وإلحاح.

دعونا نسأل نفسنا بعض الاسئلة لماذا جاء ابن الله إلى هذه الأرض؟ إليكم بعض الأسباب الاساسية والمهمة وهي:

1) لكي يرينا من هو الآب.

2) كي يموت على الصليب لكي يصنع كفارة لخطايا العالم.

3) لكي يهزم قوات الظلمة بموته وقيامته.

4) لكي يرينا كيف نحيا.

5) لكي يصبح هو حياتنا.

إنني أشكر الرب كثيراً، لأنه جاء إلى الأرض لكي يرينا كيف نحيا. فعندما درست في الكتاب المقدس هذا الجانب من خدمة الرب على الأرض، اكتشفت أن الرب يسوع المسيح كان مثالاً في مخافة الله.

يقول سفر إشعياء 2:11 – 3 «وَيَحُلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ، رُوحُ الْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ، رُوحُ الْمَشُورَةِ وَالْقُوَّةِ، رُوحُ الْمَعْرِفَةِ وَمَخَافَةِ الرَّبِّ. وَلَذَّتُهُ تَكُونُ فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ...».

اختار الرب يسوع المسيح كابن الإنسان أن يتلذذ بصفة دائمة، بقداسة الفكر والكلمة والعمل. فلم يقل: «سأفعل هذا لكي أرضي أبي وأسرّه». ولكنه بدلاً من ذلك قال «إنني مسرور أن اختار مخافة الله، إنني أريد القداسة بشوق شديد».

هل نتمثل بالرب يسوع؟ – إن ابن الإنسان هو المثال الذي يجب أن نتخذه، عندما نتأكد أنه جاء لكي يرينا كيف نحيا.

نقرأ في سفر الأمثال 17:23 «... كُنْ فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ الْيَوْمَ كُلَّهُ» – ماذا يعني هذا؟ إنه يعني أن نختار القداسة في أفكارنا وفي كلماتنا وفي أعمالنا. إن مخافة الرب يجب أن تسيطر على كل جزء في كياننا. وتتجلى قمة الأولويات التي يضعها الله بنفسه في مخافة الرب في سفر التثنية 12:10 – 13 «فَالآنَ يَا إِسْرَائِيلُ، مَاذَا يَطْلُبُ مِنْكَ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلاَّ أَنْ تَتَّقِيَ (تخاف) الرَّبَّ إِلهَكَ...» هذا قبل أي شيء آخر، ثم يواصل فيقول: «لِتَسْلُكَ فِي كُلِّ طُرُقِهِ، وَتُحِبَّهُ، وَتَعْبُدَ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ. وَتَحْفَظَ وَصَايَا الرَّبِّ وَفَرَائِضَهُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ لِخَيْرِكَ».