العودة الى الصفحة السابقة
معنى المسامحة في المسيحية

معنى المسامحة في المسيحية

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو معنى المسامحة في المسيحية.

إذا استطاع الشيطان أن يجعل المؤمن يستاء من سواه ويمنعه من مسامحته يكون قد أحرز نصراً عظيماً عليه، بحيث يكون قد خسر شركته مع الله ولم تعد صلواته موضع استجابة عنده. ويصبح المؤمن بعد هذا يضمر العداء للآخرين إن استمر في مراعاة روح عدم المسامحة في قلبه. قال يسوع: «فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلاَتِهِمْ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضًا أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ. وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَلاَتِهِمْ، لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضًا زَلاَتِكُمْ» (متّى 14:6 و15).

علينا كمؤمنين أن نأخذ بعين الاعتبار إنه بغض النظر عما يسيء به الآخرون إلينا فنحن أخطأنا وأسأنا إلى المسيح أضعاف ذلك. فما دام المسيح قد رضي إن يسامحنا ويخلصنا من عقاب وسلطان الخطية، هكذا يجب علينا أن نغفر لمن يسيء إلينا. «لِيُرْفَعْ مِنْ بَيْنِكُمْ كُلُّ مَرَارَةٍ وَسَخَطٍ وَغَضَبٍ وَصِيَاحٍ وَتَجْدِيفٍ مَعَ كُلِّ خُبْثٍ. وَكُونُوا لُطَفَاءَ بَعْضُكُمْ نَحْوَ بَعْضٍ، شَفُوقِينَ مُتَسَامِحِينَ كَمَا سَامَحَكُمُ اللهُ أَيْضًا فِي الْمَسِيحِ» (أفسس 31:4-32).

نعم عزيزي المستمع كن أميناً مع إلهك وأخيك ونفسك.

نحن خاصة الله خلقاً وفداء، وقد أصبحنا أولاده بالولادة الروحية. لهذا هو يراقبنا ويسهر علينا إذ لا شيء يختفي عن عينيه «كُلُّ شَيْءٍ عُرْيَانٌ وَمَكْشُوفٌ لِعَيْنَيْ ذلِكَ الَّذِي مَعَهُ أَمْرُنَا» (عبرانيين 13:4) «فِي كُلِّ مَكَانٍ عَيْنَا الرَّبِّ مُرَاقِبَتَانِ الطَّالِحِينَ وَالصَّالِحِينَ» (أمثال 3:15).

فرض على المؤمن أن يحترم غيره من الناس ويعاملهم كما يريدهم أن يعاملوه. فان كان أحد هؤلاء مسيحياً مؤمناً فهو أخ لنا في المسيح وابن لله كما نحن أيضاً. وإن لم يكن مسيحياً يجب أن يسعى كي نربحه للمسيح وهذا لا يمكن فعله بالمعاملة الخشنة. «أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ» (متّى 44:5 و45) «لاَ تُجَازُوا أَحَدًا عَنْ شَرّ بِشَرّ. مُعْتَنِينَ بِأُمُورٍ حَسَنَةٍ قُدَّامَ جَمِيعِ النَّاسِ. إِنْ كَانَ مُمْكِنًا فَحَسَبَ طَاقَتِكُمْ سَالِمُوا جَمِيعَ النَّاسِ. لاَ تَنْتَقِمُوا لأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، بَلْ أَعْطُوا مَكَانًا لِلْغَضَبِ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِيَ النَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِي يَقُولُ الرَّبُّ. فَإِنْ جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ. وَإِنْ عَطِشَ فَاسْقِهِ. لأَنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ هذَا تَجْمَعْ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ. لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ» (رومية 17:12-21).

كلنا سنُدعى ونقف أمام مخلصنا بعد هذه الحياة لكي نعطى حساباً عما فعلنا في الجسد. لذلك يجب أن نحيا الحياة التي تجعلنا أن لا نندم على ما فات ومضى. «لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنَّنَا جَمِيعًا نُظْهَرُ أَمَامَ كُرْسِيِّ الْمَسِيحِ، لِيَنَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا كَانَ بِالْجَسَدِ بِحَسَبِ مَا صَنَعَ، خَيْرًا كَانَ أَمْ شَرًّا» (2كورنثوس 10:5).

أحب الآخرين

«أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لِنُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا، لأَنَّ الْمَحَبَّةَ هِيَ مِنَ اللهِ. وَمَنْ لاَ يُحِبُّ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ، لأَنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ» (1يوحنا 7:4 و8).

قال يسوع لتلاميذه قبل صلبه: «وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. بِهذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تَلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضًا لِبَعْضٍ» (يوحنا 34:13 و35).

«اَلْمَحَبَّةُ فَلْتَكُنْ بِلاَ رِيَاءٍ. كُونُوا كَارِهِينَ الشَّرَّ، مُلْتَصِقِينَ بِالْخَيْرِ. وَادِّينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِالْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ، مُقَدِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْكَرَامَةِ» (رومية 9:12 و10).

«لاَ تَكُونُوا مَدْيُونِينَ لأَحَدٍ بِشَيْءٍ إِلاَّ بِأَنْ يُحِبَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، لأَنَّ مَنْ أَحَبَّ غَيْرَهُ فَقَدْ أَكْمَلَ النَّامُوسَ. اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَصْنَعُ شَرًّا لِلْقَرِيبِ، فَالْمَحَبَّةُ هِيَ تَكْمِيلُ النَّامُوسِ» (رومية 8:13 و10).

«فَكُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِاللهِ كَأَوْلاَدٍ أَحِبَّاءَ، وَاسْلُكُوا فِي الْمَحَبَّةِ كَمَا أَحَبَّنَا الْمَسِيحُ أَيْضًا وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، قُرْبَانًا وَذَبِيحَةً للهِ رَائِحَةً طَيِّبَةً» (أفسس 1:5 و2).

إنه لمن السهل جداً أن نحب الذين يحبوننا، إنما محبة المؤمن تتعدى حدود هذه المحبة المتبادلة إذ أنها تصل إلى الأعداء. هذا ما فعله الله معنا إذ ونحن أعداء بسبب الخطية بذل نفسه لأجلنا. فان وجدت صعوبة في محبة أعدائك فما عليك إلا أن تطلب نعمة من الله من أجل ذلك. فبالمحبة وحدها دون الكراهية يمكنك أن تربح النفوس.

اخبر بكم صنع الرب بك ورحمك

إن كنا لا نخبر الآخرين إن يسوع مات ليخلصهم، وإن غضبه سينصب عليهم في حال رفضهم طريق النجاة الوحيدة، فان دمهم مطلوب من أيدينا. «إِذَا قُلْتُ لِلشِّرِّيرِ: يَا شِرِّيرُ مَوْتًا تَمُوتُ. فَإِنْ لَمْ تَتَكَلَّمْ لِتُحَذِّرَ الشِّرِّيرَ مِنْ طَرِيقِهِ، فَذلِكَ الشِّرِّيرُ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ، أَمَّا دَمُهُ فَمِنْ يَدِكَ أَطْلُبُهُ. وَإِنْ حَذَّرْتَ الشِّرِّيرَ مِنْ طَرِيقِهِ لِيَرْجعَ عَنْهُ، وَلَمْ يَرْجعْ عَنْ طَرِيقِهِ، فَهُوَ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ خَلَّصْتَ نَفْسَكَ» (حزقيال 8:33 و9).

ليس أننا نشعر بالمسؤولية تجاه الآخرين من حيث البشارة فقط، إنما هناك اغتباط شديد لرابحي النفوس. من أجل ذلك هم سيكللون بإكليل البهجة والفرح ساعة وصولهم إلى السماء.

حين أرسل الله فيلبس في الطريق المنحدرة من أورشليم إلى غزة سمع الرجل الحبشي يقرأ من النبي إشعياء. قال له فيلبس: «أَلَعَلَّكَ تَفْهَمُ مَا أَنْتَ تَقْرَأُ؟» قال الحبشي: «كَيْفَ يُمْكِنُنِي إِنْ لَمْ يُرْشِدْنِي أَحَدٌ؟» عندئذ «فَتَحَ فِيلُبُّسُ فَاهُ وابْتَدَأَ مِنْ هذَا الْكِتَابِ فَبَشِّرَهُ بِيَسُوعَ». فآمن الحبشي واعتمد ومضى في طريقه فرحاً (أعمال 26:8-39).